Skip to main content

Full text of "دراسات فلسفية - حسن حنفي"

See other formats


1 0 ا اا110 





ماازمالطبيع والنشر: 
مكحبة الأَنالوالريَة 


6 شاع محمد ضيرييد ‏ ااه 


1 
.4 0 0 
شدى سورالازبلة 
7 . 87001654 . /لالا/اا 


+ .| أ ج054 0ط5/تام». 06 0طع32]. الالناننا / / :5 اط 





جع م 07 لاو اوه #. م اح 


م ن حم ٠‏ 
و تسر ىَ 
أستان الفلسفة ‏ كلية الآداب 
جامعة القاهرة 


مإزز مالطبيع والنشسرء 
مكتشية الانفلوالصيية 


6 شاع متمد فرييد -القاهع 


٠٠٠٠ الاهداء‎ 


الى كل من يفكر فى حدل الأنا والآخر ٠‏ 


مقدمة الطبعة الأولى 


يحتوى هذه المجلد على ست عشرة دراسة » ثمانية منها فى الفلسفة 
الاسلامية خاصة فى الفكر الاسلامى المعاصى فى مواضيع التراث والاصلاح 
وثمانية أخرى فى الفاسفة الغربية الحديثة عند كاذط وفيكو والمعاصرة عند 
فيورباخ وأورتيجا ٠‏ كتب معظمها ابان التحول الذى حدث فى توجهات الآمة 
فى الثمانينذيات فى ندوات ثقافية أو فى دوريات علمية ٠‏ وهو استئئناف ١ا‏ قمنا 
به من قبل فى « قضايا معاصرة » , الجزء الأول » فى فكرنا المعاصر » والجزء 
الثانى 2 فى الفكر الغربى المعاصر اللذين كتبا فى السدهينيات اثر هزيمة 
يونيو ٠ ١1951/‏ 


وفى كلتا الفذرتين الاشكال واحد « جدل الأنا والآخر » وهما الجبهتان 
الأوليان فى الموقف الحضارى لجيلنا : الموقف من التراث القديم والموقف 
من التراث الغربى ٠‏ أما الجهة الثالثة الموقف من الواقع فتصدر مقالاتها فى 
جزءين مستقلين بعنوان « الدين والثورة فى مصر ١956”‏ 1181 » الأول 
فى « الثقافة الوطنية والثانى فى « اليسار الدينى » ٠‏ 


حسن دنفى 


القاهرة. : المحرم ١108‏ ,2 أغسطس ١547‏ 


القسم الأول 


فى فكرنا المعاصص 


موقفنا الحضارى 
أولا : مقسدمة : 


ليست الفلسفة مجرد فكر بلا زمان ولا مكان » بلا مجتمع وبلا حضارة ٠‏ 
اذما. هى نظام فكرى دنشا فى عصر » ويقوم به جيل » ويخدم مجذمعاأ » ويعبر 
عن حضارة ٠‏ هذا ما حاول أصحاب المذهج الاجتماعى فى دراسة الافكار 
اثياته » مع أنه قضية بديهية ليست فى حاجة الى اثبات ٠‏ وهذا ما وضعت 
لأجله علوم انسانية بآاكملها مثل علم اجتمسناع المعرفة أى الانتروبولوجيا 
الحضارية 2.وما حاولته عدة ذماذج من التاريخ ٠‏ تاريخ الفلسفة ٠‏ وتاريخ 
الأفكار » وتاريخ المذاهب ٠٠٠‏ الخ ٠‏ 


قد تكون أزمة الفلسفة فى جامعاتنا ومعاهدذا اليوم هى عدم الوعى بهذه 
الدديهية وعيا علميا كافيا » وان كانت ترددها » فيما يبدو ..أول كل محاضيرة: 
وفى ذهاية .كل درس دون تنفيذها وتطبيقها وايجاد البراهين والاستدلال منها 
على نتائج معينة لجيلنا ٠‏ وغاليا ما تكون الفلسفة تبنيا لمذهب اجتماعى تقليدا 
لا هى موجود فى بعض المراجع الأجنبية التى ينقل عنها أى عن اقتذاع مذهبى 
يظهر.فى السياسة أكذر مما يظهر فى العلم أى ردا على سؤال محرج: لطالب 
ملتزم متحمس اقضايا المجتمع بناء على مذهب سياسى أو بدونه » تهريا من 
الاجابة ٠‏ فما أسهل اللجوء الى ظروف العصر أو ادعاء التقدمية الاجتماعية٠‏ 
وما أسهل ترديد الشعارات والتشدق بالمناهج الاجتماعية ٠‏ 


هذا الوضع هو الذى دعانا فى حقيقة الأمر الى التفكير فى علاقة 
الفلسفة بالموقف الدضارى لجيل محدد هو جيلنا ٠‏ فندن لا نتحصدث عن 
أزمة كل العصور ٠»‏ فهذه لا وجود لها أى عن الفلسفة العامة فهذه أيضا 
لا وجود لها ٠‏ هناك أبنية ذهنية ونفسية واجتماوية تظهر فى كل عصر 

(*) القى هذا البحث فى المؤتمر الفلسفى العربى الاول ٠‏ الجامعة الاردنية » عمان 
ديسمير19/87 ٠‏ وقد نشرت أعمال هذا المؤتمر فى مركز دراسات الوحدة العربية » ببيروت 


٠ 5‏ كما نشر أيضا فى .المستقبل العربى التى تصدر أيضا عن نفس المركز / يونيو 
٠. 46‏ 


- 5ه 


كت لس 


ولا يمكن تعميمها الا بقدر عموم النفس الانسانية واطلاق العقل البشرى ٠‏ وهو 
فى الحقيقة عموم لا يأتى الا بعد خصوص , وعالم أذهان لا وجود له فى 
الاعنان ‏ 

بعالك 


مما لا شك فيه أن الفلسفة فى جامعاتنا وفى حياتنا العامة فى أزمة ٠‏ 
وجوهر هذه الأزمة أننا يعد أن أنشانا جا مغاتنا الحديثة منن أكثر من نصف 
قرنِ 2 وجامعاتنا القديمة موجودة منذ أكثر من الف .عام فاننا لا. نستطيع 
القول يأن لدينا فلاسفة أى أننا اخرجنا فلسفة ٠‏ وفى الحياة العامة بدأنا 
حركة الترجمة_منذ أكثر من قرن ونصِف منذ رجوع الطهطاوى ٠.‏ وتأسيس 
ديوان الحكمة الثانى اعنى مدرسة الألسن ونجن حتى الآن مازلنا نترجم 2. 
ونشكو من قلة الترجمات ٠‏ وان مشروعنا القومى المتمثل حتى الآن فى خطط 
دور النشى وبرامج وزارات الثقافة يتلخص فى معظمه فى مزيد من الترجمات ٠‏ 
وحتى الآنِ لم تفعل هذه الترجمات فعلها 2 ولم تنتج منها ابداعات 2 وكأان 
الترجمة غاية لا وسيلة ٠‏ وكأن التحصيل هدف فى ذاته ١٠‏ أننا ننتج على أ حسن 
تقدير مؤلفات تعرض اذاهب الآخرين اعتماد! على نصوص أصلية أي على 
دراسات ثانوية فأصبحت الفلسفة لدينا تجميعا لأقوال وعرضا لمذاهب وشروحا 
علىنصوص كما نفعلمع المتون القديمة ٠‏ وكاننا استبدلنا متنا بمتن؛ والمحدثين 
بالقدماء ٠‏ فاذا ما تحمس الكاتب والتزم فانه يدافع عن المذهب المعروض 
ويهاجم خصومه فى معركة ليس طرفا فيها كاشفا بذلك. عن موققنا المضارى 
الحالى الذى يتلخص فى الخطابة والجدل وليس فى القياس والبرهان 2 فى 
منطق الظن. وليس فى منطق. اليقين ٠‏ لقد تحول.المفكرون لدينا .الى وكلاء 
حضاريين ممذلين للمذاهب. غريبة فى معظمها عن بيئتنا نظرا لريادة الغرب. 
وغزوه الثقافى وانتشاره “.خارج حدوده على عكس الشرق الذئ لم نجد له 
بيننا ممثلين لفلسفاته فى الهند أو الصدين كما كان الحال عند مفكرينا 
الأوائل مثل البيزونى وغيره ٠‏ وهذا واضح من وضع الفلسفة الشرقية فى 
جامعاتنا وكيف أنها لا تعطى الا فى أضيق الحَذود ,. واعتمادا غلئ مؤلف 
شهير كتب استكمالا لتاريخ اافلسفة فى الغرب ٠ )١(‏ 





)١(‏ هناك ساعتان فقط لقسم اءتياز للسنة الثالثة بقسم الفلسفة عن الفلسفة 
الشرقية بالاعتماد على كتاب ماسون ؛أورسل « الفلسفة الشرقية » الذى وضعه تكملة 
لكتاب ١‏ تاريخ الفلسفة » لاميل بربيه ثم أصبحت مادة للسنة الأولى ٠‏ وهى هادة أرضا 
قى قسم الفلسفة بجامعة صنعاء ‏ ' | ٠ ٠‏ 


د أده 


وقد يددو مأ فى هذأ البحيث مكررا لما هى مو جود سلفقا سواء فى كتب 
أو بحوث ولكن الاصرار على ضرورة المشروع الحضارى القومى هو رسالة 
لايد من تبليغها فى كل لقاء مع مفكرين يهمهم الآمن(؟) ٠‏ 


ثانياً : الموقف الدضارى وأيعاده الثلاثة : 


موقفنا اللحضنارى اليوم ذى أبعاد :ثلاثة تعين' عن ضرورته 2.ولا 
حيلة لأحد فيه “ولا يمكن تغييرها ولا يمكن تغافلها والا كانت الفلسفة يغيْر 
موؤضوع: ودغير وطن ٠‏ الأؤل هق موقفنا من التراث القدذيم وذلك لآننا مجتمع 
تراثى :مازال. وعيه القومى مفتوحا على القدماء .2 ومازال القدماء يمثلون 
بالتسبة له سنلطة يستشتهن بها ان! ما نقصه الوعئ: النظرتى أو تحليل الظئاهن"” 
ومازالت “تصوزاتنا للعالم وؤموجهاتفا. للسلوك: متستهدة من التراث “لم تقم 
بينثا وبينه قطيعة , ولم تنشأ حركة نقد للتراك تضغ تازيخنا الخديث فى مرجردة 
جديدة: ٠‏ والثائى “موقفنا هن الترّاث الغربى الذى بدا يكون آحنذ الرواقد 
الأسناسية لوعينا : القومهى * وأحد مصادر المعرفة المباشرة لثقافتنا العلمية 
والوطنية ٠‏ وقد كان 'الآخر باستمرار حاضرا فى موقفنا الحشارى منذ قدماء 
اليونان حتى محدثى الغرتٍ ٠‏ لم تحدث بيننا ودينه قطيعة الا فى الحركة 
الشلفية ,2 ولم تقم دركة نقد له الا فئ أقل 'الخدود وبمنهج الخطابة أو الجدّل 
دون منهج التقد ومنظق البرهان ٠:‏ 


والثالث موقفنا من الواقع الذى نعيش فيه والذى٠ندتويه‏ فى شعورنا عن 
وعى أو عن لا وعن ٠.وقد‏ يكون هى: الباعث على المعرفة ٠‏ والموجه للاختيان”٠‏ 





(؟) هن بحوثنا العديدة « التراث والتجديد , موةفنا من التراث القديم » , القاهرة 
بيروت / 11481١‏ , « موقفنا من التراث الغربى .ء» قضايا معاصرة (”؟ ) ٠‏ فى 
الفكر الغربى المعاصر , القاهرة , ٠ ١91/7‏ بيروت 41و ٠‏ « التراث وأزمة التغير 
الاجتماعى » , القاهرة . 194١‏ , « التراث وأزمة العمل السياسى »2 الرباط , 1981 ,2 
« التراث والنهضة الدضارية » , الكويت , 198٠‏ , « الفكر الاسلامى والتخطيط لدوره 
الثقافى المستقبلي »2 الكورت , 19487 , « متى تموت الفلسفة ومتى تحيا ؟ » 2 الكويت 
6 ,2, من التقاليد الى التحرر , الرباط , 6 , « من الوعى القردى الى الوعى 
الاجتماعى » فئ دراسات اسلأمية . القاهرة , ١94١‏ , وأخيرا « من العقيدة الى 
الثورة . محاولة لاعادة بناء علم أصول الدين » , القاهرة 2 بيروت ٠ ١9848‏ 


-15 د 
العقلى المباشى ٠‏ وذلك أن الموقفين الأولين موقفان حضاريان بالمعنى الحرفى 
للكلمة أى أنهما يتعاملان مع ثقافات مدونة فى الغالب » ويغلب عليهما منهج 
النقل بصرف النظضر عن مضيدره ؛ الذقل من القدماء أو النقل عن المحدثين ٠:‏ 
فى حين أن الموقف الثالث وحده هو الذى يتعامل مع مادة المعرفة « الخام » 
دون ادراك مسيق أو تنظير جاهن سواء من القدماء أى من المحدثين ٠‏ وعادة 
ما يكون هذا الموقف المضارى المثلث الابعاد غير متوازن ٠‏ ويكون حضور 
أبعاده فيه غير متكافىء ٠‏ فقد يتركن أساسا على الموقف من التراث القديم 
ومن هنا تنشأ ثقافتنا الدينية وحركاتنا .السلفية وتعليمنا التقليدرى ونظمنا 
المحافظة اقتناعا وايمانا أى نفاقا .وتعمية عما يدور فى الواقع بالمفعل 2 وقد 
يرتكز على الموقف من التراث الغربى » ومنه تنشآ ثقافتنا العلمية العلمانية 
وحركاتنا الاصلاحية والتحديثية وتعليمنا العصرى ونظمنا الحديثة اقتناعا 
وايمانا أى دفاعا عن مصالح الحكام ٠‏ وقد يرتكز الموقف الحضارى على 
البعد. الثالث أى الواقع ذاته ومنه تنشا ثقافتنا الشعبية وحركات التغير 
الاجتماعى ٠‏ ومنه خرجت ثوراتنا الاخيرة ٠‏ هذا الاتزان المفقود فى الموقف 
الحضارى هو الذى يسيب فقدان وحدة. الشخصية ويجعلنا نعءيش فى « فصام 
نكد » فتتضارب الثقافات ومناهج التعليم والمذاهب السياسية.» ويقضى على 
الوحدة الوطذية فى الممارسة وعلى الشخصية القومية فى النظر ٠‏ وقد تتداخل 
هذه الابعاد الثلاثة فيما بينها دون هذا الفصل الافتراضى المجرد ٠‏ فقد يكون 
للوعى الفردى موقف ايجابى من التراث القديم يسبب موقفا آخر سلبيا من 
التراث الغربى » وقد يكون هناك موقف ايجابى من التراث الغريى يسبب موقفا 
آخر سلبيا من التراث القديم ٠‏ وعادة ما يكون هذان الموقفان المتعارضان 
سلبيين بالنسبة للواقع لأآن المدخل الحضارى يكون بديلا عن الواقع المعاش , 
وكان المعركة فى الكتب وليست بين الناس ٠‏ آما الذى يأخذ موقفا ايجابيا 
واعيا من الواقع فانه يكون فئ العادة ايجابيا فى موقفيه الحضازيين الأولين 
منتقيا ما يفيده منهما / فالأولوية للمصلحة على الكتاب , وللناس على 
الثقافة , وللحياة على الحضارة ٠‏ 


ثالثا : أزمة الموقف الحضارى : 


تتجلى ازمة الموقف الحضارى فى موقفنا من كل بعد فيه » سواء كان 
التراث القديم.او التراث الغربى أو الواقع المعاش للناس ٠‏ 


١‏ ب فقد نظرنا الى التراث القديم نظرة المستشرقين وكأنئا متفزجون 
عليه ولسنا أصحابه ٠‏ نعيب عليه قصوره وكاننا لسنا مسؤولين عنه ٠‏ نكرر 
ما قيل ونجمع بين أجزابّه ٠‏ وأقحصى ما نفعله نشي المخطوطات. دون تغييز أو 
تطوير أو اعادة اختيار ' فى حون أن التراث القديم ليس منفصلا عنا »2 
بل هى جزء منا » ونحن جزء منه ؛ كوننا واعطانا تصوراتنا للعالمم » وامدنا 
بموجهات للسلوك ٠‏ نحن مسؤولون عنه بقراتتنا له مثل مسؤولية ٠القدماء‏ 
الذين ابدعوه ٠‏ تركناه بلا موقف منا ازاءه فِى القراءة والتفسير والفهم 
والتأويل ٠‏ نكرر الاختيارات القديمة . والمذاهب السالفة ولا نعرف كيف نشات 
وأى اغراض خدمت ٠‏ وبالرغم من تغير الظروف القديمة ونشأة ظروف جديدة 
تتطلب اختيارات بديلة فاننا نكرر الاختيارات النمطية القديمة التّى تعارض 
فى أهدافها ومنطلقاتها الظروف الجديدة التى نعيشها اليوم وكأن التراث 
جسم ميت ؛ وجذة هامدة ١‏ ننقلها بلا واقع أى تاريخ أنئ حياة أى عصور آى' 
أصحاب أو أهل ٠‏ ومن ثم يخرج الطلاب من جامعاتنا وهم منفصلون بعنه 
نفسيا يتصورنه « كتبا صفراء » » وقيل وقال » لا أمل فيه » لا يثير قضية ) 
ولا يقدم حلا ٠‏ فيتوجهون الى الثقافات المعاصرة حيث يجدون فيها أنفسهم 
فيزداد شعورهم بالمقطيعة مع التراث القديم كلما ازدإد « التغريب » ».هما 
يجعل بضهم دقوم برد فعل علي ذلك فيتمسك بيالقدبيم كله ؛ ويرفض المعاصرة 
كلها , فتنقسم الأمة الى فريقين : فريق يرى صلته بالتراثب صلة انقطاع ثم 
قطيعة , وفريق آخر يرى ان صلته بالتراث صبلة اتصال ثم وصال ٠‏ الأول 
يرى في التراث كل شىء والثانى لا يرى فى التراث أي شىء. ٠‏ 


ثم نقلنا كله » الصالح منه والضار ٠‏ عممنا الاشعرية » ودرسبنا 
الفلسفة الاشراقية » واجتررنا فقه العبادات » وشرحنا المحبة والفناء » ودعونا 
الى التخلى عن العالم فى مجتمع مهزوم مطحون , مسلوب الارادة » غيبى 
أسطورى » منهوب الثروات » أزمته الفقر » ومأآساته الاحتلال ٠‏ درسنا أن 
النقل اساس العقل , وأن العقل قاصر فى حاجة الى وحى ؛ وأن هذ[ الوحى 
هو النبى(؟) ٠‏ وأن أقصى ماللانسان من فعله هى الكسب » وهى فى ذهاية الأمر 
تعليق لحرية الانسان وارادته بارادة الآخر وجعلها مشروطة بها » وأن مستقبل 


(5) هذه عبارة محمد عبده فى ٠‏ رسالة التوديد » أقصى ما وَضّلت اليه الحركة 
الاصلاحية من اعادة نظر فى علم العقائد ٠‏ ش 


الات 


الانسان .خارج العالم . وان الشهادتين تكفيان: , وان السياسة كلها مركزة 
حنول شروط الإهمام وصفاته الحميدة ٠‏ ولما كان ذلك هو.الموروث السائد , 
بعد أن حيكت. مؤامترات الصمت على كل تراث آخر:مناهض ٠‏ وهى ما يساعد 
السلطة القائمة فى سبندها الشرعى أى فى اقتضائها. طاعة الناسن لها , فقد 
درسناه وإعتبرناه هو الصواب دون ما سواه » واصبح ذلك عاملا مكونا 
رئيسيا فى ثقافة الطلاب » فأستمرت المحافظة ٠‏ واستمر تراث السلطة , وقدمنا 
بأيديئا الى السلطات رعية مطيعة له, مؤمنة به وبالله » وقضينا بأيدينا على 
كل. احتمال للتغيير والمعارضة والثورة ٠‏ 


.لقد درسنا العقول العشرة وخصصنا العقل الفعال » وتحدثنا عن 
الافلاك العشرة ٠‏ وبينا ان الكواكب .والافلاك أرواحا. ونفوسا وعقولا على 
أساس حركتها يتم كل نشىء فى الأرض فوجد وعينا القومى علل ظواهره فى 
السماء وليس على الآرض * أما المغرفة فيمدد من السسماء وليس باحصاء كمى 
لواقع الناس * وشرحنا نظريات المحنة والفتاء والحلول وعرضنا ‏ قيم م الزهد 
والورع والصير والرضا والتوكل والشكر ٠»‏ وبينا أحوال الخوف واليساس 
والسكر والغيبة ٠‏ وتساءلنا فى الفقه : ما حكم وصية يكتبها رجل بين أنياب. 
الأسد ؟ هل يجوز أكل بيضة ولدتها 'فرخة نكحها انسان ؟ ما حكم رجل أقسم 
أن امراته طالق أن هوى. جامعها فى هذا الثوب ؤان لم يجامعها فى هن[ 
الثوب .؟ ما هى أحكام الاستنجاء والغائط وما حجم الحجر وشكله واتجاه: 
الغائط وكيفية الجلوس وما هى أحكام حلق عانه اميت ؟ وكان مظاهر المجتمع 
المتخلف وموضوعاته هى التى فرضت اختيار ثقافته ٠‏ أما فقه.الثورة. » وفقه 
العدالة الاجتماعية 2 وفقه التحرر من الظلم وهى ما يعانى الناس منه فليس 
أساسا للاختيار أو موضوعا للتساؤل ٠‏ ' ش ٠‏ 


| ولم ندرس علم أصول الفقه باكمله وهى ما يعبر عن ابداع المسلمين 
واحساسهم بالعالم ووضع منهج الاستدلال دعيدأ عن الاشراق ٠‏ واحكام 
منطق اللغة بعيدا عن الخطابة والجدل : ووضع شروط للتواتر. والاجاد بعيدا 

عن الروايات الموضوعة التى تلهب الخيال وتتحول الى جزء من الأساطير 
الشعبية » ووضع احكام للفعل ووصف مناهج للملوك بعيئدا عن الكبت 
والحرمان والازدواجية والنفاق ٠‏ لم تدزس ابداع المسلمين فى وضع مناهج 


3160 


ومجرى العادات أق المنطق الارسطى ووضع منطق يديل قوم على قياس 
الغاتب على المشاهد + وقياس الأولى ٠‏ وان مالا دليل. عليه يجب نفيه ٠‏ لم 
نعتن دكيفية نشا العلوم الرياضية و الطبيعية والانسانية (-اللغة والأدب 
0 تاريع العلوم عند العرب » كجزء. من ن تاريخ العلم كما يفعل الغرب 2« ولم 
نحاول ندن معرفة الصصلة بين التوحيد والعقلٍ » بين التوحيد والطبيعة » وكيف 
استطاع القدماء دغقلية التوحيد اكتشاف الرياضيات .وقوانين. الطبيعة ٠‏ 
فوضع ادن رشد صع ياقى الفلاسفة 2 وابن خلدون مع ياقى المؤرخين دون 
ادراك للنوعية والاختيار ٠‏ 


لقد فعلنا نفس الثىء فى التراث الغربى ٠‏ فاذا درسنا الفلسفة 
الغربية فانذا ننتزعها من بيئتها وكأن ديكارت وكانط وهيجل وماركس ونيقشه 
وهوسول وبرجسون وسارتر وميرلوبونتى وهيدجر نجوم لامعة نتأملها ونعجب 
بها بل ونحكم عليها . على صدقها أى بطلانها بحجج الذوق السليم آى العقل 
الصريح وربما أيضا بالاخلاق الكريمة والقيم الفاضلة والنظم السياسسية 
وآحيانا الاجتماعية القائمة , والاعراف والتقاليد وكل الموروث القديم ٠‏ ولما 
تشتت المذاهب وتباينت الاراء وقعت الحيرة فى الاختيار * هذا مثالمى ‏ وذاك 
واقعى ٠‏ هذا عقلى وذاك حسى ٠‏ فالمحافظون يختارون المثالية والتقدميون 
يختارون الواقعية » وينشا الخلاف بيذنا ٠‏ والصراع على المذاهب فى ظاهره 
غربى وفى حقيقته يكشف عن موقف حضارى خاص بنا وهو ان المثالية ؤزيث 
طبيعئ للمحافظة والتقليد الدينى , والواقعية هى التطون الطبيعى للذين 
المثالى والاكثر قدرة على الدفاع عن حياة الناس ومصالح 'الشغوب"”٠‏ 


وفى حقيقة الأمر فان المذاهب الغربية وليدة بيئتها بل ان فكرة. .المذهب 
انما نشات يعد ان تمت تعزية الواقع الأؤروبى تماما من أغظيتة النظرية 
القديمة الموروثة من العصر 'الوسيط المسيحى الكنمى ٠‏ وجاء غصر: “النيضة 
فازاح كل الغطاءات النظرية الممكنة راقضا الموروث باغتباره مصدرًا للعلم 
الذى تحول الى العقل والطبيعة ٠‏ العقل والوحى شىء واحد , والطبيعة والدين 


اكات 


شىء واخحد ( وى" الغقل » دين الطبيعة') ٠<)4(‏ تشنطت المذاهب فى 'القزن 
الشسابع عشر فى “مخاولة: لايجاد: نستق كلى شامل يقوم بدور الموروث القديم 
فى تفسير العالع وايجائ علاقة بين الله والطبيعة والانسان ٠‏ فنشات العقلاذية, 
ومنها. المثالية النقدية تدطى الأؤلوية للعقل وحقه “فى فهم الطبيعة ٠‏ كما 
فشات الحسية ومنها الوضغية لتعطئ الأولوية للحس وحقه فى رؤية الطبيعة ٠‏ 
وظل المذهبان يتصنارعان. مرة : :ويتركبان فئى مذهتٍ ثالث مرة أخرى : اما 
على نحو آلى خارجى تابت ( كانط )"أو على نحؤ حيوى داخلى 'متحترك 
ز هيجل ) ٠‏ ثم أتت المذاهب الاذسانية الديوية والارادية والوجودية لتعطى 
الأولوية للانسان على العقل والطبيعة » ولتدول العلوم الرياضية والطبيعية 
على السواء الى علوم انسانية » ففى سقراط الجديد يجتفع أقلاطون ورأسطو ٠‏ 
وقد حكم تطور المذاهب قانون الفعل ورد الفعل أو جدل الموضوع ونقيضه 
ومركبه + ثم “طبع هذ! الجدل الوعى الأوروبى فى بنيته بقسمة ثلاثية الظاهرة: 
صورية أو مادية أو .حيوية 2 وعادة مايتم الخلط :بين هذه المستويات تمييز 


ك1 ذه ٠ ١‏ 
ديسا 


للوعى الأوروبى اذن تطور وبناء ٠‏ له بداية وتطور ونهاية » له ظروف 
تاريخية واجتماعية خاصة ممثلة فى الرومانية. القديمة » ومعطى دينى خاص 
هو المسيحية » ونظام دينى خاص هو الكنيسة » وبناء ذهنى خاص يقوم على 
التفسيم واحادية الطرف والتعارض بين عوامل الظاهرة الواحدة ٠‏ وان 
الحديث عن عقليات بدائية » افريقية أى آسيوية هى فى حقيقة الأمر اسقاط 
من العقلية الأوروبية على غيرها ٠‏ فأين نحن من هذا كله ؟ ديكارت محاولة 
لاثبات عقائد الدين بحجج العقل والبرهنة على صدق الايمان ٠‏ وهى تقليد 
شائع فى حضيارتنا القديمة كلها عند المتكامين والفلاسفة ٠‏ والفلسفة النقدية 
كاول محاولة للتعرف على امكانية المعرفة فى مقابل الدجماطيقية والشكية 
. هى مأ كان يفعله الفقهاء 2» من نقد نظريات الحكماء ولا ادرية الشكاك 
والمذاهب الندسية التى كانت تدافع عن المعارف الحمسية , والمشاهدة 
والتجرية ٠‏ دعامة العلم الجديد هى ما كان يفعله المتكلمون والأصوليون من 
اعتبار شهادة الحس ومجرى العادات مصدرا للعلم ٠‏ والفلسفات الانسانية 

(4) انظر عرضيئا لعقل الوحى ولدين الطديعة فى كتابنا لسنيج : تربية الجنس 
البشرى » القاهرة , /ال191 , بيروت 1941 ٠‏ 


ب لأا 


والحديوية هى أشبه بمحاولات الصوفية عندنا من تركيز على التجارب ,البشرية 
والوجود الانسائى والانفعالات النفسية مثل. المقامات والاحوال ٠.‏ وما الفرق 
دين كدركجارد الصوفى والوجودي ؟ لا يعني ذلك أننا أسبق من غيرنا فى شىء 
أو أن نُددنأ مالدى غيرنا. ٠‏ فنثق بالنئفس ٠»‏ ونفخر بالأجداد بل يعنى أن المذاهب 
الفلسفية لا ترزرع جارج بيئاتها الاولى ٠‏ فاذا ما تشابهت المذاهب واختلفت 
البيئات -فذلك لأن الابنية الذهنية والنفسية والمواقف الحضارية والمراحسل 
التاريذية قد تكون أيضا واحدة ٠‏ وما دام المذهب الفلسفى قد اجتث من. 
6 -جذوره فلا بمكن فهمه أو الحكم عليه أو التعرف على نشاته . وهن كم 
لا يتعلم الطالب أى يفهم شينًا باستثناء مجموعة من المعلومات المتراصة 
فقد تم الفصل دين المذهب والموقف « دين العلم والنشأة » ددن الفكرة والتكوين» 
متراصة من المعلومات سرعان ما. تتساقط جميعا فى آول مواجهة لموقف 
ثقافى أى موضوع علمى ٠‏ 

وقد تعثرت الفلسفة لدينا لأن البعد ااثالث فى موقفنا .المضارى. ,2 
وواقع غير مفهوم . مجرد وعى صورى بلا مادة .٠‏ وقد يكون السبب فى هذا 
الموقف دنى وود الغطاء النظرى التقليدى للواقع 3 وهشو الغطاء الذى يفسسر 
كل شىء ٠‏ وبالتاللى لم تنش الحاجة الى التساؤل عنه أى البحث عن نظرية لله ٠‏ 
القديم » ومقبولان فى اطار الايمان الشائع والعقائد الموروثة 2 أى فى. اطار 
عدم الاأتزام دقضايا الوانمع نظرا للتعايش أو القهر السدياسى أو لعدم. الوعي 
.يه والارتياط دقضايا اللعصر 3 فا لفكر ميس دضاعة 0 والمفدر أيس موظقا 08 
الفكر رسالة 8 والفكر صاحب قضدية (0) * وكادت صورة الاستان الذى يعيش 

)0( انظي دراساتنا )0 رسالة الفكر > 2 دول المفكر ذى البلاد النامية ( أشكال 
التعبير ) » فى قضايا معاصرة )١(‏ » القاهرة 19/1 , بيروت ١5481١‏ »2 وآيضا « العلم 
قضية 24 الحاممة 2 الرياط “م9١ ٠‏ 

دراسات فلسفية 


من الفكر أن. تضنير ضؤرة نمطية من خلال الاعازات أئ الؤظائف أن الكتئد 
المقزرة * وكادت تختفئ طذؤرة الأستان المقكر الذئ يعيش للفكر 2 صاحب. 
القضّية . والقادز على اتخاذ الموقف ٠‏ أن عدم التعؤد على المذهج الاجتماعى 
فئى دراسة الافكار أو تشاتها وتكوينها من الوضع الاجتماءى قد يجعل 
الياحثين يستسهلون عرض الافكار , أى التحدث عن الظروف والديئات فئ. 
الفضؤل الأولى 2 وعن الافكار والنظريات فى القصول التااية دؤن أن يكزن 
هناك رابط دين هذه وتلك ٠‏ وربما يكون الستبب نقصا فى التكوين الذهنى. 
بالرغم من وجود كم من المعلؤمات ونقص فى الممارسة ٠‏ فالذهن لم يثارس 
العلم » لم يتعود علئ المذهج » ولم عرف كيف نشا ». فاقتطف الثمرة دؤن. 
الجذور . وحضصل على النتيجّة دون المقدمة ٠‏ وقد يكؤن غياب مغاهفد النحث 
العلمئى والعمل الجماءى فى اطار مشروع قَوْمَئ لدراسة الثقاقة والفتنكز 
والمغلم والفلسفة أخن العوامل فى اشقاط الواقغ من الخساب بعد أن اقتضزت 
مَهَام الاساتذة على تخريج مدرسين أن موظفين أو رجال اعلام ٠‏ كما تختولت 
الرسائل العلمية الجامعية الى دراسات للماضى , لشتخضنة أن هذفب أو 
عصر يقل فيها عنصم الابداع أى بناء المشكلة الفلسفية ابتداء من الواقع ,. 
فلم يعد الطالب يبدع نصا فلسفيا بل صار مجرد شارح النصوص ٠‏ هذا 
بالاضافة الى الجى العام لاجهاض العقول . والخطط العامة المعدة لذلك. 
سواء من الداخل أى من الخارج ٠‏ فايس فى صالح الانظمة القائمة أو المصالح 
الكبيرى أن يبدع العقل الذى هى يطبيعته تمسسك بالحريات ودفاع عن المصالح 
العامة ٠‏ وقد يتحول الاجهاض الى اعدام اذا ما حارل أحد الاساتذة أو 
الطلاب الخروج على المألوف والتمسك يحقه الطبيعى فى البحث الحر ٠‏ فاذا 
لم يقبل شيئًا على أنه حق ان لم يكن مؤيدا بالمذليل اتهم بالالحاد أو الشيوعية: 
ويصيح شريدا متهما هطاردا لا وطن له » فلا يبقى له الا الهجرة الى الخارح 
ليتخول الى مهنئن صرف يَقْدع همه فى العلم والابداع العلمى » أى ليواصن 
المعارضة فى الخارج والدفاع عن حقوق الاوطان والشعوب , أو الهجرة الى 
الداخل هما وكمدا حتى يصاب بالجنون ٠»‏ أو يعمل عن وعنى تاريخى طويل, 
من خلال الحركات السرية التى سزعان ما يتم انكشافها فيصبح دخيئل 
سجون ٠‏ ان عدم الالتزام بالواقع له أسباب كثيرة منها ما يكمن فى التراث 
أولوية النص ‏ ومنها ما يكمن فى النقل عن الغرب ‏ احتثاث المعرفة عن 


بيئتها ‏ ومذها ما يكمن فى ظرف العصى » وضرورة العيش فى ظروف القهن .٠‏ 


:ان. حل .أزمة الموقف البحخضارى انما يكون باعادة النظر فى هذه الابعاد 
اللثلاثة ؤاحكامها »2 واغعادة الاتزان الى الوعى. الحضارى القومى 2 وفرض, 
الواقع نفسه أى البعد الثالث على البعدين الحضاريين الاولين ٠‏ فالواقع 
يفرض » ويعد مائتى عام من نهضة حديثة سرعان ما كبت » ان يكون موقفنا 
من التراث القديم لا مؤقفه المهاجم آى: المداقغ , نل مؤقف الناقد زالمظور : 
التقد عن طريق وص نشاأة التراث فى الظرؤف القدديمة . وزالتظور طيقا 
لخناخنات العضنز والظزؤفف الخدندة ٠‏ والموقف من التراث الغريى لديس أيضا 
موقف المدافع أو المهاجم بل موقف الناقد والراد لهذا التراث الى +سدوده 
الطبيعية : النقد بوصف نشاته المحلية والقضاء على أسطورة عالميته » والرد 
لتحججيم قذا التراث لافساح المجال للابداع الذاتى للشعوب ٠‏ والموقف من. 
الى اقع ليس بألقزلة عنه أى بالثر د عليه فالعزلة الى الداخل تتيدى فى النقس 
احياطا وفى 'الخلية السرية نشأطأ , والعزلة الى الخارج هجرة مهذية أى 
معأرضة سدياسية فى العواصم الأور دية أو تمردا عن طريق الاذقلاء بات 
العسكرنة أى غضب الجماعات الدينية أو تشكيل احزاب تقدمدية علمانية لأخن 
الدلظة ٠‏ الموقف من الواقع هى فهمه أولا 2 ومعرفة ة متطلباته ٠‏ وسدير مكوناته 
( القافة الوطنية © الجماهير الشعبية ) حتى يمكن الالتحسام به وتفجير 
طاقاته القادرة على الوقوف أمام الابذية الاجتماءية والنظم السياسية التى 

تقؤم على التصورات السلطوية الموروثة ٠‏ حل أزمة الموقف الحضارى اذن 
فئ نقل الموقف من مستواه الخطابى الى مستواه العلمى » وتدويل المواقف 
الايمانية بالقديم أى الاذبهارية بالغرب أو الخيالية بالنسبة الى الواقع الى 
مواقف علمية حضارية تاريذية محكمة حتى ينشا الذكر فى مواقف اجتماعية 


وحضاارية وتاريخية محددة » تكون بالتالى أرضا للفلسفة وتربة لافيالسوف ٠+‏ 
رانعا ت اأوققف من الكراث القهم : 


التراث القديم كله استجابات ذهذنية لأجيال سابقة ازاء أحداث عصر 
عضى ويكشف عن صراع القسوى ٠‏ ولا كان الصراع يدسم لفريق دون 
فريق ٠‏ فقد ساد تراث القوة الغالية على تراث القرة المغلوبة ٠‏ ودم تدوين 
كل شىء فى التاريخ والأصول والعقائد أى فى « أيديؤلوجيات » الشعوب 
من وحهة نظر الغالب 2 وحيكت هؤامرات الصمت والتشويه حول تراث 


المعارضة فتحول هذا التراث الى تراث سرى كما هو الحل عند الشيعة أو 


علد 


تزاتك علنى لفته مؤامرات الصمت. حتتى هدد بالاندثاز مثل .تراث الخوارج 
( المعارضة العلذية من الخارح: )' وتراث المعتزلة ( المعمارضة العلنية من 
من الداخل ) ٠‏ 


لذلك كانت الحلول التى اختارها تراث القدماغ وبقيت محفوظة وهدونة. 
فى الكتب القديمة هى حلول ومواقف السلطة من حلول المعارضة ٠‏ وما نقراه 
فى التراث » فى حقيقة الأمر » هى نتيجة معركة تم حسمها لصالح الغالب 
ضد المغلوب ٠‏ 


أفلى أخذنا مثلا علم العقائد لوجدنا أن عقائّد الفرقة الناجية قد 
انتصرت , وهى عقائد السلطة , على عقائد الفرق الهالكة وهنى فرق المعارضة 
كما يعير عن ذلك حديث الفرقة الناجية )1(١‏ فالله الواحد الذى ليس كمثله 
شىء والذى لا يرئ ويرى كل شىء ليس هو بالضرورة التصور الوحيد. لله 
كما نعلم من تاريخ العقائد , هناك الله الحسى المجسم , محل الحوادث .ء 
عند الكراسية والمشيهه على اختلاف فرقهم ٠‏ وليس بالضرورة أن يكون 
التصور الأول صحيحا والثانى باطلا اذ يعكس التصوران صراع قوى , 
قوة السلطان الذى ليس كمثله شىء وقوة المعارضة التى تجعل حركة التاريخ 
جزءا من الألوهية ٠‏ أما الصفات التى تجعل الله يسمع ويرى ويبصر كل 
شىء فقد تمت صياغتها من أجل استخدام سياسى خالص للسلطة التى هى 
بدورها ترى وتسمع وتبصر كل شىء ٠‏ والقول بآن العقل الذى لا يستقل 
بنفسه فى المعرفة بها يحتاج الى النقل , ائما هى دعوى طرحت حتى يمكن 
عبرها تثويل النقل لصالح السلطة القائمة دون مقياس عقلى واحد شامل 
ومطرد ٠‏ وتصوير الانسان ككائن ليست لديه القدرة على الفعل ٠‏ وتعليق 
مصيره بارادة أخرى ائما هو من أجل نفى قدرته واستقلاله وجعله ياستمرار 
تابعا لغيره معتمدا عليه ٠‏ وجعل النبى هى الوصى على العقل ليحال دون 
استقلال الشعور عقلا وارادة ٠‏ والقول بأن النبوة تثيت بالمعجزات هو من 
أجل عدم الالتفات الى بنية الوحى الداخلية كنظام للعام » أى رؤية مبادثه 


(1) أنظر بحثنا « الجذور التاريخية لأزمة الحرية والديهوقراطية فى وجداننا 
المعاصس » , المستقيل العربى + يناين ٠ ١91/4‏ 


ل215١‎ 


(الاجتماعية والسياسية التى تقوم على رعاية الصنالح. العام. ٠‏ كما. أن. القول. 
أن المعاد خارج العالم هى من: أجل أن يؤسس.الانسان ملكوته خارع, العالم » 
ويعد. له بعد الموت: * أما داخل العالم وقبل الموت فهى حق السلطة القائمة 
لا ينازعها فيه أحد * والقول يأن الفعل ليس شرطا للادمان ان يكفى القول. 
.بل والتمتمة بالشفتين انما طرح حتى لا يكون الفعل موجها ضد السلطة 
القائمة 'قتصفى المعارضة ٠»‏ وحتى' لا تحاسب الحكام على أعمالمهم ماداموا 
بيتشهذون: * والامامة التى وان كانت بالاختيار الا أنها تظل مخصورة فى 
'قريشش انما هى كذلك حتى يقتصر الدكم والسلطة على فئّة معيئة من الاشراف 
/أى من .الضباط » من الملوك"أى الآمراء ٠‏ علم العقائد اذن اختيارات سياسية 
.محضة وليس علما مقدسا ٠‏ وكل ظروف تفرض اختياراتها ٠‏ وقد تتم تحت 
ظروفنا الحالية اختيارات أخرى ٠‏ قد يكون من صالح الآمة الآن الدقاع 
عن الله .وتصوره باعتياره أرضا درء!! للاحتلال وتحريرا للارض بل وتأصيلا 
ملوحى فى « اله السموات والأرض » » « رب السموات والأرض » » « وهى 
الذى فئى: السنفاء اله وفى الأرض اله » ٠‏ كان الخطر قديما على التوحيد 
كتصور فى عصير الفتوح وأصيح الخطر الآن على الأرض فى عصى الهزائم ٠‏ 
دافع القدماء عن الواحد الدق ضد مخاطر الواحد الرياضى عند فيثاغورث 
.والواحد اايتافيزيقى عند بارمنيدس والواحد الانطولوجى الكونى عند 
:أفلوطين ٠‏ أما الآن فالواحد يتجلى فى الدفاع عن وحدة الأمة ضد تجزثئتها , 
.ويتجلى فى نفس الوقت فى اثدات التعددية ضد أحادية الطرف التى تعتمد 
على الواحد القديم دفاعا عن الحرية والديموقراطية وحق الاجتهاد 

ريما يكون « الأصلح » الآن هى حرية الاختيار وخلق الأفعال عند المعتزلة 
.وليس الكسب الأشعرى ٠»‏ واثبات استقلال العقل والارادة وليس تبعيتهما 
أو قصورهما ٠‏ وربما يكون الأصلح اختيار الخوارج فى أن العمل جزء 
لا يتجز؟ من الايمان وليس اختيار المرجئة أو اختيار الشيعة بل رأئى الحمد 
ابن حابط فى أن التعيم والعذاب فى هذه الدنيا وليس خارجها ٠‏ أيهما 
'أفضل : الصلاح والأصلح والغائية فى الأفعال ام اللامعقول والعشواتية ؟ 
ربما يكون اختيار المعتزلة والخوارج رفض القرشية أصلح انا من اختيار 
الأشاعرة حتى لإا تحتكر السالطة فئّة معينة ٠‏ اذا كان القدماء قد اسستعملوا 
حديث الفرقة الناجية ضد الخصوم السياسيين فان جيانا ينقده كما فعل 


'أدن حزم من قبل هئ أجل الإذتقال من الفرئة المذهدية الى اأوحدة الوطنية « 





أجرين » وان الضدؤاب متغدد قى النظن واحد فىئ. العمل كما قزر الأصتولميؤن. 
أو قئى لغة غصيرنا . السفاح باختلاف الاطر النظرية والاتفاق على حنا أداثن 
من درنامج موحدا للعفّل الوطنى . 


واذا كانت علوم الحكمة القديمة قد تسرب اليها الاشراق الصوفى. 
بحيث تركزت نظرية المعرفة والسعادة فيها على الاتصال بالعقل الفعال 
والقرب منه والاتحاد به » صارت الطبيعيات مقدمة للالهيات آى هى « الهيات. 
مقلوبة » » والمنطق صدورى لا حيأة فيه ولا جدل ولا صراع ولا واقع ولا بشرء. 
والفضائل النظرية فيها أفضل من الفضائل العماية , فقد تكون مهمة الحكيم 
اليوم التخلص من الاشراقيات القديمة دفاعا عن العقل ٠‏ مع النظر الى 
الطريعة نظرة علمية خالصة مميزا بين الفكن الغلمى وبين الفكر الذينى . 
واختيار منطق خسى طدبيعى تجريبى مادى كاختيار الأصوليين » واعطاء 
الأواوية للقيم العملية علئ القيم النظرية . وللشعوب والمؤسسنات علئ. 
خصال الرئيس وصفات الامام ٠‏ 


لقد نشات علوم التصدوف عند القدماء كرد فعل على حياة المبذخ. 
والترف وتكالب الناس على الدنيا » وحرصهم على الثروة والجاه » ويعد 
الي'س من تغيير العالم عقب استشهاد الأئّمة من آل البيت ‏ وانتهاء المقاومة 
الخارجية ٠‏ وهنا لم يتبق الا النفس ٠‏ فليعمل المرء على خلاص النفس ان, 
صعب خلاص العالم » وعلى التغيير من الداخل ان استحال تغيير الخارج , 
وانقان الفرد ان استعصى انقان المجتمع 2 واقامة ملكوت السموات خارج 
العالم ان استحالت اقامته فى هذا العالم » وتصوره بالخيال ان استحال, 
تخايل الواقع بالعقل ٠‏ لقد تحول جدل الطبيعة والمجتمع والتاريخ الى جدل, 
عواطف وانفعالات كما هو واضح فى حالات الصوفية : الصحو والسكر , 
والغيية والحضور ٠»‏ الخوف والرجاء ٠‏ الفقد والوجد ٠‏ وظهرت القيم 
السلءية ياعتبارها الطريق الى الخلاص القريب كما هى واضح فى مقامات. 
الصوفرة مثل الصدير » والورع ٠‏ والرضا ٠‏ والتوكل » والشكر ٠‏ والقناعة 


٠. والزهد‎ 


50 


القعلية من الذاخل أئ من الخارج ٠»‏ ولم يستشهد مثا آلاق الأئمة: دفاعل: 
عن الشرعية ٠‏ هناك امكاثية لتغزير. العالم: ؤاقامة: ملاكوث على الأزضل ء 
ؤتحويل الوحى الى نظام مثاائ للعالم 1 الجماهير خاضرة 2 والطلائع 


لمم 
سوا هاه مدقيس 


ت والمتازاة والخسرة » والاخشاس بالظلم زالهؤان. 





الخدردة ممنتشوقة 2 وا 


يعم الجميع ٠‏ 


واذا كان علم أصدول الفقه القديم هى الوحيد الذئى استطاع أن يحكم 
استعمال العقل وان يضع منطق اللغة وأن يقنن السلوك العملى وأن يلتزم 
بقضايا الناس والمصامح العامة فانه اليوم أقل العلوم تأثيرا فى حياتنا . 
ولا يدرس فى جامعاتنا باستثناء كليات الحقوق كفرع للشريعة بالرغم من 
تنزيه رواد الفاسفة الأول عليه(لا) ٠‏ ومع ذلك فقد أعطى القدماء الأولوية 
للنص على الواقع كما هو الحال فى ترتيبٍ الأدلة الشرعية الأريعة دفاعا 
عن النص الجديد فى مجتمع قديم ٠‏ وقد تكون مهمتنا اليوم اغطاء الأولوية 
لتؤاقعء على الثض دفاعا عن الواقع فى عصر لآ يعتمد الآ على علوم الواقع 
ودعانى من النص(8) * فاعطاء الأولوية للاجتهاد ولاجماع الأمة على 
المصدرين النصيين يعطى العلماء والباحثين جرأة على الواقع وقدرة علئ 
التشريع ٠‏ رغاية لمضالح الناس مطورين لفهوم «١‏ المقاضد » عند الشاطبئ, 


ومعتمدين عليه ٠‏ 


وقد تركت الغذلوم النقلية لمعاهدئا الدينية تدرسا كما تركها: اللقدماء. 
دون أن تساهم كليات الآداب والعلوم الانسانية فى تطويرها وتحويلها الى. 
علوم نقلية عقلية مثل العاوم الأربغة الأولى أى تحويل الجميع الى علوم 
عقلية خالصة مثل الغلوم الرياضية والطبيعية والأنسانية ٠‏ وتركت قئ 
أقسام اللفة العربية وآدابها وفئ أقسام الدراسات الاسلامية كما هى دون, 


() نه غلى ذلك مصطقى عَبْدَ الرازق فى « التمهيد » مبَيْنا أصالة الشافعى. 
واضع علم !؟صول ووجه تلاميذه لدراسة هذا العلم ومنهم على سامى النشار فى 
« مناهج البحث عند مفكرى الاسلام ونقد المسلمين للمنطق الارسطاطاليسى » ٠‏ وتأكيد 
لهذا التيار أعددنا رسالتنا عن « مناهج التأويل فى علم أصول الفقه ( بالفرنسية ) 2 
الكاهرة ١5916‏ 


0( وفى ذلك يقول محمد درويش : واحتمى أبوك بالنصوص فدخل اللصوص 8 


يما قى ذلك أقسام.اللغات الأجنبية. حماية للطالب من المذاهب الهدامة 
ومن الايفال فى اافكر . كما كانت الأنظمة التورية تفرض الاشتراكية العربية 
على صوص الوحى دعهد التدوين وتجحتك فى ذلك عن طريق الذق الخارجى 
للروايات فاذها بالنسدة لجدلنا علوم فى حاحة الى تطوودر عن طريق الذقد 
اك اخلى للمتون اما بتحليل الاشكال الأدبية أو دتحايل المضمون(35) ٠‏ وبامتالى 
دمكن: تحد دل غايات جديدة لها لتطوير ها ٠.‏ 


فى « الاتقان » للسيوطى مثلا ولكن هناك بعض المسائل التى فقدت دلالتها 
مثل ' : هل الدسملة جر رء من السور ه أم. لا ؟ هل الفاتحة أم الدتاب َم 3 ؟9 
هل 0 قل «( جرء من الآدة أم لا ؟ ودهى كلها مسائل مرتبطة دحصسر التدو وين دبل 
التقنين ٠‏ وقد ثم تفنين القرآن. الآن قراءة وحفظا وكتابة وتلاوة * هذه اذن 
موضوعات أأدت دورها وانتهت كمادة العلم 0 ولن يكتشف الآن أخخد قراءة 
السبور قان المكى بالنسية لنا دحتوى على تصور للعالم ددنما يحدورى المدذى 
كانت أسباب النزول عند القدماء تعنى معرفة الأصل حتى يتم عليه قياس 
الفرع فانها تعنى عندنا أولوية الواقع على الفكر(١٠) ٠‏ واذا كانت معرفة 
الناسيخ والمنسوخ عند القدماء دتهدف الى معرفة الأحكام قاذهأ دعددى دالنسية 
وطاقاته ٠‏ 


6 أنظن بحثنا 0 مدرسة تاريخ الاشكال الادبية 40١‏ مجلة الف 03 القاهرة 2,1١9581١‏ 
« المال فى القرآن » . قضايا عربية , يناير ‏ ابريل ٠ 1١91/4‏ 

)0 أنظر يحثنا « ماذا تعنى أسباب النزول ؟ » رون اليوسف , ١991‏ , القافرة 
) عدل شهر رمضان ( ٠‏ 


ع 0 

علوم اللغةراق التاريخ أو الجكمة أو :.الكلام أى التصوف أي الفقه فخرحت. 
تفسديراتٍ لهوية:وتاريديخية وفلسفية وكادمية. وفقهية 0 فلم بظهر . التفسير, 
الاجتماعى الا.هؤخر: فى حركات الاصلاح. ٠‏ كما لمم يظهر التفسين النفيي 0 
الاجتماعى أنضنا الا مؤخرا عندما دعت الحاجة. الى اعادة الوحى | لى قلوب. 
الناس وشعون الأمة(١١) ٠‏ لقد جمعت كل هذه التفسيرات معلومات تاريخية 
صنز شه فحيات التفسير الى .تاريخ أو جعات. المولومات موجهة شحو علم معين. 
ن العلوم العقلية أى النذقلية » وغلب عليها جميعا التفسير الطولى ٠‏ سسورة. 
بسورة 2 وآية بآية » فتتقطع 'الموضموعات .وتتبعش ولا يكون لها اطار انظرى. 
وتاحد ٠‏ ان ههمتنا. اليوم هى اسيتئناف التفسير النفم ى. الاجتماعى .. ٠»‏ الذفسى 
من أجل التأثير على الناس واحياء العقيدة .فى القلوب » والاجتماعى من. 


ع8 


أجل وضع مصالاح الأآمة فى قاب الذص وقراءة احتياجاتها فيه » وقد كانت 
من قبل أساس الوحى على ماهو معروف من مقاصد الشريعة عند القدماء ٠‏ 
بل أن علينا .اضافة التفسير السياسى للمساهمة فى حل اشكال العصى وتمزقه. 
بين المدافظة الدينية وبين التقدمية العلمانية وبعد أن برن « الاسسلام 
السياسى » كبديل مطروح - ذظرى وغملى - بعد الصدوة الاسلامية الحالية 
الى فجرتها الثورة الاسلامية فى ايران(؟١) ٠‏ 


ما علوم الحديث ذكد كان الهدف مذها عن القدماء ضبط أل رواية من. 
دذلال السئد والعلوم ااخصصة والموضوعة لذلك مثل علم ميزان الرجال. 
أو علم الجرح والتعديل . وكان هذا طريديا فى دعس العلم فيه رواية وذذل» 
والضيطا 44 من خلال ششدور الرواة ٠.‏ ولكن مهمتذا اليوم أاعادة ضديط الرواية: 
هن خلال امن والاشكال الأددية لأنص وه.قارناته بالأمثال العردية القديمة 
وهدر غة مكدان مافؤيه من خصوصر. بالنسية الى عدوم القرآن ( وتطبيق شروط. 
التوادر الأريعة وذى مقدمتها الاخيار عن حدس حدتى ديمكن تخايصه مما علق 


دك دن أثان معي دية مازالت ديق ذر فى خيال العامة 1 


أما علوم السدرة ققد نشأات بدافع جمع المعلومات التاريخية عن. 
الشخصيدات وآولها بطديعة الحصسال شخصية الرسول اعتمادا على ددض. 
الأحاديث الضيديفة خاصة فيما يتعلق بالفترة السابقة على حياته وما بعد 





)01 التفسير الاجتماعى يتمثل فى « تفسير المنار » لمحمد عبده ورشيد رضا 0 
والتفسير الاجتماعى فى « فى ظلال القرآن » / للمفكر الشهيد سيد قطب ٠‏ 
)١١(‏ أنظر مجلتنا « اليسار الاسلامى » , العدد الأول 2 القاهرة ١941‏ * 


ا 


«وته.وربما تحت تأثير أنماط دينية سابقة تتعلق بحياة الأندياء قبل البعثة 
وفى مرحلة الطفولة وبعد البعث والصعود الى السماء ٠‏ لقد درجت علوم 
نى مسج الأخيال ٠‏ وأصدحت المعجزة عملا ركدسميا دعد أن كاذدت جزعءا من 
بوتركزت الندوة فى شخص الذبدى مع أنه مجرد وسبيلة لدبليغ الوحى * وقد 
دكون هذ! أحد أسياب الدث.خيص فى حياتنا القومية وأحد أسدياب عبادة 
'الأشخاص ٠‏ أن مهمة دارس السيرة اليوم وكاتيها هى العودة من الرسول 
«الى الرسالة » ومن النبى الى النبوة ٠‏ ومن الشخص الى المبداً , فليس النظام 
.دن الزع.م ولا الدولة هى ردّيسها(١١) ٠‏ 


وأذا كان علم الفقه القديم قد ركز على العبادات دون المعاملات فى 
.عدر كانت العبادات فيه هى الجديد والمعاملات هى القديم . كما ركز على 
المسائل الافتراضية النظرية وليس على المسائل الواقعية العماية وذلك تركا 
منه لاعالم الى السلطان ٠‏ وتركا للعلاقات الاجتماعية للنظام واشغالا منه 
للناس دما لا دقيد » وبمسائل لا ينتج عنها عمل تفريغا للطاقة وابعادا 
لانشاط ‏ فان مهمة الفقيه الدوم اعادة الاختيار من أجل تأسيس فقه المعاملات 
كما تأسس فقه العيادات من قبل . ومن أجل اعطاء الأواوية للمسائل العملية 
الواقعية على المسائل الافتراضية النظرية » ومن أجل تاسيس فقه الطبيمة 


نوالو جود الانسائى كما أسس القدماء فقه الأحكام ٠‏ 


:والنيات والديوان والطب والصيدلة ) أى العلوم الانساذية ( اللغة والأدب 
والجغرافيا والتاريخ ) فانها لم تترسب فى وجدانذا القومى ترسب العلوم 
العقلية النقلية الأربعة أى العلوم النقلية الخمسة ٠‏ لذلك توقفت العلوم 
'الانسانية وحلت محلها العلوم الشرعية « وتوقفت العلوم الرياضية والطريدية 
بوحل محلها اأنقل دن الغرب .9 ألم تعد تساهم فى تاريخ العلم » وتحول العام 
القدماء الى مى ضدوع حامدى 0 تاريخ العلوم عذد العرب «( كنوع من الاعتزاز 


(1) أنض بحثنا « محمد : الشخص أو المبدا » فى « الدين والثورة فى مصس 
لاهةل  ١943‏ » (” ) فى اليسار الدينى ( تحت الطبع ) ٠‏ 


- ١62 - 


دون .ا!نداع للها ونقلنا للتقذية دون اكتشاف لها ٠‏ وكررنا صدورتنا فى كتب 
الاننتشر]ق كدلقة اتصال بين عام اليونان وبين علم الغرب الحديث . وكنقلة 
لا نذدسين فهم هماننقل , بل ذخلط ماذنقل.ونزيد عليه من موضوعات الايمان ٠‏ 
قد بتكون مهمدنا الروم هى “البحث عن الصبلة بين :التوحيد ودين حساب 
اللامتتاهى إى اليفن العردى ٠‏ والصدلة .دين واقعية الإسلام ونظرته الحسية 
المادية ودين نشةة علوم .الطب والكيمياء والصيدلة والجيوان والنبات » والصلة 
دين الانسان سيدا للكون سخرت قوانين الطدبيعة لصالمه ودين التقنيات 
الاسلامية واختراع الآلات ٠‏ 


دوتطودرها من واقع المسؤولية . فان القدماء « رجال ونحن رجال »2 نتعلم 
ددهم ولا نقتدى دجم 6 6 5 رسدائاتنا فى التبايغ والتعدير وادصال الحقيقة 
للناس » وتقديم التراث لهم يقرأون فيه حياتهم ٠‏ ويجدون فيه هويتهم , لذلك 
التحليل ؛ والمحاور والبور الحضارية واعادة الاختيار دين البدائل القديمة٠‏ 


القديمة ومحاولة اعادة بنائها والتخلى عن أشكالها القديمة ووضع معاذيها 
قى ألفاظ جديدة أكثر اغراء لاناس وأكثر قبيولا لدى الشياب والطلاب 

الصلاة 2 والصيام ٠‏ وما أسدهل التعدير عن المضمون القديم بافظ حديد 2,2 
فالصلاة تكشف عن الفعل فى الزمان »2 عن الفتور والتراخى وعن الحال 
والقضاء » والزكاة مشاركة فى الأموال » والعديام احسساس بالآخر 

'الواجب هدو الفعل الملتزم 2 والحرام هو الفعل الذى ينتج عنه ضرر وسلب 
وعدم وفئاء 2 والذدوب ذو الفعل التطاوعى 2 والمكروه فى الارادى 3 والمبياح 





هى الطديعى ٠‏ ليس الأمر مجرد تغيير لفظ يلفظ بل. تجديد الفكر ودطوير 
الحضارة . وهو ما مارسه القدماء من يل خاصة الحكماء حتى تمثلوا 
الغرباء وأحالوا الذقافات القديمة روافد أصيلة لحضارتهم ٠‏ أن اللفة 
الجديدة وحدها هى القادرة على مخاطبة الناس وعقد حوان بينهم 2 فهى 
لغة الدفاهم والخطاب المشترك ٠‏ 


(14) هذا قول هآثور لأمين الخولى ٠‏ 


0 


4ك 
ان ههمة الباحث حاليا هى اعادة النظر أيض!ا فى مستويات التحليل ٠‏ 
هل, يريد الابقاء على المستويات القانوزية والالهية والطزيعية أ يريد تغيير 
5 المستى نات التى لم تعد .قائمة فى عور الجماعة ليقوم بالتحليلٍ .على . 
مستويأات أخرى مشبل المستوى النفسي .والاجتمباعى ؟ هذا اذا آربنا. 
اكتشياف ‏ التراث كمخزون نفسى لدى الجماهين على المستويين المستوى. 
البجضارى والتاريخى » واذا أردنا أن نعرف مع أى ذمط.حضارى نحن نتعاءل 
وفى أية مرحلة من التاريخ ندن نءيش ٠‏ فيهذا يدم وضع التراث القددم في,. 
منظور تاريخى داخل الوعى الحضارى كمرحلة ابداع أولى ( القرون السيعة. 
الأؤلى ) ٠»‏ تلتها مرحلة تدوين ثانية ( القرون السبعة .التالية ) ,2 وبالتالى 
فانذا على مشارف دورة ثالثة تتمثل فى اعادة:بناء القديم بضرب من التاويل. 


والقراءة هن أجل ابدارع جحادد ١‏ 


أن مهمة الباحث أيضا هى آغادة النظر فى المحاور والبوّر الحضارية. 
القددمة ٠‏ كان الله مدورا أساسييا عذد القدماء 3 وكان اله وحى أدؤرة 


الحضارة » هده تخرج العاوم : ذى دوائر متدأخلة حوله . وكان نأك 15 37 ديا 


م 


وسط الحضارات والديانات القديمة التى كادت تفقد «التعالى» ى «الك اجن اه 
ولكن هذا المحور وهذه الدؤرة قد دم اكتسايهما الآن دل أصيح حضورههما. 
على حساب دحاور ودوّر أخرى ٠‏ ضاع الانسان أمام حضور الله , وضاع 
التاريخ أمام حضور الوحى ٠‏ قد تكون ..ومة الداحث اليوم هى اعادة المحاور 

واابؤر واكتشاف الانسان والتاريخ ٠‏ ان يضرب بننا المش للموتممات. 
اللا انسانية التى لا تعرف الزمان ٠‏ وترسل الينا لجان الأمم ااتحدة لدراسة 
آمضماعنا بالنسية الى حقوق الانسان ٠‏ كما أذنا خارح التاريخ ٠‏ ولا نعام, 
فى أدة + مرحلة من التاريخ نحن نديش », ولدس ادينا قراكم تاريخى * يبدا 
كل جيل وينتهى ثم وددأ الجيل الثانى كما مد الأول من الد هر ٠‏ ولا يكاد 
يمر جيلان أو ثلاثة حتى يبدا القرص فى السقوط ٠‏ تهبط بمجرد أن تعلق 2 
نقد عمرت نهضدنا الآخيرة أريعة أجديال فحسب قيل أن نشاه. تعثر النوضة. 


وكدوة الاصلاح(5١)‏ 


)3 أنظر يحثنا « كبوة الاصلاح » > كدوة «ا الاصلاح فى القرن الاسم , 
عشر » , الرباط . ٠ ١5487”‏ وأيضا « للماذا غاب مبحث الانسان فى تراثنا القديم ؟ ©" 


« لمانا غاب ميحث التاريخ فى تراثنا القديم 5 » , « من الوعى الفردى الى الو عنى. 
الاجتماعى » فى دراسات اسلامية 7 القاهرنة 1516١‏ » بيروت ١54857‏ 


ال وى انك لك 


وهمهمة الباحث أيضا هى .اعادة الإاختيار دين البدائل ٠‏ ذقد .ثم اختيار 
الررائل. .القديمه لدسدم ضراع الصااح زسلطة . .يستطيع الباحث اليوم أن 
يعيد الاختيار دينهاً نصالح الجماهير 4 فكلها عل ى هستوى واد دن الاجتهان 
والنظر دون تكفير لأحدها وتصويب للآخر ٠‏ وردماأ دمكنه أن دجد بدائل 
جديدة تماما لم وطرحها القدماء يدافع المسؤلية التاريخية وبروح الدغة 
الهامية مع مزيد من الثقة ؛ بالنفس والوعي بالواقع والجرأة فى الده نمع( )1١‏ 0 


“بهذا الموقف من التراث القديم يمكن تحقيق عدة منافع مذها : 


١‏ وضيّع الأستان والطالمب وسّط أحداث العصصر ..فيتحدول الفكر 
بالمتالى الى واقع , والتراث الى حياة ٠‏ والفلسفة الى رسالة , والعلم الى 
قضية 2 وتمحى الثنائية فى الشخصية بين الباحث والمواطن ٠‏ فلا يجد 
الطالب نفسه مضبطرا الى, الاختيار بين أن يسمع أستاذا متكسيا بالعلم 
ديع الكتاب المقرر وديفرضه: ٠‏ فيقيل الطالب هذا الأمر من أجل لقمة العيش 
المتمثلة فى حصوله على الشهادة وبين قلبه وحسه وقليه المصاصر والهموم 
بقضايا الوطن سواء فى الجماعة الديذية أو فى الحزب السرى أى فى الغضب 
والتمرد فينتهى يهجرة الى الخاري أو هجرة الى الداخل أى اجهاض نهائى 
يؤدى الى الانهيار النفسى والانتحار الفعلى كما هو الحال عند بءض اللمفكرين 
والأديساء 


؟ - نزع سلاح التراث من أيدى الخصوم فى الداخل وفى الخارج , 
ومن ثم القضاء على أهم معوقات التقدم » وذلك ببيان نشأة تراث السلطة , 
واجهاض تراث المعارضة أعنى مؤامرة التشويه لتراث المعارضة والصمت 
عنه » فتدخل معارك التراث بالتالى المعارك الوطنية وياذد النضال السياسى 
بعدا تاريخيا ينقصه الآن , ويتعرى الحاكم المتسلط القاهر من قميص 
الأشعرية : الواحد الذى يسمع ويرى ودبصر ويفعل كل نشىء ومن جبة 
الغزالى : الواحد الذى منه يفيض كل شىء » ومن جلباب ابن سينا : الواحد 
الذى اليه يرجع كل شىء ٠‏ ومتاهات أجهزة الاعلام ودورها فى تزييف الوعى 





)١1(‏ ولهذهة المداخل النظرية كتينا 00 التراث واللتجديد : موقفئنا من التراتض 
القديم لل القاهرة 1 0 ديروت ٠ 1١1548١‏ 


ف تن ده 


القىمئى كما .هى البحال .فى هيتاهات الفقه الإفتراضى ٠‏ _وتأويل ‏ النصيوص ٠‏ 
فما معارك التاويل فى حقيقة الأمر الا صراع اجتماعى مقنع دثقافة 'الجماهير 
وبثقل التراث فى وجدان العيصر ٠‏ 


 '"‏ ابران تراث الشعب » تراث المصلحة ,. وهى أكدر دافع على التقدم 
حتى لا تحدث انتكاسات للثورة أو يقع نكوص فى التقدم : خطوة الى الاخام 
وخطوتان الى الخلف . وبالتبالي يمكن تقوية روح الشعب . ونضال 
الجماهير , باعطائهما تراثا ثوريا يكون هى البديل المؤقت عن أيديولوجيتها 
الثورية ٠‏ يعطيها نظرية تنقصها وذلك من خلال تثوير ثقافتها الوطنية ٠‏ 


غ: ‏ وقف التغريب الذى حدث الخاصة 'التى انفصلت عن “التراث لأنها 
ألم تجد نفسها من خلاله ولم تستطع تجاوز لغفته القديمة أو اعتبار نفس ها 
مسؤولة عنه فلم تغير مستوياته » أى تعدل محاوره وبؤره ٠‏ أى تعيد الاختيار 
دين الددائل ٠‏ بل قبلت كضرورة لا مفر منها مزاحمة االفكر الغربى لتراث 
!لأمة ومكونها الرئيسى حتى نشب العداء بين أنصار القديم وأنصار ‏ الجديد * 
ديمكن اذن عن طريق هذا الموقف من التراث القديم القضاء على الازدواجية 
فى الشخصية القومية . وهذا « الفصام النكد » فى ثقافتها الوطنية ٠‏ 


ه ‏ محر التفرقة بين الخاصة وبين العامة » بين ثقافة الخاصة وبين 
ثقافة الجاماهير ٠»‏ وبالتالى تنتهى عزلة المثقفين وركود الثقافة الشعبية ٠‏ 
فتتوحد اللفغة , ويعاد بثناء الثقافة الوطنية أى ثقافة الأمة خاصة وعامة 
بروح العصر ولفته » فيستحيل بالتالى على أية سلطة الاستحوان على الخاصة 
ووضعهم فى تناقض مع العامة » وتجنيد المثقفين ضد مصالح الشعوب ,2 
ومحاصرة العامة بالخاصة وتزييف وعى الجماهير من خلال وضع أجهزة 


لاعلام فى أددى متقفى السلطان ٠‏ 


١‏ - تجذيد الجماهير ٠.‏ فتنزل بثقلها الى الساحة » وتأخذ مصائرها' 
دأدديها ٠‏ فما الفائدة من تدريس فلاسبفة التنوير ودورهم فى اشعال الثورة 
الفرنسية وتحرير الأذهان بأفكار الحرية والعدالة والمساواة حتى استولت 
جماهير باريس على سجن الباستيل ؟ وما الفائدة من تدريئس افكار الأفغانى 
دون ذكر لثورة عرابى أو أفكار الطهطاوى ولطفى السيد دون اشأرة الى 


353 فت 


تخورة 15114 ؟ ماذا ؟عددنا نحن للأجيال القادمة ؟ كان الضباط الأحرار 
بلا مفكرين أحرار دم صارو! ضدد المفكرين الأحرار من الجيل السابق ومن 
هذا الجيل حتئ اختفى المفكزون الأحرار من جيلنا وأصبحنا كلنا موظفين لدى 
الثورة » نقف خلفها بدل أن نكون فى مقدمتها » مبررين لقراراتها بدل أن 
نكون ناقدين لها(7١) ٠‏ 


وعلى هذا النحو يمكن حل قضايا. التغيور الاجتماءى ٠‏ ففى الشعوب 
التراثية لا يمكن أن يتغير شىء فى الواقع مالم يتغير فى الوعى أولا ٠‏ وان 
أبنيتنا الاجتماءية والاقتصادية والسياسية كلها لتقوم بالأساسٍ على ابنيتنا 
النفسية وةوالبنا الذهنية وتدسوراتنا للعالم ٠‏ وقد تكون نظمنا التسلطية 
القائمة على الحاكم الواحد والرأى الواحد ترسبا تراثيا عند القادة ونفسيا 
عند الجماهير هن « آراء أهل المدينة الفاضلة » 2 وصفات الامام ٠‏ وقد 
تكون دعامة النفسية للنظم البيروقراطية هى ماترسب فى وعينا القومى 
عن نظرية الفيض أو الصدور » وأنه كلما صعدنا الى أعلى وصلنا الى 
أعئى هراتب الشرف وكلما نزلنا الى أسفل صرنا الى أدنى مراتب الشرف ٠‏ 
وقد يكون مايحدث ديننا فى سسلوكنا القومى من أفضلية للجامعات على 
المعاهد التطبيقية العليا والمدارس االفنزية المتخصدصمة قائما على دناء ذهتى 
ونفسى دوروث من أولوية القيم النظرية على القيم العملية فى التراث ٠‏ 


لا شىء أسهل من تذيير الأبنية التحدية يانقلابات عسكرية واجراءات 
خورية وقرارات ادارية ولكن لا شىء أصعب من الحفاظ على هذه الانجازات 
والابقاء على الثورة الدائمة ٠‏ ان التغيير الاجتماعى بلا تغيير موان فى 
الثقافة ء» والعمل السياسى دون منظور تاريخى مجرد ضرب فى الهواء ٠‏ 
لقد سادت الأشعرية الكلام » والاشراقية التصوف والحكمة , والصورية الفقه 
أكثر من ألف عام » من القرن الخامس حتى اليوم » وعاش الاعتزال الكلامى 
والرشدية الفلسفية ونضال الصوفية والواقعية الفقهية أربعمائة عام 2 من 
القرن الثانى حتى القرن الخامس , قبل القضاء على العلوم العقلية لحساب 





سس م ا 


, قضايا عربية‎ ٠ أنظر بحثبا : الضباط الأحرار » أى المفكرين الأحرار ؟‎ )١( 


55ب 


التصوفك فى .محنة القرن الخامس ٠‏ وأصبح وعينا القومى منذ ذلك الوقت. . 
غير , متعادل:-الكفتين ٠‏ ألف عام من المحافظة الدينية وأريعماثة . عام من 
العقلانية ٠‏ وما اج.تتعادل الكفتان » بضغط الألف عام الى سبعمائة أى إقل, 

واطالة الأريعمائة ع أى أكثر فسيكون .من الصعب أن تقوم ثورة أو أن 
يعقد حوار ٠‏ فى هذه اللحظة فقط دبدى أمكانية الثورة » أعني حين تضغط 
المحافظة الى أدنى ترسب ممكن ٠»‏ وتمتد العقلانية والطبيعة الى أقصى حد. 
ممكن ٠‏ هنا فقط سيتحرك التاريخ من جديد » وتيدا مرحلة ثالثة بعد الأولى 
التى اكتملت فيها من القزن الأول حتى السأبع , وبعد الثانية التى حافظت. 
فيها على نفسها من السابع حتى الرابع عشى ٠‏ فيكون جيلذا معاصرا لمرحلة 


كألذة وممهد! لها ان يبجدع قدهأ ددن تأويل القديم وبين ابداع الجديد 3 
خامسا ‏ اموقف دن الذراث الغردى : 


لا تعنى الدعوة الى تحجيم الغرب ورده الى حدوده الطريعية » والقضاء 
على أسطورة عاميته وبيان مدليته مثل أى تراث آخر » وأن: عصر الهيمنة- 
الأوردية هى الذى أفرز هذه الهيمنة الثقافية ‏ لا يعنئ كل ذلك أى دعوة 
الى الانغلاق أو العودة الى جذون الذات أو رفض التعرف على الغين , 
والانفتاح على الآخر فتلك لم تكن سينة القدماء الذين تفتحوا على الثقافة 
المجاورة وفى مقدمتها اليونانذية وتمثلوها وعرفوها واحتووها داخل الاطارن 
الدضارى الخاص بل يعنى أن فترة التعام قد طالت ٠‏ وان فترة التتلمن قد 
أمتدت ٠‏ فندن نتعلم مذذ قرذين ومازالت مرحلة الابداع بعيدة فى الأفق م 
ان التعلم من الغير وسيلة لا غاية 2» ومرحلة وليس تاريذا ,» ومجرد باعث 
ومحرك وليس بديلا عن الشىء ذاته ٠‏ لقد تعلم القدماء قرنا واحدا هى القرن 
الثانى وما أن أتى القرن الثالث حتى ظهر الكندى أول الحكماء بادئا علوم 
الحكمة ٠‏ لقد كانت الدعوة الى الانفتاح على الغرب لها مايبررها فى أوائل 
القرن الماضى نظرا لاتددى الدضارى الذى كان يمثله الغرب علما وصناعة 
وحرية وديموقراطية » ودستورا ونظما برلانية » ونهضة وتقدما وعمرانا ٠‏ 
ولكن نظرا لطول المدة انقلب الانفتاح الى الضد وهو التقليد » والتعلم الى 
تبعية ٠‏ فنشأت ظاهرة « التغريب » فى حياتنا الثقافية وفى وعينا القومى , 
والتى تبدى فى الآتى : 


ار 2 


, ل اعتبار الغرب النمط الأوحد لكل تقدم حضارى ولا نمط سواه‎ ١ 
وقد أبى هذا بالتالىالى. الغاء‎ ٠ وعلى كل شعب تقليده والسير على منواله‎ 
خصوصيات الشعوب وتجاريها المستقلة , واحتكار الغرب. حق ابداع تجاورب‎ 
٠ وأنماط أخرى للتقدم‎ ٠» جديدة‎ 


١‏ - اعتبار الغرب ممثل الانسانية جمعاء ٠‏ وأوروبا مركن الثقل فيه: 
تاريخ العالم هو تاريخ الغرب » وتاريخ الانسانية هى تاريخ الغرب ١‏ وتاريخ 
الفلسفة هى تاريخ الفلسفة الغربية ٠‏ الغرب فيه يصب كل شىء * ماقيله 
بدايات التاريخ اليشرى كما يقول هردر وما بعده عصير الفضاء الذى يمتلكه 
الغرب ٠‏ عصور الغرب هى عصور الكل . قالعصي الوسبيط هق القعصى 
الوسيط لكل العالم » والعصس الحديث هو العصر الحديث لكل الشعوب مع 
أن وسيطنا هى نهضتنا .. وحديثنا هى تخلفنا » ومستقبل .الغرب هو نهضتنا ٠‏ 


اعتبار الغرب ال معلم الأبدى وى « اللاغرب » هى التلميذ الأبدى » وان" 
العلاقة بينهمًا أحادية الطرف , أخذ مستمر من الثانى . وعطاء مستمر مِنْ” 
الأول » استهلاك مستمر من الثانى وابداع مستمر من الأول ٠‏ ومِهما تعلم 
التلميذ فانه يكبر تلميذ! » ومهما شاخ الأستان فانه يظل معلما ٠‏ ولن يلحق 
التلميذ بالأستان لأن معدل الابداع أسرع بكثير من معدل الاستهاذك فيدرى 
التلمين لاهثا وراء المعلم ولن يلحق به » وكلما جرى ازدادت المسافة اتسباعا 
حتى يدرك الصدمة الحضارية فيقع » ويدرك قدره 2 ويرى مصيره ٠‏ 


رد كل ابداع ذاتى لدى الشعوب غير الأوربية الى الغرب ٠‏ فكل 
دعوة الى العقل ديكارتية أو كانطية. . وكل.دعنوة الى الحرية لييرالية 
غربية » وكل نضال من أجل العدالة الاجتماعية ماركسية » وكل اتجاه نحو 
العلم وؤضعدية حتى أصبح الغرب هو الاطار المرجعى الأول والأخير لكل إبداع 
ذاتى غير أوروبى © كما كان الحال مع الحكماء الأولين بالنسبة لليونان 
فخرج ابن رشد ارسطيا ٠‏ 


ه ‏ أثر العقلية الأوروبية على أنماط التفكير عامة » وعلى كل عقلية 
ناهضنة ٠‏ فالعقلية الأوروبية هَى الفقلية التى تضع كل طزفى مغادلة فى 
علاقة تضاد مثل : مثالية أو واقعية ؟ صورية أي مادية ؟ ذاتية أأى موضوعية؟ ” 
دراسات” فلسفية :. 


07 كك 


فردية أى اجتماعية ؟ عقلانية أى حسية ؟ كلاسيكية أى رومانسية ؟ وقد أثرت 
فينا العقلية. الأوربية.حتى نقلنا أنصاف الحقائق هذه الى ثقافتنا وتراثنا 
وتجزبنا لها حيث لا أحزاب »“واخترنا بينها حيث لا اختيار » وجعلنا أنفسنا 
أطرافا فى معركة لم نخضها ٠‏ 


3س تخول ثقافتنا الى وكالات حضارية وامتداد لمذاهب غربية ٠‏ 
شد شتراكية » مناركسية » وجوذية » وخعية » شخصانية » بنيوية حتى لم يعد 
آحنا قادرا على أن يكون: مذكرا أى عالما أو حتى مثقفا ان لم يكن له مذهب 
دنسب اليه: ٠‏ وتفرقنا شيعا وأحزادا » وضاعت الثقافة الوطنية ٠‏ الكل ييدث 
عن الأصالة الضائعة فيهرع الى الفنون الشعبية ٠‏ 


ب احساس الآخرين. بالنقص أمام الغرب » لغة وثقافة وعلما . مذاهب 
ونظريات وآراء » مما يخلق فيهم احساسا بالدونية قد ينقلب الى احساس 
وهتى بالعظمة . كما هو الصال فى الجماعات الاسلامية المعاصرة » وفى 
الثورة الاسلامية فى ايران ٠‏ وليس هذا الا رد! على مركب العظمة الدفين 
فى | الذقافة الغربية والذى لا دخلو من عنصرية ثقافية ٠»‏ صريحة أو ضمنية ٠‏ 


4 - خلق يؤر وفئات ثقافية معزولة لدى الشعوب غير الأوروبية بديث 
تكون مناضزة للغرب وجسرا لأنتقاله ٠‏ وتنتهى هذه الفئة ‏ اذا ماتولت 
الحكم بموالاة الغرب , فيتمول التغريب الثقافى الى عمالة سياسية 
مما يسبب ثورات الشعوب الوطنية على الفئة كلها تاكيدا للهوية والثقافة 
الوطنية فى جدلية تاريخية بين الأنا والآخر ٠‏ 


أوروبى : تطورا وبثاء ٠‏ تكوينا ورؤية ٠‏ 


:ؤيشبمل تطور الوعى .الأوروبى :نشاته ثم بداية تطوره ثم نهايته ٠‏ 
فمن بحيث النشاة.يجد الوعى الأوربى اصوله فى ثلاثة : الأصل اليوثانى 
الرومانئى.2. والأصل اليبودى المسيحى ؛ والبيئّة اوربية نفسها ٠‏ ولا يذكر 


د 598 سه 


الأصل الشرقى القديم على الاطلاق قبل الأصلين الأولين ٠‏ ولا يذكر .الأصل 
الاسلامى قبل النهضة الحديثة ٠‏ وذلك لأن الغرب قد اعتير اليونان أضلا 
عبقريا على غير مثال ان لم يسبقهم أحد 2 وكأن الهند لم تؤسس المنطق 
الصورى فى البوذية . ولم تسهم فى نشأة علم الحساب ٠‏ وكأن فيثاغورس 
وطاليس لم يكونا على اتصبال بالنحلات الشرقية ,. وكأن أفلاطون لم يدرس 
الرياضيات فى مصر ٠‏ ولما كان الغرب وريث اليونان فقد ظل نسيجا عيقريا 
مثله على . غير منوال ٠‏ 


وبالرغم من التداين والخلاف.فى جوهر كل .من اليهودية. والمسيحية 
كما لاحظ سلسوس من قبل . الا أن الأصل اليهودى. المسيحى قد جمع. 
بينهما ابتداء من الكتاب المقدس 2 حيث .ضضم العهد الجديد كخاتمة للعيد 
القديم » وكذهاية للنبوة واكتمال لها بالرغم من رفضٍ. اليهود ٠‏ ونظرا! للتآلفم 
الطائف العنصرى بين الدحضارتين اليهودية والمسيحية ضد الدضسارات 
الأخرى . أسلامية كانت أو « بدائية » فقد أصبحتا مصدرا! واححدا »2 وكأن 
الاسلام لم يكن تحققا لصدق اليهودية والمسيدية فى التاريخ .. سواء من: 
حيث الصحة التاريخية للكتب المقدسة أى من حيث التصديق بالعقائد » .أو من. 
حيث أحكام السلوك العملى لأهل الكتاب , وكأن الحضارة الاسلامية بعد 
ترجمتها الى اللاتينية لم تكن أحد روافد النهضة الأوربية الحديثة والفلسفات 
العقلية . وكأن الرشدية اللاتينية لم تساهم فى نشاة العلم الحديث فى: 
الغرب(8١) ٠‏ 


ولا يكاد أحد يذكر البيئة الأوربية نفسها , كانما الحضارة الأوربية 
حضارة بلا بيئة ؛. نشأت بلا عوامل ودوافع ؛ بلا ظروف وملابسات .. سواء. 
فيما يتعلق بطريعة المعطى الدينى الذى كان لديها » مثل عقيدة الاختيار التى 
كانت موجودة وراء العنصرية والإستعمار » أو الروحانية .الغالية والقائلة. 
ان ملكوت السموات ليس فى هذا العالم » وان للداخل الأولوية المطلقة على 


(18) أنظر . كتاينا » 0 قضة 1121086 وامتعنا6 9 
09 ,0م5001 متام رمه ماقمه ‏ ناج 101810 / ارو[ 10 ناا0 ع1 
097730017 


الا 5 


الخارج . مما سعدب رد فعل جذرى تبدى فى المادية الفظة ٠‏ واعتبار ملكوت 
السموات فى هذه الأزض مقررا أولوية الخارج على الداخل ٠‏ ولا يكاد 
أحد يذكر أيضا طبيغة السلطة الدينية التى نشأت فى الغرب واعتبار أن 
للوحى مصدرين : الكتاب والتراث » الوحى والكنيسة مما تسبب فى نشأة 
السلطة الدينية واحتكارها للتفسير وللعلم . وسسيطرتها على السلطة 
السياسية ٠‏ وقد أحدث هذا رد فعل مضاد لصالح العلم والعقل والسلطة 
المدنية . فنشا الوعى الأوربى معاديا للسلطة الدينية داعيا العلمانية , معاديا 
للدين باسم العلم والعقل والمدنية ٠‏ هذه هى الظروف التى نسج الغرب 
حولها مؤامرة الصمث ليجعل الحضارة الأوربية نموذجا للحضارة العالمية 
الثى يتعين ‏ على كل حضارة أخرى الاقتداء يها ٠‏ عصرها كل العصور ,2 
ومذاهبها كل المذاهب , وتاريخها كل التاريخ ٠‏ ابداعاتها للتقليد » وتقنياتها 
للتقل ؛ وكان علم اجتماع المعرفة لا يطبق الا على ثقافات الآخرين ٠‏ 


أها من حيث التطور فول مر اأوعى الأورودى بخمس مراحل 1 مهس 
آباء الكنيدسة 0 الفلسفة المدرسية ٠‏ عغصر الاحياء والنهضية 2 عصر العقلانية 
والتنوير 2( كم عومر العلم والتقنية . 


فقئ هرحلة اباء الكنيسة تشكل الوعى الأوربى باعتباره وعيا دينيا 
أفلاطونيا اشراقيا م تحولت فيه آلهة. اليونان الى آلهة الدين الجديد وملائكته, 
ونظريات الدين اليونانية الى نظريات للدين الجديد » وتمت ظاهرة التشكل 
الكاذب المضاد أى أن المضمون اليونائى الرومائى أخذ شكلا مسيحيا 2 
حدث التشكل الكاذب فى الجوهر لا فى العرض ٠»‏ وفى المضمون لا فى 
الصورة » وفى المعنى لا فى اللفظ 2 وفى الشىء لا فى التصور ٠‏ وقد 
استغرق ذلك القرون السبعة الأولى التى تشكلت فيها العقائد المسيحية 
والتى أتى الاسلام بعدها ليتدقق من صيدقها ٠‏ 


وفى الفلسفة المدرسية تحولت التعاليم الدينية من الكنائس الى 
المدارس » ومن المعايد الى الجامعات ٠‏ كما تحول قيها الوعى الديئى الأوربى 
من الأفلاطوئية الاشراقية الى الارسطية الطبيوية ٠‏ وعاد التشكل الكاذب 
المضاد مرة ثائنية + أى أخذ النسق الارسطى فى الحدقيقة واستدمل الدين 
الجديد فى الظاهر ٠‏ وقد ظهر فى هذه المرحلة أثر الفكر الاسلامى وامتداده 


-597 ده 


سواء من المتكلمين أى الحكماء تدعيما للتيار العقلانى المدرسى حتى اتحدت 
الفلسفة بالدين أسوة بالنموذج الاسلامى » وأصبح المسلم نمؤوذجا للفيلسوف 
فى مقابل اليهودى والمشيحى ٠‏ 


وفى عصي الاحياء فى القرن الرابع عشر بدات العودة الى الأصول , 
وهو اتجاه اسلامى , بالبحث عن النصوص والتعامل معها مباشرة دون 
وسناطة أحد ٠‏ وكانت الأصول فى الآداب القديمة ٠‏ وظهر المصدر اليونانى 
الرومانى مخلصا دلوعى الأوربى من الأصل اليهودى المسيحى ٠‏ وفى عصس 
الاصلاح الدينى فى القرن الخامس عشر قامت نفس الحركة العودة الى 
الأصول ولكن فى الدين من أجل الاصلاح ٠‏ والقضاء على سلطة الكنيسة 
واحتكارها للتفسير والعلم ٠‏ وتاكيد حرية الانسان فى الفهم والتفسير , 
ورفض الوساطة بين الانسان والله » واعطاء الأولوية للداخل على الخارج, 
وللاخلاق على العقائد. . ولم يكن النموذج الاسلامى يعيدا عن غايات 
الاصلاح ٠‏ 


وفى عصر النهضة بدأ تأسيس الوعى الأوربى على أسدس جديدة ينقد 
الموروث حتى يمكن التحرر منه كمصدر للعلم وكقيمة فى السلوك ٠‏ والتحصول 
الى 'العقل والطبيعة كبديل عن الوحى والسلطة 2 ووضع الانسان مركزا 
الكون على أنه بدن قبل. أن يكون نفسا. ٠‏ فنشات علوم الاحياء والتشريح' 
والطب الحديثة ٠‏ ثم أتت العقلانية فى القرن السابع عشر تتويجا للعقل 
الذى آصبح له سلطان على كل شىء : الدين . والفلسفة , والعلم, 
والسدياسة . والاجتماع ». والأخلاق » والقانون * وبلغ: الوعى الأوربى أعلى 
درجة من الشمول والاتساع ٠‏ ثم أتى عضر التنوير فى القرن الثامن عشر 
بعد تفجير العقل فى المجتمع فاندلءت الثورات » واهتزت الأنظمة » وسقطت 
العروش والتيجان » وتأسس- كل شىء فى العقل والطبيعة 2 وخرجت افكار 
الحرية والعدالة والمسااة والتقدم والانسان والطبيعة والتاريخ : وتدولت 
الفاسفة الى ثورة , والفيلددوف الئ كاتب للجماهير وقائد لهم ٠‏ 


.ثم أتى عصير الثورة الصناعية عندما تراكم العلم » وظهرت الاكتشافات 
العلمية والاختراعات: الحديثة » وحلت الآلة محل الانسان فى الانتاج , 
وظهرت الطيقة العمالية 2. وقامت الثورات. الاشتراكية ٠‏ ثم:اتى القرن. 


1848 - 


العشرين لاحداث ثورة صناعية ثانية : عصر التقنية » وقى نفس الوقت بداية 
أزمة العلم 4 وأزمة .الوعى الأوربى 0 وبداية النهاية منذ ديكارت حتى 
هوسرل ٠‏ مئذن الأنا أافكر حتى الأنا موجود ٠‏ وبالتالئ تكون: الملحمة قذ 
شارفت على النهاية ٠‏ 


بعد هذا التطور الكمى التراكمى للوعى الأوربى اخترع بناء خاض 
اكتمل أيضا فى النهاية ٠‏ فالوعى الأوربى ذو. بناء ثلاثى أشبه .بالبواعث 
أى المقاصد أى الاتجاهات ٠‏ الأول هو الاتجاه العقلانى الذى بدا فى الأنا 
أفكر فى القرن السابع عشر عند ديكارت واسستمر فيه الديكارتيون : اسسدبينوزا 
وليبنتز ومالبرانش ذم تم .تأكيده من جديد فى الفلسفة النقدية عند كانط» 
لقد أصبح العقل مشرعا للواقع , والأنا » من جديد , مركزا للعالم كالشمس 
وسط الكون ٠‏ ثم تطور العقل عند تلاميذ كانط حتى ابتلع كل شىء : الرؤح 
والطبيعة » الحس والذهن ٠‏ الدضارة والتاريخ. حتى بلغ أكبر قدر من 
الصورية والشمول » وهى بمثابة اتجاه يبدا من الأنا ويعرج الى أعلى ٠‏ 
والثانى هو الاتجاه التجريبى الذى بدا من بيكون فى المنطق الجديد من 
أجل تأسيس المعرفة الدسية وصدقها فى التطابق مع الواقع وليس فى تطابق 
الذهن مع نفسه فقط ٠‏ واستمر نفس التيار فى المدرسة الانجلى سكونية : 
لوك وهوبز وهيوم الذين طبقوا المذهب الحسى فى الدين والأخلاق والاجتماع 
والسسدياسة , فيكون هذا بمثابة اتجاه يبدا من الأنا هابطا الى أسفل ٠‏ 


ثم نشأت محاولات عديدة للجمع بين التيارين فى الفلسفة النقدية عند 
كانط فى ألمانيا » فتصدور العقل على أنه حس أولا فذهن ثانيا فعقل ثالئا ٠‏ 
التحليل الترنسندنتالى أولا ثم الجدل الترنسندنتالى ثانيا ٠‏ وقد وضدمع 
مشرؤعا للتوحيد بين .القبلى والبعدى صائغا عبارته المشهورة: « التصورات 
بلا حجدوس فارغة » والددوس' بلا تصورات عمياء » ٠‏ ولكن التوحيد ينهما 
قد تم بصورة. .آلية تركيبية خارجية سكونية مما دعا تلاميذه الى التوحيد 
بينهما بصورة .حركية :جدلية ٠‏ .الحس ونقوضه الذهن » ثم ياتى. العقل لدجمع 
بينهما ( هيجل ) , أو بطريقة صورية فى فلسفة الهوية والتوحيد بين الروح 
والطبيغة ( شلنج ) , أو فى فلسفة الذاتية والتوحيد بين الأنا واللاانا من 
أجل تكوين الأنا المطلق ( فشته ) . أو فى فلسفة الارادة تعبيرا عن العقل 
والطبيعة ('شوبثهور ) ٠‏ كما حاولت فلسفة التنوير فى فرئسا الجمع بيذهما 


عن طريق النظرة العقلية الدسية للعالم كما هو واضح فى دائرة المعارف 
الفلسفية ٠‏ 

وما أن أتى القرن التاسع عشر حتى بدا الخصام من جديد بين التيارهين 
المتباعدين . كل واحد يداول أن يجعل نفسه نمطا لعلوم الانسان .٠‏ وظلت 
الظاهرة الانسانية متارجحة بين نمط العلوم الرياضية العقلية تارة ٠‏ وبين 
نمط العلوم الطبيعية الحسية تارة أخرى ٠‏ فنشات أزمة العلوم الانسانية , 
وضرورة صياغة مناهج مستقلة لها » حلا لأزمة الصورية والوضعية » وحلا 
للخلط بين المستويات كما ظهر فى السيكوفيزيقا ٠‏ وهنا ظهر الطريق. الثالث؛ 
طريق. فلسفات الدياة : برجسون ٠»‏ وهوسرل + وشيلر » ودلتاى وغيرهم . كما 
ظهر فلاسفة الوجود رافؤبين. رفع الوجود الانسانى الى ماهو أكبر منه وهو 
العقل أو حتى رده الى ماهو أقل منه وهو المادة ٠‏ أصيح العقل الأوربى 
منقسه.ا الى ثلاثة اتجاهات : فلسفة روح » وفلسفة طبيعة 2 ؤوفلسفة وجول ٠‏ 
وضاءت وحدته الداخلية . وتصارعت فيه المذاهب كلها » كل منها يدعى أنه 
الحقيقة الكاملة ٠‏ وحكمها قانون الفعل ورد الفعل » وأخذت العقلية الأوربية 
هذا الطابع التقسيمى التجريبى .وصدرته .خارجها فقضت على وحدة العقل, 
خارج الوعى الأورويى ٠‏ لدى الشعوب غير الأوربية(19١) ٠.‏ 


فاذٍ ما أحذنا هذا الوقف + مهن الثراث الأوربى 2« ووصيفذا الوعى بناء 


١‏ السسديطرة على الوعى الأوربى >2 واحتواؤه بداية ونهاية 2 نشاأة 
وتكوينا » وبالتالى يقل. ارهابه ؛ لأنه ليس بالوعى الذى لا يقهر ٠‏ ويتحول 
الدارس الى مدروس , والذات الى موضوع وبالتالى لا نصبح ضائعين 
فيه , ان يمكن للانسان أن يراه مرة واحدة , وأن ينظر اليه من أعلى بدلا 
من أن يقدع أسبفل منه ويكون السؤال : من الذى سياخذ الريادة الآن ؟٠‏ 


مسي سس 





(15) أنظر محاولاتنا السابقة فى « موقفنا من التراث الغربى ٠‏ , الظاهريات 
وأزهة العلوم الأ لأواربية "2 فى قضايا مفاضرة | 5 2 القاهرة 2 /ا/1 1١‏ 2 بدروث :1481 


ال 0 لك 


صحيح أنه تاريخ تحرر على مراحل لا يمكن القفز عليها أى تجاوز مراحلها 
المتوسطة , لكنه مع ذلك تجرية بشرية ومسار حضارى مثل غيره من 
التجارب ٠‏ انه ليس التجرية الوحيدة أو المسار الدضارى الأوحد ٠‏ بل 
هئ أحد مزاحل تاريخ الوعى الانسانى الطويل ابتداء من مصر والصين 
وحضارات الشرق القديم ٠‏ ش 0 


*" - رد الغرب الى حدوده الطبيعية وانهاء الغزو الثقافى 2 وايقاف 
هنا المد الذى لا حدود له ء. وارجاع الفلسفة الأورودبية الى بيئتها المحلية 
التى منها:.نشات حتى تظهر خصوصيتها التى أمكن تعميمها من خلال 
الاستغمار زالسيطرة وأجهزة الاعلام 2 فى لحظة ضعف الأنا ,2 وتقليده 
للأجنبى » واقتصار تحررة على الأرض دون الثقافة ٠‏ 


- القضاء على أسطورة الثقافة العالمية واكتشاف خصوصيات 
الشعوب ٠‏ وأن لكل شعب نمطه الحضارى الخاص ووعيه المتمين بل وعلومه 
الطبيعية وتقنيته الخاصة كما هو الحال فى الهند والصين وافريقيا وأمريكا 
الاينية , وتطبيق مناهج علم اجتماع المعرفة والانثروبولوجيا الحضارية 
ى الوعى الأوروبى ذاته ٠‏ 


ه < افساح المجال “للانداع الذاتى للشعوب غير الأوربية » وتحريرها 
من هذا الغطاء الذهنى ٠‏ وهذه البنية العقلية حتى تفكر الشعوب بعقلياتها 
الخاصة واطرها المدلية ٠‏ فتتعدد الأذماط , وتتنوع النماذيع ٠‏ فليس هناك 
نموذج واحد لكل الشعوب ٠‏ وتصير العلاقات بين الحضارات علاقات 
متبادلة وليست علاقات ذات اتجاه واحد ٠‏ ا 


5 القضاء على عقذة النقص لدى الشعوب غير الأوربية بالنسية 
الغرب ٠»‏ وقيامها بابداعها الخلاق بدلا من أن تكون مستهلكة للثقافة والعلم 
والفن 2 فتصير قادرة على التفوق على غيرها ٠‏ وقد يتمول مركب النقص 
الى مركب عظمة صحى يساعد على الخلق والابداع ٠‏ 


/ا _ اعادة كتاية التاريخ دمأ يحقق أكير قدر ممكن هن المساواة فى 
حق الشعورب دد لا من الثهب الأوروبى لاثقافات العالم 2 واكتشاف دون 


غ١‎ 


الحضارات التى ساهمت فى تذدوين حضارة الغرب وضرب الغرت. حولها 
مؤّامرة الصمت » ولكن دون أن يكون الغرب هذه المرة » وبموضوعية 
تاريخية » مركز الثقل فى العالم » فيه تضب كل الدضارات » اذ سيعطى 
لدّل ‏ .حضارة دوزها فى الزيادة ' ٠‏ 0 


6 ل بدإية فلسفة جديدة للتاريخ تبدا من ريح الشرق » واكتشاف 
الدوائر الحضارية وقانون لتطورها أشمل من البيئّة الأوروبية » واعادة 
النظر فى وضع الشعوب الشرقية كبدايات للتاريخ ( هردر » كانط ) ٠‏ وكما 
بدأت الحضارات من الشرق وانتقلت الى الغرب , فقد تعود. الى الشرق من 


حبيديل " 


4 انشاء « الاستفراب » وتحويل الحضارة الأوروبية إلى موضوع 
لادراسة ٠‏ وسيكون هذا العلم الجديد لدراسبة هذه الحضسارة : بداية 
ونهاية » نشأة وتطورا ٠‏ بناء ومسارا كما فعلت الحضارة الأوربية مع غيرها 
عندما حولتها الى مواضيع للدراسة ولم تسلم من التحيز والمحاباة ٠‏ 


٠‏ انتهاء الاستشراق » وتحول حضارات الشرق من موضوع الى 
ذات ٠‏ وتصديح الاحكام التى ألقاها الوعى الأوروبى وهو فى عنفوانه على 
حضارات الشرق ٠‏ فالاستشراق يكشف عن طبيعة العقلية الأوربية ونظرتها 
الى الاخر أكثر مما يكشف .عن الموضوع المدروس » فهو موضدوع دراسة 
وليس دراسة موضوع ٠‏ 


١‏ تكوين الباحثين الوطنيين الذين يدرسون حضاراتهم الخاصة 
من متنظور وطنى ٠»‏ وحضارات الغير يطريقة أكثر حيادا واندمافا مما فعل 
الغرب مع غيره ٠‏ فتئشا بالتالى العلوم الوطنية وتتكون الثقافة الوطنية , 
ويتاسس التاريخ الوطئى » وينتهى الفصام فى الثقافة والسياسة بين العلم 
والوطن بين الباحث والمواطن(١١5) ٠‏ 


٠ أنظر رسالتنا الثانية‎ )5١( 
1 -له 21-7115 م28 ,3-12 ,وم بعأعه1ه ممصم صغطم 19 ع0 عممؤوغ‎ 
,بعطنة0 هآ ,أطولطمف‎ 7 


250 سه 
سادسا ‏ الموقف من الواقع :.. 


ان الموقف من التراث القديم والموقف من التراث الغربى كليهما مدخلان 
حضاريان يعبران عن موقفنا الحضارى اليوم الذى هى مصب لتراثين قديم 
ومعاصر ٠‏ انهما فى حقيقة الأمر مصدر واحد من مصادر المعرفة وهو 
النقل بصرف النظر عن مصدره : النقل من الماضى أو من الحاضر , من الأنا 
أو من الغير ٠‏ والحقيقة أن الواقع لم يكن غائيا فى الموقفين. الحضاريين 
السابقين ٠‏ فالموقف من التراث القديم 2 فى أحد. جوانيه ., هى رد .التراث: 
الى الواقع الأول اذى منه نشبا والذى..له.صِيغ خاصة به » ثم عرض 
التراث على الواقع الحالى ٠‏ فما اتفق مع مصالحه بقى وتطور , وما نافى 
هذه المصالح تم أسقاطه ونقده وتلاشيه ٠‏ والموقف من الغرب أيضا هو فى 
أحد منعانيه رد التراث اتغربى الى ديئّته اأحلية وظروفة التاريخية التى نشا 
منها . ومعرفة أى مراحلاه أكثر اتفاقا وأجلب نفعا لنا فى المرخلة الحالية 
التى نمر بها . وأيها أبعد عنا وأكثز ضررا ٠‏ فالواقع حناضر فى قلب 
الحضارة : منه تنشة فكنز! واليه تعود أثرا| ٠‏ 


ولا يمكن.فهم التراثين المحلى والغربى الا بقهم الواقع الحالى أولا 
والذى على أساسنه سيتم اعادة بناء “الأول 'واختيار الثانى ٠‏ ولطالما كثر 
الحديث عن. ربط الجامعة بالواقع ٠‏ والثقاقة بالواقع : والعلم بالمواقع دون 
أن يتجاون الحديث ألفاظ العبارات الى معانيها » ودؤن أن يتجاون الحديث 
المعانى الى تحقيقها كمشاريع فعلية للابحاث والدراسات ٠‏ وبدون هذا البعد 
الثالث يظل الموقفان الأولان مجرد معلومات من كتب صفراء أو بيضاء 
لا صلة لها بواقع قديم أن جديد , ولا تثير شيكًا فى ذهن المستمع أى القارىء 
المشدود الى قضضايا الواقع والمتأزم بأوضاعه ٠‏ فيظل العلم فى جانب وحياة 
الناس فى جانب آخر ٠‏ لايد اذن من احصاء دقيق لمشاكل الواقع ومتطلباته 
وحاجاته التى يمكن أن تكون مقياسا يعاد وفقه بناء التراث القديم واختيار 
التراث الغربى أو تنظير مباشر له مادام التراثان السابقان : تراث الأنا 
وتراث الآخر مجرد وسائل للخلق ٠‏ وتعلم للابداع ٠‏ ولا يكفى فى هذا 
الحماس لها أو الخطابة فيها , بل لابد من عرضها عرضا دقيقا وتحليلها 
تحليلا كميا بالاءتماد على مناهج الاحصاء وبلغة الأرقام حتى يمكن للفكر 
بعد ذلك أن يصف كيفياتها ٠‏ وقد تبدى هذه العملية خارج نطاق الفلسفة وهى 


57ب 


فى جقيقة الأمر أس. الفلسفة وبواعثها ومقاصدها اذا ماحاؤلنا الذهاب: 
الى ماوراء النظريات 2 ويمكن عد هذه . المكونات للواقع واخصاء: متطلياته ' 
على النحق الآتى : 


١ل‏ تحرير الأرض من.. الاحتلال والغزئ. ٠.‏ وهى القضية الأولى فى 
واقعنا القومى نفكر فيها ليل ذهار ٠‏ ونحاول الوقوف أمام هذ! التيار الجارك< 
المتجه لاحتلال مزيد من الآرض وغزو .عديد من الأوطان ٠‏ هذه هى القضية 
التي تتناولها آجهزة الإعلام وتدافع أنظمة.الحكم من أجلها عن كراسى: الحكم, 
وتقاوم فى سبيلها أحزاب المعارضة .٠.‏ وهذه القضية هى التى تملا نفتوس” 
الجماهير مرارة وحسسيرة وغما... وتدفع البعض الى الانتحار أو: الانهياز أى ' 
الموت كمدا 2 وهى ليست غريية على ٠.الفلسفة‏ سواء فى تراثنا القديم أى فى 
التراث الفربى المعاصر ٠‏ فالمله فى القراآن « اله السموات والأرض » .2 
والطبيعيات عند الحكماء سابقة.على الالهيات , والحق والنخلق شىء: واحد 
عند الصوفية ».. واقامة الشريعة للامتثال وللتكليف من مقاصد الشريعة : 
لقد قامت حركاتنا الاصلاحية الحديئة دفاعا عن الأرض ضد المحتل الأجندى 
أى الاقطاعى الداخلى(١؟) ٠‏ وقد احقتلت الصهيؤنية الأرض بعقيدة أرض 
الميعاد والاختيار وأرضنة الله 0 08 اداع سعف تالضع لصيط 
وتظهر الأرض. فى شعرنا المعاصر(2؟) ٠‏ وتقام « فرقة الأرض * > ويهزنا 
« يوم الأرض » <.وفى التراث الغربى يتحول فشته من فيلسوف مثالى كانطى, 
فيضع نظرية فى الجدل بين الأنا واللاأنا من. أجل خلق الأنا المطلق تحريرا 
للأرض من الاحتلال وغزو نابليون لألمانيا ٠‏ ويصوغ كل فلسفته فى نظرية 
السعادة من أجل تحرير الأرض » وهقاومة الممثل , فالخير الأقصى تحقيق 
للذات .» وفى رسالة الانسان تحقيق للمثل الأعلى » وفى الاقتصاد الموجه 
من الدولة توجيه لموارد الدؤلة للحرب ضد سياسات الانفتاح والاقتصاد 
الحر ٠‏ ان دراسة قضية « الله والأرض » وجعلها محور التراث القديم ,2 


(51) يقول الأفغانى « عجبت لك أيها الفلاح تشق الأرض هفأسك . ولا تشق 
قلب ظالمك » . ْ 
آفقه يقول محمود درويش « 1آه ياجرحى المكابر » آنا لست . مسافرا 2 ووطنى 


ليس حقدية ٠»‏ أننى العاشق والأرض حبيبه » ٠‏ 


لاغ ب 


وان الله محل للحوادث كما تقول الكرامية تجعل التراث مرأة للواقع , 
وان تدريس فشته لطلاينا تجعلٍ قلوبهم مع الأستان 2 وكلاهما مع حاضر 
الأمة وواقعها(؟١؟) ٠‏ 


1١ <‏ اعادة توزيع الثروة فى مواجهة. التفاوت الطبقى ٠‏ وهى قضية 
رئيسية نتناولها فى محافلنا العامة ونراها واضحة للعيان ٠‏ فقد. اجتمعت: 
فى الأمة أعلى درجة من درجات الغنى وأدنى درجة من .درجات الفقر. ٠‏ 
منا من يترهل بطنة ٠‏ ومنا من يموت جوعا , مبا. من يعيش فى القصور 
كالاحياء » ومنا من يعيش فى مقابر الأموات ٠‏ وهذه قضية يتناولها الشعراء . 
والمفكرون » وبسببها قامت الثورات العربية المداصرة لاعادة. توزيع الثروات: 
والاصلاح الزراعى وبرامج التاميم والتصنيع وحقوق العمال. ٠‏ ولأجلهما 
قامت الأحزاب الاشتراكية والماركسية , ودخل الآلاف فى السجون والمعتقلات 
واستشهد العشرات ٠‏ وهى قضية مثارة فى أصل الوحى فى نظرة الاستخلاف. 
ونقد تكديس الثروة فى يد حفنة من الأغنياء » وضرورة المشاركة فى الأموال» 
وسار على أثرها الخلفاء . ومن أجلها نفى أبى ذر ٠‏ وفى التراث الغربى 
ندرس ديكارت وكانط ونترك روسو ومونتسيكو وسان سيمون وبرودون 
وأوين وماركس الى أقسام الاجتماع أو اللغة أى الأدب وكان موضوعات 
العدالة الاجتماعية والمساواة ليست من الميتافيزيقا أو الفلسفة العامة فى 
شىء ٠‏ وقد قام الرهبان الشباب فى أمريكا اللاتينية بالاشتراك فى حرب 
العصابات دفاعا عن الفلاحين وضد الاقطاع(5؟) ٠‏ 


" - تحقيق الحرية والديموقراطية فى مواجهة القهر والطغيان ٠‏ وهذه 
قضدة نعانى منها جميعا بما فى ذلك الأستاذ والطالب » والمفكر والمواطن 2 
والناخث والعالم , والاعلامى والسياسى , فقد عرفت مجتمعاتنا بانها 
مجتمعات القهر والتسلط والطفغيان ٠‏ سجوننا ملأى ٠»‏ وآفواهنا مكممة 2 


(50) أنظر '' 560111 قلطه عبتاعه1ة1 قتامتعتاع] 
111 ,11 اروم 
(4؟) أنظر ٠‏ كامبلوتوريز , القديس الثائر » قضايا معاصرة )١(‏ ص 58١‏ 

٠ ١9الا القاهرة‎ , "4 


عم 60 نه 


وأجهزة اعلامنا فى يد الحكومات ؛ وصحفنا ومجلاتنا مراقبة 2 وأاجيزة 
الأمن تتحكم فى كل شىء » تسبمع وتراقب. 2 حتى أصبح الخوف والترقب 
البناء النفسى للجميع ٠‏ ويفشل .درس الفلسفة بسبب الخوف : خوف الأستان ‏ 
الذى يتحول الى جبن ٠‏ وخوف الطالب الذى يتحول الى خشية ٠‏ الكل يبغى 
التعايش وعدم فقد الوظيفة لتربية الأطفال ورعاية .الأسرة 2 وهكذا: نشات 
الازدواجية فى حياتنا القومية 2 وظهر الفرق بين الحديث. الخاص وبين - 
الحديث العام , بين لمغة حلقات الأصدقاء وبين لخة الاجتماعات الرسمية , 
بين همسات حجرات النوم وبين صراخ الأحزاب وصخب أجهزة الاغنلام 
حتى أصبحت السلطة كالجنس. والدين محرمات لا يجوز الاقتراب. منها » 
وهى موجودة فى أصل الوحى وفى أول اعلان له فى الشهادتين- ٠.‏ فالشهانة 
اعلان وبيان ٠‏ اعلان رؤية »2 وبيان موقف يبدا .بالرفض والنفئى ٠‏ بالتمرد 
والثورة على كل آلهة العصر المزيفة فى « لا اله » ٠‏ ثم يآتى بعد ذلك فعل 
الايجاب ووضع مبدا واحد يتساوى أمامه الجميع فى « الا الله » + وقد 
استن الخلفاء بعقيدة الحرية كما سار عليها الاشهاد(59) ٠‏ والقلسفة لميس 
لها موضوع الا الحرية . ولا غاية الا التحرر ٠‏ وقد شغل الموضوع مفكرينا: 
القدماء , متكلمين وفقهاء , فدافع المعتزلة عن خلق الأفعال . وأثبتوا حرية 
الاختيار , وأكد الفقهاء ضرورة كلمة الحق فى وجه السلطان الجائر 2 وفى 
الفلسفة الغربية لا-يوجد نسق فلسفى الا والحرية أحد مظاهره ٠‏ أن التاريخ 
كله هو قصدة الحرية ( كروتشه ) ٠‏ أن ثؤراتنا الحديئة قد قامت دفاعا عن 
الحرية كما قامت حركات استقلالنا الوطنى تحقيقا للحرية ومازال للكلمة 
رنين فى قلوب 'الناس جميعا ٠‏ فاشهارنا تصور مدى القهر » وقصصنا مدى 
الطفيان , وروايتنا صور الطفيان ٠‏ 


4 تحقيق الوحدة فى مواجهة التجزئة . وهذه قضية أخرى نفكر 
فيها ليل نهار ٠‏ تقام من أجلها الدول ٠‏ وتنهار الأنظمة ٠‏ وتندلع الثورات 


(9؟) مثلا عبارة عمر المشهورة « متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم 
أحرارا » , وهى العبارة التى كررها عرابى أمام توفيق فى 'ميدان عابدين. ؛ ؛ ان الله 
حلّنا أحرارا » + ولم يخلقنا عبيدا كو عقارا , والله انا لا نورث لأحد يعد اليوم » ٠‏ 
أنظر أيضا ماذا تعنى « أشهد أن لا اله الا الله ون محمدا رسول الله » ٠‏ الدين والذورة 
فى مصر ١487‏ - (194 (7 ) فى اليسار الدينى , القاهرة 1184 ٠‏ 


اد 5 


ثم تقام _الثورات المضادة ٠‏ كل الأحزاب .وحدوية , والأحزاب المفالفة . 
انعزالية طائفية ٠.‏ أمة موحدة تاريخا ولغة وحضارة » ومصلحة وهدفا 
ومصيرا ٠‏ جزاها الاستعمار ؛ واحتلت الصهيونية قلبها » عزلت كبراها , 
وتفردت يصغراها واحدة تلى الأخرى .١‏ وقضية الوحدة معروضة فى أصل: 
الرحي 1 أالهة متفرقون أم الله الواحد القهار » ٠‏ « أن هذه أمتكم أمة واحدة 
وأنا ربكم فاعبدون » ٠‏ وأآفاض الحكماء والصوفية.فى الدديث عن الواحد 
والوحدة » والاتحاب. والحلول والفناء » وفضح المتكلمون. الثنويه والتعدد 
والشرك.» وعشقوا أفلوطين ٠‏ وقامت أحزابنا كلها باسم الوحدة ٠.واندلعت‏ 
ثوراتنا من أجل الوحدة » وفتحت السجون أبوايها لدعاة الوحدة ٠‏ ومازلنا. 
نعانى من التجزئة » وقد احتلت الأراضى » وتوالت الهزائم بسبب التجزئة 
ومع ذلك لم تطرح فى مناهجنا فلسفات الوجدة وتجاريها ولا جعلناها. مادة 
أساسية, فى التكوين ٠‏ وقد غزانا هيجل لأن فلسفته تقوم على الوحدة: ٠‏ 
وحجتى .الآن لم تصغ الوحدة حتى كسؤال ميتافيزيقى مع أن القدماء قد وضعوا 
هذا السؤال فى مباحث الوحدة والكثرة عند المتكلمين » ومباحث التوحيد عند 
الحكماء » ونظريات الاتحاد والحلول ووحدة الوجود عند الصوفية » ووحدة 
الأمة عند الفقهاء ٠‏ 


ه د تحقيق الهوية فى مواجهة التغريب ٠‏ وهذه قضية أساسية تطرق 
اليها المأقفون وانقسمت الأمة يسببها الى قسمين : دعاة المحافظة على 
الهوية بأى ثمن مما أدى الى ظهور الجماعات الدينية المحافظة كرد فعل 
على ظاهرة التغريب والارتماء فى أحضان الآخر ٠‏ فالتحدى الأعظم بالنسبة 
لكل فرق الآأمة حاليا هى كيف يمكن المحافظة على الهوية دون الوقوع فى 
مخاطر الانغلاق على الذات ورفض كل مساهمة للغير » وكيف يمكن مواجهة 
ثقافات العصر دون الوقوع فى مخاطر التقليد والتبعية ؟ ان هذه هى القضية 
التى نثيرها جمنعا باسم الأصالة.والمعاصرة ٠‏ وهى موجودة فى أصل الوحى 
عندما أبقى الاسلام على الهوية العربية وبعض قيم الجاهلية وأعرافها وطورها 
فى منظوره الجديد 2 وهى قضية عرض لها الحكماء فظلوا مفكرين اسلاميين 
متمثلين لثقافات. الغير وفى مقدمتها ثقافة اليونان » وهى القضية الأساسية 
التى تعالجها العلوم الاجتماعية الغربية الآن لدراسة تطور المجتمعات 
النامية ٠‏ 


َ 


ات لاش اس 


١‏ تحقيق التقدم فى مواجهة التخلف ٠‏ وهذه قضية يتناولها. الجميع 
ويتناقل الفاظها . حتى أصبحت من أكثر القضايا شيوعا .وشهرة ٠‏ 
هذا متقدم ,'وهذا متخلف , وهذا تقدمى » وهذا رجعى ٠‏ ومازال اللفظان , 
يثيرآن الشباب ٠‏ وقد تعرض أصل الوحى للمفهومين : « لمن شاء. منكم. أن 
يتقدم أو يتأخر » ٠‏ بل ان تطور النبوة ذاتها. يمثل تقدما للوعى الإنسانى ؛ 

من اليهودية الى المسيحية الى الاسلام . ٠‏ ورسالات الأنبياء انما كانت علاماتٍ . 
مميزة لمراحل التاريخ © وقد أسس التراث الغربى لمفهوم التقدم علما بأكمله.. 
دى فلسفة التاريخ محاولا وضع قانون لتطور المجتمعات ٠‏ ومراحل تاريفها 
ابتذاء من المرحلة الدينية الى مرحلة الميتافيزيقا الى مرحلة العلم ,. 
مرحلا الآنهة الى مرحلة الابطال الى مرحلة الانسان , أى من الصيد والقنص 

الزعى" الى الاقطاع الى الرأسمالية وأخير! الى الاشتراكية ٠‏ ولم ندرس , 
فلسفة التاريخ فى جامعاتنا الا كمادة اضافية دون أن نصوم قانونا لها .. 
ودون أن نراجع أحكام الغرب على الشرق أو نراجع ابن خلدون فى :تصور: 
للدورة والسقوط ونحن فى عصر النهضة("؟) ٠‏ 


 '‏ تجنيد الجماهير ضد السلبية واللامبالاة ٠‏ وهذه قضية قد الاتبدو 
فلسفية فى ظاهرها , الا أنها فى حقيقة الأمر قضية فلسفية بالأصالة ٠‏ 
فنالفكرة ليست تصورا فارغا بل قدرة على تحريك الناس » والا فلماذا انضم 
الشباب الى الماركسية ووجدوا فيها وحدة النظر والعمل ٠‏ ليس المفكر فكره 
فقط بل جمهوره ٠‏ وليس نظرياته فقط بل أمته التى يتحدث اليها ويعمل من : 
أجلها ٠‏ ولطالما اشتكينا فى واقعنا المعاصى من سلبية الجماهير » وعدم 
تحريكها , وعزلة المثقفين عنها ٠‏ لقد قاد موسى أمته الى الخارج + وقاد. 
محمد آمته الى الداخل , وكان المفكرون قى الغرب وراء التاريخ والسياسة : 
أرسطو والاسكندر ٠‏ غاريبالدى وماتزينى ٠‏ هيجل وبسمارك ٠‏ فولتير والثورة.. 
الفرنسية ٠‏ .وابن خلدون وتيمورلنك , ولطالما تحدث القلاسفة عن « ثورة 
الجماهير » ( أورتيجا أى جأسيه ) ٠‏ 





50 أنظر كتابنا : لسنم ؛ تربية الجنس البشرى , القاهرة , لالا١١‏ ,2 
بيروت 9941 ٠‏ 


-8شقا 
سايعا ب خاتمة : 


لا يعنى الفيلسوف عندنا اذن صاحب المنصب الشامخ بمعنى كانط 
وهيجل ٠‏ فهذه المذاهب قد نشأت فى ظروف خاصة » ويعد تعرية العالم 
من أغطيته النظرية الموروثة ٠‏ اننا للم نمر بعد فى هذه الظروف » ولم 
تحدث: عندنا بعد عملية التعرية المشار اليها ٠‏ ولا يعنى الفيلسوف عندنا » 
مرة أخرئ ', من يتساغل عن معانى الحياة والوجود الانسانى كما هو الحال 
فئ الفلسفة المعاصرة ٠‏ فقد نشا ذلك فى الغرب بعد أن احتوت المذاهب حياة 
الانسان واعتبرته جِرْءا من كل » ترسا فى آلة كبيرة ٠‏ ولميست هذه قضية 
الانسان عندنا ٠‏ قضيتنا غياب الانسان كله 2 ومازلنا ندرس «١‏ الله » عند 
الكندى والفارابى واين سينا ٠‏ ليس الفيلسوف كل من ادعى رأيا أي من 
صاغ نظرية من ابداعه أو تقليدا للاخرين : قدماء أى محدثين ٠‏ فالآراء 
الأصيلة لا يمكن أن توجد لأن الغطاء النظرى الموروث مازال واردا » والغطاء 
النظزى الحديث مزاحم له ٠‏ ولا يوجد الرأى الأصيل الا عند بعض الفتّات 
القليلة خاصة فى المجال العلمى والتقنى والفنى ٠‏ ولكن النملة لا تزاحم 
فيلا » والفار لا يزحزح أسدا ٠‏ وعادة مايكون أصحاب الموقف دعاة ظهور ,2 
وأصحاب بطولات فردية ٠‏ وليس فى الموقف نزال ؛ لكنه يتجاوز مبارزة 
الشجعان ٠‏ 


الفيلسوف هو صاحب الموقف الحضارى الذى يأخذ موقفا من التراث 
القديم ويأخذ موقفا نقديا من الموروث حتى يزحزح الغطاء النظري القديم من 
أجل تنظير “آخر ٠‏ آخذا العقل والطبيعة كمحورين في العلم الجديد 
الفيلسوف كل من يأخذ موقفا من التراث الغربى رادا اياه الى داخل حدوده 
الطبيعية » محجما اياه بعد أن ظهر على امتداد مائتى عام خطورة وضمع 
نقل جديد فوق نقل قديم , اذا ازداد العقل المعاصر دقلا فوق ثقل » وأصبح 
لا فزق هناك بين من يقول : قال ابن تيميه وبين من يقول : قال كارل ماركس, 
أاى بين هن يقول : قال الله والرسول وبين من يقول : قال ديكارت وكانط ٠‏ 
الفيلسوف كل من يحاول التنظير المباشر للواقع محاولا التعرف على 
مكوناته » مبدعا , دارسا الأشياء ؛ محللا للظواهر قدر الامكان 2 قاصدا 
الى الأشياء ذاتها , متخليا عن المنقول الى المعقول , وواصيلا الى المعقول 
من المشاهدة والحس والتجربة ٠‏ انه كل من يحاول سبر غور الواقع محصيا 


دساذغة هه 


اياه » عدا عدا , فلا فكر الا من واقبع ولا ثقافة الا من شعب. ٠‏ الفيلسوف 
اذن هي صاحب.الموقف الحضارى فى أحد أبعاده الثلاثة أى فيها كلها » فهئ. 
مترابطة فيما. بينها ٠.‏ والموقف .من التراث القديم محاولة .للمساهمة قى ‏ حل 
أزمة العصر كما يفرضها الواقع مع التقليل عن.. مخاطر. الغسوٌو-الثقافى . 
الغربى ٠‏ والموقفب من التراث. الغريى هى فى ذفس: الوقت تحرين: للذهن من. 
الذقل وافساح المجال. للابياع الذاتى التزاما بقضايا الواقع:.. واكتشافا. 
التواصل التاريخى بين الماضى والحاضر ٠‏ وعودة للتراث القديم يعد أن 
تمت أزاحته جانبا فى منافسة غير متكافئة الأطراف ٠‏ والموقف من الواقع 
هى فى حقيقة الأمر موقف من التراثين : القديم والجديد ٠‏ واللذين مازالا 
يفعلان فيه 2 ويفرضان معلوماتهما عليه ٠‏ 


بدون هذا الموقف الحضارى ستظل الفلسفة فى جامعاتنا ومعاهدنا 
ذباتا بلا غرس , هواء بلا طير , كتابة بلا مداد ٠‏ وسنظل نعانى مانعانى 
دنه اليوم من ضدياع وتشتيت وبكاء على غياب الفلاسفة وتحسر على الطلاب٠‏ 
الفلسفة مشروع قومى حضارى وليست مجرد مادة علمية مقررة 2 لها 
كتاب محفوظ , وأسستاذ ملقن , وطالب يستذكر ٠‏ وشهادة تعطى 2٠‏ ووظيفة 
تؤهذ آحل قضية المعاش وكسب القوت ٠‏ وهى ليست مصطلحات مهنية 
ومذاهب مستغلقة يشعر الاستاذ أمامها بالزهىو والطالب بالرهبة والقراء 
بالعظمة ٠‏ الفاسفة نبع من موقف حضارى محدد , تساهم فى صنع ذهضته 
وفى تحديد معالم مرحلة تاريخية يمر بها مجتمع ما ٠‏ هى القدرة على 
التعرف على اللحظة الحالية 2 وقراءة روح العصر , والاحساس بالموقف 
الحضارى ؛ والا كانت لا زمان لها ولا مكان 2 أسطورة وغيب 2 ولظثلت 
الماركسية كتحليل للتاريخ ولحركات الشعوب نقطة جذب لوعي الأمة : 
وبالتالى الوقوع فى مزيد من التغريب ٠‏ 


هذا ليس بحثا فى السياسة بل هو بحث فى الفلسفة , لا يعطى توجيهات 
عملية بل يعطى تأصيلات نظرية من خلال الموقف الحضارى لجيلنا ٠‏ لا يهدف 
الى معارضة نظم قائمة أو احداث تغيير أو انقلاب انما يبحث فى أزمة 
الفاسفة فى عالمنا العريى اليوم : لماذ! هى فى واد وواقعنا فى وأد ؟ ولماذا 
ظلت أحوالنا الثقافية , بالرغم من عشرات أقسام الفلسفة فى جامعاتنا , 
دراسات فلسفية 


0 


على ماهى عليه ؟ لماذا لم تؤش كتاباتنا الفكرية بعد فى حياتنا القومية ؟ 
قد يكون. هذا البحث اشبه بالصراخ أو الخطاية ولكن الفرسفة ليست مفاهيم 
أي..ألفاظا: يعاب: عليها. التجريد زإنها فلسفة أى لا طائل: تحتها ولا نفع 
منها * قد لا يحتوى هذا البحث الا على عموميات يعرفها الجميع ٠‏ وكررناها 
منذ. عدة لأجيالل: ٠‏ وقد يكون فيه نوع من اتهام الذات » وتعديب النفس 2 
ولكنه يبقى على أية حال صراخ: يوحنا المغمدان على تلال عمان ٠‏ 


التراث والنهضة الحضارية 


اذا كا الغرب قد أعطىٍ انموذج النهضة على أنقسياضٍ إلتراث فان 
المجتمعات غير الأوربية تعطى النموذج الآخر للنهضدة على أكتاف الترّاث».” 
.وتكون البشرية أمام نموذجين : الانقطاع أو التواصل ٠‏ .واذ! كان الغرب 
قد حقق أبداعه الفكرى الذاتى ابتداء من هدم التراث فان الشعوب غير 
الأوربية تحقق ابداعها الفكرى الذاتى ابتداء من تجديد التراث ٠‏ 


وقد يرجع التباين بين النموذجين الى. رصيد الشعوب. التاريخى .٠‏ اذ 
بذأت النهضة الأوربية بقبائل الجرمان والقوط ولم يكن لها عمق تاريخئ” ٠‏ 
وبدأت بهدم التراث اليونانى الرومانى أو التراث اليهودى المشيحى. وهى 
تشعر أنها لا تجد هويتها فيه فعادت الى بيئتها الأوربية الطبيعية للتحرر 
من سديادة. القدماء ٠‏ لم يج الفرنسيون والجرمان والبريطانيون أنفسهم فى 
حضارة اليونان والرومان التى. ابتلعت المسيحية والتى كانت اليهودية قد 
ابتلعتها من قبل , فخرجوا عنها الى طباتعهم الخاصة ٠‏ أما الشعوب غير 
الأوربية فى آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية فانها شعوب تاريخية ؛ لها رصصيد 
فى العمل التاريخى بالرغم من مؤامرة الصصمت التى لحقت به فى الدراسات 
الاجتماءية والتاريخية فى الغرب ٠‏ فهى صساحبة تراث تجد فيه هويتها 2 
وتتحدد به وتتمثله ٠‏ يحدد تصوراتها للعالم » ويءطيها موجهات للسلوك ٠‏ 
اذا ما اراد الغرب السيطرة عليها ابان المد الاستعمارى الحديث بدا بالسنيطرة 
عليه ٠‏ وأذا أرادت هى نفسها أن تتحرر من سيطرة الاستعمار بدات يتحرير 
ترائها اولا حتى تحقق شروط التحرر » بتخليص روحها قبل أرضها ٠‏ ش 


كان من الطبيغى اذن أن يظهر هذان النموذجان للتراث والنهضة 
الحضارية النموذج الغربّى فى الانقطاع والنموذج اللاغربى فى التواصل , 


ما 


ألقى هذا البحث فى مؤتمر «١‏ الابداع الفكرى الذاثى فى الآمة العنرنية. 
الذى نظمته جامعة الأمم المتحدة بالاشتراك مع جامعة الكويت فى أكتوير ١98٠‏ فى 
اطار مشروع ٠‏ البدائل الاجتماعية الثقافية التنمية فى عالم نذتغير » ٠‏ 


- 65١ ل‎ 


الآة6د 


أدعاء الغرب ب بأنه وحده الذى اكتشف اأزمان والتاريخ ذ فى افلسفة التاريخ 3 
ريع غير / من الشعوب فى مرحلة ماقبل التاريخ ! 


00 أو لا.: التراث الذائئ : 


الثراث الذاتى هى مايصل الى شعب ها مما خلفه القدماء. , وتتوارثه 
الأجيال » ويددث لتذيارات عامة واتجاهات ومدارس فكرية ويؤثر فى سلوك 
الناس ..٠‏ وهى:مسئولية تاريخية تتحملها الأجيال فتواصل تاريخها. أو تتركها 
فتنقطع. جذورها: فتذوب .فى :ثقافات مغايرة ؤالفعل اللاتينى 1066 


.وتعنى بالتراث هنا .التراث « الاسلامى » فهى الأعم والأشمل من التراث 
0 العربى أبدعه العرب وغير العرب. .. ومكتوب باللغة العربية وباللغات 
الاسلامية ٠.‏ والقرآن مكتوب يلغة العرب ولكن الاسلام لكافة الشعوب »2 
والحضارة اسلامية 2 والعلوم اسلامية ٠‏ 


: الأصالة والخصوصية‎ )0١ 


ش واهم. إمايْمين التراث الذاتى الأصالة والخصوصية ٠‏ فالاصالة تعنى 
الآنا”. فى مقابل الآخز : والمألوف همد الغزيب ٠‏ والقريب فى مواجهة البعيد , 
والمحلّئ كمائع للمستورد ٠‏ تعنى الأصالة الذاتى فى مقابل العرضى , 
والطبيعئ فى مواجيْسة المضطنع » و « الجوائى » صَند « البرانى » ٠‏ 
اما الخصوصية فتعنى نوعية التراث وسماته المميزة ونموذجه الأوحد وقانونه 
الخاص ليس فى مقابل . الشمول والعمومية ولكن فى مقابل فقدان النوعية 
والذوبان' فى خصوصية أخرى ترعى أنها الخصوصية الشاملة ٠‏ وهو 
التقابل الذى وضيعه كانط فى وصفه للارادة بين الذاتى 211011 
والغيرى . 10631175 


) أ ( جذور انثراث : 


وللتراث جذور فى وحجدان الشهءب ٠.‏ فهو تأكيد للأنا ضد الآخر 


- #3 


واثبات للذات فى مقابل الغير ٠‏ ولما كان التزاث معاشا فى وجدان الناس 
فان. جذوره تعطيهم عمقا تاريخيا قد يصل أحيانا الى بدء الخليقة وذهايتها , 
وقد يتجاوزها الى ماقبل العالم::ؤما بعده ٠‏ يعطى التراث: للشعب رؤية 
تاريخية تجعله يضع نصب عينيه الزمان كله فى لحظة واحدة ٠‏ ويصل فيها 
بعد:النظر الى رؤية :العالم كنقطة هندسية:مجردة: بلا زمان ولا مكان ٠‏ يمتد 
التزاث بجذوره.فى: وجدان الشعب ويعطيه الآتى : 


-١‏ الأصيالة ضدد التذويب. والتفيع والاغتراب خاصة اذا ماتمت. 
محاصرة الذات بالآخر كما حدث فى ايران قبل الثورة ٠‏ التراث-هو: الخارس 
للذات » ولدعدب وجودها وبقائها 2 والضامن لأمذها ضصد أخطار الغير ٠‏ والذات 
بلا تراث تتحول الى الغير المجرد ٠‏ 


" ب العمق. التاريخى ضد نقل الحضضنارات واستيرادها 2 وملا 
الشهور القومى -بحيث لا- يكون : فارغا تصب فيه حخسارات الغير , والرد” 
المستمر على الغزو. الثقافى الخارجى باعتبارها جسما غريبا على التراث 
القومى كما هو :.الحال فى. السلفية. ٠‏ 


7" كما تمتد جذور التراث فى الماضى فانها أيضا تورق فى الحاضر ,2 
فما. الحاضر الا.تراكم للماضى وظهور له ٠‏ ومن دم فلا حل لمشاكل الحاضر 
حلا جذريا: الا بالرجوع الى جذورها فى الماضى ٠‏ ولا سبيل للقضاء". على 
عقبات التنمية ( عدم اشتراك الجماهير مثلا ) الا باجتثاث جذورها فى 
التراث *٠‏ 


وترسيخ مكتسبات. الثورات 'الوطنية مثلا » الاصصسلاح الزراعى : الملكية 
الجماعية للارض 0 العمل.وحدة كاأاساس للقيمة 2 النضال ٠» ٠‏ اللخ ٠‏ 


كه الاستمرارية التاريخية والتجانس فى الزمان ووحدة الشخصية 
الوطذية وعدم وجود مستويات متجاورة منفصلة فى الشعور الوطنئى كما هو. 
الحال ‏ فى تركيا. ( اسلام فى العمق وتحديث فى السطح ) أو فى بولئدا 
( كاثوليكية فى العمق وماركسية فى. السطح ‏ ) ٠‏ 


ب 46 ب-.. 


2 الحفاظ على خصوصية الشعوب ونوعيتها. والقضاء على نمطية 
التنبية .وأحادية النموذج الأوربى ٠‏ التنمية الاقتصادية. أساسا- والتنمية: 
البشرية فرعا وغياب التنمية الحضارية كلية ٠‏ 


تبساين الشعوب » وتعدد النماذج ٠‏ ووضعها كلها على قدم 
المساواة التاريخية من حيث اسهاماتها فى تطور البشرية دون الوقوع فى 
ذظرية المركز والاطراف ( الغرب بالنسبة للشعوب غير الأوربية ) ٠‏ وهنا 
يتم . الإثراء المتبادل . ونهاية الأثر الغربى. من المركز الى الأطراف ذى 
الاتجاه الواحد ٠‏ 


(ب) مادة القراث : 


.. والتراث هو الابداع الفكرى الذاتى للشعوب. ابتداء من. معطيات تكون 

فى الغالب دينية. ثم تتحول . بالتدِريج الى .«دضارية بعد عمليات تمثل 
الحضارات. .المجاورة ؛ وتفسير هذه المعطيات. واعمال العقل فيها بديث نتم 
اعادة صدياغتها فى منظور انسانى طبيعئ.:٠.‏ وبالتالى كانت مادة: التراث 
على النمو الآتى : 


٠١‏ الكتب المقدسة فى ديانات التوحيد .الشثلاث التى خرجت من: 
العربية. والأوردية أو الفدنتا والأويانيشاد وكتلاب ً» التغيرات 0 وغيرها فى 
مكتوبا بل انها كانت فى البداية تراث شفاهى يتناقلها الناس وتتوارثه 
الأجيال ..أضافت عليها. من خدراتها سؤاء داخل النصوص الأولى بتفسيرها 
أو .ناضافة نصوص جديدة من خارجها ٠‏ مازال النثاس يستشهدون بها 
ودبتذذون أوامرها وثنواهيها كمعايير مطلقة للسلوك 8 


العلوم. الدينية أى كما يسميها القدماء العلوم النقلية التى بدات 
الشءعوب مناهج البحث 2 ووضسدت :طرقها الخاصة اللتعليم وقصورها للعلم ٠‏ 


88د 
فقد.نشا « النقد التاريخى » عند القدماء بدافع من الحرصن غلى صحة : 
النصوص ٠‏ :وتم وضع « مناهج الرواية .» لتحويل التزاث -الشفاهى الى تراغ: 
مكتوب .- وهى علوم أقرب الى التقديس والاحترام وأقرب الى الايمان الديذنى 
منها. الى البحث الأكاديمى الصرف ٠‏ فكتب الحديث مثل «البخارى» تقراً عباذة: 
للتبزك ولدر؟ الأخطان وجاب.المنافع ٠‏ وكتب التفسير مثل «الطنرى» تحظئ ”من 
الاحترام قدرا لا. يسمح: بالمناقشة والخوار. ٠‏ وكتاب « الام » للشنافعى أى 
«:موطأ » الامام مالك أى. « مسند..» الامام بن: حنبل مواطن للتضديق ٠‏ ومضادن 
للمعرفة ٠‏ وسيرة « ابن هشام »“تتحد بشخض النبئ ولا يجون: المساس 
بها ٠‏ مقولة « المقدس » اذن هى لب التراث وأى تنحية لا تأخذ فى الاعتبار 
هنآ المركرٌ وأى “نوضة تحناول” تجاوز هذه المقولةٌ لاا تحدث أى تغيير 


والعلوم الفلسفية كما يسميها القدماء العلوم النقلية العقلية التى تجمع 

بين التقديس والتعقيل مثل علم أصول الدين » وعلم أصول الفقه , وعلوم 
الحكمة من متطق وطبيقيات والفيات' وعلوم التصوف وتهذيب الأخلاق 
مازالت علوما تعيش قَى قلوب الناس' ٠‏ يستشهدون بها ٠‏ ويقرؤون أعمالها ٠‏ ش 
تسرى مقولاتها وتوجيهاتها فى حياتهم الخاصة والعآمة » ويحتفظون بها فى 
بيوتهم » بركة ورحمة ' فالعقائد الاسلامية وعلى رآسها التوحيد ٠‏ والقدر 
والنبوة والايمان والآخرة ٠‏ تقوم فى قلوب الناس بوظيفة الايديولوجية 
السياسية التى تحدد تصورهم للعلم ؟ وتعطيهم موجهات للسلوك ٠‏ وعلم 
أصول الفقه هو الذى يحدد لهم كيفية العبادات وطرق المعاملات ». ومقاييس 
السلوك من حلال وحرام ٠.وعلوم‏ الحدكمة هى التى امدتهم: بان. الفضائل 
النظرية أعلئ من الفضائل العملية ٠‏ وبان المعرفة تتم .اشراقا من الله .فى 
النفس وأن العلم هو العلم اللدنى ».وبان الطبيعة مخلوقة من الله يفعل. فيها 
مايشاء ٠.‏ وبأن الله والنبى والفيلسوف والرئيس والأمير والامام,شخص واحد * 
كامل الأرصاف , تجب له الطاعة المطلقة ٠‏ وعلوم التصوف هئ الثى وجهتهم 
نحو الخلاص من العالم والقرار مثه الى الله والى تمثل القيم السلبية مثل 
التوكل :الصير - والرضدا والقناءة. .. وحالاث النفس مثل الخوف والخشية 
والرهبية ٠‏ 


“- ومنها. العلوم:: العقلية :الخالصة. عنواء. منها مثل الندفساب والجبر 


2 اال 5 


والهندسة والفلك والموسيقى والضوء أو الطبيعية مثل الكيميساء والطبيعة 
والطب والأدوية. وهى التى لم تؤّثر فى حياة الناس أو فى ثقافتهم ولم يرثها 
النهضة , طورها وأكملها ودخلت فى علمه الحديث وتطبيقاته التى تنقلها 
الشعوب غير الأوربية الآن ومنها الشعوب العربية والاسلامية التى بداتها 
أولا ٠‏ ومنها العلوم الانسانية مثل علوم اللغة والأدب التى انتشى .البعضن 
الغرب يطورها ويكملها علماءٍ الغرب المحدثون .٠‏ 


؟ ب الأمثال العامية , والأدب الشعبى ٠‏ وكتب السير والملاحم التى 
مازالت الشعوب تستشهد بها وتاخذ منها معايير للسلوك ونماذج لحياة. 
البطولة والوفاء يسمعها الئاس سماعهم للقرآن 2 ويهتزون للاثنين اعجايا 
وطريا 


مادة التراث اذن مادة سمعية أكثر منها مادة مرئية » تعتمد على الأذن 
وليس على العين ٠‏ ومن هنا أتت خبرة الأجيال والتواصل مع الماضى , 
والعهدش مع < تجارب الأم »© * 


(ه) تجارب الشهعوب : 


لما كان التراث حيا. فى قلوب الناس فانه اختلط يتج اربهم الفردية 
والاجتماعية ٠‏ وخبراتهم. التاريخية فى السلم والحرب » فى المجاعة والثراء, 
وفى الهزيمة والانتصار ٠‏ وأصبح من الصعب التمييز بين ماياتى من التراث 
الماتوب والتراث: الحى لالشغوب ٠‏ حدث ذلك فى العهد القديمة خاصة ثم 
فى العهد: الجديد بصورة أقل » وحدث أيضا فى الحديث وفى العلوم الدينية 
وان لم يحدث فى القرآن نظر! لعدم مروره بفترة شفاهية ٠‏ وتدوينه مباشرة 
فى لحظة الاعلان ٠٠‏ 


وها التقابل بين التراث المكتوب وتجارب الشعوب طبيعى ٠‏ فالمغطئى 
الدينى ذاقه كان نذيجة اتجارب الأهم وحصيلة رسالات الأنبياء ٠‏ والاسلام 
بالنسية للامة العربية يمثل دين الطبيعة والفطرة ٠‏ ومن ثم ضعب التمييز 


ب 077 له 


على شعوب. المنطقة العربية بين أكثر. الشعوب تديذا وأقل الشغوب تدينا ٠‏ 
الأول يخرج. من الدين والثانى يخرج من الطبيعة ٠‏ وهما فى واقع الأمر 
شىء. واجد لدى الأمة ١‏ وتؤيد. ذلك النصوص الدينية مثل. « صبغة: الله ومن 

أحسن من الله صبغة » 5 : ١18‏ ) أو « فطرة الله التى. فطر التاسن عليها 
لا تبديل لخلق الله » ( "٠١ : ٠١‏ ) كما تثبتها الأمثال العامية مثل « اللى عاوزه 
البيت يحرم على الجامم » ٠‏ 


" ل تفسسير القراث : 


ومن هنا كان تفسير التراث شرط النهضة الحضارية ٠‏ فكل. تراث 
يحتوى على اشتباه يفيد الضدين » ويحتوى على امعنيين المتناقضين سواء. 
فى التراث الدينى المكتوب أو فى التراث الشعبى أو فى تجبارب الأمم 
والشعوب ٠‏ ونظرية التفسير لدى شعوب المنطقة تعادل نظرية المعرفة فى 
الحضارة الغربية ٠‏ 


1 ) مناهحج التفسير : 


.يحدث التفسير بعدة مناهج هى فى حقيقة الأمر طرق لاشعورية أولا: 


١‏ قراءة الحاضر .فى الماضى ٠‏ وليس للتراث معانى موضوعية فى 
نصوحيه أو فى تجاربه بل مجرد حامل تسقط عليه الاحتياجات الحالية ٠‏ 
وحقيقة المعنى هو مقدار مايثيره الخاضر فئى: الماضى ٠‏ فاذا كانت احتياجات 
الفغصر وعطالبه الحرية والعدالة فاننا لا نفهم من: نصوص التراث الا ماسذ 
هذه الاحتياجات مثل .قول. عمر « لماذا استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم 
أحرارا » أو القول المأثور « العدل أساس الحكم » ٠‏ ويحدث الانقطاع عن 
الماضئى اذا ماظن الناس والمفكرؤن أن التراث يحتوى على مهمعانى فى ذاقهة 
يتم. اخراجها بصرف النظر عن الاحتياجات ٠‏ فيظل التراث هائما فى الأذهان: 
لا يجد.له مستقرا ».ولا يحقق. مطلبا  ٠‏ وهذا- هو اشكال الذاتية والموضوعية ٠‏ 


 "‏ الانتقاء من التراث مايمقق مصالح الأغلبية ٠‏ فالتراث به .كل 


سا 8# ده 


شىء ., ويحتوى على ,الشىء ونقيضه. :..ومن ثم فرضت احتياجات. العصر: نفسها 
احتاج العصر العلمية ظهر . التراث..العلمى »:و.اذا أجتاج العغصمر. للايديولودية” 
السياسية ظهر .التراث السياسى ٠.‏ 


١ل‏ الاختيار بين البدائل » واعادة الاختيار طبقا: لاإحتياجات العصص. : 
فقد قدم التراث بدائل كثيرة ٠‏ العقل والذوق ٠‏ العبادة والمعاملة , العقل 
والنقل » النظر والعمل ٠»‏ التنزيه والتشبيه , الجبن والاختيساز , التنزيل 
والتثويل ٠‏ كما قدم التراث اتجاهات مختلفة : سنة وشيعة . أشاعرة 
ومعتزلة. * مرجئة: وخوارج © ؤكل اتجاه يمثل اختيارا ستياسيا”٠‏ وما كانت 
ظرؤف -العصتز قد تغيرّت فان اعادة الاختيان ين البذائل * وعرّضها: كلها: 


منن “جديد. أعنام الوه القومنى يقضى على | أحازية. الطرف . وسَيادة تيار وتكفيز 
التيارات ‏ الأخرى*" ّْ 


ريم سلديات التراث : 


لما كانت احتياجات العصر ممحددة تعير عن حركة التاريخ وكانت فى 
نفس الوقت. .مقياسا.. للانتقاء.واختيار بين البدائل .فان كل . ماتختاره يكون 
ايجابيا وكل ماتتركه_يكون سلبيا. ٠‏ فايجابيات.التراث.وسلبياته ليسيت. مطلقة 
بل تحددها اختيارات كل عصر » وتتغير طبقا لمتطنئبات الأآجيال ٠‏ وبالنسية 
لجيلنا فانه يمكن .تحديد. يعض هذه. السلبيات كالاتى -: ب 


١‏ سيادة التصور التسلطى للعالم المتمركز حول الواحد. ٠‏ الذى. 
يعلم كل شىء ويقدر على .كل . شىء. ٠‏ ويظهر ذلك بوجه. خاص فى . العقسائد 
« الأشعرية » التى ورثتها الأجيال أكثر من ألف عام وأصبحت جزءا من روج 
الآمة .والذى أصبح عنوانا «.للطغيان الشرقى » ٠‏ ويظهر. ذلك أيضا فى 
الواحد الحر ..والمسيطر على كل ماسواة وما.ينتج عنه من قدرية .٠‏ ويدتمثل 
ذلك أيضا فى احتياج العالم اليه فى صورة نبوة تهدى العقل وتكمله وتعصمه. 
من الخطا , وايمان.به يجعل العمل فى المرتدة. الثانية. » وانكار مغائية الطبيعة 
وقوانينها » وتجاوز هذا العالم الى ماوراءه ٠‏ هذا التصور المركزى الواحد 
للغالم ليس سلبيا « فى ذاته » فقد استخدنته الصنين لصالح الثورة ٠‏ ولكنه 


35 ب 


حتى الآن يمثل عنصرا سلبيا. فى التراث بالنسبة للامة العربية ٠‏ ويمثل 
بالنسية انا أشكال الحرية(١) ٠‏ 
سيادة المعرفة النصية وهو مايسمى بأولوية النقل على العقل 1 أى 
بالقول بالمأثور دون المعقول بأ .يأهل |الأثر فى مقابل أهل الرأى حتى .غابيت 
المعرفة العقلية أو المسدّمدة من الواقمع. المباشي أو .من استقراء حيوادث التاريخ 
حتى قال أحد الشعراء المعاصرين «واحتمى آبوك بالنصوصء فجاء اللصوص» 
وهو مايسمى أيضا بسبيادة الفقه الافتراضى ., وتحكيم . النص فى الواقع وليس 
تفسير النص طبقا للواقع ٠‏ وهو مايسمى .« الحرفية » التى تقتل « الروج + 
والشكل الذي يقضى على المضمون ٠‏ وبالنسية. للتراث الشكل هو اللفة 
والمضمون هى حياة الناس وواقعهم ٠‏ 


؟ ‏ المنطق الصورى الذى تغلب عليه أشكال القياس وصور القكر 
كما هى الحال فى منطق القضايا ٠‏ وغياب. منطق الواقع ٠‏ وحول التاريخ 
وقوانين الصراع ٠‏ صحيح أن علماء الأصول من متكلمين وفقهاء قد فقدوا 
المنطق الأرسطى ووضمعوا منطقا تجريبيا حسيا ومنطقا ٠‏ عمليا :للسلوك كما 
فقد حكماء الاشراق المنطق الصورى وضعو! قواعد للمنطق الاشراقى ومع 
ذلك غاب: منطق التاريخ باستثناء "اين خلدون”- 


.4 ب التصور الثنائى للعلم الذى ظهر-فئ علوم الحكمة". وقسمة العالم 
لي: أول .وآخر . صورة ومادة » :عقل. وحس. »؛ .مطلق ونسبى ٠١‏ .باق 
فان ٠٠2‏ الخ : وظهور هذه الثنائية فى الطبيعيات : تخلخل وتكاتف .. زمان.: 
ومكان 2 جوهر وعرض ؛» كيف وكم ٠٠‏ الخ ٠‏ وظهورها أيضا فى الأخلاق: : 
خير وشر ١‏ ملاك وشيطان » جنة ونار » ايمان وكفر » ثواب وعقاب 2٠‏ رجل 

واهرأة ٠‏ وقد أغطت هذه الذنائيات الطرف الأول كل شىء وسلبت من الطرف 
الثانى كل شىء * فعاشت ت الأمة فى هالم سلبى بلا قيمة » غير موجود بذاته 


يستمد وجوده من غيرة ٠‏ 


.' ِ) 6 أذظر مقامنا 010 الجذور التاريخية لأزمة الحرية والديموقراطية “في وجدائنا 
المعاصر 3 المستقبل العربى ' يناير 5/6 ٠‏ 


د ١ا-‏ 


:. ,0 ل سيادة الفضائل. النظرية على الفضائل العملية 2. وجعل التامل 
أعلى قيمة من العمل , والحكيم أفضل من العامل ٠‏ وقد ورت التاسن هذا 
الاختيار منشا أفضلية الجامعات على المعاهد العليا والمدارس الفنية » وقيمة 
الأعمال المكتبية على الأعمال 'اليدوية ' 2 وقيمة التنظير والتخطيط واعطاء 
الأوامر.على الانتاج والتنفين ٠‏ وقد ظهر ذلك أيضا فى « المدينة الفاضلة » 
الثى يقبع الملك الفيلسوف على قمتها ٠‏ 


1 سيادة. القيم السلبية التى ظهرت فى علوم التصئؤف كما ما 
الحال فى المقامات مثل: التوكل والرضا والقناعة والضبر والزهذ أو فى 
الأحوال مثل الخؤف 'زالخشية 'والزهبة حتى أصبحت قيما اجتماعية توجه 
سلوك الناس ٠‏ مع أنها نشات فى البداية كرد فعل علئ قيمْ اجتماعية مضنادة: 
مثل التكالب على الدنيا » والتمتع بمباهج الحياة ٠‏ والتنافس والتقاتل على 
السلطة :* كما ظهرت قيم الفناء والفقز والمخو والمحق + ولكنه فناء صدورى 
بلا مضمون ودون نتيجة من أجل اخداث تغيير فى واقع الناس الفعلى ٠‏ 


.(ج). ابجادبات التراث : 


تتمثل شروط الذهضة الحضارية اذن فى.. الخلاص من السلبيات. التى 
استمرت فى وجداذنا القومى أكثر من آلف عام واظهار الايجابيات من كوامن 
الشعور والتى توؤقفت منذ حسم الصبراع.فى القرن الخامس الهجرى لحساب 
السابيات التى تحجسدت فى الأشعرية , فكر الدولة. السنية . والذى ازدوج 
فيما يعد بالتصوف .خاصسة فى فترة الحكم المثسانى ٠‏ وأهم هذه 
الابجابيات هى : 0 

بالرغم من سيادة الاشراق إلا أن العقل استطاع فى أصول الدين, 
خاصية عند المعتزلة أن يكون أساسما للنقل , فاذا تعارضى النقل والعقل يؤؤول 
النقل لدساب العقل , وكما قال الفقهاء « اتفاق العقل الصريح مع النقل 
الصحيح » . ومن يقدح فى العقل يقدح فى النقل لأآن العقل أساس النقل ٠‏ 
ظهر ذلك بوضوح عند المعتزلة ‏ فانتهوا الى التنزيه أى تصور الله كمبدا 
دقلى خالص ولنس كاله لشخص يقبع فى وجداننا القومى كأساس « لعيادة 
الأشخاص » فى حياتنا ٠‏ كما ظهر ذلك فى الفلسفة وتحويل العالم كله الى 


أأاس 


تصور عقلى “خاصة عند ابن .رشد ٠»‏ فالص كمة الأخت. الرضيعة للشريعة: 
المتحدتان. بالطبع 'المتحابتان بالجوهر والعزيزة: على مايقؤل القدماء ٠٠‏ وتخن” 
فى ذهضبتنا الحالية. نصارع-من أجل العقل: وندعى الى العقلانية وكانها تراث 
الغير وليس التراث الذاتى ٠‏ 


؟ ل بالرغم من.جعل. الطريعة فخلوقة من الله :الا أن الغلم: نش للسيطرة 
على قوانين الطبيعة التى سخرها الله لخدمة:- الانسان فكان الفلاسفة القدهاء: 
علماء. طبيعة ؤكيمياء وفلك ورياضة: وطب وصيدلة وفئن نفسن الوقت: متكلمين. 
وفقهاء. وفلاسفة-وآدباء ١.:وظهر‏ أصحاب الطبائع من -المتكلمين: يحللون : الكتؤن 
والطفرة والذرات٠فى:‏ الطبيعة *-ونحن الآن: فى نهقىتنا ٠‏ التحديثة “خاصة:. عن: 
أتضتاز. الغرب :تحاول من جديدالدعوة الى العلم والى الفكر .الطزيعق: »2 . 


اثبات حرية الانسان وخلق أفعاله خاصة عند المعتزلة , وأن له 
قدرة واستطاعة ب وان قاد على الاختيار بما له من عقل وتمييز ,وبما' يتمتع 
به من. تدبر ورؤية ٠‏ والتاكيد: على الغائية والبؤزاعث فى “الحياة ٠‏ واثيتنات 
الصلاح والأصلح وأن الله لا يفعل الا مافيه مصلحة العياد بدلا من العشوائية 
والتشتت والتضارب فى الاتجاهات ٠‏ ام 


بالرغم من اؤلوية: 'اانظر على العمل الا أن قيئة العمل ظهرت ايضا 
في أصؤل الدين خاصة عند المعتؤلة. والخوارج ٠‏ فالمعفل هو "مقينآاشس 
الايمّان , ومن لا عمل “له لا ايمان" له ؛ والعمل هو العمل التصنادق الكامل 'الذئ 
لا يقيبل أنصاف الحلول أو المساومة كما ظهر فى أصُولَ الفقه غلى: أنه”“غايّة 
الشريعة » يتم فى الوقت, على الفور والا كان متراخيا وقضاء ٠‏ .كما ظهر فى 
التصوف على أنه الطريق الى المعرفة » فالأحوال ثمرات" الأعال ‏ ' والدعوة 
الى العمل منتشرة فى الأمثال العامية والأدب الشعبيٍ انتشارها ف نصوص 


الستراث * 


| ه - بالرغم من سيادة بعض القيم السلبية فى التضوف الا أن ظهرت 
به أيضا موضوعات الطاقة والحركة والنشاط ومفاهيم الارتقاء والتكوض 
والتقدم والتأآخر ٠‏ وقد استطاع بعض الصوفية تحريك الجماهير وحشد 
قوى اللمعارضة وتفجير طاقات الناس وتوجههم فى ثورات شعبية عامة 


ااه 


كما. استطاع . «. اقيال ؛ تحويل التصوف الى طاقة حيؤية وحركة فى التاريخ 
توقظ .الأمة. وتبعث نهضتنا ٠‏ المهم هو تغيير.محوره من. الأعلى والأدنى الى 
الأمام والخلف حتى تتحقق الوحدة الشاملة بالفعل بين الواقع والمثال وليس 
فقط عن طريق الخيال ٠‏ 


مما 1 -. اعتيار المصلحة هى أساس الشرع كما وضدح فى علم أصصول الفقه 
وأن ١‏ «ماارآه المسلمون حسن فهى عند الله حسن » وأن « لا .ضنرر ولا ضرار » 
وهى: المبابىء المقررة عند القدماء ٠.‏ فقد قام الشرع: على الحفاظ على مصالح 
الناس: . وهى الضرورات الخنس : الدين + والعقل ٠‏ والحياة . والنسل , 
والمال. ٠‏ وكل ماحافظ عليها فهو شرعى وكل ماهددها فهو غير شرعى. ٠‏ 
والاجتهاب. هو اعمال الجهد للاستدلال ؛ وابداع حلول حديدة فيها الحفاظ 
على المصالح العامة ٠‏ 


١‏ فاذا ها استطاعت الأمة ايقاف سلبيات التراث والاستمران فى ايجابياته 
تحققت شروط النيضة الحضارية من الداخل دون ماحاحة الى ١2‏ الدتقريب »)" 


: سساطة التراث‎ .“١ 


. , والتراث ليس مكتويا .فقط.2 وليس حيا. فى شعور الناس فقط بل يمثل 
سلطة قد تكون أقوى من السلطة السياسية القائمة ٠‏ دخل التراث فى معارك 
تدعيم. السلطة. السياسية كما دخل لتاليب حركات المعارضة ٠‏ وتمثلته أيضا 
مختلف _القوى الاجتماعية. ٠ ٠‏ 


1 التر اث وحركات المعارضة : لما استتب الأمر للدولة الأموية أفرزت 
فكو الساللة أو تراث الأمر | الواقع . فظهرت سلطوية التصور ( وعقسائد 
القضاء والقدر ؛ والايمان بالقول حتى تستكين الناس وترضى بالأمر الواقع , 
فالمفضول أولى من الأفضل ٠‏ وكل شىء فى هذا الكون يدم بمشيئته » فما ششاء 
كان وما. لم يشا لم .يكن. ٠‏ وما كانت الدولة الأموية قد اغتصبت السلطة 
اغتصايا أظهرت د جركات المعارضة كل منها يفرز فكرها وعقائدها لتغير الأمر 
الواقع وكان أبرزهط.. ١‏ 


"0 


١‏ -. الشبيعةالتى. ترى .السلطة. الأموية: مغتصنبة: للخلافة التى ته" 
اغتصصابها قبل ذلك منذ وفاة الرسول ٠‏ وصاغت.عقائدها فى الامام من أجل 
فعالية المعارضة ونجاحها : الألوهية ( الكاريسمية ] ٠‏ العلم الباطنى , 
الغيبة ٠‏ التقية .-العصمة ٠٠“‏ الخ ٠‏ وبهذه العقائد يدقن تجئيد الجماهير 
وطاعة .الامام ونائنه كما اجدث فئ الثورة الايرانية * ْ 


" س. الخواوج..التئ ترى أن: الامامة تكؤن بالاختيان والبيعة لا بالقهر' 
والسيف .والترغيب .والترهيب كما حدث 'فى الدولة الأآمؤية وضاغت عقائد' 
تساعدها على المعارضة مثل العمل الذى لا يتنفصل غن الايمان » الاسلامْ الذى 
لا يتجزا , التنزيه الخالص »2 وجوب الخروج على الدولة 2 الاستشهاد فى 
سبيل الله كما يصدث أحيانا فئ الجماعات الاسلامية المعاصرة ٠‏ , 


ب المغتزلة التى' وجدت فئ الأصؤل الخمسة بناء: عقائذيا للفغازضة :* 
التنزيه فى مقايل التشخيص ؛ والعقل : والحزية ,' والأمر بالمعروف” و التهى 
عن المنكر وكان الهدف من المنزلة بين المنزلتين ايجاد نوع من الوحدة 
الوطنية تضم جميع فئات المعارضة اولكنها معارضة فكرية من خلال الوضع 
القائم وليس خروجا ب بالسيف ٠‏ 
وقد ظهرت معارضة نشطة دون أن تنتج فكرا للمعارضة مثل معارضة 
عض الصوفية ءن طريق النصح والارشاد ٠‏ ومعارضة بعض الفقهاء قيّاما 
بمهمة 'الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وممارسة لوظيفة الحسية ٠‏ 


َه التريث والقوىٍ الاجتماءية 0 وقد وجرت الفهع الاجتماعية فى 


سناعدث على افرازها وصياغتها وتحويلها الى فك رسمي. ملدولة ٠‏ ويمكن 
وصفها كالآتى : 0 


١‏ طبقة الأمراء والحكام أرادت اتزيين مجالسها الشعراء والأدباء 
والفلاسفة والعلمَاء ٠‏ فنشاث الفلسفة والأدب من داخل قصور الأمراء : 
ومنهم من تقلد الوزارة مثل ابن سينا أو تقلد المناصب العليا مثل ابن رشد 
قاضى قضاة قرطبة . ومنهم من كان نجم سيف الدولة الحمداتى مثل الفارايى ٠‏ 


شان 


ومن هنا خبوج اذكر الصفوة 2 فكرا فلسقيا نظزيا وجد فنى الفلسفة الووذانية : 
فلسفة الصفوة أيضا . ع هايريل ٠‏ 


طيقة العلماء والفقهاء والمحدثين , وهم فى غالبهم ينتسبون. الى 
الطريقة المتوسطة ؛ لا يهتمون بتغيير الأوضاع الاجتماعية بل العمل من خلال. 
الأوضاع الموجودة ٠‏ وهو الفكر الرسمى لأهل السنة الذى أصبح فكر الدولة 
والذى منه تمت.صياغة كل علوم التراث والتى. استمرت حتى الآن ٠‏ يغلب 
عايه . الاتزان والهدوء , ويرفض الدخيل على. عكس الفلاسبفة الذين تمثلوا. 
العجمارات .المجاورة ودافجوا عنها ٠‏ 


د عامة النأسى” التي افد نتشر فيها. التصوف والذى تدول فيما بعد الى 
طرق منظمة قادرة على حشد الآلاف ٠‏ ولما كان التصوف حركة استيطان 
ورجوع . الي. الذات وترك العالم. فقد أيدته , الدولة وغذته. بالفكر الرسمى 
الإبعرى ف فكر اسلمة القائم على سلطوية التصور ٠‏ 


نظارا لعدم مستا سه بالأوضاع الاجتماعية والسياسية و الاقتصادية . وكذلك” 
اإستخدم الاسلام 1 الياطن 2 للتاكيد على دور الالهام فى حداة الثاس وأن 
العقل قاصر عن التحليل والفهم ٠‏ وأن كل مشاكل العالم الخارجى انما تجدٍ 
حلها فى « التحول إلى الداخل . ؛ وفى مقولات الايمان والطاعة والرضى ١‏ 


(<) التراث والثورة : التراث نعلمه جميعا والثورة تعيشها أجيالنا 
برف "النطز” عن مزاحلا . : الاضلاح الدينى أى 'النهضة ١1‏ و الشورة فى 
الذهاية » فقد قدمت الشعوب غير الأوربية موضوع الثورة والتحرر الى 
الؤعيّ:الانمنائنى على أساس أنه تجربة عمرها ٠‏ ولما كانت 'شعويا تراثية ثار 
فى ذهنها أشكال التراث والنهضة كمقدمة للثورة ٠‏ الل 


كن وقد حال 2 نك نْ :والمفكرون اعداف التزاث كى يكون ركيْزة للنيضة 
ويمكن اجمالٍ "هذا الاغداد في كلارث: : 


3 8 المراكن » من الواحد الى الكثير ١‏ أ بتعبير: دينى: شائع من 


16س 


الله الى الانسان(؟) حتى يتم تفجير القوى من خلال الفرد ٠‏ فلا يوجذ عصر 
نهضة بلا نزعة انسانية » يسترد فيها الانسان العلم والقدرة والحياة والسمع 
والبصى والكلام والارادة من الله لأن الله « غنى عن العالمين » » جل شاتة ,: 
تعالى الله عما نصف ٠‏ وكل نهضة فى حقيقة الأمن. انما تعنى"“الانتقال عن 
« التمركز حول الله » الى « التمركز حول الانسان , ٠‏ 


؟ - تغيير المحاور , من الأعلى والأدنى الى الأمام والخلف ٠‏ وذلك 
أن الارتقاء والنكوص فى التراث يتمان صعودا وهبوطا كما هو واضّح فى 
ذظرية الفيض عند الفلاسفة وفى. المقامات "عند الصوفية” ٠‏ والشهوبا “في 
نهضتها انما تنتقل من التخلف الى التقدم., فالأعلئ فئ' التراث هو" الثقذم 
فى النهضية ٠‏ والأسفل فى .التراث هو التاخر فى النهضنة' ٠‏ وعلى هذا يتمول ' 
الخلود الى زمان ٠»‏ والزمان الى تاريخ ٠‏ 0202 


؟" ‏ تغيير المستويات اللاهوتية والفقهية والصورية الى مستويات 
شعورية واجتماءية حتى يتم تحليل الظواهر تحليلا انسانها خالصا ٠‏ فالعقائد 
ليست أبذية الهية , والأجكام ليست أوامر أى نواهى الهية » والشرائع: ليست 
مجرد قواذين صورية بل كل. ذلك لله وجود طبيعى فى شعور الفزد: وفى 
علاقاته الاجتماعية ٠‏ وبالتالى كان الانتقال من العلوم الديذية الى العلوم_ 
الانسانية انتقالا ضروريا حتى تتم الحركة من التراث' الى النهضة ٠‏ 


كانيا ب ثراث الغس : 


ولما كان الوعى. الحضارى الذى أنتج التراث الذاتى وعيا متفتحا على , 
الحضارات الأخرى فانه سزعان ماتمثل تراث الغير واخدواة واستعمل لغته 01 
واستعمل أساليبه 2 واستخدم طرقه . وأكمل نقائصه ٠‏ ثم أبدع يُمْناسيته ‏ 
خلقه الذاتى ٠‏ استطاع القدماء احتواء حضارة العقل عند اليونان والديانات 
الشزقية فى فارس » وعلوم الهند ٠‏ 





(؟) أنضر مقالنا : ثيولوجيا أم انتروبولوجيًا فى «نهضة العالم العربى» بالاشتراك ‏ 
دم ال" أنور عبد الملك , د٠١‏ عبد العزيز بلال . بلجيكا 191/7 ( بالفرئسية ) * 


ب ١١‏ ب 


.. أما المصدثون .فانهم فى انفتاح. وعيهم. المحضازى الجديد على تراث 
الغير , التراث. الغوبى » حدثت لديهم:« صدهة الحداثة » ؤخلطوا بين التحديث 
والتغريب :» فكان من الضرورى «“تدجيم. » تراث الغير » وريه ال ى حدودة 
الطريعية داخل بيئْته. المحلية ٠‏ 


: الحداثة والتحديث‎ ١ 


| ا تعنى, الحداثة هنا الانتقال من. التزاث الذاتى الى تراث: الغير ليس على 
مستتو الثقافة بل على مستوى. السلوك .اليومى. والعاداث والتقاليد ٠‏ وهنا يدم 
الخلط, بين المداثة فى. السلوك وتحديث المجتمعات أىتفييز نظمها الاجتماغية” 
وكأن , 0 العمدرية » تعنى . فقط _السلوك المهذتب للأفراد دؤن 5نمية اجتماعية 
شساملة ٠‏ 


0 ]أ) مطاهر الحداثة : 


ؤقب: يدت عند أجيالنا المعاصرة مظاهر الحذاثة لدى الطبقات العليا 
من المجتمع كى تلجق بالعصر وكما حدث فى تركيا بعد الثورة الكمالية وكفا 
حيث فى فصر فى :القرن-الماضى حتى قبيل. الثورة المصرية فى 19107 ٠‏ وقد 
بدت مظاهر .الحذاثة. كا لآثى :: 0 


العيوش على مستوى الانتاج الآلى فى الغرب , والتمتع بالخدمات 
الحديثة واستيراد. أحدث الاختراءعات لتسهيل . رغد العيش ٠‏ وكما. تحدث 
في مجتمعاتنا الصجراوية. الحالية من وجوب أحدث أذواع الاختراعات ‏ الحديثة 
في الغرب ١‏ 
الحداثة فى مظاهر الحياة الخارجية فى العمارة والهندسة.وفى 
العمران بوجه عام من شق الطرق » وتشييد الكبارى العلوية » واقامة الميادين 
والحدائق العامة » والانتقال من عصر « الجمال » الى عصر « الصواريخ » ' 
ونقل انجازات الغير. دون اختراعها ٠‏ ظ 


ماه 
0 


" .ب اليحداثة .في, الثقافة . والاطلاع على آخر صيدات العصر فى 


لات 


الفكر والفن والأدب دون وعى داخلى لتزيين القصور ولحنديث الأندية 
والمجتمعات: فالثقافة ترف ٠‏ والفن سلعة , والأدب من المسنتازمات العغصرية 
وهنا تنشا أقلية من العصريين ؛ احتداد! لثقافة الغير وعاداته وتقالين + 
تكون ذواة النخبة. السدياسية فيما بعد ٠‏ 


.(ب) محاطر الحداثة : 
والحدائة بهذا المعنى لها مخاطر عدة منها : 


٠‏ د تزويج التقدم على السطح وترك التخلف فى العمق وفى تصؤر 
الذاس للغالم .:وكما قال أحد شعرائنا المعاصرين « لبسئا قشرة الحضارة : 
والزوح جاهلية » ٠‏ 


١‏ انقطاع الماغى عن الماضر , وياب اى تطور طبيعي بيتهنا 
مما يسدب فى الحياة العامة تجاورهما المكانى دون أى اأتصال زمانى ٠‏ 
فتشييد الأبنية الحديثة فى مقابل الأبنية القديمة دون تطوير للقديْم ودون 


ربط الجديد به ٠‏ 


 '”‏ توليد المحافظة من أجل الدفاع عن القديم » واحداث تيار: عكسى 
للحد اذة ورفض ماهو قَانْم 1 فمادام القددم كن توقف ثموه بدسببي موائمع 
الجديد فانه لا يبقى أمامه الا التطور الى الوراء ٠‏ ش 


القضاء على خصوصية القديم ونوعيته , والتذكن لها أى الجيل. , 
بها تماها واحلال الشمول محلها ٠‏ وعادة مايكون الشمول الغربى . الذى هي 
فى حقيقة الأمر خصوصية غربية انتشرت خارح حدودها بسبب تقدم الغرب 
السابق لنهضة الشعوب غير الآوزبية بحوالى خمسمائة عام > منذ عصى 


النهوضة الأوربى ٠‏ 


ه -. عنم اللحاق: بالغرب وانتاجه السريع ٠‏ واللهث وراءه ٠‏ فان معدل 
اذقاج الغرب أسر ع بكثير من معدل تمثل الشعوب غير الأوربية له . ٠‏ وهنا 
تحدث « الصدمة الحضارية ؛ ٠‏ مع أن هذا التجديد المستمر يهدف الى ايجاد 


ب كنا هس 


البديل. النخاري فى الوعى الأودي دعلك اسقاط الغطاء الخظارى القديم مدن 


اوري 006 


- تكوين طبقة من «١‏ المستغربين » أى ماسماهم فكرنا المماصر 
« المتأوربين » منعزلة عن جموع الشعب لا أرض لهم :.. يعيشون. فى العواصدم 
الأوربية ويتنقلون بينها 2 وقد يولدون فيها ويموتون بها مثل ملاك الأرض 
الغائبين على مستوى الدولة .٠١‏ 


لاب اثولاء للغرب. : 3 أنها تدور فى فلك الأجنبى .»م وتمثل مراكز 
الأستعمار الثقافى في البلاد ٠‏ هم النخية السياسية و الثقافية والاجتماعية ,2 
أجاذب ومصريون متأوربون ٠‏ وأول هن يجرفهم التيار فى الثورة. الوطنية. 
كمأ حدث فى مصر فى ثورة ٠ ١1157‏ فقد كان « طرد الأجانب » باستمرار 
احدى المطالب الوطذية كما حدث فى ثورة عرابى ٠‏ 


5 دور العذاثة : 


بالرغم من سابيات الحداثة فى مظاهرها ومخاطرها فقد كان لها 


-١‏ تغْليم جيل فئ' التخصصات الدقيقة كان له فاعلية وأثر على حياة 
البلاد فى العمران بوجه عام والحياة الثقافية بوجه خَاص ٠‏ فأنشات المدن' 
الجديدة ٠‏ وأقيمت البنايات الحديثة . ومهدت الطرق 2 وشيدت الكبارى 
والسدود اما لبقايًا من' وطذية أو لخدمة الاقتصان الغربى أو السيطرة علو 
ثرؤآت” البلان::* 0 


" د تعليم: آجيال لاحقة من: الوطنيين أصبح ولاء معظمهم للبلان فاتسدت 
قاعدة الفندين والمتخصصين مما ساعد على إعداد «١‏ البذاء التحتى » البلان: ‏ 
وظلت البلاد فى هذا الصراع بين المتخصص غير الوطنى والمتخصص. 
الوطنى أولا . ثم .بين الوؤطنى غير المتخصص بغد الثورة المصرية وغير 
الوطتى وغيز المتخضخص فى جيلئا هذا ثانيا يعذ احتجاب مصر وظهور طبقة 
من خَيْرَ الوطتتِيْنَ وغيّن المتخصصين » لا اهل خبرة ولا اهل ثقة' ٠‏ 


- 15 


” - كان المتأوربون نافذة لمصسر خاضة وللامة العربية عامة على العالم 
الخارجى ٠‏ فمن خلالها اطلع الوطنيون على مظاهر التقدم الأوربى مما اوحى 
لبعض الحكام جعل مصر « قطعة من أوربا » وكما حاول -الغرب نفس الشىء 
مع ايران قبل الثورة 2.فقد كانوا صحفيين ومفكرين وساسة ؤرخالة » ولكن 
كان معظمهم علماء ومهندسين وفنيين: ٠‏ 


كائوا نافدة للغرب على العالم العربى ٠‏ فاستطاع الغرب أن يرى 
من_خلالهم الشعوب غير الأوزبية سؤاء من خلال كتاباتهم عن شعويهم مصر 
والشام خاصة أو من سلوكهم وتقاليدهم وأحاديثهم عن بلادهم فى الخارج ٠‏ 
فقد. رأى الغربيون صورة. الشعوب غير الأؤربية مجسدة فى أشخاصهم ٠‏ 2 


؟" ‏ القوددث والتغريب : 


والحقيقة أن هذه الحداثة فى سلوك الأفراد لم تنتج أثرا فى تحديث 
المجتمعات تحديثا شاملا نظرا لقيامها على « التغريب » فى الوعى القومى”: 
فالتحديث هى محاولة تغيير المجتمعات على يد «١‏ المحدثين » الذين هم فى 
واقع الأمر ضدحية التغريب فى وعيهم الثقافى والوطنى. * 


(أ) الثقل والاستدعاب : 


يفترض التغريب أن وظيفة الشعوب غير الأوربية هو النقل والاستيعاب 
لابداعات الغرب , وكلما أبدع الغرب لحق غير الأوربى بالنقل دون: التمثل 
أى الفهم أى حتى مجرد التفكير فيما ينقل <٠.‏ وقد أدى ذلك فى الشعوب غير 
الأوربية الى الآتى : 
7 امسون) 
١‏ - الخلط بين العلم والمعرفة وذلك أن العلم شىء والمعارف العلمية 
شىء آخر ٠‏ العلم هو نشأة العلم بناء على تصور علمى للعالم وليس مجموعة 
من المعارف يدملها جاهل بنشاتها ٠‏ ولكذنا لم نعى هذا الخلط لأن وجداننا 
القومى يرى أنه « رب سامع أوعى من مبلغ ». مع أن ذلك فى الاسنتفادة 
والاستعمال وليس فى الابداع ٠‏ .فلا مانع لدى العالم أن يكون ناقلا لآخر 
النظريات فى علوم الذرة ثم يتبرك بال البيت » ويغير.واقعه بالدعاء ٠‏ 


ت7١‎ 


١‏ - تصبور أن التقدم هو استيراد آخر الاختراعات وانجازات 
التكنولوجيا. الحديثة وليس ابداع وسائل للسيطرة. على الطبيعة حتى اضتطرت 
الشعوب غير الأوربية الى انتظار « قطع. الغيار :» لوسائل لم تبدعها ٠‏ ول 
كان . معدل الاختراع أكبر من معدل. النقل تحولت مجتمهعاتنا الى مجتمعات: 
استهلاكية صسرفة لما ينتجه الغرب ٠‏ ويصدر: الغرب ‏ اختزاعاته السابقة الثى' 
مازالت بالنسبة لنا تمثل لحاقا بالتقدم العلمى والتكنولوجى ٠‏ 


القفن 01 النتائج ده دون المقدمات ,2 وقطف الثمار بلا: غرس 2 وحنى ' 
5 ابلا جذور بالرغم من قراءتنا. « أصنلها .ثابت وقرعها فى السهماء: 
١4‏ 56 ) ٠.فالإنجازات‏ العلمية:انما.أتت بعد تطوز طويل للمنظور لعل 
مننذ عصر النهضة فى القرن السادس عشر حتى عصر الاكتشافات العلمية 
فى القرن الماضى ٠‏ وتكنولوجيا هذا القرن ٠.ولكن‏ مجتمعاتنا تحاول أن 
تعيش فى عصر النهضة وأن تقفز الى عصر التكنولوجيا دون أن يحدث 
تطور .طبيعى فئ: منظورها العلمى أى فى تصورها للعالم لأن التاريخ: ومزاحله 
ليس بعد فى وجداننا. القومى ٠‏ 


رب) مخاطر التغريب ؛ 
وقد أدى التغريب اللى عدة مخاطر أهمها : 


-.١‏ التعلم المستمر.وااثتلمذ.على أيدى الغيز الى مالا نهاية , والتهميش 
والترجمة للا نتءعلم حتى يزهق 'الذهن ويضيع الوقت فى الاستيعاب ويتحول 
الذهن الى « متلقى العلم » وليس الى -« مبدع العلم » “ ويصبيح العلم كما 
هائلا بلا كيف » ويغلب على انتاجذا طابع التجميع والعرض نأسم العلم ,2 
ويضَبح العالم هو صاحب العلم الغزير » ويكون أفضل عالم هى العالم 
الموسسوعى 


؟". الما كان معدل الانتاج الغربى أسزع بكثير من معدل الترجمة ,' 
طاات“فترة الترحجمة وااتجميع ولم يتحول دعد الى التأليف والابداع ٠‏ مع 
أن فترة: الترجمة: الأولى لم تستغرق أكثر من مائّة عام وهى القرن الثذانئ - 
الهجرى جاء بعدها التأليف فى 'القرن الثسارث عند الكندى مثلا. ٠‏ ونحدن 


ال ب 


قد بدانا. الترجمة .ة .فى ٠‏ القرن للضي منذث بعذات محمل على وشدحدت اشراف 


تكوين. مركب العظمة. الحضارى. لدى الشعوب الغزبية وفى مقابلها 
مركب النقص الحضارى لدى الشعوب غير الأوربية هادامت العلاقة أحادية 
الطرف . طرف يعطى وطرف يآخذ 2 طرف يبدع ٠‏ وطرف يثئقل 2 وبمرور' 


- ضياع قدرة العقل على التفكير وتحويله الى وظيفة الذاكرة أتى 
التذكر والاستيعاب ٠‏ وبالمتالى نقل قدرات الذكاء » وتختفى محاولات ‏ الابداع 
وينتقل ذلك الموقف الحضارى العام إلى نمط فى. الديأة الثقافية فى التعليم. 
فى المدارس والجامعات حتى فى معاهب, البحث العلمى ٠‏ 


5 خلق طبقة من المتخصصين لنشر العلم: والقيام ‏ باعمال الترجمة 
لراكز الثقافة الممثلة للدول الغربية ٠‏ وتوجيه الرأى العام لدى الشعوب بنوع 
المعلومات المترجمة ‏ ومعظمها عن ماثر النهضة الأوربية ومميزات المدنية 
الحديثة حتى يتحول الوعى القومى من الذات الى الغير :فتتكسب هذه الطبقة,: 
وتحول العلم من رسالة الى منفعة شخصية أو الى وجاهة اجتماعية وسط. 
شعوب فى حاجة الى التعلم والمعرفة ٠‏ 

1 - ويزيد ولاء هذه الطبقة للغير الى جد يقرب من الخيانة الوطنذية 
اذا ما أصيحوا أدوات للغزو الثقافى الأجنبى » ورسلا للاستعمار الثقافى 
وهم على وعى بدورهم ٠‏ فيجرفهم فى. النهاية أقرب تيار للثقافة. الوطنية ٠‏ 


(ه)- طغيان لايع العقلية الغربية : 


نظرا- للكم الهائل' من المنقول من تراث الغير ولانتشار عادة الترجمة 
والتجميع فئى صورة تأليف فان « طابع » الغقلية الغربية سرعان ماينتشر 
فى أذهان الشعوب ٠‏ فالكم المنقول يولد معهكيف الفكر فيفكر المثقفون بمقولات 
الغرب ٠‏ وتطبع أذهانهم بطابع العقلية الغربية التى يمكن توصيفها على 
الذحو الآتى : 


د لاس 


١‏ التجزئة والتقسيم والتفتيت بدعوى التحليل والدقة العلمية لرؤية 
المتناهى ف ىالصغر حتى استحالت رؤية الكل الشامل .٠‏ فأصبح المثقفون لديذا 
بدعوى « المذهج التحليلى » قصيرى النظر لا يتجاوزون التخددص الدقيق 
فى حياتهم العامة. » وفقدو! المنظور التارييتخى: ». والبعد" الحضارى للعلم ٠‏ 
وقد حدث ذلك فى الغرب خاصة كرد فعل على الشمول الكنسئ الأرسطلى 
ومذاهب الفلسفة فى العصر الوسيط والفكر الموسوعى(؟) ٠-‏ 


؟" ‏ الوقوع فى المتعارضات المفتعلة والتناقضات الوهمية والاتجاهات 
المتضاربة التئ ينفى أحدهما الآخر. مثل العقل والحس ٠‏ المثالمية والواقدية 
الصورية والمادية , العقل والعاطفة , الفردية والاجتماعية ٠‏ الرأسسمالية 
والاشتراكية وكأن الحقيقة فى طرف دون الطرف الآخر ٠‏ وقد حدث ذلك 
خاصة فى العقل الأوربى نتيجة لسيطرة طرف ورفض الطرف الآخر لذلك ٠‏ 
فقد دفع المعطى الدينى الغربى العقل الى الروح فاثر ال مادة » والى الآخرة فآثر 
الدنيا , والى التسامح فاخن العئف ٠‏ 2 ' 


" وكان نتيجة .لذلك أن انتقل العقل الأوربى من الفعل الى رد الفعل , 
ومن رد الفعل الى الفعل من جديد , يرفض اليوم ماقبله بالأمس 2 ويرفض 
بالأمس مايقبله اليوم »“ وأضبح من الممكن دراسة الحضارة الأوربية كلها 
طبقا لهذا القانون من الكلاسيكية الى الرومانسية الى الكلاسدكية الجديدة ألى 
الرومانسية الجديدة فى الفن » ومن المثالية الى الواقعية الى المثالية الجديدة 
الى الواقعية. الجديدة فى الفلسفة ٠٠‏ الخ ٠‏ 


؛ ‏ ونتج التغير المستمر 2 وعدم الاستقرار » والقلق . والبحث عن 
بؤرة للأشياء لا يمكن العثور عليها ان يمتد الذهن باستمرار الى أطراف 
البؤرة وليس الى البؤرة ذاتها وكأنه غير قادر تاريخيا على حسن التصويب 
لفقب البواعث الموجهة أو الهدف الأقصى ٠‏ هذا الايقاع السريم فى البحث 
عن شىء هو الدافع وراء الابداع المستمر من أجل الاستقرار على شىء 


(0) أنظر مقالنا : ثقافتنا المعاصرة بين الأصالة والتقليد » قضايا معاصرة ( ١‏ ) 
فى فكرنا المعاصر ص ١5 5١‏ دار الفكر العربى ٠‏ القاهرة لال91١ ٠‏ 


ات #الاضوات 


وهو مالم .يحدث قبل. .ذلك فى الشنة عوتب" تيز الأوربية المستقرة نظريا. .فى 
تصورها للعالم 5 


-. التحيز. المسبق- للمادى و العيانئ والمحسوس: والاعتماد على المعرفة 
الديسية والتجريبية.نظرا للعقدة من المسنلمات والمصتادرات والمعطيات المسيقة 
التى مثلتها ..الكنيسة.وأرسطو ١‏ وهو ها أصبح يسمى « بالمادية الأوربية » 
وقد انتقلت من مجال المعرفة الى مجال الأخلاق وكان الوغى الاوربئ قد ارتكن 
لى الرومان دون اليونان والى اليهودية دون المسيحية ٠‏ 


كل المذاهب المثالية التى حاولت اعادة صياغة المسيحية على نمو 
عقلانى طبيغى اجتماعى وتلك التى كانت رد فعل على المذاهب المادية لا تخرج 
على. خدؤد الوعى الأوربى بل تنطبق: عليه وحده ٠‏ قميادىء العقل والحرية 
والذيموقراطية والعدالة الاجتماعية وكل ما أعلنه ميثاق « حقوق الانسان » 
انما يصدق- داخل أوريًا وحدها ٠‏ أما “خارجها فتنقلب هذه المبادىء الى 
ضدها 2 فخارجها لا توجد شعوب بل أشباه شعوب ولا توجد حقوق بل 
واجبات . ولا توجد حضارات انسائية حاضرة بل حضارات تاريخية 
دوضوعا للانتروبولوجيا فى متاحف الغرب .٠‏ 

“" - أصبحت الحضارة الغربية هى النموذج الأوجمد لكل الحضارات , 
وتاريخها . وعد ورها , وحروبها تاريخ كل الشعوب »2 وعصدور كل 
الحضارات ».وحروب كل الأمم ٠‏ .فيها تنصب. .جميع.. الرؤافد الحضارية 
الدونانية والرومانية 2 واليهودية والمسيحية ...وكل ماسبواها مقدمات» لها. 
مثل حخبارات الشرق. القديم :٠..وكل‏ هايتلوها خارج .عنها مثل الاسلام 
والنهضة الحديثة للشعوب غير الأوربية ' 


- كانت صورة الشبعوبٍ غير الأوربية من صتع الاستشراق و التيشهر 
وحضارات فجر. التاريغ . سكون 7 وحركة . . وتخلف ٠‏ وبيعد . البمشات 


التوليمية ذى الغرب قامت نهضصتنا. الحديثة فى « الدول . المتحررة. حدييًا َ 
تحاول ادجاد صياغات للدولة ومذاهب للمجتمع ' هشهى شعوب هلامية ودول 


د غلاد 


لم تتشكل بعد في صياغاتها النهائية 3 دفتقد الى الاستقرار 2 وشدور أعليهنا ١‏ 
الأنقلانات العسكرية 72 


الانتشار خارج الحدود من أجل تتحويل حضبارة الغرب-الى حضارة 
الانسانية” جمعاء ١‏ والانتقال من الخوٍس-وصية الى . الشمول . .٠‏ وقد احقق 
التبشير والاستعمار والغزي الثقافى هذا الهدف حتى. قامت النهضات: الحديثة 
للشعوب, إغير الأوربية اللتمرر امن الاستعمار ولصباغة الثقافات الوطنية ٠‏ 


ل التحرر من الغير : 


ومنذ أقجر النهضة العربية الحديثة اوقد بدات محاولات التميبرر من 
الغير وبعث التراث الذاتى فى مواجهة تراث الغير , ٠‏ وبصعرف النظر عن درجة. 
هذا التحرر وأسلوبه من رفض شامل الى رفض جزئى وبصرف النظر أيضنا. 
عن تجاحه التام أ نجاحه التسبي أو فشله التام أو فشله النسبى ٠‏ 


1 ) مرآة الغسير : 


ومنذ اتصال التراث الذاتى : بتزاث ' الغيز: اسنتطاعت: الأنا ' روية” ذاثها' 
فى الآخر » وأصبحت وظيديفة ؛ الغير مرأة ترى فيه الذات نفسها وحدودها وقد 
دم ذلك .علبى. 'النخى الآتى' : ين 8 1 


ا الاطلاع على النجديد 0 والاقدام علئ: حضنارة الغير .كما حخدث أوالا. 
الطريعية أو:فى -اإلعلو .الانسانية +وكان «الدعوة الى «التملم :تحولت :هن 'مجزد: 
ددن مكتوب الى باعث حضارى ٠‏ 


.30 لإحدوث “الصدمة “الدضارية التى وقعت للمشايخ والعلماء أمام 
تجازب .نابليون.-والتى عبر عنها.“الكتاب: والأدجاء فى :وصفهم للآخر. مثل 

«.تخليص الابريز» للطهظارى » و« «“حديث عيسى بن هشام ؛ للمويلجى . “وتم . 
اكتشناف. الذات بالقارنة مع الغير «:مع: احسانن:قوى ى بالتغاير : 


76ل 

" د تمثل حضخمعارة الغين والذهل كنها » وانتقاء 'لذظآت جد فيها الذات 
نفسها. مثل. « الثورة الفرنسية: »:وافكان” الحرية والعدالة والمساواة والوطن. 
والدستور والتى كان'لها أبلغ الأثر فى نهضتنا الخذيثة ( اللوطاوىٍ : ؛ أديب 
اسحق : 5-5 الحا ( « اليه م 1 


8 - بدايات ١‏ النقد الذاتى اتزاث الذات.بمتاسبة تزاث الغينثم اكثشافت: 
أن هذا النقد الذاتى يتفق مع بواعث التراث الذاتى فى نشاته الأولى مثل 
تعليم : البناث كما هو الحال عند الطهظاوى فى « المرشد الأمين » ٠‏ 


فما شماه الغرب' تخطا-بدايات الامتدان. الثقاقتى الغريى فئ" الشزق هد' 
فى حقيقة الآمر بدايات رؤية الشرق لنفسه فىمرآة الغربٌ٠فكان”‏ الغرب: مجرد 
عاكس للشرق لأصوله ودراثه وقيمه وحدضارته ٠‏ 


: (مم تأصدل الغس * 


وبالرغم من صدق الذات فى اختيار اللحظة التاريخية عدل الغدر 2 الثورة 
الفرنسية فقد خاولت تأخديل فلستقة 2 التثوير » « التى عليها قامت الثورة دعل 
منتنا ' “فقداً مثل لها" 7 التنوير » احتياجاتها العتلية. 





أن 'وجدت فيها شروط د 
وهازال غلى النحو الآتى : 
- العقل ضد الخرافة والوهم ٠‏ وأعمال النظر والروية والتفكير فى 
الأمور والتخطيط لها ٠‏ وقد دفع ذلك رواد النهضة الى اكتشاف دور العقل 
عند القدماء.والاجتهاد فى مقابل التقليد.. ٠‏ ومازلتا حتى .الآن. نحاول: إرساء 
دعائم العقلانية وجعل. العقل أبسياسا للنهضية. الحديثة سبواء عند المصلحين 


أو الليبراليين ٠‏ , 0 


تحول فم قيما دعد الى نقد د مجتمعاتنا المعاصرة و وخفت حدة « ؛ المقدسات » وأعيد 
النظر فى المسءلمات ٠‏ وبدأت الاستفسارات . وعمت التساؤلات » وأعيد النظر 
فى الاختيارات الأولى 2 وطرحت البدائل من جديد ١‏ وبدات معركة القدماء 
والمحذكيةة 2 وااحياء التناذ” الاعتؤالي كما هو واضحع عند محمد عيذة ٠‏ 


أ7# مه 


؟ م العلم الطبيعى وإنجازاته فى فهم ظواهر الكون والسيدرة على 
قوى الطبيعة وتسخيرها لصالح الانسان , وامتداده إلى الحياة الانسانية. 
فنشا الفكر الطبيعى الحلمي ( شبلى شبميل: ٠‏ فرح أنطون », نقولا جداد... 
يعقوب صروف ٠٠‏ الخ) ودراسة المجتمعات على نحى علمى ٠‏ وظل هذا المطلب 
الى الآن عند دعاة الفكر العلمى من الليبراليين أو الماركسيين واكتشاف 
ذلك عند القدماء كما فعل الأففانى_مع. نظرية: التطور. ٠‏ 


- ظهور النزعة الانسانية والاهتمام بمياة الانسبان الفردية, 
والاجتماعية والاقلال من الموضوعات المتعالية التى كثرت عند القدماء 
واكتشاف ذلك فى أسس الشرع وفى مقاصد الوحى الذى أتِى من أجل مصلحة 
الانسان ومنفعته.فى الدنيا ٠‏ [ 


- التركيز على الحرية والديموقراطية والدستور والحياة النيابية 
وتأحصميل ذلك فى الشورى والددعة عند القدماء ,2 واحترام. تعدد. الآراء والآراء 
المعارضة واكتشاف ذلك عند القدماء فى اختلاف الأئمة كرحمة بينهم ٠‏ 


1 ب الاعجاب بالعلوم الاجتماعية وبفلسقات التاريخ » وبتقدم المجتمعات 
ونهضتها , والثناء على الحركات الاشتراكية وثورات الشعوب ونض ال 
الغمال , وثورة المضطهدين , وتاصيل ذلك عند القدماء في العدالة ضبد. 
الظلم وسنن الله فى الكون ٠‏ والخروج على الحكام ٠‏ ظ 


:(هغ) تحجمم الغين : 
وأثر رؤاد..النهضة الأولئ: فى القزن"الماضئ بدأت الأجيال التالية-» نظر 


اخاطر الحداثة والتغريب ؤافساعا“لابداع: الذات + مشزؤوعا آشر بعد مرآة. 
الغرب وهو تحجيم الفرب وذلك على النحى التالى(؟) : 


, ت.ادراك د هدلية» .الثقافة الغربية وانها خاضعة'لظرزفها الخاصة‎ ١ 


(4) وهذا هو لب مشروع ٠‏ البدائل الاجتماعية الثقافية للتنمية فى عالك متفير » 
بل ومشروع جامعة الأمم المتحدة كلها ٠‏ 0 


لالس 


وقد تكونت بفعل. روافدها اليونانى الرومانى أى اليهودى. المسيحى ١‏ 
الديئة الأوربية نفسها ٠‏ وكشف القناع عن دعواها فى الشمولية. التى . تخفى : 
ورا ء ها الرغية فى الانتشار خارج احدودها تحقيقا للهيمنة. . على غيرها كن 
القافات اكمقدمة للسيطرة ة على الشعوب 1 


2 د تحجيم الغرت دآخل حدوذه الطبيعية » ودراسة ثقافته ككل واحد 
لا يتْجرَا “له بداية ؤنهاية © له بثاء وتطور » له روافد وآثار , وله سمات 
مميزة خلقت عقلية ذات طابع معين , وتطبيق مبادىء علم اجتماع: الثقافة 
على ثقافته وتحويلها أيضا الى موضوع للانترويولوجيا الثقافية ' 


: التخلص » مَنْ اشعاعاثة وآثاره الثقافية لدى الشعوب : غير بر الأوربية. 
التى' يذات نقضتها واكتشاف تراثها الذاتى وذلك عن طريق ارجاعه الي 
مضادرو” في ديكته الخاصة ينعد 0 ن أصبح لها امستقرأ ومستوبعا ( وبداية 
عملية رفض الجسم القريب . ويسهل ذلك بعد رؤيته كآخر مغاير للذات , 


ورؤّيته له عن بعد كموضوع مستقل مغاير ١‏ . 


- المشاهمة فى كتابة تاريخ له » وزؤيته “من منظؤر أغير أوزبى أي 
اغادة كتابة تاريخ الثقافة الغرّبية من باحثين ومفكرين ‏ غير أوربيين "كنا فعل” 
الياحثون الأوربيؤن فى الماضى مع الثقافات غير الأؤرنية ' | ونالقالي ينشن" 
علغ « الامتقفراتٍ'” » فى هقابل « الاستشراق »2 اوقد يكوق. هاذة "اليه اشكدا 
حظا خاليا من الاسقاطات والبؤاغت غير العملية :5-22 5< 1 


.9 . نقد الثقافة. الغربية » باتجاهاتها -.“ومذاهبها , وتياراتها وبيان 
حدودها .من منظور غير غربى .واقامة « علم.نقد. الثقافة » خارح قانون : الفعل 
ورد .الفعل الذى يقوم عليه نقد الاتجاهات المتباينة بعضها للبدض » وقد: ايكون ش 
ذقب «الشاهد. العدل. » أكثن قبولا من نقد الخصوم - 


افادة الغرب ذاته ياعطاء ماج الخرى ه من الثقافات حتى ايتعرف 
0 فياخذ موقف المتعلم » ويصيح معلم الأمدس تلميذ اليوم فيخف من ديه 
مركب العظمة كما خف لدى الشعوب غير الأوربية مزكب التقض” وتضبخ 
الثقافاث الانسانية "غلى' قدم الستاوأة فى الأسهام فى الحقتارة ابقرر يَقأ طدقا 
لثل « وجعلناكم شعوبا وقَزِائلٌ لتعارفوا » (495 ٠ )١7:‏ 


2 


7 ب القضاء :على تمركز الحضارة الشرية غلى- الخقضارة الغربية وعلى 
تمركز اللحضارة: الغربية. خول ذاتها ٠‏ فقد وقع ظام تاريخى على الشعوب غير" 
الأوريية .غندما: استتغدت من “تاريخ العالم المخؤرئ بغد أن أزاحبها الغفرب 
الى هامش التاريخ أو بداياته الأولى ؛: ونهاية أسطورة "أن تاريخ الغرب هو 
تاريخ العالم » وأن عصور الغرب القديمة والوسطى والحديثة هى عصور 
العالم » وأن عصور الظلام والانحطاط الغربى هى عصور الطلام والاتحطاط 
العالم : 


4 تتتاوّى جميْع المضارات الانسانية فى المساهمة فى التظنارة 
البشرية وبالتاللى تتعدد الحضارات وتتفاعل فيما بينها »2 وتكون عائقات 
التفاغل بالتبادل وليست أحادية الطرف من الحضارة الغربية. الى الحضارات 
غير الأوربية ٠‏ فمآ أعطته' الحضارات الصينية والهندية والفارسية والمصرية 
للغالم القديم. قد لا يقل ما أعطته الحضارة الغربية للعالم الحديث ٠‏ 


9 ل حصر « فائض القيمة التاريفى »© الذى دخل ضَمن مكونات 
الحضارة الغربية ورده الى أصحابه تاريخيا ٠‏ فقد حدث أكبر تراكم تاريخى 
وأكبر رصيد للابداع البشرى فى البحضارة. ال 
عير. اليونان. و العبرائيين كما جمعت كمي الشراف [ وجنوب 
ايطاليا و البلقان وتركيا حضارات الشعوب + غير. الأوربية . ٠‏ فكان تعيينها ٠‏ مجرد 
حملة العلم ونقلته آلى الغرب حيث يتم الابداع ٠‏ 





.ل ٠١‏ تحجيم الغرب ثقافيا كما.تم تحجيمه قبل. ذلك سياسيا؛ يعد ثورات 
الشيعوب إوجركات .التحزر: الوطنى. ضد الاسشتعمار .هو .مشروع الشعوب. غير 
الأوزبية:ومن ضمنها الأمة. العرنية والاسلامية.٠‏ وهى مهمة عدة أجيال قادمة 
بعب أن مودت الأجيال السايقة لنا. فردبة اكتشاف تراثنا الذاتى فى .مزآة الغير. 
وتأصيل ثقافته فى تاريخنا الثقافى(0) ٠‏ 


٠. 
”* اف سل‎ 
015 ها م‎ 





١‏ 6 نظي مراستنا . : موقفنا .من التراث الغربى فى قضايا معاصية (.؟ ) فى .الفكر 
العري العاصر ص ١‏ 5*0 , دار الفكر العربى , القاهرة , لالا51١ ٠‏ 


قل عه 


- النهضة الحضارية : 
0 كل 32000 
بعدما .يتم بنساء_القراث إليذاتى وتحجيم ترات «الفين تبدا: دا" للق 
فالتراث هو مايمد الشعوب بأبنيتها الفوقية والتجارب لوطنية : تمدها بأبنيتها 


التحثية ودتفا عل, .الدنائين .دبدا . مسيرتها ف ى: التاريخ 0 


_ : د الثقاقة الوطئية‎ ٠ 
الوطنية أو أنها حلقة الاتصال. بين الثقاقة الذامية والتجرية الوطنية خاصة‎ 
١ وان كليهما يشترك: فى مواجهة .هيمنة الغير الثقافية .والسياسشية‎ 


رأ) حركات التحرر الوطنى : 

لقد. استطا عت الشعوب غير الأوربية. أن تقدم . تجرية 'فريدةفئ تاريخ : 
البشرية وهى تجربة, التحرر الوطنى. من الاستعمار التى هزت مواؤين القوى 
فى العالم 1 .وظهرت .الشعوب المتمررة .حديثا. كمركن إلثقل فنى.:العالِم: تحفظ. 
العالم من ويلات الحروب. ٠‏ وتدعو . الاقامة انسانية جديدة وقواعد للتعاؤوة 
الدولى أكثر .عدالة وانصافا للشعوب غير الأوربية ٠٠‏ وكانت '.حخصيلة ,تجريقها . 
على الثحقى التالى : 


تاريع له حديد ٠‏ للبشرية ؛ يبدا بعصر التصير الذى يداكب 30 القبين | المجرين. 
ثقافته واثاده على لقير ٠ ٠‏ ا 
التحرر مواكية لها أو سايقة عليها . أفظورت ايديولوجيات. التحرر الوطن” 
عند الأففانى والكواكبي وعبد القبادر المغربى وعيد. الحميد بن إباديس 
و السنوسى. والمهدي. وعرابى وعبد النامبى 6ن تضع فيها الشعوب. اخبلاصة, 
تجاريها الوطنية وأبداعها وهى تدخاص مرخ شور الاس.تعمار ٠‏ 


0 ل 5 


الوطنية والجبهة التحدة ِ فالملوطن للجميم د نحؤ عدو واخد مشترك , وهو 
الاستعمار 00 ش 


ظهور الابداع فى الحياة. القومية. فى صورة:- مشروعات قَوَمَدة 
لمناهضة الاستعمار والعنصرية فى الخارج والتسلط والتخلف فى الداخل 
وكأن النضال السواسى من أجل الاستقلال هو شرط الابداع القومى ٠‏ 


ولقد أعطت حركات التحرر الوطنئ: نمناذج عدة. لثقافاتها التى تمت: 
أثناء قيام الشعوب غير الأوردية بنضدالها صد الاستعمار ومنها : 


الثورة الثقافية فى الصين وضرورة مواكبية الثقافة للثورة المستمرة 
بعد أن أبت' «..الكونفوشيوسية. :الثورية ‏ » دورها الشعبى فى أيقاظ الوعى 
القوخى وتجذيد الجماهيز.» والقيام بالمسيرة الطويلة ووضع قوانين: للصراع 
ظثها . الغرب: قواتين ' الجدل المستمدة هن الماركسية اللينينية 2 والاعتماب على 
الفلاحيّن كرصيد شعبى للثورة فى الدول الزراعية وعلى مفاهيم الدولة 
والزعيم :وعلى الأخلاق .السياشية 'المعزوفة فئ التراث الصنينى القديم ٠‏ 


5 المقساومة الفيتنامية لأكبر قوة عسكرية فى التاريخ والابداع 
التكنولوجئ المخائ ( الستزاذيب ) فى مواجهة آخر منتجات مصانع الأسلحة 
الأفريكية . ؤاقامة جبهة التغرز الوطتى يكون للخكزب الشيوعى فيها دور 
اللمزك والعضنب كما حدث فى كوبا أيضا 1 ومشاركة « البوذيين » فى مقاومة 
القزى الأجنبى ٠‏ فالدين ليس فقط أفيون الشعوب بل قد يكون أيضنا ثورة فى 
مواجهة الاحتلال وجعل الاستقلال الوطنى أعز: ماتملكه الشعوب بالرغم من 
مُسَائدَة الأصدقاء وتايين جاراتها الأقرياء ٠‏ 


الخورة الكوبية وكيف أنها أيِضا بدات كحركة تحرر وطذى هد 
لتنا الم تحولت تدريجيا حتى أصرحت شورة اشتراكية تزيد من رصددلك 


ب ١مس‏ 


الثورات الاشتراكية فى العالم وقضائها على الأمية فى أقل من عام » وتجنيد 
الفلادين دعد الغزو الأدنبى على السواحل' 2 وأدراج آلاف 2 اليغايا 2" من 
ذورى لوخدة الثورة فى أمريكا اللاتينية ٠‏ 


ة - ثورات الفلاحين فى أمريكا اللاتينية ودخول آباء الكنيسة الشبان 
فى معارك النضال المسلح مع الفلاحين ضد ملاك الأرض والعسكريين. 
والشزكات الاحتكارية الكبرى , وبداية حرب العصابات فى المدن ٠‏ واقامة. 
أول تجربة اشتراكية ديموقراطية فى شيلى ٠‏ ش 


ه ‏ الثورة الافريقية وقيام حركات التحرر فيها على التراث المحلى 
للشعوب فى مواجهة حضارة الرجل الأبيض وغزوه مثل حركة « ماى مأو » 
وأنبياء « البانتى » وغيرها من الحركات الثورية المملية » ووضعها أسس" 
الاشتراكية الافريقية التى تقوم على الملكية المشتركة للارض كجزء من التراث. 
الافريقى وتراث الأسؤد ٠,‏ والثقافة السوداء ٠‏ والفن الأسود . وتحويل 
بعض الثثقافات الى أيديولوجيات متكاملة مثل «الوجدانية» أو «الافريقاذية, ٠‏ 


5 الثورة الايرانية العظمى بقيادة الأئمة وبأيديولوجية الاسلام وتجنيد 
الجماهير فى الشوارع لعدة أشهر فى مواجهة أعتى قوى الطغيان فى الداخل 
وأقوى الدول الاستعمارية فى الخارج بعد محاؤلات « التغريب » زالقضاء 
على الهوية ٠‏ واذخال ايران فى أقوى الأحلاف.العسكرية 2 وجعل جيشها 
أقوى ثالث جيش فى العالم ٠‏ 


لقد أعطت ثقافات الدحرر الوطنى نماذج فريدة لثورة الفلاحين فى 
مقابل ثورة العمال , وفى الجبهة الوطنية المتحدة.فى مقابل الحزب البروليتازى. 
وفى الاستقلال الوطنى فى مقابل الأحلاف المناصرة للثورة وفى دور الدين 
فى .اطلاق طاقات الجماهير الثورية 2 وفى صياغة ‏ ايديولوجيات مشتقبلة 
التحرر: الوطنى ومازال رصيدها يزخر بالابداعات السياسية ٠‏ 


: ايداع الثقافة الوطنية‎ <١ 


وقد أاءطت الثورة العربية نموتجا فريدا لابداع الثقافة الوطنية. الرغم 
دراسات فلسفية 


من تأصديله فى جذور التراث وبالرغم مما عرض هذه .الثورة من انتكاسات 
أخيرة وذلك فى الاتجاهات الرئيسية الآدية : 


-١‏ دور الجيوش الوطذية فى قيادة الثورة فى مقابل النظريات القديمة 
التى تجعل الجيش آداة قمع فى يد الدولة أو تخرجه عن القضية الوطنية 
بدعورى عدم :تدخله فى السياسة أو أن دوره فى الدفاع عن العدو الخارجى, 
ولا.شان له بالعدو" , 'الداخلى » (أكور عيد الماك )2 واذكاء الوعى القومى , 
عند الجماهيت ٠ *.٠‏ 


" - دور الدولة فى التنمية » ان تقبع .الدولة فئ مصس والعراق منذ 
الأف السنين وهو مايميز حضارة الذهر ( جمال حمدان ) نظرا لتنظيم المياه : 
ودورات الرى وجباية. الضرائب والتسويق ٠‏ ومن ثم قامت . الدولة يمهام:. 
التاميم, والتصنيع والادسلاح الزراعى » وأقامت القطاع العام وقررت مجانية 
التعليم باسم الدولةٌ الممثلة لمجموع الشعب والمجسدة لدركة التاريخ ٠‏ 


ا ب تحالف قوى الشعب العامل كصياغة لاقامة تنظيم سياسى وتعبير 
ذلك عن التراث الذاتى خاصة بوخدة الأمة والعروة الوتقى 6 ودمعبير شدهدى 
, اللدمة دق « المصطرية » فق ١2‏ المولد 6 * 


4 ل صبياغة د الاشبتراكية العربية » التى تقوم بتحقيق مطالب الآمة 
فى العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافقٌ الفرص. , وتذويب الفوارق بين 
الطبقات بالحلول السلمية وفى اطار الوحسدة الوطنية عن طريق سديطرة 
الشبعب .علئ. وسائل' الانتاج » والتخطيط لصالح الأغلبية وسياسة الأجور , 
وحقوق: الءعمال » والقوانين الزراعية لحماية الفلاح ٠٠‏ الخ 


ل 607 سم يروز القومية العريية كدركة تدرر وطنى فى الخارج فى مواجهة 
الاستعمار والصهيؤزية: وفى الداخل فى مواجهة الرجعية والتخلف ٠‏ وتوحيد 
المنطقة والدفاع عن إرادتها الوطنية المستقلة . وظهور القومية فى مضمونها 
الثورى على خلاف المذاهب الثورية السياسية التى تجعل وحسدة المذهب 
السياسى تجب القوميات وخصوصيات اأشعوب . 


ل ”م ب 


1 - تكوين حركة عدم الانحيان مئذ مؤتمر باندوئج وبالاشتراك فيها 
مع الهند ويوغسلافيا » وتكوين منظعة تضامن شعوب آسيا وأفزيقيا ٠‏ ومؤثمرا 
القارات الثلاث » والدفاع عن دول العالم الثاللث وحقها فى السيطرة على 
ثرواتها: ٠‏ 


: اقتجاهات الثغبة‎ - "١ 


وتتمثل اتجاهات النذبة السياسية فى الاتجاهات الفكرية التى سادت 
ذكرنا المعاصر مند فجر النفضة. العردية وهى اتجاهات كلاث : )١١‏ 


أ ) الامملاح الدينى أو الأسلام السياسى : 


وهو التيار الذى بدا مذذ آخر الفقهاء القدماء ,2 ابن تيمية حتى أول 
المصلحين المحدثين محمد بن عبد الوهاب وسار فى أثره الأففانى ومحمد 
عبده ورشيد رضا والكواكبى وعبد الحميد بن باديس والسنوسى وعبد القادر. 
المغربى والألوسيان والمهدى وآخيرا حسن البنا وسيد قطب وهى يبدا من 
التراث الذاتى للامة هن أجل اصلاح دينى يكون مقدمة لحكم اسلامى دون 


وضع شروط نوضصة أو مقومات ثورة ٠‏ وقد أظهر هذا الاتحاه : 


الؤثقى * والسْنوسئ والمهدى وعيد القادر المغربى ٠‏ 


*؟ - الدفاع عن الحرية والديمقراطية والدعوة الى النظم البرلمانية والى 
أقامة الدستور ودغدير سلطة الحكام ٠‏ 0 1 


7 الدعوة الى الاشتراكية والعدالة الاجتماعية وأخذ حقوق الفقراء 
فى أموال الأغنياء وامتلاك الفلاحين للارض ٠‏ وثورة المحرؤهين : العاطلين” 
كما هو الحال عنذ الأفغاتى ٠‏ 


م يتصل هذا الجرّء بالقسم الثالث من هذا المشروع وهو « الفكر العريى فى 
النظام العالمى الجديد , التحديات والرؤيا ٠‏ ' 


كم ب 


ب الاسهام فى حجسركة التقدم وذلك بالدعسوة الى :العلم والقوة 
والمبتاعات الحربية من أجل انشاء الدولة. الحديثة ٠‏ 
3 4-الدعوة الى وحدة الأآمة الاسلامية أو الجامعة الشرقية فى مواجهة 
الاستعمار الغربى ٠‏ 


وهم ذلك ففِد كاذت ددود هذا الاتجاه 3 


ب احتياجة الى:.صياغات ذكرية ودرامج وطذية أكثر 'أحكاما وتفصيلا. 
الى مالا ذهادة كما هو حادث فى ايران ٠.‏ 


" نل عدم رفض الفكر الطبيعى الملادى باعتباره فكرا دنكر الروحع 
واستقلال الباد وقد كان الفكر الأطبيعى جزءا هن التراث الذاتى . عند 


“الل ذقص التمييز بين الاصلاح والنهضة والثورة وعدم استمرار 
الدركة الأولى وتطورها فى الحركات التالية ٠‏ 


؛ - انتهث حركة الاصلاح الى سلفية نظرا لأنها لم تحكم ولم تقم بجبهة 
وطنية ولم تجند الجماهير وراءها الا فى ايران ٠‏ 


بم العلمية أو الماركسية : 


وهو الاتجاه الذي بدا ابتداء من تراث الغير سواء عن طريق التحديث 
من البغارج بالترويج للفكر العلمى الغربى أي التحديث من الداخل بتاصيل 
بعض التيارات الغربية فى تراثنا الذاتى ٠‏ ولم يحكم هذا التيار أيضا الا فى 
جبهات وطنية عريضة ( سوريا والعراق ) أو فى أطراف العالم العربى ( اليمن 
الديموقراطى ) ٠‏ وقد كانت له المميزات الآتية  :‏ 


الثورة , علي الواقع ومناهضة الاستعمسار 2 ودغوير اليناء 
اللمتمات ' واحران مظأ هر التقدم و اليدء فى التذمية ٠‏ 


88 -ه 


؟" - الحماس والنشاط والفاعلية والذيوية والصفوة المختارة والنخبة 
الثوردة و شى ‏ #صهدب الحكم وقوام الدولة ٠‏ 


و هعم ذلك كانت حدودها : 


اك عدم التخلص من تراث الغير 2 وسيادة الماركسية 00 .الغريية 1« دون 
اندذاق الأيديولوجية الثورية من التراث الذاتى والتجرية الوطنية ٠‏ 


0 الدجماظيقية . وتطبيق. النظريات الجاهزة على 'واقع | قد يتحملها 
ولذن يظل تساكنا بالنسية لها وقد ل بتحملها فيثور عليها إذا ماتهيئت أظروف 
الثورة ٠‏ 


الصعوبة الفكرية وغرابة القوالب. الذهنية. ( وى عدم افهم قوانين 
الجذل أو تمول الكم ألى كيف ٠‏ أى نفى النفى لدى . اشعوب أمية تستشهد 
بأيات الله وأقوال الرسول وبالأمثال العامية والحكم والأمثال والشواهد 
الشعرية. ٠‏ 


33 الاتعزال عن الواقع الاخحصبائى المحلى وعدم اعطاء الأولوية 
للواقع " النظرية 0 ودالتالى 3 تقع النظرة العلمية فى دصور لا عامى بانكارها 


مأدة العلم ٠‏ 


ه ‏ عدم قيام وحدة وطنية بين الثيارات السياسية المختلفة والاستد 
بالشلطة “ثم تفكك التيار السياسى الواحد إلى مجموعات وفئات وطوائف 
وأجنحة كل منها يبغى تصفية الآخر ؛ فتفرض عشائرية التخلف ذاتها على 
شمولية المذهب السياسى ٠‏ 


احدى الدول العظمى وبالتالى فقدان الارادة. الوطنية الستقلة ٠‏ 


ب أعطاء الأولوية للمذهب على الوطن ٠‏ 0 وللشمول على الخصوصية 3 
فيظل الماك هائما فى الهواء لا مستقر له يخشي | الانقلاب أي يدعم بالسكينة 


فى بحر دن اللاميالاة ٠‏ 


كمد 
(ج) .اللدررالية أو. الراسمالية : 


وهو التيار الذى بدأ فى فجر النهضة العربية الحديئّة والذى لم يبدأ 
من الموقف التراثى الذاتى أو الغيرى بل بدأ من واقع الأمة ذاتها ونهضتها 
والذى بدأه الطهطاوى وخير الدين التونسى ولطفى السيد . وقد قدر له أن 
يحكم بالفغل فى مص 'وكانت مَنْ مآثرة : 


١‏ - بناء الدولة الحديثة » دولة محمد على » وتكوين أول محاولة فى 
المنطقة اللنهوضة الحضارية 0 ومازالت آثارها فى الترع والسدود ووسائل النقل. 
والمواتى ونور الثقافة "والطباعة ٠‏ 


" - نشأة الفكر اللدبرالى وما يحمله من مفاهيم الحرية والدستور 
والنعدالة ٠‏ وقد كان مشبعا بفكر الثورة الفرنسية وبمفاهيم العدالة والمساواة. 
وازتياظه بالتاريخ وبمفا هيم التقدم والثورة. ١‏ 


:' سه اتحادهة بالحركة الوطئية وتفجير تفجير الثورات الوطنية مثل كثورة 
عرابى وثورة 1١518‏ وبالأحزاب الوطنية ‏ حثى تحول الى حركة متأهضة 
للاستعمار: على ين 'الجماهير قدبيل الثورات العردية الأخيرة ٠‏ 


ارتياطه بالاتجاه الاسلامى سواء من حيث تاصيل الليبرالية فى 
التراث الذاتى أى من حيث اعادة فهم التنوير على أساس اسلامى وبناء 
الدولة الاسلامية الشرعية ٠‏ وتمثله أيضا القيم التى نادى بها دعاة العامية 
والعلمانية ٠‏ 


ولكن كنت حدوده كالآتى : 


١‏ ا نشأة : الراسمالية كنتيجة طبيعية للوير الية الأسياسية خاصة وأنها 
فى البلاد محدودة الدخل تصيْح أقرب الى الاقطاع ٠‏ 


سيادة النظم الملكية الؤراثية وهى نظم تتعارض مع الليبرالية 
السياسية : ويفرضنها التخلف المتوارث 


لاه هه 


الفساد العام وسيادة الرشوة ٠‏ والتهرب من الضرائب » وذلك فنى 
نطاق الأقلية الحاكمة فى مقابل الأغلبية التى يسودها الثالوث الشهير ؛ 
الفقر والجهل والمرض ٠‏ 0 
ولهذه الأسباب قامت الثورة المصرية ولكنها لسوء الحظ اصطدمت 
بالاتجاهات الثلاث الرئيسية فى وجداننا القومى فاصطدمت: بالاخوان. التى 
كانت تمثل آخّر خيط فى الأصلاح الدينى كما اصطدمت بالماركسية ممثلة, 
فى الأحزاب الشيوعية واصطدمت بالليبرالية الممثلة فى حزب الوفد .2 
وكل ذلك من أجل الصراع على السلطة ٠‏ ولم تستطع لسوء الحظ أن تقيم 
جنهة وطذية تنصهر افيها هذه التيارات الثلاث خاصة وأنها كانت متقاربةٍ 
فى أهذافها ومتشابهة فيما تنادى به ٠‏ كما أنها لم تنشىء تنظيما سياسنيا 
شعديا لديها يحمى مكتسبات الثورة ٠‏ وبالاضافة الى طابع الحكم الفردي 
الذى ساعد على سليية الجماهير نشأات طيقات جديدة أثرت على حسباب 
الثورة وورثتها فى النهاية(/7) ٠‏ 


الؤمان والقاريخ : 


ودبدى أن نهضتنا الحضارية قد تدثرت فى هذا القرن بالرغم من 
بداياتهما. الطيبة فى القرن. الماضى نظرا لعدم وجود تصور جدلى العلاقة 
بين الزمان والتاريخ ٠‏ بين مرحلة .التجربة الوطنية ومراحل التاريغ ٠‏ 


(1) الرجوع الى الماضى واسقياق المستقيل : 
3 تطور الاصلاح الدينى وتحول الى السلفية على دل رشديد رضأ ثم 


الاخوان المسامين فقدت مفهوم التقدم والتاريخ وعادت الى الوراء الى أيام 


(0) أنظر مقالتنا : نشاأة الاتجاهات المحافظة فى وطننا العربى الراهن ٠‏ قضايا 
عرددة 8 دناير لم ة١1‏ .5 


امم 


الاسلام الأول ٠‏ فالسلفية اذن نقل للحظة الحاضرة الى الماضى لنقص فى 
القدرة على تحليل الواقع وعلى حصر عوامله واستقصساء محركاته ٠‏ 
وما أسهل الرجوع الى الماضى وعيش الواقع بالخيال » وتمنى التحقيق 
بالأحلام » فذاك يعطى عزاء وحمية . وصدقا فى القول » فلا أحد يقدر على 
أن يعارض المبدأ ٠‏ فيتقدمون ألى الوراء مع تشنج وتعصب أو تكوين جماعات 
مغلقة منفصلة عن المجتمع فوق الأرض أو فى الصحراء أى تحت الأرض - 
وسرعان مايتم اصطدامها مع سلطة الدولة ٠‏ 


وفئ الماركسية يتم تجاوز الصاضي أيضا الى المستقبل فالسلفية 
والماركسية بالرغم مما يبدو بينهما من تعارض ظاهرى الا أنهما فى حقيقة 
الأمر يشاركان فى خط واحد وهو التذكر للحظة الحاضرة , والمرحلة التاريذية 
المخدودة التى تمر'بها الشعوب ٠‏ فلا يمكن الانتقال من الاقطاع الى الشيوعية 
دون الخرور بمراحل متوسطة من الليبرالية والعدالة الاجتماعية والاشتراكية 
الديذية أو الخلقية ثم الاشتراكية العلمية ٠‏ ولا يمكن الانتقال من الخرافة 
النى العلم دون المرور بالمراحل المتوسطة من عقلانية وتنوير ٠‏ ان معرفة دور 
الأجيال وتقسيم المراحل بينها يمنع من أن يقوم جيل بدور أجيال قادمة 
وينسى دوره الخاص ٠‏ ودور جيلنا هو الانتقال من الاصلاح الى النهضة , 
وقد تأتى أجيال قادمة للانتقال من النهضة الى .الثؤرة ٠‏ ومن ثم كانت 
النهضة الحلقة المتوسطة بين الاصلاح والثورة ٠‏ فاستباق المستقبل ينسى ثقل 
الماضى ومافيه من عقبات التقدم لم يتم التغلب .عليها ودفعات عليه لم يتم 
استخدامها ٠‏ كما أنه ينسى اللحظة التاريذية الحاضرة التى قد ترفض أية 
مزايدات تاريخية عليها ٠‏ وغالبا مايكون مصير هذه الحركات أيضا تكوين 
جماعات منعزلة فوق الأرض للثقافة والفن أى تحت الأرض سرعان ماتصطدم 
بالسلطة وتقضى بقية نشاطها السياسى فى السجون ٠‏ 


دب) اللحظة التاريخية الحاضرة : 
ان شرط النهضة الحدضارية الأول هو التعرف على اللحظة التاريخية 


الراهنة القى تعيشها المجتمعات الناهضة وابتداء من هذه اللحظة تحدد 
مسارها وخططها ومراحل تحولها وآفدافها القريبة والبعيدة ٠‏ ومن هنا 


45 مه 


أتت ضرورة وضمع الأمة فى منظور تاريخى يعطيها. اياه احساسها. بالتاريخ 
ودقانون حركته ٠‏ 


واللحظة الراهئة اأتى تمر بها الأمة يمكن وصصفها على الذحو التالى : 


١‏ آزمة الغرب » أزمده المعنوية فى المذاهب السياسية والايديولوجيات 


القديم |وأزمته ‏ المادية الاقتصادية , أآزمة الطاقة , والانتاج 2 والتسويق , 
والتضسخم ٠‏ وسباق التساح والخطر النووى ٠‏ ويعبر مفكرو الغزب عن: هذه . 
الأزمة بعبارات : انهيار الفغرب , سدقوط الغرب ٠»‏ انتحار الغرب . نهساية 

لغرب. ٠ : ٠‏ الخ ٠‏ وكأن الغرب-قد قام بدورته منذ الاصلاح الديتي” الى النهضة 
الى: العقلانية: الى:-التنوير الى الثورة ثم الى الأزمة فى النهاية ( شبتجلر , 


هوسرل » برجسون »2 نيتشه ) ٠‏ 0 


”" ب اكتشاف الشرق والبعد الآسيوى لالحضارة البشزية بعد أن حاك 
الغرب. حوله مؤامرة: الصدت: ( جارودى » نيدهام ) » وأن آسيا تمثل الرصيد" 
البشرى والمعنوى للشعوب المتحررة حنديذا ٠‏ وبداية .الانفتاح على “الشرق 
ليس فقط من حيث تاأبيد الذورة الاشتراكية للثورة العربية كما حدث فن*: 
العقدين الماضين ولكن الانفتاح الثقافى واكتشاف الهند والصين وايران 
وآسيا الوسنظى وجنوتب شرقى آسيا .٠‏ داول ما انتشر العرب ذهبوا الى , 
الشرق وأول ها انتشر الاسلام انتشر شرقارة) ٠ ٠‏ 


اكتشاف القدرات الذاتية للامة العربية والاسلامية بعد ثوراتها 
الأخيرة فيما تمثله من ابداع قئ مشروعها القومى , وتكوين تجمعات جديدة , 
باندوؤئج. : “دول غدام الانحياز : شعوب آسيا وأفزيقيا » القارات الثلاث 2 
العالم الثالث ٠‏ واكتشاف امكانياتها المعنوية والمادية ٠‏ فهى الشعوب 
التاريخية التى وضعت البشرية فى بداياتها على طريق النهضة والتقدم فى 
المأضى وهى الشعوب الى استطاعث ابداع ثقافات التحرر الوطنى فى 
الحاهر , وهى الشعوب التى تمثل على السرع الدولى النظام العالمى. 


0 أنظر دراسكّنا : المسلمون فى أسيا فى مطلع القرن الخامس عشر الهجرى , 
مجلة اليسار الاسلامى 2 الفدد الأول 3 القاهرة م١‏ 13 


سكأ هه 


الجديد. ». بالاضافة الى--امكانياتها .البشرية والماذية وما لديها من مواد أو لية 
وأسدى اق وأيدى عاملة وروؤوس أموال وقدرات هائلة على الابداع لمأ وصل 
اليه مثقفوها وعلماؤها من لدرجة قصدورى فى الاتقاز والآداء 1 


(عت) حموسان الا داع واجهاض العقول : 


لذلك كان المشروع المضاد لمشرو ع النيهضة العريية:' دو احصار الابداع 
واجهاض العقول 2 وذلك على » الندو. الآتى (5) : 


١ل‏ احتكار النظم السياسية للعمل الوطنى وعزل المثقفين الوطنيين. 
عنه اإخشدة من اتعدلد الآراء. .وايثارا لارءي الواحد ليس. فقط فى الأهداف.: 
الوطنية بل أيضا فى الوسائل لتحقيق هذه الأهداف ٠‏ 


" - عدم تجنيد طاقات الشعي كلها لخدمة القضية الوطنية » وبالتالى 
انعدم من المواطنين الولاء القومى باستثناء اللحظات الحاسمة فى تاريخ 
البلاد. مثل ٠١/4‏ يونيو 1977 + وحرب, أكتوبر 21517 ويومى 14/14. 
بناير 151/1 ٠‏ 


؟ - العزلة عن الواقع وعدم وجود خيرات محلية تبداً منها الدجرية 
الوطنية حثى محدث الابداع « وكأن الناس دعيبش في أوطانها بأجساد ها دوع 
أرواحها لأنها أسديرة الضنك أو الاحتكار ٠‏ 


الهجرة الى الخارج أو ماسمى »2 ١‏ استنزاف العقول » 6 كم امتصاص. 

الخبرات الوطنية فى الثقافات الغربية وترك البلاد بلا د كادر » قادر على . 
التنمية 35 

ه ت الهجزة الى الداخل والانزواة والتقوقع على الذات والحن 

والبكاء” على مافات والحسرة والندم , وحالات الاكثئاب النقسى , وتحويل 

الوطنيين . الى مرضئ ' نفسيين ٠‏ ظ 


(9) أنظر مقالنا : اجهاض العقول , الفكر المعاصر , بيروت ؛ القاهرة ٠ ١98١‏ 


 ةا١‎ 


العلم نظرا لما يذش عن العلم من نجاح مهنى وما ينشا عن السياسة من مخاطر 
وأضرار للمهنة وللقمة العيش ٠‏ ش 


د التعايشية والارتزاق والرغبة فى ايثار السلامة » وتوظيف العلم 
ان تدفع أكثر داخل البلآد أو خارجها , فالعلم لا وطن له الا الدخل الفردى ٠!‏ 


4 ان افتخاصرة المبدئين واتجهاذن- العقول حَتى يحداث الاحباظ الغاء: 
ليس فقط فى الخارج ولكن أيضا فى الروخ” خثى -يَتْم القضناء على آخر: 
حصون المقاومة ويعلن الجيل الفشل التام » وأنه جيل « الافلاس التاريخي » 
فتندثر حضارة الآمة وتتحول الى متاحف التاريخ )٠١(‏ ' 


)٠١(‏ لم نستطع للاسفك اضافة..قائمة.يأسماء المراجع- الأوؤلى والدراسات الثانوية 
نظرا لكثرتها وأرجأنا ذلك لبحث خاص ٠‏ 


الفلسفة والتراث 
١‏ ت مقدمة : مأذا تعثى : الفلسفة والقراث ورم 


أصبح لفظ الفلس.فة شائّعا فى فكرنا المعاصر وان كان أقل شيوعا هى 
تراثنا القديم” الذى فضل لفظ الحكمة ‏ وأسس لها علوما بأكملها_هى علوم 
الحكمةز؟) ٠‏ وأن كان بعض القدماء قد استعمل أيضا لفظ الفلسفة ويعنى 
يها الفلسفة اليونانية خاصة(5") 2 بينما. آثر البعض الآخر استعمال تعبير 


: الفلسفة الأولي.. ٠»‏ على الحموم (4) ١‏ 





المؤتمر الفلسفى العربى الثاتئ 8 الجامعة الأزدنية , عمان + ديسنبر /(194 ٠‏ 

)١(‏ يصعب على الانسان أن يعاود الكتابة فى موضوع كتب فيه من قبل عدة 
مرءت فى مؤلفات مثل « التراث والتجديد » , موقفنا من التراث القديم . المركز العربى 
للبحث والنشر , القاهرة ١98٠‏ , دار التنوير ,. بيروت ٠ ١94١‏ أو فى مقالات مثل 
موقفنا الحضارى » فى « الفلسفة 'فى الوطن العربى المعاصر » ٠‏ « بحوث المؤتمر 
الفلسفى العربى الأول الذى نظمته الجامعة الأردنية », ديسمير ١947‏ ص ١١‏ 17 ,2 
المستقبل العريى . ص 57 5١‏ يونيو 1980 , «٠‏ تراثنا الفلسفى » , دراسات اسلامية » 
ص ١44 - ٠١7‏ , القاهرة , الانجلو المصرية ٠ ١18١‏ فصول , العدد الأول , الهيئة 
العامة لملكتاب القاهرة , 1598٠‏ , ومازال الموضوع موضع البحث والدراسة على نطاق 
أوسع وأشمل فى « من النقل الى الابداع » . محاولة لاعادة بتاء علوم الحكمة , , 
وبالمتالى فاقدم العذر اذا حدث بعض التكرار فى هذا البحث , فالمقضية واحدة , 
والموقف واحد ٠‏ كما تتمثل صعوية البحث فى الفلسفة فى كونها بين العام والقضية »2 
بين الدراسة التاريخية والدراسة المعاصرة ,. بين تحليل القديم وقراءة الجديد ٠‏ بين 
تأصيل العالم وروح المواطن , بين البحث العلمى والالتزام بموقف ٠‏ وتلك هى المهمة 
المزدوجة لجيلنا ٠‏ 

(؟) "ابن رشد : فصل المقال فيما بين الحكمة والشريدة من الاتصال , ابن سينا , 
ه النجاة . فى الحكمة المذطقية والطبيعية والالهية . عدون الحكمة , الفارابى : فصورص 
الحكم , الخير أبادى : كتاب الهندية السعيدية فى الحكمة الطبيعية ٠‏ ش 

(؟) الكندى : رسالة فى كمية كتب أرسطوطاليس وما يحتاج اليه فى تحصيل 
الفلسفة ٠‏ الفارأبى : فيما ينبغى أن يقدم قبل تعلم الفلسفة , المسائل فى الفلسفة 
والأجوبة عنها 2 فلسفة أرسطوطاليس » وأجزاء فلسفته . ومراتب أجزائها 2 والوضع 
الذى منه ابتدأا أو اليه انتهى ٠‏ ل لمم لاس مسي 

. .(4) الكندى : رسالة .الكندى .الى- المعتصم. بالمله.فى. الفلسفة. الأولى ٠‏ 


ار . 5 


5 


.أما. لفظ« التراث. » فانه من استعمال المعاصرين تحت أثر الفكر الغربى 
وكترجمة لاشعورية وغير مباشرة لكلمات مذخل لإ 16 وان 1 
ات الت 81 هما“يدل على نهاية مرحلة وبداية أخرى(0) 7 ' ففى 
الوقت الذى يتحول فيه الماضى الى تاريخ ينشا الوعى التاريخى فاصلا بين 
القدماء والمحدثين ٠ ٠‏ حدث ذلك. عندما أصبح أرسطى مؤرخا هععلنا . اكتمال 
الفلسفة اليونانية , وفى معركة القدماء والمحدثين فى القرن السادس عشر": 
ابان عصر النهضة الأوربى وعند ديكارت فى القرن السايع عشير: مميزا: نفسه 
عن القدماء ومعلنا نهاية العصر الؤسيط جتى انتصر الجديد كلية فى العصور 
الحديثة ودبات المرحلة الثانية فى الوعى الأوربى. ٠‏ وقد حدث ذلك أيضا عند 
ادن رشد فى الفلسفة الاسلامية عندما أرخ للسبابقين, عليه » وعند ابن خلدون. . 
عندما أرخ للحضارة كلها وحاول وضبع.قانون لقيام الحضارات. وسقوطها ٠‏ 
ومنذ الاصلاح الدينى الحديث والسؤال قائم بصياغات مختلفة : ماذا خبر 
العالم بانحطاط المسلمين ؟(5) ٠‏ 


وأما مايسمى عند الباحثين هن جيلنا ‏ العقل العرنئ ‏ فئ"« تجديث 
العقل. العربى » أى « نقد العقل العريى. » أى « تكوين الغقل العريى » فائه” 
مفهوم غريب. على التراث ٠‏ فالعقل- لا قومية له ٠6هناك‏ العقل الخالض الذئ"* 
يوجد فى. كل: انسان , .الفاعل أو المسستقل: , بالقوة أى بالفغل » بالملكة أ 
المستفاد 2 وهئ احدى قوى الذفسن ولا يدل علائ حضضازة أو تراث * نشاة”فئ : 
أمة- استلامية 2 'العرب أحد شعوبها ,2 يتحدثون اللسان.. العزوى-* وقد .نشة 
المفهوم فى الغربٍ ابان المد القومى فى- القرن التاسم. عشر الأؤربى مثل - 
« العقل الألمانى » و « العقل الفرنسئ ».وى ١‏ العقل البريطانى » أى «..العقل 


(5) اللفظ موجود فى القرآن الكريم يمعنى الارث المادى مرة واحدة فى « وتاكلون ... 
التراث أكلا لما » وتحبون المال..حبا جما » ( 4 : 45 ٠١‏ ) وليس بمعنى التراث 
الحضارى ٠»‏ فى حين أن مشتقات فهل ل « ورث ( مثل « الارث > والميراث ة قد ورك 
؟؟ مرة ٠‏ ويرد غالبا بمعنى ميراث العلم والحكمة والنبوة والكتاب أو الأرض والجذة 
أو الفردوس وليس فقط بمعنى ألارث المادى ٠‏ 

(5) السيد أبِى الحسن على الحسنى الندوى : ماذ! خم تتام أياتحطاط , 
المسلمين ؟ الأمير شكيب ارسئلان : لماذا تآخر المسلمون وتقدم غيرهم ؟ اوهو تقس | 
سؤال جمال الدين الأففانى وعبد الرحمن الكواكبى وأديب اسدق وعبد الله الثديم 


كفت 


الأوربى » فى « العقل اليهودى » . ومن نفس. البيئكة خرج « العقل. العربى » 
تروجه الأوساط . القومية والعءنصرية فى الغرب ٠‏ ويعطى خصائص. ثايتة : 
للشعوب وطرق. تفكيرها ‏ استئنافا لمفهوم « العقل البدائى » فى. علم. 
الانتروبولوجيا ابان نشأته الأولى(/7) ٠‏ 


:ماف الى يعنى الثرات 9 هل امقس تود هو التراث الفلسفي شخاصة 9 
الرازى ... وكان: لفظ الفلسقة الأول يآتتى كمخنص :قبل المخصستس وليس بعدة 
أم “أن :الملقصنسود: التراث الفكرى كله. الذى. يشتمل على الفلسفة والكلام 
والتصوف . واآضول الفقه أو التراث كله الذى يشمل العلوم العقلية النقلية 
الأربغة:.والعلوم النقلية الخمسة والعلوم العقلية الخالصة الرياضية” 
أى الطبيعية ١ن0‏ 


أها حرف العطف «١‏ الواو » فهى أصعب تحديد! وأدق معنى ٠‏ فمنطق 
العلاؤات أصعب وأكثر تشابكا من منطق الجواهر ٠‏ السؤال اذن : ما الصلة 
بين. الفلسفة والتراث:.. تلك الصلة التى يشير اليها حرف العطف .ويفترضها. 
من. إلبداية ؟ هل .المقصبوب كيف نشت الفلسفة أى علوم .الحكمة فى تزاثنا 
القديم.؟. 1م أن المقصود هى صلة الفلسفة المعاصرة التى ندرسها فى جامعاتنا . 
ومعاهدنا بالمتراث الفلسفى القديم ؟ الأرجح. هو الثانى ٠‏ فالأول سبؤال 
تازيخى_أكاديمى خائص وان كانت له دلالته المعاصرة فى أن الفلسفة قد نشات . 
من:تراثنا. القديم فى.حين أن الفلسفة فى عصرنا اما نقل من النشاة الأولى دون 
نشياة.ثانية أنى نقل غنالتزاث الغربى المعاصر بعد أن أصيح الغرب الحديثهو 
المركز وها سواه من الشعوب والحضارات هى الأطراف ٠‏ وانتقال العلوم 
والمعارف من المركز الى المحيط مثل انتقال الجيوش والخبزات وبرامجالازسال 
من" الجذهزة «الاعلام : والاثانى سؤال: يكشف مباشرة عن أزفة الفلسفة فى 
عالمنا العزيئ اليْوَمرم). ٠‏ اذا تبدو الفلسفة وكانها وليد مريب فى بيئة 
ا 0 قمنم طوعم مطل : قاعم ومتلتوط 
(8) كان هذا هى. موضوع المؤتمر الفلسفى العربى الأول , عمان , ديسمير ,2 
8 , أنظر اعمال المؤتمر فى « الفلسفة فى الوطن العربى المعاصير » , مركز دراسات 
الوحدة العربية , بيروت 19588 ٠‏ 


كف 18 


ثقافية تلفظها. ؟ وفى-كلتا الحالتين القنسفة قي أزمة لآنها تبدو وكانها أما تقل 
للمذاهب الغريية الحديثة والمعاصرة كما هو الحال فى جامعاتنا فى تدريس: 
فلسفات القرنين السابع عشر والثامن عشى فى. الفلسفة الحديثة وفلسفات 
القرتين التاسع عش والعشرين فى المعاصرة ونقل للعلوم الانسبانية الغربية 
مثل علوم المنطق والنفس والاجتماع والأخلاق و السياسة والجمال أى نقل 
الفلسقات والعلوم القديمة مثل علوم الكلام والفلسفة والتصوف باستثناء . 
أصول الفقه الذى لم يحظ حتى الآن بادخاله ضمن العلوم الفلسفية بالرهم ؛ 
من التذنيه على أهميته والتحذير هن اغفاله(1) ' وعلى أقصى تقدير يتم وضع. 
بعض جوائب التراث القديم فى العلوم ‏ القلسفية الغربية. المعاصرة كبدايات " 
لها وصصياغات لا عامية فى مرحلة مَاقبل العلم وأسوة يما يحدث فى التراث 
اغربى . فى أنظرته للتراث الشرقى باعتباره بدايات العلم قبل صياغاته الأخيرة ٍ 
العصوز الحديثة(١5) ٠‏ وأحيانا تعقد بعض مقارنات بين رواد المثالية. 
فى الفلسفة الغربية ومؤسسى حركة الاصلاح الديني فى فكرنا المعاصر :)١1(‏ 


4 


أ أؤمة »2 اافلسفة والقراث 2 


وقد يكون المقصود من 0 الفلسفة .والتراث 6 لفقي إصلة القلسيفة كواقم :. 
حابي أي كفكر ومنهج وخر بالتراث القديم بالعقي الفلسفى الخاص أق 5 


للموروث الفلسفى اقيم ؟ هنا : تشير العلاقة بين الفلسفة اوالقيات . هن خلال 


وكيف يفرض نفسه , فى حالة استيقاظه , على التراث القديم » يتفاعلي معه » 


0 8 
0ك .2 





-(9) مصطفى عبد الرازق .:. التمهيد لتاريخ الفلسفة: الاسلامية .2 على سساهى»: 
النشار : 'مناهج البحجث عند: مفكرى الاسلام. ونقد المسلمين. للمنطق الأرسطئ: د ١‏ .حسن 
حنفى : علم أصول الفقه فى دراسات اسلامية , ص 50 ٠ ٠١4‏ 
)٠١(‏ عيد العزيز عزت : فلسفة التاريخ فى القرن الثامن عشي ».وقد .صدر 
المؤلف كتابه بفصل عن ابن خلدون * | ' : 
010 عثمان أمين : الجوانية , نظرات فى فر العقاد , فلسفة اللغة. العربية 5 
رائد الفكر المصرى , رواد الوعى الاتسائى فى الشرق الاسلامى ٠‏ 


الى بد 


ل 351 مه 


وينتقى معه ٠‏ وينقد رواسبه » ويطور مناصره التى توقفت .» ويبرز مواطن 
قوته ٠‏ 

''"ؤعلى أية حال , سنواء كان المقصود المعنى الأول الذى يجعل العلاقة بين 
الفلسفة والتراث سوّالا تاريخيا خالصًا مشيرا الى تراثنا القديم ( الجية 
الأولتى ) أى كان المقصنود هو المعنى الثانى الذى يجعل هذه العلاقة اسؤالا 
فلسّقيَا معاصرا قريب الصيلة بالفلسفة الغربية الحديثة والمعاصرة حيث أن 
افظ القلسفة أقرب اليها ( الجهة الثانية ) أو كان المقصود علاقة الفكر ذاته ‏ 
والقابننفة كعملية ممارسسة للتفلسف وصلتها بالتراث القسديم 
( الجيهة الثالثة ) فافه يظل سوّالا مطروحا بكل هذه المعصانى الثلاث 
وفى هذه الجبهات الثلاث خاصة وأنها معانى متداخلة وجبهات متشابكة ٠‏ 
وتكون الصعوية فى معرفة الى أى حد تميل العلاقة بين « الفلسفة والتراث » 
الى أي من هذه المعانى أو الجبهات الثلاث(؟١) ٠‏ 


اب أزمة «ر الفاسفة والترات © * 


تتمة أزّمة « الفلسفة والتراث » فى وجود «١‏ ثنائية المصدر » فى فكرنا 
الفلسفئ المعاصر ؛ الفلسفة: والتى تعنى: فئ الغالب الفسفة: الغربية الحديثة 
والمغاصصرة ‏ + والتراث. ويعنى فى الغالب التراث الفاسفى القديم ٠‏ فالفلسفة” 
تأتى من الغزب الحديث ٠‏ والتراث ياتى من تاريخنا القديم ٠‏ ويغنى ذلك 
أن: «“الآخس » هو الحديث المعاضئ-وآن ١‏ الأنا ».هو التاريخ القديم ٠‏ وبالتالى 
بصبم” التمايز بين « الأنا: » ى «١‏ الآخر » تمايزا فى الزمان ٠‏ بين القديم 
والجديد » دين التراث والفلسفة الى آخر مايقال من مصظلحات عصرنا 
وحطلبه الرئيسى فى الأصالة والمعاضرة ٠‏ أما البعد الثالث وهو الذى يمثله 
حرف العطف «١‏ الواو » أى الفكر المستقل اعتمادا على العقل الخالص والذى 
يمكن أن يكون موطن التفاعل بين القديم والحديث فلا وجود. له ٠‏ وهو العقل 
الذزى. نيطت به عدة علوم: فلسفية خالصة وفى مقدمتها الميتافيزيقا. » وان كان 
قد غلبت عن هذ! العام أيضا مادة المعاصرين مثل كانظ وهيدجر وكارنب ٠‏ 





ا 


)١(‏ حسذى حنفى : « دوقفنا الدحضارئى » » الفلسقة فى الوحلن: الفريئى” الرافن: 
ص 031-1586 ص 75 - +214 قضايًا معاضرة ( ١‏ )فى فكرنا المعناصن 'ض 45 ١‏ 


ل 57 م 
كما أن المدخل الى الفلسفة قد غلب عليه ايضا الطابع الغربى فى قسمة 
الفاسفة الى نظريات ثلاثة مشهورة : المعرفة والوجود والقيم دون الاشارة 
الى مايعادلها فى تراثنا القديم فى علم أصول الحديث : نظرية العلم » ونظرية 
الوجود ٠‏ والالهيات التى تضم نظريتى التوحيد والعدل أى مجموع القيم 
وفى مقدمتها استقلال العقل 2 وحرية الارادة , والأهل فى المستقيل 1؟1) ٠‏ 
والحقيقة أن هذه النظريات الثلائة فى الفلسفة الغربية الحديثة انما أتت 
فى بداية العضور الحديثة كفطاء نظرى جديد بديلا عن الغطاء النظرئى القديم 
الذى وردت من العصر الوسيط والذى تم اسقاطه فى غصى النهضة فى حين 
أن هذه النظريات الثلاث مازالت مطوية داخل غلم العقاد فى تراثنا القديم ٠‏ 
وان « أسنس الفلسفة » بالنسبة لجيلنا هى الجبهات الفلسفية الثلاثة التى 
يعتمها موةفنا الحضارى الحالى : الموقف من الثراث القديم , والموقف من 
التراث الغربى » والموقف من الواقع(5١) ٠‏ اا 0 


والضدية الرئيسية لهذه الأزمة هى ظروف العصم التى تم اسقاطها 
ذلية من الحساب مما دنتج عنه حيرة طلاب الفلاسفة بين التراث: القسديم 
والفلسفة المعاصرة ٠‏ ومع ذلك نشكو من عدم ارتباط مقرراتنا. الفلسفية بروح 
العصر وعدم تعرضها لمشاكله » ونثير الموضوع على صفحات الجزائد ؤوفى 
آجهزة الاعلام كنوع من تبرئة الذمة أمام النفس وكأننا على وعى بالأزمة 
ونحاول جاهدين ايجاد حل لها ٠‏ والسبب واضح وهو حصان طالب الفلشفة 
بين هذه الجبهات الثلاثة : تراثنا القديم » والتراث الغربى المعاصي ». ؤواقع 
عصرنا وهمومه دون مارابط عضوى أو تفاعل. بينها ٠‏ والحل أوضح وهو 
تجديد الموقف بدقة من هذه الجبهات الثلاثة وايجاد عناصر التفاعل بينها حتى 
لا دميل وعينا القومى تجاه أحد منها متناسيا الآخر تماما ومتجاهلا له 
فيهزم فيه , ان تخريج « السلفية » من الجبهة الأولى , كما تخرج « العلمانية » 
من الجبهة الثانية » وتحاول «٠‏ الاصلاحية » الخروج من الجبهة الثالثة ': 
وكل. فريق يتجاهل الجبهتين الأخرنين أو- يكتفئى بمعاءدانهما وتكفيرهما .. 
لا فرق بين هذا الفريق أو ذاك -٠‏ 

وقد تكون أحد أمدباب هذه الأزمة هو أن الجبهتين الاولى والغانية ؟عذ ' 

)١6(‏ د١٠‏ توفيق الطويل : أسس الفلسفة , دار. النهضة العربية , القاهرة ./ا117 

)١4(‏ د١٠‏ حسن حنفى : «١‏ موقفنا الحضارى » بحوث المؤتمر الفلسفى العربى الأواه 

دراسات فلسفية 


6ة ب 


التراث . القديم والفلسفة الغربية المعاصرة هى عدم تمباويهما من حيث العمق 
التاريخى ٠‏ فالتراث أعمق من الفلسفة فى وعينا التاريخى ٠‏ ان يمتد الترأث 
في ي وعينا القومى. .أكثر من أريعة عشر قرنا فى حين أن الفلسفة الغربية ولددة 
فيه منذ قرنين. من الزمان ٠‏ فهى الم تكون تراثا قديما .بعد والأجيال التى 
عملت فيه لا تتجاوز الجيلين أو الثلاث . بل ان التراث الغربى عند أصحابه 
مازال معاصرا بالنسبة الى تراثه القديم فى العصر الوسيط أى فى العصر 
اليونائي ٠‏ وهي أيضا كذلك حتى عند الاتجساهات المحافظة فى الفلسفة 
المقاصزة مثل التوماوية الجديدة التى تعتبره مجرد قوسين ٠‏ تأويلا جديدا 
لوضوعات أساسنية فى العصس الوسيط ٠‏ وأذا كان التراث أكثر رسوخا في 
وغينا التاريخى من الفلسفة فان التهبير « التراث والفلسفة » يكون أصدق 
من « القلسفة والتراث ' ٠‏ فالأولوية للتراث على الفلسفة لأنه أعمق تاريذيا 
وأرسخ وجداذيا فى اوعينا القومى ٠‏ - 


وقد .يكورن أحخد أسياب. عدم التوازن فى وعينا القومى دين التراث 
والفلسدفة. هى أن :التراث' معلوم الهوية اذ يعنئ ترادنا القديم: أنه يعبر عن 
هؤية الأنا , فى حين أن الفاسفة .والتى قد تعنى الفلسفة الغريية المعاضرة 
أقل وضوحا فى -التعبير عن الهوية + وهوية:من ؟ هوية الأنا أم هوية الآخر:؟ 
وإذا كانت.هوية الأنا فهل هى. هرية الأنا القديم ثم هوية الأثا المعاصر ؟ 
وبالتالى ينشا فى الأنا ولاء مزبوج لهويتين غير متكافئتين 2 هوية القديم 
برسوجه وعمقه التاريخى. ٠‏ وهوية المعاصر بحداثته وغربته ٠‏ وتشتد الأزمة 
بحيث يستديل 'الجمع بين التراث والفلسفة بحرف العطف لأن العلاقة يينهفا 
عملاقة صراع وتضبساد: منذ نهضتنا الحالية ٠‏ فاذا كان التراث يعبر عن 
« الأنا » , والفلسفة تبر عن « الآخر » ٠»‏ فان علاقة التراث بالفلسفة تحددها 
علاقة الصراع بين الأنا والآخر ٠‏ بين التحسرر والاستعمار ».بين اأشرعية 
واللاشرعية:, بين الجماهير: والصسفوة , بين المحصسكومين والحكام *٠‏ 
وهل يمكن حل هذا الصراع بين الأنا والآخسر.: بين الجبهتين الأولى: 
وااثانية الا فى الواقع المباشر أى الجبهة الثالثة . حيث يدور القتال ؟(١١)‏ 





00 00 ى* حسن “حلفى:. «٠:‏ التراث والنوضة الخضارية »:., أعمال ذدؤة « الابداع 
الفكزئ الذاتى م الكويت: : أكتوير 1 07 التراث والعمل السياسى ©“ 2 أعمال ندوة 


د 


أ س 


: مظاهر الأزمة‎ 3 ٠ 


وتبدى الأزمة فى تعاملذا مع التراث القديم فى نقل علومه كلها دون. 
ما اختيار أو تطوير ٠‏ فغالبا ماتنقل الفلسفة والكلام والتصوف دون اصول 
الفقه مع أنه وكما ذبه .على ذلك رواد البحث الفلسفى فى عصيرنا » أهم. مواطن 
الابداع فئ فكرنا الفلسقى المنطقى المنهجى ٠‏ ومازال قابعا فى كليات الشريعة 
فى الجامعات الدينية مثل الجامعة الأزهرية ٠»‏ والجامعات الاسلامية يام 
درمان والقرويين والزيتونة أى فىكليات الحقوق فى الجامعات الوطنية مطويا. 
فى الشريعة الاسلامية وكأنه أحد مقدماتها دون مقارنة بينه وبين العلم الموازى. 
له فى التراث الغريبى أعنى دمنطق القانون ومناهج تفسيره(1١) ٠‏ أسقطنا 
أصول الفقه من الحساب مع أنه منطق النص » وروح الحضارة .2 ومنهج 
الفكرء وموطن الابداع, وبالرغم من شكايتنا المستمرة منغياب الفكر المذهجى 
فى فكرنا المعاصى , ودعوتنا الى أهمية المنهج فى الفكر الغربى ٠‏ 


وفى تدريسنا للعلوم العقلية النقلية الأربعة وضعناها كلها على مستوى 
واجد دون أن نفضل بعْضها على بعض , فعام الكلام كالفلسفة كالتصوف 
سواء بسواء دون تمعاين بينها من حيث الأهمية أى النفع بالنسبة لمعصرنا 
الحاضر بل ودون جدل بينها ,. هذا الجدل الذي أدركه القسدماء 
فالفلسفة تطوير العقائد فى الصراع الدائر بين المتكلمين والفلاسفة(07) ٠‏ 
والتنزيل فىوصراع مع مع التأويل وهو الصراع المشهور بين الفقهاء والصوقية :٠‏ 
والمتكلمون فى صراع مع المصوفية » وهى الصراع بين منطق العقبِل 
ومنطق الذوق ٠‏ دين البرهان والكشف , ومحاولة الفلسفة الاشراقية من 
ناحية وحكمة الاشراق من ناحية أخرى الجمع بينهما(6١) ٠‏ وقد. حاول 





التراث والعمل: السياسى ٠‏ نمنتدى الفكر والحوار , الرياطً . ١1587‏ ,2 د التراث والتفير 
الاجتماعى » , أعمال ندوة « القضايا الاجتماعية للتنمية فى عصر » , معهد التخحليط 
الآومى » مارس . ١548١‏ , القاهرة ٠‏ 
.(03) 1 8010106 غ6 جاه اهام عاص 0 علمطغه86 : ودع ."1 
4 عوط ,. سآ كتكتقومم كلام هدق 
)١7(‏ ابن رشد : مناهيج الأدلة فى عقائد الملة 2 تحقيق د١٠‏ همحموبء قاسم , 
الانجلو المصرية , القاهرة ٠ ١9514‏ 


- « و1 - 


المتآخرون كالمتقدمين «احصاء العلوم» مناجل تحديد علاقةالعلوم كلها بعضها 
الالهيات بالطبيءيات » وعلم الكلام وعلوم الفقه بالعلم المدنى(9١) ٠‏ 


'وننقل مادة كل علم وعلى أقصى تقدين نصف ذشاته وكاننا غرياء عنه , 
متفزجون عليه أشبة بالمستشرقين من أصحاب البلاد سواء بسواء مع أننا 
جزء مه ؤمسنؤولون عثه ٠‏ توقف العلم لأننا انفصلنا عنه » وتخلينا عن 
منسؤوليتنا “تجاه كجزء من. التخلى عن المسؤوليات العامة لرجال العلم 
ولعلماء الأآمة وتركها فى 'أيدئ أولى الأمر ٠‏ وكان من نتيجة ذلك أن توقفت 


العلؤم بعد نشاتها وتطورها واكتمالها ٠‏ 


... -وفى >كل. علم. نعرضن -لأمهات المسائل : والخلاف حولها وكائنا لسذا 
طرفا فيها 2 وكأن الأمر: لا يعنينا. فى قضايا المصير ٠‏ ففى الكلام نعمرض 
للخلاف بين المعتزلة والأشاعرة ولا نفضل التنزيه على التشبيه فى التوحيد , 
ولا:نؤثر .العقل-غلى النقل »ولا خرية الازادة على الجبر والكسب فى العدل٠‏ 
ؤلا-نعطى الأولوية: للعفل على "الايمان فى الأسماء والأحكام ولا للاختيار على 
النض"فى الاغامة * فلا تزال الامامة فى قريش أى فى فئة لا تخرج منها ٠‏ 
وهى. اختيارات 'قديمة :فرضتها ضرورات العصور القديمة ابان النزاع على 
السلظة 'منذ أيام الفتنة الأولى والتى خفظتها الكتب المدونة ويكررها الأساتذة 
فى .الجاهعات' الدينية :والوطنية بالرغم من تغير الظروف والتى تحتم اختيارات 
بديلة : طيقا: لخاجات غخرنا ٠‏ مازننا تؤرخ للفرق دين الفرق دون محاولة 
للجمع دين الفرق وتخن أنتاعاو :الى الوحدة الوطنية ونريد تأسيس الجبهات 
الأوطفية: يَعيِدا عن أحادية “الطرف فئ الدكم وكوسيلة للخلاص ٠‏ 


وفى الفلسفة نكرر القسمة الثلاثية القديمة : المنطق والْفَيبِيَات والألهيات 
دون آبة مجاولة لاعادة بناء المنطق الصدورى القديم الى منطق شعورى أو 


وس 





(14) حمسن حنفى. ::.ه حكمة' الاشراق. والفينؤمينولوجيا' » فى دراسات اسلامية 
ص لاا 766 م 

.. (19). القارابى :. احصاء العلوم ص اكاك ١١8‏ , تحقيقال٠‏ عثمان أمين ,2 
دار الفكر العربى . القاهرة , 1549 - 


1١ 


جدلى أى اجتماعى ٠‏ ونكرر الطبيعيات القديمة ودرجاتها وترتيبها 
الصاعد من العناصى الأربعة الى المعادن الى النبات الى الديوان الى النفس 
والطبيعة ساقطة هن وعيثا القومى ٠‏ ونكرر الالهيات القديمة باشراقياتها 
وفيضها واعطائها الأولوية لله على العالم دون مامحاولة لاعادة بنائها لرد 
الاعتبار الى العالم من أجل القضاء على اغترابنا فيه والعودة اليه ٠‏ ونثيت 
الضروزة الكونية فى العالم التى تحتمها أحكام النجوم ودوائر الأفلاك » ونرى 
الظوالع لمعرفة مصائر البشر ٠‏ ونرى المدينة الفاضلة متمثلة فى الدولة الهرمية 
التى تأخذ القمة فيها كل شىء ويسلب عن القاعدة كل شىء ٠‏ تعيد البناء 
القديم والانسان والتاريخ فيه غائبان » وهما محورا التقدم فى كل حضارة 
ولدى كل الشعوب(١") ٠‏ ظ ' 


ونعيد التصوف القديم ونكرره كعلم دون أن نحدد نشاته التاريخية 
الذاتية وليست مصادره ومؤثراته الخارجية كما يفعل المستشرقون طبقا لمنهج 
الأثر والتاثر , فقد كان التصوف مجرد رد فعل تاريخى على تيار البذخ 
الأثر والتأثر , فقد كان التصوف مجرد رد فعل تاريخى على تيار البذخ 
والترف ونتيجة للتكالب على العالم , والامتثال بين الفرق السياسية , كل 
منها تدعى أنها أولى بالحكم الشرعى ٠‏ وتكفر الأخرى ٠‏ كان التصوف حركة 
مقاومة سلبية بعد أن استحالت المقاومة الفعلية وبعد أن اسستشهد العديد 
من الآئمة من آل البيت فى خروجهم على السلطان ٠‏ لم تبق الا محاولة 
الخلاص الفردى بعد أن استحال الخلاص الجماعى ؛ وترك الدنيا بمن فيها 
على من فيها بعد أن تكالب الناس عليها » والهروب الى الله بعد أن استعصى 
العالم واستحالت السيطرة عليه ٠‏ ولا نطرح سوؤال : هل الموقف الآن هو 
كذلك ؟ هل المقاومة فيوس منها ؟ هل مازال الهروب الى الله مطروها ؟ 
هل انقان الجماعة قد انتهئ الى طريق مسدود ؟هل استشهد منا 
.قادة المعارضة مثل ما استشهد من آل البيت ؟ مازلنا ندرس التصوف ٠‏ 


- ٠١7 حسن حنفى : « تراثنا الفلسفى » ؛ فى « دراسات اسلامية » ص‎ ٠١د‎ )٠( 
وأيضا « لاذا غاب مبحث الانسان فى تراثنا القديم ؟ » 2 نفس المصدر‎ , 4 
لماذا غاب مبحث التاريخ فى ترائنا القديم ؟ » » نفسن المصدر‎ «١ , 4١5١  9#* ص‎ 
٠ ص 5١اغ] 5غ‎ 


ع ؟. 5 


وندرسه كدركة خروج من العالم يدنما العالم ينزلق من بين أيدينا. » ويفر 
من بين أصابدنا » ويهرب فاقدين السيطرة عليه ٠‏ ثم يأتى الغير كبديل .عنا 
ليحل محلذا بحجة المساعدة والعون والتعاون المشترك والتنسيق المتبسادل 
واانا ورات. المشتركة . 


وفى كليات الشريعة فى الجامعات الدينية وكليات الحقوق فى الجامعات 
اللوطنية نكرر النسق القذيم فى غلم أصول الفقه وتبرز المدارس الأربعة وكأنها 
منختلفة متباينة دون أنْ نراها من منظور واحد وكمنهج واحد مع تأكيد كل 
مدرسة على أحد خجوانبه  ٠‏ فا مالكية تعطى الأولوية للواقع على النص , 
والخنفية تغطى الأؤلوية للقص على الواقع , والشافعية تجمع بين الاثنين 
طبقا لأضرورة والمصدلحة وتغير الزمان والمكان » والحنبلية دعوة الى العودة 
الى الأصول يعد أن تشعب الفكر , وتضاربت مناهج الاسددلال »2 وتداخلت 
اهؤْاء والمصالح , وتشابكت العلل ٠‏ كما نكرر النسق القديم فى ترتيب 
الأضول 'الأربغة : الكتاب والسنة والاجماع والقياس ٠‏ وهى ترتيب كان 
يتفق مع رؤح العصر القديم ذظرا لقربه من الوحى وأولويته على الواقع ٠.‏ 
فى ين أن روح العصر الحالى : واستناد! أيضا الى روح الوحى الممثلة 
فى أسباب النزول و « الناسخ والمنسوخ » تعطى الأولوية للواقع على الفكر ٠‏ 
وبالتالى يكون ترتيب الأصول الأربعة الذى يفرضه روح العصر : القياس » 
والاجماع . والسنة , والكتاب ٠‏ وهو الترتيب الصاعد فى مقابل الترتيب 
النازل القذيم ٠‏ الاستقراء فى مقابل الاستنباط , القاعدة فى مواجهة القمة ٠‏ 
والاففيم الشكاية منْ غلق باب الاجتهاد , وقلة الاعتماد على العقل ؛ وغياب 
المنظق 2 وضياع اعمال النظر ؟ القياس هو تجربة الفرد الخاصة وجهده 
الذقلى الخالص ٠‏ وهى قادر على الاستدلال اذا استكمل شروط الاجتهاد : 
العلم بمنطق اللغة والدراية بأسباب النزول الأولى والوعى بمصالح 
المسلمين الحالية وهى أسباب النزول الثانية كى ظروف قراءة النص حاليا 
والاجماع تجرية ة «انساذية مشتركة دين علماء الأمة 2 نوع من الحوار الحر 
دين المفكرين والأمنذظرين وقابة الراى دون ماخوف أو قهر أو اسدتبداد بالراى 
الواحد أو الهام يأتى حتى ولو كان رأى الخليفة أى الامام أى قاضى القضاة 
أى سارى العءسكر ٠‏ والسنة هى التجربة الفريدة انموذج التدقق الأول فى 
دياة مبلغ الوحى للاسترشاد بها كما هو الحال فى المسيدية البسدائية 
واليهودية الأولى ٠‏ والمراحل الأولى فى كل المذاهب الفكرية قبل أن:تنالها 


عوامل التاريخ وصراعات القوى بالانحراف والتغيير أو الضياع ٠‏ والكتاب 
هو .تجارب الأمم والشعوب على مدنى التاريخ ٠‏ التراكم المعرفى. الانستانى 
الشامل المتحقق مع مراجعة العقل والفطرة وكما تيدى فى الحكم والأمثال 
والماثورات والآداب الشعدبية(١؟) ٠‏ 


واسقطنا العلوم الذقلية الخالصدة من الحساب فتلقفتها الجامعات الدينية 
وبعض: أقسام اللغة العربية قى الجامعات الوطئية تعيد فى الأغلب اجترار 
علوم القرآن والحديث زالتفسير والسيرة والفقه كما تركها القدماء بلا تطوين 
وبلا نقل لها من مرحلة العلوم النقلية الى مرحلة العلوم النقلية العقلية ٠"‏ 
وتلك ه.همة المعاصرين حتى تأتى أجيال لاحقة فتحولها الى علوم عقلية 
خالصة ٠‏ وهى أكثر .العلوم حضور! فئ وغينا القومى ٠'فقد‏ استقرت فى 
الأذهان.2 وترسددت فى الوعى ٠‏ وامتلآت بها المكتدات العامة والخاضة فى 
المساجد والقصور » وقامت عليها المعاهد والمدارس الديذية » وشاعت وراجت 
طباءة » وتوزيعا ٠‏ وكسنب الناشرون من وراءها اللملايين ٠:‏ يستشهد بها 
الأذمة والخطباء ,. ويستعملها العامة والخاصة كحخجج سلطة للاثيات أو 
الذفى 2 وهى العلوم التى نشأت نقلية خالصة وتوقف تطورها ولم تتحول 
بعد الى علوم نقلية عقلية ٠‏ كباقى العلوم الأربعة الأخرى التى تغلب على 
أقسنام الفاسفة ٠‏ وا ظلت بعيدة عن اعمال العقل وممارسة النقد امتلات 
بالأستاطير وسادتها الخرافات + واب عنها النقد الداخلى » واكتفينا بالنقد 
الخارجى كما وضعه القدماء ٠‏ ْ 


.. لم تتطون. علوم القرآن منذ: السيوطى والزفركشئ 2 ولم تزد أبوابها 
عن الأدواب القديمة التى تبلغ: المائة بما فى ذلك الحرف والشكل والصوت 
ودون .التمييز دين ماهو دال ودين مالا دلالة له ٠‏ ظللنا نردد:مادة كانت لها 
دلالتها عند القدماء لقرب عهدهم بالوحى مثل : هل الفاتدة “جزءَ من القرآن؟: 


)01 اه 8055331 ب عونع 16 0 ه8هرآ : القطقط لؤوقمة]ط1 
ل1-اج 1511 110 .ممتفصعطة#مصدمه 18 06 مأسعصطه دم 065 ععدعاءه 10 
30 ومعطعك8 وهل غه وعطاذعآ و06 ,قاعم 5ع0 [العقصه0 ع1 63-161 .مر 

65 ,عزون عن[ رقعلمواء 


دان ا 3 


هل البسملة جزء من السورة ؟ وهى مسائل لم تعد بذات دلالة عندئا لأنها 
استقرت ولم تعد موطنا للنقاش ١‏ واثارتها مع غيرها مثل ضرورة حذف 
« قل » , « قال » أوى تغيير التاريخ الهجرى الى تاريخ مولد الرسول يجلب 
الضرر أكثر مما يجلب النفع ويفرق أكثر مما يجمع ٠‏ فى حين فرض عصررنا 
أن تكون الأولوية لأبواب أخرى ذكرها القدماء دون التركيز على دلالتها مثل 
«. أسباب النزول » أى أولوية الواقع على الفكر , « الناسخ والمنسوخ » 
أى تطور التشريع فى الزمان وقياسه على القدرة والأهلية , المكى والمدنى , 
أئ' التصور والنظام , والعقيدة والشريعة ٠‏ النظر والعمل ٠٠١‏ الب ٠‏ 


وظلت علوم التفسير القديمة ضحية التفسير الطولى الزمانى المتقطع , 
سورة بعد سورة » وأية بعد آية حيث يتوزع الموضوع الواحد فى عديد هن 
الأمكنة فتضيع وحدته ١»‏ ويفقد الناس رؤيته » ويتفتت بناؤه »١‏ وبالتالى لا يغير 
من الواقع شيئا ولا يقدم له نظرية ٠‏ فى حين أن التفسير الموضوعى للقران. 
قد يكون أقرب الى روح العصر لمعرفة موقف الوحى من الأرض والملكية والعمل 
والطبقات الاجتماءية والفقر والغنى وعوائد النفط والتبعية للأجنبى والحرية 
والقهر )52(١‏ كما كانت علوم التفسير القديمة ضحية النزعة التاريخية أى 
البحث عن الوقائع المادية التى يشير اليها النص فى حين أن النص هجرد 
باعث على الفعل والسلوك وصدقه النظرى فى تطابقه مع التجربة البشرية 
وليس مع الوقائع التاريخية(؟؟) ٠‏ 


أما علوم السيرة فقد تكون هى المسؤولة عن التشخيص. فى. حياتنا 
العملية وعبادة الأشخاص عندما تتتدول الأفكار والمذاهب والمبادىء ونظم 
الدول بل وعصور التاريخ الى أشخاص. » الوحى مبادىء لا مشخصة , 
ونظريات لا شخصية » تصورات مبدئية » وشرائع عامة ٠‏ والرسول مجرد 
مبلغ للوحى ٠‏ وأول مبين لعمومه » ومطبق لشريعته ٠‏ ليس الرسول وحيا 
بشخصه والا وقعنا فى التدمور المسيحى للوحى ٠‏ وهو المسيح بشخصه 


(1؟) محمد باقر الصدر : التفسير الموضوعى للقرآن ٠‏ 
(75) دء حصن حنفى : قراءة النص ٠,‏ مجلة ألف , العدد السابم 2. ٠ ١584‏ 


أو الكنيسة بمؤسساتها ٠‏ علوم السيرة نشات فى. المسيحية نظرا..لتمول 
العقيدة من الكلمة عند المسيح الى الشخص. عند الحواريين خاصة يولس . 
ولتقديس الحواريين من بعده وتعظيم الرهبان ودفنهم فى الكنائس واقامة: 
المعايد فوق المقاير ٠‏ ولكنها قد لا تنشأ فى الاسلام .لآن الرسول مجرد مبلغ 
لإوحى ٠‏ كان يأكل الطعام ويبثى فى الأسواق ؛ ابن امرأة كانت تأكل القديد ». 
رسبول قد خلت من قوبله. الرسل ٠‏ لا يقوم بالعجزات فى حياتّه أو بعد ممائة 2 
ولادته ومماته مثل سائر البشر ٠‏ لذلك كان تشخيص الرسالة فى-علوم السيرة. 

هو الراسب التاريخى المكون لعبادة الأشخاص فى حياتنا القومية المعاصرة ٠‏ 
3م. قوت نظريات الشفاعة والولاية والتوسط والمحبة والتى شملت أل البيت 
أيضا هذا التشخيص من خلال الطرق الصوفية التى تعتبر الرافد..الأول الدينى 
الشعبى الذى يمارسه الناس فى. حياتهم اليومية ٠‏ ظ 


آما علوم الحديث فانها استطاعت دبحق أن تضيط صحة 3 قوإل الرسول. 
نول أن تشعءبت وزادت ونقصت واختلط .الصحيح . منها بالموضوع ويعد. أن. 
ظروف العصر الأول : تحدم النقد الخارجى والاعتماد على صحة السند 
الرجال لقرب العهد برواة الحديث : ولكن الظرف الآن قد تغير ودعد عهدنا 
عن عهد الرواة 4 وأصبح عصرنا أكثر قدرة على النقد الداخلى ألى اعطاء 
الأولوية للمتن على السدل 2 والاستد لال على صحة الحديث من صحة المتن » 
واتفاقه مع العقل والحس ٠‏ مع البداهة والواقع . مع التجرية البشرية 
ومصلحة الجمهور ٠‏ وهى بعض مقاييس صحة سند المتواتر مثل : : استقلال 
الرواة أى عدم خضوع الراوى لأية ضغوط لتغيير الذمة واستحالة التواطىء 
والاتفاق على- تغيير الرواية » العدن الكافى منهم حتى يصدبح الاطراد فى 
القول أساس الصحة مثل اطراد التجربة البشرية , التجانس فى الزمان أى 
تجانس انتشار الرواية عدر العصور لاخقاء فجأة أو شهرة فجأة حتى يمكن 
معرفة مواطن الوضيع وجماعات المصلحة التى تردد اخفاء النص أو نشره ٠‏ 


أما الققه فانه كان أيضا وثية ثيق الصلة العصر . القديم فغلبت فيه ١‏ العبادات 
المعاملات 3 وتدويب الققة دأيدى فرق السلطان حتى يقنن للناس شريعة 


ا( 
7 
8 
ل 


تغلب .عليها الشعائر. و الطقوس: ولا تتعزض الى الحياة .العامة الا فى الفروع 
ركما .هو الحال فى الامامة فى علوم أضول الدين 'عندما وضعت كآخر مسآلة 
فى نسق .العقائد 2 كفرع لا أضل . على هامش العقيدة وليس فى صلدبها 2 
اتباعا للغعرف وليس طبقا. لضرورة العقل ومقتضيات. العقيدة: ٠‏ فى 'حين 
أن أزمة عصرنا فى - هذه الغلبة بالذات وتقوازى. المعاملات. عن الغيادات 0 
وامتلاء .حياتنا. العامة بالمعبادات وانفلاث المعاملات: طبقا : للفنافع: الشنخصية 
وأساليب الاستغلال وتهريب رؤّوس الأموان مع غطاء فقهى: صسورى عن 
المصارف.الاسلامية وشركات توظيف.الأموال + لقد كان هم الفقه القديم مغرفة 
الأحكام الشرعية ؛. الجلال والحرام... نظرا: لقريه من- عغصى النبؤة ونحاجة 
الذابن" البى هذه المعرفة..٠‏ واقتفينا الأثر . وزايدنا فى-_الاينان 2 فركزنا على 
الحلال والحرام تاركينالمندوب.والمكروة“ أئ: مجيلين: ايناهما. .الى الحلال والحرام 
كما فعلت الصوفية من قبل » ونسينا المباح ٠‏ طرحنا سوال التحليل والتحريم 
فى : كل شىئء. حتئ” أصبحت حياة البعض هنا" هاجسنا وسواسا ترى الحرام 
فى كل شئء مع أن الحلال أو:"المباح أحد أحكام الشرع الخمسن ٠‏ وكل ماشكت 
عن الشرع تحليلا أى تحريما فهو مباح”٠‏ ولا حلال الا ماخلله الشرع ولا 
حرام الا ماحخرمه الشرع ٠‏ أحالث فرقنا' الاسلامية المعاصرة . مثل الصوفية 
قدَيمًا: ‏ المكزوه' الى الحرام ؛ والمندوب الى الواجب ٠‏ وتحولت حتاة “المسلم 
الي أتنائية الحلان والحزام » وضاءت حياة التوخيد » وانزوت أمام المأنؤية 
الأولى ودنائيات: الخير والشر وتعارض النور والظلمة » وضاعت "من النفس . 
الطفانينة والسكينة وحياة السلام » وتحولت: الى حياة الحرب والتضاد 
والمتراع فى معركة وهمية غير متكافئة دين قوى الفرد وقوى الاحببساط 
وضدنؤف القهر ؛ أو مايسمي بقوئ الخير وقوى الشر ؛ بين الفضيلة والرذيلة” ١‏ 
مع أن روح العصر تتطلب تحرير الناس من عبودية الحكام وأسى التقاليد 
وقهر القوانين ودعوتهم , الى الطبيعة أساس الوحى ' وتبدتهم بالمباح قى الحلال: 
اشاس الشريغة , دراءة الذمة أو البراءة الأصصدلية . رحمة بالناس ٠‏ 


كما درسنا العلوم العقلية والطبيعية الخالصة فى مآدىة' » تاريخ م العلوم 
عند .العرب 34 سواء العلوم الرياضية أو الطبيعية مكررين نظريات القدماء 
أو .مقارنين بينها ودين العلوم الغربية المعاصرة حاكمين بأن كان لنا قصب . 
السيق على غيرنا حتى نرضى أنفسنا الإحساس بالنقص وتعويضا للتوقف 


2 


الحالى ‏ مادمذا فى الماضئ قن سيقنأً 'غيرنا فان ذلك قد شفع لنا تآخرنا '' إلحالي ظ 

قد يعطيا :وهما باللحاق ‏ وقد تكون أقرب الى تاريخ العلوم الصيرف فى. 
المراجل السابقة: لتطور العلم الغربى الحديث ٠‏ وبالأخض نقل غلوم اليونان 
وترجفتها الى العلم: الغربى قبيل عصر النهضة . وهى صورة تاريخ العلم. 


العاغ :من “وجهة النظر الأوردية حيث يضنب “كل شىء” ة فى الغرب الحديث منذ 
البداات الاولى لعل ف الصنين والهثد وفارين ومع و “العرب المسلمين ٠‏ . 
ها العلم العربى والاسلامى الا حلقة اتصال د بين : العلم اليونانى والعلم 


الغربى ٠‏ لنا شزف النقل وجهد الخامل وان تعض الأمر أحنانا على فهم 
المسلمفين . فأساووا التاويل وخلطوا بين' العام والدين » بين أرسظي 
وأفلاطون ٠‏ ولم 'ندرك أن حتىئ التسمية ( تاريخ العلوم عد العربٍ » “خاطئة 
لأن الموضوّع٠هى‏ نشأة العلزم عند المسلمين لأن حملة: العلم 'كانىا مسلمين. 
كمنا “أن “العام نشأ بفضل الاسلام الذى يجب الجنسية والقومية ٠‏ وان القول 
بأن أكثر حملة العلم كانوا من العجم هئ رد' على خطا بخظا آخر 2 عجم فى 
مقابل العرب » ومجموع الخطاين لا يكون صوابا ٠‏ حتى وان كانت العروية 
تعذى اللسان فان, بعض المؤلفات العلمية مكتوب باللغات الفارسية .والتركية. 
والهندية' ٠‏ كما أن التعريب قدٍ تم بفضمل الإسلام ٠‏ ان المهم. لدينا ليس ,هي 
تاريخ العلوم الذى 'وصل الغرب الى نهايته وجعل كل مساهمات الشعوب. 
اللاغربية أذيالا له وفصل عن قصد بين العلم وتاريخ. العلم . ٠‏ بين البيئة 
والتطور ٠‏ بين النهاية و البداهة : بين الغرب ومصادره فى الشرق ٠‏ ان: 
مايهمنا 80 ى العلوم المقلية الخالصة هى كيفية خروج هذه العثوم من . التو حيد؟: 
ما الصلة بين وظيفة العقل وتصور الطبيعة من ناحية. وبين التوحيد. من .ناحية. 
أخزى. 9 هل استطاع التوحيد توجيه العقل نحو الفكر . الخالص يفعل التنزيه » 
وتوجيهه نحو الطبيعة . بفعل الارادة والخاق ؟ هل استطاءعت هذه العلوم. 
الكشف عن الهوية التامة. بين الوحى والعقل والطبيعة ؟ هل. أستطاعت أن 
تضدع هوية بالعقل و الطبيعة .على انها هوية الوحجى ودون. الاحالة اليه ؟. 
كيف استطاع العلم الاسلامى الخروج من التوحيد أى كيف تحول الدوحيد 
الى علم عقلى طبيعى خالص ؟ كيف طبع التوحيد العقلية الاسلامية مو جها 
اياها ندحى الرياضتيات الخالصة والعام. التجرينى الخالص ؟ هل هناك صنلة. 
دين أوصاف ألذات : القديم أى مالا أول اله والباقى أى مالا نهاية له بحساب 
اللامتناهى في. الرياضيات ؟ هل هناك ضلة ٠‏ دين الواحد وحساب التفاضل 


اك 


والتكامل ؟ ما الصلة بين التنزيه والفن الاسلامى أى توالى الأشكال الهندسية 
الى مالا نهاية من كل الجهات ؟ ما الصلة بين الابتعاد عن التجسيم والتشبيه: 
فى الصفات وبين الابتعاد عن التصوير والنحت فى الفن ؟. هل. هذه الدواقع 
مازالت باقية بعد أن استقر التوحيد وجمد فى الأذهان آم أنها مستمرة. 
لا تخضع لروح العصى بل تنيع من البنية الداخلية للفن ولتكوين العمل الفنى 
مثل آولوية الفنون السمعية على الفنون البصرية بصرف النظر عن الوحى 
كلمة أى لواحا 9 هل يمكن أن تنشا فنون الرسم والنحصت والتصوير لدينا 
بدوافع اسّلامية دون تقليد للغرب ؟ ان العلم الحالى لدينا اما نقل. عن العلم 
الغربى دون تعرف على فلسفته وأسسه النظرية ٠‏ نهاية بلا بداية » تطبيق 
بلا نظرية واما انغلاق على الذات ورفض له باعتباره قائما على تصورات, 
ودوافع لا اسلامية » ثم تتحول هذه التصورات والدوافع الى عقائد وأشياء. 
لا توجه الشعور ٠‏ ولا تؤثر فى الذهن ؛ ولا تطبع العقلية بشىء , لا تثير فِيها. 
ابداعا » لا تثير العقل الخالص ولا توجبه نحو الطييمة زاج . 


أما الغلوم د الاتسانية » اللغة أوالأدب والجغرافيا والتاريخ فانها 
لا تكاد تذكز فئ أقسام الفلسفة , وذحولت علوم اللغة والأدب الى أقسنام 
اللغة العربية وآدايها , أما الجغرافيا والتاريخ فلا يكادان يذكران لا في أقسام ‏ 
الفاسفة ولا فى الأقسام المفتصة بهما كالجغرافيا والتاريخ ٠‏ فالجغرافيا 
علم غربئ معاصر بكل أنواغها » والتاريخ مجرد مراجع عامة ومصادر تركها 
القدماء قحتوى على أخباز بصرف النظر عن دلالأتها ٠‏ أنما تركناهما كهواية” 
للاساتذة أو المثقفين يكتبون عن الجغراقيينَ العرب والمؤرخين العرب وكيف 
أنهم قد حازوا قصب السبق ٠‏ كانوا رحالة يجويون الأرض , ويضيعون 
الخرزاكظ: » ويضفون البقاع » وكانوا مُرشدين فئ عصور «١‏ الكشوف 
الجغزافية » الغربية دون بحث عن دلالات ذلك كله فى تؤجيه الوحى العقل 
نحو الطبيعة والدعوة الى التقكر فى الجبال والأنهار والأديان وأسياب نزول 
الأمطار واندلاع اليرق"واظلاق أصوات الرعد وعلل الزمهرير والثلج والصقيع 


1( ه21 01 911525629713206 لاقمتباة ‏ : المصم جددودآز 
بلاحط عاعهغ5 ,لإعم1مصطعع1 320 عتتاالتاهء ,عنطو 8‏ : 1980 ,سامطعاءهغ8 
-1/16 015 0201037طتعدطعط2 ,1970 ,هصتل86 ,ععهم5 1ه تإطومع1الطط .1981 
1791116 501111181 2 ع0 1مصطوة7 ,ععصعله8 :1982 ,ناآ بعطلوع 

7 ,ج01" 


ب 9١س‏ 


والضياب ٠‏ وأسباب الجرارة .والبرودة ٠‏ وفى: توجية ٠‏ الوحى -العلماء* الى 
السياحة فى الأرض والانتشار فى العالم. والتعرف: على عادات” الشعؤب ‏ 
والقبائل واكتشاف سبنن الله في الخلق(5؟) ش 


؛ ب تغدر ظروف العصص. : 


ان الدوافع على أعادة النظر في التراث الفلسيفى خاصة وفى. التراث : 
كله عامة ٠‏ علومة وأبنيته وحلوله واختياراته وبدائلها الممكنة هى تَغير 
الظروف كلية من عصر الى عصر , ومن فترة الى فترة ٠‏ فاذ! كنا. الآن. فى. 
مطلع القرن الخامس عش أى جاوزناه بقليل فوراؤنا. أربعة .عشر :قرنا من : 
التراث يندرج تحت فترتين : الأولي امتدت سبع قرون » .منذ القرن الأول حتى 
القرن السابع ٠‏ نشأات فى قرنين : الأول والثانى . وازدهرت واكتملت فى .. 
قرنين « الخامس والسادس » منذ هجوم الغزالى على العلوم العقلية فى 
القرن الخامس ومحاولة ابن رشد ردأ الصدع فى القرن السادس ٠‏ وما كانت 
الضرية قاضدة وكان ابن رشد نفسه محاصرا من الفقهاء فى المغرب وبعيد!ا 
عن أن يمتد أثره فى المشرق أسرع الانهيار فى السابع والثامن .؛ وفئ ذلك 
الوقت ظهر ابن خلدون ليؤرخ للفترة الأولى متسائلا عن أسباب. الانهيار. ٠‏ 
وكان طبيديا أن ينشا الوعى التاريخى بعد اكتمال احدى فترات التاريخ ٠‏ 


آما الفترة الثانية فتمتد من القرن الثامن حتى القرن الرابعم عشثر , 
أيضما على مدى سبع قرون ٠»‏ توؤرخ فيها الحضارة لنفسها وتحفظ نفسها 
بالتدوين :. فظهرت المؤسوعات الكبيرة أى' تشرح نفنها بنفسها وتلخص 
ابداعاتها فى عصر الشروح والمخلصات اجترارا وتمثلا ثانيا .2 باستثناء: 
بعض الابداعات المتاخرة فى ايران وتركيا وفئ أطراف العالم“"الاسلامفى فى 
المناطق غير الناطقة بالعربية » بقايا حياة فى الأطراف يعد ان توقف القلب'.* 





(0؟) الكندى رسائل عبديدة فى الجسزء الثاتى هن رشائله عن طبيّعة القلك/ 
والعناصير ٠‏ والجرم الأقصى.. واللون , والمطر . والضياب ٠‏ والثلج والبرد والبرق 
والصواعق والرعد والزمهرير ٠‏ وبرودة .الجى وحرارته ٠‏ والمد والجزر ٠‏ .كما يمكن 
الرجوع الى أعمال أبى .بكر الرازى وجابر بن حيان وبأقى العلماء الرياضيين والطبيعيين 
الذين يذكرون عادة فى مواد تاريخ العلوم عند اللعرب 1 


2 -- 


ثم ظهرت الحركات الاصلاحية “ابتداء من القرن الثانى عشى الوهابية'ثم 
الأفغانى وتلاميذه فى القرن الثالث عشى حتى حسن البنا والاخوان المسلمون 
والجماعات الاسلامية الحالية فى القرن الرابع. عشر ومطلع “هذا 'القرن:, كل 
حركة تعدكس ظروف عصرها وترد عليها ٠‏ 


هناك اذن فترتان متمايزتان فى تراثنا القديم وفى حضارتنا الاسلامية , 
الآولى الفتزة القديمة والثانية الفترة الحذيثة ٠‏ الأولى اكتملت فيها الحضارة 
فى دورتها الأولى» والثانية:مازلذا نشاهدها ١‏ فىنذهاية الأولى أرخت الحضارة 
لنفشها » وفى الثانية :حاولت النهوؤض * ونشن جزء منها , وارثين الحركة 
الاصلاحية ؤمحولين. تطؤيرها الى نهضة شاملة ' ٠‏ الأولى تغادل ف التزاث 
الغربى: :العصر -الوسديط فيه » والثانية تعادل عصوزه الحديثة , وعلى هذا 
يكون التقابل بين التراثين © التراث القديم والتراث الغربى مهدا جذل 
الأذا والآخر ٠‏ :عصر الازدهار والاكتمال لدينا فى الفترة :الأولى هو العصن 
الوفديط الأوربى ؛ وعصر التسدوين ‏ والشروخ واللخصات أى التوقف 
والاجترار فى العصوز الغربية الحديثة ': فليس تراثنا القديم هى العضر 
اأؤسيط: ؛ اسقاط -الآخر على الأنا . كما أننا لا تعيش فى العصور الغربية 
الحديثة : اسقاط الأنثا على الآخر . 


0 0 ل نشأت الحضارة فى فترتها الأرلى فى عصس كانت الأمة فيه 
منتصيرة / وكانت. جيوشها فاتحبة ٠‏ استطا عت بأن: ترث الامبراظوريتين 
القديمتين: ؛. الفرس والروم > فئى أسرع وقت ونشر الاسلام فى أواسط آسنيا 
شرقا , حتى_حدود. الدصين » وغربا حتى الأندلس وعين البرانس * صحيح أن 
الاسلام انتشر فى افريقيا فى الفترة الثانية وابان مرحلة الضعف والخمول 
وانتشر أساسا عدر الطرق الصوفية وبعض حركات الاستقلال ضد. الغزو 
الاؤزنى ولكن قلب العالم الاسلامئى كان مهزوما ومحاضرا ٠‏ وبالتالى نشات 
العلرّم الاسلامية فى زهو الانتصار ومن كنايا” الفتع ٠‏ فنشأت تصورات 
العلوم علئ هذا النحو ٠‏ الأولوية للارادة المسيطزة على حرية الارادة فى 
عَم الكلام » ولواجب الوجود على ممكن الوجود فى القلسفة , ولله على 


١١١‏ هس 


العالمم فى التصوفء وللنص على الؤاقع:فى الأصؤل ٠‏ كانت العلوم. جمراكؤها” 
وأولوياتها نموذج الدولة القوية المسيطرة , والاميراطورية المترامية الأطزاف*.: 
ولا اسدتتب الأمر النظم الجاكمة استقرت العلوم. واكسبت. النظم شزعية نظريةة 
وفقهية .. واستمر الافران المتبادل بينهما ...الدولة تفزن: أيديولوجياتها , 
والايديولوجيات تدعم . الدولة ٠‏ 


وقد تغيرت الظروف الآن ٠.‏ وأصيحت الآمة فى فترتها الثانية ههزومة : 
بعد. أن تلقت الهجمات الصليبية غربا وغزوات التتبار والمغول شرقا ثم 
الاستعمار الحديث غريا. من. جديد بعد. أن استخصى على الهجمات: الضنليبية : 
غرو العالم الاسلامي .برا وفى القلب ؛ وكان.مِن السهل الالتفاف حول العللم 
الاسلامى بحرا وحول الأطراف. . ١‏ :. انهزمت, الآمة , بعد أن كانت منتصيرة ::. 
واحتلت بعد أن كانت مستقلة » وتحزتت يعد أن كانت موحدة ٠‏ وتخلقت يعد 
أن .كانت فى أعلى مراحل التقدم و التنذمية .٠‏ أصبيدت الأمة محاصرة: » معتمدة 
على الآخر فى غذائها وسلاحها , فى علمها وتنميتها , تخلت عن استقلالها 
الذاتى الى تبعيتها للآخر..٠‏ أرضها محتلة في فلسطين وسبته ومليلية » وبها, 
تواعد :عسكرية أجنيية أو دآخلة فى. أحلاف عسيكرية مباشرة. أو غير مباشرة. 
تحت ستار معاهدات الصداقة والتعاون, .٠‏ ودائعها فى. الخارج: إتنمية: القوى : 
الغربية شم تستجدى . المعونات وتستعطف -السدإد . وتقليل . الفواكد وتطالميب . 
يفترات الماح *. أصيح اشكال. أسدا دذة الفلسيفة أنهم يدرسون علوما نشآأت: 
فى مرحلة الانتصار. ويعيشون فى واقع مرحلة الهزيمة .٠‏ فحدث عدم تطابق.. 
بين مادة العلم التى يحملها الأساتذة ويسمعها -الطلاب والواقع .الجديد. البذى. 
يعيشه كلاهما على حد سواء * وبالتالى انعزلت الفلسفة ولم تجد لها آذانا . 
صاغية ٠.‏ لم تعب تخاطب جمهور القراء ٠‏ تحولت عند بعض الأسباتذة :اللى. 
مإدة للمقررات .والى تكسب . بالعلم وحمل. الشهادات ..» ونيل الجوائن- », 
والواقع لا يتغير , يكن من وطئة الفصام ,بين: الثقافة فى' مرملة. الانتضان: 
والواقم الحالى فى مرحلة الهزيمة ٠‏ واصبح هذا الفصام أحد مظاهر نفاق 
العصبىر كله ٠.‏ واذا سن القدماء :٠‏ الاسسلام: .أو . الجزية , أو ١‏ القتال: و الاسلام 
منتدس فكيف بالأمة اليوم وهى غارقة فى أتون الاستججداء. والاستعطاف. 


واأتيعية ؟ ٠‏ 


ا 5 كانت اأجيوش فاتحة والأمة , , منتصرة. . فى الفترة. الأولى الم 


ل ؟9١١-‏ 


يستطع خصبومها النيل من قوتها أى الوقوف أمام زخفها ٠‏ فالتفوا من الخلف 
والى::مضندر قوتها وهى الذين الجديد ؤعقيدة التوحيد لخريه والنيل منه ٠‏ 
ظهرث حركات الزندقة والتشويرش على العقائد للالتفاف حول الاسلام من 
الباب. الخلقى , من باب :النظر وليس من باب العمل , من باب العقائد وليس 
فى آتون المعارك٠‏ وكا نالخصوم من أنصار الدياناث القديفةكالمانؤية والمذاهب 
السائدة فى الأراضى المفتوحة كالمجوسية أو الديانات التى دخل معها الاسلام 
فنجدال عقائدى كاليهودية والنصرانية » وبالتالى نشات العلوم الاسلامية , 
العقلية النقلية ؛. للدفاع عن الغقيدة الجديدة والدخول فى معارك العقائد 
ضد: الفلسفات والمذاهب والديانات القديمفة ٠‏ وكان من الطبيعى أن تتصدى 
الخضارة لمواطن الغطر فى النعقاد النظرية بعد أن اطمانت الى سديطرتها 
على :الأزضن وتحول الجمهور الى الدين الجديد ٠‏ 


أما الآن فقد تغيرت الظروف , ولم تعد الهجمات موجهة الى العقا 
باشتتكتاء الغو الثقاقى الذى نحن على وعى به ونتحدث عنه ليل نهار , 
وتثناوله أجهزة الاعلام والأحزاب التقدمية ٠‏ والاستشراق الذى يقوم بما. قام 
به .الخصماء الأقدمون ٠‏ لم يعد أحد الآن مذا يتصور الله اثنين أو ثلانا: ٠‏ 
ليش فينا مشرك أو وثنئى , عابد. شجرة أو نار , مؤمن بشمس أو قمر , 
ويدتهل لكوكب أو نجم ٠‏ ولكن الخطر الآن موجه الى الأرض والثروات ونقل 
اللجمهؤر خارج أرضه فى فلسطين ٠‏ كما أن الخطر موجه الى حريات الناس 
من ذظم الاستعباد والقهر , ولكنا مازلنا فى تدريس الفلسفة ندخل فى معارك 
الذاتك والضفاتء والعقل والتقلء: والنبوة والمعان , والايمان والغمل,2 والخلق 
والفيض + والفضائل النظرية والفضائل العملية وقد كسبناها من قبل ونترك 
معارك الأرض والثروة والحرية والعدالة الاجتماعية والاستقلال والتبعية ,2 
دون الدخول فيها باسم الفلسقة ٠‏ بل اننا لا نحاول اختيار الحلول ال معاصرة 
للمشاكل القدزمة المترسبة فى أعماق الغصر ٠‏ 


فمسألة 'الذات والهنفات لها ذلااتها المعاصرة , فعلاقة الزيادة تشخيورض 
وعلاقة التساوى عدل أمام القانون ٠‏ وجعل العقل تابعا للثقل » وصاية , 
وجعل النقل تابعا للعقل تنوير ٠‏ والنبوة تاريخ لاستقلال الوعى الاتسانى 
وليس لقصوره ٠‏ والمعاد مستقبل الانسان فى الدنيا وليس خارجا عنها ٠‏ 
والأعمل جزء من الايمان ومظهره الأول . كما أن العمل منبثق عن النظر فى 


١١#”‏ ب 


علاقة تكامل وليس فى علاقة أفضلية ٠‏ والفيض كتدرج قد يكون اساس 
البيروقراطية » والخلق قد يكون ذا صلة بالقلب والتحول من حأل الى حال 
فى حين أن القدم مصاحبة للعالم منذ البداية فيعيش الانسان فيه آليفا ٠‏ 
واذا نشأت حركات الاصلاح الدينى أو الخطابة السياسنية فانها لا تكاد 
تستمر بل تكبو باستمرار بسبب عدم التطابق بين العلوم المتقولة عن القدماء 
وواقع الآمة الحالى(5؟) ٠‏ ثم تخلينا نحن عن مسؤولية اعادة بثاء العلوم 
القديمة التى ورثناها من القدماء بناء على ظروف عضرنا بعد أن أنشناها 


القدماء ابتداء من ظروف عصرهم ٠‏ 


نشأت الفلسفة فى الفترة الأولئ والاسلام قادم وليس ذاهبا ٠‏ 

والدضارة يافعة وليست هرمة . مع ثقة فى النفس وليس عن تخغؤف أو 

ضعف ٠‏ وبالتالى لم تخش الحضارة انفتاحها على حضارة الغير ٠‏ لَمْ يحدث 

نتيجة للانفتاح الحضارى القديم أية زعزعة للهوية أو فقذان للذاتية أو 

احساس بالنقص أمام الآخر ٠‏ نشات الحضارة فى فترتها الأولى وهنى فى 
حالة هجوم على الآخر وليست فى حالة دفاع عن الذات ٠‏ من أجل ابتلاع 

الآخر فى الأنا وليس من أجل ابتلاع الأنا فى الآخر وذوبانه فيه ٠‏ نشات: 
الدضارة فى فترتها الأولى من مركز قوة وليس من مركز ضعف , كامتذاد 

وانتشار وليس كاندسيار ونكوصض ٠‏ 


أها اليوم » فالفلسفة تنشا فى ظروف هخالفة تماما » والاسلام ذاهب 
وليس قادما 2 والحضارة تاريخية وليست ناشئة مع ضعف ثقة فى النفس 
واحساس بالنقص أمام الآخر , واتخان موقف التلميذ الأبدى من المع-لم 
الأبدى ٠‏ تذشا الفلسفة اليوم مقطوعة الصلة بالهوية وانديازا للآخر » دون 
معرفة بدلالات القديم وتقليد للجديد » ودون قراءة للآخرين خلال -الذات 
بل تهربا من الذات وفقدانا للهوية ٠‏ ويطفى على الفلسفة معارك ثقافية لسنا 
طرفا فيها مثل المثالية والواقءية ٠‏ العقلانية والحسية , الصورية والمادية , 
الراأسمالية والاشتراكية / الفردية والاجتماعية , البنيوية والماركسية مجتثين 


مسب بسب سبي مس ست مويه ومس صب وس سنس سا تاي جيازين لاسو 


(51) للى* احسين حنفى 8 كيوة الاصملاح : ندوة الاإصلاح فى القرن. التاسع علس 4 
الرياطا "2 اموا ٠.‏ 


درأسات فلسفية 


- ١١8 


المحارك من جذورها وزارعين لها فى تربة آأخرى ٠‏ فلا هى أنبتت فلسفة فى 
أرض جديدة ولا هى احتفظت يحياتها فى أرضها القديمة ٠‏ 


6 نشأ . عصسر الترجمة الأول كجزء من التعرف على ثقافات البلاد 
المفتوحة بعل أن وجدت مؤّلفات أرسبطى فى أديرة الشام ٠‏ وقواذين فارس 
وحكمتها..فى بلاد فارس ٠‏ كانت الترجمة جزءا من التعرف على المكونات 
الثقافية للأمة الغالبة مع احترام كامل لثقافات الشعوب المغلوية ٠‏ فالتراث 
الانسدائي واحد » وتؤخذ الدكمة من أى جهة كانت حتى ولو كانت من أقصى 
الشعوب عنا ٠‏ بدأت الترجمة من موقع قوة لا من موقع ضعف » تعرفا من 
حضارة المنتصر على حضارة. المهزؤم وليس نقلا لحضارة المنتصر وزحزحة 
حضارة المهزؤم كما هى الوضع الآن ٠‏ أما الترجمة الحالية التى بدأت منذ 
قرنين والتى مازالت هستمرة فى :ظروفنا الراهنة انما تمت من منطلق تعرف 
المهزوم. على ثقافة المذتصر .كجزء من حب الشدوب اللمغلؤية تقليد ' الش حوب 
الغالبة ٠.‏ نذهب اليه ولا يأتى هو الينا .ء نتعلم منه ولا ذعلمه ». نأخذ 
ولا نعطئ : ننقل ولا نبدع ٠.‏ فتحولت الثقافة بين الدضارات الى مسار 
واخد... من :الآخخر الى الأنا نعد أن كانت حوارا بين الحضارات ٠»‏ وجدلا دين 
الأنا..والآخر. ٠.‏ نشة.لدينا احساس بالنقص أمام حضارة الآخر وفى نفس 
الوقت نقوم بتدريس النموذج القديم عندنا كان الأنا فى مركز قوة والآخر 
فى مركز ضعف فيمدت التهويض النفسى اللاشعورى » تعويض القديم 
للجديد : تدويض الماضى للخاضر ٠‏ وتتخول الفلسفة الى مجرد عزاء النفس٠‏ 


ه ‏ نشات الحضسارة فى فترتها الأولى اعتصاد! على العقل الذى 
اكدة الوحى ودعا الى استعمالمه المتكلمون والنظار ٠‏ فكان النظر أول 
الؤاؤيات على المكلف حتى قبل الصلاة ٠‏ فلا صلاة يلا دتكليف ٠‏ ولا تكلدف 
بغيرٌ نظن ٠‏ آثبث أأفقهاء العقل أساس النقل » وموافقة صريح العقل لصحيح 
لمنقول. *وقال المعتزلة بالحسّن والقبح العقليين ٠‏ كان العقل والسمع 
صنوين 7 2 والفلسفة والشريعة أختين رضيعتين متفقتين بالشرع ٠»‏ متحابتين 
بالطبع والغريزة ٠‏ كان الفيلسوف والنبى شخص وأحد ٠‏ والفلسفة والدين 
حقيقة..واحدة. وغاية واحدة. وان اختلفا فى المنهج والطريق ٠‏ وبااتالمى نشأت 
أزهيى حضارة فى أقصر مدة ٠,‏ بل تم تأليه العقل فى كثدر من الأحاديث 


ه56أأه 


القدسية , فكان أول مخلوق , أول ماخلق الله خلق العقل ٠‏ ونشات علوم 
وضدية علمية 0 طديعية وانسائية 2 خالية هن الخرافة وشو ماحدث بعد 
ذلك فى العلوم ‏ الغربية الحديثة دحل ألف عام ويفضل التردمة -من الأنا الى. 
الآخر » من الحضارة الاسلامية الى الحضارة الغربية ٠‏ 


أما اليوم فقد تغيرت الظروف ٠‏ وأاصبح النقل أساس العقل ..ودعنا 
الفقهاء الى الأخن بالمنص وان: عارض العقل »2 وظهرت الحاكمية لله فى. 
مقابل حاكمية البشر بل ومناقضة لها ٠‏ واحتد النقاش بين الاسلام والعلمانية 
لدرجة الخصام بل والتكفير المتبادل بين الاخوة الأعداء ٠‏ كان القدماء أكثر 
تحررا هنا واصبحذا نحن أكثر محافظة منهم » وتعجبنا كيف .برس القدماء 
الجنس والدين والسلطة بلا حياء أى خوف أو هزايدة , بينم جعلناها نحن 
محدرمات ثلاثة لا يجوز لأحد الاقتراب منها والا كان ملحدا فى- الدين: متخلا. 
فى الأخلاق عاصيا لأوامر السلطان ٠‏ 

5 نشات الحدضارة القديمة على التوحيد بين الوحى والمصلحة ؛ بين 
الدين والدنيا ٠‏ بين الشرع وواقع الناس , بين الأمر. الالهى وكرامة الانسان: ٠‏ 
نشآات العلوم كلها تؤكد هذه القيم العامة قبل وضع مبحث القيم الغريى ٠‏ 
لذلك .وضبعت القوانين » وسنت الشرائع تعبيرا عن هذه الروح ٠‏ 'فالشريعة: 
للانسان وليس الانسان للشريعة ٠‏ بل شرع الفقهاء المصلحة أساسها للشزع 
ووضعوا قواعد « لا ضرر ولا ضرار » » « درأ الفاسد مقدم على جلب 
المصالح » للاستناد اليها فى الاستدلال ٠‏ 


أدا الآن فاذنا نعيش فى عصر فيه الشرائّع الموروثة فى جانب والمتصلخة: 
فى جانب آخر + وكأن الشرائع هدف فى ذاتها وليست وسيلة لتحقيق المضبالح: 
العامة للناس ٠‏ ظهر التصادم بين مصلحة الدين ومصلحة الدنيا 2 ووقع 
الصدام بين حق الله وحق الانسان » بين. الأمر. الالهئ والحرية الانسنانية ٠٠‏ 
وظهرت مسائل تطبيق الشريعة ضد الشرائع المدنية » وتدولت الدعوة العلنية 
الى عقاومة سرية بين الجماعات الاسلامية والنظم الحاكمة , كل فريق يرى. 
فى الآخر اعتداء عليه وعلى شرعية وجوده : الحاكمية عدوان على 
الديموقراطية عند .العلمانيين والنظم الخاكمة والعامانية عدوان. على الشريعة 


5١5 


الى تعديل عند العلمانيين وفى حاجة الى تطبيق حرفى كما ورثناه من القدماء 
عند المحافظين ٠‏ وانحاز النظام الاقتصادى الاسلامى الى الاقتصاد الحر 
والتجارة الحرة عند ولاة الأمور والجماعات الدينية المحافظة وشركات 
توظيف الأموال / وأقرب الى النظام الاشتراكى وملكية الدولة لوسائل الانتاج 
وتحقيق أكبر قدر ممكن من العدالة الاجتماعية وتذويب الفوارق بين الطبقات 
عند. القوميين والتقدميين والاشتراكيين ٠‏ وصراع التفسيرات هو فى الحقدقة 
جبراع. اجتماعى درف ٠‏ كل فريق يأخذ سلاح النص ويقرؤه لصالحه ٠‏ 


/ا ل كانت الحضارة كلها فى الفترة الأولى وحدة واحدة تذخرج من 
بؤرة واحدة هى التوحيد ٠‏ ونشأت العلوم كدوائر متداخلة حول هذا المركز, 
وساهمت كلها فى وضع تصور موحد للعالم بصرف النظر عن اختلاف ا ناهج 
والأهداف ٠‏ وضع علم: أصول الدين قواعد النظر 2 وعلم أصول الفقه قواعد 
العمل , الأول أشبه بالعقل النظرى والثانى بالعقل العملى ٠‏ ووضع التضوف 
طريقا صاعد! متعاليا وهو التأويل ٠‏ وآثر الأصول وضيع طريق نازل عائد 
الى العالم وهو التنزيل . أصول الدين وعلوم الحكمة علوم نظرية » وأصول 
الفقه وعلوم التصوف علوم عملية ٠‏ ومن ثم ظهر موضوع « احصاء العلوم » 
كموضوع رئوسى عند القدماء من أجل توحيد العلوم كلها فى منظومة واحدة ,2 
واستس ذلك منذ المحاولات الأولى فى البداية حتى الموسدوعات والمعاجم فى 
النهاية(7؟) ٠‏ 


أما الآن فتفككت العروة , وانزوت العلوم كل منها فى ميدانها لا رايط 
بينه وبين العلوم الأخرى ٠‏ وأصبحت مادة العلوم مزدوجة خاصة فى العلوم 
الانسانية بين تراث القدماء وتراث المماصرين ٠‏ أها العلوم الرياض_ية 
والطبيعية فقِد انقطعت كلها عن تراث القدماء واصبحت امتدادا للتراث 
الغربى المغاصر ٠‏ لذلك لم تساهم علومنا فى تكوين وحدة الفكر أى فى تأسيس 
تصور للهالم ٠‏ فاحتجنا: الى الأيديواوجيات والمذاهب السدياسية لتكميل 





(/9") الفارابى : احصاء العلوم ؛: الخوارزمى : مفيد العلوم ومديد الهموم ٠‏ ابن 
سينا : فى أقسام العلوم العقلية., السكاكى : مفتاح العلوم 2. طاش كبرى زادة : 
مفتاح. السمغادة ومصباح دار السيادة ٠‏ 


١١7 


النقص وسد الفراغ ٠‏ وياليت ذلك قد حدث باسم التخصص الدقيق والبدث 
عن الجزيئيات كما هو الحال فى التراث الغربى المعاصس « بل حدث دسدب 
ضياع وحدة المصدر 3 والتصور الواحد الشامل المتوازن . 


ان التقابل بين الفترتين فى تاريخ الحضارة الاسلامية يمكن أن يستمر 
ويمتّد الى ميادين عديدة ٠‏ وبصرف النظر عن الاحصاء الشامل » يكقى الوعى 
بهذا الوضع التاريخى والذى يفرض نفسه على الباحث وأستان الفلسفة حتى 
يعيد بناء علوم التراث بنئاء على ظروف عصيره ٠‏ 


ه ‏ نشاة الفاسفة : قراءة الآخرون خلال الذات : 


اذا كان المقصود بالفلسفة والتراث هو علاقة الفلسفة الحالية بالتراث 
الفاسفى القديم فان وصف نشأة هذا التراث الفلسفى قد تساعد على فهم 
وظيفة الفلسفة التى آدتها فى التراث والى معرفة الى أى حد استمرت هذه 
الوظيفة أم انقطعت ٠‏ وما صلة النشأة الأولى بالنشأة الثانية ؟ وهل يمكن 
بعث الفلسفة من جديد بنشأة ثانية تماثل النشاة الأولى ولكن مع تراث 
مذتلف , الغربى الحديث بدلا من اليونانى القديم ؟٠‏ 


.١‏ كانت الفلسفة فى التراث آخر العلوم العقلية النقاية ظهورا اذ انها 
نشأت متآخرة بعد عصر الترجمة فى حين نشأت الءلوم الأخرى ٠‏ أصول الدين 
وأصول الفقه وجماعات الزهاد والعباد والبكائين وقدم ددايات التصوف مند 
أواخر القرن الأول ٠‏ فالفلسفة لا تنشا الا بالتعامل مع الآخر , وبعد لقاء مع 
دذراث وآخر دعد ترحمده والتعرف عليه ٠‏ لذلك كان القرن .الدانى هوق عصير 
الترجمة والذى استمر حتى الثالث والرابع » ثم تحول بعض المترجمين أنفمتهم 


؟" ب نشأت الفلسفة اذن كقراءة لذصوص لتعرف الأنا على الآخر ٠*٠‏ 


(4؟) مثلا قسطا من لوقا ؛ رسالة فى « الفرق بين الروح والنفس ٠‏ . حنين ابن 
اسحق : كتاب العشر مقالات فى العين , المسائل فى الطب , يحيى بن عدى : تفسير 
المقالة الأولى من كتاب مابعد الطبيعة لأرسطوطاليس الموسومة يالف الصغرى ٠‏ 
مقالة فى الأخلاق للحسن بن الصسين أو ليحيى ين عدى ٠‏ 


4مأاأ -ه 


لم تنعزل المضارة الجديدة عن حضارات الغير ولا حاولت القضاء عليها 
كما فعلت الحضارة الأوربية ابان الأوج الاستعمارى مع حضارات آاسيا 
وأفريقيا وأمريكا اللاتينية بل تم التعرف عليها باحترام شديد بل والدفاع 
عنها وتاصيلها واكمالها وتبنيها ثم صبها فى حضارة الذات ٠‏ وما تم فى 
الفكر ثانيا قد تم فى الواقع أولا عن طريق التزاوج والتصاهر بين الفاتحين 
الجدد والمفتوحين القدامى » بين حاملى الدين الجديد وبين المتحولين اليه من 
أنصار الديانات القديمة (9؟) ٠‏ 


- وكانت الترجمة ذاتها قراءة ٠‏ فلم يكن الهدف النص المترجم بل 
كان الهدف هى الترجمة ذاتها ٠‏ لم: يكن يهم التطابق الحرفى بين القراءة 
والمقروء بل التطابق المعنوى لدرجة تغيير النقل حتى يتفق مع المعنى المفهوم 
والذئ أمكن فهمه بفضل تصور الأنا المتكامل لاعالم النابع من الموروث القديم 
حتى ولؤ لم يكن الناقل مسلما دينا فائه كان مسلما ثقافة ٠‏ لذلك يخطىء 
الناشرون المحدثون للترجماث العربية القديمة عندما يصححونها بناء على 
النصوص اليونانية القديمة أو على ترجماتها الى اللغات الأوربية الحديثة ٠‏ 
فموقف الناقل القديم لميكنموقفا استشراقيا حديثايهمه ضبط النصبموضوعية ‏ 
تاريخية فقهية لغوية نصية بل كان موقفا حضاريا ينقل النص بعد قراءته 
وفهمه ثم وضعه فى صياغة عربية مفهومة كمرحلة أولى تتبعها مراحل ثانية 
مثل الشرح والتلخيص ثم مرحلة ثالثة هى التاليف الابداعى الخالص سواء 
فى الوافد وحده أى حضارة الآخر لاعطاء تصور شامل لها أى باجتماع الوافد 
والموروث »2 ثقافة الآخر مع ثقافة الأنا فى ابداع ثالث جديد ٠‏ 


- وقد تمت الترجمة على مرحلتين : الأولى حرقية حرصا على 
+ عددول » الذخص المقروء وحماية له من سوعء الكأويل وأمانة علمية دلغفة 
عصرنا الى أقصى خد حرصضنا على دقة الفهم 2( والثانية مدونوية حخرضنيا على 

(54) يقول الكندى 2 ويتيفى لنا الا نستحى دن استحسان الحق 2 واقتناء 
الحق هن أين أتى » وان أتى من الأجناس القاصية عنا . والآمم المباينة . فانه لا شىء 
أولى بطالب الحق . وليس يبخس الحق , ولا يصغر بقائله ولا بالآتى به , ولا أحد 
بخس «الحق, ,. بل كل. يشرفه الحق » . .رسالة الى المعتصم بالله فى الفلسفة 


الأولى. ص 84١‏ / تحقيق أحمد فؤاد الأهوانى ..دار احياء الكتب انعربية 2 
القاهرة , ٠ ١59448‏ 


١١5 


المعنى وهو المقصود من اللفظ ٠‏ فاذا كانت الترجمة الأولى محاولة للتعريف 
على الآخر فان الثانية هى قراءة له أى تجاوز الفاظه وتعبيراته الى معانيه 
وتصوراته ثم التعبير عنها بلغة عربية تلقائية ٠‏ فاذا كانت الترجمة الأولى 
نقل فان الثانية تأليف غير مباشر ٠‏ وغالبا ماقام مترجم واحد بالترجمدين 
معا اذا ماتجاوز عمره عمس جيلين(70) ٠‏ لم تكن الترجمة استيدال لفظ بلفظ 
وكانها. مجرد نقل اعتمادا على ال معاجم اللغوية بل كانت نقل تصور الآخر 
العالم الى تصور الذات مع تغيير ألفاظ الآخر التى تتفق مع تصورات الذات 
كلما اقتضى الآمز ذلك ٠‏ فمثلا اذا كان الخص المنقول يستعمل لفظ « الآلهة ع 
فان اللفظ الناقل يستعمل بذلا عنه لفظ « الملائكة » ٠‏ ففى تصور الآخر لا ضير 
من تعدد الآلهة فى حين أنه فى تصور الأنا الله واحد والتعدد فقط للملائكة 
ولسائر المخلوقات(7١؟) ٠‏ ْ 


5ه وقد استفرقت الترجمة القديمة جيلين اثنين حتى ظهرت بوادر 
التاليف ٠‏ بل ان بعض المترجمين كانوا مؤلفين كما كان بءض المؤلفين 
مترجمين(؟7) ٠‏ ثم تزامن النقل المعنوي والتاليف حتى منتصف القرن 
الرابع ثم استمر التاليف وحده حتى القرن السابع أما فى عصرنا الحاضي. 
فاننا بدأنا الذقل عن الغرب منذ مايزيد على قرنين من الزمان أى منذ أكثر 
من أربعة أجيال ولم يدم حتى الآن ابداع ٠‏ واذا كان هناك تاليف فهى تجميع 
للنقل واعادة تبويب وعرض له ٠‏ ولما كان معدل التاليف عند الآخر أعلى 
بكثير وأسرع من معدل النقل عند الأنا أصبحنا نجرى وراء الغير لاهثين 
بدعوى اللحاق بركب الدضارة ٠‏ وساعدنا بايديذا على نقل العلوم من المركذ 
الى المديط كاحد مظاهر السيطرة من خلال الهيمنة الثقافية ٠‏ 


٠ هذه حالة اسدق بن حنين مثلا‎ )١( 

(١؟)‏ ارطاميدروس الافسى : كتاب تعبير الرؤيا » ص 787" 5١7‏ نقله من 
اليونانية الى العربية <نين بن اسحق قابله بالاصل اليونانى وحققه وقدم له توفيق 
فهمى : دمشق 1954 

(؟؟) وضع يحيى بن عدس مقالات فى الالهيات وألف ثكابت بن قزة فى الرياضيات: 
كما ألف اسدق بن حنين فى الطب ٠‏ ولحنين'بن اسحق كتاب فى الضوء , كما ترجم.. 
الكندى ٠‏ 


ب 1١١٠١‏ ب 


1 وقد قامت الترجمة بفضل ديوان الحمكمة أى بفضل الدولة 
ومؤسساتها 2 وكانت عملا منظما ومختارا ومقصودا » لا تخشى مذهيا »2 
ولا تستبعد مؤّلفا » ولا تصادر كتابا ٠‏ وقد تم ذلك فى بدايات نهضتنا الحالية 
على يد الطهطاوى ومدرسة الألسن ٠‏ وفى كلتا المرحلتين كان هناك نقلة 
ومراجعون » وكانت الدولة تقوم بالنشر والتوزيع ثم بالتطبيق المباشى لهذا 
التراث العلمى فى أجهزة الدولة خاصة فى الجيش وقطاعات الصناعة 
والزراعة والتهليم ٠‏ وكان النقل فى الحالتين بداية من العلوم خاصة الطب 
والكيمياء نظرا لحاجة الدولة الى علاج الجند والى صناعة السلاح ٠‏ ولكن 
فى جيلنا قامت الدولة باختيار النصوص التى تتفق مع هواها واستدعاد 


تنصدوص أخرى بدعوى التوجيه المعنوى والارشاد الوطنى والاعلام الحزبى ٠‏ 


7 كان المترجمون الأوائل نصسارى يعيشون بين المسلمين ٠‏ كانوا 
مزدوجى الثقافة » نصارى العقيدة ولكن مسلمى الثقافة ٠‏ لم يكونوا رسل 
ثقافة الآخر الى الذات بل كانوا رسل ثقافة الذات الى الآخر ٠‏ لم يكونوا 
على هوامش الموتمع ٠»‏ أقلية مقهورة فى مواجهة أغلبية قاهرة بل كانوا فى 
قاب المجتمع على قدم المساواة بين جميعغ الطائف والمل ٠‏ لم يكونوا غرباء 
على الأمة دخلاء على ثقافتها بل كانوا أصحاب حق يذبعون من صميم الثقافة 
العربية 2 كانوا مواطنين من الدرجة الأولى 2 زينة مجالس الخلفاء من 
أطباء ورياضديين وفلكيين وفلاسفة وأدباء ونحاة وظرفاء وفقهاء ومتكلمين ٠‏ 
لم يكن القصد ايجاد ازدواجية فى الثقافة . بين موروث ووافد ٠‏ بين ثقافة 
الأنا وثقافة الآخر بل كانت الغاية تقديم ثقافة الآخر للأنا من أجل القضاء 
على الازدواجية الثقافية ٠‏ كانوا عربا لغة 2 ومسلمين تصورا ٠‏ وأن كانوا 
نصارى أو يهودا عقيدة » وهذا عكس ماحدث فى عصرنا عندما كان نصارى 
الشام المحدثون يشعرون بالأقلية فى مواجهة الأغلبية . على هامش المجتمع 
وليس فى قلبه ,2 كان ولاؤهم أقرب الى ثقافة الآخر منه الى ثقافة الأنا ٠‏ 
فالأولى أكثر علمية وعقلانية وانسانية فى حين أن الثانية أكثر خرافة وصوفية 
والهية ٠‏ قاموا بدور الوكلاء لثقافات الآخر ومذاهبه عند الأنا . وكونوا 
دؤرا ثقافية هامشية منءزلة من خلال مدارس التبشير والجامعات الأجنبية ٠‏ 
فنشات ازدواحية ثقافية بين ثقافة الأنا وثقافة الغير والتى كان هدف المترجمين 
الأوائل فى المرحلة الأولى تجاوزها والقضاء عليها ٠‏ 


١5١‏ بت 


تعثرت الفلسفة فى جيلنا لأنها لم تع تماما النشآة الأولى كقراءة 
للآذر من خلال الذات للقضاء على ازدواجية الثقافة ثم نشأت فى المرحلة 
الثانية كنقل لثقافة الآخر عند الأنا وفى العصر الذى نداول فيه التحرر من 
جميع أشكال السدطرة والهيمنة الثقافية ٠‏ 


5. تطور الفلسفة : من الشرح والتلخدص الى العرض والتاليف : 


بعد أن نشأت الفلسفة ابتداء من النقل ظهرت حركة ثانية هى الشرح 
والتلخيص من أجل تجاوزن النص امنقول والتعبير عن مضمونه بأسلوب عربى 
خالص ٠‏ وهما متلازمان وان كان أحدهما يبدو زمانيا قبل الآخر أحيانا 
قد ينشأ التلخيص قبل الشرح فى الزمان سواء فى حياة الجماعة أو فى 
عمر الفرد الواحد ٠‏ وقد ينشأ الشرح قبل التلخيص لما فى الشرح من اسهاب 
وتفصيل ولما فى التلخيص من تركيز ٠‏ والغالب أنهما متلازمان ومتبادلان ٠‏ 
يظهران فى كل عصر ويقوم بهما كل فيلسو ف(5١)‏ , علاقة التلخيص بالشرح 
مثل علاقة التركيب بالتحليل ' فالتلخيص مثل التركيب والشرح مثل التحليل ٠‏ 
وقد كانا عمفليتين متلازمتين متجاورتين متزامنتين منذ نشأة الفلسفة. حتى 
نهايتها , تعبران عن بنية الفكر وليس عن مجرد تطوره فى مراحله أى فى 
مراحل عمر القيلسوف ٠‏ 


ولا يوجد فصل زمائى حاسم بين مرحلة النقل ومرحسلة الشرح 
والتلخيص ٠‏ فقد قام بعض المترجمين أنفسهم بالشرح والتلخيص مما يدل 
على أنهم كانوا فلاسفة يبحثون عن المعنى وليسوا مجرد نقلة حرفيين كما هو 
الحال فى عصرنا بدعوى الموضوعية والأمانة والحرص على النص المنقول ٠‏ 


(؟؟) على سبيل المثال وليس الحصر لخص الفارابى تواميس أفلاطون , وكتاب 
الشهر لأرسطوى . كما شرح العبارة والمقولات ٠‏ أما ابن سينا فقد شرح اللام , 
وكتاب أثواوجيا , وله تعليقات على هوامش كتاب النقس , أما ابن رشد فقد لخص 
الملقولات ٠‏ والعبارة . والقياس . والمدل , والبرهان ٠‏ والسفسطة , 
والخطابة , والشعر أى جميع الكتب المنطقية'٠‏ كما لخص جميع الكتب الطبيعية : 
السماع الطبيعى , والسماء والعالم , والكون والفساد , والآثار العلوية , والققفس 2 
كما لخص كتاب هابعد الطبيعة 2. وجمهورية أفلاطون ٠‏ 


١59 ل‎ 


وهو يدل .فى الحقيقة على عدم وجود موقف حضارى للناقل ولا يقوم النقل 
لدية: بأية وظيفة ٠‏ بل لا يضير الناقل المعاصر أن ينقل أرسطى عن الفرنسية ' 
فاللغة ١ادية‏ لم تعد 'مزتبطة بالفكز , ولا يقدم الا ثقافة عائمة طافية من الآخر 
فوق ثقافة راسخة أصمديلة 2 من الأنا ٠‏ وبالتالى تظل هامشية بعيدة عن 
موقف حضارى ٠‏ كلاهما ناقل ٠‏ الأول ضحدية موضوعية القرن التاسع عشر 
فى حضارته والثانى ,ضصحية تقليد .الآخر(؟؟) ٠‏ 


ويعنى الشرح اعادة تركيب النص المنقول من بيئّة ثقافية الى .بيئة 
ثقافية أخرى : من ثقافة الآخر الى ثقافة الأنا وذلك عن طريق : 


-١ 7‏ تفتيت النخص المنقول وتحليلة الى عناصره الأولية حتى يسهل فه 
وابتلاعه جزء| أجزءا م هضمه وتمثله من أجل العرض والتأليف فيما بعل ؟ 


.اعادة. تركيب النصن طبقا للتصون الاسلامى لفظا ومغنى وشيئًا ٠‏ 
فاللشرح دداية القزاءة الفاحصة ٠‏ الشزخ<هو القيام بُعملية «عاشق ومعشوق» 
من "أجل تتخويل التصن من المقزوء الى القارىء 2 من ثقافة الآخر الى 
ثقافة الأنا ٠‏ 0 

3 
اسقاط جميع الأمثلة التى من ثقافة الآخر -واسقاط جميع: أسماء 
آعلامه وشواهده.قدر الامكان لأنها بيئية صرفة . معلية , لا تعيش فى المخزون. 
التراثى فى الديئة الثقافية الجديدة ٠‏ 


ولتقوم بنفس الوظيفة التى كانت تقوم بها أمثلة الآخر وشواهده ٠»‏ هذه الأمثلة 


(4؟) وذلك مثل ترجمة أحمد لطفى السيد لكتاب السياسة لأرسطو عن الترجمة 
الفرنسية التى قام بها بارتلمى سانتهلير-: الهيئة المصرية العامة للكتاب , القاهرة , 
١‏ والعجيب أن يتم ذلك بالرغم مما:هو مشهود عن لطفى الشسيد بأته "مفكر' 
الأمة..الصرية بعد...الطهطازى ٠‏ قد يكؤن الدافع لديه“الفكر متجاوزا اللغة والتَاضْئيْلٌ 
فى الموروث , لذلك لم يؤثر تنوير فجنز" النهضة العزبية 'عندتا مدة طويلة" ٠‏ 


د الاب 


الجديدة لها دلالتها فى الثقافة الجديدة والتى يسهل مطايقتها مع دلالات 
النص المقروء 13 


ه ‏ اكمال الناقص فى النص المنقول ثم وضع الجزء الذى توصل 
المنقولة فى اطار الكل المسبق فى وعى الشارح ٠‏ 


1 ب تصحيح تحليل الآخر عن طريق اعادة التحقق من صمحته. 
اما بعزضه على العقل والحس أو يعرضه على الوحى ٠‏ فالشرح ليس مجرد 
التغتدر عن 'لفظ تلفظ أو يعبارة شارحة بل هو اعادة تحقق من صبدق 
المضمون بمقاييس جديدة تقوم على اتفاق الوحى والعقل والطبيعة ٠‏ لذلك 
ظهرت الردود على بعض الشراح اليونان أو المبلمين. دفعا لسبوء تأويلهم 
وتصحيحا لفهم الخص (6؟) ٠‏ 


اعادة الأطراف الى الوسط من أجل اكمال التصور الشامل 
وايجاد عتصر التوازن فى النص طبقا للتصور المتوازن للأنا". 

وقد يكون الشرح 2 وكما وضح عند ابن رشي 0 على كلاثة أنواع 

الشرح كاسلوب فلسفى" أو : قوع أديى . : 


١‏ الشرح الأصغر . وهو أقرب الى التلخيص ٠‏ ويقوم هذا الشرح 
على البداية بالفكرة الواحدة ثم البناء عليها ربطا. للقديم بالجديد.» وتواصلا 
بين الحضارات , واستمرارا للتراكم المعرفى للانسان , دون ذكر مقال 
أرسطو أو حتى لاسم صاحب النص_أو لآية أسماء أخرى أو شواهد.من بيئة 
النقول أو من بيئة الناقل ٠‏ 


0-77 








(5؟) وذلك مثل .رد -الفازابى “على يتحيى -النحؤى فى رده على أرسطوطاليس 2 
على ابن سينا وشروحه الاشراقية لمؤلفات أرسطى ٠‏ 


بل ١55‏ سه 


"١‏ الشرح الأوسط فى هديغة « قال أرسطى أن ٠٠١‏ » ,2 وهو القول 
غير المباشن » ويعنى ذلك البداية بأول النص المترجم كخيط قائد ثم الخروج 
عنه تأليفا وابداعا لنصوص أخرى ٠‏ البداية من الآخر أما الوسط والنهاية 
فمن الأنا ٠‏ النقل من الآخر أما الابداع فمن الأنا ٠‏ 


” ل الشرح الأكبر وهو أخذ النص مقسما الى وحدات صغيرة وبدايتها 
٠‏ قال أرسطو ٠٠١٠‏ » مم التمييز بين النص والشرح , بين المقروء والقراءة 
كما هو الحال فى علوم التفسير ٠‏ ويتم تقطيع النص المقروء حتى دسدهل 
مضفه وابتلاعه وهضمه من أجل تمثله وتحوله الى ابداعات فكرية » ونشاطات 
ذهنية 2 وهنا تبقى الشؤاهد الأصلية من الوافد ويزاد عليها شواهد محلجة 
من الموروث(1؟) * 


أما التلخيص فمع أنه أصغر كما الا أنه أكثر تركيزا فكرا لأنه يعنى : 


١‏ تجاوز مرحلة النص كلية » والانتقال ليس فقط من اللفظ الى 
المعنى ولكن أيضا من الاسهاب فى المعنى الى التركيز , ومن ال معانى الفرعية 
الى المعانى الكلية ٠‏ التلخيص بهذا المعنى لباب بلا قشور . وجواهر 
بلا أعراض ٠»‏ وقلب بلا أطراف » وروح بلا جسد ٠‏ 


والشخصية كلها وعدم استبدال أمثلة. جديدة من ثقافة الأنا بأمثلة قديمة 


" - الحجرص على التجريد والتعميم بحيث يبدو الفكر وكانه من استنياط 
العقل النظرى الخالص دون مارجوع الى أية مادة علمية من ثقافة الآخر 





1 عرفت عن أين رشد هذه الشروم الثلاث ٠‏ أما المناقشات عن ترتيبها فى 
عمر الفيلسوف فهى مناقشات فقهية تاريخية استشراقية صرفة ٠‏ ومن الشروح : 
تفسير مابعد الطبيعة وشروح البرهان لابن رشد وشروحات السماع الطبيعى لابن 
باجة ٠‏ 


1١580 


النظر عن نشأة هذا الموضوع فى هذا التراث أو ذاك ٠‏ 


وبهذا المعنى لا يختلف التلخيص عن التأليف فى شىء الا فى أن التلخيص 
مازال يحتفظ بعنوان النص المنقول مثل المقولات . العبارة ؛ القيساس , 
البرهان ٠١‏ الخ ٠‏ وفى هذه الحالة لا يشير العنوان الى نص واحد بل الى 
.وضوع فلسفى صرف لا واقد ولا دوروؤث ا ء العقل قادر على التعاهل معه 


أما العرض والتأليف فهما مرحلة تالية بغد الشرح والتلخيص * العرض 
هنا محاولة للتأليف فى الوافد ٠»‏ وتناول الموضوع ابتداء منه ٠‏ هى عرض 
لاشىء ذاته متجاوزا الشرح والتلخيص »١‏ اللفظ والعبارة ٠‏ ومع ذلك يظل. 
اسم الفيلسوف الوافد مذكورا فى العذوان اعترافا بفضله . وشنهادة لأمامته 
وسيقه ٠‏ وقد يكون ذلك اما عرضا لكتاب واحد أو للفلسفة كلها 

يظهر. اسم الكتاب وحده وقد يظهز معه الموضوع ذاته تمهيذا لمرحلة أخرى 
هى التأليف فى موضوع الوافد بصرف النظر عن أشخاصه(١) ٠‏ ؤقد 
يكون التأليف « العارض » هو دخول فى معارك الوافد , والانتصار لفيلسوف 
على آخر احقاقا للحق وانحيازا لمه بصرف النظر عن النتيجة وان كانت 
فى الغالب لصالمح أرسطوق على غيره : ليس تبعية لأرسطوق ولكن نظرأ لأنه 
أقرب الى روح الاسلام فى اتفاق العقل والطبيعة والذى يجعله الاسلام 
تطابق العقل والطبيعة والوحى(58١) ٠‏ وفى حالة عدم التناقض بين فيلسوفين 
وآخرين والانتصار لأحدهما اذا كان التناقض صحيحا فانه يمكن الجمع 


(0") الكندى : رسالة فى كمية كتب أرسطوطاليس وما يحتاج اليه قبل. تعلم 
الفلسفة , الفارابى : فلسفة ؛رسطوطاليس ٠‏ وأجزاء فلسفته', ومراتب أجزائها". 
والموضع الذى منه ابتدا واليه انتهى , فلسقة أفلاطون واجزاؤها ومراتب أجزائها من 
أولها الى آخزها ٠‏ الابانة عن غرض أرسطوطالين فى كتاب مايعد الطبيعة » شرح 
رسالة زيذون الكبير اليونانى ٠٠١‏ الخ ٠‏ 

(58) الفارابى : الرد على يحيى النحوى فى الرد على أرسطوطاليس » فى الرد: 
على جالينوس فيما ناقض فيه أرسطوطاليس لأعضاء الانسان ٠‏ 


151 هس 


بيئهصا اذا مإكان التناقض ظاهرا ٠‏ وبالتالى يمكن الجمع بين رأيى الحكيمين 
كما يمكن ضم آرائهما فى النفس ٠‏ لا يعنى ذلك خلطا بين المتناقضين ناشئا 
عن سوء فهم بل جمع للأجزاء فى كل واحد هى التصور الاسلامى الجديد 
الذي يجمع بين الواقع واللقسال ٠‏ بين الدنيا والآخرة 2 بين الجسبد 
والروح ٠٠‏ ,الخ( ٠‏ ثم ينتقل المؤلف العارض إلى مرحلة أخرى أكثر 
تجويدا وأكثر اقترايا من الموضوع نفسه وابتعادا عن الأشخاص وذلك 
بالتاليف فى موضوعات الوافد المستقلة عن أشخاصه ,2 بعد تحويل هذه 
لموضوعات الى أبنية مستقلة تندرج فى علوم ٠‏ فجاء التاليف فى المقولات. 
وفى العبارة وفى البرهان وفى ايساغوجى وفى الشعر بصرف النظر عن 

بدايات هذه الموضوعات . عتد أصحادها. ٠‏ وقد يذكر اللفظ. المنذقول. صوتا مثل 
اللفظ المع رب سواء كان الترتيب لهذا أو لذاك لمجرد تذكير. القارىء .,اليداية 
التإريخية ' ولريط الابداع الجديد الذى.يعبر عنه اللفظ المعرب بالنقل. القديم 
الذي يعسن بعنه اللفظ المنقول مثلا كتاب يارى ارمينياس أى العدارة(+5) 2 
وقد. يستغذى . كلية .عن اللفظ المنقول. ويكتفى باللفظ المعرب مثل. المقولات 2 . 
العبارة ١(‏ 6) ' وقد .يتحول العرض الى تاليف وذلك بتغيير العنوان الوافد 
كلية أق الحديث “فى العلم ككل من أجل اكتشاف قوانين جديدة(؟5) ٠‏ 


*: هذا التأليف فى ثقافة الوافد عن طريق العرض أشبه بما يتم حاليا 
فى 'مؤلفات تاريخ الفلسفة ٠‏ والفرق بين العرض القدددم ودين مؤلفات 
الاشاتذة الجامعيين حاليا هو أن العرض كان تمهيدا لرحلة أخرى هى 





(5؟) الكندى :: رسالة فى القول فى النفس المختصر من كتاب أرسطو وأفلاطون 
وسائر الفلاسفة , الفارابى : التوفدق بين رأيى الحكيمين , أيضا د١٠‏ حسن حنفى : 
الفارابى شارحا أرسطو فى « دراسات اسلامية » ص ٠ "١8 - ١468‏ 

... (*) الفارابى.: كتاب بارى ارمنياس. أى العبارة , أبن باجة : تعليق فى كتاب 

دارى. إزمئياس ., من كتاب العبارة لأبى تصر الفارابى ٠‏ 
(41). الفارابى. : كاتب المقولات ٠‏ « كتاب البرهان » ٠‏ جوامع الشعر ٠‏ 

. ...(؟5):القارابى : شرائط اليقين , الفصول ٠‏ رسالة فى قوانين صناعة الشعر ٠‏ 
أما التاليف فى العلوم فمثل : الفارابى : رسالة صدر بها أبو نصر الفارابى كتابة فى 
الأنطق + الألفاظ المستعملة فى المنطق , كتاب فى المنطق , الموسيقى الكبير 2 أبو بكر 
الرازى : كتاب المرشد فى الفصول : قصاب باش زادة : المثل العقلية الأفلاطونية ٠‏ 


7 


التاليف الخالص والابداع المحض فى حين أننا: توقفنا: على العرضن ولم تجعله 
جرد مرحلة تتلى مرحلة وتتيعها مرحلة أخرى كما :كان الأمز عند القدماء ٠‏ 


ويعد العرض بجميع أشكاله يأتى . التاليف اذى ..يمثل. الابداع يعن 
النقل(87) : ' ومنذ بداية الفلسفة , عند الكندى الابداع .هن حيث: الكم أكين حجما 

من الشرح والتلخيص والعرض - ٠‏ فالفلسفة بدأت ميدعية وليست شارحة أو.* 
ملخصة عارضة ٠‏ ثم أتى الفارابى. فزادت..نسبة الشبرح والتلخيص.والعرض 
ومع ذلك ظل الابداع أيضا من حيث الكم أكبر حجما ٠‏ ثم أتى ابن سينا 
وأمحى الفرق دين الشرح والتلخيص والعرض من ناحية وبين. الابداع .من ٠‏ 
ذاحية آأخرى 2 ووضع الكل فى بنية الفلسفة.فى موسوعات كبيزة اختفت 
مصادرها التاريخية علم. يظهن الا بناء العقل الخالبص أى وصف الموضوع 
نفسه * ثم أتى ابن رشد ليعيد التصحيح منذ البدباية فلا ابداع بلا نقل 
ديح ٠‏ لذلك غلب الشرح والتلخيص على الابداع من حيث الكم » وأخذ ابن . 
رشد لقب الشارح الأعظم لذلك ٠‏ كانت العودة الى الشرح والتلخيص! عند 
ابن رشد حركة تصحيحية فى فهم النقل وفى نفس الوقت تطوئ: الابداعات . 
خفية وخشية خاصة ماأكان منها نقد موجه الى الموروث ٠‏ ثم جاء الفلاسفة 
يعد ابن رشد مثل الرازى و الطوسيٍ .بابداع خالص دون شرح أى تلخيص ٠‏ 
اذن لم يتجاون النقل أبد !أ وما تبعه من شرح وتلخيص. و عرض الابدارع فى :أية: 
مرحلة الا عند ابن رشد الذى استطاع تمويه الابداع والتعبير عنه من خلال 
الشرح والتلخيص ٠‏ بل لقد آثر بعض الفلاسفة مثل ابن مسكويه والعلماء 
مثل عمر الخيام الدخول فى الابداع مباشرة دون مراحلة التمهيذية فى الشرح 
والتلخيص والعرض ٠‏ ْ 00 

' 'ولم يكن التاليف مجرد تطوير لراحل النقل والشرح والتلخيص والعرض 
بل كان ذلك كله مجرد راقد واأحد فيه وعنصر مكون له .٠‏ وكان. .هناك رافد 
آخر هو التفكير على معطيات الحضارة الإسلامية وابداعاتها الأولى المستقلة 
عن الوافد مثل أصول الفقه وأصول الدين وعلوم التصوف ٠‏ وباجتماع. 


(65) يرى ذلك بوضوح فى كلائية الفارابى التى ضاع الجزء الأول منها. : فلسفة 
أفلاطون 0 فلسقة أرسطوق ٠‏ تحصيل السعادة . 


5 


هذين الوافدين : الوافد والموروث ينشا الابداع الشامل ٠‏ للفلسفة اذن 
مصدران : الوافد والموروث ٠‏ والوافد قد تم تحويله الى موروث محلى 
صرف يعد عمليات النقل والشرح والتلخيص والعرض والتأليف ٠‏ أما الموروث 
فهو علوم الكلام وتطويرها بعد. نقد الفلسفة لها ٠‏ وقد كان أوائل الفلاسفة 
مثل. الكندى متكلمين يفكرون فى مسائل الكلام مثل الاستطاعة والفمل 
أو التفكير فى الله أنى فى مسائل القضاء والقدر .أو نقد علم الكلام كله 
باعتبارة علما.لا يفيد الذكى ولا ينتفع به البليد ٠‏ وكما اتضح فى علم الكلام 
المتآخر .فى القرذين السادس والسابع وكما هو واضح عند الايجى فى 
د المواقف » غلبت موضوعات الفلسفة على الكلام ٠‏ ففى الفلسفة المتأخرة 
وكما هو الدال عتد الرازى فى المباحث المشرقية غلبت موضوعات الكلام 
على الفلسفة(؛ 4) ٠‏ كما شمل الموروث علم أصول الفقه وكانت الفلسفة تفكير!: 
غير مباشر عليه » روحه أكثر من مسائله(50) ٠:‏ وشمل أيضندا علوم التصوف 
والثى طبعت الفلسنفة بطابعها فيما عرف فيما بعد ياسم الفلسفة 
الاشراقية(47) ٠‏ كما احتوى أيضا بعض الملوم النقلية مشل الفقه 
والتفسير(//؟) ٠‏ 


وتبلغ قمة الابداع الخالص فى التفكير على الموضوعات الانسانية 
الخالضة فى 'الأخلاق والاجتصاع. والسياسة بصرف النظر عن الرافدين 





(غ4) الكندى : فى أن افهال البارى جل اسمه كلها عدل لا جور فيها , فى 
الإستطاعة وزمان كونها . الفارابى : كتاب الملة ٠‏ مقالة لأبى الخير الحسن بن سوار 
البقذاذنى : فى أن دليل يحيى النحوى على حدث العالم أولى بالقبول من دليل المتكلمين 
أصلا , ابن سينا : الرسالة العرشية , فى توحيده تعالى وصفاته , فى القضاء والقدر, 
ابن رشد : مناهج الأدلة فى عقاش الملة ٠‏ 0 

| (40) يتضنم ذلك عند ابن رشد ومنهجه الفقهى فى « بداية المجتهد ونهاية 

المقتصد ٠‏ ش 

(43) الفارابى : تجريد رسالة الدعاوى القلبية » دعاء عظيم , ابن سينا : فى 
الحث على الذكر . رسالة الطير . رسالة العشق ٠‏ 

(67) اين سينا : رسالة فى ماهية الصلاة , النيزوزية فى معانى الجروف 
الوجائية » فى تفسير الصمدية , فى تفسير الأحدية ٠‏ 


١14 
الأسداسدين فى التكوين الفلسفى : الوافد والموروث(48) ثم ينتقل الابداع‎ 
وفى مقدمتها الموجودات‎ ٠ الى العلوم الفلسفية الخالصة مثل مابعد الطبيعة‎ 
ثم دبلغ الذروة فى ااتفكير فى الموضوعات‎ ٠ المفارقة وخلود النفس(49)‎ 
الرياضية والطبيدية الصرفة حيث يتم الابداع فى أتم صورة دون جدال”'‎ 
لقد بدأات‎ ٠ أى نقد أى اشارة الى أحد المصدرين : الوافد أو الموروث(20)‎ 
الفلسفة عند الكندى والرازى تفكيرا على العلم بالأساس أى العقل فى مواجهة‎ 
, ثم انحرفت بمؤامرة داخلية لضريها وأصيدت فلسفة اشراقية‎ ٠ الطبيعة‎ 
تأملا فى النفس وانعراجا الى الله عند الفارابى وابن سينا واخوان الصقا‎ 
والشيعة وامتدادها عند ابن باجة وابن طفيل ثم عادت من جديد نحو العقل‎ 
هناك اذن نموذجان : الأول الفلسفة العقلية الطبيعية‎ ٠ والطبيعة عند ابن رشد‎ 
التى ميزت البداية والنهاية والتى هى أشبه بالرأس والقدمين ونموذج‎ 
الفلسفة' الاشراقية التى احدّلت الوسط والتى هى أشنبه باندفاع البطن الذى‎ 
وهو نفس التماين‎ ٠ فى حاجة الى دواء ليعود التناسق الى الجسم الفلسفى‎ 
, فى علم أصول الدين بين الأصول الانساذية العقلية الطبيعية عند المعتزلة‎ 

والأصول الالهية عند الأشاعرة ٠‏ 





(44) يبدو ذلك بوضوح عند الفارابى فى : تحصيل السعادة ٠‏ التنبيه على سسدبيل 
السعادة , آراء أهل المدينة الفاضلة , السياسة المدنية . رسالة فى السياسة , كما يتضح 
عند ابن مسكويه فى : تهذيب الأخلاق , الفوز الأكبر , الفون الاصغر * وييدى فى 
رسائل اخوان الصفا وعند ابن سينا فى : كتاب السبياسة . فى العهد . فى علم 
الأخلاق ٠٠0١‏ الخ ٠‏ 

(49) الفارابى : رسالة فى اثيات المفارقات ٠‏ معانى العقل ,» عيون السائل , 
فصوص الدكم ٠-١‏ الخ ٠‏ وقد تميز ابن سينا بكثرة تاأليفه فى النفس مثل : بيان 
الجوهر النئيس ٠‏ رسالة فى اثبات أن النفس الانسانية جوهر , رسالة فى أحوال 
النفس٠,‏ مبحث فى القوى النفسانية , رسامة فى معرفة الدفين الناطقة وأحوالها , 
رسالة فى الكلام على النفس الناطقة ٠٠١‏ الخ ٠‏ 

(00) يتضح ذلك عند الكذدى فى الجزء الثانى عن الرسائل: العلمية ‏ من رسائله. 
عن الجواهر الخمسة وطبيعة الفلك ,. والجرم الأقصى , ولون السماء , والمطن , 
والضباب » والحرارة . والبرودة , والمد والجزر ٠‏ كما يضح ذلك أيضا عند أبى بكر 
الرازىئ فى رسائله العلمية ٠‏ ثم استمر هذا التيار عند ابن سينا الطبيب فى « القانون » 
وفى رسسائله عن الأجرام العلوية وعلم الفلك 2 ثم ظهر عند ابن رشد الطبيب فى 
« الكليات » ٠‏ وهو التيار الذى منه خرج جابر بن حيان والخوارزمى والطوسى وباقى 
علماء الرياضة والطبيعة والفلك عند المسامين ٠‏ 

براسات فلسفية 


5 
وبالرغم من بعض الظواهر السلبية فى الفلسفة والتى كانت نتيجة 
طلبيعية لروح الدضارة القديمة مثل المنطق الصورى ٠»‏ والعقل التبريرى ٠‏ 
والمعرفة الاشراقية » ونظرية الفيض , والطبيعيات الالهية » وثنائية الطبيعة , 
وعلم أحكام النجوم ٠‏ والضرورة الكونية , وأولوية الفضائل النظرية , 
والتصور الهرمى للدولة الا أنها استطاعت تطوير الفكر الدينى واحتواء 
الحضبارات المجاورة , والانتقال من النقل والشرح والتلخيص الى العرض 
والتأليف » وصياغة لغة جديدة » ووضع تصور شامل » والاحاطة بكل العلوم 
القديمة فى علم موسوعى شامل ثم اثبات الحقائق الفلسفية العامة التى 
تتفق عليها البشرية جمعاء والتى تصل اليها كل حضارة مثل الله كمبدا عام 
شامل يظهر فى فعل الخير والاتيان بالعمل الصالح ٠‏ واثبات خلق العالمم 
من أجل الفعل فيه وعدم الدرج من القول يقدمه رد! لاعتباره » وخلود 
النفس الفردية من خلال العقل الكلى(١0) ٠‏ كان للفلسسفة دور ووظيفة ورسالة 
وكانت لها إنجازات تجعلنا نتساءل. : ماهى وظيفة الفلسفة اليوم وما دورها 
وما رسالتها » وما هى الانجزات التى قدمتها ؟٠‏ 


7 ب اليزية الثلاثة لافلسفة : غداب الانسان وااتاريخ : 


بدا التاليف عند الكندى واستمر عند الفارابى فى موضوعات متفرقة 
حثى وصل لامر الى أبن سينا فوضع لها بذية ثلاثية : المذطق ٠‏ والطبيعيات 
والالهيات ٠‏ وقد انتقلت هذه البنية الى العصر الوسيط الأوردبى بل وحتى 
العصوز الحديثة حتى هيجل الذى اجتمعت فيه فلسفات العدصير الوسيط 
والعصور الحديثة على السواء خاصة فى ١‏ الموسوءة الفلسفية » ٠‏ ولقد 
انتقلت هذه البنية الثلاثية الى الفلسفة الأوربية الدديثة مع تحول جديد الى 
نظرية المعرفة ونظرية الوجود ونظرية القيم اجابة على أسئلة ثلاثة : كيف. 
أعرف ؟ ماذا أعرف ؟ ماذ! آمل ؟ وقد ذشا كل ذاك فى اليداية من الموضوعات 
الرئيشية الثلاثة فى 'علم أصنول الدين : نظرية العلم , ونظرية الوجود ', 
والالهيدات بالاضافة الى الندوات ( السمعيات ) ٠‏ 


(١م)‏ د* حسن دذفى : 2 ترائنا الفأسفي 3 03 فى ل دراسات أسلامية ظ“غ 


15١‏ د 


فاذا سسألنا : هل للفلسفة لدينا الآن بنية ؟ لكانت الاجابة 'حتما بالنفى ٠‏ 
واافلسفة بدون بنية مجرد تأملات فى موضوعات متفرقة كما كانت الفلسفة 
القديمة فى بداياتها عند الكندى والفارابى ٠‏ واذا سألنا : هل الفلسفة لدينا 
الآن 2 وهى فى مرحلة البدايات أى ااتفكير المتناثر المشتت فى. موضوعات 
متفرقة علمية ورياضية وانسانية عامة 2 مرحلة تمهيدية لمرحلة أخرى تالية 
تتحول فيها الفلسفة من تفتت المسائل الى وحدة الموضوع لكانت الاجابة 
أيضا بالنئفى بالرغم مما دكون فى هذه الاجاية من مصادرة على المستقيل ٠‏ 


وحردة حركاته وامكانات أبداعه ٠‏ 


فالمنطق بالرغم مما يبدو عليه من صورية وتقليدية 2» منطق قضايا 
وأشكال الا أنه قد تم تركيبه بناء على تصور الحضارة الجديدة ٠‏ فالمنطق 
بالنسبة لافكر عند ابن سينا يعادل الوحى بالنسبة للدقل ٠‏ كلاهما يددنمان 
من الخطأ ٠‏ ويذقسمم المنطق الى منطق صواب وهو البرهان ومنطق خطأ وهو 
الجدل والسفسطة كما ينقسم مذطق الوحى الى يقين وظن ٠‏ وبالتالى سهل 
ادخال مادة المنظق الوافدة فى تصور الحقيقة الجديدة ٠‏ فمنطق اليقين هو 
البرهان ؛ ومنطق الظن وهو الجدل والسفسطة ٠‏ 


وأذا كان البرهان هو قمة المنطق أصبحت اأباحث الثلاثة الأولى فيه : 
المقولات والعيارة والقداس ثلاث مقدمات له , والمباحث الأريعة التالية له 
تطبيقات عليه فى الجدل والسفسطة والخطاية والشعر ٠‏ واذا كانت اللغة 
مادة المنطق التى عليها تتضح أشكال الفكر فان اللغة هى أيضا وسيلة التغيير 
فى الوحى ٠‏ هناك اذن تطابق بين المنطق واللغة ٠‏ المنطق مقولات وعيارة 
واللغة ألفاظ وجمل ٠‏ والقضية موضوع ومحمول ٠,‏ والجملة مبتداً وخبر ٠‏ 
احالة المذطق الى اللغة هو احالة الوافد الى الموروث 2 ووضع الحضنارة 
اليوناذية فى تصور الدضارة الاسلامية وعلى ماوضح فى المناظرة .الشهيرة 
بين المنطق والنحى بين متى والسيرافى ٠‏ وقد تم عرض المنطق على العقل 
فقبله العقل نظرا لما فى المنطق من نسق هندنى ٠‏ المقولة نقطة ٠‏ والعبارة 
خط ء والقياس خطان متوازيان والبرهان الموازيان لثالث متوازيان ٠‏ فنظرا 
لأن المنطق عقلى والعقل أساس السمع ظهر تطابق المنطق والوحى ٠‏ 


ولكن هذا هو فقط مقترحات القفلاسفة 0 ولا يمكن عزلةه عن باقى أذواع 


١39590-‏ هه 


المدطق التى دقف من منطق الفلاسقة موقف الذقد والرفض والعداء مثل مذطق 
الصوفية ومنطق الفقهاء ٠‏ فلقد قدم الصوفية منطق الاشراق وهى منطق 
وجدانى خالص وان أمكنه صبه أيضا..فى أشكال القياس(57) ٠‏ كما قدم 
الفقهاء منطق الحس والتجرية اعتماد! على الواقع والمشاهدة تحقيقا للمنفءة 
وللمصالح العامة ٠‏ اذن يمكن لجيلنا النظر الى المنطق ككل واحد ٠‏ منطق 
العقل الخالص عند الفلاسفة . ومنطق الشعور عند الضوفية » ومنطق الواقع 
عذد الفقهاء وتضديف عليه الجدل. الاجتماعى وهمذطق التاريخ 


أها الطبيعيات القديمة فهى كما تبدى طبيعيات عقلية مثالية أقرب الى 
رسدم الطبيعة منها الى علم الطبيعة ٠‏ وعلى الرغم من أن مادتها من الوافد 
الا أن تصورها وترتيبها من أسفل الى أعلى على نحو صاعد » من المعادن 
والنبات الى الديوان والنفس ٠‏ أشبه بطبيعيات الصوفية والارتقاء من 
الطبيعة الى مابعد الطبيعة , كما أن هذه المراتب ذاتها انما هى توجهات من 
الوحى ٠»‏ وتحقيق لدعوته لاتامل فى مظاهر الطبيعة وآيات. الكون » وما أكثر 
وصف المعادن والذبات والحيسوان والنفس فى الوحى وكأن التطابق بين 
ثنائيات اليونان : الجوهر والعرض , الصورة والمادة 2 الكيف 
والكم » السكون والحركة » القوة والفعل , المعلول والعلة , ٠٠١‏ الخ ٠‏ 
وبين الطابع المثالى لوصف الطبيعة فى الوحى ٠‏ وكما أنه يستحيل التمييز 
بين موضوعات علم الطبيعة وموضوعات علم اايتافيزيقا » كذلك يستحيل 
التمييز بين الآية ودلالتها ٠‏ بين دليل الحدوث وقدم الذات فى الفلسفة 
الاسلامية ٠‏ فالعلم واحد . سواء كان طبيديات أم الهيات ٠‏ الطبيعيات 
الهيات مقلوبة الى أسفل ٠‏ والالهيات طبيعيات مقلوية الى أعلى ٠‏ لذلك 
استدال فصل العالم عن الله . والحدوث عن القدم ٠‏ أما النفس فهى موطن. 
الالتقاء بين العالمين , عالم الواقع وعالم المثال ٠‏ كلاهما بعدان لانفس , 
ما أسهل اذن من الحصول على دلالات معاصرة للطبيديات القديمة وذلك 
بطريقتين : الأول معرفة كيفية .تركيب. الطبيعيات القديمة الى طبيعيات 
معاصرة أى الى بعد طبيعى للشعور من أجل القضاء على الثنائيات الموروثة 


)5م د' حسن حذفى ؛ « حكمة الاشراق والفينوميذولودجيا 27 دراسات اسلامية 
صن 31/78 2 866 . 


كه رورل 2 


والتى تغذيها ذنائيات الحلال والحرام » والكشف عن البعد الطبيعى للانسان, 
ووضع الانسان فى الطبيعة لتحقيق تطابق العقل والوحى والطبيعة ٠‏ 


واذ! كانت الالهيات طبيءيات مقلوية فان مايبقى منها هو النفس والعقل 
أى الانسان من حيث هى قوى نظرية وعملية 2 ويدخل فى ذلك الأخلاق 
والاجتماع والسدياسة والتاريخ ٠‏ ونظرا لأهمية هذا الجانب فى عصرنا 
فانه لا يمكن تركه محاصرا دين الطبيعيات والالهيات القديمة كعنصر ربط 
بينهما دون أن يصبح قسما مستقلا ٠‏ وبالتالى تكون بنية الفلسفة رياعية : 
المنطق ٠‏ الطبيعيات » الالهيات » الانسانيات ٠‏ وهو ماحاول اخوان الصفا 
اضافته فى القسم الرابع فيما سموه « العلوم الناموسية والشرعية » ٠‏ 
وتكون المهمة فى هذا الجزء الانتقال من الأخلاق الفردية الى الأخلاق 
الاجتماعية . ومن ثنائية الفضائل والرذائل الى توظيفها الاجتماعى طبقا 
لاطبقات الاجتماءية : أخلاق الأمر والنهى للطبقة العليا . وأخلاق القانون 
والنظام الطبقة الوسطى , وأخلاق الفقر. والقهر للطبقة الدنيا » ان وصف 
المدن الفاضلة سهل مادام الأمر هى التعبير عما ينبفى أن يكون ولكن تحليل 
الجدل الاجتماعي ووصف واأقع الناس ومعرفة أسباب الانهيار وشروط التقدم 
هو الأنفع والأقرب الى تحقيق مصالح الناس ٠‏ واذا كان القدماء قد أفاضوا 
فى اثبات خلود الذفس وفناء البدن وكسبوا المعارك النظرية فان المحدثين 
يستطيعون وصف مأسى البدن فمآسينا من جوع وقحط وعرى ومشاكلنا فى 
المواصلات والاسكان والنظافة وضيق المكان كلها آتية من سوء تدبير البدن ٠‏ 
ومن هنا تذشا مشاكل النفس بصرف النظر عن قدرة الصفوة عن تجاوزها 
والابقاء على طهارة النفس رغما عن ضرورات اليدن )675(١‏ 


م . كائمة : ممءذولمة هن 6 


هذا بحث فى الفلسفة والتراث وحال الأمة ٠‏ واضافة الطرف الثالث 
الذى يعبر عن ماهية العلاقة بين الطرفين الأولين ضرورى والا كان الربحث 


5 6( حاولنا تطوير ذكرنا الاسلامى المعاصي فى درأاسات ثلات «د مهن الوعى 
الفردى الى الوعى الاجتماعى » ء» « لماذا غاب ميحث. الانسان فى تراثنأ القديم 9 »2 
»2 لمانا غاب مدحث التاريخ فى تراثنا القديم ؟ »مء دراسات اسلامية ص 8غ ٠26016.‏ 


١58‏ سه 


فى الفلسفة والتراث أشبه يما هو سائد حاليا فى ندواتنا العلمية ومحاضراتنا 
الجامعية ٠‏ وتاك مهمة المؤتمر الفلسفى العربى وما قد ينبئق منه من جمدية 
فاسفية عربية تحقيقا وفعلا , تكون الموطن الطبيعى لابداعات فكر الأمة 
بعد أن انتظر الناس طويلا أهل الحل والعقد وعلماء الأمة وكما انتظروا 
أيضا أولى الأمر الذين وضعو! العرية أمام الحصان(:5) ٠‏ ومازال الجميع 
ينتظر المخاص ٠‏ وتلك مسئولية أساتذة الفلسفة أولا وقبل كل شىء 
بوعيهم بالتراث ويرؤيتهم لأحداث العصر ٠‏ بفكرهم كعلماء وبممارستهم 
كمواطذين ٠‏ وقد تكون تراثنا القديم بفضل علماء الأمة الذين أسسوا 
المدارس ٠‏ وصاغوا المذاهب ٠‏ وشكلوا! العقائد ٠‏ ان تحقيق الوحدة الدضوية 
العضوية دين العالم والمواطن ٠‏ بين حق العلم وواجب المواطنة هى السبيل 
الى الجمع بين التراث والفلسفة وحال الآمة ٠‏ 

ثم أنها مسئولية الطلاب ثانيا الذين يشكلهم الأساتذة سواء فى 
الدراسات العامة أو فى الدراسات العليا كعلماء ومواطنين يجمعون أيضا 
دين حق العلم وواجب المواطنة , يتأثرون بهم ويردون عليهم » ويكونون مذاهب 
بديلة » فى حوار صريح وعلنى ٠‏ فقد نشات الفلسفة كما نشا التراث كله 
ذديجة لحوار دين المذاهب وخلاف بين العقائد ٠‏ فالكل راد والكل هردود 
علية ٠‏ وما من حجة الا ولها حجة مناقضة » وما من موقف الا وله موقف 
بديل 2 ليس الطلاب نسسدخة منا ولكذهم تطوير لنا 2 وزيادة عليئذا أى قلب 
وتغيير لفكرنا رأسا على عقب ٠‏ 


وانها اسؤولية الدولة ثالثا أن تقف على الحياد التام فى الخلاف 
الفكرى بين العاماء وفى حرية الاختيار بين المذاهب ٠‏ فالسلطة ليست 
حجة , والفكر ناصح والسلطة سامعة ٠‏ ليس لاسلطة مفكروها ولكن المفكرين 
يخاطبون الناس الذين يذتارون ممثليهم ٠‏ ويبايعون أئمتهم » ويعقدون على 
ولاة أمورهم , فالامامة عقد , وبيعة » واختيار ٠‏ 


(08) د١٠‏ حسن حنفى : الضباط الأحرار أم المفكرون الأحرار ؟ قضايا عربية »2 
سدكدين أيازل ( 151/1 ٠‏ 


التراث والتغير الاجتماعى 
أولا ‏ أنواع المجتمعات الرشرية بالنسية الى ترائها : 


تمتان المجتمعات البشرية على غيرها من المجتمعات الحيوية بأنهسا 
مجتمعات تراثية تحتفظ بتاريخها الماضى وتدون آثارها أى تحفظه شفاها ثم 
ترويه الأجيال السابقة الى الأجيال اللاحقة ٠‏ ومن هنا ارتبط تاريخ الانساذية 
يعلم النقوش والآثار والحفائر كما حفظت حياة المجتمعات فى السجلات 
والحوليات ٠‏ وخلد الملك على حوائط المعايد والمقابر ٠‏ فاذا كانت التجمعات 
الديواذية تحفظ تجاربها السايقة فى سلوكها وتعلمها من المحاولة والخطا 
فان التجمعات البشرية تحفظ هذ! التاريخ وتدونه كتابة ٠‏ التجمعات البشرية 
هى اذن وحدها ااتى لها تاريخ ٠‏ وبالتالى كان تاريخها سجل حياتها 
ومرآة روجها وهى ما أكدته فلسفة الحضارات الدشرية ٠‏ 


والمجتمعات البشرية بالنسبة الى تراثها على ثلائة أنواع ٠‏ الأول 
«ايسمى بالمجتمعات « البدائية » وهى المجتمعات التراثية التى يكون فيه ا 
ترائها ماضيها وحاضرها ومستقبلها ٠‏ ويكون دينها وفنها وفلسفتها وأسلوب 
حياتها » ويكون بديلا عن واقعها وفكرها ويقوم مقام عملها ومعرفتها ٠‏ 
وفى هذه المجتمءعات لا ديحدث تغير اجتماعى قصددى بل يحدث تقدم فى 
أساليب الحياة العملية طبقا المحاولة والخطأ أو ايهاما بوسائل السحر 
وأساليب الخرافة ٠‏ 


والذانى مايسمى بالمدتمعات « المدنية » أو المجتمعات الحديثة أو 
المجتمعات الغربية المتقدمة وهى المجتمعات اللاتراثية التى كان فيها تراذًا 
دوها ما يكون ماضيها وحاضرها ومستقيلها كم تكشف لها تعارض بعض 
جوانب هذا التراث مع العام الحديث والعقل البسيط أو الحياة المدنية العصرية 


(*) كلقى هذا البحث فى الندوة العلمية التى نظمها معهد التخطيط القوهمى عن 
القضايا الاجتماعية لاتذمية فى مصر ( الثوابت والمغيرات ) القاهرة . مارس ٠ ١58١‏ 


150 


0-0 


5 - 


التى دقوم على العقّد الاجدتماعى الحر ذنكدته أولا وتركته ثاذيا )6 تستيق 
منه آلا ما اتفق مع المعرفة الجديدة والعلم الحديث والنزعة الانسانية بعد 
مدركة فاصلة دس القدماء والمحدثين « دين أنصار القديم وأنصار الجديد ٠.‏ 


والثالث مايسمى بالمجتمعات « النامية » أو المجتمعات المتحررة حديثا 
وهى المجتمعات التى مازالت فى مرحلة انثقال بين القديم والجديد » تحاول 
الخروج من التراث الى الواقع والذى تثار فيه قضايا الأصالة والمعاصرة , 
وتعرض عليه النماذج التراثية واللاتراثية ويتارجح بين التقليد والتجديد , 
ويتجاذبه تيارا الانقطاع والتواصل فى هذه المجتمعات . وهى مجتمعاتنا 
التى لم تحسم فيها القضية بعد والتى تثار فيها قضدية « التراث والتغير 
الاجتماعى » ' فهى مجتمعات تراثية تشارف على العصر بعد أن جابهت 
الاستعمار وحققت الاستقلال الوطنى وبدات التنمية الاجتماعية الشاملة ٠‏ 


كاذه : التموذج الثرافى : 


والنمودذج التراكى لا لمق عصك فقط فى المجتمعات )2 اليدائية « بل قد بوحددل 
أدضما ذي جما عات محادة تحدية 8111-5 داخل المجتمعات المدنية ٠‏ 
لذلك دصفها علماء الاجتماع بأسم »0 البدائية 150195110 لصم “وبالنسدية 


إذا فى المجتمعات الذامية دكرن دهذا النمدودج عد غدوب ردّدسية وأهمها : 


١‏ يؤخذ التراث على أنه غاية فى ذاته وليس مجرد وسيلة لتحقيق 
غاية أخرى هى تقدم الشعوب ونهضة المجتمعات ٠‏ فالتراث قيمة فى حد ذاتها 
يجرص عليها » ولا يمكن تناولها بالنقد أو التغيير ٠‏ التراث مصدر القيم ,2 
وهى فى حد ذاته قهمة روحية ١‏ هى مضمون الادمان أو « المطلق فى التاريخ ٠»‏ 
هى « المقدس » الذى لا يمكن تدئيسه بالبحث الانسانى أو بأعمال العقل أو 
دتحويله الى « الدذيوى » أو « العلمانى » ٠‏ وفى هذه الحالة يكون التراث 
والدين شيئا واحدا »2 وتذفى عنه صفة الابداع الانسانى 2 وكأنه من صنم 
الروح الالهى والنفح الذبوى ٠‏ يفءل فى الناس , ويوجه المجتمعات 2 ويحدد 
المصائر 2 يجب الخضوع إه » وااثورة عليه كفر والحاد ٠‏ وتشمل الكتب 
المقدسة والمؤلفات الصوفية والفقهية والعقائدية . ويضم الضريح والولى وكل 


صاحب عمامة وبائع عطور ! 


”ا د 


٠ يكون التراث مستقلا عن الواقع وليس: جزءا منه أو موجها له‎ "١ 
فهى فكر وواقع , عقيدة وشريعة » تصور ونظام » دين ودنيا . مصحف‎ 
يطرد الواقع الحالى 2 ويحل‎ ٠ ويكون بديلا عن الواقع‎ ٠ الخ‎ ٠٠٠ وسيف‎ 
, ويتم الخلط بين ماينبغى أن يكون وماهى كائن‎ ٠ محله الواقع التراثى‎ 
دين المددا والواقع أو بلغة الاصوليين دين الأصل والفرع * أو على الأقل ينبغى‎ 
فالتراث لا يقبل‎ ٠» على الواقع الحالى أن يطوع نفسه طبقا ذلواقع التراثى‎ 
التراث ملزم ومشرع‎ ٠ واقعا من خارجه يند عنه أى يهرب منه أو يدور عليه‎ 
الثراث هو الذات والموضوع , الأنا‎ ٠ وقادر على احتواء كل شىء خارجه‎ 
٠ والغير » الروح والمادة , مغلق على نفسه » لا يفكن التفان اليه‎ 


"٠‏ التراث كل لا يتجزأ يؤخذ كله أى يرفض كله لا يقبل الترقيع أو 
التوفيق مع تراث آخر مغاير ٠‏ التراث وحدة واحدة لا بداية له ولا نهاية 2 
دددا من كك ودعود الى ناقه » ملك البداية والده المذتهى ٠.‏ النئاس صنفان 
والخطة ٠‏ لذلك تحولت الجماعات التراثية الى جماعات مستغاقة على نفسها 
تتزاوج فدما بينها ولا تسمع أو تطيع الا لمن هى فيها 2 بل وتهاجر وتكون 
جماعات كلدة دتطهرة فى ردوع الصحراء أو على أطراف المدن لا تتعامل ضع 
غيرها الا بعد التدول من النقيض الى النقيض ومن الضد الى الضد ٠‏ 


يكون التراث خارج التاريخ والزمان والمكان » حقيقة أبدية لا تتطور 
أو تتغير ولا يخضع لتأويل أى تفسير أى وجهة نظر ٠‏ يشمل الزمان والمكان 
ويطويهها فيه قلا فرق بين ماخى وحاضر ومستقبل » ولا وجود لمراحل التاريخ 
أو نوعية المجتمعات أى خصوصيات الشعوب ٠‏ وبااتالى , تم التنكر للحاضر 
كلية » وتمت التضحية بأصول الفقه فى سبيل أصول الدين » وغلدت العقيدة 
على الشريعة . وأصيح أصحاب التراث معبرين عن هبدأ أكثر منهم عاملين 
فى الواقع ومغيرين له ٠‏ يقف التاريخ لديهم فى عصير ذهبى فى الماضى » يكون 
هو التقاء الخلود والزمان ٠‏ ومن ثم لا تتقدم الشعوب الا بالرجوع الى الماضى 
واختزال التطور , فلا يصلح هذه الأمة الا ما صلح به أولها ٠‏ يعيشون الماضى 
فى الحاضر ويعيشون الحاضر فى الماضى , والمستقبل غائب باستثناء المعاد , 


وخلود الأرواح ٠‏ 


5. ١5١8 


5ه الواقع كله مدان ٠»‏ ولا يمكن تطويره أى اصلاحه بل هدمه من 
الاساس حتى يبدأ البناء الجديد على أسس راسخة , أصله ثابت وفرعه فى 
السماء ٠‏ فالهدم يسيق البناء ٠‏ والموت شرط الصياة واليداية من الصفر 
خير من البداية على ما هى موجود بالطبيعة ٠.ولما‏ كان الواقع باقيا » والحياة 
قَائّْمة فان الهدم لا ينتهى حتى يدداً البناء » ومن ثم يبدو. التراث عدائيا للواقع. 
رافضا له . خارجا عليه . سرعان ما .ينتهى أصحايه بتدمير أنفسهم. والواقع 
باق لم يتغير » والمجتمعات تندم وتتدسى على هذه الطهارة الضسائعة 
الخاسرة ٠‏ ولما استعصى الواقع طال الهدم ولم يات البناء فظهر السلب دون 
الايجاب . والرفعة دون القبول ٠‏ 


5 تتولد العقلية الانقلابية » وتغيير المجتمعات عن طريق الصفوة 
الطليغة المؤسسة , الجيل القرآنى الجديد , القادر على تجنيد الأمة » ومواجهة 
قوى البفى والعدوان , والدفاع عن حاكمية الله لتقريض حاكمية البشر ٠‏ 
يحدث الانقلاب فى حياة الفرد أولا ثم حياة المجتمع ثانيا » فالتغير انقلاب , 
والثورة انقلاب على ما هو واضصح أيضا فى اللغة الأوردية ٠‏ وبالتالى يتم 
العمل فى الشفاء . سيرا لا علانية » تحت الأرض أكثر منه فوق الأرض » بجهاز 
سرى شدبه عسكرى 2 سرعان ما تكتشفه السلطة القائمة فتقضى عليه يقوة 
الجيش والبوليس المسلح ٠‏ ولا ضير من استعمال العنف المسلح والاغتيال 
السياسى لتبديل الزمرة الحاكمة واحلال الصفوة المؤمئنة محلها ٠‏ 


 '‏ ويتم ذلك كله بأسم الله دفاعا عن حقه » وتأكيدا لحاكميته » وتنفيذا 
لارادته وامتثالا لطاعته » وطمعا فى أجره وثوابه ٠‏ ولا يتم باسم الانسان »2 
دفاعا عن حقوقه وتأكيدا لسلطائه وتحقيقا لمصارحه .العامة حتى يعيش فى 
دنياه حرا كريما ٠‏ وبالتالى غادت النظرة الانسانية 2 ونقصت الرحمة , 
وظهرت القس.وة ٠‏ والله يبرر شعوريا عند دعاة التراث سدلوكهم لأنهم يدافعون 
عن الشرع باسمه ٠‏ انزوى الانسان وخاف ٠‏ وتقلصت قواه »2 وتجمدت 
طاقته وضغطت طبيعته ٠‏ فولد الكبت والحرمان مظاهدر التعويض والاشباع »2 
وكأن الله ليس غذيا عن العالمين وفى حاجة الى دفاع ٠‏ وكان الله لم يكرم بنى 
آدم فى البر والبحر ولم يجعله سيد العالمين ٠‏ 


١735‏ هه 


4 - ويسود التعصب والتشنج ٠‏ ويرفض الحوار مع الآخرين حنى 
أنفلق أصحاب التراث على الذات وأسقطوا الآخرين من الحساب ٠»‏ فأصبدوا 
نرجسيين : يرون أشخاصهم وذواتهم فى مرآة الآخرين * هم الحق وما سواهم 
الداطل ٠‏ وبالتالى استحاامت الوحدة الوطنية وانقسمت الأمة الى فريقين 
متصارعين متعارضين »2 خصمان يكفر أحنهما الآخر ,2 ويحمل كل" منهما 
السلاح فى وجه الآخر . ؤتستغعملها الدولة كل فريق ضد الآخر » فيحدث 
الشقاق بين قوى المعارضة ٠‏ وتتوقف عملية التغير الاجتماعى ٠‏ وتكون 
الخطورة أعظم اذا ما انشق دعاة التراث على أنفسهم وديت الخلافات فيما 
بينهم » كل فريق يدعى أنه على حق وصواب وما دونه الباطل ٠‏ 


1 ب وتسهل المعارك الشكلية حين يدعب تغيير المضمون فيظهر التغير 
على السطح فى مظاهر اللباس خاصة وصورة البدن مثل أطالة اللحى , 
والتمتمة بالشفتين والحجاب ٠‏ والصلاة واقامة الشعائر والطقوس بحجة 
الاستءداد وعدم التسرع , والاعداد للمعارك القادمة ٠‏ فيبقى الواقع 
الاجتماعى لا يتغير وتثار المشاكل الوهمية فى مجتمغات التذمية مثل فصل 
الذكور عن الاناث , أو التجمهر لاقامة مصلى ؛ ولا يجد الضنك البؤؤس والفقر 
والجوع من يتهسدى له » ويرتع المترفون . وتستسلم الآمة » ويضيع استقلالها 
على رائحة العطر ومعارض كتب التراث ومعارك الحجاب ٠‏ 


٠‏ ل وسرهعان ما تجد القوى المحافظة فى النموذج التراثى خير دعامة 
لايقاف حركة التغيير الاجتماعى » فتتمسك بالقديم » وتحافظ على الأصول » 
وبالتالى تحد شرعيتها فى التراث بعد أن فقدتها فى الواقم 2 وتتاصل فى 
المدداً وتختفى وراءه وتستعمله كقناع يخفى التسلط فى الواقع وذهب ثروات 
الأمة لذلك عم النموذج التراثى فى اانظم المحافظة , وأصبح دعامة الاقطاع 
الدمشائري والحكم القبلى » والنظام الأسرى » وتحولت قيم الأصالة والصلابة 
والايمان الى موائع للتغير الاجتماعى » وأصبحت القيم القديمة خير دعامة. 
للنظم المحافظة ٠‏ ولا تجد قوى التغير الاجتماعى لديها آية وسيلة لمواجهة 
القديم أو النظام القائم والا اتهمت بالخروج على المجتمع خاصصة اذا كانت 
المحافظة هو التيار الغالب على ثقافة الجماهير ٠‏ 


2-0١8٠ 
: ثامذا : عيوب الثموذج اللاثراثى‎ 


وفى مقابل النموذج التراثى » وكرد فعل عليه يظهر النموذج اللاتراثى ٠‏ 
يقطع الصلة بالقديم إبناء الجديد على أسس من العلم والمعرفة وبالجهد 
الانسائى الخالص دعد اكتشاف عورات التراث وعدم ذباقه أمام العلم الجديد, 
فالتقدم نحى الجديد مرهون بالتخلص من القديم.2, وهو درس عصى النهضة 
الأوردى فى القرن السادس عشر خاصة وحتى الآن ٠‏ وكما ظهرت « البدائية» 
كتجمعات محلية ظهرت أيضا الحركات التحديثية العلمية العلمانية على النمط 
الأوربى كتجمعات فوقية <١‏ 8إنا0م-60(لال مفروضة على مجتمعاتنا من 


الخارجح . وأهم عدرب النموذج : 


, يحدث تغيير فى السطح لا فى العمق »2 وفى العرض لا فى .الجوهر‎ ١ 
فتتغير مثلا الحروف الوطنية فى اللغة الى‎ ٠ وفى الاطراف لا فى المركز‎ 
كما يتغير اللباس الوطنى الى اللباس الأوربى » والموسيقى‎ ٠ الحروف اللاتينية‎ 
الشرقية الىالموسيقى الغردبية:. والمنازل العربية. الىالمنازل الحديثة: والمدارس‎ 
الوطنية الى المدارس الأجنبية , والاغة العربية الى اللغات الأوربية » وبدلا من‎ 
أن تكون البلاد جزءا من الشرق تصبح قطعة من أوربا وكأن التحديث هو ترك‎ 
الأنا وتقليد الاخر , والقضاء على الهوية والوقوع فى التغريب »2 وكما يقول‎ 
٠ , الشاعر « لبسنا قشرة الدضارة » والروح جاهلية‎ 


يحدث التقدم فى الخارج فى مظاهر الحياة المدنية من صسناعة 
وزراعة وتجارة وعمران ولكن على أساس من التخلف فى الداخل ٠‏ فيقام 
التصنيع بعقلية الزراعة وانتظار الفيضان وسقوط الأمطار ٠‏ وبذر الحيوب 
وأنتظار الحصاد ٠‏ وكأن التصنيع سيحضيى عقليته معه ويفرن قدمه فى الزدان 
والتنظير والآلية ٠‏ وتقام مزارع ومديريات الاصلاح الزراعي بعقلية الاقطاع 
أو بنظام بيروقراطى ؛ ويدار القطاع العام فى التجارة بعقلية القطاع الخاص:٠‏ 
فسرعان مايذهار التقدم بانتهاء دور النخبة التحديثية وتظهر المصافظة فى 
الأعماق »2 ودددو التخاف كمرحلة تاريخية لا يمكن عدورها ددجسرد تغبير 
المظاهر الخارجية ٠‏ 


١553‏ هس 


يحدث تغيير فى الأبذية الاجتماعية دون أن .يقع ثغيير موان فى أنساق: القيم ٠‏ 
فسرعأن ماتعود الأذظمة القديمة متطايقة مع نسق القيم القديم بمجرد اختفاء: 
قوى الحراك الاجتماعى التى أحدثت هذا التغيير وهى فى موقع السسلطة 
السياسية ٠‏ وكأن نسق القيمة هى الأسباس الواقعى. الوحيد للبنية الاجتماعية 
مهما اختلفت الإيديولوجياث وآرإؤها .حول أولوية الأبنية التحتية أى الأبنية 
الفوقية ٠‏ فتحدث التنمية دون مفهوم التقدم 2 ويتم التحرير والتدهير دون 
مفهوم الآرض ٠‏ وتتسع رقعة الخدمات دون مفهوم الانسان ٠‏ 


؛ ‏ ونتدجة لذاك يحدث انفصام فى الشخصيية الوطنية , وتتجاور فيها: 
حايقتان من الثقافة ٠‏ الاولى تاريخية متصلة محافظة أصيلة والثانية حديكة 
منقطعة تقدمية مستوردة ٠‏ وتوضع الثانية فوق الأولى دون أن .تنيع مذها أى 
تكون تطويرا لها » ويحدث الاشتبياده فى الشخصية القومية كما هى الحال فى 
تركدا. وبولندا » طيقة راسخة من الاسلام وفوقها طبقة من التحديث الغربى فى 
الأولى » وطدقة راسدخة من الكاثوليكية وفوقها طبقة من الماركسية فى الثاذية ' 
وتنقسدم الآمة الى فريقين وكما هو حادث فى مجتمعاتدنا العربية والاسلامية 
دين أنصار التعليم الدينى وأنصار التعليم العلمانى ٠‏ 


ه ‏ ونظرا لهذا 'التجاور السطحى بين الطيقتين تحدث ردود الأفعال ٠‏ 

ففى ساعة الهزائم وأوقات الشدة وعندما ترى الشعوب فشل مناهج تحديثها 
الننطمحية , تثور الاعماق ؛ ويحدث رد فعل » وتظهر السافية والحركات الدينية 
الرافضة لجميع مظاهر الحداثة كما هى حادث الان فى مجتمعاتنا العربية 
والاسلامية٠‏ فالثقل التاريخى للآغماق أقوى بكثير من خفة السطع ٠‏ والرصيد 
التاريذخى لتراث الشعوب يرجح تقليدها المحدث للآخرين ٠‏ وبدل أن ديحدث 
التفير الاجتماعى يوقف مسار التغدر 2 وتكتسب الشعوب مناعة ضصده 2 


وتحدس نقسدها مئه باعتداره آفة الدوضصس ٠‏ 


5 - ونظرا اوجود هاتين الطبقتين المتجاورتين لم يحدث أن مرت مثل 
هذه المجتمعات دفترةانتقال من التراث الى التجديد ٠‏ يحدث فيها اعادة بناء 
التراث واعادة الاختيار دين البدائكل دحدث يقضى على معوقات التقدم وتستمد 
منه بواعث التغير الاجتماعى ٠‏ وتتمين هذه الفترة الانتقالية بظهور مايسمى 
باللييرالية أو التنوير اعتزازا بالءقل وبحرية الانسان وتاكيدا على استغلال 


ب ١415‏ د 


الطبيعة وتقدم التاريخ » وهى الجلقة المتوسطة بين القديم والجديد ٠‏ ووسيلة 
الاننقال من التراث الى الثورة باعتبارها تغيرا اجتماعيا متراكما عدر عدة 
أجيال ٠‏ ومن ثم ظهرت فى بولندا الحاجة الى الليبيرالية كما انتقل الاتحاد 
السوفيتى من الاقطاع الى الاشتراكية دون المرور بهذه المرحلة المتوسطة 
فنشات البداجة الى الحرية » وظهرت حركات المعارضة » وسمعت أصوات 


إأنك كير ٠.‏ 


'٠‏ - ولماكان التحديث منوطا بالتنمية وطبقة التكذوقراط المؤهلة التحديث 
سيطرت الأقلية الحديثة على الأغلبية القديمة » وأخذت هذه الأقاية فى تنظيم 
ذنفسها فى حزب طليعى أو فى ضباط أحرار أو فى طبقة المديرين وجهاز الدولة. 
وأصبح التحديث فى عقول الصفوة وليس وجدانا شعبيا لدى الجماهير ٠‏ 
فتصبدر القرارات التددذية دم تفرغ من مضمونها حتى تنتهى الى فراع , 
ويتحول التحديث الى مجموعة من الشعارات تتهكم عليها الناس أو تبقى 
اعلاما فى التاريخ ٠‏ 


4 وتنتهى الطلائع الثورية بالعزلة عن قواعدها الشعبية ذظرا لاختلاف 
لغة الثفاهم والتخاطب ونظرا لاختلاف الدواعث والأهداف الموجهة ونظر! 1 
لاختلاف .درحة الوعى الدياسى والاجدما عى . وغالميا ما تفشل ذى أقامة نظام 
جما فيري شعبى يقضى على عزلتها 5 وسرعان ما ذذتهى الى دوائر مغلقة فى 
الابداع الفنى , ويصيح الفن عزاء للنفس ٠‏ والشعر تطهيرا لها ٠‏ 


وكسرا لددة العزلة . وايجاد المخرج هذها خارج الطوق يتحول 
أحيانا الولاء الوطنى الى الولاء للاجنبى حتى يجد قادة التغير الاجتماعى 
حلدةا لهم ومؤيدا لجهود هم ومعيئا مشرو عاتهم ٠‏ فان كانت تحديكية لييرااية 
ظور الولاء لاذظم الغردية ٠‏ وان كانت تهديذية اشتراكدة ظور الولاء للنظم 
الشرقية ١‏ وتخمد الروح الوطئية 3 وتضيع الأصالة 0 ودمدى الخصوصية 0 
ويعم التقليد 3 وينذهى الاستقلال , ودسدود التبعية ٠‏ فأذ| مأ شدكت الجمافير 
فيو لاء قادة التغير الاجتماعىازدادت العزلة, وظهرت طلائم أخرى تحاصرها ٠١‏ 
وغاليا ها تكون هذه الطلائع الجديد: ضد حركات التغير الاجتماعى » فتحدث 


الردة 3 وتتوقف حركات التغير ٠‏ 


ب 387اننه 


٠‏ لاوكما تمثلت القوى المحافظة للنموذج التراثى وأخذت درعا 

دحميها ضد قوى التغير الاجتماعى فان قوى التقدم تتمثل النموذج اللاتراثى " 
ولكنها تاخذه كرمح تخرق به القوى المحافظة وكحاجزن بينها ودينها فيهدث 

التصادم , وتنفصم عرى الوحدة ٠‏ وتسيل الدماء ٠‏ ترهق قوى التقدم نفسها - 
وتحيد عن معركتها الأساسية ,2 وتنهك قواها حتى تنهار ٠‏ وتقوم القوى. 
المحافظة بالتصدى لأهدافها البعيدة , وتفقد وظيفتها فى احتواء قوي التقدم 

وفى المحافظة غلى الوحدة الوطنية كما حدث فى الثورة الايرانية عندما كانت 

الحركة الثورية الاسلامية وعاء لكل الاتجاهات: الوطنية ٠‏ فاذ! ما خسّرت. 
الجولة فانها تتحؤل الى قوى رفض ومعارضة ترمى الى الأآخن بالثار , 

ويملأ نفوسها الحقد والضغينة » وتنسى أهدافها ٠‏ وتضيع فرصة خلق قيادات 

جديدة لمدركات التغير الاجتماعى نظرا لغياب المفارسة الطبيعية للها ٠‏ تقف 

قوى التقدم وهىفى موقع السلطة عاجزة عن البناء: وتتصدى القوى المحافظة 

لحركة التغير الاجتماعى وهى خارج السلطة وفى مواجهتها ٠‏ ويكون الحسم 

فى النهاية لقوى الأغلدية الصامتة وقادتها المحافظة ٠‏ 


رادها ؛ نموذج اعادة يناء التراث : 


والنموذج الثالث: هى « اعادة بناء التراث » أى « احياء التراث © أى' 
د تجديد التراث » النموذج الذى تحاول المجتمعات النامية صصياغتة وتبنيه 
بالمرغم مما هو حادث الان من وقوع فى الخطابة أو الانتقائية من الخارج ٠‏ 
فأذا كان النمط التراثى يضحى بالتغير الاجتماعى من أجل المحافظة على 
التراث وكان الذمط اللاتراثى دض حى بالثراث هن أجل أحدات التغير 
الاجتماعى فان تجديد التراث أو احياته أو اعادة بنائه طيقا لحاجات العصر 
هو الذى يحفظ من التراث دوافعه على التقدم ويقضى على معوقاته وهو 
الفادر على أحداث التغير الاجتماعى بطريقة أرسخ وابقى واحفظ له فى 
التاريخ من الانتكاسات والردة وحركات النكوص ٠ )١(‏ 


لل انظر محاولتنا 2 التراث و التحددد »م المركز العردى لليحث والفعى 20 القاهرة 
مول ٠‏ 





د ١88‏ ب 


ولما كان التراث عسادة يتم نسجه حول المعطى الديثى الذى يتحول 
افيما بعد الى عقائد ونظريات ومذاهب وابنية نفسية فان ذلك يحدث فى واقع 
تاريخي محدد وفى زمان ومكان .معيذين وفى مجتمعات بعينها بكل ما فيها 
هن صراع اجتماعى وتضارب فى المصالح دين القؤى الاجتماعية المختلفة ٠‏ 
فبرن التراث معبرا عن هذا الصراع وهذه المصارح , وهذا الواقع التاريخى , 
ومملوء بهذه التناقضات حتى أصبح حاويا للشىء وذقيوضه » متعدد الاطراف , 
متشابه الأحكام والقضايا ٠‏ وقد عيرت الفرق الاسلامية القديمة عن ذلك أصدق 
تعبير » وأصبحت المذاهب الكلادية أكبر معبر عن القوى الاجتماعية فى المجدمع 
الاسلامى القديم ٠‏ فكان سلاح المذهب والعقيدة أمضى الاسلحة لكسب معارك 
الصراع الاجتماعى ٠‏ ولما كان الضراع الاجتماعى فى كل عضر واحدا 
لا يتغير , الصراع بين الحاكم والمحكومين , بين الطبقة العليا والطبقات 
الدنيا » بين من دملكون كسل شىء ومن لا يملكون شيئًا » دين الأقوياء 
والمستضهفين » بين الاقلية والأغلبية » بين القاهرين واأمقهورين خرج التراث 
متشابها يعبر عن كلا الموقفين ٠‏ فاذا كان الصراع قد حسم أولا لصالح 
فريق ٠‏ فريق السلطة , الدوئة السمنية القائمة ودالتالى ساد تراثه على همدى 
أكثر من آلف عام منذ جسم الصراع فى القرن الخامس الهجرى حتى الآن 
فان المعركة اليوذن على أشدها بين الفريقين من جديد بصرف النظر عمن 
يمثلها » القاهر من الخارج مثل الاستعمار والصهيونية أو القاهر من الداخل 
«ثل الاقطاعى أو الحاكم المطلق ٠‏ وتكون معركة التراث الآن هى فى أحداث 
البداكل وقلب التراث من تراث القهر الى تراث التحرر نظرا لتغير الظروف 
الاجتماءية وبداية معارك التغير الاجتماعى من جديد ٠‏ فلا يمكن للقوى 
الاجتماعية صاحبة الحق فى أحداث التغير الاجتماعى من التغير بثقافة 
المملظة , ثقافة الدولة الاشعرية » دون اكتشاف ثقافة المقهورين ثقافة الشيعة 
والخوارج والمعتزلة وتراث القرامطة والزئج ٠‏ وقد بدا هذا التحول فى تراث 
الحركات الاسلامية الثورية المعاصرة مثل المهدية والسنوسية والثورة 
العرابية وثورات الريف وحركات التحرر الوطنى فى المغرب العربى » وحركات 
المعارضة الاسسلامية فى الحجاز وأخيرا فى الذورة الاسلامية الكبرى 


فى ايران ٠‏ 


6غ8١1‏ ب 


ويمكن أحداث هذا النموذج الجديد وعلى سديل المثال على النحسسو 
الآنى(١)‏ : 


: من القصور الراسى للعالم الى التصور الأفقى‎ .- ١ 


فى وقت كان الدفاع فيه عن الله كمركز للكون وعن القمة من أهم المعارك التى 
دخلها التراث القديم ضد المذاهب والملل والنحل دفاعا عن التوحيد ضد الشرك 
والتنوية وكل مظاهر التشدبيه والتجسيم التى كانت منتشرة فى المجتمعات 
القديمة المجاورة خاصة فى فارس 3 وقد حسمت المعركة لصالح التوحيد 7 
واستتب الأمر لصالح الدولة القائمة وقوى النظام ٠‏ ولكن أصبح هذا النظام 
فيما بعد قيمة مطلقة وتحول الى بناء نفسى للجماهير , فتعطى القفة كل شىء 
ولا تعطى القاعدة أى شىء » وأصبحت العلاقة بين الأعلى والأدثى علاقة تماين 
وكلما هبطنا الى أسفل وصلنا الى أقصى مراتب النقص ٠‏ فنشات لدينا 
المجتمعات الاقطاعية والنظم الرأسمالية وتغلفلت البيرقراطية فى النفوس , 
طديعى خلقى جيلى فطرى ! فتعثرت محاولات التغير الاجتماعى وأقامة عدالة 
اجتماعية وتذويب الفوارق دمن الطيقات والقضاء على المركزية الادارية ٠‏ 
فالتقدم مشروط بالتصور الأفقى للدالم حينما تكون العلاقة بين الطرفين علاقة 
الأمام با “. لخلف واد نسدسثك علاقة الأعلى بالأدنى 2( وتكون الاطراف جميدا على 
القواعد الشدرية قدر ما تعطى الطلائع الثورية ٠‏ 


" من الله الى الانسان : 


للا كان التراث القديم فى مواجهة تراث الغير كان الدفاع عن الله , 


)١(‏ أنظر بحثا لنا بعنوان « تراثنا الفلسفى » فصول , العدد الأول , الهيئة العامة 
للكتاب 0 القاهرة ٠م‏ و١‏ 3 وأيضا كتاينا درأسات اسلامية : شن /ا 1١١‏ ب 5168 ٠‏ 


- ١4غ‎ 


ذائه وصفاته وأفعواله » ضمن انجازات القدماء ضد تشبيهات الانسان ' و 
تم كسب المعركة وأصبح الل فى شعورنا مستدقا لكل صفات العظمة والجلال: 
ولكن فى مجتمعاتنا الحالية أصبح الخطر مدهما بالانسان » حياته ومعاشه 
وتعليمه وصحته وخدماته وحقوقه وحريته ٠‏ ومن ثم وجب نقل المركز أى 
الثورة من الله الى الانسان دون أن يكون فى ذلك خروجا على مقاصد الله . 
فالله قذ خاطب الانسان بالوحى ٠‏ وأرسل له الأنبياء » وكرم بنى آدم فى: البر 
والبحر » وجغله سيد المخلوقات ٠‏ الله غنى عن العالمين ولكن الانسان فى 
حاجه الي دفاع وحماية ٠‏ وقد فرض الانسأن نفسه فى تصورنا لله فشخصناد 
حتى امتلأت حياتنا بالتشخيص ٠‏ تشخيص المبادىء والنظم والتصورات ١‏ 
وتصورنا الله « الانسان الكامل » بكل ماله من علم وقدرة وحياة وسمع وبصر 
وكلام وارادة ٠‏ وبدل أن تكون هذه الصفات مثلا عليا يخققها الانسان فى. 
حياته وهدفا له يسعى نحوه تجحدت وتحجزت وثبتت وتحولت الى معبود 
يشعر. الانسان أمامه بالعجز. والدونية. ٠‏ 


' ب من الامير والرئيس والامام الى الشبعوب وجماهير الآمة : 


'وقد' انتقل التصور الهرمى المركزى للعالم الى ميدان الاجتماع والسياسة 
فنشآت لديتا المدان الفاضلة تركز حول الْرئيسَ أو الامام كخليفة لله فى الأرض 
كما دارت النظم السياسية وفى علم العقائد خاصة دول الامامة شروطن 
وضقآت الامام ٠‏ فتوارت المؤسسات الاجتماعية والسياسية كما نوارت 
الشغوبٌ والجماهير متذلية عن دورها فى الماعرضة والثورة وآخذة دور 
الشهع والطاعة ٠‏ وسمعنا فى مجتمعاتنا من يخذر من الاقتراب من « بغلة 
الشتّطان: » بالنقنا أو التجريم فما بالنا بالسلطان ! ويقول الفارابى : 
سواء قلت الله أو الرئيس أو الأهير أن الامام فائما أعنى نفس الشىء 
فاذ! خرج جزء من القاعدة على القمة جاز للرئيس دتره واستتصاله حتى 
يعم النظام ويستتب الأمن وكان التصفية الجسدية هى أفضل وسيلة للتعامل 
مع المعارضة والرئيس أكمل البشر . وهو وحده القادس على المعرفة زالالهام 
يكاد لا يخطىء ولا يراجعه أحد ! أن المؤسسات الدستورية هى وحدها القادرة 
على المراجعة حتى تحدث التنمية الشاملة دون أن يخضع لهوى الحكام 
ولنزو ات "السلمطة ٠‏ . 


- من الجبرية والقضاء المسيق الى الحرية وخلق الأفعال : 


ظهرت عقيدة الجبر بتوجيه من الدولة القائمة للقضياء .على .المعارضة 
ودعوة الناس الى التسليم فامن الناس بأن كل مايحدث فى. حياتهم من محازن 
وماسئى انما تم بقضاء الله وقدره المسيق وأنه ليس فى الامكان أبدع مما كان... 
وكان يمكن أن تحدث مآسى ومصائب أقوى وأشد ولكن الله خفف ولطف »2 
ولى علم الناس المقدر لاختاروا الواقع ! وأصبح كل من يعارض .أو يعترض 
أى يذقد أى حتى ينصع بالحسنى خارجا على النظام ومنشقا على اجماع 
الآمة ! ولذلك وصفت المجتمعات الشرقية بنظام « الاستبداد الشرقى » واحد 
فيها فقط هى الحر والباقى عديد ! ولما كان شرط التنمية هى التخطيط والمبادرة 
وقدرة الانسان على الابتكار والخلق كان الانتقال الى الحرية وخلق الافعال 
كقيمة محققا لهذا الشرط ٠‏ وقد حاولت حركاتنا الاصلاحية الأخيرة احداث 
هذه النقلة خاصة الكواكبئى' فى «٠‏ طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد » ٠‏ 


من منهج النص النازل الى منهج الاستقراء الصاعد : 


كان المنهج السائد فى التراث القديم هو المنهج النصى القائم على 
استذباط الأحكام الشرءعية من الادلة وهى الأصول الاولى المكتوبة ٠‏ وساد 
هذا .المذهج فخرج التفسير بالماثور .فى علوم التفسير ٠‏ وأولوية النقل على 
العقل فى علم أصول الدين عند الحشوية وأهل الظاهر ٠‏ كما ظهر الفقه 
الافتراضى وسادت فرقة أهل السنة والحديث التى أصيح فيها النص حجة 
قائمة بذاتها لا يقوى عليه أى دليل عقلى: أو أى درهان حسى منذ أحمد بن 
حئيل حتى محمد بن عبد الوهاب ٠‏ وكان من الطبيعى قديما أن يحدث ذلك 
فكان الوحى هى مصصدر المعرقة والعلم ٠‏ ولما تغير الوضع الان وأصبح الواقع 
هو مصدر المعرفة وأصبح التحليل الكمى الواقع هى أساس القرار ومادة 
التخطيط لزم الانتقال من. منهج النص النازل الى منهج الاستقراء الصاعد , 
والانتقال من الفكر الى الواقع : ومن الوحى الى الطبيعة » ومن الأصل الى 
الفرع » ومن امبدا والشعار الى حياة الناس وواقعهم التاريخى ٠‏ ظ 


: من العقل الاشراقى الى العقل الاستدلالى‎  * 


كانت المعرفة العقلية'عند. القدماء فى الحض ارات المجاورة شائعة. 


١58‏ د 


وسائدة ٠‏ فلما جاء الوحى بالمعرفة الدنيةة عن طريق الأنبياء كان من الطديعى 
أن يركز التراث على خصوصيته ويجعل الاشراق مرتبة أعلى من العقل على 
ماهى معروف فى الفلسفة الاشراقية.وفى -التصوف ٠‏ وساد هذا التيار حتى 
الآن* ولما تغيرت الظروف التاريخية » وساد الجهل وعمت الخرافة واعتمد 
الناس فى.أمر حياتهم على المعازف اللدنية فى كل شىء وغاب التخطيط القادّم 
على الدراسة والتحليل وجب الانتقال منالمعرفة الاشراقية الىالمعرفة العلمية, 
واصدار القرارات لا عن طريق الالهام الربانى بل عن طريق حساب الامكانيات 
وعرض الاحتمالات والا لتحول المجتمع كله الى أننياه يوحى اليهم أو الى 
أولياء يتبرك بهم ويتحول الجميع الى مريدين ٠‏ 


: من الايمان والنظر الى العمل وا ممارسة‎  '"' 


لما كان الايمان الباطنى هو ما جاء به الوحى ركز عليه القدماء خاصة. 
بعد الفتنة وتشتت الأعمال ٠‏ أصبح المسلم بايمانه قولا وارجاء الأعمال الى 
يوم القيامة٠كما‏ رفع الفلاسفة منشأن القيم النظرية علىحساب القيم العملية , 
وجعل الصوفية التامل والفناء فى قمة الطريق الصوفى ٠‏ ولما كان العمل 
والممارسة شرط أحداث أى تغير اجتماعى كان الانتقال من النظر والايمان 
الى العمل والممارسة شرط التذمية وزيادة معدلات الانتاجح ٠‏ وقد نيه محمد 
عبده من قبل على ذلك بقوله «ما أكثر القول وما أقل العمل ! » كما استشهد 
الجميع بآيات العمل والجهاد مثل « وقل اعملوا » ولاحظوا اقتران الايمان 
بالمعمل فى آيات « يأيها الذين آمنو! وعملوا الصالمات » ٠‏ فاذ! كان القدماء 
قد فهمو|ا العالم فقد آن الأوان لنا أن نغيره. ٠‏ 


4 من خلود النفس الى دقاء البدن : 


كانت المشكلة عند القدماء هى اثبات خلون النفس فى مواجهة 
الفلسفات المادية القديمة التى تقول بفنائها أو ببقاء البدن ٠‏ وقد نجح القدماء 
فى كسب المعركة حتى تحول خلود النفس وفناء البدن الى معتقد أساسى 
شعبى فى وجدان الجماهير ٠‏ ولما تغيرت الظروف 2 وظهرت اوضاع الفقر 
والجوع وحالات البؤس والضتك بان أن المأساة فى البدن فى المأكل والمشرب 
والملبس والمسكن وان الروح لا خطر عليها الا من خلال البدن ٠‏ ولا يمكن أن 
تنعدث تنمية طالما ظل البدن قيمة سلبية فى وجدان الجماهير ٠‏ وقد حاول ابن 


١856‏ ب 


رشد ذلك هن قيل دتصوره دقاء اليدن فالمالدة لأ تغثى ولا تتبدد بل تتحول من 
شكل الى آخر وبتصوره بقاء الروح عن طل ريق الفكر والعقل الكلى فى 
الحضارة الانسانية ٠‏ 


من فناء الدنيا الى بقاء العالم : 


استطاع القدماء ان يبرزوا التصور الاسلامى الجديدٍ للعالم وهو خلق 
العالم وفناؤه فى مواجهة الفلسفات القديمة التى كانت تقول بقدمه وازليته ٠‏ 
ودماغوا لذلك دليل الحدوث ٠‏ ودليل الامكان » ودليل الجوهر الفرد وغيرها 
من الأدلة لاثبات فناء. العالم وبأنه أتى من لا شىء وسيعود الى لا شىء 
« كل من عليها فان ٠‏ ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام » ٠‏ ولكن انحسيار 
المد الاسلامى القديم وتخلى المجتمع الاسلامى عن رسالته فى الفتح وازدواج 
الأشعرية والتصوف وسيطرة القوى الأجنبية على مقدرات المسلمين تحولت 
عقيدة فناء الدنيا الى سلب الدنيا من وجدان الجماهير .فدهجزت عن العمل 
وأثرت التحول عنها والتوجه الى الاخرة « وتؤثرون الحياة الدنيا » والآخرة 
خير وأبقى » ٠‏ والتنمية لا تحدث فى مجتمع ذى اتجاه سلبى نحو العالم ٠‏ 
ولا يظهر الاتجاه الايجابى الا فى بقاء العالم أى العمل فى الدنيا وكان الانسسان. 
يعيش فيها الى الأبد ٠‏ 


: من الفرقة الناحية الى الوحدة الوطنية‎ ٠ 


لا تعددت الآراء » وتضاربت الاهواء وتشتت المذاهب » وحدث الشقاق, 
وعمت الفتئة بدا الناس يبحئون عن الفرقة الناجية فى مواجهة الفرق الضالة: 
فظهر حديث الفرقة الناجية الذى ستفترق فيه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة 
كلها فى النار الا واحدة وهى فرقة الحكومة أى الدولة القائمة المستتية ٠‏ 
وبالتالى تمت ادانة جميم الاتجاهات » واتهام الخصوم وفرق المعارضة 
بالكفر والعصيان ٠‏ واستمر الحال كذلك حتى الان حتى غابت الديموقراطية 
من مجتمعاتنا وساد الراى. الواحد والحزب الواحد ٠‏ ولما كانت التنمية 
لا تحدث الا بالمشاركة: والحوار واختلاف الاراء ومقارنة الحجة باللحجصة 
ومقارعة الرأئ بالركى ومقابلة البرهان بالبرهان لزم الانتقال الى نوع آخر 


ل 89ا سه 


اقتديتم اهتديتم » حتى يظهر الرأى الاخر ويرد الإعتبار الى شرعيته ٠‏ 


خامسيا ١‏ محاطر وشديبهات : 


لا كان الثراث حاضرا كيناء نفتى فئ المجٍتمعات الثامية كان هذا 
النموذج الثالث « اعادة بناء التراث » هى طريق التنمية ووسيلة “حداث 
تغير اجتماعى جذرى بالرغم مما يبدو عليه من نظرة اصلاحية دينية احيائية ١‏ 
اعادة بناء التراث اذن جزء من عملية التغير الاجتماعى ان لم تكن شنرطها 
الأساسى ٠‏ وان اعادة الاختيار بين البدائل من ثقافة القهر الى ثقافة التمرن 
لهو تغير جذرى فى ميزان القوى الاجتماءية لصالح الأغلرية الصامتة صاحية 
الحق فى التنمية وفى التفير الاجتماعى ٠‏ 


وهم ذلك دثار عغدة شدهات: ومحاذير دسدهل أيضاحها والتخلص منها 


وعلى رآسها : 


١‏ اعادة بناء التراث نزعة عملية ذرائعية صرفة لا تبحث عن الحق 
فى التصورات أو الصواب فئ العقائد بل مجرد وظيفية خالصة فى أحسن 
الأحوال أو انتهازية صرفة فى أسو الظروف ٠‏ هى حركة -« تكتيكية » تستغل 
الدين وتس.تثمره فى قلوب المتدينين دون الايمان به نظرا » وبالتالى ايقاع 
العقائد الثابتة فى مسار التغيرء وضنياعالدقيقة لتصالح النفعالدنيوى العاجل ٠‏ 
والحقيقة ان هذه الشبهة لا أساس لها ٠‏ ولا تعبر الا عن مزايدة فى ألايمان 
وتملق لاذواق الجماهيز اذا افتراضدنا سوء النية أى تعبر عن موقف متطهر 
خالص وتقوى زائدة اذا افترضنا حسن النية ٠‏ فالفاية هى مصالح العياد , 
والعقائك والشرائع وسائل وليست غايات ٠‏ ان اعادة بناء الثتراث تضور علمى 
دقيق للمرحلة التاريذية للمجتمعات التراثية مثل المجتمعات النامية حتى 
يمكنها أن تحقق أكبر معدل للتنمية وتقضى على معوقات التقدم من الجذور 
وحتى تأمن: الانتكاسات وحركات الردة والثورات المضادة وهى. مهمة غدة 
أجيال حتىئيتم محوالأمية وتجنيد الجماهير ٠‏ فالبواعث مرحليا قد تكون بديلا 
مدن. التصورات ٠ ١‏ ولا يوجد حق نظرئ الا اذا نتج عنه نفع عملى على مايقول 
الأصوليون .القدماء”: 


١6١١ 


اعادة بناء التراث انما يخضع لانتقائية عشوائية » وكل شىء فى 
التراث يحتمل .التأويل وبالتالى فهى خلط وتشويش دون مقياس واضح ٠‏ وكل 
فكرة يمكن أن تؤدى الى عمل وأثر ٠‏ ولذلك لابد من معايير نظرية خالضة 
وثابتة ٠‏ والحقيقة أن هذا الحذر أيضا لا مبرر له لأن اعادة بناء التراث 
تخضع لمقياس المصالح المرسلة وتدقيق النفع لجماهير الأمة » وهذه يحددها 
الفقهاء الذين: هم بمصطلح العصى علماء الاجتماع والسياسة والاقتصنننان 
بما لديهم من لغة الأرقام والتحليل الكمى للواقع ٠‏ ومقياس جلب المناقع ودفم 
المضار مقياس شرعى تقاس به الأحكام ٠‏ ولا يقتصر فقط على الأمور العملية 
الفقهية بل يمتد:أيضا الى العقائد النظرية وكما يتضح أيضا من « علم اجتماع 
الثقافة » ٠‏ ولا يهم صحة التأويل النظرى بل مقدار ما يقدمه من نفع عملى , 
فالتأويل فى نهاية الأمر هو قراءة الحاضر فى الماضى واسقاطه عليه ٠‏ هو 
عملية تاريخية مشروعة تحقق بها الأمة تجانسها وتواصلها فى الزمان ٠‏ 


* ل وما العمل اذا هما أخذ فريق آخر جانبا آخر من التراث على أنه 
أكثر تحقيقا للمصلحة مما أخذه الفريق الأول وبالتالى يتشبث كل فريق 
بالشرعية ولا يمكن ترجيح أحدهما على الآخر ؟ والحقيقة أن هذا الاعتراض 
يعبر عن حقيقة فعلية وهى أن الصراع بين اتجاهات ااتأويل هى فى حقيقة 
الأمر صراع بين القوى الاجتماعية التى يتمثل كل هذها تأويلا للتراث تدعيما 
لواقعه الاجتماعية ٠‏ والذى يحسدم الصراع فى نياية الأمر ليس الحجة 
والبرهان والصحة النظرية بل صراع القوى الاجتماعية وأى قوة يكون لها 
الحسم فى النهاية ٠‏ وتكون القضية أى التأويلات أكثر تعبيرا عن مصالح 
الأغلبية والقوى الاجتماعية التى يتم التغيير لصالحها ؟ يستطيع البرهان 
أن يقوم بدور التوعية الاجتماعية ولكن المعركة تحسم فى النهاية على أرض 
الواقع ٠‏ والدس الشعبى الجماهيرى قادر على التميز بين مختلف التاويلات 


وعلى معرفة أدها يعدير عن مصضالح الأغلرية وأبها دعبير عن مصالح الاقاية . 


4 ب ان فى ذلك كله قضاء على الايمان فى قلوب الناس وادخال الدين 
ذاته فى اللعبة السياسية , وبالتالى الانتهاء الى النسبية المطلقة وضياع الحق 
من قلوب الناس ٠‏ والحقيقة أن هذه الشبهة تقوم على تصور خاطىء للتراث 
فالتراث ليس الدين ٠‏ والتصورات المختلفة للعقائد ليست عقائد الايمان ٠‏ 
اعادة بناء التراث عملية تاريذية صرفة تتعامل مع نتاج تاريخى خالص ٠‏ 


65س 


صحيح أن المعطيات التراثية فى بداياتها كانت معطيات دينية ولكن نسج 
حولها الفلسفة والأخلاق والفن والأمثال العامية وسير الأبطال والملاحم 
الشعبية ٠‏ فالتراث نتاج انسانى خالص ليس له صفة القداسة أو الألوهية ٠‏ 
ومادمنا فى نطاق التاريخ والمجتمعات البشرية فنحن شئئنا أم لم نش فى نطاق 
التغير والحدوث ولسنا فى نطاق الثبات والديمومة ٠‏ ويكون الأبقى هو منطق 
عملية التغدير ذاتها وليس نتاج العملية الذى قد يذتلف من عصر الى عصر 
ومن مجتمع الى مجتمع ٠‏ 


لقد قامت مجتمعات نافية أخرى باعادة بناء التراث كوعاء لحركاتها 
الوطذية مثل الصين وفيهتنام وايران والجزائر وأمريكا اللاتينيية وبعض 
البلدان الافريقية وبقى أن نحول ذلك الى علم دقيق خارج العلوم الاجتماعية 
الغربية التى وقءت ضيدية النموذج اللاتراثى الغربى وتاسيس علوم اجتماعية 
وطنية تعءترف بخصوصية الشعوب وبقدراتها على الخلق والابداع بما لديها 
من رصيد تاريهخى طويل وتجارب معاصرة أدت بها الى الشحرر والاستقلال ٠‏ 


الثراث والعمل السياسى 
أولا + مانا يعنى التراث والعمل السباسى 9 


ليس التراث مجموعة من العقائد المقدسة , والابنية المصسورية أو 
النضوص المخطوطة والمنشورة والمراجع والمعاجم ودوائر المعارف ٠‏ فهو 
ليس تراثا صوريا فارغا لا آثر له ولا هو تراث مادى حسى ؛ مجرد مجموعة 
من الكتب « الصفراء » القديمة تدرسها الجامعات الدينية ٠‏ التراث هى 
المخزون النفقسى عند الجماهير . هو تراكز الماضى فى الحاضر ؛ يتجول الى 
سلطة فى مقابل سلطة العقل أو الطبيعة ٠‏ تمد الانسان بتصوراته للعالم 
وبقيمه فى السلوك ٠‏ ويظهر التراث كقيمة فى المجتمعات النامية »2 وهى 
المجتمعات التراثية التى مازالت ترى فى ماضيها العريق , أحصد مقومات 
رجودها 2 وفى جذورها التاريخية شرط تنميتها وازدهارها ٠‏ 


وعادة ما يقوم التراث فى مثل هذه المجتمعات بيوظيفتين متعارضتين 
طبقا لليناء الاجتماعى والتكوين السياسى لكل مجتمع ٠‏ فاذا كان المجتمع 
بطبيعة .تكوينه .مجتمعا طبقيا » وفى المجتمغات المتخلفة طبقة أقلية بيدها 
السلطة وطبقة أغلدية صامتة خارجة عن السلطة . فان التراث يعتير افراز 
كل طبقة لمفاهيمها ومصالحها وتصوراتها وتأويلاتها للنصوص الدينية 
ولما كانت الأقلية بيدها الحكم والأغلبية مح كومة كان تراث الأولى تراث 
السلطة . وتراث الثانية تراث القمع . وفى أقله تراث المعارضة ٠‏ التراث 
اذن تعبير عن الصراع الطبقى والسياسى فى كل مجتمع ‏ لذلك كان تراثان ٠‏ 
تراث الحاكم وتراث المحكوم » تراث الاغنياء وتراث الفقراء ٠‏ تراث القاهر 
وتراث المقهور ٠‏ وهذا هو الذى يفسر قضية « الاشتياه مام اسم 
فى التراث ٠‏ اذ نجد فيه نظريات وآراء ومعتقدات « سلطوية » تدعو الى 


ألقى هذا البحث فى ندوة «٠‏ التراث والعمل السياسي. » التى نظمها .حنتدي 
القكر والحوار بالمرياط ٠ ١9485‏ 


3 


الطاعة لاولى الامر والتشليم لهم ونظريات واراء ومعتقدات آأخ-رى تدعو 
للثورة عليهم وللخروج على سلطانهم , حتى بدأ التراث متعارضا كما هو 
الحال فى الأمثال العامية ٠‏ فهناك تشبيه وتنزيه , نقل وعقل ٠‏ حبر واختيار: 
ايمان وعمل ,2 نص حرفى وعقل مصلحبى ٠‏ دعوة الى الاخرة ودعوة الى 
الدنيا ٠٠١‏ الخ ٠‏ لذلك يستعمل الجميع حجة التراث باعتبار حجة سلطة ٠‏ 
المأكم والمحكوم . القاهر والمقهور » كل منهما يجد فى التراث مايؤيده .٠‏ 
ومن هنا أتى دوره فى العمل السياسى ٠‏ 


فلما كان التراث سلطة وقيمة وحجة فى 'وجدان الناس , يطيعونه دنون. 
ماحاجة الى اقتناع استعمله الحكام طلبا للطاعة لهم واثباتا لشرعيتهم ٠‏ 
وأظهروا عقائد الطاعة « وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم » 
4 : 5 ) دون عقائد ٠‏ لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق » أو الخروج على 
الامام اذا ما نقض البيعة ولم يراع المصلحة العامة أى هادن الأعداء ولم 
يدافع عن البلاد ٠.‏ ولما كانت جركة المعارضة اما علمانية تجهل التراث » ولا 
تسبتعمل التراث المضاد » أو اسنلامية سلفية تكفر الحاكم دون أن توجه اليد 
نفس السلاح وظهرها مؤمن بالجماهير الاسلامية فان تراث الممسارضة.لم. 
يستعمل إلا نادرا.فى جيلنا هذا ٠‏ ولم تستعمل حركة الاضسلاح. الا تراثا 
متوسطا بين تراث الحاكم وتراث المدكوم » وهى تراث الطبقة المتوسطة .!إلذى. 
يعتمد على الاصلاح والتنوير. والعلم والغقل والطبيعة والتقدم. والنهضة من 
أجل تأسيس دول. قومية حديثة أى ملكيات دستورية مقيدة » ونظم برلانية 
حديثة. تقوم على .تعدد الأحزاب أسنوة. دالنظم ' البرلماذية فى الخرب ٠‏ 


أما العمل السياسى فانه يعنى تطوير المجتمعات ٠‏ ونقلها.من مرخلة 
الى مرحلة ٠‏ فهى العمل السياسى بالمعنئى: الواسسع الذى يشمل التغير الاجتضاعى 
والسياسى والاقتصدادى والقانونى والتعليمى والفنى ٠٠٠‏ الخ ٠‏ تعنى السداسة 
هنا كل ما دتعلق بقضايا التفير الاجتماعى لما كانت الأولوية للسياسة فى 
المجتمعات النامية:' وبالنسبة لنا يعنى التغير الاجتماعى من :منظور السياسة 
قضايا تدرير الأرض من الاحتلال والغزو , والدفاع عن الحريات ضسد صنوفا 
القهر , والعدالة الاجتماعية والمساواة.ضد سوء توزيع الثروة والفروق 
الطرقية الشاسعة نين الأغنياء والفقراء 2 والوحدة دين أجزاء الأمة المبدثرة 


ضمد. الدّشتت والتجزىء والتشرذم والتفتت. . وقضية الهوية والاصالة فى مقابل 
التغريب والتقليد 2 وهى القضية الحضارية الأولى ٠‏ وريما. كانت هى نفس. 
القضايا التى تعرضدت. لها أجيالنا السايقة منن. فجر الهنضة العربية الحديثة: 
فى القرن الماضى بدياراته الثلاثة . الاصلاح الدينى ( الأفغانى ) والعقلانية. 
العلمية ( شبلى شميل ) ٠‏ والليبرالية الحديثة.( الطهطاوى ) .٠‏ يعنى. العمل 
السياسى أيضا كيفية ادارة الصراع من أجل مواجهة هذه القضايا ودور. ثقافة . 
الجماهير ونوعية قياداتها » وقنوات الاتصال بين الاولى والثانية (. الخلايا 


بحرض موضوع « التّراث والعمل السبيايى. » اذن لقضايا التغير 
الاجتماعى ٠‏ والمهم فيها. لي سالتراث» فهو مايسلم به الجميع» سواء كان قابلا 
له أو رافضنا اياه » وليس العمل السياسى فهو ما يمارسه اليجميع سواء كان . 
العلمانيون أم الاسلاميون. ٠‏ المهم هو حرف العطف «الواو» التى تبدا بمسلمة. 
وهى أن هناك حصسلة وثيقة بين التراث من ذاحية « والعمل السياسى » من ناجية 
أخرى .٠‏ وأن ذموذج الانقطاع. بدنهما ( تركيا » بولندا ) ليس هى النموذج 
المتبع فى. مجتمعاتنا النامية ٠‏ أن أن الانقطاع افتراض صورى لا وجود له هى 
الواقع ٠‏ وتقليد للغرب ٠‏ وتعال طبقى نخبوى على ثقافة الامة » وترفع على 
جماهيرها ٠‏ كما أنه وقوع “فى القيلية-والطائفية والشعوبية الحديثة بدعوى 





الخصوصية والتمايز والابداع الذاتى ٠‏ وسينتج عنه بالضرورة اما حركة 
علمانية مداصرة معزولة مؤكدة حتمية التغريب . أى زد فعل عليها يحركة 
سلفية محافظة رجعية تدافع عن الأصول أو حركة ليبرالية طبيعية تدعو الى 
التواصل والتطوير والتغير الطبيعى والانتقال من الأصالة الى المعاصرة أو 
من التراث الى التجديد , وهو الاختيار الثالث الذى ترنو اليه كل: المجتمعات 
النامية التىراحت ضحية البديلين الأولين» فوقعت الأمة فىازدواجية الثقافة. 
وشقت وحدة الضف , وانقسمت الحركات السياسية الى -جناحين. متنازعين 
يكفر كل منهما الاخر » ويعتدر كل' منها الاخر عدوه اللدود » ويتنافس. كلاهما: 
الدكم . ويتصارعان على السلطة . وتكون الجماهير والحريات العامة -فى 


ذماية الامر هما الخبحية 0 


حزبيين فكذلك التراث مسدوليتذا نحن كمفكرين وطنيين ٠‏ فالتراث نتاج لكل 


د 6ه 


عصير 2 ظروفه وصراعاته ٠‏ .وطالما تتغير الظروف يتغير التراث أو الاخثيار 
بين بدائله أى حتى تأويله وتفسيره ٠‏ فليس التراث من المقدسات بل هو 
نتاج تاريخى صرف يمكن فهمه عن طريق « علم اجتماع المعرفة » ٠‏ لسنا 
مستشرقين نرصد حركته التاريخية فدسب بل هو جزء منا ونحن جزء 
مته » مسؤوليتنا عنه لا تقل عن مسؤولية واضعيه الأوائل ٠‏ وبالتالى كان 
علينا تطويره وتغييره بل وقلبه . رأسا على عقب ٠‏ ومن هنا كان نقد .التراث 
واجب وطني ٠‏ والنواج على سلبياته مجرد بكاء وصراخ وعويل لا يجدى ٠‏ 
فالسلبيات يمكن القضاء عليها بانتاج تراثى آخر أو تحويلها الى ايجابيات 
يفعل سياسى مضاد ٠‏ كما أن التغنى بايجابياته اعجاب بتراث الآباء والأجداد 
لا قيمة له إلا بمقدار مساهمة هذه الايجابيات فى حل قضايا العصر الأساسية 
وقبول تحدياته الرئيسية ٠‏ فما الفائدة فى التغنى بالعقل فى مجتمع غيبى ». 
أو الفخر بالعدالة الاجتماعية والمساواة. فى مجتمع الفقر والضنك والبؤس 
والشقاء أو الاعتزاز بالحرية فى مجتع القهر والتسلط تفتح فيه السجون 
والنعتقلات أكثر مما تفتح فيه المدارس ودور العلم ٠‏ أو التشدق بالوحدة فى 
أمة تقطعت أوصالها وتفرقت شيعا يحارب بعضها بعضا « كل حزب بما لديهم 
فرحون » ( "١‏ :؟»:" )؟ 


ثانيا ‏ العلوم القتراثية ومعوقات العمل السياسى : 


ينقسم التراث الى مجموعات ثلاثة من العلوم : العبلوم النقلية 
الخالصة ٠‏ والعلوم النقلية العقلية » والعلوم العقلية الخالصبة ٠‏ ولكل منها 
أثره فى العمل السياسى على درجات متفاوتة طبقا لمدى رسوخها فى وعينا 
القومى ٠‏ فقد عاشت العلوم النقلية والعلوم النقلية العقلية فى وجداننا 
وترسبت فيه بدرجة كبيرة بينما اختفى أثر العلوم العقلية من وعينا القومى 
فى حين أنها انتقلت . من خلال الترجمة ٠‏ الى وجدان الغرب 2 وساهمت 
فى نهضته الحديثة »2 وكانت وراء تكوين الوعى الأوربى بابعاده الثلاثة . 
العقلى والعلمى والانسانى ٠‏ 


: العلوم النقلية‎ ) ١1( 


العلوم النقرية الموروثة خمسة : القرآن , والحديث , والتفسير , 


567 هه 


والسيرة ٠‏ والفقه ٠‏ كل منها تحقق ثان للذى قبله » فالحديث تخحقق ثاتى 
وتخحبيص للقرآن وبيان لأوجه .تطبيقه ٠‏ والتفسير شرح للقرآن وجمع أكبر 
قدر ممكن من المعلومات حوله + والسيرة تخصيص أكثر للحديث يادخال 
حياة الرسول قبل البعثة بل وقبل الميلاد ٠‏ أما الفقه فهى اعادة تبويب 
الحديث » حتى يكون سلوكا للناس جميعا ٠‏ فهى كلها علوم مرتبطة بالوحي , 
ومتفاوتة بين أقدماها فى العمرم مثل القرآن وأقصاها فى الخصيوص وهو 


وقد رسبت هذه العلوم الخمسة فى وجداننا وتراكمت فى سلوكِ الناس 
على نحى سلبى أكثر منه ايجابيا ٠‏ فعلوم القرآن مازالت تتحدث عن رسم 
المصحف وشكله وجمعه ' وتدوينه 2 وعدد سوره وآياته 2 ونظمه 2 وهل 
البسملة جزء منه , وقراءاته . ولهجاته وهى كلها أشياء خارجية محضة 
مرتبطة بظروف الوحى والاعلان عنه أول مرة + ولم نعد نحن قابرون. على 
المساهمة فيها خاصة فى القراءة والتدوين فقد بعد العهد وللم يعد أجبد منا 
معاصر! لنزول الوحى ٠‏ كما كان القدماء شاهدى عيان له ٠‏ ولكننا نستطيع 
أن نجد دلالات معاصرة لبعض موضوعاته تساعد على حل بعض القضايا 
التى تعرض لنا ونحن يصدد موضوع التغير الاجتماعى أى العمل السياسى ٠‏ 
فمثلا موضوع المكى والمدنى هو بالنسبة لنا يدل على أن أى نسق مذهب 
انما يشمل بالضرورة قسمين التصور والنظام » العقيدة والشريعة » فالمكى 
أعطى التصور والمدنى استنبطهالنظام» فلا عقيدة 'اذن بلا شريعة » ولا شريعة 
بلا عقيدة , وبالتالى يحسم الخلاف دين الحركة الاسلامية والحركة العلمانية 
حول الاسلام دين ودولة أم دين دون دولة » كما أن موضوع « أسياب النزولٍ » 
انما يعنى بالنسبة لنا أن الواقع سابق على الفكر 2 وأن الوحى لا ينزل 
الا بعد وقوع مشكلة اجتماءية تتطلب حلا لم يهتد اليه جل الناس أى اهتدى 
اليه البعض دبداهته وفطرته ٠‏ فالواقع ينادى الفكر والفكر يفرض نفسه على 
الواقع ٠‏ الهدف من الوحى هو حل المشاكل الاجتماعية وليس غطاء معرفيا. 
نظريا للعالم » معرفة من أجل المعرفة ٠‏ وهذا مايعطى فكرنا الدينى السياسى 
المعاصر نموذجا ومنهجا ٠‏ فلا يقرا الوحى الا من خلال المشاكل الاجتماعية , 
ولا نصائح نظرية سياسية الا.من خلال المواقف الانسانية والتحديات الأساسية 
التى تواجه كل مجتمع ٠‏ أما الناسخ والمنسوخ , فان له أيضا دلالة حديثة 


2 1 


فيما- يتعلق بالزمان والتطور ٠»‏ واعادة صياغة التشريهات والقوانين. طبقا 
القدرات الانسانية ٠‏ فلا جمود فى التشريع » وأن القانون وضع لصصسالح 


أما «غلوم الحديث» فقد أتقن القدماء مناهج الرواية وفصلوا فى طرقها 
من أجل . التحقق من صحة الحديث من خلال .السند ٠‏ وأسسوا لذلك علوها 
مساءدة مثل علم الجرح والتعديل أى علم ميزان الرجال ٠‏ أما نحن فقد 
بعد علينا العهد » ولم نعد فى مثل قدرة القدماء فى التعرف على الرواة ٠‏ 
ولكننا قادرون على نقد «٠‏ المتن » وتحكيم الدس والعقل والمصلحة فى الرواية 
خاصة وأن من :شروط التواتر الاتفاق مع الحس ومجرى العادات ٠‏ وبالتالى 
يخف أثر الأحاديث « الغيبية » عن النفوس , وكل مايعارض العقل ٠‏ ويناهض 
الضلحة ٠‏ فنفرض واقعنا على الرواية , وبالتالى نكون قد قدمنا نقد المضمون 
كما “قدم القدماء نقد الشكل ٠‏ فكثير من الأحاديث تؤثر فى حيساتنا ‏ 
السياسينة مثل حديث «الفرقة الناجية» الذى يكفر كل اجتهادات الأمة ولا يقبل 
الارأيا ؤاحدا هو رأى السلطة القائمة التى تمثل الفرقة الناجية , ٠‏ 


ق « علوم التفسير » فى حاجة أيِضا الى اغادة نظر , ليس المطلوب هو 
التفسير « الطولى » 1اقرآن . جزءا بعد جزء 2 حزبا أثر حزب »2 سسسورة 
بسؤرة , وآية بآية » وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات « التاريخية » عن 
الخوادث والشخصيات التى يتعرض لها القرآن ٠‏ فليس الوحى حوادث 
بل معانى ٠‏ ولس وقائع بل ماهيات ٠‏ كما أن التفسير الطولى تجسزئة 
للموضوع الواحد ٠‏ وبعثرة لبنائه , انما الذى يقيد فى العمل السياسى فو 
البحث عن المعائى والدلالات وتعميمها فى كل عصر وليس الوقائع التاريذية 
المخددة ٠‏ كما أن المفيد هى التفسير الموضوعى الذى يجمع الآيات كلها حول 
موضوع واحد مثل المساواة ٠‏ امال ٠‏ العدل , الظلم . الحكم , الأمة , 
الوحدة حتى يمكن التعرف على نظريات التراث التى مازالت تفعل ايجايا 
ام سلبا فى وبجدان الناس ٠‏ ولا تفسس الا من خلال مصالم الأمة 2» وهو 
التفسير الأصولى لا الكلامى أو الفلسفى أو الفقهى أو الصوفى أو اللفوى ‏ 
أى الأدبيى ٠‏ فقد أتى الوحى حفاظا على مصالح الناس ٠‏ ومن ثم دقرا القرآان 
من خلال مصالح الناس , وترى مصالمم الناس داخل السور والآيات ٠‏ 


ه1١098‎ 


وبالثالى ينشاً تفسير سبواسى. : اجتماعى اقتصادى يكون فى البسديل ع 
الادديولوجية العلمانية(١) ٠‏ 


أما. علوم .«.السيرة » فانها تتعرّض الشخص النبى : ولكل “خجوانب 

حياته :.ماقبل الميلاد » وما قبل البعثة ».وريما هابسد اموت" * وبالثالى 
٠‏ تشخص » الوحى فى النبئ مع أن النبى: مَجردَ وسيلة لابلاغ الوحى ٠‏ 

وريما كان هذا هو سيب التشخيص فى حداتنا السياسية ..تحول الحسكم 

الى شخص ٠‏ والمبدا الى سيرة » والفكرة الى زعامة ٠‏ فلا فرق بين الاحتفال 

باللولد النبوى وبين الاحتفال بميلاد الملك . فكلاهما تشخيص بللاعياد 

الوطنية « تتشتخص المؤسسات الاجتماعية والسياسية بل وتتشخص دول. 
بأكملها » فهذه دولة الحسن وهذه دولة الحسين » وتضيع الأمم .٠‏ خاصة:.. 
وأن السيرة فيها الغيبى المعجن وفيها العقلى البديهى ٠‏ والأول. هو الذى.يشد 

انتباه العامة ٠‏ لذلك , أصبح الزعيم السياسى أيضا معجزا .فى: أقواله 

وأفعاله . معصوما فى أخطائه , يتعبده الناس أو كادوا ٠‏ 


أما علوم « الفقه » القديمة فان طابع العباداث هى القالب .عليها نظرا. 
لقرب عهدها بالدين الجديد وشعائره ٠‏ ولكن بعد أن استقرت وعرفت 
ومارسها الناس لم تعد الأركان الخفسة محور الفقه أى العبادات بل المعاملات 
فى الثراغة والصناعة والتجارة 2 وفى الأجور والقيمة والاستثمار . فاثر. 
الفقه القديم فى العمل السياسى بان رك الحركاث الدينية تصول وتجول فى 
العيادات وتترك المعاملات بوكانها خاري نطاق الاهتمام ٠‏ فتركت موضوعات, 
الأرذن والزراعة والعمالة والأجور يفعل فيها الحكام مايشاؤون وتقترح فيها 
المذاهب: العلماتية ماتريد ٠‏ أمَا الفقه الافتراضى القائم على افتراض. حالات 
لم تضنع فائه حول الشريعة الى مجرد احتمالات وخيالات لا واقع لها » وضاع . 
منها لبها وجوهرها وهو واقعيتها ٠‏ فوصية انسان بين أنياب. الأسد .. أي 
طلاق امرأة اذا جامعها زوجها فى ثوبها وان لم يجامعها فى ثوبها., أى حكم 


)١(‏ أنظر بحثنا « منافج التفسير ومصالح الامة © , الملتقى الاسلامى الخامس 
عشن بالمجزائر » اغستطس 19/8١‏ 2 ؤأيضا ١‏ الذين والذؤزة فى عضر !191 ب (3194 ٠.»‏ 
فى اليسان الدينى ٠.‏ 


ا ١5١1ب‏ 


بيضة من فرخة جامعها رجل » قضايا يتبارى فيها الفقهاء فى وقت تحتل 
فيه الأرض 2 وتنهب فده الثروات 0 وتفتت فيه الأمة , وتقهر فيه الحريات . 


وريما تحتاج العلوم النقلية كلها الى تطوير بحيث تصبح علوما نقلية 
عقلية أى حتى عقلية خالصة حتى يضيع أثر النقل من حياتنا ويتحول الى 
العقل , وتضبيع حجة السلطة ويسود المنطق والبرهان ٠‏ 


(ب) العلوم الثقلية العقلية : 


وهى أربعة : علم أصول الدين » وعلوم الحمة : وعلوم التصوف ؛» وعلم 
أضول الفقه ٠‏ وهى العلوم التى دمعت بين العقل والنقل أو التى استطاع 
فيها العقل أن يفرضص على النقل ٠‏ وهى أيضا تدّفاوت فيما بينها فى درجة 
اختراق العقل للئقل ٠‏ وقد انتهت هذه العلوم منذ سبعة قرون الى تراجع 
قدر العقل فيها . وتحولت الى علوم تقرب من النقلية الخالصة » ومن ثم كانت 
القرون السبعة الأولى تمثل تقدما ؛“كثر مما عليه نحن الآن ٠‏ وبالتاللى ساد 
النقل كلية وأصبحنا نعانى من غياب العقلانية ولا ندرى السبب ولا نجد 
الا الحتلاتية الغربية طريقا للخلاص ٠‏ 


(1) علم أصول الدين : وهو أول العلوم النقلية العقلية وأخطرها 
علبى معتقداث الآمة وسلوكها ٠‏ فهو العلم الذى يمدها بتصوراتها للعالم 
ويعطيها أذماط سلوكها ٠‏ فالعقيدة ليست مجرد ايمان انفعالى بل هى تصور 
للكون: على الفعل ٠‏ وقد كانت القضية الأساسية فى هذا العلم هى قضية 
« التوحيد » فقد كانت موطن الهجوم ومظان الطعان من الديانات المعاصرة 
والملل والنحل للأمم المغلوبة » فجند المتكلمون جهدهم كله دفاعا عن التوحيد 
فانتصر التتزيه الخالص » الله ليس كمثله شىء 2 ضد كل نزعات الحلول 
والاتحاد والتجسيم والتاأليه والتشبيه الحسى ٠‏ وتم اثبات صفاته الكامله 
وقدرثه اللامتتاهية ٠‏ وأفعاله من بعث للرسنل وخلق لاعالم وحشر للاجساد 
وحساب وعقاب ٠‏ ولكن استعملت النظم السياسية القائه هذا التصسور 
و المطلقى ع 8550106156 للعلم لحسادها الخاص ومدافع سياسى خالص ٠‏ 
فما تسهل .ا أن يثزلق الحاكم وراء صورة الاله المطلق فيتشبه به ١‏ وياخذ 


صفاته » ويستعير أفعاله فيصيح الحاكم مطلق مثل الله » 'وأفعاله واجية 
الطاعة مثل أفعال الله ٠‏ 

أما اليوم فالموقف مختلف تماما ٠‏ انتصى التوحيد , ولم يعد هناك مَنْ 
يظن أن الله ثالث ثلاثة أى أن يعتقد أنه هذا الشخص أو هذ! الجبل أو هذا 
النجم أى الكوكب أو الشمس أو القمر أى اللات أى العزى ٠‏ اثما الخطر 
الآن فى الأرض واحتلالها 2 والثروات ونهدها . والحريات وقهرها 2 ووحدة 
الأمة وتجزاتها ٠‏ وهويتها واستغرابها ٠‏ ومن ثم يمكن اعادة صياغة علم 
أصول الدين طبقا لظروف العصر ٠‏ فالله فى السماء وفى الأرض « وهو 
الذى فى السماء اله وفى الأرض اله » ( 59 : 45 ) , والذئ يسستولى على 
الأرض فائما يستولى على نصف الله » قالله « اله السموات والأرض » 2 
« رب السموات والأرض » ٠‏ وهنا يتحول الناس الى ايمان بالأرض قذر 
ايمانهم بالله » ويصبح تصور الله ذا مضمون وليس تصورا فارعًا فى مقابل. 
صهيونية تربط بين الله والأرض.والشعب والمدينة والمعيد والهيكل فى عقيدة. 
الميثاق أو العهد أى أرض الميعاد أو شعب الله المختارؤ؟) ٠‏ واذا كان 
التشبيه ( الأشتعرى ) هو الذى ساد فى تصورنا لمله حتى قارب التشخيص 
فان التنزيه.( الاءتزالى ) قادر على تحويل تصورنا لله الى هبد عقلانى 
شامل ينتسب /ليه الناس جميعا فنتحول الى رجال مبادىء وليس الى رجال 
اأشخامن ٠‏ واذا كان القدماء قد استعملوا الطبيعة لاثيات جود الله فدمزوها 
وحكمو! عليِها بالفناء , فاننا اليون نستعمل تصورنا للطبيعة للتاكيد على 
وجه الطبيعة واثبات استقلال قوانينها واطرادها ٠‏ وكيف يمكن العمل فى 
عالم فان زائَل لا يبقى ولا يستمر ؟ واذا كان القدماء قد أعطوا! الأولوية 
للفعن الالهى على الفعل الانسانى فذلك لأن القدرة الالهية كانت فى خطر 
من جراء أفعال الطبيعة أو السخر أو الآلهة أو الأرواس ٠‏ أما الآن فان الفغل 
الانسانى فى خطر من جراء أفعال الحكام وقدراتهم المطلقة والقؤانين المقيدة 
الحريات + قالدفاع. عن الفعل الاذسائى أولى من الدفاع عن 'الفعل الالهى ٠‏ 


كما داقع الكقدماء عن الذقل فى غصسصىى نزول الوحى وصادحة الرواية فى مؤاجهة 


0( أنظنر يبحدثينا 2 لاهوت الأرذض » , « اللهةء والشوب 2 والأرض 2< فى 2 الخوان 
الدينى والثورة ء ص ١550‏ ب 18١‏ ء الانجلى المصرية ,. القاهرة /ا/ا19 ( بالانجليزية ٠)‏ 


21 
8 


15ب 


ديانات تقوم على العقل أى الدحس , ٠‏ أما الآن فان العقل قد. انحبسسر والحس: 
قد دتوارى وساوى الذقل حتى أصديح سلطة دمفرده «مثلا فى. قال الله أى قال. 
الرسول أو قال الزعيم أى قال الامام أو قال المجاهد أى قال الرئيس * فى حين 
أن كل الحجع ‏ الذقلية حتى لى تضافرت لاثبات شىء على أنه يقينى ما أذيدته , 


القدماء عن النبوة فى عصمرها ودليلها المعدجزة فى عصرها ٠‏ أما ندن. 


فندافع عن تحفق النيوة فى التاريخ واكتمألها باستقلال الوعى الانسانى 
عقلا وارادة وأن المعجزة اعجاز أى تحد للارادة البشرية على الخلق والابداع 
بدلا من التقليد والاتباع ٠‏ لقد دافع القدماء عن أمور المعاد.وعن حياة 
الانسان بعد الموت وخلود النفس فى عصر كان الناس ينشغلون بامؤر الدنيا ٠‏ 
أما الآن فان حياتنا بعد الموت ليست موضع تساوؤل » ونفوسنا عامرة. بالخير» 
انما القضية فى أمور الدذيا وفى الأبدان المعذبة جوعا وعطشا.وعريا وعراء ‏ 
لقد دافع القدعاء عن الايمان المتمثل فى الشهادتين لفظا حتى يتشع المجال 
لكل الأمة ء يجد كل منا فيها مكانا ٠‏ أعا اليوم فان الايمان:عاجن » .ب والشهادتان. 
نطلقهما. فى كل مكان لفظا بالشفاة ٠‏ والغائب هى ابعيل ٠‏ ومن ثم ندافع عن 
العمل كجوهر للإيمان وأن من لا. عمل .له لا ايمإن له * وقد يكون :الخوارج: 
أنسب لنا من المرجتة ٠‏ ولقد.تصور القدماء التاريخ علنى :أنه سبقوط واتهيان. 
من الرسول الى, الصحابى الى التابعى الى تابعى التايوئ »:ؤكل .جيل لاخق. 
أقل فضلا من انجيل السايق .د فخلف من يعدهم لخلفا. أضباعئا الصلوات “: 
واتبعوا |الشبهوات » ( ٠0 : ١9‏ ) » حتى. يئس. الناس من التقديم. » ونشات, 
الدركات: : السبلفية ظانة أن كل تقدم هى رجوع :الى “الوناغ»,م خير::القرون: 
قرني » ٠‏ فكيف تنهض. أمة. والتاريخ فى وعدها. سقوط واذوياز 5 لا.يمكن عمل 
سياسى لايقاظ الجماهير وادياء عقائدهم آلا باغادة دّناء, النسق 'العقائدى 
واسبتبدال اختيار القدماء باختيار آخر نظرا لتغير الظروف ؤتبدل :المخاطر ”٠‏ 
أو على الأقل الاستفابة من النسق القديم على :نحى يخدم. القضدية الاجتماعية 
الحالية : فلا يعقل أن يعبد مجتمع الها عالما. وهو جاهل. ء قادرا وهو عاجن '' 
حيا وهى مدت ٠‏ سسدميعا » بصيرا , متكلما . مريد| : وهى لا يسدمع ولا يدصر. 
ولا يتكلم ولا يريد ! لا يمكن أن يتم عمل سسياسى دون أيديولوجية ٠»‏ ولا يمكن 
صياغة أيديولوجية فى مجتمع تراثى دون ماتدول لنسسقه العقائكدى القديم * 


ب علوم الحكمة : وى ذدى علوم نظرية مثل علم أصدول الدين 8 ولكنها 


- 1175 


تطوره. وتحيله الى علوم يغلب عليها العقل أكثر من النقل 2 وتتعامل مع 
الحضارات الأذخرى دون خوف أو تردد ٠‏ وقد تشعبت الى حكمة منطقية 
وحكمة طديعية وحكمة الهية دون أن تكون هناك حكمة انسانية أى حتمة 
تاريخية وبالتالى غاب بعدا الانسان والتاريخ من وجداذنا القومى فقامت. 
نظمنا السياسية بلا انسان» لا ترعى حقوقه » ولا تدافع عن كرامته٠‏ كما أنها 
نظم خارج التاريخ لا ترتيط بماضيها ولا تخطط لمستقيلها ٠‏ فانفصل الوعى, 


السياسى عن حقوق الانسان وعن الوعى التاريخى فى أن واحد ٠‏ وتعثر 


ولكنها اتفقت فدما بينها على تجاهل قضدة الانسان » وتجاهل المزحلة التاريذية 


التى دغر بها مجتمعاتنا 0 


أما الحكمة المنطقية فانها لا تتعدى قواعد المنطق الصورى 2 منطق. 
القضايا , مادام منطقا عقليا خالصا. لا زحارض _الذقل فى شىء :» وقادر على 
أن يعصدم الذهن من الوقوع فى أخطاء الاستدلال أو اللغة ٠‏ ولكنه لم يتحول 
الى منطق. جدإى تاريخى » مذطق للصراع دين الأضداد ٠‏ وبالتالئى: لم نستطع 
فهم.قوانين الصراع فى .مجتفعاتنا. الحالية » وتصور السياسة على أذها 
تغيير نظام بنظام عن طريق 'الانقلاب.والقفز على السلطة » أى سياسة. صورية 
خالصة بلا جدل.وبلا تاريخ » خلت من الجماهير » واعتمدت. على الزعامات., 
أى على التصدورات الساطوية وعلى المعجزات والمغامرات والمنادرات الفردية* 

و الحكمة الطبيعية والحكمة الالهية بالرغم من اختلافهما الا أنهما فى 
نهاية الأمر يقومان على تصور ثنائى واحد للعالم ٠‏ بقدر ماثدطى. الطبيعة 
نأخذ من الله وبقس مانعطى الله ناخذ من الطبيعة ٠‏ فالعلاقة دين الطديعة 
والله علاقة سالب بموجب ٠‏ حادث بيقديم » فان بباق 2 .ممكن يؤاجب » عدم 
بوجود ٠‏ فزمرنا الطبيعة لحساب الله © ونظرنا الى الله فضاعت الأرض. 
من تحت الأقدام ٠‏ وعدنا فتصورنا الطبيعة كمادة وصورة » معلول :وعلة »: 
كثير وواحد . حركة ومحرك وكاأننا جعلناها مجرد سلم الى الله ,» ودليل 
عليه ٠‏ أما الله فوى عقل وعاقل ومعقول 2 عشق وعاشق ومعشوق » جلال 
وبهاء وجمال » وعشقنا الطهارة كتعويض عن عالم الوؤس والشقاء ٠‏ وكانت 
غاية الانسان الاتصال بالعقل المفارق والاتحاد به فتحوات الحكمة الى تصوف 


واشراق « وخداع العقل لحساب الذوق ٠‏ ونحن مازلنا فى عملنا السياسى 


ب 8هأا5ا ىن 


ندعى الى العقلانية والعلم » وندعو الى اكتشاف الطبيعة وقوانينها وما من 


مدنت * 
0 


وقد تصورت علوم الحكمة الفضائل النظرية أعلى من الفضائل الحملية, 
وأن الذى يفكر بعقله أقضل من الذى يعمل بيده وبالثالى استحال فى عملنا 
الاجتماعى الدعوةالى العملوالمعاهد المتوسطةوالمدارس الفنيةوترسب فىوعينا 
القومى أن الجامعات أفضل من المعاهدء وأن المفكر أفضل من العامل» وان 
الياقات البيضاء افضلواشرف منالياقات الزرقاء ٠‏ فاحتقرنا العمل اليدوى ٠‏ 
وأراد الكل أن يكونوا مهندسين ومشرفين واداريين لا عمال منتجين » صناعا 
أو زراعا ٠‏ وفى تصور « المدينة الفاضلة » , تراسها الفيلسوف الحكيم آعلم 
اليش وأحكمهم وأفضلهم وأشجعهم وأنقاهم , الحاكم الأوحد »2 والزعيم 
الملهم ٠‏ والقائد الأعظم , والمجاهد الأكبر , والامام . يتلوه من هم أقل منه 
فضلا » الوزراء والكتاب ٠‏ يتلوهم العمال والزراع ٠‏ فاذا| خرجت القاعدة 
أى جزء منها على القمة وجب بترها حتى يصح الجسد كله ببتر العضى 
الفاسد ! أصبحت «١‏ المدينة الفاضلة » صورة اجتماعية لنظرية الفيض 
أى الصدور حيث يتربع أيضا فى قمة الكون الواحد ثم يصدر عنه الثانى 
ثم الثالث حتى العاشر ٠‏ وبالثالى أصبح النظام الهرمى فى المعرفة وفى 
والوجود وفى الأخلاق وفى السياسة , ونتجت عن ذلك النظم البيروقراطية 
والاقطاعدة والرأسمالية ٠‏ واستحال أى عمل سسياسى لتغيير المجتمع “الى 
نظم أخرى لا مركزية اشتراكية جماهيرية شعبية طالما أن التصور الهرمى 
العالم التابع من التراث الفلسفى مازال مترسيا فى الوجدان الفردى وفى 
الشعور الاجتماعهى(/7) ٠ ٠‏ 


(ح) علوم التصوف : وهى علوم عملية فى مقايل العلمين النظريين 
السابقين ٠‏ تهدف الى تصفية القلب ٠‏ فهى طريقة للوصول وليس مذهجا 
للاستدلال »تقوم على « التثويل » أى الرجوع الى المصدر الأول .وليس على 
« التنزيل » أى استذياط الأحكام من الأصول الى الفروع ٠‏ وقد نشات هذه 
العلوم فى بدايتها كرد فعل على الذكالب على الدذيا » والصراع على السلطة, 


مت 0ك 





6 أنظرن د راسكنا 2 تراثنا الفلسفى »> فصول ' العنى الأول 8 القاهرة ىذا 7 
وأيضا دراسات اسلامية ص /لا١٠٠١‏ داغ:١5 ٠‏ 


ومظاهر“البذخ والترف فى المجتمع الاسلامى ؛ واليأس من التغيير » واصلاح 
الناس والعودة الى الشرعية وحياة الندوة الأولى بعد أن استشهد اامئات من 
آل البيت الخارجين على الدولة الأموية ٠‏ فمادام الأمر أصبح ميؤّوسا منه » 
ومادام اصلاح العالم أصبح طريقا مسدودا! فالأولى العكوف على الذات , 
واصلاح النفس ٠»‏ وانقان مايمكن إنقانذه ٠‏ وفى هذا الموقفف خرج حديث 
« عدئا من الجهاد الأصغر ( جهاد الأعداء ) الى الجهادن الأكير » ( جهاد 
النفس ) ٠‏ وأصيح التصوف لهذا السبب الطريق الأوحد للخلاص ٠‏ خلاص 
النفس بعد أن استعصى خلاص العالم » وانقان النفس بعد أن استحال انقاذ 
الآخرين ٠‏ وتصفية الداخل بعد أن استقرت الآبنية الاجتماعية والسياسية 
فى الخارج واستدال تغييرها ٠‏ فسان الانفعال دون العقل , وأصبح الهدف 
.هو الأعلى لا الأدنى 2 فوق الراس وليس تحت القدمين »2 فى السماء لا فى 
الأرض ٠‏ وأصبح الطريق مقسما الى مقامات مثل التوبة . والصبر , 
.والزهد , والشكر » والرضا » والقناعة ,. والتوكل ٠‏ وكلها قيم سلبية تدعو 
الناس. الى الصبر والرضا والزهد فى العالم والقناعة بالمقسوم كرد فعل. 
على. التكالب على الدنيا ٠‏ كما يمر الطريق بأحوال كلها حالات نفسية بين 
الخوف والزجاء » الحزن والفرح ٠‏ الغيبة والحضور ٠‏ الصحو والسكر , 
الفناء والبقاء 2 تجعل الانسان دين حالتين وانفعالين متضادين حتى يصل 
«فى. النهاية الى فقدان الذات والفناء فى الله أى البقاء يه فينعم بالملصحية 
الخيرة بدلا هن صحبة السوء فى الدنيا » ويرضى يعد سخط ويستسلم بعد 
.مقاومة ٠‏ 


ولكن الآن تغير الظرف ٠‏ لم يستشهد منا المئات خروجا على الآئمة , 
.ولم تصيع. المقاومة بعد أمرا ميئوسا منها بل اننا فى أعلى لحظات المقاومة 
( خاعبة بعد معركة بيروت والغزى الصهيونى للبنان ) »2 وتغيير الأبنية 
السياسية والاجتماعية ممكن , وبالتالى فقيمنا هى المقاومة 2 والجهد 

والنزال » والصمود , والتصدى , والتقدم » والشهادة ٠‏ وأحوالنا هى, 
الكر والفر » المكر والخداع , الاقدام والاحجام ؛ الضرب والاختفاء » وليست 
مقامات وأحوال الصوفية ٠‏ غايتنا ليس الفناء دل البقاء م وتكويننا ليس 


١15١‏ مه 


الى «غود الى العالم» 3 ومقاومة لظاهر الظلم والطغيان ذيه 1 واهبى التصوف. 
العملى © 2 طريق واحد 2 يخرج هن فوهة ١‏ دندقية ) ٠‏ . 


- علم أصول الفقة : وهو أقل العلوم التراثية احتواء على معوقاث. 
العمل السياسى ٠‏ وذلك أنه علم عملى يهدف الى رعاية مصصبالح الناس , 
دقوم على الاس.ءتدلال العقلى وعلى الاستقراء التجريبى ٠‏ فليسنت به عقائد 
نظرية بل ان الله هى مجرد الشارع ٠‏ وليست به:قيم سذلبية بل يعتمد على 
الاجتهاد وبذل الوسع والمجهود ٠‏ وليسءت به نظرات أشراقية فهى يقوم على 
التعليل ٠‏ لا:يضر بالناس فمن هيادئه العامة:لا ضرر ولا ضرار ٠‏ الضرورات 
تبيح المدظورات » لا يجوز تكليف مالا يطاق , المصالخ المرسلة ٠‏ ومع ذلك 
فهناك بعض المخاطر على العمل السياسى ٠‏ منها اعطاء الأولوية للنض على: 
المضدلحة عند يعض مدارس الرأى ٠‏ بل أن النسق الاشتدلالى القنيم كله يبن 
بالكتاب ثم السنة ثم الاجماع ثم 'القياس فئ 'حين. أن عصرنا .يحتم البدء: 
باللقياس .مباشرة ٠»‏ فالمصالح العام يعرفه 'الجديع وسديكون حتما .متفقا مع 
النض ( كما كان يددث لعمر بن الخطاب ) .٠‏ كما أن الحكم.بمقاصد: الشريعة: 
مباشرة :-المحافظة على الضرورات الخمس : الحياة ( النفمن ) »:.والعقل 2 
والدين , والعرض ٠‏ وال مال *:بها يتوجه مباشرة الى .مصالح. الثاس: والى 
مابه. قوام.. الجياة 'الانسانية .٠‏ أما. الأوامر والذئاهى آى الأحكام: 'الشرعية 
فائه من .الأفضل للعمل: السدياسئ أن تكون نابعة من ظديعة “الناسن ووجودهم” 
الانسانئ "بدلا من .أن .تكون. فزضا عليهم. فتزيد الفروذن: .فزائض “جديدة. ٠.‏ ' 
فالواجب مابه قوام الدحياة . وعكسه الحرام أى مابه فسادها ٠‏ والمندوب. 
متروك لاختيار الانسان طبقا لقدراته الفردية أن يفعل الخير تطوعا 2 وعكسه 
المازوه. آلا يفءل ماقد يفسد الحياة .بحريته:واختياره ٠‏ أما الخيلال فهو 
مصاحبة .الأشياء ٠‏ وكأن..الشرعية فى .الطبيعة » فى البراءة' الأصلية, © 
فالأصل فى الأشياء الاباحة ٠‏ .لقب :استطاع: علم الأصول بتحليله أحكام: الوضع: 
الخمسة ربط كل حكم يسبب وعلة وتعليقه على شرط واقامته..على القدرات 
الانسازية (العزيمة والرخصة) » ابتداء من النية (الصدحة والبطلان) ٠‏ فليس. 


(١‏ أنظر دراستنا 2 التصوف والتنمية 5 اليوتسكق ٠‏ باريس هذا , وأيضا فى 
الكتاب السنوئى للجمعية اليابانية لدراسات الشرق الأوسط , طوكيى 2 154 
( بالانجليزية ) ٠‏ 


ل 25 


امهم قطلع يد السارق لأن شرط ذلك هو الكفاية فلا تقطع يد السارق عن جوع 
أى بطالة أى حرمان أى عداء طبقى وحسد اجتماعى ولا تقطع يد سارق الدرهم 
ودترك يد ناهب ثروات الشعوب من باطن الأرض ومن ذوقها 2 صاحب 
البراهيل أو اقطاعى الأرض أو رأسمالى المصنع ٠‏ ولا يرجم زان فى مجتمع 
لا يجد الانسان فيه زواجا فلا مهر ولا سكن ٠‏ وكل مايه الاثارة الجنسية فى 
الصدف وأجهزة الاعلام » وعهر الحكام فى كل مكان وتعرفه الشعوب من 


حددث الصحف الأجندية ٠‏ 


زح) العلوم العقلية : وهى العلوم الرياضية مثل الحساب » والجبر » 

والهندسة » والفلك ٠‏ والموسيقى , والعلوم الطبيدية وهى النيات » والحيوان» 

والطبيعة » وإذكيمياء » والطب » والصيدلة ٠‏ والعلوم الانسانية وهى اللغة , 

والأدب » والجغرافيا ٠»‏ والتاريخ ٠‏ وهى نموذج للعلوم التى أثر فيها 

انتوديد وكان دافعا على الكشف العقلى والابداع العلمى ٠‏ فهناك علاقة 
بين اللاتناهى وحساب اللامتناهى » وعلاقة أخرى بين التوجه نحى الكواكب. 
والنجوم ونشأة علم الفلك » وبين موسيقى القرآن ونشأة علم الموسيقى . 

ويين ,تصور القرآن للنبات, والديوان.وابرازه بللدياة ونشأة علؤم. النبات. 
والحيوان وبين الطبيعة والكيمياء ومقتضيات ال مجتمع الفاتح وحاجات. الحرب. 
فى ,صناعة الأسلحة. وعلوم .الطب والصيدلة. ٠‏ :وقد.نشات علوم اللغة والآدبه 
من تحليل,بلاغة القرآن. واعجازه , كما ارتبظت: نشأة علوم 'الجغرافنا زالتاريع: 
بخرائط البلاد المفتوحة © والتعرف على العالم.من أجل الاستخلاف عليه , 

والتفكير فى. سبب تقدم الأمم وانهيارها ٠‏ 


ولكننا انفصلذا عن هذا الجانب العقلى العلمى. الانسانى الخالص. 
اذى طوره الغرب فكان وراء نهضته الحديثة ٠‏ وأخذنا نحن ننقل. العقلانية 
والعلمية والانسانية الغربية التى هى تطوير لهذا الجانب فينا من تراثنا 
القديم ٠‏ كم عدنا ذفتش عليه ونبعثه كفخر واعتزاز بالقديم دون أن يكون, 
دافعا على الابداع الجديد » ورفضا الذقل عن الغرب ٠‏ حتى العلوم الانسانية, 
اللغة . والأدب ٠»‏ والجغرافيا , والتاريخ. 2 وقفنا عندها , أما عند آبحاث,. 
القدماء أو الاسديعاب والذقل عن المحدثين دون أن تساهم فيها ٠‏ ومازلنا 
نعرض لقضية ابن خلدون لاذا تذهار الأمم ولا ذضع سؤالا تاليا كيف تتقدم 


الشعوب وما هى شروط الذيضة ؟ مازلذا ننقل عن الغرب الرياضيات الحديئة 


16س 


بوالطبيعيات الحديثة بل والعلوم. الانسانية المماصرة ٠‏ وفى هذا الجى 
الحضارى العام يستحيل العمل السياسى حيث لا ابداع للجديد ولا تطوير 
لملقديم , ولا اعمال للعقل , ولا اجهاد للقريحة ٠‏ فنصبح فى العمل السياسى 
أيضا ذاقلين ٠‏ تتشيث الأنظمة القائمة بتراث القدماء وتذقل المعارضة تراث 
المحدثية ( الماركسية أو الليبرالية أى القومية ) ٠‏ والقديم أرسخ جذورا 


وأقوى شرعية من قشور المحدثين ٠‏ 
ثالثا ‏ العقائد التراثية ومواقع العمل السياسى : 


اتراذية أبضدا اتخردك العمل السياسى وخديطيه وتنشيطه وترسيخه فى وجدان 


: تحرين الأرض من الاستعمار والفزو‎ - ١ 


مازالت قضيتنا الرئيسية هى احتلال الأرض ٠‏ فمازالت بقع من أراضى 
العرب والمسامين محتلة . من دقايا الاستعمار القديم ( سبتة ومليليا مثلا ) 
ودوك أخرى من الغزو الصهيونى الجديد ( فلسطين وسوزيا ولبنان ) ٠‏ 
.ومازال قائْد المعركة , معركة التدرير » هى الأنظمة السياسية ٠‏ والجيوش 
النظامية أو فصائل المقاومة دون اشراك الشعوب التى مازالت بكمها وكيقيها 
خارج الميدان ٠‏ هذا تستطيع العقائد التراثية امساهمة فى معركة تحرير 
الأرض ٠‏ وذلك أن « الله » وهو القيمة الأولى فى النسق العقائد التراثى هى 
« اله السموات والأرض » » « رب السموات والأرض » » « وهى الذى فى 
السماء اله وفى ارض اله » ٠‏ وبالتالى فان ايمان الجماهير بالله هى فئ 
.نفس الوقت ايمان بالأرض » وموتها فى سدبيل الله هو استشهادها فى سبيل 
الأرض ٠»‏ ومن يستولى على الأرض فانه أسر نصف الاله ويجعله سجين 
الاحتلال ! فاذا كان الاله فى المسيحية هو « اله السموات » وفى اليهودية 
« اله الأرض » فانه فى العقائد.التراثية « اله السمؤات والأرض » ٠‏ وبالتالى 
يمكن الوقوف أمام العقيدة الصهيونية التى ربطت بين الله والشعب والأرض 
وااديتة والمدبد والهيكل بصهيونية مضادة ومن ذفس النوع لتحرير الأرض » 


افحدرب الدوقائد © تقل أهمية عن فرقعة السلاح 0 


ب 35115 هس 


وبعد التحرير يأتى التعمير ٠‏ فصورة الأرض فى القرآن ايست الأرض. 
الخراب الصحراء الصفراء بل هى الأرض العمار المسكونة » الأرض المزروعة 
الخضراء الذى ينزل غليها الماء فتهئن فتذيت من كل زوج بهيج ٠‏ فلا الفيضان 
يغرقها ولا القحط يميتها ٠‏ الأرض سدوداء ٠‏ والذيل يجرى : ودجلة والفرات. 
يسيلان » والعمل ناقص » والفلاح اما يكتظ به وادى الذيل أى يشح فى أرض 
الجزيرة وما بين النهرين ٠‏ فيضان فى بنجلاديش وقحط فى تشاد وكاننا لم, 
نعد قادرين على السيطرة على موارد الطبيعة وكأن الله لم يسخر لنا 
قوانينها ٠‏ ومن خبمن العقائد التراثية الأرض لمن يفلحها ٠‏ والأرض المبوار لمن. 
يصلحها « من أصلح أرضا فهى له »(5) ٠‏ 


" ب الدفاع عن الحريات خبد القهر والقسلط : 


ان التحدى الثانى الذى يواجه أى عمل سياسى هى القهر والتسلط وكل. 
القواذين الاستثنائية المقيدة الحريات 2 وكل السلطات شيه المطلقة التى يتمتم, 
بها الحكام ٠‏ ملوكا أو أفراد أو رؤساء ٠‏ وقد أوشك أن يصبح عدد السجون 
مثل عدد المدارس.2 وخريجوا السجون مثل خريجى الجامعات ٠‏ فقد لا يوجد 
وطنى واحد الا ودخل السجن مرة وحتى ضرب المثل «السجن للرجال» ٠‏ هنا 
تأتى العقائد التراثية كى تساهم فى العمل السياسى وتتحدى القهر والتسلط. 
والتكير وحكم الفرد المطلق ٠‏ فالله وحده هو « المليك المقتدر » دون سدواه * 
وهذا مايعبر عنه أول ركن من أركان الاسلام « الشهادتان » ٠‏ تدنى أشهد. 


(4) « ألم أن الله أنزل من السماء ماء فتصيح الأرض مخضرة » (1” : 51 ) 2 
« وآية لهم الأرض الميتة أحييناها وأخرجنا منها حبا » ( 71 : 53١‏ ) , « وترى الأرض, 
هامدة فاذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت » ( 31 : © ) , «١‏ أولم يروا انا نسوق الماء. 
الى الأرض الجزر فنخرج به زرعا » ( 75 : 57 ) ٠‏ وكذلك يذكر القرآن تسخير الشمس, 
والثقمر والفلك والأنهار والبحار والجبال والردح وكل ماقى الأرض والسماء لصالح 
الانسان مثل « وسخر لكم الأنهار » ( ١5‏ : ؟" )2 « وهى الذى سكن اليحسن ». 
١5 : 15‏ )ء« ألم تر أن الله سخر لكم حافى السموات ومافى الأرض » ( 31 "١:‏ ) ,, 
« هى أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها » ( ٠ ) 1١ : ١١‏ أنظر بحثنا « المله واليشعب. 
والأارض » فى الحوار الدينى والثورة » ص 18١ 1١5‏ ( بالانجليزية ) 2 وثيضا 
«. تسخير الطبيعة للانسان » المجلس السويديى لتقدم العلوم ‏ استوكهولم: 1947 
( بالانجليزية ) ٠‏ 


د الاك بد 


رؤية أحداث العصر والاعلان عذها .» ورفض الصمت والتواطئؤ . أى الجهر 
بالقول والاعلان عن الدق المرتى ٠‏ وقد يستتبع ذلك الشهادة أى التضدية 
يالنفس فى سبيل شهادة القول ٠‏ ثم يقوم الانسان بفعلين : فعل النفى فى 
« الاله » وفعل الاثبات فى « الا الله » ٠‏ ويفعل الذفى » يحرر الانسان شعوره 
من كل آلهة العصر المزيفة : الجاه ٠‏ والسلطان ؛ والمال » والجنس ». وحب 
الدنيا » حتى يستطيع أن ينتسب الى المبدا الواحد ٠‏ العام الشامل الذى 
يتساوى آأمامه. الجميع بالفعل .الثانى « الا الله ٠.»‏ وتعنى الشهادة الثاذية 
الاعلان عن اكتمال الذبوة وأستقلال الوعى الانساتى عقلا. وارادة ٠.‏ كما يعين 
عن حرية الانسان شعار « الله أكبر:» أى .لا متكبر سواه ٠‏ لذلك كان شعان 
الثورة الاسلامية فى ايران « الله أكبر » قادصم الجبارين » ٠‏ والأمر بالمعروف 
والذهى عن المذكر واجب يو وفَرض أشرغى يجعل الانسان القادر عليه 
حرا 2 مراجعا للحكام وكذلك « الدين النصيحة » ٠‏ ولا طاعة لمخلوق فى 
معصية الخالق ٠‏ فالطاعة للقانون » وسلطة الحاكم من العقد والديعة ٠.‏ 
قاذا عصى الحاكم الشريعة واذا انحل بعقد البيعة فلا طاعة له » ويجب الخروج 
عليه ٠‏ وان أعلى شهادة « كلمة حق فى وجه سلطان جائر » ٠‏ ى « الساكت 
عن الحق شيطان أخرس » ٠‏ بل أن وظيفة الحكومة الاسلامية هى « الحسبة » 
أى مراجعة نفسها بنفسها والرقاية على نفسها وعلى الأسواق ومظاهر 
النشباط الاقتصادى والتلاعب بالأسعار وبقوانين السوق ٠‏ ان الحاكم هو 
آخر من يأكل وآخر من يشرب وآخر من يلبس وآخر من يسكن والا فلا سمع 
ولا طاعة له ٠‏ ظ ٠‏ 


3٠‏ ب العدالة الاجتماعية وااساواة فى مواجهة سوء توزيع الثروة 
والفروق الشاسعة دين الأغذياء والفقراء : 


.هي القضية الاجتماعية بالأصالة التى اجتمءت عليها كل الأحى 
السياسية والتى دن أجلها قامت الثورات الدربية الأخيرة والتى: ألا 
يدتهتز التغروش والتيجان ٠‏ فندن أآمة يضرب دها ااثل: بأقصى درجات الغنق 
ويأشنه .دزجات .الفقر + والءطون المنافخة :وبالافواه الجائعة 2 بالقصور 
#لزخرفة ونا لأكواخ صخي ٠‏ وذنددسب الى أهة 'وأاحدة , ونعتذق دينا واحدا © ' 
وتوم باله واخد ٠‏ فنا ى العقائد التراذية: لتقؤية العمل السياشى واعظافة 


شرغدة أمنٌ التازيخ . فالملكية لله وده ١‏ لله ماك اأسموات اوالآر رض 2( 4 


بوالانسان مستخلف فيما بين يديه ٠‏ له حق الانتفاع ٠‏ وحق التصرف »2 وحق 
الاستثمار 2 وئيس له حق الاكتنان أى الاحتكار أو الاستغلال » ومن حق 
السنطة الشرعية التدخل بالت'ميم والمصادرة فى حالة سوء استعمال الثروة ٠‏ 
.وكل أدوات الانتاج التى تمس الصالح العام ملكية جماعية لا يجوز وقوعها 
'بين أيدى الأفراد ؛ الماء والكلا قديما والززاعة حديثا . والنار قديما 
.والصناعة حديثا :: والملح قديما والمعادن حديثا ٠‏ « والركان » أئى مافى باطن 
الأرضن ملك إللمة ولوس هلكا للأفزاد' ‏ عرف القذماء الذهب والفضنة والحدئد 
والتحاس ٠٠١‏ الخ ٠‏ وعرفنا نحن الذفط ٠‏ والعمل وحده مضدز: القيمة ندليل 
تحريم الربا الذى يعنى أن المال يولد المال بلا جهد أي عرق ٠‏ ولإ يجوز 
أخن فائض قيمة من انتاج عامل » فكل نتاجة له , وللدولةأر راس المال ٠‏ 
.فان! .ظهز "فرق فى .الدخول :دين : الأغذياء .. والفقراء. فيان فضول. الأغنياء ترد 
الى..الفقراغ ,. و:الفضول ماذإد عن: :القوت .”. « الشين فى .أمئالهم. حق معلوم 
السنائل والبحروم » ( 7١‏ : 374 ) » وفى المال.حق غير الزكاة » ٠‏ والمجتمع 
الواحد -الذى فيه انسان واحد جائع تبر ذمة الله منه ٠‏ وليس منا من 
يات" شنيعان وجاره طاى ٠‏ وقد صحنا فى حركاتنا الاصلاحية. الأخيرة : 
٠«‏ عجيت لرجل لا يجد قوت يومه ولا يخرح للذاس شاهزا سديقه ! » أى 
ه عجيث لك أيها الفلاح » تشق الأرض بفاسك : ولا تشق قلب ظالمك !:» 
( الآفغانى ) * وفرق دين أن ذقول ذلك فى أدبيات « الاشتراكية والاسلام . ١‏ 
دعاية لنظام سشياسى وبين أن نثور الجماهير به. فتدافع عن حقوقها المسلوية 
من عقائدها وتراثها ٠‏ 


. الهوية ضد التغريب : 


أومما لاشك فيه أن قضية الهو ية أو الأصالة تكمن وراء كل مشاكلذا: 
الاجتماءية والسياسية لأدها هي المشكلة. الحضارية ٠‏ ومازلنا مدن فجن 
دنيضتنا العزبية الحديثة نطرحها ٠‏ وندعى لها ؛ ونذبه عليها ولم تحلها بعد © 
وردما كانت معظم تياراتنا الفكرية 3 الخد يثة أقرب الى التغريب منها الى 
الأصالة ٠‏ فالاصلاح الدينى ( الأففانى ) والليبرالية السياسية ( الطهطاوى) 
والعقاجنية العلدية ( شبلدى, شميل ) كلها ترى الغرب ذمطا لاتحديث 9 ذموذجا 
للتقدم ء تترى صورتها فى مرآة الآخر ,» مما ولد الحركة . ,السافية حدى , أصدحت 
وريثة الاصلاح 2 وقضينا على الليبرالية باآيدينا باسدم الثورا ات ابعر دية. 


١79‏ ب 


الأخيرة » وانتهى العقل والعلم من حياتنا بذيوع مسوح الايمان والخرافة + 
ولا يمكن أن يوجد عمل سياسى ابداعى دون أصصالة وضد التغريب » ومأزالت. 
أحزابذا السياسية حتى الآن خاصة العلمانية منها تصوغ القضية السياسية 
على ذحو مغترب » وتجد الحل عند الآخر وليس بتحليل الأنا ٠‏ هنا تظهر 
المواقف التراثية التى تضع التقايل صراحة بين الأنا والآضنر ء فالقرآن. 
يحرم مولاة الغير » مصالدتهم أو مسالمتهم أو السبلام معهم اذا ما اعتدوا 

على الديار ٠‏ كما يحرم التقليد والتبعية للاخر لأنه محى للمسبئولية الفردية. 
وبالتالى المساءلة(ه) ٠‏ 


9ه الوحدة ضد التحزئة : 


قضية الوحدة 2 وحدة قطرية »2 وحدة وطنية » وحدة عربية أى وحدةا 
اسلامية » هى احدى قضايانا الرئيسية والتى تدخل ضيمن برامج كل الأحزاب. 
السياسية ٠‏ ولكن ظلت القضية متوثرة . لا تتجاون اعلان الديانات التى. 
لا يتجاوزن عمرها أيام ثم تذفض الوحدة أو تكون وحدة علم ونِشيده وزعيم. 
ورئيس ٠‏ أى تظل أمانى وأغانى » وأحلام وأهازيج ٠‏ والواقع ذفسبه يدعو. 
الى التجزىء والتشتت والتبعثر من جراء الخلافات على الحدود »والحروب. 
والحملات الاذاءية » وتضارب المصالح ٠‏ والصراع على السلطة ٠‏ فى حين. 
أن العقائك التراثية خير ضمان للوحدة على كافة مستوياتها ٠‏ الوحدة. 
الوطنية فى « أشداء على الكفار رحماء بينذهم » ( 8" : 9 ) أى الانفتاح 
على الداخل والجبهة الوطنية المتحدة أمام الأعداء فى الخارج » «٠‏ ولى كنت. 
فظا غليظ القلب ٠‏ لانفضوا من حولك » (” : ١١9‏ ) درس آخر فى القيادة 
وتكوين الجبهة 2» ووحدة على مستوى الأمة « ان هذه أمتكم أمة واأحدة ,2 
وأنا ردكم فاعبدون » ( 5١‏ :”5 )2 «أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد. 
القهار » ( ؟١‏ : 55 ) ٠‏ والإسسلام أقدر المذاهب والايديولوجيات على توحيد. 
الشعوب حيث لا عنصرية ولا شعوبية ولا طائفية » وفى نفس الوقت يعترفه 
بالتقاليد واللغات والأعراف المدلية ٠‏ 


مالا تعيدون , ولا أنتم عابدون ما أعبد , ولا أنا عايد ماعبدتم , ولا أنتم عابذون ما أعبدء 


لكم دينكم ولى دين » ٠»‏ 


53 


ويمكن تجاوز المعوقات التراثية واظهار الدبوافع فى العمل السرياسى 
بالوسائل الآدية : 

١‏ -. لوجاك الدائل : ويعنى ذلك أننا وندن فى بداية القرن الخامس 
عشر الهجرى تركنا وراءنا ألف عام من المحافظة الديزية ( الأشعرية المزدوجة 
بالتصوف ) وآربعمائة عام من الءعقلاذية العلمية ( المعتزلة والفلاسفة ) . 
فالمحافظة الدينية أرسخ فى وجداننا القومى من الليبرالية ٠‏ وبالتالى كانت 
مهمتنا ضغط الألف عام الى النصف وزيادة الأربعمائة عام الى الضعف ٠‏ 
فى هذه اللحظة التاريخية فقط وحتى يتم ذلك يمكن أن ينجح أى عمل سدياسى 
لأن التعددية والليبرالية والعقلانية والعلمية قد أصبحت الراقد الأساسى 
والمكون الرئيسى لوعينا القومى ٠‏ ومن ثم دكون الشرط التراثى الأول لأى 
عمل سياسى هى الانتثقال من الأشعريةالىالمعتزلة » ومن اشراقية الفلاسفة الى 
عقلانية ابن رشد » ومن الفقه الافتراضى الى الفقه المصلحى ٠»‏ ومن التصوف 
النظرى السلبى الى التصوف العملى الايجابى ٠‏ وعلى هذا النجى تبدأ دورة 
قالثة من الحضارة الاسلامية . بعد الدورة الأولى عصر التكوين الازدهان , 
والقرون السديعة الأولى » والدورة الثاذية عصر الشروح والملخصات (القرون 
السبعة الثانية ) ٠‏ والدورة الثالثة والتى ندن فى بدايتها فى مطلع القرن 
الخامس عشر ٠‏ لا يمكن اذن أى عمل سياسى بدون فلسفة فى الاتاريخ ,2 
ومعرفة فى أية مرحلة تاريخية تعيش مجتمعاتنا وفى أى عصىس تعيش 
أجيالنا بوجه عام وجيلئا بوجه خاص ٠‏ وهذا يتطلب عملا سياسيا فى التراث 
اذا أردنا أن: يكون للتراث عمل سياسى فدنا ٠‏ ولا ضير فى ذلك فالتراث فى 
كل عصر نتاج لظروفه 'السيّامديّة والاجتماعية » وبالتالى فان عملنا السياسى 
فيه يرجع الى اصله الذى منه نشا أول مرة ٠‏ يتطلب العمل السياسى فى 
النتراث اعادة صياغة لفة جديدة انسانية عقلانية مفتوحة بدل اللغة الدينية 
اأقاذوئية الاد.طلاحية ٠‏ كما يطلب تغدير مسستويات التحليل والرؤية من 
الاستوى الفقهى الى المسةوى الطبيعى حتى تظهر حياة الناس ٠,‏ ثم تغيير 
المحاور من الأعلى والأدنى الى الأمام والخلف حتى يقل أثر نظارية الفيضص 
فينا » ودظور فى وجداننا بعد الزمان ومسار التاريخوحركتا التقدموالتخلف ٠‏ 
فالأعلى عند القدماء هى الأمام بالنسبة لنا ء والأدنى لديهم هى الذلئف 
عندنا ٠‏ كما يتطلب ذلك تغيير المحاور 2 من التمركز حول الله الذئ دافع 
عنم القدماء نظرا الدين الجديد الجديث العهد الى الدفاع عن الانسان وهر 
مظان الطعان فى عصرنا والذى لم نبداً الدفاع عنه حتى الآن ٠‏ قد يفرض 


5 


ذلك أيضا تغيير المناهج , من المناهج الاستنباطية التى تبدا من النص الى 
الواقع الى المناهج الاستقرائية التى تبدا من الواقع الى النص ٠‏ فالوحى 
لبس نزولا مفروضا بل نداء للطبيعة تلبية لمقتضياتها وقصدها ندو الكمال ٠‏ 
وقد يفرض ذلك تغيير المادة « الديذية » القديمة كلها الى مادة اجتماعية 
معاصيرة ؛ فالدين تعبير عن الأوضساع الاجتماعية والوحى حلول للمشاكل 


ا لاحدما عية 1 


" ب اليسار الاسلامى : التيار الذى يمكنه أن يقوم: بقراءة سياسية 
للتزاث هى « الاسلام. السدياسى. ».أو « اليسانر الاسلامى »: فهز. الذئ وبع من 
تراثالأمة,ويلتزم بقضايا العصر »وقادر على ,القيام بهذا. التحولمن!لمخافظة 
التاريقية الى ؛التقدمية العصرية ٠.فجذوره‏ في التراث. . وفروعه فى, العصر » 
لا يعادئ*اللحنركة الاسلامية بل يفهم ستطلياتها. ٠.وصلبيق:‏ الجركة العلمانية 
بل .يفهم: منطلقاتها 2 اليسار: الاسلامى: هى:القادر على اعادة وحدة :الصف 
وانهاء الازدواجية فى الثقافة الوطنية بين الثقافة. الدينية والثقافة العلمانية: 
وهو القاذن على ملا هذا الفراغ الآن بين الطرفين المتعارضين ٠‏ كما أنه قادر 
على تجنيد؛ البجماهير التى مازالت تتدرك بالانساق العقائدية أى تدت ضغِط 
ظاروف اللحياة المادية . المساجد عامرة بالمصلين », والأئمة المستقلين: .. طليعة 
الأمة » قادرون على قيادتها ٠‏ اليسار الاسلامى ينقد السلفية من موضع 
الاشتراك فى الجذور » وينقد العلمانية من موقع الاشتراك فى الثمار » ولكنه 
هو الأقدر على تلبية مطالب الجماهير » وصياغة مشروع قومى يريط الماضى 
بالحاضى ‏ ويحقق التغير الاجتماعى وقمته فى الثورة من خلال التواصل 
لا من خلال الانقطاع ٠‏ وهى وريث المعتزلة والفلاسفة والأصول والتصوف 
العملى القديم * كما أنه وريث جركة الاصلاح الدينى الحديث » راجعا الى 
جذوره ( الأفغانى ) ومنشطا أياه من جديد يعد .أن خف. صوته. على مبراحل 
حتى وصل. الى الحركة الاسلامية الحالية ٠.‏ ويتحول الاصلاح الدينى الى 
نهضة شاملة , كفا أن اليسار: الاسلامى قادر على اقالة الثورة: العربية من 
عثزاتها , حتى لا تبدا هذه المرة: بالضباط الأحرار بل بالمفكرين الأجرار(ة) + 


سس م من م عم سي صرت سس سس لس سم ص لس سس ١‏ 
: 


() انظ العدد الأول من مجلتنا « اليسار الاسلامى » المقال الافتتاحى ': « ماذا 
يعنى اليسان الاسلامى ؟ » المركز العريى للبحث والنقى »القاهرة , 9541 0 70070 

وأيضا م.الضباط الأحرار أى المفكرون الأحرار ؟ » قضايا عربية ' ؛ سبتميل كلد 
وأيضا فى ه الدين والكورة فى فصر 0٠ 2061١9543 1١9657‏ فر فى الثقافة” الوظئية '(5) فى 
اليسار الدينى ٠‏ 2 ل 


د هلآا١‏ ب 


” د .الوحدة الوطئية : واليسار الاسلامى انما يقوم بهذه المهمة تثوير 
؟لتراث وممازرسة العمل السياسى من الجذور .التراثية فى أظار الوحدة 
الوطنية .٠‏ فاليسار الاسلامى لا يكفر أحدا ٠‏ بل أنه يقبل كل التراث القديم 
.ددعوقاته ودوافعه من أجل اعادة النظر فيها » وتصفيته من الأول » وتحويل 
الثانى الى رافد أساسى .فى وعينا القومى ٠‏ كما يقيل الحركة: العلمانية يكل 
فصائلها. لأنه يفهخ. متطلقاتها ودوافعها ٠‏ وقد انتشرت فوق تربتنا ثلاث 
زيارات علمانية .:. الليبرالية قبل الثورات العربية:الأخيرة » ثم -الثورة العربية 
إآى القوهية . العردية آو. الاشتراكية العربية ٠‏ وكلاهما قدر لهما أن يخكما 
ويحققا .!بُجإزّاث وتنتج: عذهما: مخاسر' » والحركة الماركسية التى 'بداأت هئ 
زواتك. هذا القرن.حتى الآن والتى لم دقدر لها..أن: تحكم آلا فئ بعض أطراف 
العالم العربى ( اليمن الديموقراطى ) أو داخلة فى حلف مغ اللثوزة العرنية 
( سوريا » العراق ) ٠‏ وطالما خسرنا جميعا باضطهاد الحركة الاسلامية على 
.طول الخط سواء قبل الثورة العربية أى بعدها أى باضطهاد الليبرالية يعد 
الذورة العربية واضطهاد الماركسية قبلها وأحيانا بعدها ٠‏ وطالما شوهت كل 
حركة الحركة الأخرى بتدعيم الدولة , فالماركسية كفر والحساد وعمالة , 
واللييرالية فردية راسمالية انحلالية » والقومية عنصرية وشعوبية واغتراب, 
والاسلامية تزلف ورجهية ومحافظة ٠‏ فأصبح الكل خاسرا ٠»‏ نزيل سجون »2 
راغبا فى الثأر من المجتمع أو الانقضاض على أخيه ٠‏ وقد آن الأوان أن 
.يعمل الجميع فى اطار من الوحدة الوطنية ٠‏ فلا حوار بين الفرقاء 
الا بالليبرالية 2 ولا تحقيق لوحدة الأمة الا بالقومية . ولا اعادة لتوزيع الدخل 
القومى الا بالماركسية 2 ولا تغيير من خلال التواصل الا بالحركة الاسلامية ٠‏ 
الآأمة طائر جسده القومية العربية نتاج الذورة العربية ٠‏ وذيله الليبرالية » 
.وجناحاه الاسلامية والماركسية ورآسه الوحدة الوطنية ٠‏ فلا يمكن أن يطير 
الا بمجموع جسمه والا سقط أى انحرف أى أصبح كسيحا لا يقوى على 


ليو 


.النهووض 
رادعا : حاتمة ‏ ضرورة اعادة دناء التراث : 


ان الدين هو جزء من الدراث أى الموروث العقائدى يدجوار الموروث الأدبى 
بو العرفى ٠‏ هى نتدجة ظروف سياسية قديمة وصراع على السلطة وتعبير عن 


لان ا 
أوضاع اجتماعءية ٠‏ ولما كانت الظروف تغيرت وبالتالى فان مسؤوليتنا افران 
ذراث جديد واعادة دناء التراث القديم حتى لا يقف حجر عثرة فى سديل. 
الذيضة الجديثة والثورة العربية المعاصة 0 ليس الأمن مجرد تحميس للذاس 
وشحذ عزائمهم دبل دتعلق الأمر باليناء 'العقائدى للجماهير ٠»‏ وباعطائها 
أيدوولوجية سياسدية تملا بها فراغها النظرى وحصارها دين الحركة السلفية 
والحركة العلماذية ٠‏ فاذا كان التراث القديم نتيجة 'للعمل السدياسى القديم 
فان العمل السياسى الحديث دتطلب تراثه المعاصر وفى نفس الوقت اعادة. 
النظر فى الموروث القديم ٠‏ فأما يتطابق معه فى تراث المعارضة واما يختلف 
معه فى تراث السلطة ٠‏ وفى كلتا الحالتين يحدث التغير من خلال التواضل. » 
وتامن الأمة الردة والقصام فى .الشخصية ٠»‏ ويصبح حاضرها احدى حلقات. 
وجدة تاريجها ١‏ 


» «“كبؤة الأضلاح” «ى 


( تمؤذج .موس ). 


آؤلا': مقدمة ٠‏ وصف الظاهرة : 


ماذا تعنى «'كبوة الاصلاح ؟ تهنى كبوة الاصلاح أن نذهضتنا الحديثة 
التى بذات منذ أوائل القرن الماضى ياصطلاح المؤرخين اذما بدأت فى جيلين 
وانتوت على يد جيلين ٠‏ فاذا ما أتى الجيل الخامس فانه يجد نفسه فى أزمة 
هل يعاود الاصلاح من جديد ؟ هل يبدا ددأية جديدة ؟ وما هى .هذه البداية 3 
وكآن ذبؤّة ادن خلدون قد تحلقت فى تاريخنا المعاصى وهى ان الدورة التاريخية 
تمتد آربعة ؛جيال ! فاذا ؛خذنا الثيارات الرئيسية الثلاثة التي. تكون نهضتنا 
الدديثة الإصلاح الدينى » والفكر العلمى العلمانى , والفكر السياسي الليبرالى 
لوجدنا أن كل ديار قد حدات فيه الكبوة على مر هذه الأجييال. الأريعة ٠‏ 
فالاضلاح -الذيتى يدأه الأفغانى بداية جيدة,وحدد مشروعه الاصلاحى حديدا 
متفقا مع ظروفت عصره , مواجهة الاستعمار فى الخارج وحقاومة التسبلط 
فى 'الداخل ٠‏ ولكن بعد الذورة العرابية والاحتّلال الانجايزى لمصر خيا مشروع 
الاصلاح وهوى ألى النصف على يد محمد عبده فاصلا الذين عن السياسة 
د لعن الله ساس ويسوس !ا تارك الثورة للاعداد لها , وتغيير النظم 
السياسية لتردية الشعوب »2 ومواجهة السلطان ألى اصلاح مناهج التعليم 
والمحاكم الشرعية ٠‏ وبعد اشتداد الحركة الوطنية فى اليلاد على يد تلاميذ 
الأفغخانى وفى مقد..تهم مصطفى كامل ومحمد قريد وسعد زقلول واندلاع ثورة 
65 خنا المشروع الاصلاحى مرة أخرى عند رشيد رضا بعد أن رأى مخاطر 
الوطئية فى الدامانية وتقليد الغرب والتفرنج كما هى الحال فى تركيا بعد 
الذورة الكمالنة فى 864 ٠‏ ثم خبا اللشرؤع مرة ثالثة علق يد الاخوان 
المسلمين بالرغم من محاواتهم اعادة الحياة نه واكماله عن .طريق تجنيد 
الجماهير ٠‏ فيعد مقتل حسن البنا فى ١545‏ واضطهاد الجماعة كلها على 


ألقى هذا البمحث فى ندرة « الاصلاح فى القرن التأسع عثشر » كلية الآداب » 
الرياط + 18م9١!‏ ش 0 
٠‏ لالاكاد 
ر دراسات فلسفية ) 


- ١78 


فترات متتالية فى ١598‏ ثم فى 4110!:ولعدم. تطوير الحركة الاصلاحية 
وموقفها تدولت الى حركة سلفية ومنها خرجت الجماعات الاسلامية المعاصرة 
تعبيرا عن ظروف الاضطهاد الحركة الاسلامية المعاصرة ٠‏ انفلقت على الذات. 
وعادت التيارات الأخرى ٠»‏ وأصيحت تمثل رد فعل على فشل الايديولوجيات. 
العأمانية للتحديث ليبرالية أى اشتراكية أى قومية ؛ؤ ماركسية ١آ)‏ © 


وان! أخذنا التيار الثانى وهى الفكر العلمى العلمانى فقد يدأه شبلى 
شميل بداية طيبة فى الترويج للفكر العلمى وبيان أهمية التحليل العلمى والمنهج 
العلمى كى تحدث الصدمة «الحضارية الثانية بعد أن حدثت الأولى ابان :الحملة 
الفرنسية على مصر فى مشاهدة علماء الأزهر للتجارب العلمية 'التى أجراها 
علماء الحملة ٠‏ وقامت جريدة المقتطف التى أسسها يعقوب صروف بذلك خير. 
قيام ٠‏ واستمر فرح انطون فى الدعوة الى العلم من خلال ابن رشد ٠‏ استمر 
الجيل الأول اذن فى الدعوة الى العلم الذى لا وطن له أى الى العلم القومى 

حت ىالجيل الثانى فى القرن الماضى ٠ولكنخبتالدعوة‏ على يد 'الجيل الثالث عند 
سلامة موسى ثم الجيل الرابع عند اسماعيل مظهر وزكى نديب محمود يعزلة 
التيار وارتمائه كلية فى أحضان الغرب (5؟) ٠‏ أى بالردة عنه والعودة .الى 
تراث الأمة لايجاد نوع من الاتساق الدضارى والاستمرارية فى التاريخ (") ٠‏ 
فما أن أتى الجيل الخامس حثى ظهر الاضطراب لدرجة الصراع بين العلم. 
والايمان ونشأة: رد فعل على العلم فى التيارات اللاعلمية واللاءعقلانية 
المنتشىرة فى مجتمعاتنا اليوم * 

4 ١94١ أنظر « اليساى الاسلامى » , كتابات فى النهضة الاسلامية , يناين‎ )١( 
وأيضا « نشأة الاتجاهات المحافظة فى عالمنا العربى الراهن » المستقيل‎ ٠ القاهرة‎ 
٠ىنيدلا (؟)اليسان‎ > 1918١ ١907 د«الدين والثورة فى ممس‎ ٠ 1184 » العريى , ينايى‎ 
مهن لماص مسدقممع عتصسهاك1 سه مناه 2عقده© جرع110 02 عصنع 01 مط[‎ 
ذه 15]65ط2ء2200 5مأع10610 1265 1979 ,لنة0 عفدم‎ 00001 2619]011- 

.199 ,رقأو ,3126 2ده1 : 
آنضر أيضا بحثنا « الاصولية الاسلامية » جريدة الوطن ٠‏ الكويت » «١ ٠ ١548”‏ والدين. 
والثورة فى. مصىر )١( » 1918١ ١915179‏ اليسان الديئى ٠‏ 

(؟) هذا واضح من كتاب سلامة موسى « هؤلاء علمونى » وكلهم غربيون !* 

() هذا واضح فى كتابات اسماعيل مظهر الاولى عن الداروينية كم فى كتاباته. 
الثانية فى الستينات عن الاسلام » وايضا فى كتابات زكى نجيدب محمود الأولى عن. 
الوضعية , والكائية عن التراث ٠‏ 


اما. التيار الثالث الذى يمثله الفكر : السسياسي اللديرالى فقد يداه 
'الطهطاوئ: أيضا .دداية جيدة وذلك بنشر أفكار الخزية والعدالة:والمساواة ء 
ووضع موضوعات جديدة للفكر الوطنى مثل التقدم والدولة والدستور 2 
والحديث عن الزراعة والصناعة والتعليم من أجل تأسيس الدولة الحديثة ٠‏ 
وقد حدد مشروعه فى « مناهج الألباب» تحديد! واضحا ودقيقا ٠‏ وسار الجيل, 
الثانى ممثلا فى لطفى السيد موّكد! على الوطذية المصرية ٠‏ ولكن ما أن اتى, 
الجيل الثالث ممثلا فى طه حسين والعقاد ثم :الجيل الرابع ممثلا فى .جماهير 
المثقفين الوطذيين من خلال حزب الوفد حتى خبا المشروع الأول ٠‏ فتحولت. 
الدولة من أداة تكوين الى الى أداة قهر 2 وتحول المفكرون من دناة دول. 
وطذية الى موظفى أنظمة سدياسية ٠‏ وقامت الثورات العربية الأخيرة التى, 
بالرغم هن انجازاتها الاجتماعية والسدياسية على الصسعيدين الداشلى, 
والخارجى انديت بالقضاء على الحريات ومعادات اللييرالية والقضاء على, 
النظم البرمانية الدستورية الحزبية حتى أصصيح المفكر الحر مرادفا لنزيل: 


السجون ! 


تعنى الكبوة أيضا أن الحركة عمرها قصير , انتهت بمجرد أن بدأت + 
سقطت بمجرد أن قامت ٠‏ وكان الصاروخ لم يستطع أن يخترق حجب الفضاء 
وعاد الى الأرض بمجرد الانطلاق وانتهاء قوة الدفم الأولى ٠‏ ومن ثم كان. 
مسار النهضة قوسا أى نصف دائرة من أسفل الى أعلى ثم من أعلى الى 
أسفل وليس خط مستقيما تتراكم فيه الخبرات بعد جيل » وكأن الدورة لدذيا 
لابد وأن ديد من الصفر من جديد دون أن ترث الاجيال من بعضيها البعض 
خبراتها حتى يحدث تراكم تاريخى كى يحدث فى نهضتنا تغيرا كيفيا مماثلا 
فى القدر ٠‏ لم تتعلم الاجيال من بعضها البعض , ولم ينشا حوار بين القدماء 
والمحدثين الا فى أضددق الحدود وفى مجالات الأدب دون الفكر والتاريخ ٠‏ 
لم ينشا حوار بين الأموات والاحياء بل أعيد حوار الأموات فيما بينهم فى 
المناقضات الأدبية أى حوار الاحياء فيما بينهم » أيهم على صواب وأيهم على 
خطا فى المجلات الأدبية “لم يحدث وعىتاريخىوبالتالى أصبع الوعى السياسى 
بلا رؤية أو منظور ٠‏ وانحصرت الحصركة فى مجموعات من المثقفين أو 
«صالونات» فكرية أى منتديات ثقافية دون أن تكون حركة جماهيرية أى ثقافية 


شدودية ٠‏ وعلى أقدى تقدير حملتها الطيقات المتوسطة كوسديلة التحسديث 


ب ارم 


اصلاح ظلت تميبية. » تراجع القدبيم. وتؤوله .ولكنبها لا تاخن: موقها: نقديا. منه. , 
ولا تغير شِيئًا من منطلقاته الامباسية حتى ولو كانت البدائل القديمة موجودة ٠‏ 

شعنى كبوة الاصلاح أن هناك اجهاضا مستمرا لكل تجرية تمر بها مجتمعاتنا 
حتى تبدأ من الصفنى من جديد ٠‏ تبدأ دولة محمد على ثم تنهار » ويتحول 
المشروع الى مشرو عمضاد.منالنهضة والاستقلالوالوحدة الىالكبوةوالاحتلال 
والتجزئة ٠‏ ثم تأثى تجربة مصر الليبرالية ثم تجهضها الثورات العردية ٠‏ 

وتأتى -التجربة الناصرية ويتم القضاء عليها وتكاد تنهار الدولة 2 وينتهى 
المشروع القودى الحديث من الحرية والاشتراكية والودمجدة الى القهر 
والرأسمالية والتجزئة » وتتحول التجرية المصرية من مقاومة الاستعمار الى 
الوقوع فى براثن الاستعممار » ومن كونها مركن الدوائر ثلاث الى كونها 
محيطا لمراكن أخرى ٠‏ 


والحقيقة أن ظاهرة الكيوة هذه لا يمكن ادراكها الا برؤية الخاضر فى 
الماضى وبنظارة تراجدية تكشف عن بداية المسار وتطوره ٠‏ بل انها لا تكشف 
الا ابتداء من هزمات العصى واأزمة الجيل الخامس ٠‏ جيلنا ٠‏ ومع ذلك فهى 
تخرج من نطاق التقييم الذاتى الى الوصف الموضوعى ٠‏ ومن الحكم الفردى 
الى الإتفاق الجماعى ٠‏ 


وقد لا يدون الديب فى الاصلاح الذئ حدد مشروعه فى ظروف عصيره 
بل فينا نحن الذين لمم نطوره وظنناه باقيا عبر عدة أجيال كنمط خالد لا يتغير٠‏ 
فانزاق الواقع من تحته فى مساره الخاص وأصبح الاصلاح فارغا يلا مضمون 
أى كاد ٠‏ وبالرغم من أن هذا الدحث دتناول نموذج مصي الا أنه يمكن تعميم 
التجرية ٠‏ فظاهرة الكبوة عامة . داخل مصى وخارجها 2 سواء تحت أثر 
مصير أو بالاستقلال عنها ٠وبالرغم‏ مناعتماد البصشعلى التأملات والملاحظات 
التاريخية الدية أكش من اعتماده على احصاءات المؤرخين ودقياقتهم وأسماء 
الملوك واليلدان الا أنه يعتمد على منهج دقيق فى العلوم الانسانية وهى منهج 
تحليل الخيرات الفردية والاجتماعية من أجل أعادة بناء الموقف التاريخى 
بعد تكشف أبعاده فى الموقف الحالى » ومن ثم تتم رؤية الماضى فى الحاضرء 
والداهر من خلال الماضى » وهو المذهج الذى طالما استعمالناه لدراسة التجارب 


الحية 'المغاضرة:.لكشيف دلالالتها المستقلة :(؟) ٠‏ 


وقد جرت العادة عند الباحثين والمؤرخين على هذه القسمة الثلاثية 
الروافد النهضة الحديثة : الاصلاح الدينى » والتيار العلمى العلماني » والفكر 
:السياسى اللبيرالى٠وفى‏ حقيقة الأمر أن هذه الروافد الثلاث انما تمثل موقفا 
.حضاريا واحدا ذا شعب ثلاث : الموقف من القديم » والموقف من الغرب 2 
.والبوقف من الواقع فالحركة الاصلاحية احياء للقديم وتمثل الغرب وتغيير 
.للواقع . والفكر العلمى العلمانى ثورةعلى القديم وتمثلالغربوتخيير للواقع, 
والفكر. السياسى الليبرنالى تمش للقديم وتمثل للغرب من أجل بناء الواقم ٠‏ 
الاصلاح الدينى رد فعل على القديم بالاحياء , والقفكر العلمئ العلمانى 
.رد فعل على الغرب بالتمثل » والفكر السياسى الليبرالى رد فعل حلبى الواقع 
.ذاته باعادة بنائه ٠‏ فكل رافد يكشف عن موقف حضارى واسم وبالتالى قد 
تثقارب الروافد الثلاث أكثر مما تتباعد » وتجتمع أكثر مما تفترق » وتتفق 
فيما دينها أكشر مما تختلف ٠‏ ويتناول هذا البحث الموقف الحضارى الموحد 
لأروافد الثلاث أكثر من تناوله للروافد الثلاث ذاتها حتى يمكن وصف ظاهرة 
.الكبوة وانتقال الاصلاح من جيل الى جيل (0) ٠‏ 


ثانيا : الموقف من القديم : 


أخذ. الاصلاح الديذى موذكا الدفاع عن القديم.فى ظرف تاريخى كان 
"القديم فيه. موضع هجوم. من المستشرقين فى الخارج أو من العلماذيين ذى 
الداخل خاصة فى تركيا ٠‏ كان من الطبيعى اذن فى هذا الظرف الذى تقف 
.فيه الأمة فى مواجهة الاستعمار التاكيد على التمسهك بالقديم والدفاع عنه ٠‏ 

(4). نض عروضنا النظرية لهذا المنهع وتطبيقاته فى رسائلنا الثلاث 
-262006م .19 ع0 عهنع26ه'1 ,1965 ,عطلة0 عا ,رعدغع 08:56 وع116]00 وعاط 
ش ,ع نوت هلآ رممغعنؤوده'1 ع0 “متعم 0[متغدده طقطم 15 ,عتعه201 

(0) مثلا تمثل. « رسالة التوحيد » لمحمد عيده الموققف من القديم . « والرد على 
الدهريين » للأففانى , الموقف من الغرب » و «١‏ العروة الوثقى » , الموقف من الواقم 2 
. ويمثل « سيرة ساكن الحجان ٠‏ الطيطاوى الموقف من القديم » ى « تخليص الابريز » 
الموقف من الخرب ', فى « مناهج الألباب ٠‏ الموقفا من الواقع., أنظر بحثنا , « موقفنا 
الحضارى » , عمان , ٠ 191/7٠‏ 


ولا كان الدين جوهر القديم فظهر الدفاع عه دفاعا عَن الدين والعقيده' 
والشريعة والأخلاق والتقاليد سواء كان من الدين أو ليست منه ٠‏ وكان. 
الدفاع عن التأويل السسائد والفكر الدينى الشائّع الممثل فى الأشعرية 2 فكر 
الدولة السذية : وأيديولوجية النظام السياسى القائم ٠‏ ولكن بعد أن تاكدت, 
الهوية » وتم حصار العلمانية » وبانت حدودها فى تركياء ظهرتكيوة الاصلام 
نظرا لاستمرار موقف الدفاع عن القديم عند الجيلين اأثالث والرابع حتى 
الآن دون أن يحاول الدجيل الخامس تطوير موقف الدفاع الى موقف النقد ٠‏ 
باتت مخاطر 'الدفاع عن القديم فى ظهور الحركات المحافظة واشتداد التصلب. 
فى الجماعات الاسلامية المعاصرة ريما كرد قعل على فشل التحديث العلمانى, 
القومى الاشتراكى ٠‏ أن نمط الدفاع عن القديم نمط حزقت يصلح لجيل فى 
بداية الاصلاح ولكنه لا يصلح لكل الأجيال 2 خاصة لجيل آخر فى مرحلة. 
النهضة ٠‏ ان تتطلب النهضة نقد الموروث والتحول فى نظرية المعرفة هن, 
المنقول الى المعقول 2 من الكتاب القديم الى كتاب الطبييعة 2 ومن تأويل. 
النصوص الى تفسير ظواهر الطبيعة ومعرفة قوانيئ)! ٠‏ تتطئب. النهضة تغير!. 
فى يؤرة الحصضارة من الله الى الانسان ٠‏ وفى مدورها الرئيسى من الأعلى, 
والأدئى الى الأمام والخلف ٠‏ ومن لفغتها التشريدية الديزية العقائدية الصوفية 
المنغلقة الى لغة انسانية عقلية طبيعية مفتوحة تقبل الحوار ٠‏ نشأت كبوة 
الاصلاح لاستمرار نمط الدفاع بالرغم من تذير الظروف وظهور الحاجة الى 
نقد الموروث + وائنتهت كل الانجازات الاجتماءية الثورية الحديثة وانقلبت. 
الى مشاريع مضادة نظرا لأن الموروث هى الراك الأساسى فى دقافة الجماهير 
تعتمد عليه النظم !اقائمة طلبا للشرعية . ويغذيه الاستعمار لاجهاضالتجارب. 
الوطنية ٠‏ 


وأخن الفكر العلمدى العلمائى موقف الهجوم المقنع من القديم داعيا الى. 
الانقطاع عنه فليس به ألا دين وتشريع وآخلاق وتصوف وليس به من علوم. 
الدنيا الا تاريخ هذه العلوم ٠‏ وقد سبب هذا الموقف الان فى جيلنا رد فعل. 
الدركة السلفية والقيام بالدعوة المضادة منالدفاععنالقديم كله بكل ما فيه ٠‏ 
وقد يكون الهجوم على أجزاء من القديم وليس على القديم كله , فيستثنى من, 
الهجوم ابن رشد أو ابن خلدون أو المعتزئة أى الفقه الواقعى (1) ٠‏ ولكنن., 

)0 مثل ذلك فرح انطون فى « ابن رشد وفلسفته + أى انتعاش الدراسات حول ابن, 
خلدون فى المغرب ٠‏ 


14 


هذا الاستثناء لم يفلح فى ابراز هذه الجوانب من القديم وتحويلها الى رافد. 
فى الثقافة القومية خاصة وأنها مرفوضةمنالدركة السلفية باعتبارهامواقف. 
مقلدة للآخر ( 'اليونان ) ٠‏ وقد ولد التصاق هذا التيار بالنصرانية الى 
طائفية ضمنية أو صريدة باعتبار أن النصارى هم أصحاب هذ! الموقف , 
القطيعة مع القديم ان آنهم لا يجيدون أنفسهم فيه ٠‏ وقد أدى ذلك أيضا الى. 
كبوة الاصلاح فى جيلنا ٠فالقطيعة‏ مم القديم لا وجود لها الا فى ذهن بعض 
الأفراد ٠‏ آما لدى جماهير الشعب وفى أجهزة الاعلام وفى خطط الغرب فله. 
حضور داثم وثقل تاريخى لا يمكن تجاهله ٠‏ وقد أدى تفوره الى اندلاء. 
الثورة الاسلامية فى ايران ضد كل هحاولات التحديث العلمانى الغربى ٠‏ 
انها مسؤولية الجيل الخامس أنه لم يطور موقف القطيعة الى موقف المطور 
والمغير والمعدل هن أجل تحقيق التغير من خلال الاستمرار حرصنا على 
التجانس التاريخى وحتى لا ينشا رد فعل سلفى يعصف بكل شىء أو يكاد كما. 
هى الحال الآن فى تركيا وبولندا وفى شتى أنحاء العالم العربى ٠‏ 


أما الفكر السياسى الليبرالى فائه أخذ عوقف التبرير للواقع باستعمال. 
انقديم أو الدوفيق دين القديم ومقتضيات الحداثة مما جعل القديم مجرد آلة. 
للاستخدام لصالح الدولة ٠‏ استعمل ؛تبرير الحداثة ونترها , بل وياستعمال. 
المنقول دون المعقول , وبالاءتماد على الاشعرية السائدة (لا) ٠‏ 


هذا النمط حدى الان ولم دخدره أحد * 


وقد اسددمن_ 
فاستعملت الدولة القديم لتبرير وجودها: 
وتدعيم شرعية نظامها , كما استعمله الموظفون. الايديولوجيون لكل نظام 
لتدعيم السلطة وبيعتها امام الجماهير التى مازال القديم يمثل بالنسبة لها 
قيمة مطلق وتصديقا يعادل الايمان ٠‏ لم دقم الجيل الخامس بتغيير نمط التبرير. 
الى نمط التثوير » ومن الدفاععن النظام الى قيادة الجماهير » فكبا الاصلاح. 
وتعثر » وضاق بعد أن اعتد الواقع وتجاون نمطه القديم ٠‏ 


وعلى هذا النحى تشترك الرواقد الثلاث فيما بينها فى أنها ليس لديها: 
عوقف بحكم علمى تاريخى هري الةديم 5 مواقف لا علمية تعثل ردول أفعال, 
أتقعااية على بعضها البعض أى 5كشف عن قصور فى رؤية الواقع ٠‏ 





(؟) ويتضح ذلك عند الطهطاوى فى « مناهج الالباب , ٠‏ 


ثالثا : الموقف من..الغرب : 


'أخذت مؤقفا متشابها بالنسبة للغرب وهى أنها جميعا اعتبرت الغرب نمظا 
كلتحديث ٠»‏ والخلاف بينها مجرد اختلاف قى الدرجة لا خلافا فى النوع ٠‏ 


فبالرغم من هجوم الحركة الاصلادية على الماديين « الذيتشريين » سواء 
فى الهذد أى فى الغرب ممثذلين :فى الاشتراكيين ( السيوسيالت ) والشيوعيين 
( الكومونيست ) والعدميين ( الذويليست ) وبالرهم من رفضنا أطر الغرب 
النظرية المادية ومظاهن تقليده فى الفكر:والثقافة كما فى 'السرلوك والممارسة 
الا كن الاعجاب بالاتجازات العه.لية والتفوق الدلمى والعمرائى فى الغرب 
.دفع الاصلاح الدينى الى اعتبار الغرب من هذه الناحية ذمطا للتحديث ٠‏ 
فمواجهة الاستعمان الغربى. من الناحية العملية لم تمنع هن تبنى الوسائل 
التى اسعملها ,الغرب نفسه فادت الى تفوقه على 'غيره وفى مقدمتها العلم 
والصذاعة وقد أدى كلاهما الى القوة والغلبة ٠‏ وقد داقع الغرب عن الحرية 
.وما تؤدى اليه من نظم برلمانية ومجالس ودساأتير وملكيات مقيدة ٠‏ وبالتالى 
استطاع الغرب أن يحقق العمران ٠‏ ويبنى المدن 2 ويزاعى النظافة » ويتقدم» 
.ويكتشف علوم الانسان والتاريخ ٠‏ لا يحاربالعدى الا بسلاحه ٠‏ ولا سبيل 
الى مواجية الغرب الا بأساليب الغرب ٠‏ واسدتمر الخال كذ1اك فى الجيلين 
الثالث والرابع .على مستوى الفكّر والمذاهب الفلسفية خاصة بعد أن خفت 
حدة مقاومة الاستدمان بيعب بدايات الحصول على الاستقلال الوطنى ٠‏ ونكن 
فى نفس الوقت بدأت ظاهرة «١‏ التغريب » ولم يلتفت إاليها أحد الا كرد فعل 
.مضاد. فى الحركة السلفية المتهمة لدينا بالرجعية .والتذلف والارتداد الى 
الماضى ٠‏ ولم يحاول الجيل الخامس تغيير النمط القديم « الغرب كنمط 
لاتحديث » الى « تحجيم: الغرب » ورده الى حدوده الطبيعية لافساح المجال 
للابداع الذاتى للشعوب ولتجاربها الخاصة (8) ٠‏ بل ام يحاول أحد مراجعة 


(4) اذظر يحثنا « التراث والنهضة الحضمارية . الكريت 1114 ٠‏ وأيضا وقفنا 
الحضارى 2 عمان موأ ٠‏ وننودهنا يدر اساتويدوثصديقنا ل" أثور عيل الملك وتركيزه 
على مفهوم الخصوصدية » وقد انتيده الى ذلك أخدرا مذكرون أوربيون وفى مقدمتهم 


روجده حارودى فى بدوثته وككاياته الاخيرة خاصة 
١‏ ”لهأت م06 عناع01810 نا نام 


ب 1868 


« الرد على الدهريين » ؤالموقف من المادية » وأن المادية ليست مذهيا تاريخياا 
ظهر عند. اليونان فى القرذين الرابع والثالث قبل الميلاد بل بنية فكرية وموقف 
طبيعى للانسان » وأنها تصور علمى للطزيعة وليس تصورا أخلاقيا يدعى الى. 
المشاركة فى الأموال والابضاع ٠‏ بل أن الطبيعة ليست خمد الدين ٠‏ فهناك 
الدين الطبيعى الذى كان عنصي تحرر فى القرن الثامن عشي فى الغرب والذى 
كان عليه ابراهيم » وهى دين الاسلام ٠‏ وقد ظهر تدليل العلل المادية فى أبحاث 
الأصوليين القدماء .2 وكانت الطديعيات داستمرار مقدمة للالييات عند. 


الدكماعء , وكان الخلق هو الدق عند الصوقدة . 


أما الثيار العلمى العلمائى فائه دعا صراحة الى أخذ الغرب كتمط. 
للتحديث » دفاعا عن الحداثة والمدذية ٠‏ فالغرب هى مصدر للمعرفة وليس, 
لدى غيره الا الجهل ٠‏ وبدايات الانسائية ٠‏ الغرب هى العلم والاجتماع .. 
العلوم الطبيعية والانسانية ولا حرج من تقاليد الغرب فى العادات والأتقاليد 
فالمدنية لا وطن لها ٠وبالرغم‏ من مشاركة أنصار هذا التيار فى الحركة” 
الوطنية باسم الليبرالية والحرية الا أن اعتبار الغرب نمط للتحديث قد أدى. 
عند الجيل 'الخامس الى الوقوع الكلى فى « التغريب » حيث أصيحنا وكلاء 
حضاريين للغرب » نخلط بين المعرفة والعلم ٠‏ نجمع المعارف ونكدسها ذقلا 
عن الغرب ولا ذنشىء علما أو يكون لدينا تصدور علمى لالعسالم ٠‏ وأصيمح 
الشياب آديئا هى الذض يبدأ حياته الفكرية بذكر أكبر قدس ممكن من أسماع 
الأعلام فى الذرب. وا اذاهب فى الغرب منتسبا الى احداها وداخلاً فى معاركها 
وهو آم يذنشؤها وايس طرفا فيها ولا تعبر عن أى واقع لديه ٠‏ ويبدو أن توقف 
الابداع ااذاتى كطابع مميز لمرحلة تاريذية أفسح المجال للنذقل بصرف الذظر 
عن مصدره ٠»‏ ذقل من القدماء ونقلمنالمحدثين » ذقل من القديم فتنشا الحركة: 
السلفية أى ذقل من الغرب فتنشا الحركة العلمانية ٠‏ وبالرغممن صحاصرة 
العلمازية وعزاتها وظهور تراث الجماهير 5غامل همكون لثقافتها لم يحاولك. 
الجيل الخامس تغيور الغرب كنمط لاتحديث ٠‏ ولم يلتفت الى تراث الشءعبه 


الا كذىوع من الفن الشعيى 0 القولكلور «“ .مطورا أياة أيضا بأسلاوب غريى ٠‏ 


أما الفكر الس.ياسى الليبرالى فان الغرب لديه أيضا فى احدى لحظاته 
والنقل فده . كفيس ديو ان الحكمة الثائى 3 مدرسية الألسن 3 لأجله 1 وددآ* 


185 


«تقل العلوم الطبيعية والانسائية ٠‏ وكانت « الشرطة » نموذجا للدستور 2 
وباردس مثالا للعمران عند الطهطاوئ ٠‏ وعاد لطفى السيد لترجمات اليونان, 
بوطه حسين لوضع مصيى فى ثقافة البحر الأبيض المتوسط ٠‏ وام يحاول أحد 
-منا أبناء الجيل الرابع أى الخامس مراجعة الغرب كنمط للتحديث فى التيار 
اللييرالى بعد أن بانت حدوده وتكشفت سلبياته ٠‏ فيالرغم من عظمة الثورة 
الفرنسية الا أنها أدت الى غزى نابليون لأوريا وانتهت الى عودة الملكية ٠‏ 
وبالرغم من أهمية الفكر الحر الثائى الذى حمله الهيجليون الشبان الا أنه 
أدى ألى فشل ثورة 1848 ٠‏ وبالرتمم من أهمية باريس كنموذج للعمران 
الحديث الا أن ذلك قد أدىالىاعوجاجفى وعينا القرمى مما أدى الىاليجرة ٠‏ 
فقد أصبح المواطن يديش فى قلبه الغرب ليس باريس بل أمريكا واستراليا 
.وكند! واجدا فى الغرب آمله وحياته » .حاضره ومستقبله » كسبه ومعاشه حتى 
محدثت أكس عملية لاستنزاف العقول . وأصبحنا ذبنى وتعمر فى الغرب وبيتنا 
-خراب ٠‏ واستمرت الترجمة حتى الآن ٠»‏ مهما جعل أقصى مشروع لدينا هو 
ترجمة الألف كتاب ٠‏ وآن الكتاب يترجم لدينا أى يقرأ قبل صدوره فى بلده 
الأصلى ٠‏ فطالت فترة الترجمة الى قرذين من 'الزمان ولم يحدث ابداع بعد ٠‏ 
فى حين أن الترجمة الأولى لم يمر عليه! قرن واحد حتى يدا الابداع بعدها 
قى القرن الثانى ٠‏ وقد تم الترويج بيذنا لنظرية الصدمة الحضارية ومؤداها 
أن معدل انتاج الغرب أسرع بكثير من معدل ترجمتنا له » وبالتالى فان اليوة 
ديذنا تزداد اتساعا على هر الأيام ٠‏ فمهما ترجمنا قاننا لن نلحق به حتى 
.ذظل نجرى وراء الغرب لاهثين ثم نصاب؛ بالصدمة الحضارية أى باليأس حن 
'التقدم والتمدن حتى على مستوى الترجمة والنقل ٠‏ فما بالنا على مستوى 
الخلق والابداع ؟ وبالرغم من جهاد أنصار هذا التيار فى الحركة الوطنية 
الا أن الليبرالية قد أدت فى النهاية الى الاقطاع , وأدى الاقطاع الى ثورات 
-عسكرية انتهت بالقمع أى الى القضاء على الليبرالية كمنطلق أول ٠‏ ولم يمنء 
ذلك أيضا بفعل الغرب كنمط للتحديث فى بعض البلدان الى الانتقال منه الى: 
-موالاه الفرب ومحالفة الغرب على المستوى السياسى والعسكرى والوقوع فى 
-مناطق الدقون وسياسة الأحلاف ٠‏ لم يحاول أحد منا أبناء الجيل الخامسن 
.مراجعة هذا #لنمط للتحديث الذى كان متفقا مع ظروف عصره داءيا الى 
"تحجيم الغرب / ورده الى حدوده الطبيعية لافساح المجال للابداع الذاتى 
اللشعوب وتعدد أنماط التحديث طبقا لخصوصياتها ؛ والاستفادة من عمقها 
'التاريخى وتجاربها الوطنية وامكانيات'شعويها ٠‏ 


د لاما ب 


فبالرغم من تماين هذه التيارات الثلاثة الا أنها تبنت موقفا واحدا من 
“لغرب وهو الغرب كنمط للتحديث ٠‏ وكيا الاصلاح لاستمرار هذا النمط عير 
أربعة أجيال دون أن يتغير على يد الجيل الخامس فنشات ظاهرة التغريب »2 
.وظهر رد الحركة 'السلفية بمعاداة الغرب المبدئية دون وضع الغرب فى 
حدوده الطديعية . وجعله موضوع دراسة فى علم الاستغراب ٠‏ 


رابعا : الموقف من الواقع : 


بالرغم من تمايز 'الروافد الثلاثة فى نهضتنا الحديثة الا أنها قد يكون 
لها موقف وأحد بالنسدية للواقع وهى البيهد الثالث من الموقف الحضارى ٠‏ 
فالحركة الاصلاحية بالرغم من بدايتها بالواقع وحماسها للناس وحرصها 
.على الصالح العام وادراكها لمآسى الاستعماز الخارجى والقهر الداخلى , 
ومواجهتها لقضايا الفقر والبطالة والبجهل الا أنها أخضذت موقفا خطابيا 
.حماسيا ولم تستطع تجذيد الجماهير فى حزب اصصلاحى أى ثورى يحقق 
المشروع الاصلاحى ٠‏ وكان ذلك أحد أسباب فشل الثورة العرابية ٠‏ وفى 
الوقت الذى تكون فيه الحزب « الاخوان المسئمون » اصطدم بالساطة مبكرا 
«صراعا على السلطة لأن الله يزع بالسلطان مالا يزع بالقرآن (9) ٠‏ وما 
تسهل الانقلاب على الساطة وما أصعب أدراك المراحل ٠‏ وطاللما حصلت 
أحزاب على السلطة ولم تغير شيئًا » وطالما غيرت تيارات مجتمعاتها دون 
الحصول على السلطة » كما كاذت الحركة الاصلاحية ثورة على الواقع 
.وليس احصاءا كمياله ٠‏ كانتخطابا عن الفقر والقهر وليس تحليلا لظواهر 
الفقر والجهل لمعرفة العلل المادية المباشرة كما يفعل الأصوليون ٠‏ ولا فرق 
.فى ذلك دين الخطاب العلمانى الثورى والخطاب الاصلاحى الثورى بالنسية 
اللتدايل الكمى الواقع , كلاهما انشاء وليس علما ٠‏ فل حدثت الثورة بالفعل 
نا استطاعت أن تغير الواقع شيئًا لغياب هذا التحليل الكمى الاحصائى له ٠‏ 
بوالغضب والتمرد ليس تحليل العقل ولا بصيرة الثورة » انفعال وقتى يحرك 
الجماهير فى فورة الغضب ثم يعود السكون ٠‏ وما زال الأمر كذلك حتى 
الآن وكما يبدو فى الجماعات الاسلامية المعاصرة يتمسكها بشعار « الحاكمية» 


لام 0 


() أنض أبحائنا العديدة عن «١‏ الاخوان المسلمين » فى « الدين والثورة فى عمصر 
)١( » 1941 56‏ اليسار الدينى ٠‏ 


.- 188 


دون دترحعده الى واقع موين دلغة الفقر وتوريع الذروة أو سدياشة:” الأجور أو 
ملدية الأروض والمصنع أو درامج الدراسة أو دواع التمثيل الشعبي ودرحته.. 
وكدفدته أى تحد دل لأهل الذل والوقد على مسدتورى الحضصر ٠‏ 


أما الثيار العلمانى فاذه منعزل عن الجماهير ولم يتجاوز منافشات. 
الصالونات الفكرية ٠‏ لا تموت الجماهير فى سبيله كما تستشهد فى سبيل 
الله ٠‏ وقد تتحرك الجماهير بشعاراته التى تعبر عن مطالبها الوطنية(الوفد). 
والاجتماعية ( الناديرية ) ولكنها لا تنزل الى الشوارع أمام الدبابات لتحصد 
بنيران الرشاشات ( الثورة الاسلامية فى ايران ) ٠‏ كما أنه منءزل عن. ثقافة 
الجماهير التى لا تعى قوانين الكم والكيف ولا تفهم الذفى ولا ذفى النفى 
انما تتحرك الجماهير بالشواهد النقلية سواء من النصوص الديذية أى الامثال. 
العامية والسير الشعبية أى الشعارات القومية ٠‏ ثقافة الجماهير مستمدة. 
أساسا من تراثها القديم الحى فيها وليس من الغرب المنقول اليها ٠‏ وبالتالى 
انعءزل التيار أيضا عن تاردخ الأمة وتراثها وثقافتها وماضيها وأصديح مجرل. 
طلاء خرجي باهت ؛ أو زرع بلا جذور لا ينتظر وقت الحصاد » تذروه الرياح: 
وتعصف به الاعاصير ٠‏ لم يداول أحد حتى الآن العودة «ليى الواقع وهو أبلغ 
من كل نظرية ذورية محكمة أى الى الدس الشعبى التلقائى الذى .هو أقوى. 
من أى تصوى علمى تأريخى ٠‏ ان حكمة الشهعربالتاريفية هى رصيدها الثورى. 
وليست نظريات 'الثورة العلمية التى هى فى حقيقة الأمر مضسادة العلم لأنها! 


بلا واقع حاضى وبلا رصيد تاريخى وبلا رؤية علمية لمكونات الواقع ٠‏ 


اما التيار الليبرالى غاذه بالرغم من شعبيته وانجازاته العملية من أجل, 
بناء الدولة الحديثة وتخطيطه للزراعة والصناعة والتجارة والتعليم. وانشاء 
عدد من مراكز البحث العلمى وتأسيس الجامعات الا أن البداية لديه كاذت. 
الدولةءوكانتالانجازاتتتم ياسم 'السلطة , وكاذتالأولوية للركاسة ٠‏ فأصيح: 
المثقفون كلهم موظفين فى الدولة لا يستطيعون الخروج عليها ٠‏ وانتهى الأمر, 
فى الذورات العسكرية الأخيرة وحتى قيلها الى أن أصبحت الدولة أداة قمع 
للمعارضة أولا ذم لباقى الشعب ثانيا ٠‏ واستمدت سدلطتها من العسكر دون 
ما حاجة الى جهاز دولة ٠‏ فالعسكر قادرون على كل شىء ٠‏ ومن ثم اذتهت. 
اللييرالية الى عكس ما ندأت منه ٠‏ وبدل أن كانت الدولة تعبيرا 'عن“العقد. 


9 .هه 50 ' اك ام ٠.‏ 
الاجتماعى أصددحتك ه. دهده ومس.ءدطرة على كل سىء 1 لم يحاول أاحكد مسن. 


د ألما 


جيلنا تغير هذا الموقف من الواقع والبداية مثه دفاعا عن حقوق المواطن وعن 
حرية القول والاعتقاد ؛ والادصرار على استقلال الفكنى رممارسة حق 
المعارضة فى الأمر بالمعروف والذهى غن المذكر . ىالنصيحة في الدين ,: واعلان. 
كلمة الحق فى وجه السلطان الجاشر ٠‏ 


مازال الواقع كبعد ثالث فى موققفنا الحضارئ غير محكم الرؤية , 
ومازالت التيارات الثلاثة الرئيسية فى نهضتنا الحديثة مداخل حضارية 
للواقع وليست تنظير! مباشرا له ٠‏ اذلمك كبا الاصلاح اتذى يعذى اساسا 
الاصلاح فى الأرض ومقاومة الفساد ذيها ٠‏ أن التحدى الاساسى لجدانا هو 
مواجهة قضايا العصر الرئيسية » تحرير الأرض من الغزى الاسستعمارى 
دين الاغذياء والفقراء 0 الدفاع عن الحريات ضد كل قوآانين الذهر وأسالدب 
القمع » تدقيق الوحدة ضد شتى صنوف التجزئة » تحقدق التنمية الشاملة 
فى مواجهة ظواهر التخلف , التاكيد على الهوية الذاتية ضد صنوف التغريب», 
وآأخيرا تجنيد 'الجماهير وتحزيبها فى مواجهة سلبيتها ولا مبسسالاتها 
وسكونها ٠ )٠١(‏ 


خامسا : خاتمة , الوعى التاريخى : 


ان الموقف الحضارى هى الاشمل والاعم على الئتيارات الرئيسية الثلاث 
المتمايزة فى نذهضتنا الحديثة مئذ القرن الماأضى ٠‏ وعدم الوعى التاريخى يه 
هى السرب فى كبوة الاصلاح ٠‏ ومازالء الموقف الدضارى لم يتغير ذى أيعاد 
ثلاث : الموقف من القديم والموقف من الغرب والموقف من 'الواقع ٠أن‏ الموقف 
الحضارى الان بناء على الوعى التاريخى يقتضى أخذ موقف نقدى من القديم 
وليسالدفا ععنه ٠كما‏ يقتضى ثانيا اذذ موقفنقدى من الغرب وليس الدفاع 
عن الفرب ٠‏ ويقتضى ثالثا أخذ موقف نقدى من الواقع وليس دفاعا عن الىاقع 
كبا الاصلاح لأن الموقف المضارى فيه كان الدفاع ٠‏ ويمكن أن ينهض 


)٠١(‏ انر عرضا تفصيليا لقضايا العصى فى « التراث والعمل السياسى » الرباط 
م5١‏ 2 3 موقفئنا الحضارى 4 > عمان 7,مؤأ١‏ ,2 الفكر الاسلامى والتخطيط لدوره الثقافى 
المستقبلى » , الكريث ٠ ١18“‏ 


د ١5١أ.ه‏ 


الاصلاح من جديد ويتحول الى نهضة شاملة اذا ما تغير الموقف الدضارى 
امن الدفاع :الى النقد . ومن الحماس الى العلم . ومن الخطابة الى التحليل» 
ومن الانشاء الى الخير ٠‏ ليست كبوة الاصلاح عيبا فى الاصلاح بل عيب 
فى عدم تطوير الجيل الخامس له واعادة صدياغة مشروع الاصلاح طيقا 
لظروف كل جيل ٠‏ 


الفكر الاسلامى والتخطيط لدوره الثقافى المستقيلى 
أولا : مقدمة - د دك المصطلحات : 


نظرا لاتساع مفاهيم الألفاظ وشمول الموضوع فى مثل هذا العنوان 
« الذكر الاسلامى والتخطيط لدوره الثقافى المستقبلى » فانه يجب آولا 
تحديدها حتى يسهل استعمالها على ندى أدق وكذلك تحديد الموضوع حتى 
يمكن فهمه والوصول فيه الى نتائجع محددة ويقينية قدىر الامكان ٠‏ فتحديد 
الألفاظ شرط اتحديد الموضوع ٠‏ 


ويشمل العذوان ستة ألفاظ يدكن تحديدها على النحو الآتى : - 

١‏ « الفكر » هو كل ما أبدعه الذهن فى حضارتنا التى ورثناها مئذ 
أريعة عشر قرنا - وهو لفظ لم يستعمله القدماء بل استعملوا بدلا منه لفظ 
« علم » وكان الفكر لا يدون الا علما . أى فكر له موضوع ومنهج , غاية 
ومقصصد ٠‏ لذلك قامت الحضارة الاسلامية من خلال تاسيس العلوم , العلوم 
النقلية والعلوم العقلية والعلوم النقلية العقلية(١) ٠‏ بل ان لفظ « الفكر » 
لم يستعمل إلدلالة على «الفلسفة بل استعمل لفظ الحكمة بأنواعها الثلاث 2 
المنطقية والطبيعية والالهية ٠‏ فلفظة «١‏ الذكر » مستصدثة واردة من الغرب 
وشاءت فى العصور الحديثة كبديل عن الايمان أى كغطاء نظرى للعالم 
وكاثبات لوجود الذات ثم انتقلت الى فلسفات الحضارات فأصديح لدينا 


ألقى هذا البحث فى لجنة الفكر الاسلامى المنبتقة من لجنة التخطيط الشامل 
كلثقافة العربية التابعة للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بجامعة الدول العربية » 
الكريت ٠‏ مارس 19487 ٠‏ 

٠ والفقه » والسيرة‎ ٠ العلوم النقلية خمسة : القرآن , والحديث , والتفسير‎ )١( 
والجبر , والهندسة , والفلك ء‎ ٠ والعلوم العقلية تشمل العلوم الرياضية مثل الحساب‎ 
» والموسيقى . ومعها العلوم الطبيعية مثل الطبيعة 2 والكيمياء , والنبات , والحيوان‎ 
» ومعها أيضا العلوم الانسانية مثل اللغة , والأدب , والجغرافيا‎ ٠ والطب , والصيدلة‎ 
 هقفلا أما العلوم النقلية العقلية فاربعة : علم آاصول الدين » وعلم أصول‎ ٠ والتاريخ‎ 
٠ وعلوم الحكمة 2 وعلوم التصوف‎ 


-1١51١ 


ب (١9575‏ به 


الفكر اليوذانى والفدر أ اأسيحى والذكر الووودى ومنها شرع المستشرقون 


وأسقطناه على دذراث القدماء 


ومع ذلك فلا مشاحة من استعمال اللفا كما جرى عليه العرف , 
قالمءنى العرفى أحد معاتئى: الألفاظ طبقا للأصوليين ٠‏ الفكر فى هذه الحالة 
يشير الى:كل ها أنتجه الذهن فى حضارتنا سواء كان ذلك فى العلوم النقلية 
أى العقلية أى النقلية العقلية ٠‏ وهو للميس فكر!ا مجردا| علميا رياضيا 
خالصا بل هى فكر انسانى مرتيط بدياة الانسان فى كل أبعادها 2 حامل 
لعقائد وقيم ونظم وتشريعات ٠‏ يعطى تحسورات للعالم وموجهات للسلوك * 
هو ذكر حى فى نفوس الناس . وحاضي فى شبعور الأمة , قريب الى وجدانها 
وحياتها وتاريخها , تعتمد عليه كدجة فى الاقتاع » وتستخدمه كسلطة فى 
البرهان ٠‏ يحتوى عنى دوافع التقدم كما يضم معوقاته ٠‏ فالفكر بهذا المعنى 
يعبر عن مجموعة من الصالح المتبايتة والأهواء المتعارضة 2/2 نصدقه يؤيد 
النظم القائّمة ضد المعارضة وهى « فكر السلطة » , والنصف الآخر يعبر 
عن موقف المعارضدة ويشحذها ضد النظم القائمة وهى « فكر المعارضة » ٠‏ 
فالفكر ينتج فى أتثون الممارك السياسية كسلاح عقائدئ فى دولة مقائدية 
ولجماهير مؤمنة ٠‏ لذئك عبر فكرنا القديم فى نصفه الأول عن سسلطة الحاكم 
والطبقات الحاكمة » وفى نصفه الثانى عن ثورة المحكومين والأغلبية 
الصامتة ٠‏ الفكر بهذا المعنى هى الموروث القديم عندما يتحول فى وجدان 
الناس وفى شعور الآمة الى ثراكم تأريفى يحدد يناء الذهن ويوجه سلوك 


الذا سن وليس ذقط عقلها 0 و.جودها وميس ذقط نظرها 1 


5 ا آما صفة « الاسلامى » قانها تعنى الفكر الذى نشا من ثنايا؛ 
الاسلام وديدضدله ويعد ذشاته ٠‏ فقد عرف العرب الشعر والتجارة والديانات 
السايقة٠وكانتلديهم‏ مجموعة الآعراف والتقاليد والقيم العربية الموروثة 
ولكن لم يكن لهم فكر بمعنى علم أى حضارة ٠‏ نشا الفكر الاسنلامى اذن 
بنشاة الاسلام وهى السبب التاريخى فى تسميته « الفكر الاسلامى » ٠‏ ومع 
ذلك :هناك سيب آخر لا تاريخئى ٠‏ فالفكر اسلامى يعنى أنه ذو نمط محدد 
ويقوؤم على خصائص معينة سواء من خيك صفات الفكر العامة أو العقائد 


الذايعة منه أو القيم التى يقوم عليها أو النظم والتشريعات التى يسنها ٠‏ 


ل ككات- 


« الفكر الاسبلامى » بهذا المعنى .يختلف عن الفكر..المسيحى أو اليونانى ان ' 
الغريى أى الهندى آى الصينى ٠‏ كل فكر له طايع أي بمط آى « خصضوصية » »2 
ولا يوجد فكر عام شامل لا طابع له يمثل الانسانية جمعاء 2 ويكون فكرا 
انسانيا لا وطن لله ولا حضارة ولا تاريخ ولا مدل حتى ولى كان الفكر فى 
أعلى درجات التجريد والشمول ٠‏ لا يوجد فكر الا اذ! كان تفكيرا على ندو: 
معين ٠‏ وبمنهج مميز حتى الفكر الرياضى أى العلمى ٠‏ الفكر هنا بالضرورة 
حضارى تاريخى لأن الانسان الذى يفكر هو موجود حضارى تاريخى ٠‏ 


أما صفة « العربى » فهى تشير الى لغة التدوين لآن معظم نتاج الفكر 
دون نالفردية* الغررية: هو “اللسنان وليس. الفكر أو الطابع أ الشخصية 
أو .القودية ** وقد التبس 'علينا الأمر فى فكرنا الحديث عندما انتثشس الفكر. 
القوؤمىٍ الغرزيئ" فيه » وغرفنا الفكر الفرنسى والألمانى والانجليزى والأمريكي , 
فقلتا:- «: الفكن العربى ” أشن نشأة القومية العربية كرد فعل” علي القومية أ 
الورائية وقهاية لمكم' الخلافة وبعد أن انزوئ الفكر الاسلامى الذى تنصهر. 
ذيه القَوديات” فى وحدة متعددة أو فى تعدد موحد(؟) ٠‏ لقن استطاع الفغر ' 
الاسلامى القديم تمثيل غيره من الحضارات السابقة عليه ٠‏ اليهودية 
والمسيحية و الفارسية و«الهندية و:اليونانية ٠‏ كما دخلت فيه كثير من العقائد.. 
الشّعْبية والعادات والتقاليد والأعراف والأمثال العامية والحكم وسسير 
الأبطال وكل أنواع التراث الشعبى الشفاهى أو المكتوب ٠‏ الفكر بهذا المعنى 
« تاريخ الروح » أو « بو التاريخ » ٠‏ أها صفة « العربى » التى تستعملها 
أجيالنا الحديثة ة فانها لا ت تشير الى أكثر من « المجتمعات العربية » أى «١‏ الآمة 
العربية » التى 3 تتددث العردية والتى تعيش فى « الوطن العربى » من الخليج. 
الى المديط ٠‏ والتى تتحدث العربية والتى ارتبطت قيما بينها تاريخا وتراثا. 
وثقافة وعادات. وتقاليد فى الماضى وهموم ومصالح وهاسى فى الحاض ,. 

وتطلعات وأمال. أفى المستقبل ٠‏ لا تشير صدفة « العربى » الى قومية أو فكر 
أو تمايز خاص "فى مقابل صفة ٠‏ الإسلامى » ٠‏ بل قثا تشير الى « المجتمع. 
العربى » الذى هو جزءمن الآمة الاسلامية ٠‏ فالفكر الاسلام دضه | المجتمع 
العريى والفارسى والهندى والثركى وكل الشعوب الاسلامية الناطقة بغير 
... (؟) شير إلى ذلك القرآن. بقوله ٠‏ يا أيها. الناس , إنا خلقناكم .من ذكر بوانثى » 
وجعلناكم شهعوبا وقبائل لتعارقوا ”.)1١17 : 550( » ٠.٠٠‏ 


9 دراسات قلسفية ).ىن 


اكد ب 


العربية والتى لم يحدث فيها توخيد بين الاسلام والعروبة نظرا لوقوف حركة 


الاسلاميين 3 وآأنه ليس مدرد ندل لفكر القذ ما © و التدريف د قو عزرضدة و شر حش 
دون ها مرأعاع لظروف المحسر وأددياحات وبالتالى ديدف التلخطيخل ددجاو 
خطأين شائعين : 


10 4 التعامل مع القكر كخارط غير متجانس 3 كمذاهب وعقبائد 
ونظريات -وذظم متضاربة عشوائية لا رابط بينها « ليس لها ظروف تاريخية 
معينة ستاغدت على ٠‏ افرازقا ٠‏ فتهعزض نظ, ريات التشبية والتذز يه 2 النقل 
والأنة 3 الأخر وَالَيائّ « ٠‏ القض والمضلحة 2 الفناء والبقاء + » الع ٠‏ كاي 
نظريات متعارضة . متّساوية فى القيمة ( فديحدث التشتت »2 وتتكافقٌ الآدلة ٠‏ 

بن نقل. ذلك كله وعرضه للفحدثين دون ما مراعاة لظروق .العصر 
التى تحتم أختيار نظرية. دون أخرى أى اسقاط الظروف التاريخية الخالية. 
من الحساب وكاننا تعيش خارج التاريخ مع أنها كانت حاضنزة فى الفكر 
القديم : هأ ذأ كم إالاذ تيار قاد ذه دحدث رقا 1 الاخديار الأول : االتشكدبيه انون 
التزيه 0 والذقل دون . العقل والجدر لا الاختيار 0 والطاعة لا الخروج 3 
والايْمان دون العمل ؛: والفيض دون القدم » والأثر وليس الرأنى ٠‏ والنض. 
وكيس المعدتحة ,2 واآفثاء ولوس اليقاء. + فى الخ « ودون ماغرض. للظروف. 
التاريّخية القديمة والضزاعات الاجتماعية والسياسية التئ كانت وراغ هذا 
الاخثيار الأول ٠‏ منغ أن ظروف العصى الحالية قد تحتم الاختيار الثاتى .. 
الثزيه دون التشبيه 0 والعول دون الذقل 2 والا.دتيار لا. الجبز' » والخروج 
له الطاغة 1 والعيك دون الايمان 5 والقدم ادوئ القئض ٠‏ ى آل رأى: لا الاثر 5 
والمصبلهة ل“ إلخص 0 والدقاء وليس القناء و ف * الخ 


(0) تظهر صفة « العزبى » فى صياغة السؤال الأول .مدى مانمكن أن يسنتلهمد 
المجتمع العربى فى يمه المستقبلية وذظمه وتشريعاته عن «بادئء الاسلام وروحه , 
فالصفة هنا للمجتمع وايس للفكر ٠‏ 


بعنى اذن التخطيط شيدين : 


) أ ( معرفة الظر روف التاريخية القديمة التى كانت وراء نشأة الأفكار 

ظ (ب) معرفة الظروف الحالية التي تميش فيها الأمة التى تحتم افوان. 
خاصة وأن الآمة قديما كاذت مدتجبرة مدقدمة مو حل والأمة الآن. مهزومة., 
ولا بعذى 0 التخايط ») مدرل وضع دزاهمج عملية كما دحدث فى تخطيط 


القندية .بل يعنى التخطيط الشامل ابتذاء هن التصؤزات والرؤى والقولات 


والمقاهيم والألقفاظ المسثعئملة أي أنه تلخظيط أفكرى وذهنى أخثر مئة تخطيطًا 
عدلذا آجر ائذا 


أما «:الدور © فانه يعنى أن الفكر الاسلامى وتقطيطه لا يعني 
مجرب عؤض نظزى لأفكار القدماغ أى تى الاجتهادات المحدثين اختيلارا 
أى أبداعا١فل.ويغنى‏ أن .القكن دون دور يرّدفهءى مهمة ايقوم بها » وقاعلية يحققهاء 
وهدف يسعى اليه ٠‏ فذحن أمة بدأت بالذكر , وقامث على أساس الفكر 
ممثلا فى التوحيد ٠‏ وقد كان للتوديد دور فى التاريخ في خلق وحدة فكر 
الآأمة : ووحدة حضارتها » وؤخدة ششيعويها ٠‏ ليس دون اللمفكن الاسلامى 
اذن 'التفرج على ٠‏ الذكر القديم أو غرضه أق اختزار حلوله اختيارا عشوائيا 
طبقًا للاختصاص١اثى‏ 'للمزاج أى الاهتمام أى للتكس ب والتجارة أى بدافع 
التدرخ الوظيفى. أرازقا بالمهنة وكسبا للجواكن والمشح ٠‏ بل يعنى أن الفكر 
الاسلامى له ذور كما كان لاوحى دور ٠»‏ وهى ارثقاء الجنس . البشرئى وتربية 
الافسانية حتئ ينتهى هذا الدور باكتمال الوعى الانسانى واستقلاله عقلا 
وارادة * وعن دم قوم على خطة مقصودة يهدف الى تحقيق غاية قصوى 
فى الذياية ٠‏ وقد ظهرت الغائية فى عقيدة الصلاح والأضلح » وفى الشريعة 


سيت عن بين وسيم مس عسي مسيم محم موي ميت ص سين جو أذ مي حصا صصم لصيو 


ع( د ١‏ حسن حنفى : التراث والتجديد » موقفنا من التراث القديم من 3118-1169 
اللمركن العردى اليحث والنشر » القاهرة ٠ ١58٠‏ 


دكؤوات 


قى تعليل الأحكام بغاياتها 2 وفى التصوف فى اعتبان الانسان قصدا نحو 
هدف ». وفى الفلسفة فى اعطاء الآولوية للعلة الغائية ياعتبارها علة فاعلة(0) ٠‏ 


4 ب والدور هى بالضرورة دور « ثقافى » وليس دورا سياسيا »2 أو 
اجتماءيا أى اقتصاديا مباشرا ٠‏ فالدور يتحدد فى 'الفكر . ويقوم به الذهن ,2 
يتعامل مع التصورات العقلية والقوالب الذهنية . فنحن مجتمع يعيش على 
الفكر » ويتوجه بالتراث ٠‏ وذلك ليس مثالية واعطاء 'الأولوية للفكر على 
الواقع بل هى عين الواأقعية ووصف الحقائق كما هى عليه ٠‏ انما التعارض 
بين الفكر والواقع وأولوية كل منهما على الآخر بالتبادل طبقا للمذاهب 
الفلسفية .انما أتانا من 'الفكر الغربى ٠‏ فقد نشأ هذا 'التعارض فى أول العصور 
الحديثة بعد تعرية الوعى الأوربى هن غطائه النظرى الدينى القديم وحين, 
بد الفكر يضع ذاته ويستنبط الواقع منه ( ديكارت ) أى يكون مجرد رصد 
الواقع ثم يتم تجريده بالفكر ( بيكون ) ٠‏ واشتداد الصراع بين الثالية 
والواقعية ٠‏ وهذا كله لا شان لنا يه ان أن الواقع لدينا مازال يقبع تحت غطائه 
النظرى, ,القديم لا.يحتاج الى تفسيسر جديد .٠‏ كما أن الفكر لدينا » وهى الوحى» 
قائم على الواقع منذ 'البداية فى « أسباب النزول » وفى « الناسخ والمنسوخ » 
وفي الاعتراف بالقدرة والأهلية 2» وعدم تكليف هالا يطاق الى آخر ماهو 
معروف من ميادىء الشريعة ٠‏ 


وربما كان أحد أسباب الردة فى الثورات العربية المعاصرة هى انها 
جاولت تخطيط دور فى المجتمع بتغيير الابنية الاجتماعية: والمسياسية 
والاقتصادية دون تغيير ممائل على مستوى الأبنية الثقافية والقوالب الذهنية 
فانقلبت إلى ثورة مضادة » سواء على مستوى الأبنية التحتية ( العودة الى 
الرأسمااية ) أى على مستوى الأبندة الفوقية ( الحركة السلفية ) ٠‏ 'وأصبحت 
الثورة المضادة على المستوين معا تقدم نفسها كبديل حتمى للثورة. العربية 
كلها » وظهرت الحركة السلفية كبديل حتمى مطروج للحركة العلمانية كلها ٠‏ 
وضعت الثورة العربية المعاصرة العربة أمام الحصان لدى شعوب., تتحكم 
أدنيتها الثقافية وقوالبها الذهذية فى نظمها الاجتماعية وأوضاعها السياصية: 


() د١٠‏ حسن حنفى : لسنج : تربية الجنس البشرى ٠‏ دان الثقافة الجديدة , 
القاهرة , ///ا19 ء, دار التنوير » بيروت ٠ 198٠‏ 1 


5ه 


هما كان ؛سهل من تغيير الأوضاع والنظم بقرارات من السلطة , مرة شرقا 
نوهرة غريا 2« ة .اشر اكية ومرة رأسمالية ٠‏ والأبنية الذهنية لم دَد _ تتغير بل 
.ازدادت. سوا كرد فدل على ذهجر برء المذاهب العلمائية وهزاكمها ٠‏ 


الدور الثقسافى ادن هو الأبقى »2 وهو الأقدر على الحفاظ على كل. 
.مكتسبات الثورة العربية المعاصرة بل, وعلى مكتسبات النهضة التى بدأتاها 
فى القرن لماضى ان كانت مازالت ياقية ٠‏ الثورة الثقافية هى الثورة الدائمة , 
الثورة التى تغير مجرى التاريخ ٠‏ الثورة الد ى تنبع من « روح التاريخ . 
أي تنبئق من ء تاريخ الروح » » والتى لا تنشبب فقط من مجرد انقلاب عسكري 
اللاستيلاء على السلطة ٠‏ يقوم بها الضباط الأحرار أى التنظيمات السرية سواء. 
كانت اسلامية أى ماركسية(1) ٠‏ وبطبيعة الحال » يكون ذلك دور المثقفين ٠‏ 
افليس المثقف هو التعلم أى العالم بل الذى تحولت الثقافة لديه الى وعى 
يائذات" وبالتاريغ * ويس مصدر الثقافة وحده هو المكتوب بل قد يكون 
الشفاهي وبالثالى يكون' أيضا للمثقفين العاميين . دور من خلال الترانف* 
:الشفاهى ٠‏ وقد كان الوحى تزاكا 'شفاهيا قبل أن يصبح مدؤنا ٠‏ 


51 والتخطيط 'لهذ! الدور هف الذى سيكشف اليعد المستقيلى فى 
بوجدائنا اللغاصر وحجذوره فى الفكر الاسلامى ٠‏ فالمستقبل هو هم الجميه 
لا هزوبا :من الماضى وكرد فعل على الحركة 'السلفية وعلى نقيض منها أو: هربا 
من الحاضير وكرد فعل فعل على هزائمه وكان المستقبل سياتى معه بحلول للحاضر 
رجوعا الى الؤراء بل يعنئ المستقيل:رؤية شامظة 'تضع الفكر الاسلامى فى. 
منظور تاريخى , وكحلقة متصلة من :الماضى الى الخاضر : ومن الحاضير الى 
االمستقيل » دون اخراجه من الزمان أو ايتساره فى أحدى لحظاته٠ويقوم‏ بهذا 
الدور عدة أجبال وليس جيلا. واحدا لأنه « مشروع رؤية » تتحقق على فترات 
'فالتازيع" مراحل ..والأجيال متعاقية » والادوار متصلة. * 
والتعرض للمستقبل ليس تيعية للدراسات المستقبلية أي علوم المستقبل 
:المعروفة فى الغرب:و التى أصبخت يريقا عند المعاصرين منا ؛ ومفتاجا سحريا 
(1) اذْظر دراستنا ٠:‏ الضباط الاحران المفكرؤأن الاحرار ؟ 56, قضنايا عربية : 


اسَبِثشس'( أيلول ) 1575 '* « الدين والثورة فى مصر 15519 22941 ٠‏ 
)١(‏ فى الثقافة الوطنية ٠‏ 


5 


لشاكل الجيل بل ضدزورة داخلية للفكر الاسلامى نظر! لامتداد -جذوره في 
الماضى .: وتراكمه ذئ- الحاضر وترسيه فيه ٠‏ وبالتالى يكون بعده المستقيلى 
ضرورة تاردذية نظرا لامتداده فى الزمان واتصال أبعاد الزمان الثلاثة. ٠‏ 
كما أنه لم يغب عى تراثنا القديم ى أمور المعاى فى علم أصول الدين » وقى 
الاتصال بالعقل الفقال وخلود 'النفس فى غلوم الدكمة 2 وفى تطور النبوة: 
ومسثقبلها ودور الولاية زالالهام والغاية فى علوم التضدوف ٠‏ وكما ظهر. 
فى مقاصد الأشريعة فى :علم أصؤل الفقه " وبالتالى فان هم المستقبل موجورد 
فى الفكر الاشلامى الا أنه كان هما دما سيحدث بعد الموت ٠‏ فقد كانت 'الدثيا 
عش. القدماء تّدذت سديطزتهم , وكانوا سادتها- فى حين أن المهم لدينا شى هم, 
الدئنا بعد أن فقذنا .سيانتنا علدها ١‏ واصبم غيرنا-.هم سادتها وسادتنا -. 


وفى النهاية » يصعب على اللفكر فى أمثال هذه الموضوءاتٍ | أن يجد. 
وسطا متناسيا » وميزانا متعادلا بين العلم والحماس ٠‏ بين العقل والانفعال, | 
بين الموضوعية والغضب ٠‏ بين التدليل والصرخة ٠‏ بين الفكر 'والالْم 

فالمفكر هئا محلل ذاته , ويصف واقعه » ويعير عن همه بلفة العقل ودرود. 
المذهج ق شبشبوع الموضوعية ٠‏ كما أنه يصمعب علده ايجاد لغة متسقة بين 'التعبير. 
عن الأشياء ذاتها أى عن 3جارب الأنا والندن 'التى هن خلالها تظهن الاشياء ١‏ 
وبالتالي. يترد المأكر بين مير الغائب للاشارةالىالاشياء وبين ضمير المتكلم 
للاشارة: النى التجارب الذاتية ٠‏ ومع ذلك فان تحليل التجارب المعاصرة التى 
يعيشيا الجميع تكشف عن إلادة العلمية أكثر مما تكشف عزهيا المسواد. 
المكتوبة قى الحراجع العلمية القديمة والحديثة ٠‏ فهذه.أيضا كانت تجارب. 


غَذد أصنحا يها ْم تحدولت الى تاريخ 1 


ثانيا : مدى مايمكن أن يستلومه المجتمع الجريبى فى قيمه المسثقيلية. 
ونظمه وتشريعاته من ميادىء الاسيلام وروحةه : 


فى حقدقة الأدز » :يضدحب القدييز بين الأمثلة الثلاثة المطظروجة أذ أنها' 
متداخلة فيما دينها ٠‏ فمبادىء الاسلام وروحه التى يمكن للمجتمع التعربى 
ودالتالى فانها لا تعرض الا فى. اطار التحديات المعصاصرة ولا نفصل عن. 
قضايا العدسر وعشكلاته وتحدياته ( السؤال الثانى ) ٠‏ وكلاهما لإ ونفصلان. 


1١55 


عن قدرة الفكر الاسلافى. على استشراف المستقيك ( الشؤال الثالث ) ”,م 
فالمستقبل هى مصير مشكلات الأمة وطرق حلها ٠‏ ومع ذلك فان السؤال الأؤل 
يغلب عليه التساول عن القيم النظرية التى يمكن أخذها كأساس للمجتمع 
اتعربى فى لحظته التاريخية الراهنة فى خين. أن السؤال القسانى يعطى 
الإجابات الءعملية على قدرة هذه الؤيم على قبول الدخول فى تهديات: التغضر ٠‏ 
آما السؤال الثااث فانه دتوجه ندر المنجزات العملية لتحقيق رؤية مستقيلية: 
لتاريخ الأمة طالما كانت هذه التحديات مازالت قائمة منذ فجر النهضة العربية: 


الحديثة حتى الآن ٠‏ 


ودمكن تخدايد هذه المناتزىء والرؤح العامة الأتى يفكن أن يسكلهمها:* 
العرزنى فى ينه المستتقئلية ونظمه وتشزيغاته على النجص الآتى : 





2١‏ العقل : الإسيلام دين الذقل . وذلك بنضص القرآن الكريم الحتديش. 
وتاجتماع الأفة ورأئ العقلاء(9) ٠‏ وقد قامت الحضارة الاسلامية كلها على. 
العقل ٠‏ وظهر كاسنامِل فىئ. العلوم العقلية وفئى العلوم النقلية الؤقلية 
فالعقل أساس النقل عن المهتزلة ٠‏ وأن كل الدجج النقلية حتى لى تضافرت. 
لاثبات شىء على أنه يقينى لما أصرئح كذلك وظل ظنيا لا يتحول الى يقين 
الابحجة عقلية ولى واجدة ياجماع الأشاعرة ٠‏ والعقل الضريح موافق للنقل, 
الصحديح عند جمهور الفقهاع 2 والقيساس أصل من أصول الشريعة عذد 
الأصوليين » وآن ابمان المقاد لا يجون ٠‏ والحكمة والشريعة أى الفلسفة: 
والدين متحدتان بالظيع متتحادتان بالغريزة عند الحكماء. . والعقل فى الله 
عند الفلاسفة , والعقل الفغال موظن العلوم والمعارف . وغناية الانسان 


الاتصال به والاتحاد معه ٠‏ بل إن الغقل لا يعغارض الذوق بل يفهمه ويعقلهم 





2 2 مي سيم تشتيم وس يست عع طب سم لصون تسبي حمل 


0) ذكر « العقل » فى القرآن 44 هرة فى صيْغ « تغقلون + (4؟) , « يفقلون »م 
((؟5 )2 ثمه عقلوه » » « نعقل » , « يعثلها » وفى صيخ فذلية كلها تدل. على فعل. 
افتعقل , والصيفة الأولى تكون غاليا استفهامية تدل على الاستنكان « أفلا تعقلون ». 
(؟١)‏ أو على التمنى والرجاء « لعلكم تعقلون » (8 ) أى شرطية « ان كنتم تعقلون ». 
٠ )1(‏ والصيفة الثأنية أشهرها « أن فى ذلك لآيات لتوم يعقلون » ( 8 ) وثتراوح 
نِيِن الاثبات « يذقلون » ( )١١‏ أى استنكار النفى « لا يعقلون ».( ٠ ) ١١‏ وفى الحديث. 
« ثول ماخلق الله خلق العقل ٠٠٠‏ » على مايذكر الصوفية والفلاسفة الاشراقيون. ٠‏ 


ع أكثآه 


«ما هى الحال فى حكمة الاشراق ٠‏ وعندما ترجمت الحضارة الاسلامية فى 
العصر الوسديط المسديحى ساعدت على اثماء الديار العكقلائى.فى الفكر 
المسيحى وفى يدايات العصور الحديثة حتى أصريح :الفيلسوف مرادفا للمسلم» 
والاسلام مرادفا لافلسفة ٠‏ وقد ظهر ذلك أيضا فى معظم كتاياتنا الاصلاحية 
وأدبياتنا. الحديثة التى بها ندافع عن الاسلام ونميزه دها عن غيره هن 
الديانات * 


والغريب أن مجتمعاتنا الحالية تشكى من اللاعقلانية » وتئن تحت وطأة 
الأسطورة » وتجعل الحركةالاسلامية النقل أساس العقل؛ وتحول علم أصول 
الدين الى علم نقلى خالص « على. المؤمن أن..يؤمن يخمسين عقيدة. ! » كما 
.يدرس حاليا فى مماهدنا وجامعاتنا الدينية ٠‏ كما تحول علم أصول الفقة 
الى علم نصى خالص ٠‏ وام يعد الاجتهاد ممكنا الا فى حدود اجماع القدماء 
.واتفاق .المذاهب الأربعة. ٠‏ وتحولت الحكينة الى. اشراق: » وضاع مذها جانيها 
العقلى:.؛. وعم':التصونفب .2 وانتشرت .الطرق . الصوفية ٠٠؛‏ ؤظهرت مكانة 
القديسين :والأولياء فى ممارساتنا الشعبية : يحارب الملائكة مع المسلمين , 
.ويعبرون القناة معهم . ويزداد: الممصول معجزة.من عند الله 2 ويظهر النفظط 
«توفيقا من الله ؛ وينطوى الندات على نفسه اذا مانبت فى الفضاء خشية 
-من آلله 2 ونكفر كل من يحاول ربط الأسباب بالمسببات ٠‏ ويتحدث الدعاة 
أمام أجهزة الاعلام عن قصور العقل عن ادراك الحقائق العليا أو عن عجائبا 
الكون التى يقف الانسان أمامه فاقد الوعى والاتزان ٠‏ ومازلنا ندعو الئ 
العقلانية مئذ فجر النهضة العربية الحديثة ولكنها. عقلانية الغرب ,2 عقلاذية 
ديكارت وكانط وهيجل » ونقراً من خللها حركة. الاصلاح الدينى دون أن: 
.نحاول تأسيس .العقلانية المعاصرة أبتداء من التراث العقلانى الاعتزالئ 
الفلسفى القديم الذى كان وراء عقلانية الغرب ٠‏ 


ب الطبيعة : والطبيعة قيمة ثابتة فى الوحى منذ 'البداية عن طريق 
:تسنذير. كل هافى: الكون:.لصالح الانشان(8) .*. 'الشمس للدفء ٠‏ والقمر 

'* (8) تكرر فعل ه سخ » فى القرآن 54 مر ١‏ “منها فى صيغة فعلية . فعل 
الله أصالح الانسان وموضنوع للتسخير الشنمس والقمر ( 5 ) , البحر ( ؟ ) ٠‏ مافى 
السموات وما فى الأرض ( 5 ) , الجبال ( ؟ ) », الريح (؟ ) », البدن (؟ ) »2 ومرة 


2ن 


للذؤز , والكؤاكب والنجوم هداية » والأرض السعى الرزق , والمأءٌ والهواء 
والزرع للحياة » والجبال للسكن: » والخديد :فيه بأس شديد ومنافع الناس + : 
والسدك والطير للطغام . والاتعام للانتقال ٠‏ قوانيثها ثابتة ودائمة يعرفها 
الانسان بالملاحظة والتجرية والعقل والاستدلال ٠‏ ويسنطر عليها ‏ » ومن خلالها 
يدسيطنز على الكون » فالانسان سديد الكون ٠‏ مظاهرها آيات , والآية ظاهرة, 


طديعية وذنفس 8 وكلاهما موضصوع تأمل واستيصار ٠‏ 


وقد ظهرت الطبيعة فى تراثنا القديم فى العلوم العقلية الرياضية. 
والطبيعة خاصة ٠‏ وأاصبح «١‏ تاريخ العلوم عند العرب » نموذجا يحتذى به. 
فى العصر الوسيط الأوربى » وكان وراء النهضة العلمية الأوربية 'البحديثة ,. 
وأصبح من أهم موضوعات معاهد::« تاريخ العلوم » ٠‏ فقد أقر .الفلاسفة 
حتمية قوانين الطبيعة(9) ٠‏ وأصدبح الوحى والطبيعة يقودان الى حقيقة. 
واحدة ( حى بن دقظان ): ٠‏ وقالت المعتزلة بالكمون والطفرة والتولدى .٠‏ 
وكانت الطبيعة عند علماء أصول الدين طريقا الى اثبات الصائع » وموضوعا' 
للعلم سابقًا عليه وأصبحت الطبيعة. عند الصوفية الها تتوحد معه فى وحدة 
الحق والخاق » أو على أقل تقدير مرأة تعكس ذات الله ٠‏ فالآية ليست فقطٍ 
الوحى القرآنى بل حادثة: طديعية ودليل لاثيات وجود الله ٠‏ وأقر علماء 
أصول الفقه بوجود الطبيعة الانسانية » فكل داهو طبيعى شرعى ؛ وكل ماهو 
شرعى طبيعى ٠‏ الحلال طبيعى » والمباح طبيعى ٠‏ والانسان على الفطرة 
والبراءة الأصلية ٠‏ الضرورات تديح المحظورات + ولا ضرر ولا ضرار 2 
والمصاحة أساس الشرع ٠‏ وكان العمران الاسلامى القديم سكنا فى الطبيعة 


د 02 


دما ذيها من شواء و شدهمس وزرع وماء وردح وردحان: 


واحدة لكل من الفلك ٠‏ والأنهار ٠‏ واكليل والنهار . والشمس والقمر , وما فى الأرض. 
وهذ! . والسحاب , والشمس والقمر والنجوم ٠‏ والنجوم » والطير , أنظر أيضا بحثنا ': 
طعنفعء7 57 38401 عتسرواه1 نه ,ع 7لمطوك8 عه عم لعزا رع ماك 1202121 
«أتتطمنمه عط ,لعطوعوع5 08 1ه طت0:0-مه 20 عستصطقام "ه28 العستامنة: 
01111 9 15 68011068 0131ة[1 .طءتوع8ع15 0162160 ع نااك 2م10 عع 
0 ,317606 101861576 
(4) ذكر لفظ سنة ١١‏ مرة فى القرأآن , منها مرتين جمع وفى مقدمتها « ولن 
تجد لسنة الله تبديلا ه» ( 48 : 1" ) « ولن تجد لسنة الله تحويلا » (08" : 1# ) ٠‏ 


ب 8١75ب‏ 


بولكينا أسطقنا .الإطبيعة .من الحسإبءوجولناها الى سلب مطلق»موجود 
-حادث » .شر مجرم ٠‏ لا قوام لله.ولا كيان ٠‏ ايثارا بلا بوراء الطبيعة , وتمييزا 
لله ,باميقاء_وجده ٠‏ قدمنا الطبيعة بإيدينا » .وقضبيبا على استقلالها وثيات 
قو اذيذها ٠‏ ,وتحولت الطبيعة من .آيات أى دلالات .وعلامات وظواهر طديعية 
الى إيات يمعنى معجزات أى الخرق المستمر لمقوانين الطبيعة ٠‏ فانتظرنا 
المعجزات . وطلينا المدد هن السيماء . وشحذنا النصر من عنده تعالى 
النصر فى الحرب معجزة » واكتشاف النفط معدجزة » ووفرة المحصول 
.معجزة »2 واصلاح الضرف الصحى معجنزة ٠‏ مع أنه لا معجزات فى 
الاسلام(١٠٠) ٠.‏ .فقد تحولت المعجزة الى اعجاز أى الى تحد للقدرة البشرية» 
كاذت المعجزة موجودة فى مراحل الوحى السادقة وأدت دورها المحدود فى 
ايمان البعض ولكذها انتهت فى آخر مرحلة من مرا حل الوحى اعلانا لاستقلال 
العقل والارادة وقواذين الطديعة ٠‏ كما تحولت الطدريعة فى وجداذنا القومى 
'الى محرمات فى معظمها حتى أصيم الانسان يدين نذفسه » وجوده وغرائزه. 
عواطفه وانفعالاته 2 احساساته ومطاليه ٠‏ دل قد تربى لديه احساس بالذنب 
فى كل لحظة عما يقول ويفعل وعما يدس ويشعر ٠‏ وأصبح سلوكه سبلبيا 
خالصا بناء على مجموعة من الذراهى يلتزم بها فتوك لديه احساس بالكبت 
'والحرمان فينتهى اما الى المرض أو الغضب ٠‏ وتحولت براءة الاسلام الى 
خطيئة المسيجية ٠‏ وبدل أن تكون الطبيعة طاهرة القينا عليها الأوساخ فغابيت 
النظافة ٠‏ لم تعد الطبيعة دليلا على وجود الله , فالله فى القلب يظهر عند 


العجن والبلاء « عند الضي أو الحاجة 0 


*" ب الإتسسان : الانسان قيمة بنص القرآن 2 خاق فى أحسن تقويم ,2 
خليفة الله فى الأرض ٠‏ كرم فى الير والبحر 2 وهب العلم والحواس والقاب 
والفؤاد ٠‏ خلق على صصورة الله ومثاله . سود الكون »2 تسجد له الملائكة , 
:ويعاقب من يعصى السجود ٠‏ أعطى له الوحى » وأصبح كليما لله » طرفا معه 
تمى الحوار » حرا مسؤولا » ساعيا فى الدذيا ٠‏ كادحا فيها 2 بصير! على 
-نفسه(١١) ٠»‏ 

* ) 052: ١1 ( » وما منعنا أن نرسل بالآيات الا أن:كذب بها :الأرلون‎ « 06٠١( 

٠ مرة‎ ٠0 يذكر الانسان فى الترآن 590 مرة كما يذكر ادم أى الانسان الأول‎ )١١( 
بمعنى‎ ) ١ ( فى هقابل الجن , أناسى ( 5 ) بمعنى قوم , انسى‎ ) ١18 ( كما يذكر الانس‎ 





يه اننا 7- 


وقد ,ظهر « الانسان » فى الفكر الاسلامى القديم متخفيا مرة ٠‏ وظاهرا 
-مرة أخرى , متذفيا فى علم أصول الدين كانسان كامل ٠‏ موجود ؛ قديم , 
دياق » ليس فى دحل , لا يشبه الحوادث . واحد أى وعى خالص منزه »2 
.عالم ».قادر .»ء حس ٠‏ يبويع ..يصير » متكلم » مريد أى وعى مدرك فعال ,2 
وكأن الله وصفب نفسه بصفات الانسان "تأئيسا له أو أن الانسان وصف الله 
دجيفات .نفسه تاليها لها ٠‏ كما ظهر الانسان فى علوم .التصوف أيضا هى 
-نظرية « الانسان الكاهل » تأكيدا لا وصل .اليه علماء .أصول الدين حيث لم 
.يعد .هناك فرق .دين الانسان .والله ٠‏ وظهر أيضا فى علوم الحكمة » الاذسبان 
.محون للكون ٠‏ عالم آصبغر في هقايل .عالم ‏ أكير 2 وهى الطبيمة ٠‏ وبرز فى 
.علم أصول. الفقه على أنه الانسان الموجود .يلحمه وعظمه »2 يحافظ على 
صالده وضرورياته : الحياة » والعقل » والدين » والعرض ؛ والمال(؟١) ٠‏ 
.وقد كان الانسان أحد مشاكل ذهضتنا المعاصرة كلها ٠‏ فمازال الانسسان 
.لا يعيش 5ثقيمة فى وجداننا المعاصر ٠‏ الأولوية دباسثمرار لغيره , إله أو 
.للحاكم . للماضى أى لانص ٠‏ ليست له أوصاف ذاتية خالصسة , لا يؤمن 
.نظام واحد بوجوده » يمكن أن يعتقل أى يفصل أى تختفى به الأرض فلا يعلم 
أحد عنه شيئًا ٠‏ مازال الله محور الكون وليس الانسان ٠‏ لم يسترد الانسسان 
.ضفاته بعد ٠‏ وظل وعيه خارجا عنه(؟١) ٠‏ هناك انسان أوحد وهو الزعيم 


أقرب آلى آلاله دك الى الانسان 0 للا يستطيع أحد الحديث عنه أو نقده اق 





ناك 
يشر ٠‏ ويتحدث القرآن عن أصل الانسان ( ؟١‏ ) وضعفه ( 95 ) الذى يشمل حدوده 
.-متل ذكر الله ساعة الحاجة ونسيانه له يعد الاجابة , والظلم , والكفر , .والبخل 2 
.والجدل , والعجلة , والجهل ٠‏ والوسوسة . والهلع » والغرور . والطغنيان » والجحود ' 
.ومع ذلك فهو مكرم « ولقد كرمنا بتى آدم فى البر والبحر » ١7(‏ : ل ) ,2 فى أحسن 
تقويم «الحقد خلقنا الانسان فى أحسن تقويم ٠‏ (:990 : 5 )ء علمة الله « علم.الانسان 
مالم يغلم » ( 45 : © ) , خليفة الله فى الأرض « واذ قال ربك -للملاتكة انى جاعل 
فى الأرض خليفة » (“ : ٠١‏ )2 ديا داود انا جعلتاك نخليفة فى الأرض فاحكم بين 
#لناس بالحق » (58 :560 ) ٠‏ 

(11) دء حسن حنفى : لاذا غاب مبحث الانسان فى تراثنا القديم ؟ .المستقبل 
#لعربى ٠‏ اكتوثر , 13135 , وأيضا دراسات اسلامية , القاهرة ٠ 1١54١‏ 

)١19[‏ أنض بحثنا : هآ ,عتعه[مممنتطاصة ناو عتع1116010 

رمم !نط8 ,5م1011 رعطوعةق 110806 1ل عع طددة إقاء ]1 


20000 0- 


الخروج عليه ,'توهئ وحناه الانسان- 'الكاذل » وما دونه يتعلم' منه ؤدتتلمة 
غليه 0 دطيع أوامره وذو أهيه ٠.‏ 0 
.لؤد حاوالت الثورات العربية المعصساصرة تغيير الهياكل الاجتماعية. 
والسياسية زالاقتصادية ولكن ظلت قضية. الانسان معلقة .٠‏ يل كثيرا :ماكانت, 
تذدهك كرامة. الاذسذان..وحريته وحقوقه الطديعية ياسم الثورة . وظل المغرب. 
ديزهو علينا أنه الوحيد صاحب حضارة الانسان 0 فقيه نشاً المذهب الانسانى 
3 منذ_.فجر النهضدة.. الدديثة حتى اعلان حقوق الانسان"* وتأتى. 
اللجان عندنا لتكتب تقارير عن حقوق الانسان فى مجتمعاتنا العربية فتجدها 
منتهكة ضائعة بالرغم من توقيع النظم القائمة على وثيقة اعلان حقوق 


٠! الانسان‎ 


5 ل ائحرية : والدرية أيضا منصوص عليها فى الوحى وفى سير, 
الخلفاء )١5(‏ !الا يملك انسان لانسان أمرا ٠‏ وكل انسان مسؤول », الزم 
طائره فى عذقه , لا يحمل وزر أحد » ولا يخلصه أحد ٠‏ والحرية ندتيجة للعقل, 
والتمييز ٠‏ فالعقل استدلال حر والحرية اختيار للارادة طبقا لاستدلال العقل». 
الضمير حر 2 وشعور الانسان حر حتى .من قبضة فرعون 2 ومستقل عن. 
الشعور الجماعى العام(5١) ٠‏ والتوحيد تحسرر للوجدان البشرى يفعل 
الشهادة ؛ ذفى كل ما يقهر الشعور ويكيله فى فعل النقى ١‏ لا اله » ثم اثيات. 
الفعل الحر فى فعل الاثبات « الا الله » ٠‏ وهذا هى المعذنى الذى أعطته الثورة. 

)١4(‏ مثلا « كل ألزمناه طائره فى عنقه » (/ا١‏ : 1١+‏ )2م وأن ليس للانسان 
الا ماسعى » ( 07 : 75 ) , « بل الانسان على نفسه يصيرة » ( هلا : ١4‏ ) , كذلك 
« لا اكراه فى الدين ٠‏ قد تبين الرشد هن الفى » ( : 5 ) ٠‏ وقد استعمل لفظ. 
الكسب فى القرآن 11 مرة للدلالة على حرية الانسان ومسؤوليته عن عمله مثل « كل, 
اعرىء بما كسب رهين » ( 5 : 1١‏ ) / « تلك ثبة قد خلت لها ماكسيت ., ولكم 
ماكسبتم » (” : «٠ ) ١78‏ لها ماكسبت وعليها ما اكتسبت » (؟ :5856 ) ٠‏ ومثل 
قول عمر المشهور « متى استعيدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا ؟ » '. 

(15) وهو مايشير اليه القرآن بقوله « وجاء رجل من أقصى المدينة يسبعى قال 
ياموسى ان الملا يكتمرون بك ليقتلوك » ( 748 : ٠١‏ ) , « وجاء من أقصى المدينة رجل, 
يسعى: قأل ياقوم اتيعوا. المرسلين » ( ١ ٠١ : 5١‏ ل 0 رجل مؤمن من آل في عون 
يكتم ايفانه أتقتلون. رجلا أن يقول ربى الله » ( ٠‏ ؟ ١)‏ 


ب 75١9‏ ب 


الإسبلامية فى ايران لشعارها ,م الله. اكير قاصم الجبارين » فالتوحيد تحرر 


وقد أكد الفك. الاسلامى على ذلك خاصة عند المعتزلة فى اثبات حرية 
الاختيار واثبات الاستطاعة قبل الفعل ومع الفعل ويعد الفعل . واثبات 
قانون الاستحقاق ٠‏ والمسؤولية عن الأعمال والا استحال الحساب والغقاب ٠‏ 
كما. أكده علماء أصول الفقه الذين أثبتوا للمكلف قدره على الفعل ». ومثعوا 
تكليف مالا يطاق » وأن العقل شرط التكليف لأنه مناط الحرية » وأن الصبية 
والمجانين غير مكلفين ٠‏ العلم والعبودية لا يجتمعان ٠‏ فالعبد الذى يتعلم 
يتحرر » والذنب الذى يقترف يدم التكفير عنه بتحرير عبد ,. والأمة التى 
تلد تصبح حرة بفعل الأمومة ٠‏ والحرية شرط الامامة حتى لا يكون. الامام 
تايعا لسيد آخر ٠‏ كما أنها شرط الشهادة , فبدون حرية لا يعلن عن حق ء 
ولا يقال صدق ٠‏ 


ولكن يبدى أذنا مازلذا نحاول أن نتدرر »2 ولم ننته بعد من ذلك منذ. 
ببأ فجر النهضة العربية الحديثة حتى الآن ٠‏ نعرض لنظريات الحرية وثورات 
الشعدوب » ونكافح الاستعمار من أجل الدرية والاستقلال » ونكتب روايات 
وأشعار عن الحرية 2 ويسستشهد المناضلون من أجل الحرية 2 ولكن تظل 
قضية الحردات فى مجتمعاتنا مطروحة وكأن الدرية ليست نظرية دل ممارسة. 
وكأن العدى ليس فقط المحتل الخارجى بل أيضا أو بالأساس القهر الداخلى ٠‏ 
ويبدو أن الأمر أعمق بكثير من القواذين المقيدة للمريات ونظم القهر والتسلط 
والقواذين الاستذنائية بل تعتمد جذور الأزمة فى التاريخ الى التسلطية 
كتصور ,2 والجبرية كعقيدة ٠‏ والامامية كسياسة . والحرفية كتفسير » 
والتدريرية كوظيفة للعقل(7١) ٠‏ 

يمكن اذن اعادة الاختيار , ترك الجبرية والكسب الأشعرى والنقل 





(11) هذا هى تفسير المفكر الاسلامى الشهيد سيد قطب للتوحيد باعتباره يقوم 
على ثلاثة مبادىء : التحرر الوجدانى » المساواة الانسائية ٠‏ التكافل الاجتماعى ٠‏ 
أنضر « العدالة الاجتماغية فى الاسلام . ٠‏ 2 ' ْ 

(17) أن بحثنا : « الجذون التاريخية لأزمة الحرية والديموقراطية فى وجداننا 
المعاصى » المستقبل العربى » يناير 1919 «٠ ٠‏ الدين والثورة فى مصصر +3١9541١96017”‏ 
)١(‏ فى الثقافة الوطنية ٠‏ 000 ظ 


15ت 


والتفسير التحرفى ٠‏ وابران حرية الفكر وحرية الارادة كاختيار فى تراكنأ 
القديم وكحاجة فى وجداننا المعاضز حتى يفكن خل هاسداة الخريات فى غامنا 
هذا مرة واحدة والى الأدد 2 ذهى حق الانسيان الطريعى أكدهة الوحجى 2« بمئعة 


الأكراده 6 وشهادة المره ل تحور 3 وذذيه مغذور ٠‏ 


0 ب أكساأو اف : باكر هم من حرية الأنسان وادذبيات وجو ده الفردى اللا أنه 
ايا ددتءنى 'النى جمأ عة ودعيش لها . اذلك طهر موخبوع المساواة والغهدالة 
الاجدماعية كشرط للاخ الاحدّما عى 1 يظهر أحيانا فى تعديِرات اقتصادية 





وأخرى أخلاقية وثااثة سياسية ٠‏ فبذض القرآن نجد أن المالك هو الله وحده 
والانسان مستخلف ذيفا أودعة الله بين يديه ٠‏ له حق التصرف والانتفاع 
والاستثمار وليس له خق الاشتغلال والاحتكار والاكتناز ٠‏ الملكية وظيفة 
اجتفاعية وليست شِددًا للاستهواذ عليه ٠‏ المال مجرد غلاقة بين الأنا والشىءء 
دشيور اليها باسم 'الصصلة « ما » وبحرف الجر « ل » ٠‏ ومن هنا كان على 
الامام حق مصيادرة أموال السفهاء والتثميم للصالح العام ٠‏ وما تعم به 
الباوي لا يجوز ملكه كالماء والكلاً والنار قديما أى الزراعة والصنذاعة 
حديثا ٠‏ والركانز ‏ أى مافى باطن الأرض ‏ ملك للأمة وليس للأفراد عند 
الفقهاء ٠‏ عرف القدماء الحديد والنحاس والذهب والفضة وعرفنا نحن 
النذقط ٠‏ وينص القرآن لا يكون المال دولة بين الأغذياء ٠‏ وللفقراء حق فى 
أموال الأغنياء » غير الزكاة ٠‏ ويعنى تحريم الربا أن الغمل وحده مصدر 
القيمة وأنه لا يجون الاثراء يالاستفادة من حاجات الناس انتهازا للفرص ٠‏ 
وأن المجتمع الذى فيه انسان واحد تبرا ذمة الله منه 2 وأنه لا عجب أن 
ديخرج رجل لا يجد قوت يومه ذيخرج للناس شاهرا سدفه ٠‏ وقد استفر هذا 
المثل الأعلى فى سسديرة الخلفاء )١18(‏ , وعند بعض اتجاهات المعارضة 
وجماعات الرفض حتى أتت المذاهب الاشتراكية الحديثة ينتسب اليهيا 
المثقفون والعمال فيسهل حصارهم واتهامهم بالكفر والأالحاد ٠‏ والخيانة 
والعمالة ٠‏ 


(14) النصوص فى القرآن كثيرة حول المساواة سواء فى ألفاظ االكية أى المال 
كو الاستخلاف أو الأغنياء والفقراء ٠٠‏ الخ ٠‏ مثل « ولله ملك السموات والأرض » 
«٠)1١8:5 (‏ له ملك السموات والأرض » ( !5 :© ) , « وأتفقوا مما جعلناكم 
مستخلفين فيه » ( لا5 : , ) ٠‏ كما يحرم القرآن أكل أمؤال الناس بالباظل » (؟ : 184) , 
« ولا تأكلوا آموالهم الى أموالكم انه كان حوبا كبيرا » ( 5 :3 ) , « لتأكلوا فريقا 


5ه 


ان أحد فضايانا الأساسية هى بلا شنك قضية توزيع الثروة ٠‏ فلدينا: 
يضرب ااثل بأقصى . المجتمعات غنى وبأشدها فقرا 2 مجتمع الدطنة والترهل 
ودحدمم الجوع. والقحط 1 مجناممع :اليذخ والاترف ومجدمعم البؤوس والحرمان ٠‏ 
خلا نجد إلا العلماذية مذها التى يسهل حصارها وعذلها فيضيع أثرها ٠‏ هذا 
الاسلام . دسددمك شر عيدها مه وتحكم ناسمة ٠‏ مع أن الحاكم قَى ا لاسبلام 
حاضسة 


ا الذهس.ديم : ودك أصدبح التقدم هدذا وطنيا عاما تصدو , اليه الآمة 
وجميع فرقها ٠‏ وذى الحقيقة أن التقدم مسنان الوحجى » وبسييه تدىوالي, الذيوات 
مذنذ أولى مراتبه! حتى آخر مراحلها فتدقق هدفها وهى استقلال الوعى 
الانسانى عقلاً وارادة(9١)‏ . و التقدم دوجول داخل آذر. مرحلة هن مراحل 
الوحى فى 0 الناسخ والمنسيخ # © دقدم فى الشريعة »:واعادة صيا غتها 





من أموال الناس بالاثم » ( ١188 : 5١‏ ) ء كذلك يحرم ترك المال بين يدى السفهاء 
« ولا تؤتوا السفهاء أموالكم » ( + : 5 ) ء أل بين الأغذياء « كى لا يكون دولة بين 
الأغنياء منكم » ( 09 : 7 ) ٠‏ كما يحرم جمع المال واكتنازه « ويل لكل همزة لمزة » 
الذى جمع مالا وعدده » ( ٠١4‏ :؟ ) , « والذين يكنزون الذهب والففسة ولا ينفقونها 
فى سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم ٠‏ يوم يدمى عليها فى نان جهنم فتكوى يها جباههم 
وجنويهم وظهورهم ١‏ هذا ماكنزتم لآنفسكم فذوقوا ماكنتم تكنزون 54-2595700 0 756) ٠‏ 
ويحرم القرآن تركين الأموال فى أيدى المترفين وتعايل مصالح الناس ويطالب بالمشاركة 
فى الآموال «٠ ٠‏ واذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقو! فيها » ( ١52: ١‏ ) 3 
ذ فهى خاوية على عروشها وبثر معطلة وقصر مشيد » (؟” : 45 ) , « وشاركهم فى 
الأموال » (/ا١‏ :14 ) « وفى أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم » ٠)١9 :85١(‏ 
أنظر أيضا بحثنا « المال فى القرآن » ٠‏ قضايا عربية , ايريل 191/4 ٠‏ « الدين والثورة 
غى مصس 1١907‏ 1584 » (؟) فى اليسار الديتى ٠‏ 

(19) يظهر لفظ 'التقدم فى القرآن فى « لمن شاء منكم أن يتقدم أو “يتئخر » 
( 174 :7” ) ء « ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستاخرين » ( ١٠5‏ : 35 ) 2 
كما يهاجم. القرآن ‏ التخلف والمتخلفين والخوالف والقعود والقعدة والقاعدين . « رضوا 
بان يكوتو! مع الخوالف » ( 9 : 417 ) , و أنكم رضيتم بالقعود أول مرة » ( 9 : *8 ) > 
وفضل الله المجاهدين على القاعدين أكجرا عظيما » (5 : 56) ٠‏ 


- 3 ٠48 لمانا‎ 


طبقًا القدرات الانسانذية ٠‏ ومصادر الشرع أزيعة تدل علئ تقدم كل مصدر 
على. الآخر » السنة تقدم على القرآن فى الزمان ٠»‏ والاجماع تقدم على السنة , 
والقياس تَقبم على الاجماع ٠‏ كل عصز يمثل تقدما بالنسبة للعصر السايق :٠‏ 
لذكاك أمكن لكل: عصى أن. يؤسس احماعه ٠‏ كما 5 تحتوى المبادىء اللغوية فى: 
علم الأصدول مثل الحقيقة والمجاز ء المدكم والمآشابه , المجمل والمدين , المطلق” 
والمقيد .2 على حركة فى التشريع من أجل التقدم , تقدم جيل على جيل * 
واثبات لالزمان » ودور الأجيال فى الاجتهاد ٠‏ وفى أصول الدين ظهر التقدم 
فى الصلاح والأصلح عند المعتزلة 2 وفى الذبوة أى تاريخ ٠‏ الانسانية فى 
الماضى 2 وفى أمور المعاد أى تاريخ الانساذية فى المستقيل ٠‏ 


ولكن الذى رسب فينا هى تصور آخر يرى التاريخ فى سقوط مستمر , 
وأن السلف“خير من الخلف(١5) ٠‏ وهى آخر جزء فى العقائد بعد الامامة , 
وترتيب الخلقاء والأئمة تبعا للافضلية : اعتمادا على أاحاديث:« خير القرون 
قرنى "٠٠‏ » فتضورذا التاريخ فى سقوط مستمنر بعد الخلفاء الأريعة » من 
الذبى الى الصحابة الى التابعين الى تابعى التابعين. ٠‏ وبالتالى نحاول: 
المساهمة فى صنع التقدم والتاريخ يتساقط من دين أيدينا ٠‏ وهذا هى المذيع 
الدائم الحركة السلفية وحركة النهوض بالعودة الى الوراء * ى على أفضل 
تقدير » نضع أنفسنا خارج التاريخ والزمان بعد أن أعطينا الله الزمان كله 

أاى الخلود ٠‏ وما دونه الفناء ٠‏ فضاعت الحركة عن التاريخ 2 ولم ندرك 
التطور كسنة له(١؟) ٠‏ وجاءت الأحزاب التقدمية فعالجت موضوع التقدم 
بعقلية متخلفة فقاومت التفاوت الطيقى دون القضاء عليه من جذوره فى 
الوجدان : وناهضت القهر دون حله من جذوره التاريخية » وتصدت. للتخلف. 
وظنته فى نذقص معدل التذمية الاقتصادية دون القضاء على معوقات ااتقدم: 
فى الذهن وما ترسب فى الوعى القومى ٠‏ ظ ش 


هذه القيم الأساسية والمفاهيم الذظرية لا شأن: لها بفلسفة التذوير فى 


+ )09 5: 319( ٠» فخلف هن بعذهم خلف أضاهوا الصلاة ؛ واتبعوا الشهوات‎ « )٠١( ٠ 
» وهو المعنى فى "القول المششهون « بثس الخلف لخير السلف‎ 

(١؟)‏ أنظر :دراستنا ٠:‏ لماذا-غٌاب مُبحث التاريخ فى ترائنا القديم '؟ » دزاسات. 
اسلامية , القاهرة ١94١‏ ». 


5١85‏ به 


الغرب بل حساول الغرب الاقتراب منها فوقع فى ححدود العنصرية 
والرومانسية(؟7) ٠‏ بل هى أهم مقولات العلوم الاسلامية القديمة خاصة عند 
المءتزلة والفلاسفة ٠‏ وهى فى نفس الوقتث تعبر عن متطلبات الحاضر » وتمتد 
جذورها عند القدماء ٠‏ ان لم تتثأسس اسلاميا » وان لم تعرض نفسها عرض.ا 
محليا تعبيرا عن حاجات الأمة فان المجتمع سيظل يستلهم حاجاته من التراث 
الغريى رافضا الفكر الاسلامى باعتباره على نقيض ما يبحث عنه ٠‏ هكذ|ا 
فعل 'القدماء مع التراث اليونانى عندما حولوه الى تراث محلى خالدهن 
فوجد المسلمون فى فكرهم العقل والطبيعة , والأخلاق والسياسة ٠‏ وهى 
القيم التى لا بديل عنها فى أية نهضدة معاصرة أو تخطيط مستقبلى للدور 
الثقافى للفكر الاسلامى ٠ ٠‏ 


ثارذا ‏ مدى مايمكن أن يسهم يه الفكر الاسلامى المعاصر فى مواجهة 
قجياما العدىر ومشيكلاةه وتحدداقه : 


ليست القيم الاسلامية وتصورات الاسلام الأساسية مجرد فلسفة نظرية 
أو مذهب فلسفى يكتفى به الانسان ويقتنع به ٠‏ يملأ عليه حياته 2 ويعطيه 
الطمانينة والسكون بل مجرد اعداد ذهنى للانسان لمواجهة تحديات عصره 
ومشكلات جيله » يمده بطاقة وقدرة » ويحدد له خططه وغاياته ٠‏ الفكر 
الاسلامى على هذا الندو فكر نضالى يقوم على المواجهة كما كان فى بدايته 
يقوم على « أسباب النزول » أى أن الواقع سابق على الفكر , وأن المشكلة 
الاجتماعية هى الثى تتحدى الفكر » وتطالبه بمقابلة التحدى بتحدى مماثل ٠‏ 
وقد كان عمر بن الخطاب يقبل التددى ويفرض حلا بحكم البديهة والملصلحة 
فياتى الوحى مؤيدا لاجتهاده ٠‏ لا مكان اذن لفكر اسلامى خارج الزمان 
والمكان ٠‏ يقول كل شىء ولا شىء , يسهب ويطيل فى لا موضوع أى يتناول 
موضوعات لا وجود لها ١‏ لا يثير قضية » ولا يضع مشكلة أو يتطلب حلا ٠‏ 
يقتصر على المبادىء العامة دون تطبيقها فى مجتمع بعينه فى لحظة تاريخية 
محددة 2 وفى مشكلة بعينها حتى يمكن أن تظهر قدرة الفكر الاسلامى على 
مواجهة التحديات وايجاد حل للمءضلات ٠‏ وفى هذه الحالة يكون الفكر 
الاسلامى مخاطرة ومغامرة . ومعركة وصراعا وليس مجرد اعلان لحسث 
النوايا ولكمال الاسلام ! 





5 أنظر مقالنا « فحن والتنوير 2« قضايا عربية « يوليق ( تموز ( ٠ ١6‏ 
« الدين والثورة فى مصر “190 )١( » 149/1١‏ فى الثقافة الوطنية ٠‏ 


ثكلااه 


وعلى: سبيل المثال يمكن للفكر الاسلامى أن يواجه قضايا العصر 
الأساسية وهى بالنسبة لنا يمكن اجمالها فى ست : 


١ن‏ تحردر الأرغن من الاحتلال والغزو 


ان أول قضدة تعرض لنا هى قضية احتلال الأرض ٠‏ سواء من الاستعمار 
القديم ( قمازالت هناك أراض محتئلة فى المغرب وأفغانستان وكشمير ) » وهى 
كلها أراض / يعيش ) عليها المسلمون ٠‏ وبالتالى تدخل فى دار الاسلام أى فى 
الغزى الاستيطانى الجديد فى قلب العالم الاسلامى والوطن العريى فى 
فلسطين ٠‏ ويمكن ايراد أسباب الاحتلال من الدراسات التاريخية وكيفية 
مقاودته من علوم السياسة٠ولكن‏ مايهمنا هو كيف يمكن للفكر الاسلامى أن 
يساهم فى كيفية تحرير الأرض من الاستعمار القديم والغزى الاستيطانى 
الجديد ٠‏ وطالما استعمئناها للحماس فى أجهزة الاعلام دون جدية من أجل 
اعداك الجماهير لأخذ مصائرها بيدها ٠‏ مثلا : 


0 (1 ).الليه والأرض فى القرآن وحدة واحدة كما يدردو ذلك فى عديد 
من الآيات مثل « اله السموات والأرض » , « رب السموات والأرض »2 , 
« له ملك السموات والأرض » ؛ « وهى الذى فى السسماء اله وفى الأرض 
الله 000 الخ ٠‏ .مما يدل على ان الدفاع عن الأرض دفاع عن الله وأن 
المؤمن بالله الايد . دأن يؤمن .بالملضرورة بالأرض(؟؟) ٠‏ 


ب الحث. على القتال دفاعا .عن الأرض. والديار ٠‏ والاعداد لذلك » 
وهجوم القرآن على القاعدين والمتخلفين المتثاقلين الى الأرض الذين يؤثرون 
الدنيا على الآخرة. ..٠‏ لذلك كان الجهاد أصلا من. أصول الشريعة وركنا من 








(16) ذكر لفظ « الأرض فى القرآن 55١‏ مرة منها 5١4‏ مرة مع « السموات » 
مما يدل على هذه الوحدة بين السماء والأرض سواء فى الخلق 'ثق الملك أي الحمد 
أو الألوزهية أو: الزبوبية..أى القلم أو. التسعبيح أق القدرة أو الميراث أى الجنة أى 
:الكبرياء ٠٠٠‏ الخ:. ٠:‏ 


15١١ 


أركان الاسلام كما أبرزت ذلك الحركة الاسلامية المعاصرة » وتعظيم الشهداء 
وبأنهم أحياء .عند ربهم يرزقون(55؟) ٠‏ 


(ح) الفتوحات والتيليغ واعلان التوحيد 2 وتحصرير الشعوب من 
الطاغوت والقهر وضمهم تحت « لا اله الا الله » ٠‏ فالاسلام فاتح للأرض , 
محرسر للشعوب » تحقيقا لكلمة الله م وأداء للامانة 2 وتحويلا للتوحيد من 
النظر الى. العمل. » ومن المعرفة الى الوجود ٠‏ 


( د ) مهمة الامام الذب عن البيضة » واقامة الثغفور ٠‏ وتبجهيز 
الجيوش ٠»‏ والدفاع عن دار الاسلام قبل أن تكون تطبيق 'الحدود وتقسيم 
الغيمة 'والفىء' ٠"‏ فالدفاع نتن البلاذ فرض على الحاكم والمحكوم دون 
الاستسلام للعدى أو الرضا بالاحتلال ٠:‏ 


؟ ب الدفاع عن الجريات فى مواجية الذهن : 

قضيدنا الأساسية الثانية هى قهر الحريات ٠‏ فسجوننا ملأى بالخضبوم 
السياسيين وكاذنا لا نتصور الا فارسا واحدا فى الميدان , هى الجاكم الزعيم 
الملهم » الرئيس المجاهد الأعظم حتى كانت صورتنا فى ذهن الغرب أن واحدا 
فقط لدينا هى الحر ٠‏ هو الحاكم , أما الباقون: فعبيد. فى حين أن الناس كلهم 
فى الغرب أحرار ٠‏ ويمكن للفكر الاسلامى أن يساهم فى الدفاع' عن قضية 
الحريات فى البلاد وأن يساعد على القضاء على شتى صنوف القهر والطفيان 
على الذجو الآتى. : 


( ) الشهادة : وهى أول ركن من أركان الاسلام بفعليها الذفى فى 


(غ؟) ديا أيها النيى حرض المؤهنين على القتال + (8 : ٠9‏ ) ء «١‏ اذن للذين 
دقاتلون بأنئهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير ٠‏ الذين آخرجوا من ديارهم يغير حق 
الا أن يقولوا ربنا الله »:٠٠٠‏ (.6؟ : 56 ) : «واعدوا لهم ما استظعتم من قوة ومن 
رباط الخيل ترهبون به عدى الله وعدوكم.» ( 8 : 1١‏ ) , اتكم رضيتم بالقعود أول 
مرة , « وقل اقعدوا مع القاعدين » ( 5 :58 ) , « رضوا بأن يكونوا مع الخوالف 
(95:لم )+ « وفخضصل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما » ( 4 : 19) ٠‏ 
«.ولا تحسبن الذين قثلوا فى سبيل الله أمواتا بل. أحياء عند ربهم يرزقون » (7:: 0159)* 


5١175‏ ب 


« لا اله » والاثبات فى ١‏ الا الله » تحريرا للوجدان من كل صنوف العبودية 
حتى لا ينتسب الا لمبدة واحد عام وشامل ٠‏ وهى ليست فقط تمتمة بالشفتين. 
بل شهادة على العصر ورؤية لأحداثه وحكم على نظمه مع قياس المسافة بين 
الواقع والمثال ٠‏ فلا يوجد موحد بالله يقبل الضيم والظلم .والطغيان ٠‏ 


(ب) «الا اكراه فى الدين » وأن كل انسان له عقل قادر على التمييز , 
وارادة حدرة قادرة على الاختيار 2 وأئه ليس لأحد سلطة على آخذر حدنى الرسول 
فما عليه الا البلاغ ٠‏ 


(ح) الحكم بيعة وعقد , شورى واختيار ' وبالتالى لا يكون الحكمشرعيا 
الاذقلاب عليها أو التساط على رقاب الئاس ٠‏ 


( د ) المعارضة السياسية حق للأمة من « الأمر بالمعروف والنهى عن 
المنكر » ٠‏ فاردين النصيحة , وأن أعظم شهادة كلمة حق فى وجه امام 
جائر , والساكت عن الحق شيطان أخرس ٠‏ بل ان الدولة نفسها تقوم بالرقابة 
على نفسها من خلال وظيفة الحسبة ٠‏ وهى الوظيفة الأساسية للحكومة 
الاسلامية : تراقب الأسواق والأسعار » وتكشفالتلاعبوالاحتكار وكل مظاهر 
الغش والقسباكى ٠‏ 


(ه) لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق , فالمساكم هو القانون أو 
الشريعة » يلتزم بها الحاكم والمحدكوم ٠‏ ويجوز للأمة الخروج على الحاكم 
أن عصى القانذون وآخل بالعقد فتبطل البيعة ٠‏ 


: العدالة الاجدتماعدة فى مواحهة سوء توزيع الثروة‎  '"“ 


مما لاشك فيه أن الاسلامدين المساواةو العدالة الاجتماعية بخص القرآن ٠‏ 
ومما لاشك فيه أيضا أن من قضايانا الأساسية سوء توزيع الثروة , والفروق 
الشاسعة بين الدخول ٠‏ فمنا من يموت بطنة وهنا من يموت جوعا ٠‏ والفكر 
الاسلامى قادر على دفع الناس , حكاما ومحكومين » على حل هذه القضية 


و 2 


واعادة توزيع الدخل بديث يحقق أكبر قدر ممكن من المساواة والعدالة 
الاجتماعية على النحو الآقى : 


(1) نظرية الاستخلاف التى تجعل المال مال الله وأن الانسان مستذاف 
فيها أودعه الله بين يديه له حق التصرف والانتفا ع والاستثمار وليس له حق 
الاختكار والاستغلال والاكتناز ٠‏ ويجون للامام التدخل بالمصادرة والتاميم 
لصالح الجماءة ٠‏ ووسائل الانتاج التى تعم بها البلوى ملكية عامة مثشل 
الماء والكلاً ( الزراعة ) والنار ( الصناعة ) والملح ( التعدين ) ٠‏ وكل مافى 
داطن الأرض من معادن ( الركاز ) ملك أيضا للأمة ٠‏ 


(ب) يرفض الاسلام تركيز المال فى أيدى قلة من الأغنياء والمترفين 
حتى لا تتم سيطرة راس المال على الحياة الاجتماعية والسياسية 2 ويرى 
دورة رأس المال فى المجتمع من خلال الزكاة » والمشاركة فى الأموال 2 ورد 
فضول الأغتياء أى ما يزيد على قوام الحياة ‏ من مأكل وملبس ومشرب - 
الى الفقراء د وتكوين مجتمع ليس فيه انسان واحد جائع والا برئت ذمة الل 
منه ٠‏ فيستحيل أن يكون فى مجتمع واحد ٠‏ بكر معطلة وقصصر مشيد » ١‏ 


(ح) العمل وحده مصدر القيمة , فا مال لا يواد المال » بل الجهد والعرق 
والانتاج هو الذى يولد المال ٠‏ والعمل وحده مصدر الريح » وتفاوت الأجور 
طبقا لتفاوت الجهد ٠‏ لذلك حرم الربا والاثراء على حساب الغير وحاجاته ٠‏ 
الأرض لن يفلدها » ومن استصلح أرضا فهى له » ومن انتج فله نتاج عمله ٠‏ 


( د ) ان رؤية الاسلام للدنيا واعتبارها مجرد معبسر للآخرة تجعل 
ملكية الانسان لعمله ولأثره ولسنته ولذكراه وليس ماله ٠‏ وأفضل ميراث 
ماكان ميراث الحكمة والندوة والفكر والقدوة : فالأعمال قيمة 2 والأشياء 
لا قيمة , وبالتالى يصحب الانسان أعماله ويترك الأشياء , والأعمال 
الصدالحة أبقى فى الدنيا من الأموال المكدسة فى الدئوك الأجنبية من عوائد 
النفط وثروات الدلاد المهرية(0؟) ٠‏ 

)6 « وأن لميس للانسان أ ماسقعى » وأن سعية سوف يرى » الك ةظ 5#‏ 0 7 
د يأ أيها الانسآن انك كادح الى ربك كدحا فملاقية » ( 64 : ١‏ ) , « لها ماكسدبت 
وعلدها ما اكنسيبت » (5 :581611 ) ٠‏ 


15١4 
: التثمية الشاملة فى مواجهة التخلف الحضارى‎ - 


والتخلف الحضارى قضية أساسية ٠‏ بل ان كل القضايا الأخرى انما 
هى تعبير عن أوضداع التخلف مثل سوء توزيع الثروة » وقهر الحريات ٠‏ 
والتنمية هذا لا تعنى الاقتصادى وزيادة الانتاج والدخول فحسب فى مقايل 
قلة الموارد أى سوء استخدامها وقلة الانتاج » وضعف الدخل القومى , 
ونقص الخدمات بل تعنى التنمية الشاملة التى تتعرض لقضبايا التعليم 
والصحة والخدمات العامة , والاسلام قادر على مواجهة مظاهر التخلف 
والمساهمة فى تنمية المجتمع عذى النحى الآتى : 


)1١‏ زراعة الأرض فالأرض فى القرآن هى الأرض الخضراء التى ينزل 
الصحراء القاحلة مثل أراضينا الآن ٠‏ فالسبكن لا يكون الا حيث الماء 
والزرع(1؟) 0 :ىهن باستصلح أرضا فهى لهد, فا مشىء قدمته فيما يبدل فده 
الانسان من جهد وعمل ٠‏ والأرض لمن يذلحها فى عرف الفقهاء لأن الملكية 
بسفردها ليست وظدفة أو مهنة دون عمل 9 والمزارعة والمؤّاجرة تحدم الاشتراك 
فى المحصول أى فى نتاج الأرض فليس الفلاح مجرد أجير زراعى بل هو 
مشارك فى الانتاج ٠‏ 


(ب) الصناعة : وتقوم الصناعة على استثمار المواد الأولية من باطن 
الأرض من خلال العمل وبالجهد الانسانى ٠‏ وقيمة الانتاج بمقدار الجهسد 
الميذول دون أن يكون هناك « فائض قيمة » لصاحب رأس المال ٠‏ وليست 
الصناعة فقط هى الصناعات الخفيفة مثل الصناعات الزراعية والملابس 
دل هى الصناعات الثقيلة التى تقوم على الحديد الذى فيه بأس شديد 


ومنافع الذاس : 


رح) الخدمات : لكل “انسان حق التغليم ٠‏ وحق الززعاية الصحية 2 


(51) 0 ألم ل أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح مكخضرة » ١‏ ؟” :”11 ( 0 
0 وآبة لهم الأرض الميدة أحييناها وآخرجنا. متها حدأ “0 | ارد > ردنا ( « وترى الأرضضن 
هامدة فاذا أنزلنا عليوا الماء اهتزت وربت » ("!" : ©9) ٠‏ 


5١8 د‎ 


وحق 'السكن 2 وحق العمل « فالعلم فريضة 0 ورعاية الجسد واجب 2 
والايواء حق طديعنى 2 والعمل وسيلة الانتاج ٠‏ وقد كانت الحضارة الاسلامية 
نموذجا للعمران ٠‏ من حيث بناء المدارس والمسساكن والمضانع 
0 والديمارستانات 4 0" 


( د ) البيروقراطية والتسلطية وتشخيص المؤسسات كلهسا ظواهر 
التخلف من حيث الادارة ٠‏ فالمبيرواقراطية قضاء على زمام المبادرة » وأخذ 
القرار » ونزع المسؤولية من مواطن الانتاج ٠‏ والتسلطية تحكم وادعساء 
ملك ٠‏ وتشخيص المؤسسات هو تصور الانسان بدلا من الغاية ٠‏ والمجتمع 
الاسلامى يقوم على قخية يلتزم بها الجميع ؛ ويكون مسؤولا عنها مع اذكار 
الذات والسعى وراء تحقيق الهدف ٠‏ 


اثيات الهوية ضد الاغتراب : 


وقضية الهوية مازالت بالنسبة لنا أحد قضايانا الرئيسية ضد التغريب, 
نتفاوت فيها من منطقة الى منطقة تبعا لشدة 'الاستعمار وتغلغله فى النفوس 
وما تبقى منه فى العقول ٠‏ برزت قضية الأصالة فى مواجهة التحديث 
والاغتراب المرتيط به بحيث وضعت الأنا ذاتها فى مواجهة الآخر ٠‏ وتتفاوت 
المجتمعات الاسلامية فيما بينها فى حدة المشكلة .٠‏ فالمجتمعات التى .داهمها 
الاستعمار كانت أحد وسائل المقاومة فيها اثبات الهوية فى مقابل التغاير , 
والأنا فى مواجهة الآخر ٠‏ ولكن .بعد .الاستقلال الوطنى عاد المستعمر من 
خلال الثقافة وانتشر التغريب ٠‏ استقلت البلاد ولكن احتلت الأذهان ٠‏ وقد 
ولد الفعل ؛ وهو التوجه نحو الآخر الى رد فعل هو الرجوع الى الأذا كما 
هى. النحال فى الثورة الاسلامية فى ايران . والخركة الاسلامية المعاصرة فى 
شتئ أنخاء العالم العربى والاسلامى ٠‏ وقعنا فى ازدواجية الثقافة وتخاصمت 
ثقافتان يكفر كل هنهما الآخر '٠‏ يرى كل منها دقاءه وحياته فى فناء 


الآخر وموته ٠‏ 


ويستطيم الفكر الإسلامى. أن دحعطى نموذجا دفاعا. عن الهوية ضدد 
الاغتراب على 'النحو الآتى 


5١35 


ددهم 2 والتودد اليهم 2 ففغاية الأعداء هى القضاء على هوية الأنا وايقاعها 
فى التةقليد والقضاء عليها حتى لا يوجد الا الآخر(لا؟) ٠‏ 


(ب) رفض التقليد والتبعية فى 'السلوك الفردى وفى العقائد من أى 
فرد كان ٠‏ واثيات المسؤولية الفردية ٠‏ فايمان المقاد لا يجوز , والاعتذان 
بالتقليد غير مقبول يوم الحساب(58؟) ٠‏ 


دون أن يفقد هويته بل قام بدور ناقد لها » ومطور ومكمل لانجازاتها 2 فظل 
اسلاميا معاصرا , ذاتيا قادرا على التعامل مع الآخر , ممثلا للحضارات 
القومية كلها ٠‏ 


( د ) بالمرغم من انهيار :الفكر الاسلامى الحديث بالغرب وأخذه كنموذج 
لاتحديث من حيث الصدناعة والتعليم والنظم البرلمانية والدستورية الا أنه 
أيضا كان ناقدا للغرب فى دهريته واباحيته ودئيويته ( الأفغانى ,2 اقبال ) ٠‏ 
ولام يفقد خصوصيته وهو فى أوج التعامل معه بالرغم من الاستعمار أو بعد 
الاستقلال ٠‏ ْ 


5 توهبدد الأمة فى مواجهة التجزئة : 


اذا كانت الهوية اثباتا للمركن والابداع منه فان التوحيد اثدات للمحيط 

(10) يأيها الذين آمذوا لا تتخذوا اليهود والنصارى اولياء » بعضهم أولياء بعض 
ومن يتوله منكم فانه منهم » ( 5 : 5١‏ ) , « ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى 
تتبع ملتهم « (؟ : 11١‏ ) > «يأيها الذين آمنوا ان تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب 
يردونكم بعد ايمانكم كافرين » ٠‏ وأقوى تعبير عن هذا التضاكد سورة « الكافرون » 2 
د قل يأيها الكافرون , لا أعبد ماتعبدون , ولا أنتم عابدون ما أعبد ٠‏ ولا أنا عابد 
مأعددتم » ولا أنتم عابدون ما أعبد , لكم دينكم ولى دين » ٠‏ 

(4؟) « انا وجدنا آباءنا على أمة وانا على أثارهم مقتدون 2 ( 49 :9" )ا , 
وكذلك الحديث المشهور عن أبى هريرة « لتتبعن سنن من كان قبلكم باعا بباع , وذراعا 
بذراع ٠‏ وشيرا بشبر حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ! قلنا يارسول الله : اليهود 
والتنصارى ؟ قال : فمن ؟ > ٠*‏ 


777 سس 


ورنطه بالمزكز كمجال له ٠‏ فالتوحيد ليس عقيدة فقط بل هى حضارة 
وتاريخ فرد وأمة * وقضية الوحدة , بالنسدة لنا 2» وحدة الأمة بدلا من 
التجزئة والتشتت والتبعثر احدى القضايا الرئيسية فى جيلنا بعد أن ضاعت 
منا وأصبحنا نسعى اليها من جديد ٠‏ والفكر الاسلامى قادر على تحقيقها 
والمساهمة فى ايجادها على الندو الآتى : ظ 


(1) التوحيد عقيدة الاسلام الرئيسية » وتصوره النظرى , وأساسيه 
السلوكى أبرزها القرآن» وهى وحدة عقلية طبيعية أخلاقية » وهو مبدً معرفي, 
انطولوجى » سلوكى , جمالى ٠‏ تاريخى(9؟) ٠‏ 


(ب) تنتج عنها وحدة الذات » ووحدة القول والعمل » ووحدة الفكر 
والوجدان ٠‏ وبالتالى يستحيل النفاق ٠.‏ وازدواجية السلوك » وتتوحد 
الشخصية ٠‏ وتتجند طاقاتها فتعلن عن الحق بالقول وتشهد عليه بالعمل , 
وتدرهن عليه بالفكر 2 وتشعر به بالوجدان(١5) ٠‏ 


رح) لقد خرج التراث الاسلامى كله تعبيرا عن هذه الوحدة ٠‏ وانطلقت 
علومه كلها من المركز وهو القرآن , تنسج نفسها كدوائر حوله 2 فظهر 


( د ) ظهر التوحيد أيضا فى وحدة التاريخ ووحدة الشعوب كلها ٠‏ 
فقد استطاع الاسلام التوحيد بين القبائل » وصهر الشعوب ٠»‏ وأسقط كل 
حواجزاللفة ولو نالبشرة والطبقات الاجتماعية والقومية والعنصرية ٠‏ وأصبح 
العمل الصالح مقياسا واحدا وشاملا للجميم(١؟) ٠‏ 


(55؟) « والهكم اله واحد: » (؟ «١ ,) ١15.:‏ أارباب متفرقون خير آم الله الواحد 
القهار ؟ » ( ؟١‏ : 55 ) . « أجعل الآلمهة الها واحدا أن هذا لمشىء عجاب ! . (58 : 5), 
دان هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون » ٠ ) 955: 5١(‏ 

(") « يأيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون ٠‏ كبر مقتا عند الله أن تقولوا 
دالا تفعلون » 1١(‏ :+" ؟) , « يقولون بأفواههم ماليس فى قلويهم » (" ٠ ) ١679+:‏ 

(١؟)‏ « كان الناس أمة واحدة » (” : ٠ ) 5١‏ « ولى شاء الله لجعلهم أمة 
واحدة » ( "4 :80 ٠)‏ 


- 5١8 


رابعا ‏ مدى قدرة الفكر الاسلامى على استشراف المستقبل الأفضل 
وارثماد آفاقه » وبدان الطرق اتحويل الأفكار الى واقع تطبيقى : 


لقد استطاع الفكر الاسلامى القديم أن يقوم بنفس الدور المناط به 
حاليا * فقد استطاع بقدراته الذاتية على الخلق والابداع احتواء كل 
الحضارات القديمة وتمثلها ٠‏ كما اسستطاع التوحين الانتشار فوق الحضارتين 
القديمتين وفتح امبراطوريتى الفرس والروم ووراثة العالم القديم كله ٠‏ 
والاسلام اليوم فى نقس الظروف وبنفس الامكانيات والتحدى الأعظم 
بالنسبة لنا هى : هل يمكن الوصول الى نفس النتائج ؟ ان الاسلام اليوم 
محاط بأكبر امبراطوريتين حديثتين وأقوى دولتين عظميين 2 لم تنهكهما 
الحروب بعد ٠‏ والعالم الاسلامى بموقعه الجغرافى الفريد وامكانياته العالية 
من حيث المواد الأولية » والنفط , والثروات الطبيعية » والأسواق ٠‏ والأيدى 
العاملة » والخبرات البشرية لا حد لها ٠‏ ورصيدنا ضخم فى العالم الثالث , 
حيث ذكون قلب أفريقيا وآسيا ٠‏ وأعريكا اللاتيثية تشاركنا نفس الهموم 
والرغبة فى الاستقلال والتحرر ٠‏ 


.. ولكن السؤال كيف يمكن تحقيق ذلك بالفعل ؟وما هى العقبات التى 
تحول دون ذلك ؟' ان الاسلام يريد أن يخطط ليحقق. وينتج لا مجرد تمل 
نظرى ( البوذية ) أى شهادة من أجل التاريخ ( المسيحية ) ٠‏ ولا يوجد 
الا ثلاثة طرق : 


(1) طريق التنظيمات السرية الذى تتبعه بعض فصائل المركة 
الاسلامية أى العلمانية ( الماركسية ) وهى الطريق الذى اتبعته الثورات 
العربية والتى أدت الى الانقلابات العسكرية ٠‏ وهو طريق مسدود لأن التغير 
الاجتماعى والنهضة الشاملة أكثر بكثير من الانقلابات والاستيلاء على 
السلطة ٠‏ فطالما حصلت اتجماهات على السلطة زاى التعتيم 2 وتوالت 
الهزائم » واتسع التخلف ٠.وطاءا.‏ لم تحصل تيارات على 'السلطة وكان لها 
أبلغ الأثر فى الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية. ٠‏ وكيف يمكن ‏ الدعوة 
للاسلام سرا وهئ ليس جريمة. + ولسنا باظنيين ؟ وكيف تنجح دعوة سرية 
فى دولة تقوم اساسا على أجهزة الأمن . وعيونها فى كل مكان ؟ ولطالما' 
جزبنا ذلك فكانت النتيجة الصدام مع النظم القائمة ونكوصض الحركة 


- 5١9 


السرمة . اذن لكثير من الأستيات طريق مسددؤد . 


(ب) الخروج العلنى. 2 وعصيان النظم القائمة . والجهر بالعداء 2 
وتكفير حكم البشى ٠‏ والصذام المسلح أى على أقل تقدير المواجهة العنيدة ٠‏ 
فأى نظام قائم لن يترك السلطة اختيارا » وأى مواجهة مدنية لجماعات دينية 
لن تحمل الى السلطة بل سيتم حصارها وتكفيرها وعزلها فتنفر الناس منها ٠‏ 
والناس. آقرب الى طاعة أولى. الأمر من الخروج: عليهم  ٠‏ وماذا يجدى الأمر 
بالمعروف والنهى :عن المذكر والاتيان بمنكر. أعظم منه وضياع المعروف ؟ 
وكيف قبل "التغيير هن بيده السلطة.وهى مدان مكفر: مجرح .سلفا ؟:فالجهر 
بالعداء والدعوة الى الخروج الغلثى أيشنا طريق مسدونى ٠‏ 


(د) لم يبق اذن الا طريق الشرعية » والعمل من خلال النظم القائمة , 
فلا الاسلام سر نخفيه ولا الدعوة له جريمة نخشاها ٠‏ ليس المطلب الحصول 
على نسلطة بدلا من السلظة القائمة .ولو أن ذلك مطلب شرعى لكل تيار فى 
اطاز الشرعية ونناء على : اختيار الأمة. بأسلوب ديموقراطى حر » بل الهدف 
توحين: فرق الأمة وعلى راسها الحركة العلمانية. قصيرة النظر الغير مرتبطة 
ارتداطا عضويا بتراث الأمة. وتاريخها وثقافتها الوظنية 2 والحركة السلفية 
التى تؤثر الصورة: على المضمؤن ؛ والشعار على الواقع ٠‏ فلا مضمون 
بلا ضورة ( الحركة العلمانية ) ولا صورة بلا مضمون ( الحركة السلفية ) ٠‏ 
قد لا يكون: للنظم: القائمة مصلحة فئ التغيير 2» وهع ذلك فالتغيير أبقى عليها 
من الؤقؤت ضنذه » والتمسك ب«الاسلام كدرع يحمى مصالمح الأمة خير من 
الوقوع فى اسلام بلا أهة أى فى أمة بلا اسلام ٠‏ وأن.دتم ذلك من خلال رؤية 
تازيخية ». ومشروع طؤويل يتحقق فى عدة أجيال ٠‏ وليحكم .اليوم هن يشاء ٠‏ 
فما. ضاع “خلال. قرون طويلة لا. يعود الا بجهود عدة أجيال بذاء على خطة 
مدكمة ؤرؤية تاريخية. يتمثل بعضها فى الآتى : 


: مشروع اعادة بناء القراث‎ ١ 


الما كان التراث مازال حاضرا فى وجدان الأمة 2 مؤثرا فيها يمدها 
دقيمها 2 ويحددل تصوراتها 0 ويوجه سلوكها فانه حتئ الآن مازال وحدة 
واحدة ؛ كلا شأملاء خلطا متنافرا » به مايضر (النزغات الصوفية والاشراقية 


558 د 


والحرفية .) أكثن مما ينفع ١‏ النزعات العقلانية العلمية الواقعية ) ٠‏ فمهما 
حاولت الحركة العلمانية أن تدعى الى العقلانية والعلمية والتقدم والحرية 
والديموقراطية فان دعوتها ستضدم لا محالة بميراث الف عام من التصوف٠‏ 
والاشعرية أرسخ وأعمق فى وجدان الناس من دعوات المعاصرين ٠‏ وطالا 
أن هذا. الموروث لم « يتصرف » بعد فانه سيظل المنبع الأول الذى يغذى 
الحركات السلفية ٠‏ مشروع اعادة بناء التراث اذن هو اقامة نهضة شاملة 
تلى حركة الاصلاح الدينى فى القرن الماضى وتطورها ٠‏ وعلى هذا النحىو 
نضمن التغيير من خلال التواصل لا من خلال الانقطاع حتى نامن الردة 
( تركيا ٠‏ بولند! ) ٠‏ كما نآامن رد فعل الحركة السلفية والعودة الى المنبع 
بلا مصب وتقوية الجذور بلا ثمار ٠‏ كما نامن من ازدواجية ثقافة الآمة , 
وشق وحدة الصف 2 وضياع وحدة الثقافة الوطنية وتشتتنا بين التعليم 
الدينى والتعليم الدنيوى ٠‏ 


فاذا كنا قد عشذنا المحافظة الديئية ( الاشعرية المزدوجة بالتصوف ) 
خلال ألف عام » من القرن الخامس حتى الخامس عشر فاننا عشنا العقلانية 
التحررية ( المعتزلة والفلاسفة ) حوالى ثلاثمائة عام من. القرن الثانى حتى 
القرن الخامس , وظل جناحا المحافظة والتقدم غير متعادلين فى وجداننا 
القومى , فصرنا نتعشر أى نعرج وكائنا نسير على ساق واحدة ٠‏ أو كالأعور 
يرى العالم بعين واحدة ٠‏ كل المرجو الآن هو مجرد التحول من الأشعرية 
والتصوف الى المعتزلة والفلاسفة من أجل ضغط الألف عام من المحافظة 
الدينية وزيادة الثلاثمائة عام من العقلانية التحررية حتى يأتى جيل تتعادل 
فيه الكفتان , وهنا يبدا المجتمع فى النهوض والسير على ساقين متساوين ' 
والنظر الى العالم بعينين اثنتين ٠‏ ويتم ذلك عن طريق اعادة الاختيار بين 
البدائل طبقا لظروف العصر » المجتمع المهزوم المتخلف , المغايرة لظروف 
القدماء , المجتمع المنتصر المتقدم الراغب فى الدفاع عن العقيدة الجديدة 
ضد الهجمات عليها ٠‏ التراث فيه نقل وعقل »2 جمر وحرية » تشبيه وتنزيه ٠‏ 
ايمان وعمل , امامة بالنص والتعيين وامامة بالبيعة والاختيار 2 اشراقية 
وعقلانية » تصوف وفقه 2 أثر ورأى ٠‏ فاذا كان القدماء قد اختارو! الأول 
نظرا الظروفهم فائنا نختار الثانى نظرا لظروفنا » فالتنزيه لدينا أولى من 
التشبيه . والحرية دون الجبر » والعقل دون النقل » والعمل له الأولوية على 
الايمان , والبيعة والاختيار لا النص والتعيين 2 عقل الفلاسفة دون اشراق 


"5١5١‏ سه 


الصوفية » ورأى الفقهاء والمصلحة لا النص والأش ٠٠١‏ الخ ٠‏ وهنا يصبح 
التراث دافعا. على التقدم وليس مغوقا عنه ,. جزءا من تاريخنا وحاضرنا. 
واختيارا لمستقبلنا ٠‏ ونكون مسؤولين عنه ولسنا نقلة له , نطوره ولا ندروج 
له « كالحمار يحمل أسفار! » ٠‏ ويكون للاسلام السياسى أى الاجتماعى أو 
الاقتصادى دلالة فى حياتنا المعاصرة. دون الاسسسلام الشعائرى ٠‏ الفقهى 
المظهرى .» وأن دتحول هذا المشروع ٠‏ همشروع اعادة بناء القراث الى مرامبع 
علمية مفصلة فى الجامعات ومعاهن البحث العلمئ بل. وفبى أجهزة الاعلام 
كرافد أساسى فى ثقافتنا الوطنية ٠‏ ويدخل كجزء هن برامج التعليم » ويكون 
لكل مادة تعليمية روّية تراثية حتى العلوم الطبيعية. والرياضية.»: الطب. 
والكيمياء والصيدلة والحيوان والنبات » والهندسة والحساب والفلك والجبر 
والموسيقى حثى يحدث الابداع دون الئنقل ٠‏ ولا يكفئ فى ذلك نشر التراث 
وجمعه وعرضه وشرحه: بل أستيعابه والوعى بمتطلقاته ودوافعه وبواعث 
خلقه("؟١) ٠‏ 


" هس حرية الفكن :. 


كى يكون للتراث الاسلامى دور فى تطور فكر الأمة والدخول فى تحديات 
عصرها فان ذلك لا يمكن أن يحدث الا بحرية الفكر , فالصراعات قبل أن 
تكون اجتماعية سياسية اقتصادية هى صراعات فكرية بالأساس ٠‏ وبالتالى 
يكون الفكر هى مرأة المجتمع + يقرأ فيه كل فرد مكوناته وواقعه ٠.ولا‏ يمكن 
أن تحدث رؤية أو يتحقق سلوك الا بحرية الفكر , والا كان الصراع همميا 
خالصا ٠‏ وتتحقق حرية الفكر على النهو الآتى : 


1 ) ضرورة اجتهادات الأمة كلها بجميع فرقها ٠‏ فلا أحد يحتكر 
الحق ودونه الباطل ٠‏ ثم يحدث حوار مفتوح بين جميع الفرق والاجتهادات 
حتى يمكن أن تتوحد :ان لم يكن على مستوى الاطر النظرية فعلى الأقل على 
مستوى البرامج العملية , فتعدد النظر ووحدة العمل أحد الدروس الفقهية 
القديمة ٠‏ 


حو سد 





(159) أنضر الخطة العاعة لمشروع اعادة مثاء التراث فى. كثابنا « التراث والتهدبيه » 
المركز العريى للبحث والنشر , القاهرة 158٠‏ . دان التثوير ٠‏ بيروت ٠ ١54١‏ 


2 4013 


“.(ب) .عدم دخول الدولة كطرف: فى. الحؤار » تناصر ‏ فريقا دون فريق » 
تكفن فريقا وتعلن: عن اينان فريق ٠‏ الدولة سلظة تنفيذية خالمصة اما النظر 
و التشريتع فمن شنأن المفكرين: أى . فقهاء الأمة ٠.‏ 


(د) الحوار بين الحركة الإسلامية والحركة. العلمانية . وهما الجناحان 
الرئيسيان فى فكر الأمة ٠‏ الأول يدافع عن الأصول والثشانى يجتهد فى 
الفروع ء الأول يحرص على الجذور والثانى.يقتطف الثمار ٠‏ وطالما لم تتوحد 
الدركتان سيظل الشقاق فى الأمة والخصام فى وجدانها ويغيب الصوار ٠‏ 
ووظهر العنف , والسباق نحى السلطة ٠‏ 


( د ) حرية .التفكير والتنظيم العلنى الشرعى للحركة الاسلامية التى 
لاقت أشد. صنوف العذاب. والاضطهاد من الثورة العربية حتى أصبح بيذهما 
ثثر لا يمحوه الا الدم ٠‏ فالفكر الاسلامى فكر شرعى , والتنظيم الاجتماعنى 
القانونى المركة الاسلامية تنظيم تاريخى , لم يغب مرة واحدة , بل ان 
الحكم الاسلامى حكم شرعى بنص القرآن وبضرورة التاريخ: وبعد استيلاء 
الحركة العلمانية على مقاليد الحكم ٠‏ 


(ه). تكوين. الجمعيات الثقافية والسياسية والاجتماعية المستقلة إلتى 
تيدأ باللحصوار. وتطرح جميع. الموضوعات دون. خوف. أى _رهبة حتى مايظنه 
الناس .على أنه من المقدسات أو المحرمات ( التابى ) كالدين , والسلطة , 
والجنس ٠‏ وطالما قامت النهضات.بل ووحدة الأمم. من خبلال الجمعيات 
والمنتديات 2» ويصحب ذلك حصرية: الاسبتيراب .و التصبدير :.للكتب والمجلات 
الثقافة على الصعيد العربى والاس لامى ٠‏ فلا بقاء لنظام يخشثى حرية 
الكلمة .٠‏ 0 0000 


ب المجافظة على مقاصد الشريعة : 


ليس الفكر الاسلامى فكرا صوريا يقوم على شعارات لا مضدمون 
الضروريات الخمس » المحافظة على 'الحياة 2 واالعقل : والدين ( والعرضن / 
والمال:باجماع فقهاء الأمة ٠‏ فالحياة قيمة مطلقة , والمحافظة عليها واجب 


دينى 2 وفرض الهى 2 ضد الجوع وسوء التغذية وحوادث الطريق وحروب 


ون 0 


الابادة » والاغتيال ٠‏ والاعتقال ٠.وكذلك.المجافظة‏ على العقل ‏ واجب ‏ شراعنى, 
وبالتالى يستحيل الجهل , والتعتيم والكذب والتشويه والتمويه والخداع ٠‏ 
فالعقل أساس التكليف ٠‏ كما يستحيل ايقاع الناس فى الاسطورة والفيب 
والخرافة والسحر. والشعوذة ٠‏ والمحافظة .على الدين أيضا فريضة .,. والدين. 
هنا أنى الحقيقة والمبدا العام الشامل الذى ينتسب اليه الانسان بعيدا عن 
العنصرية والقومية والقبلية والطائفية ..وبعيدا عن التردد والشبك و اللاأدرية 
وتغير القيم تبعا لتغير الظروف , وايثار النفعية الخالصة واليرجماتية 
الرخيصة ٠.‏ والمحافظة على العرض. تعنى المحافظة على جميع القيم الأخلاقية 
والمدادئء الانسانية العامة المتمثلة فى عرض الانسان. رمز شرفه وكراءته 
وحرمته ٠‏ 'فحرية الانسان جزء من عرضه ». وكرامته وشخصيته ااستقلة 
وحياته الخاصة أيضا من عرضه بعيدا عن مظاهر الاثلحلال والتفسم ٠‏ 
أما المحافظة على المال .فهو دفاع عن حياة الانسنان ال مادية ونحقه فئ الكست 
والززق: » والمأكل والمشرب والمسكن دون" عدوان من أحد عليه » يذهب قوته '. 
ويسرق نتاجه » ويبتز عرقه ' هذا هى تطبيق الشريعة الاسلامية وليس مظا مز 
النفاق الدينى عن طريق بناء المساجد دون المدارس , والنداء على الصلوات 
يمكبرات الصوت منافسة لأغانى الاباحية والتفسخ والاتحلال ولخطب” القادة 
والسياسيين زكان كل مافى الأمر هئ حرب الهواء'» واطالة اللصى ٠‏ وليس 
الجلباب 2 وارتداء الحجاب : فما الفائدة فى ظاهر عامن و الباطن خراب 0 
ومما يساعد على ذلك التفسير «٠‏ الموضوعى » للقرآن من خلال |« المبهم 
المفهرس » لألفاظه حيث يمكن التعرف على النظرية العامة فى الحياة كو العقل 
أى ألدين أو المال أى أى موضوع آخر يمس. مصالح الناس بدلا من تقطيعه 
وتجزيئه فى التفسير « الطولى » للقرآن » سورة بعد سورة ..وآية. بعد آية ٠‏ 


الاصلاح فى الأرض لا الافساد فيها. : 


ويمكن الاقتراب من مقاصد. الشريعة.'وهى لب. الفكن الاسلامى ليس 
بالضرورة عن ظريق الحكم الاسلامى المباشر وتطبدق الحاكمية ٠٠‏ واحكام 
الشريعة بل عن طريق الاصلاح 'فى الأرض والتهى عن الفساد . أى الأساس, 
الوضعئ للشريعة ٠‏ وبالتالى تقترب الحركة العلمانية من الحركة الأسلامية, 
وتتجاوز الحركتان الشعارات الى المضمون ٠‏ فكل قضاء على مظاهر الفسياد 


فى المجتمع واصلاح الأرض هى حكم شرعى ٠‏ وبالتالى على ا مفكر أن .نيعرف 


558 ب 


تمامها ماهى مظاهر الفساد الاجتماعى , وماهى مواطن الاصلاح ٠‏ فالرشوة, 
والدهولات ٠‏ والكسب المرام ٠‏ والسرقة . والنهب , كل ذلك.مظاهر فساد 
وخش ٠‏ وتقريب الفوارق بين الطبقات واحترام المال العام وصياغة سياسة 
فى الأجور تتناسب مع طبيعة العمل وحده كل ذلك اصلاح فى الأرض 
فتطوير الواقع نحو الصلاح والأصلح أفضل من هدمه كلية واعادة بنائه من 
الصفر ,» وهى عملية لا يقدر عليها حتى الآلهة ٠‏ فالاسلام تطوير للجاهلية . 
وابقاء على مالا يعارض العقل والمصلحة ٠‏ مهمة المفكر الاسلامى أن يعرف 
جميغ مشاكل عصره وأن يرصدها » ويحاول حلها كما كان الاسلام يفعل 
قبلا فى « أسباب النزول » حقى كان الاسلام هو مجموع هذه الحلول للمشاكل 
المعروضية ٠‏ لم ينزل القرآن دفعة واحدة بل نزل منجما طبقا للظروف والمشاكل 
حتى يعيه الناس(7؟) ٠‏ النهى عن الفساد. فى الأرض والاصلاح فيها هى 
الطريق لنشى الاسلام والتعريفه به ٠‏ بل ان النهى عن الافساد أهم من 
الاصلاح لأن الافساد فساد فى الأرض وقضاء على فعل الاصلاح ٠‏ فالاصلاح 
تدعيم للدين والافساد تبديل له(غ") ٠‏ 


(9؟) « وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به 
فؤّادك » ورتلناه ترتيلا » ( 58 ٠ )١8:‏ 

(4") بالرغم من أن لفظ « أصلح » ومشتقاته قد ذكر فى القرآن حوالى ١6١‏ مرة 
ولكن غالبيتها بمعنى العمل الضالح . صلاح النفس , أو اصلاح ذات البين ٠‏ ومع 
ذلك فمعنى الاصلاح فى الارض وارد فى « أن أريد الا الاص لاح ما استطعت 2 
١ »2) 88:1١(‏ وما كان ربك ليهلك القرى بظلم واهلها مصلحون » ( ١١9:1١‏ )2,2 
دان الأرض يرثها عبادى الصالحون » ( ٠١5 : 5١‏ )ء « منهم الصالحون ومهذهم 
دون ذلك » (7 : 118 ) , ولكن ذكر لفظ « فسد » ومشتقاته فى القرآن 5٠‏ مرة معظمها 
عن الفساد فى الأرض ومصدره وعاقبته مثل. « وإذا قيل لهم لا تفسدوا فى الأرض 
قالوا انما نحن مصلدون » (؟ : ٠) ١١‏ « ولا تفسدوا فى الأرض بعد اصلاحها » 
(/1 : 051 ) , « وأذا تولى سعى فى الأرض ليفسد فيها » ( " : «١ , ) 3١6‏ الذين 
دفسدون فى الأرض ولا يصاحون » (5"6 : «١ 2 ) ١5:‏ ولا تبغ الفساى فى الأرض » 
(158 :ل7 ) , « الذين طغوا فى البلاد , فاأكثروا فيها الفساد , ( 6م : ١7”‏ )2 
« ولا تعثوا فى الأرض مفسدين » ( ١١‏ : 5 ) , « وأصلح ولا تتبع سديل المفسدين » 
١45 : (‏ ), سالله يعلم المفسد من المصلح » (؟ : 95١‏ ) , « انى أخاف أن يبدل 
دينكم أو أن يظهر قى الأرض الفساد » ( «١ , ) 56: 4٠‏ والله لا يحب الفسساد ء 
(؟ : 05* )ء, « والله لا يحب المفسدين » ( 54:09") ٠‏ 


75568 ده 
استقلال المؤسسات الديذية : 


ان صورة الدين فى أذهان العامة انما تاتى عادة هن « رجال » الدين , 
والمؤسسات الدينية ٠‏ فان! رأتها لا تقوم.بواجبها الديئى والوطنى ٠‏ الشرعى 
والاجتماعى » فانها تفقد الثقة بها 2 وتفقد احترامها ٠‏ اذ تجدها مرة تحلل 
شيئًا ارضاء للحاكم ثم تحرمه مرة أخرى ارضاء للحاكم الآخر ٠‏ لا تقول 
الحق بل تبغى رضا 'الحكام , خوفا من رهبته أى طمعا فى جاهه أى بحثا عن 
ماله حتى أصبح رجال الدين « فقهاء السلطان » أى « فقهاء الحيض والنفاس » 
أى أنهم طواعية فى يد الحكام أى لا يتعرضون لصالح الأمة ولا يواحهون 
ذكرهم الى قضاياها الرئيسية ٠‏ واحب الدولة اذن هى رفع يدها عن 
المؤسسات الدينية . واثبات استقلالها الذى كان يدعمه نظام الوقف حتى 
لا درتيط رجل: الدين فى معاشه بالوظيفة أو السلطان ٠‏ ويمكن ذلك على 
الندو. التالى : 


(1) دور الامام الرائد فى القرية أو فى الحى » حيث يتصل بالجمهرر 
خمس مرات يوميا على الأقل يثقون فيه اذ! رأوا. فيه قدوة وجرأة ‏ وشرفا 
ونزاهة ٠.‏ مستعدون لطاعته إذا أمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر ,2 أكثر 
من أى أطار سدياسى أو « كادر ».. حزبى لا يلتف حوله الا أنصاره أو الراقبون 
فى المذفعة ٠‏ 


(ب) دور المسجد أيضا فى القرية والحى ٠‏ حيث يلتقى الذاس خمس 
مرات .يوميا على الأقل .فهو مكان عامر باستمرار دون ما دعاية ٠‏ وأكثر 
عمرانا من أى مركزحزبي أو خلية سياسية٠‏ يجد الناسفيه التقوى والصلاح, 
الخير والمنفعة , الايمان والعمل ٠‏ وهو مكان للعلم دون ما حاجة الى مدارس 
وتكاليف اضافية ودرامج محي أمية التى غالبا ماتفشل ٠‏ 


(ح) والجماهير موجودة ٠‏ ومسستعدة للعمل 2 يسهل تجذيدها ٠‏ هى 
الرصيد الطديعى لآية” حركة اجتماعية ؛ حركة تلقائية فى مركزها المسجد 
وفى وسطه الامام ٠‏ قلا شكوى أذن من « سلدية ' » الجماهير التى تعلنهسا 
الأحزاب السدياسدية أو من « غياب » الجماهير . وانعدام ثقلها فى الساحة ٠‏ 
الجماهير موجودة . وهى جماهير المصلين » تقع العروش اذا تحركت وتهتز 
التيجان اذا ماتجندت ٠‏ 


( دراسات فلسفية ) 


ابرق 


( د ) والعقائد أيضا للها دور فى تحريك الجماهير واعطائها تصورات 
للعالم وموجهات للسدلوك ٠‏ والتوحيد قادر على تحويل جماهير المصلين 
الى جند الله يفتحون 'البلاد. ٠‏ ويحررون الأراضى ؤويستعيدون مجد الاسلام ؛ 
ونستردون كرامة. المسلمين ٠‏ والتراث الاسلافى عازال فى قلويهم يمدهم 
ببعب جضارى. .' والتاريخ الاسلامى يعطيهم نماذج وقدوة وسير أبطال ' 
وكأن. التاريخ.. نفسه .يعيد سيرته الآولى من جديد ' 


1ت ايطال .مظاهر الثفاق الدينى من أجهزة الاعلام وجهان الدولة : 


ان مايثير الناس والحركات الاسلامية والعلمائية هى وضع «٠‏ الدين » 
فى جهان الدولة عامة وفى « أجهزة الاعلام » عنوان الدولة وصورتها 
خاصة ٠‏ فكل دولة ترفع شعار الاسلام , ؛ تضع فى دستورها أن دين الدولة هو 
الاسلام بعد معارك عدة تشق فيها الوحدة الوطنية وتعتبرها وسيلة لاضفاء 
الشبرعية ,على : الحكام ٠‏ كثير! مايتسمى الحاكم «١‏ أمير المؤمنين » أى « الرئوس 
لمؤمن ٠‏ ظلبا للطاعة وتاكيدا لشرعية الحكم ٠‏ يؤذن للصلاة فى أجهزة 
الاعلام من خلال الفواضل الموسيقية والبرامج الراقصة ٠‏ ويحتفل بالمواك 
النبوية وباعياد الأولياء. » ويعظم القرآن ككتاب محلى بالذهب ومجلد بالقطيفة 
ومزركش بالفن العربى كتحفة فنية على الموائد والنوافذ والعريات الخاصة ٠‏ 
وتبتى الدولة المساجد » وتنشىء دور حفظ القرآن ٠‏ وتقيم الجوائز والمسابقات 
الديذية : 'وتحتفل على رأس الطرق الصوفية ٠‏ وتتشدق بتطبيق الشريعة 
الاسلامية ودتقنين ' بنوذها ٠‏ وتركز على الدين كمادة اجبارية فى التعليم , 
وتفرظض ' ' النواد الدينية على الجامعات بدعوى الاصلاح الجامعى: »2 وتفتح 
أقسام الدزاسات الاسلاميّة ليس حبا فى الاسلام بل لمناهضة الأقسام العلمانية 
ومقاومة المذاهب الهدافة: ٠‏ وينتسب الحكام الى بنى هاشم أو الى العلويين 
أى الى شريف أى نقيب وكان النبوة والحكم ارث من السلف الى الخلف ٠‏ 
وتطال الذقون . وتهف السراويل ٠‏ وتطقطق المسابح » ويفوح البخور / وتباع 
الممساوك , وتغسل الكعبة » وترسل الكسوة حبا فى ال البيت أى قدوة 
الرسئول ! 


: خامسا ب خائمة‎  .- 


مهما.نظرنا فى الفكر الاسلامى » ومهما بينا الاجراءات العملية التى 


5757 ده 


يمكن اتخاذها لتحقيق أهدافه فان ذلك كله ينتهى فى حقيقة الأمر الى تكرار 
أشياء معروفة » قيلت سلفا عشرات المرات فى مجلدات ومجلدات دون اضافة 
جديد ٠‏ فنظريات الاسلام السياسية والاقتصادية والاجتماعية معروفة » وليس 
المهم اعادة عرضها , تبرأة للذمة . وتعويضا عن هآسى العصى ٠‏ بل المهم هى 
بيان المسافة بينها وبين الواقع وتغيير هذا الواقع بالفعل حتى يقترب من 
المثال ٠‏ وان تغيير الواقع خطوة واحدة نحو العقلانية أى الطبيعية أى الحرية 
أى الائسان أو المساواة أو التقدم لأقرب الى الاسلام من عشرات النظريات 
فيها ومكات الآراء حولها * 


صحيح أن طريق التغيير من الدعاة , والتنظيمات الشعبية » والمؤسسات 
التعايمية والثقافية طويل ولكن لا بديل عنه ٠‏ انما التغيير الأقصر والأئجع 
هو التغيير عن طريق السلطة كعامل مساعد ٠‏ وان ثورة القيادة لا تقل أهمية 
عن ثورة الجماهير ٠‏ ولكن , لما كانت السلطة السياسية تعبيرا عن السلطة 
الاجتماعية والسلطة الاقتصادية كان السؤال : هل تبغى السلطة السياسية 
اجراء أى تغيير بالفعل يقوم على مبادىء الاسلام وقيمه أم أنها ستكون 
أول الضحايا ؟ وهنا يدور :الفكر الاسلامى فى حلقة مفرغة بين مبادئه النظرية 
وتحقيقاته العملية. .٠‏ فآصحاب السلطة هم ضحايا التغيير 2» ؤهم الذين 
ديدهم مقاليد الأمور ٠‏ فهل يقضى الانسان على نفسه ٠‏ ويتخلى السلطان عن 
ساطانه وصاحب رأسن المال عن ماله » والظالم عن ظلمه . والقاهر عن 
عن سدطوته 2 والساحر عن' سحره ٠‏ والصوفى عن طريقته ٠‏ والمترأس عن 
رئاسته ؟ هل يتخلى .عن ذلك طوعا عن طريق التوبة والانقلاب الداخلى أو 
كراهية عن طريق ثورة الجماهير عليه أو اعداد! للناس وعرضا للأمور , 
وطلبا للتحدى , ومعطيا للبرهان ؟ لا مفر من الحوار المفتوح امام الناس بين 
أصحاب الحقوق وأدعيائها ٠‏ ومن ثم لا مناص من حرية الفكر الذى بدونه 
لا يجهر بحق ١‏ ولا يقال صدق ٠‏ ولماذا الخوف والعيش فى ظلام ؟ وبيماذا 
تنفع الدذيا ؟ اليس المال والبنون زينة الحياة الدنيا والآخرة خير وأبقى ؟: 
« يوم لا ينفع مال ولا بنون ٠‏ الا من أتي الله بقلب سليم » ( 5" : 5 ) ٠‏ 


هل يمكن تحليل « الشخصية العربية الاسلامية 
والمصير العربى » من منظور اقليمى 
وفى اطار نظرى غربى استشراقى ؟ 


)١: المراجعة كقراءة‎  ةمدقم‎ ١ 


يصعب على الانسان أن يعرض ويحلل عملا لأخ وصديق مثل د١٠‏ هشام 
جديط مؤلف « الشخصية العربية الاسبلامية والمصير العربى » ٠‏ وأحد 
المفكرين :العرب البارزين : والأساتذة الجامعيين المرموقين من القطر العربى 
التونيى الشقيق. ٠‏ ولولا تقديرى له واعجابى بشجاعته الفكرية لما أقدمت 
على هذا العرض التحليلى الناقد لعمله الفكرى ٠‏ انما هى الرغبة فى الحوار 
بين المفكرين العرب ولاقاهة الجسور بين الأقطار الربية الشقيقة وعقبد 
أواصي. الصلة بين جناحى العالم العربى فى المشرق والمغرب هى التى دفعدنى 
لهذا الغرض ٠‏ ومما يزيدنى :حماسا أن هذا بول مقال لى بعد انقطاع عدة 
سنوات عن كتاب. المقالات والمشاركة الفكرية العامة ايثارا للأعمال العلمية 
الطويلة. الأمد. واكمالا. لمشروع « التراث والتجديد » ٠‏ هذا العرض اذن يدحتل 
شرفا مزدوجا للمؤلف والمراجع على حد سواء , فكلانا ينتسب الى جيل 
واحد ايعانى من. مأساة مشتركة ويحاول جاهد! ايجاد حلول قد تتباين 


)١(‏ هذه مزاجغة لكتاب الصديق والزميل د١٠‏ هشام جعيط « الشخصية العربية 
الاسلامية «.المضير: العزبى »:, نقثه الى العربية د٠‏ المنجى الصيادى : وقام المؤلف 
بتدقيقه وتنقيحه » دإن. الطليعة للطباعة. والنشر ١‏ بيروت » الطبعة الأولى , أيار ( مايو ) 
64 , والاضل الفرنسى لقتطةع1267 عنآ أه 8116 2طمهظه2 هنآ : غ10[33 تسعطء21 

4 ,20115 ,لتناع5 تح 101155 ,رقعنان أمطهاهآ-مط جسم 
وقد تمت بناء على طلب «٠‏ المجلة العربية للعلوم الانسائية » التى تصدرها جامعة 
الكويت ٠‏ ونشر فى المجلد الخامس عشى ‏ العدد الثالث 2. خريف ٠ ١9417‏ 


5 . 


ل 759 مه 


بتباين المناهج والمذاهب الفكرية والمواقف الحضارية وان كانت تتوحد حول 


وكل مراجعة ليست فقط عرضا موضوعيا لموضوعات الكتاب » وهو 
مايس.تديل عمليا نظرا للصلة بين القارىء والمقروء 2 بل هى قراءة جديدة 
من موقع مخالف ,2 رغبة فى الحوار واثراء للموضوع ٠‏ ليست المراجعة 
بالضبرورة الدخول فى نفس المشاكل التى يعرضها المؤلف بل رؤية مشكلات 
أخرى من خلالها توسيعا للموضوع واكمالا لنظرته ٠‏ المراجعة تقوم على 
طرح عدة تساؤلات أساسية وتحاول اعادة دراسة الأشياء ذاتها التى درسها 
المؤلف من اطار نظرى مخالف ٠‏ وهذا هى الفرق بين العرض التكرارى 
والعرض الخلاق ٠‏ الأول للاتفاق ولا يقول جديد! والثانى للخلاف والدوار: . 
الأول للمدح والتقريظ والثانى للنقد والاكمال ٠‏ فكل قراءة لنص على هذا 
النحى. الثانى هى خلق لنص جديد ٠‏ وتدعيما للقراءة الجديدة للنصوص. 
الأولى أوردت كثيرا منها كنماذج ممثلة لتيار عام دون ايثار أو افتعال. ٠‏ 
قد لاا يراها المؤلف أفضل النصوص ؛ وقد يراها مقطوعة السياق » وقد يراها 
معارضة بنصوص أخرى ؛ ومع ذلك فانها وان كان يبدى بعضها أحيانا على 
هذا النحى الا أن مجموعها يمثل روحا عامة هى موضوع الحوار ٠‏ 


؟" - اأوضموع والنهج : 


موضوع الكتاب هى ,م الشخصية العردية الاسلامية والمصير العريى 
الفرنسبية » وان كان أفضل الترجمات ٠‏ فصفة « العريى الاسلامئ » فى الأصمل 
الفرنسى للشخصية والمصير على حد سواء وليس للشخصية وحدها 
واختصار الصصدفة الى 2 العربى » للمصير كما أن « المصير » أختيار لأحد 
جوانب لفظ 1676218 الذى يفيد معنى المسنار والصيرورة أكثر مما يفيد 
معنى المصير 2168812868 , ومع ذلك يظل العئوان المقترح فى الترجمة 
العردية معبرا من حيث جماليات اللغة عن معنى العنوان الأصلى وان لم 
يكن مطابقا له مطابقة حرفية تامة ٠‏ والترجمة المعنوية فى النهاية أحسد 
ضروب النقل ٠‏ وبالرغم من الجهد المبذول فى الترجمة ومراجعة المؤاف 
تدقيقا وتنقيها الا أن الأسلوب العربى مازالت تغلب عليه بعض مظاهر 


إمسنا 57 - 


العجمة والتى تبدو أحيبانا فى النقل الصوتى الذى لا لزوم له مثل 
« الكلاسيكى » . «١‏ المجدلن » , « الميثى »(5) أو فى الترجمات. العربية مثل 
« الجنسية المثاية » ترجمة للشذون الجنسى أو « الأستازية » ترجمة 
للمدرسية(؟) ٠‏ كما أن بعض الهوامش تتضمن احالات اللى ترجمات عردية 
مع ذكر المراجع الأصلية(4) وأخرى تتضمن عبارات ناقصة وجملا غير 
مفيدة هن حيث التركيب اللغوى(0) ٠‏ كما تغيب عن الترجمة فهارس داشماء 
الاعلام أى الموضوعات أو الأماكن مما يسهل على الياحث والقارئىء: مغا 
التعرف على العناصر الرئيسية المكونة للكتاب ٠‏ 


ويضم الكتاب فى الأغلب مجموعة من المقالات كتبت فى ظروف مختلفة 
وتم العثور لها على بنية عامة تضمها فى موضوعات مختلفة ست هى : 
١‏ الشخصية العربية الاسلامية <٠‏ ؟' ‏ نصوى مصير مشتثرك  "” ٠‏ جدلدة 
الاستمرار والتغير ٠‏ 84 الاصلاح والتجديد فى الدين ٠‏ © الاذسان 
العربى المسلم ٠‏ 7 تنظيم المجتمع والدولة ٠‏ وواضح أنه يصعب ادجاد 
بنية متسقة تعبر عن موضوع الكتاب ٠‏ فالموضوعان الأول والثانى يعبران 
عن العنوان الرئيسى لاكتاب ٠‏ والموضوعان الثالث والرابع يتناولان موضوع 
الأصالة والمعاصرة ٠‏ القديم والجديد ٠‏ والموضوعان الخامس والسادس 
يعرضان لموضوع الفرد والدولة ٠‏ ومع ذلك تظل الموضوعات الست متفرقة 
ينقصها التماسك الداخلى وتغيب عنها البنية الواحدة التى تكشف عن 
المكونات الداخلية للشخصية العريية الاسلامية فى التاريخ ٠‏ ونظر! لهذا 


الذهاب والاياب المجدلن بين داخل الوعى وما وراأء العالمم » ( ص ٠) 1١1١5١0 1١١‏ 
0 وقد أشرنا آنفا الى الكساء الميثى للدين 4 ) ص ١١‏ ( . 

(؟) الجنسية المثلية ( ص 177 ) ٠‏ « الفلسفة الكلامية والاستاذية » ((ص 50 ٠)‏ 
(4) مثلا : الترجمة العربية , القاهرة ١454‏ ص 7٠١‏ لكتاب 18618016ه 12888 
5 طاأع5 1120 اعاعظ (ص 6” هامش ؟ ٠)‏ 

5( مثلا : « من وجهة الفكر لا العادات » ) ص ١59‏ ( 1 وأى ألانيا وفرنسا 2« 
(ص 76 ) ٠‏ « لكنها أيضا مرتبطة باستقرار العرب فى المدن » ( ص 17” هامش 5 ) ٠‏ 
د كبرت ناجح أو فقر فى الحياة الوجدانية ه ( ص ١154‏ هامش ١١‏ مكرن ) ٠‏ 


احرف ك5 


الغياب للبنية الواحدة للموضوع فقد بدا عدم تئاسب كمى بين الموضوعات 
الست خاصة الموضوع الثالث « جدلية الاستمرار والتغير » والذى لا يتجاون 
ثمان صفحات فى مقايل الموضوعات الخمس الأخرى التى يبلغ كل منها حوالى 
أربعين صفحة » كما أنه أقرب الى الموضوع الثانى « نحو مصير مشترك » 
أذ يتناول موضوعى الشخصية والمصير أولا والبحث عن أيديولوجيا ثانيا 
وقد تم تذاولهما من قبل فى الموضوع الثانى « نحو مصير مشترك » ٠‏ 

ويبدو أن صعوبة البحث ومظاهر الاضطراب فيه انما تنش من عدم 
استقرار الباحث على علم معين يضع موضوعه فيه ٠‏ علم الاجتماع أى علم 
التاريخ أى علم السياسة أى علوم الثقافة والحضارة ٠‏ لقد حاول الباحث 
الجمع بين كل هذه العلوم وجمل الدراسة اقرب الى علم الاجتماع 
التاريخى أو علم التاريخ الاجتماعى مما جعله يستقر أخيرا على نهج ااتحليل 
الاجتماعى للتاريخ ٠)6(‏ ومع ذلك فالمنهج كثيرا ما يتوارى أمام كثير من 
الأدكام المسبقة مما جعلت الكتاب يبعد عن العلم ويقرب من الايديولوجيا , 
ويكشف عن موقف سياسى غير معلن تحت ستار أكاديمى معلن ٠‏ ظهر الكداب 
كله وكأنه خلط بين الموضوعية العلمية والرغية فى التأكيد على الذات , 
بين الوصف المتجرد والبحث عن الهوية ٠‏ كما يكشف الكتاب أحيانا عن 
خلط بين وصف ماهى كائن والدعوة لما ينبغى أن يكون مستعملا عبارات 
« يجب » » « لابد »(7) ٠‏ وأخيرا يقع الكتاب فى كثير من التعميمات والأحكام 
الجائرة تتعلق بالأخلاق الاسلامية وبالعالم المعاصى ياباها البحث العلمى 
الرصين(8) ٠‏ 


“"' - الأقسام الرئيسية : 


بعد مقدمة قصيرة. ( ص © - ١١‏ ) يتحدث فيها البياحث عن عمله 

(1) يقول الباحث مقرا بهذا المنهج « ويكتسى هذا التحليل السوسيولوجى التاريخى 
أهمية فريدة لابراز المؤسسات الأولية ( ص ٠. ) ١١١‏ 

(1) مثلا : « لكن يجب الاعتراف تماما بأن العالم المعاصىس هى عالم الزيف 
والغش ( ص ©7180 ) «١ ٠‏ لكن لابد من الوصول الى تحرير الأخلاق الملموسة من وطاة 
الأخلاق الدينية » ( ص ٠ )١١5‏ ا 

00 مثلا «١‏ وقد جهل الاسلام الاقليمى البرجوازى المحنط الحب وتلوناته 
اللامتناهية وبعده النبيل » ( ص ٠ ) "١1‏ 


هت ررييى 


كمغامرة ٠»‏ رابطا اياه بتجاربه الحية الفردية والاجتماعية كاشفا عن بحض 
أحكامه المسبقة فيما يخص التمايز بين المشرق العربى والمغرب العربى 
ومظهرا منذ الدداية الاطار الثقافى الغربى والاستشراقى الذى يستئد عدب 
تحليل موضوع الكتاب ٠.‏ وعارضا موجنا! لأقسامه ' ويضم الكتاب سيتة 
موضوعات رئيسية ؛ 


الموضموع الأول 5 الشخصدة العردية الاسلامية 6 ( ص ٠١‏ ١ت‏ ا 
وهو أيضا العذوان الرئيسى للكتاب ٠‏ ويشمل ثلاث محاور : الأول « الاسلام 
والعروية ( ص ١١‏ 35 ) ويعطى نموذج تونس المعاصرة وجدلية الانتماء 
الاسلامى والعروبة ثم يؤصل ذلك فى المحور الثانى « القضية التاريذية » 
رص 5١‏ "73 ) ابتداء من الاسلام البكر ومرورا بالعالمية العربية الاسلامية 
فى العصر الأول حتى انشقاق 'العروبة عن الاسلام وتكوين مفهوم الشخصية 
الادديولوجية الثقافية ٠‏ ويركز المحور الثامث « الشخصية التاريخية 
انتقالا الى أصصالة التطور فى الميدان 'العربى ومطبقا اياها على القومية 
الحديثة ف ى المغرب ثم محاولا التعميم من جديد على التاريخ والوعى القومى 
وهمنتهيا دحكم عام على الازدواحية العربية ٠.‏ 


واللموضوع الثانى « نحى مصير مشترك » ( ص 2550( 18 ) وهو 
العنوان الثانى الرئيسى فى الكتاب « المصير العربى » * ويدور أيضا حول 
محاور ثلاث : الأول « الايديولوجيا القومية العربية » ( ص لاه 11 ) 
ممثلة كولا فى البعث عرضا لفكر ميشيل عفلق ثم نقدا لمه وثانيا فئ الناصرية ٠‏ 
والمحور الثانى « فى سديل التوحيد » ( ص 3١ 7١‏ ) عن الوحدة العربية 
بفاعا عن بعدها التاريخى والثقافى وضرورتها للتنمية الاقتصادية واهميتها 
فى التربية الأخلاقية والبشرية ٠‏ والمحور الثالث « المقاومات المستقبلية » 
( ص ”87 1448 ) يعرضضن لصعوبات. المشروع الوحدوى ولحالته الراهنة بين 
التجمعات الاقليمية وطموحات الوحدة الكاملة ٠‏ ا 


والموضوع الثالثك 2 جداية الاستمرار والتغير » ( ص ١٠١١‏ ب ٠١8‏ ( 
والبحث عن الايديولوجيا ٠‏ 


دل "59 ل 


والموضوع الرابع « الاصملاح والتجديد فى الدين » ( ص ١55-20١١‏ ) 

دقوم على محورين : الأول « الاصلاح » ص ١١١ ١١‏ ) ويتركز حول 

شروط العلمانية ونقد الاتجاه الاصلاحى والتحديثى ويعرض للعلمنة 

والتشريعية وتحرير الأخلاقية والصلة بين الدين والدولة ٠‏ والمحور الثشاذى 

« تجديد الرؤية الايمان » ( ص ١؟١‏ 15:90 ) يبين تاريخية الدين والتفسير 

الفاسفى للاسلام والقراءة الميتافيزيقية للقرآن ٠‏ ثم يحاول أن يعبر عن روح 
الاسلام ويحدد محديز مؤّسسه ! 


والموضوع. الخامس « الانسنان العرينى المسلم » ( ص ١8١ 2 ١550‏ ) 
يقوم على .محورين : الأول التفرقة بين «النقد الذاتى والاستنقاصات الذاتية» 
وص ١١4 - ١45‏ )., الأول مجرد نقد ذاتى بينما الثائى استنقاص استعمارى 
الشخصمية النفسية .كما حدث فى المغرب الغربى ٠‏ والمحور الثانى « الشخصية 
الأساسية » ( ص 18١١ ١6١5‏ ) وهى تطبيق على الشخصية التونسديه 
ومؤسساتها الأولية ابتداء من نهاية العصى الاستعمارى حتى التغيرات 
الراهنة ثم تعميم التجربة :التونسية على الشخصية العربية : 


'والموضوع. السادس والأخير ٠‏ تنظيم المجتمع والدولة رص ١850‏ 
"3٠٠‏ ) ويقوم أيضا على محورين : الأول « اصلاح الدنى » ( ص ١87‏ 
05) متناولا الفكر. الاقتصمادى الجديد والتخلف ومميزا بين المنظور الفورى 
والمنظور: الدعيد ومقترحا بعض الاصلاحات المخسوسة ٠‏ والمحور الثشائى 
« استراتيجية المستقيل » ( ص "٠١ ١91‏ ) يضع نموذجا يقوم على البنية 
الاجتماءية العميقة والحركة الاجتماعية المعاصرة واصفا الدولة البرجوازية 
ووضيع الطبقة المفكرة ومخددا معالم الديموقراطية والحرية ٠‏ 


وينتهى الكتاب بخاتمة قصيرة ( ص ١79‏ 7 594.) .مؤكدا بعض 
الأحكام الرئيسية فى الكتاب حول الشخصية العربية الاسلامية كمفهوم ثقافى 
وهوية تاريخية أساسية تقوم على رهان تنبوٌى ببعث: تقليد .روحئ مستقل 
ومؤكدا حكمه المسبق حول استحالة تجديد هذه الشخصية سياسيا , عروبيا 
أى اسلاميا وأن القضية الرئيسية هى الحداثة فى اطار كوئئى ٠‏ 


ومع ذلك يتذلل الكتاب بأقسامه الست موضوعان رئيسيان بين السطور 
وهما : أولا مدصسى والعروية والاسلام. وثانيا الثقافة 'الغربية والاستشراق 1 


ل 595 بت 


وهما أيضا. الموضوعان الرئيسيان اللذان سيصحبان موضوعى الحوار 
الرئيسيين بين المراجم والمؤلف توثيقا لأواصر الصداقة وعقدا للحوار دين 
المفكرين العرب فى المشرق والمغرب ٠‏ 


؛ ب مصر وتونس : 


ومنذ المقدمة الأولى , يكشف الكتاب عن هوية صاحبه كمفكر تونسى 
مغريى عربى اسلامى فى دوائر أربع متداخلة ٠‏ وهى دوائر ثقافية حقيقية 
دون تنكر لاحداها مرة باسم تونس المنفصلة عن مصبر ٠,‏ ومرة. ثانية ياسم 
المغرب العريى المنفصل عن المشرق العربى ٠‏ ومرة ثالثة باسم العروبة المجتثة 
الجذور عن الاسلام » ومرة .رابعة باسم الوحدة الاسلامية التى لا ترتكن 
على أسس جغرافية أو لغوية ٠‏ فالنموذج التونسى ماثل فى الأذهان. » ونظرا 
لشاركته ذماذج مشابهة فى أقطار عربية أخرى فى المشرق والمغرب على 
السواء فاثه. يتحول الى نموذج عربى اسلامى » تعميما للجزء على الكل , 
وانتقالا من الخاص الى العام دون مجافاة فى الحكم أى.تعسف فى الاطلاق ٠‏ 


كما يء«تمد الكتاب على تحليل تجارب /حية عاشها المؤلف باعتبساره 
مفكرا واستاذا » عالما ومواطنا , عربيا واسلاميا » وطنيا وقوميا ٠‏ وبالتالى 
فهى وصف لتجارب حية يشاركه فيها معظم المفكرين العرب الذين ينتسبون 
الى هذا الجيل » وان كان المؤلف يمتاز عنهم بثقافة واسعة وتحليل يقوم على 
الغرص فى الأعماق ٠‏ وتصل التجربة الحية الى حد القلق. الوجودى الذى 
يكشف عن أزمة صاحبه » أزمة الفرد والمجتمع » أزمة الحضارة والتاريخ ٠‏ 
ولكن أحيانا تطغى الأزمة النفسية على صواب النظرة ويصبح المؤلف شاهدا 
على عصره أكثر منه عالما يدرس موضوعهه ٠‏ وبالتالى يتهول الدارس الى 
مدروس ٠‏ وينقلب الذات الى موضوع ٠‏ 


وهذا هى السبب فى انقلاب الموازين وتخلخل النسب بين الدوائر 
الأريعة التى يضع المؤلف نفسه فى مركزها : تونس ٠‏ والمغرب ١‏ والعروية ٠‏ 
والاسلام ٠‏ ويضع لكل منها نقيضا شعوريا ولاشعوريا : تونس فى مقابل 
دصر , والمغرب العربى متمايزا عن المشرق العربى ٠‏ والعروبة فى مواجبة 
الاسلام » والاسلام يتميع فى النهاية لأنه ليس مع أحد أو فى مواجهة أحد 
فيمحى فى اطار الثقافة الغربية والاستشراق ٠‏ 


55960 د 


ويعترف المؤلف صراحة بأن التجرنة التونسية هى منطلقه الأول واكن 
أحيانا تتغلب المحلية. التونسية على الشمول. المغربى , كما تتغلب الخصوصد 
المغربية فيما بعد على الشمول العربى ٠‏ وكما يتغلب الواقع العربى فيما بعد 
على الشمول الاسلامى(؟) ٠‏ ويريد المؤلف اللحاق بالمفكرين المغاربة والوقوف 
معهم على نفس المستوى من الشهرة والحرأاة الفكرية خاصة مفكرهم الأول 
عدد الله العروى والذى يشير اليه المؤلف باستمرار مستشهدا به ومؤيدا 
له دون نقد أى مراجعة حتى يكون « عروى تونس » مسقطا من حسابه 
اجتهادات باقى الاخوة المغتارية فى الرباط وفاس ومراكش والدار 
البرضاء ٠ )١٠١(‏ 


ولكن الأخطر من ذلك هى وضع تونس فى مقابل مصر » وأن ابراز 
الأولى ومساهماتها فى التجارب الوطنية والابداعات الفكرية انما يكون على 
حساب الثانية اغماضا لحقها وتنكرا لتاريخها العربى والاسلامى ٠‏ فالكم 
الهائل من الأحكام الجائزة: على مصر ابرازا لخصوضيتها وتمايزها عن 
العالم العربى ومحليتها وعجزها تثير فى الأذهان « النورقيبية » فى الحقبة 
الناصرية(١١) ٠‏ فبينما تجد اشادة واحدة بامكانية تفاهم المصرى مع المغربى 
وبالتالى امكانية وجود. بعد.عربى للمصرى الا أن ذلك فى مقابل عدم.استطاعة 
تفاهم الفرنسى مع الاسبانى أى بالمقارنة بالقرب وليس له إية دلالة عربية(5١) ٠‏ 
الإاأن معظم الاشارات الى مصر انما تأتى للتاكيد على محليتها وعدم استطاءة 
تواصلها مع مديطها العربى والاسلامى بل وتجزئها الى لهجات محلية 


(9) يقول المؤلف « سوف يسمح التحليل الفورى للمجتمع التونسى 2 وهى منطلق 
تجربتنا , بابران المواقف المتضاربة » ( ص 57" ) ٠‏ 

)٠١(‏ مثلا : « ومن المفارقات أن وصلنا من أقصى المغرب التفكير الناقد الأكثر 
اقداما والتعلق بقضايا العالم العربى , نعنى تفكير عبد الله العروى » (اص ٠ ) ١‏ 
وأيضًا « اننى " يْصدّذ “التفكيز'“مثلا فى آراء عبد الله العزؤى التفكير الذى يتصف 

)١١(‏ بالرهم من أن كاتب هذا المقال مصرى المولد الا أنه عربى الهوية اسلامى 
الثقافة وبامتالى فان هذا التدليل لا يقوم على أية نزعة مصرية بل هى تحليل تاريخى 
صرف لاحدح التجارب المعاصرة التى يعيشها جيلنا فيما يتعلق بالتجزئّة والوحدة ٠‏ 

)١5(‏ « فانا نجد المصرى يتفاهم جيدا مع المغربى 2 وهذا ليس شأن الفرنسى 
والايطالى , والفرنسى والاسبانى » ( ص 6" ) ٠‏ 


اعرف 5 


داخلية فى القاهرة والاسكندرية والصعيد ٠‏ وبالأولى تتماين 
اللهجة المصرية: عن اللهجة التونسية وعن باقى اللهجات فى الأقضار 
العربية 2 وتنتقل المحلية من مستوى اللفة الى مستوى الانتاج الأدبى 
المنغمس فى الواقع المصرى والذى لا يستطيع القارىء العربى الوصول اليه ! 
ثم تتجاوز المحلية الأدبية ذاتها الى محلية الوعى القومى والارادة الوطنية 
و « المعرفة » فى تاريخ مصر الوطنى فى عصرها الليرالى(؟١) ٠‏ ويتجاوز 
الأمر الى بناء الشخصية المصرية : قهر السلطة وعجن الناس , تسلط الحكام 
وضعف الأهالى منذ غزى عمرو بن العاص لمصر ٠‏ وان ضعق الناس فى مصر 
فى بناء الذات القومية لمشابه لضعف البربر ولضعف أهالى الشسام 
والغراق (14) " وينتهى الأمر كله الى انكار زعنامة: مصى نظرا. لعجزها 
ورغبتها فى الهيمنة والسيطرة وحب الذات والترجسية مع أن هناك مركزين 
للزعامة : مصر والأندلس » المشرق والمغرب ٠‏ وقد نقل 'الفاطميون زعامتهم 
الى مهس وضدم الأيوبيون الشام وسرعان ماطرد العثمانيون مصر منها ! 
كما أعطى الاسلام مصبر منذ فتحها زعامة تاريخية ٠‏ فزعامة مصر عرض 
تاريخى ثقافى وليست مكونا جوهريا فى الشخصية المصرية » بل ان الحركات 
التحررية الوطنية المعاضرة لم يكن لها مركز واحد فى هصر بل مراكن متعددة 
فى تونس والجزائر ‏ وكلها كيانات محددة ولا تمثل تيارا عربيا واحدا 


؟) «. <٠‏ تميز فى صر عامية القاأهرة وعامية الاسكندرية وعامية بصعيد 
حصر + (اص 63 ) د أنه يمكن القول بأن هناك لهجة مصرية متميزة وكذلك لهجة 
تونسية » (راص ٠ ) 5١‏ «فماأأ القول فى عمل روائى منفمس فى أعماق واقع الصعيد 
المرى أى فى نسيج غالم غريب عن كيانى ! » ( ص 75 ) ٠ ٠‏ لقد دان الحديث فى 
هذا الموضوع بمصر خلال فورة الليبرالية والمصرنة وما يبدى متناقضا أن الآمر قد 
جد وقت ازدهار الأدب العربى المصرى » (( ص 00) ٠١‏ / 

٠٠ « )١4(‏ مماليك مصر المتسلطون على أبناء النيل من أحفاد الأهالى الذين 
غزاهم عمرو بن العاص فتعربوا بالامتزاج البشرى والتلاقح الثقافى واعتنقوا الاسلام 
جميعا أو يكاد » ( ص "6" ) ٠‏ « يبدو لنا أن ضعف عطاء الأهالى كالبربر والمصريين 
وأهاللى الشام والعراق فى بناء الذات القومية مسلمة صحيحة اذا مانظرنا جديا فى 
كيفيات التعريب » ( ص 68" ) ٠‏ 


ل لا75 هه 


يخترقها جميعا تتوالد منه الثورات(5١) ٠‏ وهذه هى « البورقيبية » بعينها 
ابان الحقبة الناصرية والمد الثورى العربى القومى بما تمثله. من عداء لمصر 
ولزعامتها ولقيادتها حركة التحرر العربى ورفضها الاعتراف باسرائيل ودعوة 
ونس لذلك وانشقاقها عن الصف العرييٍ معتيرة نفسها أوربية اكش منها 
عربية ' وفرنسية أكثر منها اسلامية . وهى مايعترف يه المؤلف نفسه من 
وصف لبورقيبة فى ذلك الوقت والذى تاشر بما لاقاه من استخفاف أثناء 
اقامته بمصرٍ ٠‏ وحذر من محاولاتها للهيمنة ٠‏ وتبنيه لفكرة الآمة المحدودة 
على النموذج الأوربى 2 . وشاثره ببعض الأفكار الاستشراقية بالنسية لفوضى 
البرير والبدى , وضرورة الانطلاق الى البناء الوطتى والقومى المحدون 
للدولة الحديثة ! لقد بقى بورقيبة مبهورا بأوربا ولاسيما بفرنسا مشمتزا 
فى قرارة نفسه من الفكرة العربية ومن المشرق الذى يعتبره مغايرا لعالمه., 
قالعروبة بالنسية له صيفغة رجعية مغرقة في التقاليد واللاعقلانية وأن. القومية 
العربية ماهى الا ديماجوجيا وفورة(17) ٠!‏ ظ 


(15) « فقد ذكرنا أن مصى تبدى عاجزة عن تحمل 'الدور القيادى الذى كان 
ليروسيا » ( ص ؟7 ) ٠‏ « ظهر الوعى المضصرى افراديا شديد التفرد مهيمنا وحتى 
تعسفيا. من جهة » ( ص 81 ) ٠‏ « ولعل مأيسود مصر هى النرجسية. فى 'حين. أن 
العدابّية تثمين العراق والسعودية » ( ص ٠ ) ١,7١‏ « فمثلا لكى يحقق هذه الوحدة 
وجريا وراء شرعية قديمة .لم ير الفاطميون من حرج فى نقل سلطتهم من. افريقيا. الى 
مصر ٠‏ أن مصر بالذات فى الحكم الأيوبي ثم فى حكم المماليك عجلت بضم الشام ثم 
طردها العثمانذيون من هذا البلد » ( ص "7 ) ه ٠٠‏ مركزان حضاريان » مصر من 
ناحية المشرق والأندلس غريا » ( ص «٠ ٠ ) ١١‏ لقد اكدت مصر زعامتها من كافة 
: الوجوه وهى البلد الذى لم يكن له فى القرن الثانى الهجرى سوى ولاية خارج المركن 
وصحراء ثقافية من الوجهة العملية » (( ص ٠٠٠ « ٠ ) ٠١‏ وهو يتعلق بحركات التحرير 
فى كيانات محددة ( تونس , الجزائر . مصر ) , ( ص 4١‏ ) . 

01 يقول المؤلف مشخصا بورقيبة « وهو رجحل تأشر أيضا يما لاقاه من استخفاف 
خلال اقامته فى مصر » ( ص 2١‏ ) . « يجب الاعتراف يوجود شىء من العظمة فى 
هذا الانطلاق الى البناء القومى ٠٠١‏ فكرة الأمة المجدودة على التموذج الأوربى » 
( ص «١ ٠ ) 8١‏ لقد تخذى ببعض الأفكار الاستشراقية. المتعلقة ينزوع البرسس والبدو 
الى الفوضى نزوعا مرضيا » ( ص ٠ ) 4١‏ « بقى بورقيبة.بالفعل مبهورا بأوريا ولاسيما 
بفرنسا وهى يشمئن فى قرارة نفسه من الفكرة العربية.ويشمئز .من المشرق أذ يعتبره 
عالما. مغاير! تماما لعالمه ٠‏ وله الشعور أن العروبة صيغة رجعية مغرقة فى التقاليد 
واللاعقلانية وأن القومية العربية ديماغوجيا أى فورة » ( ص 87 ) ٠‏ 


558 ب 


. 5 المشرق العربى وا مغرب العربى : 


ويتبنى المؤلف هذا المفهوم الخاطىء الذى سار فى أقطار المغرب العربى 
خاصة فى المغرب وتونس ثم فى ليبيا والجزائر عن خصوضية المغرب العربى 
فى مقابل المشرق العربى , فالمغرب عقلانى والمشرق صوفى , المغرب اخبارى 
والمشرق انشائى ٠‏ المغرب علمى والمشرق دينى » المغرب أوربى والمشرق 
أسووى ٠‏ ويبلغ الغلى بالخصوصية الى أنها تتصول من حد التماين الى درجة 
القطيعة بينجناحى العالم 'العربى: استناد! الى « القطيعة. الابستمولوجية , 
الواردة من ثقافى الحى اللاتينى واعتزاز! وترويجا لباشلانر 18365613250 
وتضل الأحكام أحيانا الى درجة من القطيعة بحيث تبدى مشابهة لأحكام 
المؤرخين الأوربين الذين وقعوا فى أتون العنصرية والشعوبية فى القرن 
الماضى ٠‏ والأمثلة كثيرة ٠‏ فالمغرب يستحوذ عليه التبحر فى كافة القدرات 
فى.حين أن فى المشرق تطمس السيولة اللفظية كل جهد علمى ! الغرب. يسوده 
التبحر العلمى حتى ولى كان جافا والمشرق فكر مجدب متمذهب وغير متمكن 
من المعرفة ! المشرق غارق فى الطائفية التى لا يعرفها المغرب (/ا١) ٠‏ التجديد 
كله من المغرب حتى ولى كان متمزقا لأن 'الشرق غير قادر عليه ٠‏ لقد توقف 
تقدم المشرق الى حد التقهقر نظرا لتسلط الدولة ولعدم تطعيم الفكر فى الشرق 
بالثقافة الغربية ٠‏ أما المغرب فقد استطاع وحده حل مشكلة الاصالة 
والمعاصرة حين غرق المشرق فى القديم وانقطع ‏ عن الحداثة ٠‏ وكيف ينهض 
الشباب 'العربى وهى يرى نفسه فى المرأة المشوهة للمشرق العريتى ؟ الى هذا 
الحد تبلغ تعسفية.الأحكام والتى تصل الى حد التجريح(8١) ٠‏ وبالرغم 


» لكن النتيجة أننا نجد فى تونس تبحرا علميا جافا ومازال متلجلجا‎ « )١0( 
» أما فى المشرق فيسود فكر همجدب متمذهب تمذهبا متدنيا غير متمكن من وجهة المعرفة‎ 
ان هذا التضارب الدينى وهو ما أسمى بالطائفية شيئًا لا تعرفه الروح‎ ١٠ ٠ ) ١ ص‎ ( 
٠ ) 1١ المغربية » (ر ص‎ 

(14) « فشفاعتى أن. تجديد الفكر العربى. من يأت من المشرق بل من هذا المغرب 
المتمزق قطعا , فاذا أمكن التأسف لكون النهضة الفكرية لمم تكن فى مستوى النهضة 
السياسية فى الجناح الغربى من العالم العربى فان الاتجاه العام لا يمكن أن يتجه 
الا الى الأعلى ٠‏ أما فى المشرق فقد توقف التقدم الذى طرأ فى الماضى بحيث صار 
ينكن اعتباره تقهقرا ثقافيا أكثر منه ركودا والتواء » ( ص 7 ) ٠‏ « هذا الشباب 
مدتفتح على العالم الخارجى لكن بصورة وسيطة وعبر مرآة مشوهة هى مرأة المشرق 
العربى الذى ارتفع الى مرتبة المجتمع الموازى للمجتمع الغربى الموازى له فى الكرامة 
المتملك لأنساق دن القيم والأساطير ( ص ٠ ٠ ) ١7‏ 


555 مه 


من. اعتراف المؤلف بان الثقافة المشتركة بين المشرق العسربى والمغرب 
العربى ههى واقع ومعطى نهائى لا يرد الا أن هذه الثقافة المشتركة. لا.تعنى 
أى توحيد للمصير السياسى أى الكيان .الحضبارى ٠‏ فاذا ما تبتى المشرق 
العربى فكرة القومية العربية توحيدا لاقطاره فانها لا تعنى بالنسبة للمغرب 
العربى الا اطار! ثقافيا عاما لا يمس وجدانها .السياسى والقومى ٠‏ فاذا 
كانت العروبة بالنسبة للمشرق العربى ذقافة وسبياسة فانها نالنسية الى 
المغرب العربى مجرد ثقافة )١9(‏ ! 


ويستشهد المؤلف فى تأكيده على هذا التمايز الذى يتدول الى تقابل 
ثم تضاد وتناقض .دين جناحى العالم العربى فى. المشرق. واللغرب يوصف 
هيجل إصلة المغرب. العربى بالغرب فى مقابل صلة المشرق «العربى بالشرق 
ابان المد الاستعمارى الأوربى: فى: القرن الماضى وتحويل أوربا: كلها مركزا 
تدون حولها الاطراف فى آسيا وأفريقيا والامريكتين * وعلى هذ! النحى يكؤن 
محبير المغرب .العربى هو الغرب فى حين أن اتجاه المشرق العربئى: تحئ الشزق 
وهى نفس اطروحة .الستعمر الفرنسى. فى احتلاله: لشمال افريقياء ايتداء من 
الجزار. مندٍ. قرن ونصف ٠.‏ بل ان الدولة:العثمانية ذاتها هى ‏ أوريا الشرقية 
محررة من سيطرة الشرق )5١(‏ ! فالمغرب هو المغرب الغربى وليس المغرب 


(05 « على أن الوعى الواقعغ لحياة ثقافية مشتركة بين المغرب والشيق هو 
منعطى نهائى لا يرد لكن الانتمتاب الى أفق نفس الثقافة العليا لا يَجِب أن يَعنى التوحيد 
الفرورى للمصير السياسى والتوحيد الحضيارى © يمكننا تصوز المششرق بيس" وهى 
يشيد كل مستويات وجوده على الفكرة العربية مستوى الثقافة 'لا مستؤى الوعى 
الننياسى القومى فى حين أن المغرب لن يكون عربيا الا فى 'المستؤى الأكثر اتساعا 
للوعى الثقافى مدركا ذاته فيما ستوى ذلك كوظن نوعى لشخص نوعى ٠‏ وهكذا توجد 
مجموعة 'عزبية تلتهب من كل جوانبها عبر وعيها العربى من جهة وتكون هناك مجموعة 
مغربية تدرك ذآأتها ادرزاكا موجيا بصفتها تلك من جهة أخرى بحيث تغذى فيها. العروية 
طبقة معينة من الكائن فقط ٠‏ ان .العروبية حمبب هذا التصور تكون الأس للمضير 
التاريخى الحاللى فى المشرق وتكون بالمغرب البعد الثقافى المجرد والأهم والجوهرى > 
(ضس ٠)9١‏ ة 

)7١( 7‏ « وهكذا يتواجه المغرب العربى والمشرق العربى الصرف ٠‏ وقد سيق لهيغلٍ 
أن قال سنة 187١‏ مامفاده « ان الجزء الشمالى من أفريقيا الذنى يمكن تسميته جزء 


74ل 


العربى بفارق نقطة واحدة تحول العين الى عين ٠‏ وعلى هذا النحو يكون 
المشرق الهربى فى مقابل المغرب العربى وليس فى مواجهة الغرب المسيحى ' 
ويقحول التناقص الثانوى ‏ على فرض التسليم يه جدلا ‏ بين جناحى العالم 
العربى فى المشرق والمغرب الى تناقص رئيسى ٠‏ ويتحول التناقص الرئيسى 
بين المغرب العربى والغرب الاستعمارى الى تناقص ثانوى بل الى وئام 
جغرافى وثقافى وحضارى ٠ ! )5١(‏ 


5 . العروبة وفلسطين ؛: 


| ويظل استدلال المؤلف مستمرا من التقابل بين مصر وتونس الى 
التضاد بين المشرق العربى والمغرب الربى الى أن يصل مداه فى أنكار 
القومية العربية وجعل العروبة من اختراع المشرق العربى دون ال مغرب العربى 
ثم التسليم بالمشروع الصهيونى ٠‏ فالفكرة العروبية انما نشات فى المشرق 
لتشييد أمة مجددة فى المشرق ٠‏ وليس'فى المغرب ٠‏ والثقافة العربية المعاصرة 
تتصف بضحالة مؤلمة كما وكيفا فاقدة للنفس والتقئية ! انتاجها. الأدبى 
تسوده. السذاجة وتقيب عنه الطلاوة ويعكس عالما ساذجا .٠‏ بل ان الطبقة 


معت منا تطتعيس ويد ونان ل : 


. السواحل لأن مصر اتكمشت غالبا على ذاتها بواسطة البحر المتوسط , هذا الجزء 
يُوجد على ضفة البحر هذا وعلى ضفة المحيط الاطلسى انها جهة بديعة قامت فيها 
قرطاجة فى الماضى ٠٠٠‏ كان يجب ربط هذه المنطقة بأوربا وهو ماوفق فيه الآن 
الفقرنسيون » ( صن ٠ ٠ ) 5١‏ اتجهت تونس الى المشرق العثمانى والى أوربا شرق 
البحر المتوسط فى حين أن المغرب الأقصى أدرك ذاته فى أطار طرقه الدينية والولاء 
ليراث الاسلام فى الأندلس كما قال عيد الله العروى » رص ؟5) ٠‏ ْ 

)5١(‏ م وقد تحددت الفكرة العربية للمشرق فى اللغة الجغرافية التساريخية 
لا بالنلر للغرب المسيحى بل بالنظر للغرب الاسلامى ( المغرب واسبانيا ) أى بواسطة 
التمييز فى دار الاسلام التى كانت تدرك آنذاك كافق العالم وكعالم قائم الذات ٠‏ وخلافا 
لذلك فان فكرة الشرق كمفهوم حضارى عام من ابتكار الغرب الذى قابله بمضامين 
«.ختلفة بذاته , فالشرق هى شرق الغرب المسيحى لكن المشرق العريى الاسلامى ليس 
كذلك الا بالنسية للمغرب العربى الاسلامى ٠‏ ائه الجناح الايمن الأكثر كقلا لنفس 
الجسد الواحد , لكن ان آاردئا اكساء هذا المشرق مادة وجسدا فلا ينبغى تحبيده 
دوقم الترابط الجغرافى بل طرحه فى ذاته ككيان » (اص ٠ )5١‏ 


"5١ 


الاجتماعية ليست عاملا موحدا بين العرب ٠‏ فالبرجوازى فى بفداى غيره 
فى القاهرة » والبرجوازى فى تونس غيره فى الجزائر وكأن التجزئّة تستعصى 
على شتى الاختيارات الايديولوجية الفكرية المثالية أى الماركسية الاجتماعية, 
وكأن الاختيار الوحيد هو الانتقائية المنهجية التى تبرز عناصر التجزئة 
وتخفى عناصر الوحدة ورالتى لا تنفى شرعية انتقائية مضادة تبرزن عناصر 
الوحددة وتخفى عناصر التجزئة ٠‏ ويكون التصدى اذن: هو اكتشساف 
جدلية الشرعيتين ٠‏ التجزئة زالوحدة ٠‏ التجيزئة وحدها هى الرصسيد 
الوجدانى . هى هذا الجدار الباطنى الذى يقف حاجزا بين البدوى فى توفس 
ونظيره فى الاردن أى العراق »٠‏ فالأول جرفه الحضى تدت وطأة هجرة العمالة 
والثانى حافظ على بذويته الأولى وكأن هناك عنصرا عربيا نقيا أصيل 
السمات وهى نظرة عرقية تنافى العروبة التى ترتكن على اللغة والثقافة 
والحضارة والتاريخ المشترك والتراث القديم(؟؟) ٠‏ ويذكر المؤلف على الأمة 
العربية حاليا أى ابداع كما أنكر من قبل تاريخها ٠‏ فالشقة الآن بعيدة بين 
أدنى مؤرخ أى فيلسوف قديم وبين أكبر مؤرخ أو فيلسوف حديث فى الوضع 
الذى عليه العالم العربى الان وكأن أجيالنا الحالية ليست وراء فجر النهضة 
الحديثة ولم تقم بحركات التحرر ولم تنشىء: 'الدول الحديثة » وكانها.لا تشارك 


مم حرو سه 





(9؟) « ولذا فان الفكرة العروبية تكون اطارا سياسيا تقافيا جيدا لكى تشيد 
فى المشرق أمة مجددة » ( ص ١ ٠ ) ٠١‏ ان الثقافة العربية المعاضصرة تتصف بضصمالة 
مؤلمة كما وكيفا فهى فاقدة للنفس والتقنية . وهما خاصيتان ملحوظتان فيها فضلا 
عدا هنالك فى الميدان الأدبى خاصة من سذاجة بدون طلاوة تعكس بصورة مشوهة 
عالما ساذجا قطعا ٠‏ انما المظهر الانسائى فيه يبدى شفافا للنظر المتيقظ » ( هن 4 ) ٠‏ 
« ان الفرق قوى بين البرجوازى فى بيروت والبرجوازى فى يغدادى وبينة وبين صئوه 
فى القاهرة وبينه وبين البرجوازى فى تونس ٠‏ هناك عنف عراقى يجهله المصرى 
وفكاهة مصرية يجهلها الجزائرى » ( صى “8 ) ١ ٠‏ هناك عالم سميك باطنى يقف 
حاجزا بين شخص من الرحل من قبيلة « ماجر » أى « جلاص » المتكونة من الاخثلاط 
بين البربر وبنى هلال مع هيمئة العنصى الثقافى العربى وبين البدوى الاردنى أو العراقى 
الأمر الذى جعل الناس لا يتعارقون ٠‏ لمكن البدوى التونسى تحول الى فرع من العمالة 
المقيمة بحواشى المدن وقد هاجر من بلده كما هاجر ماضيه تحت وطاة الحداثة 2 وهو 
يقارن بصنوه المشرقى من هذه الوجهة . وعكسا لذلك إن البدوى الأردنى جافظ أكثر 
من غيره على نقاء سماته العرفية الثقافية ولا يمكن تمييزه الا بسر عن عبئوه العراقى 
أو السورى أو اللبثاتى » ٠‏ 
( دراسات فلسفية ) 


745 
فى هموم مشتركة ومصالح مشتركة وكانها لا تواجه أعداء مشتركة ٠‏ واذا 
لم: يحقق الشعب العربى ختى الان وحدة النضال الا أنه يمارس نض سال 
الوخدة (17): ٠‏ بل ان المؤلف ينكر على العرب. أخذهم اليابان نموذجا 
للتحخديث:.: وهى ما كان.يدعئ له الأفغانى من قبل ورواد النهضة العربية منذ 
القزن .الماضئ نظرا لأن العرب لا يملكون ما تملكه اليابان وهو مشروع 
التصتنيع الذى سبق الغرب بقرن وعدم تغرضه للغزى الاستعمارى كما تعرض 
العرب وغدم. تمسكه بارادة .سياسية أدت الى هزيمته واقتصاره على نمو 
قتصادى على خلاف .العرب .الذين يحرصون على ارادة سياسية تجعل لها 
مكانا فى-التاريخ (5؟) ! الى هذا الحد وصل حد الاقلال من االعرب » تاريخا 
وخاضينا :مع أن منصى يدأت نهضتها الأولى مع اليابان وكان الامبراطور ميجى 
يعتير محمذ على رائدا لة فى بناء الدولة الحديئة ٠‏ وان العملاق الاقتصادى 
والقزم 'السياسى ليس مثالا يحتذى به ٠‏ كما أن الارادة السياسية المستقلة 
والتأثين فى :مجرى التاريخ ليس وهما ٠‏ وينتهى المؤلف “الى انكار الأمة 
العردية. انكازا تاما واقعا وتاريخا ومصير! وكأن نقد أيديولوجيات القومية 
العزبية جتى. .مع. صوابه هو دليل على عدم وجود آمة عربية وليس فقط 

دليلا على ضعف الضياغات الايديولوجية الجالية(9؟) ٠‏ 








(؟) « لكن الشقة كبيرة بين أدنى مؤرخ أو فيلسوف قديم وبين أكبر مؤرخ 
أ فيلسوف خديث فى" الوضع. الذى عليه العالم العربى » ( ص 74 ) ٠‏ ويذكر المؤلف 
دَؤيدا “شعان “«.لن. يحقق: الشعب العربئ وحدة النضال هالمم يمارس نضال الوحدة ٠‏ 
(هن )16١‏ 5 
(54) «-يعتبر العرب فضلا عن ذلك فى الغالب التسبى اليابان نموذج للنجاح 
المثالى للعالم: غين: الابيض وتركيبا 'مثاليا للنجاح الاقتصنادى والمحافظة :على الأصالة' 
علما بأئنا. نغفل.مشروع اليابان فى التصنيع بعد وقت قصير هن شروع المانيا فيه ٠‏ 
ولهذا فهو. يسبق. العائم العربى يما يناهن القرن فضلا عن انه.لم يعرف الحضور 
الاستعفارى وما يتضننه من اجداب كامن للجهد الأهلى ٠‏ وعلى كل عاشت التنمية 
فى. اليابان: فتزات: صاعدة وأخرى هابطة ٠‏ لكن يبدق أن كل. الآمور تخمل على الاعتقاد 
أن: أرادة “القوة 'السياسية من. قبل اليابان كانت بالآحرى عاملا لتبذير. طاقته » وان 
ازدهاره الحالمئ مثل ألانيا .هئ شمرة لسياسة سلمية أى لفقدان سياسة ما ٠‏ ( خلاقا 
لذلك يظهز' “الغالم :العربى ' الحالئ متاهبا للاضطراب والبحث عن القوة والاشعاع فى 
العالم © ( هنأ 8ل/ا ).-.. 

(؟) 'ذ*ولذ! سثبدا بتقديم أيديولوجيا القومية العزبية ونقدها تدليلا على اثه 
لا وجود لأهة عربية بصفتها كيانا موجود!ا فعلا 2 لكن ينيغى البحث لا محالة فى 


عقي ع عه 


1 كك 


وبالرغم من أن فلسسطين جزء رئيسى من تاريخ العرب وركيزة وجدائهم 
المعاصر الا أنها لا تحظى من المؤلف الا بفقرات محدودة وكانها هامشية 
المكان لا تعادل فى أهميتها التاريخ الأوربى بالنسبة للش سخصية العريدية 
الاسلامية والمصير العربى ٠‏ ويدعى المؤلف قراءه العرب الى التامل فى 
الوجاهة الأخلاقية والتاريخية للمشروع الصهيونى ! فالشعب اليهودى 
يعود الى أرض كانت .له من قبل وبالتالى فهى يدافع عن كيان مهدد فى كيانه, 
يجمع بين الماضى والحاضر ٠‏ بين التاريخ والروح ٠‏ لذلك تعاطف معه الغرب 
لاشتراكة معه فى هذا التاريخ وهذه الروحانية وخذل العرب فى فهمهم 
القضية نظرا لتركيزهم على الصدلة بين الصهيونية والاستعمار ! ويمكن 
نقض المشروع الضصهيونى بطبيعة الحال بما يقابله من مشروع عربى اسلامى, 
حجة بحجة ٠١‏ شرعيتان تتنازعان أرضا واحدة(١ا؟)‏ ' وبالرغم من أن المؤلف 
يرفض الحلول الاستسلامية الا أنه أيضا يرفض الحلول الثوزية التى ترى 
فى تثوير العالم العربى تحريرا لفلسطين ويحكم عليه بأنه حسسل تهربى 


وسيسب اريس سوسوي ا لس لايح ري و ا لوس 


امكانات المصير المشترك مهما كان مشكلة الاصطدام بجدار الواقع أو التخلى عن 
أسمى طموحاته » ( ص 055) ٠‏ 

(5؟) « أن المشروع الصهيؤنى فى حد ذاته لا ينتفى عنه نوع من الوجاهة 
الأخلاقية والتاريخية + فالشعب اليهودى حكم عليه بالكينونة والبقاء فى الذات يفعل 
رؤية وبنية تأكيدية للغاية ٠‏ فبحث من جديد عن وجود تاريخى عادى على أرض قد 
سبق له فى الماضى العتيق أن احتلها بالقوة وأخرج منها فكراد استرجاعها , وقد 
ظهر له هذا الاسترجاع للماضى العميق . وهى ماض مفعم بالروحانية , بمظهر .المعجزة: 
معجزة انبعاث اسرائيل. على الأرض الموجودة ٠‏ وبقدر مايكون للغرب قواعد روحية 
يهودية مازالت تؤثر فيه وبقدر مايصير الصهاينة الذين تثقفوا بالثقافة. الأوربية أبتاء 
لأوربا حين يغادرون أوريا تجاه الآخر فى كامل تجرده فان ضمير كل غربى يحس 
بأنه معنى ببقاء اسرائيل ٠‏ هذا مالمم يفهمه العرب جيدا أذ هم أرادوا قصس كل شىء 
على مجرد استراتيجية للامبريالية » ( ص 1 ) ٠‏ « أما على صعيد المبادىء والقيمة 
فقد تبين أن المشروع: الاسرائيلى مشروع ذو حدين أذ يمكن دحض ‏ كل حجة بحجة 
ضدها وكل ذنقطة ضوء بنقطة ظل لاسيما الحماس الايديولوجى الثقافى الذى عليه يقوم 
المشروع فهو يجد مايقابله فى: الخنمير العربى الاسلامى » ( ص 58/47 ) ٠‏ ويبدى أن 
المترجم قد أحس نانزلاق الكاتب فاردف فى الهامش « كتب هذا قبل انتدلاع الحرب 
العربية الاسرائيلية الرابعة » ( هامش "١‏ ص لا ) ٠‏ 


-6غ56 - 


طوباوى. : ويقترح ترك القضية التى يسميها المؤلف ٠‏ الاسرائيلية ».وليس 
الفاسطيذية لافاق المستقبل بعد أن عجز الحاضر عن ايجاد حل لها (ا؟) ! 


- التاريخ الأوربى والثقافة الغربية : 


اذا كان التقابل الذى يصنعه المؤلف بين مصر وتونس ٠‏ المشرق العربى 
والمغرب العربى ٠‏ والعروية وفلسطين تمئل مواقف فكرية وسياسية فان 
اعتبار التاريخ الأوربى والثقافة الغربية كاطار نظرى لفهم الشخصية العربية 
الاسلامية والمصير العريى تتم الاحالة اليه باستمرار هى نوع من التغريب 
النظرى والمنهجى صاحب الولف من أول الكتاب الى آخره ٠‏ بل ان استعمال 
التاريخ الغربى والثقافة الغربية كاطار. مرجعى تتم الاحالة اليه باستمرار 
انما يكشف عن موقف حضارى أبعد وأعمق وهى فهم الأنا أى الذات بالاحالة 
المستمرة الى الآخر أى الغير وكان الأنا أى 'الذات ليس لها اطارها النظرى 
الخاص ولا يمكن فهمها بتكويناتها الداخلية أو باستعمال الاطار النظرى 
الخاص بها من داخل حضارتها التى تكونت فيها ‏ الحضارة الاسلامية , 
وكان الأنا لا تعكس نفسها الا فى مرآة الأخر ٠+‏ لا تعى ذاتها بذاتها كأنا 
الا من خلال الآخر كمقياس ومعيار للحكم ٠‏ ان من شروط التعريف »2 هى عدم 
تعريف الشىء المجهول بشىء اخر مجهول بل تعريفه بشىء معلوم وان القارى 
العربى الاسلامى الذى يريد معرفة ذاته وشخصيته العربية الاسلامية 
ومصيره العربى لا يستطيع أن يعتمها بالذهاب الى البوربون والهدسدبورج 
والبلغار والسلاف والبروتستانت والكاثوليك بلبالاحالة الى الخلفاء الراشدين 
وأوغسطين ومردال .وسنسناتوس << 012612860158 بل بالاحالة الى 
والآمويين والعباسيين والخلافة العثمانية ٠‏ وأن القارىء العربى لا يفهم 
ذاته وشخصيته بالاحالة الى مسارتر وميرلوبونقتى وفرويد واشبنجلر 
الاشعرى والغزالى والباقلانى وابن سينا والرازى وابن عربى ٠‏ الا يستطيع 


(9؟) '« يجب بداية رفض كل حل استسلامى صرف ٠‏ أما المذهب الفلسطينى 
الذى يريد أن يثور العالم العربيى ضمن الأفق الوحيد الخاص بحل القضية الفلسطينية 
فهو تهربى طوباوى » ( لا 5‏ 48 ) * « وراينا أنه يجب وضم القضية الاسرائيلية 
على مستوى آفاق المستقبل والتخلى عن الموقع المبدئى الذى غرق فيه طويلا » ٠‏ 
(ص 9و). 


54# د 


القارىء الذى لا يعرف كل هذا التاريخ الأوربى والثقافة الغربية أن يفهم 
ذاته وشخصيته ؟ واذا كان المذقفون العرب لا يعلمون هذا الإطار المرجعى 
الغربى بالدرجة الكافية فالأولى:'لا تعرف جماهير القراء ذلك ٠يل‏ ان القارىء 
العربى الذى يعرف التاريخ الأوربى والثقافة الغربية لقادر أيضا أن يعرف 
ذاته بل بالاحالة الى مكوناته الشخصية ومخزوناتها النفسية ورواسسيها 
القديمة ٠‏ لا يقع المؤلف فقط فىنوع من االتغريب يعترف به بادىء ذى بدأ(58؟) 
بل ان التغريب لديه يتحول الى نوع من الاغتراب » اغتراب الأنا فى الاخر 
مع ان من مكونات الشخصية العربية الاسلامية كما فهمها القدماء فهم الاخر 
من خلال الأنا 2» واعادة يناء حضارات الأخر يونانية ورومانية وفارسية 
وهندية وصينية وعبرانية ابتداء من حضارة الأنا ٠‏ بل لقد استمر ذذ. 
عند رواد النهضة العريية الحديثة وفى مقدمتهم الطهطاوى سواء فى مذاهع 
الألباب أى فى « تخليص الابريز » ,2 وهم الرواد الذين أسقطهم المؤلف من 
الحساب كما اسقط التراث القديم . بعد أن اختار التاريخ الأوربى والثقافة 
الغربية كاساس نظرى لفهم الشخصية العربية الاسلامية والمصير العربى 
وكاطار مرجعى تتم الاحالة اليه باستمرار ٠‏ 


والأمئلة على ذلك كثيرة ٠‏ والنصوص تشهيد على أن القارىء العربى 
لا يفهم شخصيته العربية الاسلامية بالاحالة الى مكونات الشخصية القومية 
فى الغزب ٠‏ الا يمكن فهم الشخصية العربية الاسلامية دون الاحالة الى 
الجرمان والاسبان والسلاف والمجر والبلغار ؟ هل لابد لفهم الشخصية 
العردية الاسلامية من المرور عبر الاميراطورية الرومانية والغاليين فى بلاد 
غاليا والبروطون فى مقاطعة بريطانيا والسلتيبار فى أسبانيا 2 والظاهرة 
الجرمانية والعصر الذيوليتى ومملكة شرلمان والحرب يين ورثة لويس الزاهد؟ 
هل لا بد من تحليل العناصر المكونة لظهور الشخصية القومية الأوربية لذهم 
الشخصية الاسلامية العربية دون التحقق من صدق المفهوم أولا ثم البحث 
عن مكوناته الداخلية فى التراث القديم بدلا من الاحالة الى تاريخ الغرب 
وثقافته, النزعة الكسمبوليتيةللأسر الأميرية فىأوبرا والملك أصيل بلا هانوفر 





امسمسسس 


(4؟) « فيمكن وصفه ( الكتاب ) بأنه متغرب وسلفى وأيديولوجى وروحائى » 
((ص ٠١)‏ 


-81؟ هن 


وأسرة هايسبورج واسرة بوربون وعرش اسبائيا وعرش انجلترا ؟(9؟) ٠‏ 
وتتجاوز الاحالة من مجرد منطق للتقريب والفهم الى منطق للحكم ٠‏ فتكوين 
الشخصية القومية فى الغرب يصبح هو المعيار الذى يقاس عليه تكوين 
الشخصية العربية الاسلامية وكان هناك نمطا واحدا فريد! هى الذمط الأوريى 
عليه تقاس كل النماذج لدى الشعوب الأخرى ٠‏ فهو النموذج العالمى الذى 
انتشر فى أوربا الغربية والشرقية والوسطى منذ القرن الماضى . عصر 
القوميات حتى هذا القرن مرتبطا بزوال الاستعمار وكائه لم يستمر فى 


(19) « وبمفعول التلاخق التاريخى التقليد اليونانى ‏ الرومانى , الهندى ‏ 
الصينى » والعربى . الفارسى متذ أن اكتسح الجرمان الأرض الرومانية الى أنْ أعيد 
ترسيخ الشخصية الاسبانية فى شيه الجزيرة الايبيرية التى استردت كلها مرورا 
باستقرار الأمم السلافية وقدوم المجر وأنشاء مملكة البلغار والظاهرة التركية المغولية » 
( ص "؟ ) «١ ٠‏ كانت الامبراطورية الرومانية بناء سياسيا ثقافيا فرض هيمنته » 
على شعوب متفردة محددة فى كيانات جغرافية قارة كالغاليين فى بلاد غاليا 
والبروطون فى مقاطعة بريطانيا والسلتيبار فى اسبانيا والمغاربة فى افريقيا ٠٠١‏ الخ ٠‏ 
وبتدخل الظاهرة الجرمانية وظهور ممالك متميزة جد تدهور فى مشروع توحيد العالم ٠‏ 
على أن الظاهرتين كانتا سببا فى نشوء بناءات سياسية أكش. التصاقا بالواقع القومى 
انبعثت من العصنر النيوليتى ( الحجرى الجديد ) , وكان لتقسيم مملكة شرمان 'أن 
حصات فسيفساء الأهم الغربية الأوربية المقبلة على وحهها النهائى فظهرت خاصة 
مملكتا الفرنجة الشرقية والغربية بمعاهدة فردان ٠‏ وتتضح الارتباطات: القومية حين 
تنشا الحروب بين الأشقاء ورثة لويس الزاهد لكنها كانت 'ارتباطات غير واعية نجمت 
عن الكوارث السياسية والضغائن الحربية » ( ص 8" ) « والعنصى الثالمث الذى 
يعتبر فى شرح ضعف الشعور القومى هو بنية الدولة فى البلاد العربية فى العصر 
الوسيط والحديث , ومن الغريب أن نلاحظ أن النزعة الكسمبوليتية للأسى الأميرية فى 
أوربا لم تمنع قط أن تتكيف هذه الأسر تكيفا وثيقا بالواقع القومى الذى سريعا ماتحملت 
آماله وطموحاته ٠‏ ان الملك أصيل ‏ يلاد هانوفر اذا ارتقى عرش انجلتر! كان يعمل 
فى الهال على- أساس السياسة الانجليزية حتى ولي تمادى يتحدث باللغة الألمانية 
وكذلاك الملك من أسرة هابسيورج أو من أسرة بوربون اذا اعتلى عرش اسبائيا فهو 
وتدنى المطامع الاسباتية ,2 لكن ليس هذا هو الأمر الأساسى فى مقولتنا لأن مايقع 
اعتباره هو الدور الرئيسى الذى لعبته بعض الأسر المالكة فى بناء الأمم الأوربية انطلاقا 
من التشتت الجهودى والاقليمى ٠‏ فهل كان الأمر كذلك فئ بلدان العالم العربى ؟ 
رص ٠ )"١‏ 


الصهيونية باعتبارها من بقايا عصر القوميات فى القرن الماضى )5١(‏ 
وتأخذ فرنسا مكانا مرموقا فى التاريخ الأوربى كما أخذت تونس نفس المكانة 
فى العالم العربى ٠‏ فالثورة الفرنسية نموذج الشخصية القومية بعلمها المألث 
الألوان وعيدها ونشيدها الوطنى لفترة طويلة بشهادة بيجى وميرلوبونتى ! 
وهى كذلك يما أعطت لها من تضامن قومى وولاء وطنى للامة وليس لشخص 
الملك وبطابعها الديمقراطى وسيادة الأمة ٠‏ بل ان الأمر تجاوز حد الهوامش 
الشارحة للتاريخ الفرنسى 2 شرح فرنسا بفرنسا والمستشارين البروتسنانت 
لآأخر ملوك الغالوا وتعاليم ريشيليى وعدله تسامح لويس الرابع عشر ٠‏ كل 
ذلك لفهم 'الشخصية العربية الاسلامية والمصير العربى !(١؟) ٠‏ ثم يأتى 
النموذج الألمانى والانجلوسكسونى والسوفياتى والأمريكى الا النموذج 

)"٠(‏ « ولكن نظرة تاريخية. خاطفة تتيح التأكيد أن الأمة لم تتحقق تماما 
بالتحديد فى اوربا الغربية الا بداية من القرن التاسع عشر وهى قرن القوميات بالمذات 
ثم ان النموذج الأوربى الغربى امتد الى أوريا الوسطى وأوربا الشرقية خلال النصف 
الأول من. القرن العشرين ثم أنه لاقى رواجا فى النصف الثانى من هذا االقرن كان 
متناهيا وارتبط يزوال الاستعمار فجعله يطابق الأبعاد العالمية » ( ص 14 ) ٠‏ 

)"١(‏ ان الثورة والامبراطورية هما اللتان صنعتا فرنسا الحالية مياشرة وذوراء 
ان فرنسا مدينة لهما بتنظيمهما الادارى وينياتها الاجتماعية وصورها الفكرية ٠‏ ومن 
الثورة اقتبست أيضا رموزها القومية كالعلم: المثلث وعيد ١54‏ يوليو والنشيد الوطنى 
( لامارسياز ) ٠‏ فغاليا ماتوجد فى تاريخ الشعوب فترات ممتازة اسنتثنائية يشيد 
خلالها المستقبل لفترة طويلة كما اصطلح على ذلك بيجى واقتبس هذا الاسطلاح 
مارلى بونتى ٠.‏ يقابل مارلى بونتى بين العصى فيعرفه بأنه « واحد من تلك الأزمنة التى 
تنهار خاثلها الأرضية التقليدية لأمة من الأمم أى مجتمع معين 2 ومهما كان الوضع 
فعلى الانسان أن يعيد ينفسه بناء العلاقات البشرية وبين الذترة حين يقتصر الانسان 
السياسى على ادارة نظام أو حق موضوعين » ( ص 48 ) ٠‏ لقد علمنا التاريخ أن 
فرئسا الثورة هى التى حددت ياأقصى الوضوح فكرة الأمة ٠‏ الواقع أنه أامكن لهذا 
البلد أن يعقد. منذ القرن السادس عشي بامتلاكه لواقع قومى متين مؤسس على 'الجغر افيا 
ولفة وضعت للثكقافة ووحدة حضارية معينة فضلاً عن أن الدولة كانت صاحية السدادة 
تتحمل طموحات الأمة ومصيرها الملقى على عاتقها ٠‏ كانت الدولة الفرنسية متعسفة 
تجاه الحضارات الجهوية التى كانت حية فى الماضى وقد أثبتت باستمران ومنذ أن 
تؤلى الكابيسان الحكم أنها عبارة عن جهاز جماع للأراضى وقبيل الثورة بقى الحدث 
القومنى منقوصا من وجهين للا كانت عليه الخصوصيات الجهوية من قوة ولأن الوغى 
القومى فى أعلى مستوى لم يتجاوز مرحلة الولاء للملك ٠‏ وقد كانت الاضافة الرئيسية 


74 - 
الاسلامى العربى ٠‏ فالنموذج الالمانى يعتمد على التراب والعرق بجائب 
اللغة والدين ٠‏ ويعتمد النموذج الانجلوسكسونى الامريكى على المجال 
الاقتصادى الواسع المنفتح على كل الطاقات البناءة ٠‏ ويقوم النموذج 
السوفيتى على قوة الايديولوجية الماركسية كرسالة كونية توحيدية قادرة 
على التجنيد القومى للشعوب ٠)77(‏ فالمؤلف يعرف تاريخ نشأة القوميات 
وتطورها فى الغرب والشرق ويحيل الشخصية الاسلامية 'العربية اليها دون 


ست مسي لمر بين صر صم ب سيم مي مس عي 





للاثورة متمثلة فى توسيع قواعد التضامن القومى واستبدال الوطنية التى كانت ولاء 
للملك ‏ الدولة بوطنية تتعلق بالأمة المجردة بحيث أن هذه الحركة العظيمة التى أرادت 
اضفاء الديموقراطية على السلطة والتى كرادت تحقيق السيادة الشعبية وحققت فى 
آن الأمة الفرنسية بصفتها كيائنا منسجما » ( ص 78 ) ٠‏ ويذكر المؤلف فى الهامش 
تحالف ( لويس الرابع عشر ) مع الأمراء البروتستانت وحارب اسبانيا وأكد بقوة 
مبدا الفاليكانية ( الدفاع عن حرية كنيسة فرئنسا ) لكنه ألقى مرسوم نانط الخاص 
بالبروتستانت ٠‏ ( ص 550 هامش ] ) ٠‏ 

(5؟) وهناك النموذج الألمأنى 2 وهى صنف آخر لاشك أنه لا يمكن انكار وجود 
4ناس ترابى قار وأن الأساس العرقى الثقافى كان ملتحما ومتى تشكلت اللفة والثقافة 
الموحدتين على مراحل فكانت اللغة التودسك ثم الانية لوشر وأخيرا لغة غوته الفصحى:٠‏ 
لكن القضية التاريخية لالمانيا وها فيها من تناقص هى فقدان الدولة القومية فترتب 
عن ذلك اخماد كل وعى واضح الذى بقى لا محالة ضمنيا وكان معاشا كانتماء الى 
مجموعة تاريخية ثقافية لكنه كان معاقا على الصقيد السياسى يسبب تعددى الدول 
واستمرار فكرة الامبراطورية ٠‏ وجد الصدام مع الثورة الفرنسية وامبراطورية نابليون 
كما جد اضطراب فكرى حام عوضت به العبقرية الألماذية غيابها عن الركح السياسى ٠‏ 
فوترت هذه الأمور الطاقات ووجهتها الى تحقيق الدولة القومية التى ربطها رجال 
الفكر بالطموح الى الحرية لكن لم يمكن نظام الرايش فى حكم بيسمارك سوى 
تركيب رخى نسبيا ومن صنع القوى الرجعية ٠‏ وقد بلغ التوحيد الذروة مع النازية 
فى جو من الحدة والهيجان لا ضمن التوازن الديموقراطى وتقبل قيم العالم الحديث 
تقبلا هادا » ( 4غ 5غ ) ٠‏ « انطلاقا من يوتقة لغوية إنكلوسكسونية دعمت الولايات 
المتحدة وحدتها على كل الطاقات البناءة ٠‏ ان تماسك الاتحاد السوفيتى يستند الى 
قوة الايديولوجيا الماركسية أى الى مشروع رسالة كونية توحيدية والى تحد للتاخر 
الذى تراكم عدة قرون ٠‏ فى الصورة الأولى هناك تجاوز للتحذير القومى لموجات 
المهاجرين ٠‏ أما فى الصورة الثانية فهناك تجاون لفسيفساء الشعوب الموجودة مسبقا 
والقى منها يتركب الاتحاد السوفياتى. ٠‏ وقد ترك فى آن واحد المجال للحدث القومى 
اكى يتطور فى دائرة معينة بها يندرج الانسائى ويجد ترضيته حسب المءنى الذى 
أعطاد هيغل لهذه الكلمة » ( ص 7 ) ٠‏ 


د كة" ب 


به الايديولوجية الماركسية بالنسبة لانصهان القوميات ٠‏ 


وتكش الاحالات الى المؤلفين الغربيين سواء من العصور الوسطى أو 
الحديثة مل سنسناتوس وأوريجان وسيريل وأوغسطين وماركس وفرويد 
واشبنجلر ومردال وسارتر وميرلى بونتى وبيجى فتتم مقارنة الحسين 
وشهادته فى صراعه مع الامويين مع سنسناتوس فى صراعه مع الرومان 
بالرغم مما فى وجه المقارنة من تعسف وحكم جائر على الحسين شهيدا 
ووصفه بأنه كان متعطشا للحكم ! وتوصف مصر المسيحية بآتر أوريجان 
وسيريل ومجمع خلقيدونية ٠‏ ويتساوى فى الثقافة العربية فى المغرب العربى 
القديس أوغسطين واين خلدون وخير الدين باشا ! والتاريخ ياعتياره قاعدة 
أساسية للوعى القومى يعتمد بالضرورة على شهادة لاشينجلر بالضرورة 
حتى ولى كان التشبيه 1عجميا مثل « زاوية المدخن ! » ٠‏ واقتران النظر بالعمل 
فى الاسلام لا يوجد فقط عند «الرسول محمد بل أيضا عند ماركس ٠‏ وتحليل 
الشعور العربى الاسلامى لا يتم الا بالاحالمة الى فرويد فى مستقبل وهم 
والى ميرلى بونتى حتى ولى كان الاستشهاد صعب الفهم ركيك العبارة » وهى 
الذى يشعر المؤلف نحوه يقرب ذبير 2 ووصف الخلق عن طريق ساردر 
والعانم العربى عن طريق مردال(؟؟) ٠‏ بل ان الحسديث عن ايديولوجيه 


'(57) « وان حسينا كان متعطشا ملحكم ولم يكن يشيه سنسفاتوس م0 
الذي اقتلعه الرومان عن محاربته ونصبوه دكتاتورا » ( ص ٠ ) ١١‏ « وقد تأئرت 
( مصر ) سابقا بحضور أوريجان الذى أشر بقوة على تطور المسيحية بالاشتراك مع 
سيريل أصيل الاسكندر ٠‏ وكانت العامة مولعة بنتائج خلقيدونية » وكانت تساهم 
خصومات الأساقفة والحكام البيزنطيين » ( ص ؟7 ) «٠ ٠‏ القديس أوغسطين ٠‏ ابن 
خلدون , خير الدين باشا » ( ص " ) ١‏ ان التاريخ الأكثر وجودية والأكثر محسوسية 
مباشرة هى ذلك الذى يسميه اشبنجلر فيما أظن تاريخ زاوية المدخن حيث يواسطته 
تستعرض ملاحم الأجداد عودا الى جيلين أو ثلاثة » ( ص 5؛ ) ٠‏ « مصاحبة النظرية 
للعمل المحدد عند محمد وماركس » ( ص 8 ) ٠‏ « قال ميرلوبونتى ان الحركة تنجح حينا 
ليست دائما الأكثر حقا والأكثر قيمة لكن يجب أن تكون كذلك لو كان عليها أن تستمر » 
( ص ٠ ) ١١5‏ « وهى الذى أشعر نحوه بقرب كبيرا » ( ص ٠ ) ١١5‏ « وكما قال 
نرويد بصورة بارعة فى كتابه « مستقبل وهم » ( ص ؟١؟‏ ) ٠‏ « الحديث عن الخلق عن 
طريق سسارتر » ( ص ٠ ) ١١8‏ « وعن العالم العربى عن طريق مردال » 
(ص لما ١5١ا) ٠‏ 


506 سه 


البعث يتم أيضا عن طريق الاجالة الى الثقافة الغربية سواء فى انكاره للمادة 
التاريخية أو فى تأثر ميشل عفلق برونبرغ والهيجلية والشخصانية(؟؟) ٠‏ 
حتى الخاتمة لم تسلم من استشهاد بمالروى ونقض له فيما يتعلق بطى صفحة 
التاريخ يظى صنفحة اللاهوت (0) ٠‏ ان .تعريف الشىء الغامضن بشى اخر 
أكثر غموضا الا يتفق مع قواعد .التعريف ». وبالتالى فان احخالة مكونات 
الشعور العربى الاشلامى الحالى الى مكونات الشعور الغربئ هى اخالة 
للشىء الغامض الى شىء أكثر غموضا مع أن الاحالة الى التجارب المعاشة 
أو الى المخزون التراثى الثقافى يساعد على التوضيح المطلوب ٠‏ 


وتبدى مظاهر التغريب فى دراسة الشخصية .العربية الاسلامية سواء 
فى الأحكام العامة أو فى النظرة الى التساريخ والعصور أو فى بعض 
المصطلحات أو فى المراجع العامة ٠‏ فمن الاحكام العامة ما يقوله المؤلف من 
أن تقهقر المشرق العربى وتقدم المغرب العربى ثقافيا ‏ مع التسليم جدلا 
بذلك ب انما يرجع الى أن المشرق العربى لم ينهل من باع الثقاقة الغربية 
قدر م نهل المغرب العربى مما أغرق المشرق فى القديم وقطعه عن الحداثة 
فى حين أن المغرب العربى قدم حلولا للشكلة التقليد والحداثة مازجا بين 
الاثنين ومثل هذا الحكم يقوم على وضع معكوس وذلك لانفتاح المشرق على 
الغرب منذ القرن الماضى دلا حدود » كما أن انفتاحه كان متنوعا وليس فقط 
على الثقافة الفرنسية ٠‏ والاغراق فى القديم سمة عامة فى المشرق والمغرب 
على حد سواء ٠‏ بل ان المزاوجه بين القديم والجديد.أكثر وضوحا فى المشرق 


1 2 انكاز البعث للمادة. التاريخية ص ٠ )١‏ «وفيها ( البعثية ( تتجاور 
ونلتقى مؤثرات متباعدة مثل الهيغلية والشخصانية التى أتى بها مونييه ‏ تجد بايماء 
دن هيغل الشاب اذانة للعالمية المجردة دون أن يمكن التدليل على التقاء مباشر ٠‏ 
رايضا الفكرة القائلة أن الأمة تحقق العالمية ٠‏ ولعل مفا هيم الحياة والممصير وبصهة 
عامة مانجد من اتجاه حيوى تاريخى متاتية كذلك من هيقل » | ص ٠ ) ١5‏ ش 
(0) « ولن تنصهر الخصوصيات فيما بينها وتشكل الكوتى لكنها قادرة كلها 
على التدلل فى هذا الوسظ حين نكون قد طوينا صفحة التارهخ بعد أن نكون قد طوينا 
صفحة اللاهوت ٠‏ فاذ!ا عوض التاريخ اللاهوت حين يعوض الكائّن التاريخى الكائن 
المتعاللى ‏ فحسب ‏ وذلك أستشهادا يمالرو ونقضا لله - فلن يخلف الكونى التاريخ 
الا حين يمتص المصير الكائنات التاريخية © وعندئذ لن يوجد تركيب بل ذوبان ٠‏ 
وسيكون كيائنا بتمامه مصيرنا كما أن مصيرنا سيكون كياننا » ( ص 764 ) ٠‏ 


5 
على ها وضح فى حركات الاصلاح منه فى المغرب الذى تحولت فيه المزاوجه 
الى .ازدواجية وصراع بين الجبيد الذى مثلته ثقافة المستعمر: وبين القديم 
الذى مله التراث دفاعا عن الهوية الوطنية ٠‏ وما يقدمه المفرب العربى فى 
هذا :العصر يشابه ماقد. قدمه الشوام فى 'العصر الماضى ٠‏ يصيح البعض منه 
قريبا من . الشقشقات اللفظية التى تردد جوانب عديدة من تقافات الحى 
اللاتينى ٠‏ أما بالنسبة للتاريخ والصور فان المؤلف يعتي. الاسلام جزءا من 
تاريخ العصر الوسيط , وكأنه يتبنى الغرب كمقياس لكل الحضارات » فتاريخ 
الغرب وعصوره الوسطى والحديثة والمعاصرة هى تاريخ لكل المضارات 
وعصورها ٠‏ فالمؤلف دقع ضحية المركزية الأوربية والتى تجعل ما سواها 
مجرد أطراف ٠‏ يتحدث المؤلف عن اسلام العصى الوسيط والاسلام “التركى 
المتوسطى ٠‏ وعن بنية الدولة فى 'البلاد العربية خلال العصر الوسيط 
والحديث ٠‏ وفى العصور الحديثة يتبنى المؤلف التاريخ الميلادى ويسقط من 
حسابه التاريخ الهجرى ١»‏ فدتحدث عن ظهور الاسلام فى القرن السايع 

الميلادى 2 وعن السلطان خليفة المسلمين فى القرن السادس عشي (86؟) 
ويستعمل المؤلف مصطلح البرجوازيات ٠‏ والبرجوازية الصغرى نظرا 
لاستقرار المصطلح وشيوعه فى الفكر العربى المعاصىر ٠‏ أما بالنسبة الى 
المراجع فان نسية المراجع العربية الى المراجع الأجنبية كنسبة ٠ / : ١‏ فمن 
بين ١67‏ مرجها هناك ١؟‏ مرجعا عرديا فى مقابل ١5١‏ مرجها باللغات 
الأجنبية منها ١١‏ مرجها للمفكرين عرب ,2 47 مرجعا اسستشرقين أوربيين 
وبالتالى نسبة الاستشراق العربى الى الاستشراق الأوربى ٠ ”: ١‏ ولا تدخل 
فى المراجع مؤلفات الطهطاوى والافغانى ومحمد عبده وقاسم أمين فى دراسة 
الشخصية العربية الاسلامية ! ش 





(3؟) « الاسلام التركى المتوسطى » ( ص 7 ) ٠‏ «.كان تاريخ العهد الوسيصط 
رئيسا حيث وضع فسندفساء الأمم. على أراضيها الحيوية ».( ص 56 ) ٠‏ « فهل نحن 
عرب مثل عرب القرن السايع للميلاد( ٠٠١‏ » ( ص ٠ ) ١١‏ « وأصبح السلطان 
خليفة المسلمين من القرن السادس عشر » ( ص «٠ ٠ ) 7١‏ وأن آخر العهد الوصيط رسيم 
خطوطها الأولية » ( ص 8“ ) ٠‏ « بنية الدولة فى البلاد العربية خلال العصر الوسيط 
والحديث , ( ص 578 )2 ١‏ ولنتمثل بتوئس من القرن السادس عشر الى القرن التاسع 
عش , اص 74 ١)‏ 


7 ينل 5 


أن أهم نقد نقد يمكن اذن توجيهه الى الكتاب هى استعمال التاريخ 
الغربى والثقافة الغربية كاطار مرجعى تتم الاحالة اليه باستمرار لفهسم 
الشخصية العربية الاسلامية والمصير العربى وهى « التغريب » كأساس 
نظرى لتحليل الموضوع ٠‏ ويمكن ارجاع ذلك الى سببين رئيسيين ٠‏ الأول 
طول العلاقة بين الاخوة المثقفين. فى المغرب العربى والثقافة الأوربية خاصة 
الفرنسية منها جعل الغرب يظهر فى ثقافته كاطار مرجعى حتمى تتم الاحالة 
اليه باستمرار كما هو الحال قديما وحديثا لدى الاخوة الشوام خاصة فى 
لبنان ٠‏ والثانى أن الكتاب أصلا مكتوب باللغة الفرنسية ويهدف الى مخاطية 
الجمهور الفرنسى ٠‏ وبالتالمى أصبحت الاحالة الى الثقافة الغربية ضرورية 
حتى يمكن للقارىء الغربى عامة والفرنسى خاصة أن يفهم الشخصية العربية 
الاسلامية والمصير :العربى بسهولة ويسر وبالاحالة المستمرة الى تاريخه 
وثقافته ٠‏ ولى كان الكتاب أصلا باللغة العربية للجمهور العربى لما ظهرت 
هذه الاحالة المستمرة الى الثقافة الغربية ولتم استعواضها بالثقافة العربية 
الاسلامية التى يعرفها القارىء العربى والتى يسهل احالة الموضوعات اليها 
تقريبا للافهام ٠‏ 


/ ب حضور الاستشراق وغياب التراث الاسلامى : 


ولا يحلل المؤلف التراث الاسلامى مباشرة ولكن من خلال الاستشراق 
الأوربى فيعتمد على فلهاوزن كمؤرخ للمسلمين فى اسبانيا وبالنسبة الى 
معركة بواتييه ٠‏ كما يحاور جب 60188 فى رأيه بان أسباب الانهدار 
هو جمود الفكر الدينى ٠‏ ويرفض تطبيق تصور كاردينار على الغرب فى 
الوقت الحاضر وبالأولى على العالم العربى ٠‏ كما يظهر المنهج 'التاريخى 
الاستشراقى فى الجزء الخامس- عن الانسان العربى المسلم فى محصوره 
الأول « نقد ذاتى واستنقاصات ذاتية » حيث يتم فيه الخلط بين الاسسلام 
والتاريخ ٠‏ ويتم الاستشهاد بجاك بيرك فى عبارة ايريك فى 90611 180516 
فيما يتعلق باستحالة الفصل بين '“الشخصية والمصير التقاريخى 7؟١) ٠‏ 
(79) فلهاوزن ( ص 6" ) » جب ( ص 1١17‏ ) ء, كاردينار ( ص ١ ٠ ) 1١١‏ نقد 
ذاتى واستنقاصات ذأتية » ( ص «١ ٠ ) ١٠١4 . ١450‏ وهى بالفعل تلك الثنائية التى تروم 
فصل الكائن عن الفعل كما يحلو لجاك بيرك القول بمغنى فصل الشخصية عن المصير 
التاريخى والأنا عن الوضعية كما فى عيارة ايريك فى » اص 5) ٠‏ 


د 809 - 


فالكتاب استشراقى ‏ من نوع. استشزاق -جرينياوم ودزاساته على الشخصية 
العربية الاسلامية فى التاريخ .محددا غعوامل السقوظ ومسار. الانهيّان بما 
يعنى ذلك منعدوانية تجاه الموضوع وحقد عليه وتكريس للتتجزئة واستتصناله 
عن ثقافته الخاصة واحالته الى الغرب كاطار مرجعى. عام » الاسلام مع 
الغرب , والترك مع المغول: .. ؤفقارس والصين .والهند.مع فرنسا وانجلترا 
والمانيا بلا تمايز ثقافى أو حضارى ٠‏ 


وبالرغم من أن الكتاب يتناول الشخصية العربية الاسلامية الا أنه يميل 
الى العروبة أكثر مما يميل الى الاسلام وهى تصور أهل الشام أكثر.مما هو 
تصور أهل المغرب الذى اتحد فيه الاسلام بالوطنية دون تدخل عندين .متوسط 
هبو االقومية ٠‏ وينتقى المؤلف من التاريخ مايؤيد موقفه » ويقرؤه قراءة. عربية 
محدثة لا اسلامية قديمة وبالتالى يلتقى المؤلف مع الاستشراق من جديد الذى 
يتحدث عن العالم العربى فى مقابل العالم الاسلامى: تكريسا للتجزئة- وضريا 
للعرب بالمسلمين وللمسلمين بالمغرب؛ واذكاء لئنثعرة العنصرية؛ وربطا للثقافة 
بالعرق وليس بالدين ٠‏ وسواء كان الاسلام أو العروبة فكلاهما يمثل مشروعا 
للهيمنة على الأمم المفتوحة وفرضا لوحدة تاباها الشعوب ! وبالتالى ينتهى 
الكتاب الى انكار العروبة أولا ثم الاسلام ثانيا ولا تبقئ ألا الشوفينيسة 
الاقليمية الضيؤة والثقافة الخربية المهيمنة (8؟) ٠‏ 0 


أما التراث الاسلامى فانه غائب تماما وهو المكون الرئيسى فى 
الشخصية العربية الاسلامية ٠‏ المصادر الأولى معدومة ٠‏ والعلوم الاسلامية 
النقلية أى العقلية أى العقلية النقلية غائبة ٠‏ ثلاث آيات قرآنية مذكورة , 
احداها خاطتّة وكأنها هى الأخرى مترجمة عن الفرنسية ٠‏ ولا تظنن .الذين 


مسد ديه 





(54؟) يذكر المؤلف قول أبى يوسف فى كتاب الخراج « لا يمكن لملعربى أن يكون 
ذميا وعليه أن يختار بدن اعتناق الاسلام أو الموت » ( ص 57 ) ٠‏ « ويذكر خط عمر 
لقاعدة أنه لا يسمح الا للاسلام كدين فى جزيرة العرب وكأن العنصير العربى هق 
المسؤول بالدرجة الأولى عن مصير الاسلام التاريخى ٠ ٠‏ « ارتبط الاسلام من الخلفاء 
الراشدين والعصير الأموى وهى مابرن فى مشروع الهيمنة الذى سلطوه على الأمم 
المفتوحة . ( ص 8* ) ٠‏ « وبلاد العرب التى فرضت وحدة معينة على هذا العالم 
المتفرق من الخارج وبصورة مفتعلة نوعا وذلك بسبب الطابع الخاص لنشاتها فى 
التاريخ رسالة الاسلام المنتشرة » (( ص 4 ) ٠‏ 


- 5908 هه 


قتلوا فى سبيل الل 'مواتا ' (4؟) بالرغم من اعترافه بان القسران قلب 
الاسلام ٠‏ ويدعى المؤلِف الى العلمانية ويرفض محاولات اكتشاف العقل 
والطبيعة فى القرآن ' ويحاول دفع تهمة. الاستشراق القائلة بتشويه القران 
لروايات التوارة باللجوء :الى العطاء الاسطورى المشترك للضمير الدينى 
اعتماد! على استشراق آخر(١غ) ٠‏ أما الحركة الاصلاحية بوروادها الأواتل 
مثل الأفغانى ومحمد عبده ورشيد رضا وحسن البنا وروادها لدى الحركات 
الاسلامية المعاصرة فانها لا تكاد تذكر ٠‏ والمرات القليلة التى أشار فيها 
المؤلف البى محمد عيده كلها نقدية رافضة مثل نقد الاتجاه الأصولى الذى يرى 
أن هناك المجتمع الاسلامى والعالم الحديث فى سياق واقعنا وجها لوجه ,2 
ونقد اعتبار الدين دورا مصركا فى كافة الميادين وباعثا على العقلانية 
والعلم ! ٠ )4١(‏ ْ 


وفى النهاية ٠‏ وبالرغم من كل شىء ٠‏ فان الكتاب انما يكشف عن 
شجاعة صاحبه ورغية فى « اقتحام هذه المغامرة » تحديا لمججزة الانجان , 





(15) يعنى المؤلف أنه م ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء 
عند ربهم يرزقون » (0 7 : 779 ) رص 45 ) ٠‏ 

(40) « القول أن القرآن شوه الأحداث التى ورد ذكرها بالمتؤراة ناشىء طبعا عن 
نظرة قصيرة للأمور لأن القرآن اقتبس من العطاء الاسطورى المشترك للضمير الدينى 
وصاغه بطريقته العادلة لطزيقة التوراة على صعيد الحقيقة » ( هافش ٠١‏ ص ٠) ١١7‏ 

)4١(‏ ««فقد رأى مثلا الاتجاه الأصولى عند محمد عبده أن هناك المجتمع الاسلامى 
والعالم الحديث فى سياق واقعنا وجها لوجه , عيب على هذا المجتفع أن يحافظ على 
أسسه ويدمج العالم الخديث كجسد غريب وبالأحرى فى ظواهره المادية 
كاشارات على القوة أكثر من الاستيحاء الذى يحركه ٠‏ انها امبزيالية ومرونة الاسلام 
الأبدى وحيلة حرب وخطة دفاعية ( ص «١ ٠ ) ٠١5‏ وقد سبق. لنا أن رسمنا نقدا. لأفكار 
محمد . عبده + ولتضف الى ذلك أن الشيخ الكبير أصم على الاعتقاد أن للدين دؤونا 
محركا دافعا فى كافة الميادين التى يشملها عادة الفكر العقلانى والطريقة العلمية 
والابتكار التشريعى المستقل ٠‏ كأن تفكيره وعمله مفيدا فى عصره لكن من مهنا لا يدرك 
أن ماهى عقلائى يتابع سيره ويجب أن يتابعه خارج كل سيطرة للعامل الدينئى وكل 
تبرير بواسطة الدينى ٠‏ وهكذا فليس للعلم والعقلانية السياسية أن يبحثا عن-أسس 
ممارستهما فى القرآن حتى لو كان القرآن ثريا فكريا فريدا فيما يخص مصير الكون 
والانسان » (( ص ؟١١1) ٠‏ 


ب 5809 اس 


« ذلك العجز الذى كان يبدى لى سمة للفكر التونسى بل المفكر المغربى بصفة 
آعم » ر ص ١‏ ) وبالتالى فالمؤلف يبحث له عن دور مسار للمفكرين المغارية ٠‏ 
ولكنه فى النهاية يكشف عن تيار بأكمله , تيار المتغربين من علماء الاجتماع 
والتاريخ فى مقابل تيار وطنى قومى آخر أكثر التحاما بالتراث الاسلامى 
وأكثر ارتباطا بالمشرق العربى دون ما ذكر للاسماء , ومع ذلك يكفيه فخرا 
محاولته اكتشاف بعدى الانسان والتاريخ الغائبين فى وعينا القومى ٠‏ 

ليس القصد من هذا العرض تصيد الأخطاء أى الهجوم على الاخوة 
المغارية » فهم زملاء وكثير منهم أصدقاء ٠‏ انما الأقصد الدخبول فى .حوار مع 
أحد المفكرين اللامعين فى القطر التونسى الشقيق ٠»‏ وآداء لواجب ثقافى 
ووطنى للاخ الصديق هشام جعيط الذى يد! لى من خلال كتابه المثير 
٠‏ الشخصية العربية الاسلامية والمصير العربى » تونس القطر 2 مغربى 
الاقليم » غربى الثقافة ٠‏ 


القسم الثانى 


فى الفكر الغريى المعاصصر 





متى تموت الة لفلسفة ومثى تحيا ؟ 
أولا : مقدمة 


الفلسفة مثل الكائنات الحية تموت وتحيا ٠‏ فهى ابداع انسانى يتخلق 
عندما تتهيا له ظروفه وينقرض تماما عندما تتغير ,هذه الظروف » وتحل 
محلها ظروف أخرى مضادة لا يقوى الكاتن الحى الوليد على مقاومتها 
والتكيف معها حتى يضمن لنفسه البقاء والاستمرار * والتاريخ شاهد على 
ذلك ٠‏ فهو هذا المعمل الذى تقام فيه التجارب الحية وتنشا فيه الأجنة التى 
تولد والتى تحيا'٠‏ وهو السجل الذى يدون فيه الموتى والأحياء ٠.‏ والمحفوظ 
دائما فى صدور الناس فى وعيهم بالتاريخ وفى ادراكهم لقوانين حركته ٠‏ 
وشروط الحياة أو لوت ليست ظروفا تاريخية مجردة عن الحياة الانسائية 
التى ددسم بحرية .النظر والعمل دون أن تكون أسيرة للظروف وخاضعة لها 
خضوعا آليا حتميا » ولكن باجتماع هذين العنصرين : حتمية التاريخ وحرية 
الانسان ؛ تموت الفلسفة وتحيا ٠‏ ويأتى السوّال عن الموت قبل السؤال عن 
الحياة ٠‏ فحياة الفاسفة شىء طبيعى طالما أن الانسان ما زالت به حياة 2 
وطالما أن الحياة تعنى حرية الفكر والنظر . والقدرة على البحث والتقصى , 
وطالما أن الدنيا مازالت قائمة » وطالما وجد فيها انسان واحد يتنفس أو يعقل, 
فالدقل كما قال القدماء : احدى. قوى النفس ٠‏ زالنفس أحد مظاهر الحياة , 
ولكن الغريب أن. تموت الفلسفة والحياة باقية » وهناك انسان حى عاقل على 
وجه الأرض ٠‏ ان موت الفلسفة يعنى نهاية الحياة وعدم.قدرة الانسان على 
المقاومة » واستعمال حريته ؛ وعجزه عن خلق الظروف التى تعيد له وللفلسفة 
الحياة ٠‏ وهذا الإفتراض تذكر لوجود الانسان وفاعليته فى الدياة ٠‏ حياة 
الفلسفة هى الأساس وموتها: هو العرض ٠‏ حياتها هى القاعدة وموتها هو 
الاستثناء . حياتها هى الطبيعى المألوف وموتها هو الشان الغريب ٠‏ 


وليس السؤال : هل ماتت الفلسفة ؟ فهى تموت بطبيعة الأحوال وتغير 
الاروف / وبالوجود الانسانى ذاته الذى قد يمارس حريته ويستعمل عقله 
وقد لا يمارس أى يستعمل ٠‏ ويشهد بذلك أيضا تاريخ الفكر الانسانى ولحظات 
موت الفلسفة ولحظات حياتها ٠‏ ولكن السوّال هى : متى تموت الفلسفة 


0 ا 5 


ومتى تحيا ؟ متى يحدث لها أن تموت » وفى أى ظروف تحيا ؟ فالسؤال ليس 
مجردأ بل هى سوال فى الزمان وفى التاريخ داخل الحضارات البشرية 
ودوراتها ٠‏ وبالتالى فلا توجد اجابة واحدة عامة ومطلقة وشاملة بل هناك 
اجابات تاريذية محددة فى لحظات تاريخية معينة وفى أوضاع اجتماعية 
وسياسية ‏ بعينها تصدر. عن مدى وعى الأفراد والجماعات بحركة التاريخ 
وبقوانين مساره ٠‏ :والسؤال عن الزمان هو فى حد ذاته سوال عن العلة', 
فالعلة توجد فى التاريخ ٠‏ لحظة زمانية أو مرحلة تاريخية تكمن فيها الذلة 
وتتحد معها » ومن ثم كان الحديث عن الزمان والتاريخ هى حديث عن العلل 
والأسباب ٠‏ ولا يوجد موت نهائى لالفلسفة بل هناك امكانية بعث لها وعودة 
الحياة اليها ٠‏ فالظروف متغيرة . وحرية الانسان دائمة ومستمرة حتى 
لو اعتراها الوهن والضعف فى بعض اللحظات ٠‏ لا يوجد موت الا ويتلوه 
بعث , ولا توجد حياة الا ويصيبها الموت أو الهزال ٠‏ بل ان كل لحظة موت 
هى بداية لحظة أخرى يلاد جديد » تموت الفلسفة وتديا فى دوراتوبايقاع 
منتظم .رتيب مثل ضيربات القلب أو دفعات النقس ٠‏ 


وليس السؤال فى.فعل ماض : هل ماتث الفلسفة ؟ بل السوّال فى الفعل 
المضارع : متى -تموت الفلسفة 2 ومتى تحيا ؟ فليس المقصود هى الحديث 
عن “التاريخ .الماضى ورصد حسابه بل الحديث عن الحاضى وكشف مكوناته ٠‏ 
فلعانا. باكتشافذا اللحظة الحاضرة نستطيع أن نرى الماضى بوضوح فالحاضر 
يقرا نفسه فئ الماضى ٠‏ ولا يوجد ماض ياأتى بفعل الزمان ٠»‏ والتاريخ لا يثيره 
الحاضى ولا يبعثه ٠‏ الماضى ولى ولكن يرجعه » والحاضى بعث له واكمانية 
تحمقق ٠‏ واذا كان الماضى قد انتهى فان مغاركه. مازالت حاضرة » وصراع 
الأطراف مازال قائما ٠‏ الماضى من تراث الآباء والحاضى من ابداع الأبناء , 
ولكن فئ مواقف قد تكون واحدة ٠‏ فما أشبه الأمس باليوم ٠‏ وبالتالى يكون 
سؤال : متى تموت الفلسفة ومتى تحيا ؟ مسئولية الجيل الحاضى عن موت 
الفلسفة أو عن حياتها ,2 واذا كان الماضى عند البعض سلبا واستلايا 
ومحايدة فان الحاضر عند البعض الاخر , التزام ونقد ومقاومة ٠‏ 


ولا كنا نحن الآن فى نهاية فترة وبداية أخرى ٠»‏ نتحدث عن الانهيار 
والذهضة ونذكر الانحطاط والبعث » ونواجه التوقف والاستمرار فمن الطبيعى 
أن يكون سؤال : متى تموت الفلسفة ومتى تحيا ؟ موجها الينا فى جيلنا » 


ب55١‎ 


واضعا ايانا مع مشكلتنا الجوهرية التى نواجهها منئث علدة أجيال منذ 
الطهطاوى والأفغانى وشبلى شميل ألا وهى النهضة 2 شروطها ومقوماتها 
وطرقها وغاياتها » وكان من الطبيعى الدخول فى الزمان فى التاريخ فلعلنا 
نكتشف لديذا وعيا باللزمان واحساسا بالتاريخيمكننا من الاجابة عنالسؤال٠‏ 
واذا كنا على حاقة دورتين حضاريتين : الأولى هى التى حدد هأ ابن خلدون 
ووصف مسارها فى المقدمة , و:الثانية فى عصر الانهيار الذى قد شارف 
على النهاية منذ نهاية القرن الرابع عشر الهجرى وبداية الخامس عشي , 
وحياة أخرى : محتمعاتنا فى لحظات التحول من التقاليد الى التحرر ٠‏ وهن 
التراث الى التجديد » وفى هذه المرحلة من مسارها يكون السؤال بذى دلالة, 
وتحمل الاجابة عليه تجربة حضارية لمجتمعاتنا الناهضة قد تساعدنا على 


تقوية وعينا باللحظة التاريخية الراهنة ٠‏ 


لذلك كان من الطبيعى أن يكون المنهج المتبع هى منهج تحليل التجارب 
الشعورية لجيلنا والتى يعيشها المفكر أى الفيلسوف , وهى المنهج الذى تمت 
صيا غته يأسم المنهيج ,0 الوص فى » أو المنهج « القلاهرياتى » أو المنهج 
« الفينومونولوجى » فى التراث الغربى فى الفينومينولوجيا المعاصرة ٠)١(‏ 
وقد كان متيعا من قبل فى تراكنا القديم خاصة فى علوم التصوف وفى علم 
أصول الفقه والى حد ما فى علوم الحكمة () » وهى أيضا المنهج الذى يطبقه 
)١(‏ انظر عرضننا لهذا المنهج فى الجزء الاول من رسالتنا الثاذية ( باريس 
55 ) بعنوان : 
13 46 161اأعة نآ ,قاع ه01 تغمرمشطقطم هآ ع0 معععغ 11 
3لاق 61181" 2626 مطغطم نلق 2116205مة طمه أ عتاوأع62010صمصة در 
.0 ,ع091 عآ بأموشداج لله تودرل 
وانظر أيضا تطبيقنا لهذا المنهج فى ظاهرة تفسير العهد الجديد فى الجزء 
الثانى بعنوان : 
-25515© 10116 اله تطتظفط 6ن تقققه ,عمنع 6 ع1 ع0 ماع 10م صغنطهسغنلام هآ 
(1966 ,قأصهط) اطع تطوطقء1 201177211 011 اهدر ذخ عمالعاغخدعا 


(؟) انظر اكتشافنا لهذا المنهج فى علم اصول الفقه فى رسالتنا الاولى يعذوان: 
قاأطعططع2020 ع0 عمدماع5 15 "لاه لووقء ‏ ,رعدنغع 010226 5ع716500 وعرآ 
5 م,ع0815) عط ,21-10 [ناونآ 112 «مإمصعطعة1مصردمه 3[ 

وكذلك دراستنا « حكمة الاشراق والفينومينولوجيا فى دراسات اسلامدة ص 


-51١؟-‎ 


كل المفكرين على غير وعنى منهم سواء كانوا علماء أى فلاسفة أو حتى أدياء 
وفنانين » فلا شىء يحدث فى الخارج الا ويحدث فى الشعور ؛ ؤلا شىء يتم 
ادراكه فى الخاري ان لم يتم-ادراكه فى الشعور » وهو المنهج الذى يستعمله 
بسطاء الناس وعامتهم فى حياتهم اليومية فى ادراكها وتعديرهم وتصحديد 
مواقفهم ٠‏ فالانسان لا يستطيع أن يفهم أى مؤضوع الا من خلال التجرية ٠‏ 
والموضوع تجربة معاشة فى شعور الانسان لا يستطيع أن يفهمه.الا اذا أدرك 
دلالته أو معناه » ولما كانت التجارب البشرية مطردة وقواذين التاريخ وتطور 
المجتمعات واحذة » فانه يمكننا فهمها بصرف النظر عن اختلاف العصور 
والأجيال » فذحن قادرون على تذوق الآداب القديمة وفهم الفلسفات الماضية 
وادراك المواقف الانسانية للعصور السابقة ٠‏ فا ماهيات واحدة »,2 والمعانى 
قائمة ومستقلة عن حواملها التاريذية 2 ويمكن ادراكها بالصدس ٠»‏ يكفى- 
اعادة بناء الموقف 2 وعيش التجربة واتحاد الذات بموضوعها * ويتفق على 
حدس الماهيات عديد من الباحثين والقراء على السواء دون ما خلاف على 
النتائج ٠‏ وتلك الصورى مع الواقع المادى ٠‏ فهذا التطايق ادعاء لا وجود له 
تطابق الحكم الصورى مع الواقع المادى ٠‏ فهذ! التطابق ادعاء لا وجود لله 
لأن -الحكم والواقع لا يوجدان الا فى التجربة المعاشة ٠‏ فالصدق فى التدليل 
والبداهة فى الادراك هما مقياسان لصحة تطبيق هذا المنهحج فى مثل هذا 
الموضوع : متى تموت الفلسفة ومتى تحيا ؟ وقد قام هوسرل واضع ه ذا 
المنوج بتطديقه فى نفس الموضوع متسائلا عن افلاس ع1 و8" 
الفلسفة على يد 'الحسيين التجريبيين من أمثال هيوم 2 وكيف يمكن زيادة 
رصيدها )١(‏ ' بل انه لا يكاد يخلى فيلسوف واحد من وضع هذا السؤّال : 
كل على طريقته ولتدعيم مذهبه ٠‏ ولكن هوسرل هى الذى وضع السؤال على 
مستوى الوعى الأوربى كله » فالموت والحياة ظاهرتان للوعى التازيخى 


الفردى والحضارى » ولوس على مستوى معين صورى أو مادى أو وجودى ٠‏ 


ولما كان كل باحث. اليوم ذا. شعور مغترب نظرا لسيادة الحضبارة 


ع2 .8 ١اقتعمة‏ 11/1 لاعطءع هزه صضناكه1 عل مامتمعا عالط : ا:تععق0طط .كز 

ذل طذز عصدكعت[صأة1 عدنته رعتعه[مدعمدهطمطم علقامصع0معدقطوة عذل 20 
2 ,815025 .24 ,88-91 .زم ,بعتطجرمعم1[قطم عطععاع010معصسصدمطمر 
.182060 


51195 د 


الأوربية وانتشارها خارج حدودها فائه يجد نفسه لا محالة بصدد تخليل 
الشواهد والأمذلة التاريخية من داخل الحضارة الأوريية وكأن الغربن هى 
العالم كله . وكأن تاريخ الفكر الأوربى هو تاريخ الفكر الانسانى »2 وكأن: 
الحضارة الأوربية خاصة فى العص ور -الحديثة هى الممثلة الؤدحيدة 
اللخضازات البشرية كلها ٠‏ فى مصىر والصين وفارس وما بين النهرين وفى 
أفريقيا وفى خليج المكسيك ٠‏ زحرصا على هذا التحرر من هذا التحيز 
الحضارى المسبق » ونحن مازلنا ضحيته , فان الشواهد والأمثلة التاريذية 
سدعهم وتتنوع قدر الامكان حتى تشمل أكبر قدر ممكن من المض-ارات 
الأخرى وفى مقدمتها الحضارة الاسلامية التى تكون مخنخزونذا الذفسى 
ورصيدنا الفلسفى ٠‏ والتى مازلنا نعيشها وتعيش فينا حتى الآن (4) ٠‏ ولما 
كان الباحث ذى الوعى المتحرر هن الغرب لم يع بما فيه الكفاية احدى دؤائره 
الحضارية الكبرى وهى دائرة: الشرق ٠»‏ فذلك لأن الغرب مازال يمثل لذنا 
التحدى الأكبر ليس: فقط عسكريا واقتصاديا بل ثقافيا وحضاريا » ويكفينا 
فى جيلنا التلخص من آثاره » ويكفينا تحجيمه ورده داذل حدوده حتى يحدث 
التوازن فى وعينا .القومى بين حضارتنا وحضارات الغير فى الغرب أولا 
ذم فى الشرق ثاذيا ٠‏ 


انها : ما -الفاسفة ؟ 


ما هى الفلسفة ذلك التىتموت وتحيا ؟ وما تعريفها ؟ 

١‏ هل الفلسفة هى البحث الخالص عن الحقيقة المجردة ؟ هذا 
التعريف فى حقيقة الأمر نظرى أكثر منه واقعى اذ لا توجد حقيقة مجردة 
بل توجد حاجات ومطالب وأهداف وبواعث وأوضاع اجتماعية محددة فى 
عصور وأمكنة معينة ٠‏ المجرد لا وجود له فى الذهن ولا فى الؤاقع لأنه معاش 
فى تجربة أولا بما فى ذلك المفاهيم الرياضية والتصورات المنطقية ٠‏ ولم 
يكن: هناك على مدى الفكر البشرى أى بدث مجرد عن الحقيقة حتى ولو أعلن 
الفيلسوف ذلك لأن الشمول مطلب انسانى يتجاون به الانسان حدوده االفردية 


(4) انظر كتابنا : التراث والتجديد موقفنا من التراث القديم ص ١8 ٠١‏ 
المزكز العربى للبحث والنشر ‏ القاهرة ٠ 198٠‏ 


3 


والاجتماعية والتاريذية ٠‏ لذلك كانت الفلسفات الصينية ‏ وفى مقدمتها 
الكونفوشيوسية ‏ فلسفات عملية مرتيطة يسعادة الانسان على الأرض 
ونعيمه فى هذه الدنيا ٠‏ كما وجه الاسلام الذهن البشرى نحو منافع الأمة 
ومصالحها وعدم السؤال عن أشياء لا نفع منها أى يأتى منها ضرر « يأيها 
الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبدلكم تسؤكم , وان تسألوا عنها حين 
ينزل القرآن تبد لكم » عفا الله عنها والله غفور رحيم , قد سألها قوم من 
قبلكم ثم أصبحوا بها كافرين » ( 5 : ٠ ) ٠١؟ ٠١١‏ قالسؤال لا يجوز 
الا اذا كان فيه نفع عملى ٠‏ وقد قال علماء أصول الفقه قديما : ان كل سوّال 
لا ينتج عنه أثر عملى فانه يكون عاريا عن العلم (5) ٠‏ وكثير من الأسئلة 
له اجابات عملية وليست نظرية . وكما فى الأثر عندما سثل الرسول عن 
الساعة قال : « فاستعد لها » ٠‏ كما رفضت الفلسفات العملية فى الغرب 
هذا البحث النظرى المجرد من أجل التوجيه العملى فى الحياة ٠‏ لقد ارتيط 
هذا التعريف للفلسفة باليونان عامة وبالطبقة الأرستقراطية ‏ طبقة 
الأحرار ‏ خاصة وهى التى كفاها العبيد مؤونة العيش وتدبير حياتها المادية 
من عمل وكد ورزق وآعداد للاعمال المنزلية ٠‏ فبدات فى البحث عن طبائع 
الأشياء وأاصلها بحثا مجردا صرقا لا غاية له ولا هدف الا الحقيقة ذاتها 
ملأ أوقات الفراغ ٠‏ كما استمر هذ! التعريف أيضا عند بعض فلاسفة 
التنوير مثل لسنج صاحب القول المأثور : « لى أن الله أمسك بالحقيقة كلها 
فى يده اليمنى : والبحث الدائب عن الحقيقة فى اليسرى كى أقع دائما فى 
الأخطاء وقال لى : أيهما تختار ؟ فاننى بكل تواضع أختار اليد السبرى قائلا: 
أبى » هب لى هذا ٠‏ فالحقيقة المطلقة لك وحدك )١(‏ » ٠وقد‏ كان ذلك رد فعل 
على الدجماطيقية والمعطيات المسيقة والحقائق الجاهزة من السلطتين الدينية 
والسياسية أو من العرف والتقاليد » ثقة بقدرة الانسيبان على اكتشاف 
الحقائق يجهده الانسانى الخالص حتى يطمئن الى ذاته والى 'قدرته على 
اعطاء العالم غطاء نظريا من وضعه بعد أن انهارت كل الأغطية النظبرية 
الموروثة التى دافعت عنها الكنيسة والدولة الى آخر رمق ٠‏ وكان الثمن 


0ك 





5( دقول الشاطيى « الاشتفال بالمباحث النظرية التى أيس لها ثمرة عملية مذموم 
)3 41 .7 رقع سناع لووتعه امعط" معوسطلووع[ : عملوومنا .0 
07 بقنطلم2تلة0 رعفوعط بوازوطة تلصلا 010 1 مقا 


ا هكالات 


دماء المفكرين الأحرار والعلماء التى سالت من أجل البحث عن الدقيقة 
والبرهنة عليها بشهادة الحس والتجربة وبدليل العقل والبرهان ٠‏ وقد عبر 
هوسرل عن هذا التعريف أخيرا بأن الفلسفة هى البحث عن الحقيقة النظرية 
المجردة “الخالصة وأن موضوعها المثالى هى نقطة أرشميدس أى الموضوع 
النظرى المجرد الذى لا وجون له فى الواقع ٠‏ قطالما ارتبطت الفلسسيفة 
دالنواحى العملية الدينية أى الأخلاقية ولم .تكن بحثا نظريا مجردا فانها 
لا تكون فلسفة ٠‏ ومن ثم لم يعرف الشرق القديم الفلسفة بهذا المعنى ٠‏ بل 
ان سقراط نفسه اليس فيلسوفا لأنه ربط بدته النظرى بالأخلاق العملية , 
وعلى هذا النحى يكون الغرب وحده ٠‏ ببحثه النظرى المجرد .. هو القادر 
على التفلسف » ويكون أفلاطون هى نموذج الفيلسوف فى نظرية المثل , 
موضوعات عقلية صورية مفارقة للطبيعة الحسية المادية ٠‏ ان تطور الحضارة 
الأوردية وبناءها اذما يتحدد بالنحث النظرى المهرد ٠‏ وقد تحول ذلك الى 
غائية وؤقصد خضارى ٠‏ بل ان العمل ذاته أى كل ما يتعلق بالارادة والرغيات 
والميول يدّم البحث فيه بحثا نظرديا خالصا مجردا كما أر]د كانط فى « نقد 
العقل العملى » من أجل البحث عن الأسس النظرية للعمل ٠‏ لذلك كان ايبنتز 
نموذج الفيلسوف بتحويله العالم الى رياضيات شاملة يمكن معرفتها بقوانين 
العقل ذاتها وأولياته () ٠‏ وقد كرر ماكس كيبر نفس الشىء » وحجعل 
التعقيل أو التنظيز 100 مقيزة خاصة للفرب على باقى 
الحضارات ٠‏ فقد نشا لديه تقسيم العمل واكتشف قوانين الطبيعة واخترع 
الحاسبات الالية . وقد وصل هذا الاعتزاز عند فيبر بهذا التنظير الى .هد 
العنصرية (8) ٠‏ 


ولم ينشا .لدينا فنى تراثنا القديم ولا نهضتنا المعاضرة هذا الاتجاه 

7 6 286 ,279-294 .نرجر ,20-36 .جزم رقامل" : ااع 1811155 
“2]1517 ,427-433 نمم 409-413 .نرم1 رقعه106 ,1956 ,عمقو8 17 -3 .طط1 
-102 .مزج 316 2 لطعم 8طة1 عندوتعه1 نع 16لع0 208 عنتوتعمط ,1950 ,متضوط 
,“211 238-241 .مم1 ومناوأعمة1 قعطء«عطعع5 ,1950 قتتنروط ]اط 105 
.00 قوط 

روطع 28112 ,17-115 ,زم - معان ة"م «طمعتة" 19 ع عتاولكامه : أتصوكر 
,1949 

(4) انظر دراستنا : الدين والراسمالية حوار مع ماكس فيبر فى قضايا معاصرة 

ج” فى الفكر الغربى المعاصر ص "لا 554 ٠‏ دأر الفكر العربى ‏ القاهرة لا/ا019٠‏ 





ار 5 


للبحث النظرى المجرد باسم الفلسفة أى البحث عن الحقيقة ٠‏ فقد ارتبطت 
الفلسفة لدينا بالدين وبالمشريعة أى بسعادة الانسان فى الدارين ٠‏ كما 
ارتبطت المعرفة بالسعادة والفلسفة بالأخلاق ٠‏ بل ان وضع 'الحكمة فى أعلى 
الفضائل انما لاعطائها الانسان السعادة والخير ٠‏ هكذا كان البحال فى علوم 
الحكمة ‏ وعلوم التضوف لدينا ٠‏ أما علم أصول. الدين فالحقيقة فيه منزلة 
من عند الله., من النبوة والوحى لغاية عملية » وفى علم أصول الفقه الحقيقة 
فيه عملية وليست نظرية أى الحصرص على المصالح العامة والمنافم 
الدنيؤية ٠‏ 


؟ ‏ هل الفلسفة هى فن الحياة والتكيف مع مطالبها ومقتضياتها من 
أجل البقاء والحرص على المنافع الخاصة والعامة دون طرح أى سؤال 
نظرى ؟ هل هي مجرد تسهيل للامور ٠‏ وتذليل للصعاب ٠‏ وحل للمشاكل من 
أجل سور الحياة ؟ ولكن البرجماتية ذاتها كانت رد فعل على الفلسفة 
باعتبارها بحثا عن الحقائق النظرية المجردة التى لا أثر لها فى الحياة 
العملية ٠‏ لذلك أسقطت من حسابها موضوع البحث النظرى الخالص ٠‏ وهو 
أيضا موقف برجسون من العقل والبحث النظرى يل والدين الثابت 61006ة]8 
فالهدف من ذلك كله هو التكيف مع الحياة ٠‏ فالتصورات النظرية عند 
برجسون. مجرد ظلال وأشباح للواقع ,. وليست الواقع نفسه الذى يتكيف 
الانسان معه ويدركه بالحدس الوجدانى 2 مجرد شيكات أو حوالات أو 
أذونات للصرف. ولوست رصيدا حقيقيا وثروة فعلية (1) ٠‏ 


والحقيقة أنه يصعب تناول مشكلة العمل دون النظر , فالنظر هى أساس 
العمل ٠‏ لذلك كتب كانط. + نقد العقل العملى » لبحث المسبائل ‏ النظرية 
لوضوعات العمل والسلوك , كما أن الاتجاهات العملية فى الفلسفات كلها 
لم تسقط من حسابها البحث النظرى , فسقراط كان يبحث عن المبسادىء 
النظرية العامة للسلوك العملى ٠‏ وكذلك كان أفلاطون وأرسطوى ٠‏ وظل الخال 
كذلك فى العصر الوسيط بصرف النظر عن صواب هذه المبادىء النظرية أو 
خطئها ( الخطيئة , الخلاص ٠‏ الفداء ٠٠0٠٠٠١‏ الخ ) ٠‏ كما بحث ديكارت 
موضوع الصواب والخطأ فى التاملات فى الفلسفة الأولى وكذلك فعل سينوزا 





(19) 8 06 اع ع220781 18 ع0 وع501016 عتتاع قمنب1 : ر«رمقعم86 كر 
5 ,515و ,2101 195-115 .رزج ب«متعتاعم 


كت لاك د 


فى «١‏ الأخلاق » ٠‏ بل ان « اليرجماتية » عند « مل » تقوم على أساس تجريبى 


وهو دبرحث نظرى وان اختلف المنهج 03 ويقوم على . ١‏ ستقصاء للعلل كما هى 
الحال عند علماء أصول الفقّه فى تراذنا 0 وهناك الاتجاهات العماية عند 
شلر تا 11لط5 .8ن .“18 2 وبيرس © .01 » وبلوندل . 


وكلها تؤسس العمل على البحث النظرى سواء فى العلوم الانسانية.أي فى 
العلوم الرياضية والطبيعة أى فى العقيدة الدينية » بل ان الوجودية ذاتها , 
باعتبارها رد فعل على الفلسفات النظرية المجردة . لم تغفل الأسس النظرية 
للسلوك الفردى الاجتماعى كما هى واضح فى « نقد العقل الجدلى » عند 
سارتر )١١(‏ + 0 ظ 


لقد انتهت الفلسفة عند اليونان بعد أن سادت الفلسفة يعد أرس_طى 
المدارس الأخلاقية العملية كالرواقية والابيقورية .. وتحولت الفلسفة الى بحث 
فى السعادة واللذة وممارسات عملية فى جماعات وحلقات دون طرح الأسس 
النظريّة لهذا البحث ٠‏ كما ماتت الفلسفة فى أمريكا بعد النزعة البرجماتية 
الخالصة كما هى الحال عند وليم جيمس وجون ديوى , مادامت الحقيقة 
هى مقدار ما تحدث من أثر فى الحياة العملية ٠‏ وأصبح يخرب بالمجتمع 
كله المثل فى النزعة العملية وفى سطحية الفكر لولا هجرة بعض المفكرين 


1 0 رك امآ نام 5 301-309 .ززم ,1160163610025 : وعأاموعوعدا 
2 53 ,روأموط ,2181 
ره ,1181 معأع[ممامه معطتتاع0 ,618-652. .70 ,علاوتط اها : 2029أمت 
: 1954 

قاصطةط ,2]01 1-9 .م ,عسمتعلطة 2ه تللانا عآآ 41ل .صل 

فعه<2 ههم1 ,40-54 ,م ,تطفتاة مهنم علأأمتممسنطة1 : ومللتطءعة .1.0.8 
06 م7 بجعا 

رتل 10017 1168م0ع2] 08 ع تااوع أ لطء 31 معطا ,روص1771 0عاءع561 : ععععاط .ان 
تناه ععاهمد هع 11087 ,رقع ]7 [للكخصعوقهة عط ,1966 لمم ]1 
,عآ01 1 ]1 10377 ,2112612 ,137-157 .م عروعالن 

1005/6 ,5-22 .مر كلعلاء5 02 حاملاوعساة قفطا ‏ ,قعص كع لوعتطممدمائطم 
,1720121 بعلم 

0 قنتسوم 51017 ,1-22 .رم ,(1898) دهاع نآ : 1[ع20ه516 .131 
811 15-32 .درم نا 018161 15" 8ه[ 06 عناو م0 : وعاموم ,طل 
1060 


-158 - 
الأوربيين والقيام بحركة ثقافية علمية لطرح السؤال النظرى ٠ )١١(‏ 


؟ ‏ هل الفلسفة تفكير على الدين ٠‏ وتاييد لعقائده وخدمة له , وفهم 
لنصوصمه ؟ لقد ارتوطت الفلسفة منذ نشاتها بالدين 2 وخرجت من المعايد 
والكنائس واشتغل بها رجال الدين ٠‏ بل أن الفلسفة قد تكون تطورا طبيعيا 
للدين كما يقول يعضرفلاسفة التاريخمثل كونتفى قانون الحالات الثلاث »وان 
موضموع الفلسفة الأول وهى الوجود المطلق » هى بعينه موضوع الدين الأول 
وهو الله ٠‏ وأن وسيلة المعرفة فى الفاسفة ‏ أى العقل أو الحدس ‏ هى بعينها 
وسيلة المعرفة فى الدين وهى الوحى أو الايمان أى النبوة أى الالهام بالرغم 
مما قد يبدى بين الوسيلتين هن اختلاف عند البعض » ومن اتفاق عند البعض 
الاخر ٠‏ وأن غاية الدين وهى النجاة فى الدنيا والاخرة , هى بعينها غاية 
الفلسفة وهى الحصول على السعادة ٠‏ ومن ثم كان الدين والفلسفة متفقين 
فى الموضوع والمنهج والغاية ٠‏ وقد ظهر ذلك بشكل واضح فى تراثنا القديم 
عند الفلاسفة المسلمين ٠‏ فالفلسفة والدين عند الكندى متفقان فى الموضوع 
والغاية وان اختلفا فى المنهج ٠‏ وعند أبن سينا طريقان يؤديان الى نفس 
الغاية كما وضح من قصة « حى بن يقظان » »2 وعند ابن رشد : الفلسفة 
بالنسبة للشريعة هى الأخت الرضيعة . التحدتان بالطيع , المتحابتان بالجوهر 
والغريزة , وانما يكمن الخلاف بينهما فى الظاهر , ومن هنا أتت ضرورة 
التأويل ٠‏ ويعظم الخلاف بينهما عند العامة التى لا تقدر على التأويل » وعند 
رجال الدين :الذين يدافعءون عن مناصبهم المزورة ويضطهدون الحكماء الذين 
يكشفون عيوبهم ٠‏ بل ان غاية الفيلسوف هى بيان هذا الاتفاق بين الشريعة 
والحكمة , وبين الدين والفلسفة )١9(‏ 0.. 


17, بتا]2 ,م8001 316210555 ,17-40 .ممم رتاه صعووع2 : وعمطول‎ )0١) 


0 ,27011 
01:16 116177 ,2111163120 ,3-25 .21 ,لإأظتة !66 201 8ع لان مط" : تإوبزوط ال 
:160 


(؟١)‏ كتاب الكندى الى المعتصم بالله فى الفلسفة الاولى ( الاهواتنى ) ص /الا ب 
الحلبى القاهرة ١948‏ , ابن سينا , ابن طفيل , حى بن يقظان ص 4١‏ 49 ص 
4 ( أحمد أمين ) دار المعارف بالقاهرة 1١911‏ ابن رشد : قصل المقال فيما بين 
الحكمة والشريعة من الاتصال ص ١١‏ المحمودية بالقاهرة ٠‏ اخوان الصفا : رسائل 
اخوان الصفا . المجلد الرابع ٠‏ العلوم الناموسية والشرعية ض 5 ١8‏ دار صادر ,2 
ديروت /ا6ؤ١ا ٠‏ 


ب 751515 ده 


وقد وضح هذا الاتجاه أيضا لدى آباء الكنيسة الأوائل خاصة عند 
جيستان الذى كان يرى سقراط مسيحيا » فالفلسفة هى “محبة الحكمة ,2 
والأسيحية هى المحبة » ومن دم فلا خلاف بين .الفيلسوف والمسيحئ “.وقد 
استمر هذا التيار أيضا فى الفلسفة المسيحية فى.العصر الوسيط عندما بدأ 
الجدل يسيطر على اللاهوت عند بيرانجيه التورى ٠»‏ ونيقولا الاميانى , 
واستمر عند أبيلارٍ ٠‏ كما ظهر بوضوح عند الرشيديين اللاتين: وفى مقدمةهم 
سبيجر البراينتى وغيره من تلامين المسلمين ٠‏ كما ظهر- فى العصئن الدديث 
كله ابتداء من ديكارت والديكارتيين خاصة اسبينوزا الذى أمكنه استندياط 
كل حقائق الايمان من العقل الخالص ٠‏ وقد بلغ ذلك .الذروة عند. هيجل 
عندما تحول الدين 'الى فلسفة والتثليث البى جدل ٠‏ والقيامة الى تاريخ ٠‏ 
كما تحوئت الفلسفة الى دين » والمطلق الى اله ٠‏ والعقل الى وحى ٠‏ م يعد 
هناك فرق بين ,لفلسفة والدين ٠١٠‏ وكلاهما تحققان للفكرة » ومظهران 
للمطلق ٠‏ ومن ثم لحق هيجل بتراثنا الفلسفى القديم الذى أصبح فيه النبى 
هو الفيلسوف والفيلسوف هو النبى(١١) ٠‏ 


ولكن ارتباط الفلسفة بالدين جعلها خادمة له وأفقدها القدرة على 
التفكير المستقل وحرية البحث ٠‏ أصبحت الفلسفة خادمة للدين ومبررة له 
مما أحدث رد فعل عنيفا للفلسفة التى أصبحت عند البعض الآخر فى 
مواجهة الدين ,2 ومعارضة له ٠‏ فبدل أن كانت خادمة اللدين أصبحت/ عديدة 
له ٠‏ حينئذ يتحول الدين الى مجرد خرافات وأساطير من 'لناحية النظرية 
والى شعائر وطقوس من الناحية العمئية , والى سلطة .ومؤّسسات وهيتئات 
من الناحية التنظيمية ٠‏ وتصبح الفلسفة هى 'الحامل للواء العقل والحرية 
والعمل , تعيد الانسان الى العألم بعد أن استلبه الدين خارجا عنه كما ظور 
ذلك بوضوح عند فيورياخ فى ٠‏ جوهر المسيحية ٠ )١4(»‏ 


36 -232 .522 21 -16 عع شعطء 1107 بدو عتطمهسماقطم 18 :011502 .كا 
7 -550 ورم لاقع دمع أ ممعتطم ا ماعط يل ]1 111 3535 


وأيضا كتابنا « نماذج من الفلسفة المسيحية » ص ٠١١4 ٠١١‏ الطبعة الثانية ‏ 
الانجلو المصرية  .‏ القاهرة 191/8 ٠‏ 

(8!) يعرض اسبينوزا فى رسالة فى اللاهوت والسياسة لهذين الموقفين .بالنقد 
ويقترح فصل الفلسفة عن اللاهوت والتمييز بين المجالين ٠‏ انظر ترجمتنا لارسالة 


0ن 3 


وقد ظهر نفس الاتجاهين: فى .تراثنا القديم : الأول يرك جعل الفلسفة 
خادمة للدين كما وضح عند الأشاعرة: بجعلهم النقل أساسن العقل » والثاذى 
بجعل الفلسفة مستقلة عن الدين كما وضح عنم المعتزلة بجعلهم العقل أساس 
النقل ٠‏ وقد ظهر رد الفعل على الائجاه الأول عند "اين الروناندى وعند 
الرازى ولذلك لم تحفظ مؤلفاتهم خاصة عن النبوة ٠‏ ومازلنا حتى الآن فى 
حركاتنا الاصلاحية الأخيرة وفى نهضاتنا الماصرة نتصور ارتباط الفلسيفة 
دالدين كما هو الحال فى « <الجوانية ٠ )١5(»‏ 1 


: . هل الفلسفة تفكير على العلم » وتامل فى نتائجه وحل لمشاكله 
وتبن لمنهجه ونظر فى موضوعاته ؟ لقد ارتيرطت الفلسفة دائما بالطبيعة 
وهى ميدان العلم وموضوحه الأول من الطبيعيين الأوائل عند اليونان ٠‏ بل 
ان االعلم ذاته قد نشأ من ثنايا فلسفة 'الطبيعة ثم ساعد على ازدهارها يعد 
نشآته ٠‏ كانت فلسفة 'الطريعة مادة للعلماء كما كان العلم مادة لفلاسفة 
الطبيعة ٠‏ وازدهرت الفلسفة الطبيعية فى القرن التاسع عشي بانتصار العلم 
واثر الاكتشافات العلمية الهائلة » واكتشاف علوم الحياة بالاضافة الى 
علوم الطبيعة 2 وبعد نظرية التطور وأثزها على. التصور العلمى للحياة 
وللكون ٠‏ وفبى هذا القرن نشأت فلسفة علمية ٠‏ تختار من العلم المنهج الدقيق 
لا الموضوع 'الطبيعى فاقتضرت الفلسفة على تحليل اللغة . وتحولت الى 
علم مضبوط ٠‏ كما تحولت فلسفات الطبيعة ألى أطر نظرية للمذاهب 
الاشتراكية كما هى الحال عند ماركس وانجلز . أى الى أسس ميتافيزيقية 
لقلسفات الوجود كما هى الحأل عند هيدجر روبقية الطبائعيين الأوائل قبل 





ص 7١0‏ 571 الطبعة الثانية , الانجلو المصرية .. القاهرة 191/8 ٠‏ أنظر عرضنا 
اوقف فيورباخ من خلال عرض جوهر المسيحية فى دراستنا بعنوان « الاغتراب الدينى 
عند فيوزباخ » عالم الفكر , المجلد العاشي , العدد الاول ٠‏ ابريل مايى يونيى ٠ ١919‏ 
(15) ابن رشد : مناهج الادلة ص 1:9 ١75‏ تحقيق محمود قاسم , الانجلو 
المصرية , القاهرة 1914 ٠‏ عبد الامير الاعصم : تاريخ ابن الرواندى الملحد » بدروت ٠‏ 
أن دراستناً عن الجوانية بعنوان « من الوعى الفردى الى الوعى الاجتماعى 
فى دراسات اسلامية ص 747 595 - الانجلو المضرية ٠ ١98١‏ 


سقراط ؛ أي عند ميرلوبونتى ويرجسون واعتمادهما على الطبيعة. " للبشرية من 


وقد أصمبح ‏ العلم 'الطبيعى لدينا منذ القرن. الماضى: » : عند: شبلى . شميلٍ 
وتإعقوب صزوف ونقولا حداد وولى الدين يكن 2 وفى هذا القرن, عند. سلامة 
موسى ٠‏ وزكى تجيب محمود وفوّاد زكريا. » أحد:طوق.. النهضة :وآهم .شروطها 
نظرا لما يسود مجتمعاتنا من خرافة وأساطير ومحرمات لا يمكن الاقتراب 
متها ٠‏ واصبح تكوين قلسفة“غلمية أخد :طرق الاصّلاخ-٠‏ الحكاننا لاستعمالنا 
للفة , وتوجيها لوعينا نهو الظواهز: الطبيعية أو الاجتماعية:واستخدامًا 
للعقل بطزيقة تحليلية(11): ٠‏ الات 


وبالرغم من انجازاث الفلسفة الطبيعية ونجاحها فى:القضناء::على 
التصورات النظزية 'التى لا أساس لها فى العقل أو فئ الطبيعة وصياغة منهج 
تجريبى علمى دقيق استطاع القضاء على كل الأفكار الموروثة . والعقائد' 
المسبقة والأحكام المبتسرة والتحيزات والأهسواء الا أن- الفلسشفة“فقذت 
استقلالها » وأصبحت: تجرى إوداء ' العلم أينما' ذهب" 2 وضاع * سن ' الفسفة 


)0 تقطجزنهمللطم ده قتخمو8 02 ممع ساخصا عط ١‏ بوعبووط .ل 
.تامع 128100110111 

بقأصوط 520 8 21811116 18 06 10191601016 8615ل 1 
رقط6 01 طم 5 01623 عنطة]8 15 06 عتطوهة0 لطم 18 مم11 55 ,1952 
بك رععطعلعة ع0 تقطدموواتطم 6ط 05 : امققتتط .196128 وروم 0 ١‏ 
ماهد عط عإنم8 جنع[2 ,ونه ابأمطط فظو عتعمنآ ١.1965-عامه7* ١‏ أ 
0 عتززمعة 11858 رعع20171640ا1 اقصتة ‏ ,1959 علعمظا.. برعا3 011001و:١ ١‏ 
2128م206 1ض م1 سف ,1948 عامه؟ بعلل رق قطة11 18 
رعاعه1 طأناط رمع ملاع هآ وله .1ك :1269 ,10و28 50000 
,8211530 رعع1201160 01 حضة اطة ثم عط" - :1952 ,عاعرمع “مجع ]ا 
رع 8211220 رعع0ه901ممعا أوء أسأممرر 01 200000 عط" ,1969 

(1) شبلئ شمبل . : فلسفة النشوء والارتقاء” - الجزء .القاني القاهرة 3 قر 
دع زكى نجيب محمود ل من زاوية فلسفية » دذآن الشروق ٠‏ القاهرة 1 تجديد 
الفكر العربى ‏ دار الشروق .. القاهرة 15/١‏ ,2 د٠١‏ فوّاد زكريا ‏ التفكين العلمى , 
الكويت 4/ا9١ ٠‏ 


ل "177 ب 


زؤح .“التامل والتساؤل 2 وغابت منها الديرة والظنون والافتراضات »2 
وتحولت الى مذهب دجماطبقى يرفض كل : تأمل يخرج عن.. حدود العام 
ويتهمه بالخوافة والبتافيزيقا ' وفى النهاية حل العلم محل الفلسفة ٠,‏ 
وأصبحت الفلسفة احدى مراحل التفكير البشرى بعد الدين وقدل العلم ٠‏ 
ولم ينعد لدى الانسان أى مجال للتامل النظرى الخالص ٠‏ انْ لم يشا العلم 
فعليه بالدين أو الفن: يجد فينهما متءته ومبتغاه ٠‏ 


ه مهل الفلسفة تفكير على الفن ؟ قد ارتبطت 'الفلسفة أيضا منذ 
نشاتها بالفن كما إرتبطت بالدين وبالعلم ٠‏ وكان التفكير فى المجال أحد 
مصادر التفكير الفلسفى , فالانسان البدائى فئان قبل أن يكون فيلسسوفا 
الفن لغة وتعبيرا أكششر بدائية من الفلسفة التى تحتاج الى تنظي. وتعةيل 
وترتيب ومنطق وبحجة وبرهان ٠‏ وقد تساءل الفلاسفة قديما عن معنى الفن 
والجمال ٠‏ ولا يوجد فيلسوف الا ويتوج مذهبه بنظرية فى الفن أو يطبقه 
فى الجمال ٠‏ وقد قام الفلاسفة أنفسهم بوضع نظريات علم الجمال 
أجد فروع الفلسفة: ٠‏ خصص له أفلاطون محاورة « فيدروس » , وجعل 
أرسطو كتاب الشعر أحد كتب المنطق ٠‏ وكتب أوغسطين كتابا فى «الموسيقاء٠‏ 
وفى مرحلة المذاهب الفلسفية فى العصور الحديثة خصص له كانط أحد كتيه 
النقدية :الثلاثة « نقد ملكة الحكم » وأيضا «ملاحظات حول الجميل والجليل» 
وتبعه فى ذلك شيلر فى « التربية الجمالية للانسان » , كما طبق هيجل مذهبه 
قى دروس فى الجمال » وتبعه شوينهور حيث جعل الفلسفة تفكيرا على الفن 
والحياة ٠‏ ولا يخلو فيلسوف معاصر الا ويتطوق الى الفن ؛ فقد كتب ماركس 
وانجلن , فى « الفن والأدب » 2 وجعل كيركجارد « الجمال » أولى مراحل 
الحياة ٠‏ كما ارتبط الجمال بالدياة وبدفعاتها الحيوية عند جويو وبرجسون 
ونيتشه ٠‏ وبالتأمل الروحى عند تولستوى .١‏ وتحول :الى فلسفة خالصة 
عند سوزان لانجر وكولنجوود وسوريى وسارتر وهيدجر ٠»‏ فالصورة الفنية 
وعمل الخيال هما الوظيفتان الأساسيتان للفلسفة(8١1) ٠‏ 


-1[طناع 1 أ قلوع5 16 8111 0186178610828 ,711867 11 18 خأ : غخصقعا 
6 فناوعقطاقة : 18002668 عيره و6626م 1‏ : عو[الطه8 .“1 .عم 
00 : 11 

-خط10106 ,عاناطو ءارآ 5ه أظخ عطأ : تاعناقطسعممط5 ,غناو 1 أفط185 : [معن21 
000 هع 





لاد 


ومع ذلك فالفن مجرد وسيلة للتعبير ولوس فكرة وان كان تجسيدا 
للفكرة ٠‏ هى مجرد أسلوب فى التعبير عن الدين أى الفلسفة أو العلم أحيانا 
وليس فكرا ٠‏ والادراك الجمالى أحد أنواع الادراك مثل الادراك الحسى 
والادراك 'العقلى والحدس الفلسفى ٠‏ ومن ثم يكون رد الفلسفة الى“الجمال 
هو رد للكل البى الجزء وأغفال للمضمون من أجل الصورة وتضحية بالمشىء 
المعبر عنه من أجل وسيلة لتعبير ٠‏ 


هل الفلسفة تفكير على العلوم الانسانية مثل الاجتماع والسدياسة 
والاقتصاد والتاريخ والقانون ؟ هل هى تفكير على ظروف كل عصىر واحوال 
كل مجتمع ؟ هل هى تعبير عن روح العصر التى تظهر فى العلوم الانسانية؟ 
مما لاشك فيه أن اافلسفة تعبير عن ظروف كل عصر ٠‏ تنشا فيها 2 وتعير 
عذها 2 وتؤثر فيها خاصة عندما تدخل الأفكار الفلسفية فى نسق متكامل 
وتصبح « أيديولوجيا » ٠‏ وبالتالى فهى مجرد تفكير على العلوم الانسانية 
1 كانت هذه العلوم ,هى التى تعكس روح العصى ٠‏ وبالفعل لا يوجد فيلسوف 
الا وطبق مذهيه فى السياسة أو الاجتماع أو الاقتصاد أى التاريخ أو 'القانون ٠‏ 
فهذاك « جمهورية أفلاطون » والقوانين وكتاب « السياسة » لأرسطى , 
واه دستور أثينا » وى ٠‏ مديئة الله » لأوغسطين ٠‏ ى « رسسالة فى اللاهوتث 
والسياسة لاسبينونا » »و « مشروع السلام الدائم » لكائط » وفلسفة الحق 
7 لنهيكل 6 * وأاسطورة الدولة 0 لكاسيرر © » والقنبلة الذرية ومستقيل 
الانسائية « لياسبرن » والانسائية والرعب « ليرلوبونتى » : ونقد العقل 
الجدلى « لسارتر » , والانسان ضد الائسانى « لجايريل مارسل » ٠‏ « وفكرة 
السلام » لشيلر و « العقل والثورة » ماركون ٠‏ كما لا يوجد فيلسوف الا وتوج 
مذهبه فى موضوعات السياسة والاجتماع أو الاقتصاد .٠‏ فقد كتب مارسل 
البادوى « المدافع .عن السلام » ؛ وهوبر « الانسان والمواطن » ٠‏ وميكيافيلى . 
« الأمير » 2.وزوسو « العقد. الاجتماعى .» ».وهونتسكيوق « روح القوانين » : 
ومور « يوتوبيا » » وكرمويل « الكنيسة والدولة » ٠‏ وبيرك « فى الثورة » , 
وهيوم « كتابات سياسية » » ومل « المكومة النيابية » , « وبوزانكويه » 
« فكرة الدولة » . وباكونين « الله والدولة » وأورتؤجا « ثورة الجماهين » ٠‏ 
وديوى « الديموقراطية » ٠‏ بل ان رسل قد خصص ريما نصف انتاجه الفلسفى 
للموضوعات الاجتماعية والسياسية مثل" ٠‏ المجتمع الانسانى فى الأخلاق 
والسياسة» , «مبادىء النظام الاجتماعى» ٠‏ «التربية والنظام الاجتماعى» , 
ْ ( دراسات فلسفية ) 


« آفاق جديدة لعالم متغير » , « الحرية ضد 'النظام » » «السلطة , والفرد» » 
« الطرق الى .الحرية » , « السلطة » , « جرائم الحرب فى فيتنام » ٠‏ بل انه 
تحدث فى أكثر الموضوعات الاجتماءية شيوعا مثل « الحصصسول على 
السعادة » » ٠‏ الزواج والأخلاق » » « مدح الجنون » ٠‏ بل ان هذاك فلاسفة 
قد عرفو! كذلك بنظرياتهم السياسية فقط دون أن تكون لهم أبنية ميتافيزيقية 
أى مذاهب فلسفية مثل هارنجتون والقديس جوست » وجوزيف دى ميستر 
وجودوين » وبرودون وماركس وباكوئين وسولفييف وكاوتسكى وترؤتسكى 
وغيرهم ٠‏ كما ظهر فلاسفة فى التاريخ يفكرون فى تقدم الشعوب وأصبحوا 
فلاسفة لا يقلون أهمية وأثرا عن القلاسسفة الخلص مثل هردرى فيكو , 
وكوندرسيه » وكورنى » وكروتشه » وتونيبى وشبنجلر 2 واكتون 
وغيرهم(15) ٠‏ 


ولكن تحولت الفلسفة من هذا النوع عند البعض الى تفكير طوباوى 
كما حُدث عند مور » وعند دعاة الاشتراكية الخيالية » واصيحت تعبر عن 
أعمانى وتمنيات أكثر مما تعبر عن واقع انسانى ٠‏ كما تحولت عذف البعض 
الأخير الى ايديولوجيات تنتهى بالحزبية والتعصب والذهبية ٠‏ وبالتالى 
تفقد الفلسفة روح البحث الحر » والقدرة على الحوار ٠‏ كما تحولت عند 
فريق ثالث الى مذاهب سياسية ونظم اقتصاذية مثل الراسمالية والاشتراكية 
والفوضوية والقومية والنازية والذوئية » وبالتالى تحولت الى سلوك عملى 
تدافع عنه الدولة بالجيش والبوليس ٠‏ وتفقد الفلسفة قدرتها على النقد 
الاجتماعى وعلى تغيير الواقع(١5) ٠‏ 


وقد ارتبطت الفلسفة: فى تراثنا. القذيم بمثل هذا اللون من الفكر 
السياسى والابجتماعى 2 وظهر بصورة واضحة فى علوم الفقه والشريعة أكثر 
مما ظهر فى علوم الذكمة , ولكنه لم يكن فلسفة با معنى النظرى بل تكييذا 


(19) لم نشا ذكر موؤلفات هؤلاء الفلاسفة الاجتماعيين وطبعاتها واكتفينا 

الجنين البشرى عن قلسفات التاريع 0 ١‏ 
220 6003 : #تمتطلو8 ,1944 701 ه276 ,و1أم0غ11 : 1/10 2 
.1920 بعاع70 ببع[8 ,عاهاه عطا 


15176 


للساوك العملى وتنظيما للحياة :العامة » كما ارتيط فكرنا الاصلاحى الأخير 
بهذا اللون من التفكير السياسى والاجتماعى حتى أصبح هو الغالب على 
فكرنا القومى ٠,‏ فالتيارات الفكرية الثلاثة.فى فكرنا المعماصر : الديثى 
الاجتماعى » وأعطت الأولوية للعلوم العملية على العلوم النظرية ٠‏ وحاولت 
الدعسوة الى تأسيس علوم اجتماعية نمض يحنال الآمة وشعينها على: 
النوهضة(١؟) ٠‏ 


ومع ذلك.فان اعتبار الفلسفة تفكير! فى المجتمع وبحثا فى علومه 
يجعلها باستمرار وراء أحداث العصر غير قادرة على تجاوزها ٠‏ فالعضر 
احدى لأحظات التاريخ ٠‏ والمجتمع 'احدى حلقاته 2 والفلسفة وحدها هى 
القادرة على رؤوّية قوانينه: النابتة ٠‏ لذلك ارتبطت الفلسفات الاجتماءية 
بفلسفات التاريخ , الفلسفة هى القادرة على ادراك الثبات من خلال التغير 
والماهيات المحمولة على الواقع ٠‏ وبالتالى يظل السرؤال النظرى مطرؤحا 
حتى .فى خضم أحداث 'التاريخ . ٠‏ 


" -. الفلسفة تحليل للتجارب البشرية لمغرفة ماهيتها ٠‏ وهى تجارب 
العصر التى تظهر من خلال وعى الأفراد والجماعاث بها ٠‏ وتشترط الوعى 
اليقظ القادر على تدويل 'لوقائع الى تجارب حية دالة يمكن ادراك ماهياتها 
بالحدس ٠‏ كما تتطلب قدرة العقل على تدليل الشعور وادراك المعانى 
الشاملة فيه ٠‏ ففى الشهور يعمل العقل . وفى التجرية يعيش الواقع ,2 
وكلاهما يكونان .وعى الانسان بنفسه وبالعالم ٠‏ كما تتطلب القدرة على 
التخلص من الأفكار المسبقة والآراء المنحازة »2 ووجهات النظر الخاصة , 
والتحرر من العادات والغرف والتقاليد والأفكار الموروثة حتى يبدا الشعور 
العاقل أى العقل الشعورى عملية الادراك والفهم بداية جديدة على يقين أولى 


مسي سويد مسي و يت م لي 


(١؟)‏ رقاعة رافم الطهطاوى : مناهج الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية 
الذقاهرة ٠ ١5١5‏ حجمال الدين الافغانى : الاعمال الكاملة 2 تذقيق دء عمارة ‏ الهيئة 
العامة لللكتاب ‏ الثاهرة ٠ ١974‏ شبلى شميل : فلسفة النشوء والارتقاء » ص لاه ب 
55 . القاهرة 1504 , محمد عبده : تاريخ الاستان الامام ,. د ” .ا ص 57 458 , 


التاهرة ١١44‏ ههاء 


5 


ك757 ادب 


هو 'الوعى بالذات وبا معالم .٠‏ وفى نفس الوقت يكون الشعور قادر! على قلب 
النظرة ورؤية. الماهيات فى التجارب الشعورية التى تعيش فيها الوقائع , 
وبالمتالى تنتقل. الوقائع المادية من المكان الى تجارب حية فى الشعور الداخلى 
بالزمان .٠‏ ولما كان الشعو. عاما وشاملا فانه قادر على ادراك الماهيات 
الشاملة ٠‏ ولما كان. موضوعيا بلا تحيز أى هوى أمكن لشعور آخر ادراك 
نفس الماهيات ., ويكون الاتفاق. .على الادراك هو الموضوعية الانسانية 
الجديدة أى الوصول الى نقس الرؤية من فلاسفة عديدين ٠‏ ومن ثم كان 
الشعور قادرا أيضا على البحث االحر واستقصاء الموضوع ٠‏ ورؤية الواقع 
وعيش التتجارب.» وطرح.وجهات النظز: وتجريبها ثم جمعها فى رؤية واحدة 
تكون متحدة مع الموضوع ذاته ٠‏ ويشتد الشعور وينشط بالانتمناء الى وطن» 
والانتساب االى جماعة » والؤلاء لقضية . والسعى نحو مثل أعلى وتحقيق 
رسبالية . وعلى هذا النحى يخرج: الشعون من دائرة التامل الخالص وتحليل 
الماهيات الى العالم الانسانى 'العريض حيث يتم تحويل الماهينات الى أوضاع 
اجتماعية ومواقف انسانية ووعى بالجماهير ومشاركة فى حركة التاريخ ٠‏ 
فالتاريخ واقع يحيا 2 والواقع تاريخ حادث ٠‏ وبالتالى ترتبط الفلسفة 
بالوعى الفردى والاجتماعى والتاريخى ٠‏ لا تلعب دور أجيال مخدت لتعيد 
التاريخ الى :الوراء'».ولا تلعب: دور. أجيال قادمة لتقفز على مراحل التاريخ, 
ولكن تقوم بدور جيلها الحاضر معبرة عن روح العصر ورؤية التاريخ (؟؟)* 


ثالثا ‏ الفلسقة. والسلطة : 


علاقة الفلسفة بالسلطة .علاقة قديمة ٠‏ فالفسفة تظهر فى مجتمم تولن 
اكتشاف الفكر : وتبين ساغاب عن الأذهان ٠‏ ولما كان العرف الشائع والأنظمة 
الاجتماعية القائمة لا يقوم الا على العقائد الموروثة التى تكون حدنئذ أكبر 


(9؟) قد يبدى بعض التشابه بين هذا التعريف للفلسفة والوصف لنهجها وبين 
الفينومينولوجيا موضوعا ومنهجا ٠‏ ولكننا لنا صياغتنا الخاصة لهذا الموقف وأصولنا 
المستقلة وتطبيقاتنا المعاصرة فى الموضوعات الاجتماعية والسياسية ٠‏ أنظر رسائلنا 
الثلاث عن الفينومينولوجيا المذكورة فى الهامشين الاول والثانى ٠‏ أيضا : الظاهريات 
وأزمة العلوم الاوربية فينومينولوجيا الدين عند هوسرل فى قضايا معاصرة » ,2 ج ؟ 
في الفكر العربي المعاصر , ص 5950 86م . 


د /الا ل 


دعامة للنظام » اصطدم الفكر بالسلطة القائمة . سلطة التقاليد الوروثة أو 
سلطة النظم الاجتماعية.٠‏ السلطة واحدة ولكنها تتنوع فى الظاهر ٠‏ أولها 
سلطة الموروث القديم المتمثل فى العقائدى والعرف والتقاليد والأفكار الشائعة 
والعادات وما ألفه الناس: ٠‏ هذا المؤروث تتمثله القوى الاجتماعية فيتدول 
' الى سلطة سياسية تستعمله لاستتباب الأمن والمحافظة على الوضع القائم , 
وتتمثله السلطة الدينية فيتحول الى مقياس للعقائد ومعايير للصواب 
واالخطأ ٠‏ ولما كان رجال 'الحكم ورجال الدين: يشاركون فى نفس المد.الح أى 
الدفاع عن الوضع القائم حدث التعاون بينهما ضد حرية الفكر وضد كسر 
ماههى مألوف والخروج عما هى شائع وهى مهمة الفلسفة ودور الفيلسوف٠‏ 
وغالبا مايتم اضطهاد الفلسفة باعتبارها الحاعل للفكر الحر فى لحظات 
ضعف السلطة وليس فى قوتها رغبة فى حمايتة نفسها ضد المفكرين الأحرانء 
فتعتمد على 'السيف فى مواجهة الفكر » وتقرع 'الحجة بالاعتقال » والبرهان 
وبالتعذيب ١‏ والدليل بالنفى والطرد ٠‏ وتكون الغلبة فى النهاية لحرية الفكر 
التى تكشف ضعف السلطة وتضع حدا! للطفيان ٠‏ وغالبا ماتفشل السلطة 
فى القضاء على الفكر كما قال نابليون من قبل اثر هزيمته لاألمانيا عسكريا 
ومواجهة فشته له بالفكر : « لقد هزم القلم السيف » ٠‏ أن يتخذ الفكر حينئذ 
ثلاثة اتجاهات : الأولى ممالأة السلطة وتبرير قراراتها وهو الفكر الرسمى 
الذى يسود أجهزة الدوئة , 'والثانى مقاومة السلطة فى صورة منشورات 
وكتابات سرية داخل البلاد أى خارجها. 2 والثالث رجوع الفكر مكتوما فى 
صدور الناس » لا يعبرون عنه الافى الجلسنات الخاصة أو علنا 
فى صورة نكات شعبية أى عند بعض الكتاب فى الأدب الرمزى ٠‏ الفلسفة 
والسلطة اذن نقيضان , اذا غاب أحدهما حضر الآخر ٠‏ ويشهد بذلك تاريخ 
الفكر البشرى فى الصراع المشهور بين الأنبياء والكتبة » بين الفلاسفة 
والحكام ٠‏ بين الصوفية والفقهاء , بين المفكرين الأحرار ورجال 'الدين » وكأن 
تاريخ الفكر الدشرى يتحدد أساسا بصراعه مع السلطة ٠‏ أحيانا يكون 
النضى للسلطة والهزيمة للفكر وأحيانا أخرى يكون النصى :للفكر والهزيمة 
للسلعلة , وهنا تموت الفلسفة أو تحيا (77) ٠‏ 





(55) أنظر دراستنا 0 رسالة الفكر « وأيضا د دور المفكر فى اليلاد الثامية 07 
فى قضايا معاصرة . ح ١‏ فى فكرنا المعاصر , “" ١5‏ 2ص 5٠ ”١‏ 1 


تموت الفلسفة اذن اذا ما انهزمت أمام السلطة وتخلت عن دورها فى 
التمسك بحرية الفكر .2 ووظيفة النقد » وضيرورة التغيير » وحتمية التقدم , 
تدوت فى حكم الطغاة وتنتهى فى نظم الارهاب ولى الى حين حتى ينتصر 
الفكر ودنتهى الطغيان . وأكبر شاهد على ذلك حال الفلسفة فى عصى آباء 
الكذيسة ثم فى العصر الوسيط حتى عصر النهضة وبدايات العصر الحديث ٠‏ 
فؤد كانت هناك عدة اتجاهات فى عيش اأاسيحية والاحساس. .يها وصياغة 
عقائدها منذ الحواريين حتى قبل العصر الرابع » عصر التقنين ومجمع نيقيا 
الأول والانقهاءر«آلي صياغة واحدة للعقيدة » واعتبار كل ماخالفها كفر 
وهروق وزندقة ,و هرطقة ٠‏ قفقضاعت فرص اعتبيار المسييح عيسى بن مريم 
انساذا لا ألوهية فيه كما قال أريوس . وضاعت فرصة التاأكيد على الحرية 
الانساذية كما قال بلاجيوس » وضاءت فرصة اقامة الدين الوطنى ال مذاهض 
للاستعمار كما حاول دوناتوس ٠‏ واستمر الحال كذلك حتى العصى الوسيط 
وخروج دفعة ثاذية من الفلاسفة العقلانيين وفى مقدمتهم ابيلار وانصار ابن 
رشد 'اللاتينى دفاعا عن التوحيد وعن سلطة 'العقل فكان بجزاؤهم السجن 
والتشريد ٠‏ بواشتد الأمر حتى أقيمت محاكم التفتيش » ونصبت قواثم .الكتب 
الممنوعة » وحوكم العلماء وحرق الفلاسفة بدعوى مناهضة السلطة » سلطة 
القدماء وسلطة الدين ٠‏ وأمثلة جاليليو وجيوردانو برونى وغيرهم كثيرة. ٠‏ 
واستمر اضبطهاد السلطة للمفكرين الأحرار فيما بعد عصر النهضة حتى 
شمل فلاسفة التذوير. الذين استطاعوا فى نهاية الأمر التحرر من سلطان 
الكنيسة ٠‏ وكان ذلك نذير! أيضا بانتهاء. السلطة 'السياسية وبداية الثورات 
الشعبية ٠‏ بل واءمتد الاضطهاد حتى القرن الماضى بعد ظهور نظردية التطور 
عند داروين ومناصبة الكنيسة له العداء ٠‏ ولكن انتصار العلم يعد انتصار 
العقل جعل السلطة 5توارى داخل حدودها الطبيعية وعدم خروجها عن 


ميدان 'العقيدة(؟7) ٠‏ 


وفى ترا اذا لقديم قأدت الدولة الأموية فى بدايتها أيضا بأضدطهان 
المعارضة 2 وما كانت الدولة والمعارضة. على حد سمواء تقومان. على أسدس 





(4؟) أنظر عرضا طيبا لعلاقة الفلسقة بالسلطة فى كتاب د٠١‏ توفيق الطويل : 
قصمة الصراع بين الدين. والفلسفة . دار النهضة العربية . الطبعة الثسالثة , 
القاهرة 4ا9١ ٠‏ 


59/5 ه 


فكرية فقد أفرزت كل منهما الفكر الذى يؤيدها ٠‏ فخرج الفكر السنى لتأييد 
الدولة » وخرج الفكر الشيعى لمعارضة الدولة ٠‏ كما ذشأت فرق المعارضة 
من داخل أهل السنة مثل المعتزلة والخوارج لامقاومة من الداخل وينفس 
السلاح النظرى , واعتمدت الدولة على سلطة الفقهاء لتبرير سلطتها 
ولحمايتها من هجمهات المعارضة حتى أصبح الفقهاء يكونون السالطة فى 
تراثنا القديم منذ المعتزلة الأوائل : معبد الجهنى » وغيلان الدمشقى . وعمرو 
دن عبيد » حتى آخر الفلاسفة ابن رشد . واحراق كتبه فى ميدان قرطبة » فهم 
الذين كانت لهم القوامة على الفكر ٠‏ يصيغون العقائد », ويميزون بين 
الصديح منها والباطل » يتمثلون الصحيح » ويتهمون المعارضية بالكفر 
والزندقة . يدفعهم فى ذلك حرصهم على تراث الأمة ودينه ا »2 ومقاومتهم 
الغزو الثقافى الخارجى فى أحسن الأحوال أو تدعيمهم للنظام 
القائم وتنصيبهم. فقهاء السلطان ,2 يأخذون الثمن » ويشسترون 
بآيات الله ثمنا قليلا فى أسوأ الاحوال. ٠‏ فى كلتها الحالتين ٠‏ وضعوا! النقل ,2 
باعتباره سلطة الدولة وسلط الدين ٠‏ فى مواجهة العقل باعتباره آلة الكفر 
وسلاح المعارضة , والأذا فى مواجهة الغير : والداخل فى مواجهة الخارج:'. 
تقوقعا على الذات ٠‏ وحماية النفس , وكانت النتيجة أن ساد تيار واحد هى 
تياز الاشاعرة فى كل العلوم الدينية : علم أصول الدين وعلم أصول الفقة بل 
وفى علوم الحكمة وعلوم التصوف . واضطهدت جميع الفرق الأخرى فذيح 
الجعد بن درهم بعد صصدلاة الجمعة » وصلب الحلاج ٠‏ وقتل السهروردى 2 
وصدرت الفتاوى بتحريم الفكر والنظر وأشهرها فتاوى ابن صلاح فى تحريم 
الاشتفال بالمنطق والفلسقة ٠‏ 


ولكن تحيا الفلسفة بمقاومة العقل للسلطة وبتمسكها بحرية الفكر , 
وبحقها فى البحث والنظر وطلب الحجة والبرهان ٠‏ تحيا الفاسفة بحرية الفكر 
وبالاعلاء من شان العقل واعتدساره هى السلطان الأوحد على كل 
شىء ٠‏ العقل هى وسسيلة التحليل ٠‏ وادراك الواقع . وفهم الظواهر , 
والحوار مع الآخرين ٠‏ وقبول الحقائق والبرهنة عليها ء, والدفاع عنها , 
ويشهد التاريخ على ذلك ٠‏ فالفلسفة اليونانية ‏ هذا الابداع الذى. لا مثيل له 
فى الفكر البشرى ‏ قد قامت بفضل العقل . واستعماله وتوجهه نحو الطبيعة 
كما هى الحال عند الطبائعيين الأوائل وأرسطو , أو نحى المثال كما هى الحال 
عند سقراط والمدارس الأخلاقية بعد أرسطو فى حرية تامة دون ارهاب أو 


58٠‏ ب 


طغيان ١‏ بل ان سقراط قد انتصر فى نهاية الأمر على قضاته وعلى ممثلى 
الشعب فى أثينا ٠‏ وبقى فى التاريخ رائد! من رواد حزية الفكر ٠‏ والحوار 
مع التلاميذ والمناقشة العامة فى الأسواق ٠‏ فحرية الفكر هى. الباقية ضد 
التسلط » وأحرار الفكر هم المساهمون فى تقدم البشر وحركة التاريخ ضد 
حكم الطفاة ٠‏ 


كما حييت الفلسفة على يد الهراطقة وان لم يظهر ذلك على السطح 
نظرا لطغيان آباء الكنيسة الأوائل ٠‏ بل ساهموا فى تكوين العقيدة المسيدية 
فى قلوب الناس وفى روح التاريخ أكثر مما ساهمت صياغات الكنيسة النظرية 
التى بقيت فى ثنايا الكتب وفى ملخصات العقائد كمهنة فى المعاهد الدينية ٠‏ 
وبقيت تتخمر حنتى عادت للظهور من جديد لدى الموحدين 2181218285لآ 
والعقايين وأصحاب مذهب التقوى 2121612 ودعاة الحرية . وماجان 
دول سارتر الا بلاجيوس من جديد ٠»‏ كما حييت الفلسفة على يد الفلاسفة 
العقليين فى العصر الوسيط وفى مقدمتهم ابيلار الذى جعل عصر النهضة 
ممكنا بعد التأكيد على سلطة العقل فى مواجهة سلطة الموروث القديم ٠‏ ولقد 
حييت الفلسفة بالفعل فى عصر النهضة عندما انتقل الفكر من السلطة الى 
العقل.2» ومن. التقاليد الى التحرر ٠‏ ومن الكتاب الى الطبيعة 2 ومن « قال 
أرسطوى » الى برهان العقل , وبالتالى يمثل عصر النهضة عصيرا فلسفيا 
بالأصالة لأنه تتمثل فيه الذورة على القدماء من أجل اكتشاف الطبيعة والثقة 
دالمعرفة الانسانية ٠‏ واستمرت الفلسفة فى حياتها بتأكيد العقل لذاته فى القرن 
السابع عشر وسيادة العقلانية كتيار أساسى فى الحياة العامة + ثم بلغت قمة 
احساسها بالدياة وبفورة الشباب فى القرن الثامن عشر على يد المفكرين 
الأحزار الذين أنهوا بقايا السلطتين الدينية والسياسية من أجل « شنق آخر 
ملك بأامعاء آخر قسيس » كما يقول فولتير » وكان آخر انتصارات العقل 
والعلم ضد السلطة نظرية التطور فى القرن: الماضى بفضل دارون »2 وأصبح 
دفاع السلطة الدينية عن. نفسها ضد العقل والعلم مجرد شهادة للتاريخ على 
المحافظة على الموروث القديم ٠‏ وفى تراثنا القديم تصدى أوائل المعتزلة 
للسلطة الأموية وضد نظريات الجبر التى افرزتها ٠‏ وظلوا يحملون لواء الفكر 
الحر على مدى قرنين من الزمان حتى أصيبوا بمحنة الاضطهاد ٠‏ كما قاوم 
أثمة آل البيت بعقائدهم » وقاوم الخوارج. أيضا بنظرياتهم وكؤنوا دولهم التى 
عاش البعض منها حتى الآن: ومازلنا نحن منذ فجر. النهضة الحديثة نجاهد من 


58١‏ مه 


أجل الفكر ننجصح درة ونتعثر مرات (2)50 ١‏ 


ان موت الفلسفة وحياتها دورتان مستمرتان تتحركان بعلاقة الفلسفة 
بالسلطة ؛ ففى نفس الوقت الذى تموت فيه الفلسفة ظاهريا فى المجتمعات 
التسلطية يتحول الفكر من الصوت المكتوم فى النفس عند الفرد الى الفعل 
الجماعى السرى عند الجماعة ٠‏ وينقلب من فكر المضطهدين الى فكر 
المناهضين ٠‏ ولا تلبث اتجاهات المعارضة والأحزاب السرية حتى تنقض على 
السلطة سواء فى انفجارات شعبية أى فى انقلابات عسكرية , فيتحول المجتمع 
كله من مجتمع تسلط الى مجتمع حرية ٠‏ وقد لا يمنع ذلك من أن تمارس 
السلطة الجديدة بعض أساليب القمع ضد حلفاء الأمس الذين دخلوا جميعا 
فى البداية على قدم المساواة فى جبهة وطنية واحدة ضد التسلط والقهر ٠‏ 
فتستأثر بالسلطة بمفردها ٠‏ وهنا تنش جماعات سرية أخرى لمناهضة ااسلطة 
الجديدة ٠‏ وهكذا تحمل السلطة مقومات فنائها , وكأن الحرية الفكرية اذا 
ماتحولت الى سلطة سياسية حافظت على السلطة أكثر مما تحافظ على وفسها 
وبالتالى تتحول الى نقيضها ٠‏ 


رادها الفلسفة وا ذهب : 


تنشاً الحاجة الى ترك الفلسفة والأخذ بالمذهب عن دما ينشأ د أفنع 
الاستحوان ورغبة التسلط والحاجة الى الدفاع عن النفس ضد مخاطر الفلسفة 
التى تعنى الفكر 'الحر », والحوار المفتوح والتقدم المستمر . حدث ذلك عدة 
مرات فى تاريخ الفكر البشرى وفى عدد من الحضارات الانسانية » حدث 
ذلك لأول مرة فى الحضارة الغربية بعد نشاة المسيحية وأخذها الطابع 
الأخلاقى الروحى العملى وتحويلها لقلوب الناس ٠‏ وتغييرها لأساليب حياتها ٠‏ 
فجاء بولس ونظم العقائد » وصصاغ النظريات ؛ ووضع كل ذلك فى :مذهب 
عتائدى صارم يكفر ما سواه » ويعتبر أصحابها من « العلعاء الكذبة » حماية 


(6؟) أنظر دراستنا « أزمة العقل أم انتصار العقل » فى فضايا معاصرة , 
ج11 2 ض #" ب ٠ 5١‏ 


د اثلا هس 


العقيدة . وتأسيسا للسلطة , ودفاعا عن الكنيسة ٠‏ فبذر بذور الشقاق الذى 
سيحدث فيما بعد بين الكنيسة الشرقية والكنيسة الغربية . ثم بين الكنيسة 
الغربية ذاتها وبين البروتستانت والكاثوليك ٠‏ ثم نشات الحاجة مرة ثانية 
فى عصر آباء الكنيسة الأوائل , عندما تشعبت الفرق الدينية واختلف الناس 
فى فهم طبيعة المسيح » فتدخلت السلطة الدينية مرة ثانية لتختار عقيدة دون 
أخرى وتتبنى مذهبا وتكفر ماعداه » وتصوغها فى عبارات لا حيدة عنها كما 
فعلت فى مجمع ذيفيا الأول ٠‏ ولما اشتد الفكر الحر فى العصر الوسيط المتأخر 
وبدا العقل يأخذ سلطانه ويتبدن الشر ويظهر التناقض بين العقل والايمان 
سبارع علماء الكنيسة بوضع مذهب لاهوتى جديد يقوم على سلاح الخصوم 
وهى العقل 2 وعلى أحدث فلسفات العصر وهى مذهب أرسطو ٠‏ فكتب تومأ 
الاكوينى « الخلاصة اللاهوتية » لصياغة مذهب جديد يحمى به العقيدة من 
هجمات اللاهوتيين العقليين وأنصار الفلسفة الاسلامية ٠‏ وأخيرا جاءت 
المحاولة الرابعة فى بداية 'العصور الحديثة فى عصر النهضة بعد أن دم تقويض 
كل النظريات القديمة والتصورات السابقة للعالمم التى سادت العصى الوسيط 
والتى اكتشف العقل زيفها وتعارضها معه وتناقضها . وبعد اكتشافات العلم 
الحديث والثقة بشهادة الحس واطراد التجرية ٠‏ ولما أعطى عصى النهضة 
تضورات جزئية عن الانسان والكون » وأصبح فى القرن السايع عشي للعقل 
السلطان على كل شىء بددآت الحاجحة الى المذاهب الفلسفية الشامخة لاعطاء 
تصورات عامة وشاملة بديلة عن التصورات الأولى التى انهارت وتم القضداء 
عليها تماما ١‏ فالانسان لا يستطيع أن يعيش فى هذا الكون دون تصورات 
عامة » والمجتمع لا يستطيع أن يسلك أو أن يعيش دون رؤية شاملة له : نشأت 
هزه المذاهب الشاملة اذن كرد فعل على العقائد النظرية القديمة التى كانت 
تقوم بوظيفة التصورات للعالم» لاتريد أن تتزحزح عن موقفها دفاعا عن العالم 
ودفاعا عن المكتسيات البشرية التى من أجلها سالت دماء الشهداء .من المفكرين 
والعلماء » وقد حدث نفس الشىء فى تراثنا القديم عندما تمت صياغة العقائد 
على يد الأشعرية وأصبحت هى نموذج الايمان الصحيح وتكفير عقائد كل 
الفرق حتى كثرت العقائد « النسفية » وى « الطحاوية » « والعضدية » ٠‏ يتم 
تلقينها جيلا بعد جيل كأنها أشياء أو ميراث أو مقدسات لا يمكن الاقتراب منها 
أو العدول عنها ٠‏ 


ب ”587 مه 


مذهب مخلق يكون بديلا عن الواقع ذاته ٠‏ كسل ها دتفق مع المذهب يكون 
صحيحا . وكل. ما خالفه يكون داطلا ٠‏ فالمذهب هو المديار الذى يقاس ده كل 
شىء » وهو القالب:الذى تقد عليه كل فكرة ٠‏ المذهب عاام مغلق لا مداخل اليه 
ولا مخارج منه. . دائرة مخلقة لا فجوات بها ٠‏ لذلك فانه لا يقبل التطور أو 
التغير مهما تغيرت الظروف والأحوال ٠‏ مذهب أيدى شامخ كالطود » حقيقة 
مطلقة لا يأتيها الياطل من بين يديها ولا من خلفها » يدور الافراد فى فلكها ٠‏ 
دل انه لا يقبل التعديل أو النقد من أنصاره , والا كان ذأك نهاية له وانفتاحا 
وتطورا ٠‏ يؤخذ كله أو.يرفض كله ٠‏ لا يمكن :الدخول فى حوار معه فهى دذاء 
متكامل لا دقبل اعادة النظر أو المراجعة (55) ٠‏ 


وتكون النتيجة التخشب والتصلب والموت الفلسفة وللفكر وللحياة 
ابتعدت المذاهب عن واقع الحياة وحركتها وتحجرت حتى لم يعد يشعر فيها 
أحد بذيض انسان بلحمه وعظمه ٠‏ بل كانت مجموعة من الأطصر الهيكلية 
والمقولات والتصورات تتركب فيما بينها بطريقة آلية لتعطى صورة للوجود 
دون مضمونه حتى لقد جعل كيركجارد من حياته كلها صراعا ضد المذهب . 
ضد العملية الكونية التاريخية دفاعا عن الفرى , هذا الكائن الحى بلحمه 
وعظمه كما يقول أونامونى ٠‏ وان الجيال كلها اذا وقعت عليه وهشمته وكسرت 
ضلوعه فائه أقوى منها لأنه يشعر أنه يتحطم وهى لا تشعر بشثىء ٠‏ وهى مأ 
قصن اليه القرآن الكريم يقوله : « انا عرضنا الأمانة على السموات والأرض 
والجبال فابين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الانسان انه كان ظلوما 
جيولا » (” :"ما ) » فالانسان أعظم من السموات والأرض والجبال لآنه 
حرية ودعوة ورسالة وامكانية وتحقق ومشروع ٠‏ 


..ولما تعددت المذاهب طبقا لمزاج الفيلسوف وتربيته ورؤيته للواقع وأهدافه 
اتدوات المذاهب المختلفة الى حقائق نسبية بعد أن ادعى كل منها أنه الحقيقة 
المطلقة , ولما كانت الحقيدة المطلقة لا تتعدد فقد نشا بينها التصادم والصراع 
فضاعت الحقيقة المطلقة التى-كانت.فى البداية الدافع على نشأة المذاهب 


13م 01189 لطدره5هللطج فعاأم 1م عديلة فاأمأسعم اعوط : لاتسقوعهع 12161 
. 49 ,115ة]1 
15ظطة2 ,11-27 .جزم ,عزنا .19 ع0 :قعتاوأع 9" مأمعط تاريعه قعآ : ممنامطمتك] 


- 84 هه 


وبناكها ٠‏ وللتغلب على هذه النسبية يتحول البعض منها الى ايديولوجيات 
سياسية ومذاهب اقتصادية أو تنظيمات حزبية تعيد الحياة. اليها .وتلجا الى 
الواقع باعتباره المحك الأول لصدقها دون غيرها ٠‏ فتتحول الى دجماطيقية 
أكثر » وتتعصب وتتحوب ٠‏ والروح الحزبية فى نهاية الأمر على النقيض من 
الروح الفلسفية ٠‏ فقد تحول الجدل من مجرد مذهب الى ايديولوجية سياسية 
ثم الى تنظيم حزبى ثم الى نظام سياسى ثم الى دولة ثم الى هعسكر غايت عنه 
حرية الفكر ٠‏ وضاعت منه حرية النقاش والحوار ٠‏ وخفتت فيه أصسسوات 
المعارضة ٠‏ وأصبحت هذه الدول توصف بالنظم الشمولية التسلطية تعلو فيها 
أصوات المنشقين » وتكثر فيها محاولات هروب الفنانين. والأدباء 2 وتنتهى 
بسجن العلماء والمناهضين ٠‏ تسيطر فيها الدولة على جميع مظاهر الابداع 
البشرى فى الفن والعلم والفلسقة , وقد يزداد خطر الحرب لحل الصراع 
المذهبى بين النظم السياسية المتعارضة مثل النظم الاشتراكية والرأسمالية ٠‏ 
كما قد تكون وسيلية الحوار بين المصالح الطبقية المتعارضة هو الصبراع 
الطبقى واستعمال العنف واراقة الدماء ٠‏ فتسيل الدهاء مدل أن تسيل الأقلام , 
وتتصارع :السيوف ددل ان تتقارع الحجهج: 7؟) ٠‏ - 


ويشهد التاريخ على موت الفلسفة عندما تسود روح المذهب : فقد كان 
القديس بولس أول من « مذهب » المسيحية ووضعها فى صورة عقائد محكمة 
فى نظريات الخلاص والفداء والخطيئة اثر القديسص يوحذا « اللاهوتى » فقضى 
على روح المسيحية كما عبر عنها المسيح فى .« الوصصايا على الجبل » دعوة 
الى المحدة والتواضع والتامل » وقضى على روح الخؤار التى كان المعلم يتبعها 
مع تلاميذه ٠‏ بل مع أعدائه من اليه ود والمنافقين والكتبة والأغنيساء 
والفريسيين ٠‏ ثم تعقدت روح المسيحية من جديد وتمذهبت مرة ثانية فى مجمع 
نيقيا الأول , وتم تكفير كل الآراء المعارضة واعتبارها هرطقات للرد عليها ٠‏ 
وقد 'قام القديس أرينيوس بذلك بالفعل فى « الرد على الهراطقة » مع أن: هذه 
العقائد كلها كانت معاشة بين الجماحات المسيحية الأولى بنفس الدرجة التى 
عاشتها الدوائد المسيحية الرسمية. ٠‏ بل ساهمت فى ثكوين هذه العقاك 
الرسمية ذاتها لأنها لا تخلى من آثارها ٠‏ وكانت النتيجة أن انشقت عن 








17) 16 لدع أقمقه ,لتترع 16 غه 206ة لق طتع : لإخصو- ناوه 8161 
7 برقأضفط ,عأ ةأسمتتتقمدمه عددةاطمطم 


د هخا] ا ب 


المسيحية الأرثوذكسية أولا ثم البروتستانتية ثانيا* وتوالت حزكات الانشقاق 
كلها ترفض روح المذهب ونسق العقائد ٠‏ ثم أعاد توما الاكويئئ مسنياغة 
المذهب من جديه فى « الخلاصة اللاهوتية *-.ورفض كل أما عدأة: فى الرد 
غلى الأهم » مغيدا يناء المذهب ليس على أساس أفلاطونى كنا كان النخال فى 
عصر آباء 'الكنيسة الأوائل بل على أساس أرسطئ جديد ٠‏ ولكن المذهب لم 
يتغير وإستعمل فى. مواجهة ما يسمى بحركات .الالحاد فى العضى الوسيط 
لتأخر الذى قاده أنصار الجدل مثل بيرانجيه التورى وانسيلم اليساظى 
والفلاسفة العقلانيين تلاميذ المسلمين مثل ابيلار والرشديين اللاتين ٠‏ وقد 
نشا فرع .جديد بأكمله لهذا. الغرض وهو « علم اللاهوت العقائدى »"دفاعا عن 
المذهب , ثحول فيه الدين الى بناء ضخم ٠‏ بل ان علوم الأخلاق والسياسة 
والاجتماع والقانون والثاريخ: تخولت أيضا الى فروع للاهوت فى اللاهوت 
الفنياشى . واللاهوث الاجتماعئ , واللاهوت القائوئى ؛ واللأهوت الثاريخى ٠‏ 
بل ان البروتستانتية التى قاوهث روح المذهب هن أجل الأعلاء من شان الايمان 
اللحظى الفردى التلبى الداطنى , قد وقغت أيضا تحت 'الاغراء'المذهبى فلم 
يختلف اللاهوتيون البروتستانت عن زملائهم : الكاثوليك فى صياغة أكثر 
المذاهب احكاما ٠‏ ففى هذا القرن أعاد كارل بارت دثاء المذهب فى « العقيدة» 
8623101 18 حمانة لها من تآويلات المخدثين: » ونظرات المجددين 
وتقسيرات اللاهوث الجديدة « لاهوت التحرر » ولاهوت الثورة . : , واللاهوت 
الغلمانى . واللاهوت الالحادى » (58؟) ٠‏ 


وفى بدايات الخصر الحديث تحولت الدجماطيقية الى مذهب فلسفى هند 
فولف يقوم على الفلسفة العقلية » وعلم النفس الحقلى , والطبيعة العقلية , 
واللافوث العقلى *٠٠١‏ الخ . فتحولت الفلسفة الى نسق محكم يظابق حتعية 
الطبيعة لا يمكن أن ثهتز أمام تحليل التجارب الانسائية الحية أو المواقف 
الانسائية الفردية ٠٠‏ وقد دعا ذلك كانط الى التصدى:: للدجماطيقية » واظنعا 
فى عقابلها الفلسفة « النقدية » مبيثا أن الفلسفة ليمنت فى كم المعلومات وفسق 
الأفكار بل فى معزفة' شروظ المعرفة وامكانياتها أولا حتى لا يتجاون الانسان 
بقدراته المعرفية حدوىها فيقع فى الدجساطيقية * ثم بلغت المذهدية أوجها عند 


0 .3 ,06076 ,1-2571 .1701 ,عبو مم89 ؛ طامو8 ١‏ .ك1 
وهى ما يسمى أيضا باللاهوت المذهبى ٠‏ 


5816 مه 


هيجل حتى لقد عرفت فلسفته. باسم المذهب عمعاوتزة 16 ضم الحس 
والعقل والقلب 6 الفرد والأسرة والمجتمع 0 المنطق الذاتى والمنطق الموضوعى 
المذهب :من شىء واحد لم يتعرض له حتى فقد الانسان فرديته فى العالم 
وحريته أمام :الضرورة التاريخية مما سبب ثورة كيركجارد وجميع الوجوديين 
عليه (59) ٠‏ 


وفى.تراثنا القديم ظهرت النزعة المذهبية فى كتب العقائد سواء..عقائد 
الادامية أو عقائد الاشعرية , وكلتاهما تعبر عن مجموعة من المطلقات المغلقة 
التى لا يمكن الخروج عليها , ولا يمكن للعقل نقدها أو للواقع دحضها ٠‏ 
مع أذها فى نشآأتها كانت أوضاعا اجتماعية تعبر عن جماعات من المضطهدين 
خارج السلطة أى عن أقليات من المضطهدين من أصحاب السلطان كل منهما 
يبرر نفسه ويدافع عن شرعيته فى التاريخ باستمعال سلاح العقيدة » فخرجت 
العقائد الامامية للدفاع عن الفريق الأول مثل الامامة والغيبة والعصمة والتقية 
لابقاء الجماعة فى التاريخ كاصابع ديناميت أو قنايل موقوته تنقجر اذا ما 
حاتت ساعة الخلاص ٠‏ وخرجت عقائد الأشاعرة مثل العقائد الشسفية , 
والعقائد العضدية , والعقيدة الطحاوية , والعقيدة السنوسسية الى آخر هذا 
التنميط للعقائد الاسلامية ابتداء من «٠‏ الفقه الأكبر » لأبى حنيفة حتى عقائد. 
الدردير واللقانى ٠‏ تحول الاسلام الى مذهب أى عقائد ثابتة تكون حقيقة 
الايمان ومضمونه » من يعتنقها يؤمن »2 ومن يجرج عليها يكفر ' وبالتالى 
ضاعت الفلسفة وانتهىروح التامل وطرح المسائل واعطاء مختلف. الحلول 
على قدم المساواة ٠‏ مع أن هذه العقائد ذاتها مثل عقائد الامامية » من وضع 
التاريخ ٠‏ لم تكن هفاك عقائد فى البداية بل كانت هناك حركة فى التاريخ 
وتحقيق « رسالة التوحيد » فيه ٠‏ فلما انتصرت الدولة. السدنية أفرزت 
« الأشعرية » كفكر السلطة , وبدا تقنينها فى نسق عقائدى فئ مواجهة 
الخصوم ثم تبنتها الدولة دفاعا عن التصورات المطلقة للجالم ولتكفير كل 
العقائد الأخرى التى تفسم ال مجال للجرية الانسانية وللعقل. الطبيعى ولاستقلال 


اس جيه 





(9؟) )1960 بعلصوظ ,6ا16مم20م هه أع علأوأصتنا'آ : معصنلاة .آل 


لس 7ك اب 


قوانين الطبيعة ٠‏ وتم تكفير كل العقائد الأخرى بالاعتماد على بعض الاحاديث 
الضيفة عمثل حديث « الفرقة الناجية » التى يتم فيه تكفير كل فرق الأمة .الثلاث 
والسبعين باستثناء فرقة واحدة هى الفرقة الناجية » فرقة الحكومة !! والمتتبع 
لهذه العقائد نشأة وتطورا يجد أنها تعكس ظروف المجتمع وتاريخ الأمة من 
حيث العدد والصياغة ٠‏ فقد بيدأت يست عقائد فى الذات الالهية وبسبع فى 
صفاتها ٠‏ ثم انقسمت الصفات الى اسم وفعل مثل عالم يعلم ٠‏ وحى بحياة , 
وقادر بقدرة فتضاعفت ٠‏ ثم نفى الضد مثل عالمم وليس يجاهل ٠.يعلم‏ وليس 
يجهل ٠٠٠‏ الخ ٠‏ فتضاعفت مرة آخرى فأصبح المجموع " + 5 (نفى الضد) 
١5 + ١4‏ (نفى الضد ) فأصدح مجموع العقائد فى الله أربعين عقيدة , 
وفى الرسول أربعا تنفى أضدادها فيكون المجموع ثمانى وأربعين عقيدة يجب 
على الاسام الايمان بها ٠‏ وقد تزيد فى جيلنا أى فى الأجيال القادمة ٠‏ كل ذلك 
من عمل المذهب نتيجة للانغلاق على الذات والانمزال عن الواقع فتعيش 
العقيدة على ذاتها حتى تتآكل فى النهاية (:؟) ٠‏ انما تحيا الفلسفة بكسر 
حدة المذهب والخروج من حصاره والافلات من دوائره : غابت روح المذهب 
عن الفلسفة اليونانية وبالتالى ازدهرت الفلسفة . وأصبح طريقها هو الحوار 
الذى خلده أفلاطون فى « المصاورات » والذى وضعه المعلم سقراط » دون وضع 
نظريات مسبقة بل بالتساؤل عن المعتقدات الشائعة ومطالبة المعارضين 
بالبرهان فيكتشف الانسان الصواب أى الخطأ من نفسه ٠‏ وهى الطريق لذي 
وضعه القرآن بقوله : « وفى الأرض آيات للموقنين ٠‏ وفى أنفس كم أة 

تبصرون » ٠ )؟١: 5١: 05١(‏ بل ان أرسطى نفسه لم يضع مذهبا. ' وقد وصفه 
درجسون بآأنه « عبقرية كل العصور لكنه لم يضع مذهبا » بل كانت عينه 
مفتوحة على الطبيعة كما هو يدرك حركتها ولرؤية الفردى والضرورى في 
آن واحد كما فعل برجسون بالحدس , هذا التعاطف الوجدانى مع الواقع 
والاتحاد به لادراك ماهياته المستقلة من خلال التجربة ٠‏ كما أعطى أوغسطين 
نموذجا آخر لروح التفاسف فى مواجهة المذهب بالرغم من استعماله هذه 


(0؟) محمد عبده : رسالة التوديد 2 ص 118 1858 , القاهرة ١905‏ , 
مدمد الفضالى ؛ كفاية العوام فى علم الكلام , البيجورى : تحقيق المقام على كفاية 
العوام ٠‏ الحلبى , القاهرة , المرزوقى : عقيدة العوام , النووى : نور الكلام , 
الحلبى , القاهرة ( بدون تاريخ ) ٠‏ 


8م55 


الروح دفاعا عن العقاد الرسمية للكنيسة ٠‏ استعمل الحوار السقراطى 
الأفلاطونى وغاص فى التجارب البشرية التى تكمسسن وراء العقائد ٠‏ فكان 
فيلسوفا اكش منه عوائتديا ٠‏ وآمكنه الدفاع. عن المسيحية باسم السلطة حتى 
لى كانت ساحلة الروح أو سلطة الاختيار ٠‏ ولم يكن ذلك فقط فى «١‏ المحاورات 
الفلسفية » التى كتبها فى شهابه بل أيضا فى كتبه الغقائدية الصرفة مكل 
« كتاب التثليث » حيث لا يكاد يرفض أى فيلسوف المظاهر الثلاثية فى الحياة 
مثل : الحس والعقل والقلب ٠‏ الشهوة والغضب والعقل ٠‏ الأب والأم والابن, 
السماء والأرض وما بيثهما . المتكلم والمخاطب والغائب ٠٠‏ الخ ٠‏ كما نجح 
الجدليون فى الءصر الوسيط التأخر من التخفيف من روح الانساق العقائدية 
بالاعتماد على العقل وكسر حدة المذهدبية العقائدية 2. ولى أن استعمال العقل 
كان جدلدا أكثر هنه دغوة للمحوار المفثوح دون تعصب أى هوى , فالجدل 
احدى وظائف العقل وليس عمله الرئيسى وهو البرهان ٠‏ انما يكفى أن الجدل 
فد أعطى للآخر الحق فى تناول العقيدة وجعلها محور النقاش » وموضوعا 
للاخذ والرد ٠‏ وللقبول والرفض ٠‏ وقد بدات العصورالحديثة بروح التفلسف 
المعادية للمذاهب العوائدية والفلسفية القديمة ٠‏ فكان ديكارت يتهكم على 
القدماء » ويفخر بجهله بعلمهم. ٠‏ واستمرت روح 'التفلسف ابتداء من أن العقل 
هو أعدل الأشياء قسمة بين الناس ويطلب الوضوح والتميز وبيقين البداهة ٠‏ 
كما وضع كانط الفلسفة النقدية فى مواجهة الفلسفة الدجماطيقية . وأن معرفة 
امكانيات المعرفة أهم من نتائج المرعفة فازدهرت الفلسفة وحييت على يد 
الكانطيين » وأصبحت المشكلة الكانطية هى المشكلة الفلسفية بالاصالة ٠‏ كما 
حبيت الفلسفةٌ بعد التحرر من المذهب عند هيجل . وازدهمرت على أيدى 
الهيجئيين الشبان منهم والشيوخ حتي أتت الفلسفة الوجنودية ‏ وانثعشت 
الفلسفة بل والميثافيزيقيا فى فلسفة التساؤل والدهشة والبحث عن المعانى »2 
والغوص فى أعماق الوجود الانسانى ٠‏ وقد قام المعتزلة بنفس الشثىء فى 
تراثنا القديم فى مواجهة العقائد السلفية ومن أجل الدعوة ‏ الى حرية البحث 
والنظر ١‏ فالنظر أول الؤواجبات . بل ان الشك واجب قبل النظر , النظر يولد 
العلم بل والعلم اليقينى ٠‏ ولكن لسوء 'الحظ لم تعش هذه المحاولات ومازالت 
محاولات بعثها تصطدم بالمذهب الموروث الذى اتحدت معه السلطة فأصبح 
أكبر دعامة لها ٠ )١١(‏ 


, القاهرة‎ , 78 ١9 القاضى عبد الجبار : شرح الأصول الخمسة 2 ص‎ )١١( 


٠ |5516 وهبة‎ 


5 
خامسا : الفلسفة والايتسار : 


وكما أن الفلسفة تموت أذا ما سادت المذهبية والشمول والغطاء ووضع 
جميع البشر تحث القبة السماوية التى لا منافذ مثها 2 فان الفلسفة دتموت 
أيضا من قصر النظر والابتسار والرد والاقتضاب والتجزئة ٠‏ فان ضيق الأفق 
والاتصداق بالموضوع الى حد محى المسافة بينه وبين الذات اللازمة للادراك 
يؤدى الى غياب النظرة الشاملة وعدم رؤية العلاقات بين الأجزاء ٠‏ ولما كان 
الجزء بمفرده ليس قانونا: ولا نظاما ولا تصورا حدثت الأزمة فى العلوم 
فينتقل الوعى الى جزء آخر يجربه الى حين وهو الجزء المقابل للأول وكرد 
فعل عليه فتنفرج 'الأزمة مؤقتا ولكن سرعان: ما تظهر من جديد ٠‏ فيتم تجريب 
جزء ثالث فى الوسط يجمع بين الجزئين السالفين قدر الامكان , ولكنه يظل: 
أيِضا جزءا أى كلا مصطنعا مجزء! مفككا ٠‏ ويتم الانتقال من جيل الى جيل 
بطريقة المحاولة والخطا حتى تصبح الحيرة سمة عامة للوعى فيقع فى نهاية 
الأمر فى النسبية والشك » أو ينتهى به المطاف الى العدمية المطلقة ٠‏ 


وقد حدث ذلك فى الوعئ' الأوروبى ويعرف باسم الابتسان أى 'الرد أى 
الاقتضاب , زد الكل "الى أجزائه » وتقليص الشىء أو ابتسان الواقع وتقطيعه 
الى أجزاء ٠‏ وبتكرار “هذا الرد يتحول الى عادة فى الوعى » فلا يواجه كلا 
الا اذا رده الى الأجزاء خوفا من الوقوع فى الكليات التى لا تدعمها شهادة 
الحس ٠‏ فاليقين المادى على الأقل يمكن رؤيته وقياسه كما , والبرهنة عليه 
دسا ٠‏ وليس ظنا أو سرايا أو وهما كما كاثت الكليات السابقة من قبل ٠‏ 
عظم شان الاستقراء » وتوارى الاستنباط » وتحول كل شىء الى كم يقاس . 
والى أجزاء تعد حتى لم يعد هناك وجود لكيف أى لمعنى أى إقيمة أو لفكر أو 
لتصور ٠‏ كان هن الطبيعى أن يجرب الوعى الأوروبى الجزء بعد أن اكتشف 
زيف الكل الذى ورثه من العصر الوسيط والذى سرعان ما تهرأ وتهاوى يعد 
اكتشاف عصر. النهضة والعلم .الجديد ٠‏ وقد حدث هذا الانهيار فى كل العلوم 
لأنها كانت فى معظمها كليات نابعة من العقائد ٠‏ والعقائد من الكنيسة , 
والكنيسنة من التاريخ ٠‏ ولم يكن لها ها يصدقها من الحس" أو المشاهدة أو 
التجرية أو العقل أو الاستدلال ٠‏ 


وهذا تموت الفاسفة لأنها لا تذهب الى ما وراء الأجزاء لتدرك العلاقات 
) دراسات فلمبفية ( 


556 


وتبحث عن المعانى فيما وراء الألفاظ » وتكشف عن الدلالآت ٠‏ فاللامرثى هو 
أساس المرئى , والتصور الكلى للعالم هو الذى يربط بين الأجزاء » والانسان 
يكون أقدر على رؤية الجزء من خلال الكل ٠‏ وكثيرا ما كانت الاكتشافات 
العلمية .فى ادراك العلاقات الكلية (5) ٠‏ 


7 تيقد تاريخ الفكر البشرى موت الفلسسفة حين تقع فى الابتسار 
و التجزئة ووجهات النظر التى تنم عن التعصب والتحزب والاندياز ٠‏ كانت 
الفلسفة اليونائية فى اتجاهاتها الثلاثة : المثالية والواقعية والانسانية نظرة 
شاملة للكون ٠‏ ولم تقع فى الابتسار الا عند السوفسطائيين والشكاك الذين 
أتكروا. المعانى المستقلة وراء الألفاظ . والحقائق وراء المدركات الحسية , 
ولكن الفريقين كانا عرضين فئ الفكر اليونانى ٠‏ كذاك لم تقع العصور الوسطى 
فئ الابتسار. نظرا: لشيادة العقائد الكلية والتصورات الشاملة ٠‏ ولكن ابتداء 
من العصور الدديثة وقع الوعى الأوروبى فى الابتسنار وفى النظرة الجزئية 
بعد رفع الغطاء النظرى الشامل الذى كان سائدا فى العصى الوسيط ابتداء 
من. فرنسيس .بيكون ؛ واستمرارا عند لوك وهوبز وهيوم وانتهاء بالوضهية 
الاجتماعية والمنطقية (7) ٠‏ ربما كم تمت الفلسفة عند بيكون أولا نظرا لأن 
النحس والقجرية-كان'لهمه نور ايجابى فى الكشف عن الأوهام وتأسيس المعرفة 
اليقينية: »: ولكن ظهن الابتسار بشكل واضح فى المدرسة الحسية .الانجليزية 
غند:ياقئ: ممثليها بقول لوك المشهور. : انه ,لا يوجد فى العقل الا ما كان فى 


ْ ةا 164 رمتعوط رو [طتع لست ص1 غأة 16طذه 71 16 ؛ تإأصمم-ناههة1مء11 .11 
“لع أطتلة ,قتسوط ,371-75 .2 ,1 :]1 ع عقصمم 16 : 10116 


ف امآ .3 ,1959 ,مسوم رووة 0 قمموتاممء8 مم1 : لتقطومم8 7 

زعاتاده 2 ع1 ,11 1 بلسضنةصوغومعطتنآ طلمقسصتتط عستم عععصمه: تزوممه لط 
ْ .19859 

25 ,عدم سةغامع ,]1 لاقمتتتط 2ه م601856هع) لكل : 6تطن8 ب 
م :81138 ا أمغصطة ل طعغصة'! "يام ق 3م15 مستوعناه 81‏ : واتطصطاعآ 
5 06586 085 ]502 26 كتاهل 500 قأله2 ععنآ ': أ0"اعصطمك]8 .1 ,1907 
ورووأطوط 


آبن حرم : ؟ الفضل” 2ح 3 1 مل © د و :“أ صبيح " القافرة , بدون تاريخ ٠‏ 
الايحئ .:.المواقف.2.. ص ابض 2 حينم ”7 عالمم الكتب ٠‏ بيروك " 


الحس أولا حتى العقل ذاته دون هراعاة لاعتراض ليبنتز ٠‏ فلا توجد أفكار 
فطرية ولا أوليات أو بديهيات. عقلية .' ولا توجد معان أى قيم مستقلة عن واقعها 
الاجتماعى أو حواملها اللفظية , ولا توجد قوانين مطردة ولا غلل دائمة فى 
الكون ٠»‏ فكلها تداع للمعانى . وتذكرار تألفه العادة 2 وتعميم وتجريد ابتداء 
من المشاهد الخسية لدرجة.آن كانط قد ضصاغ كل فلسفته للرد على هيوم ٠‏ 
بل ان هوسرل أعلن أن فلسفة هيوم هى افلاس 83120 للفاسقة ٠‏ 
ثم تحولت الوضعية المعرفية “الى وضعية اجتماعية , فالظواهر الاجتماءية 
أشياء ووقائع ولا يوجد شىء خارج المجتمع » وأن الفلسفة والدين لا يعدران 
الا عن مراحل زذائية فى تطوز . البشرية فى . حين. أن العلم يعبر عن كمالها 
ومرحلتها الاخيرة ٠‏ ولا توجد فعان مستقلة عن الألفاظ بل أنه يمكن أيضا 
الاستغناء عن الألفاظ وتحويلها الى مجرد رموز رياضية 2 ومن ثم ينتهى 
المذهب الدسى المادى الى نقيضه فى الصورية الفارغة ٠‏ وفى تراثنا القددم 
لم يحدث هذا الابتسار الصسى حتى الآن الا فى أقل الحدود نظرا لوجود 
التصور الشامل' للكون "المنبثق من الغقيدة ٠‏ ومع ذلك ظهر السمنية يدعون 
الى: المعرفة الاحسية ومنكرون الوديهيات العقلية كما ظهر المهندسون فى الالهدات 
يردون كل الصفات:الالهية الى المس والتجارب الانسانية ٠‏ ولكذهما لم يكونا 
تيارا أساسيا فى فكرنا القومى ٠‏ 


وقد يكون الابتسار من. ناحية العقل 'عندما لا يرئ من. الواقع الى جانيه 
الصورى ولا يرئ فى العالم الا المقولات والتصورات ٠‏ فالعالم فكرة ». والمادة 
زؤية »ولا وخود الا الذات ٠‏ .وقد وقع فى هذا الابتسار كل التيار العقلى في 
العصور الحديثة: الذى خنرج منه ديكارت وسار فيه اسبيذوز! وايبنتز 
وهالبزائش. ٠٠فالعالة:‏ ذزكة وامتداد: ؛ “مفهومان رياضسيان لعلمى ا ليكانيكا 
والهندسة ٠‏ والله فكرة العالم » والروح فكرة البدن كمنا .هن الحال عند 
اسبينوز|. ٠‏ ؛والعالع كله قواذين عقلية ثابتة يمكن معزفتها وحسايها كماء*هى 
الحال عند ايئئتن فئ « المونادولوخيا: ٠»‏ وقد اثتهئ هذا الابتسان النى الوقوع 
فى الصورية الفارغة وانكار العالم المادى واغفال منطق الدس والتجربة, 
وذشاً الصمراع بين الابتسار الحسى وبين الابتسار العقلى » كل يريد. رد الكل 
الى الجزء. » وضاعت الحقيقة يشقها الئ نصفين ٠‏ 


15575 


الحسى والمذهب العقلى من أجل العثور على طرف ثالث يجمع بين الاثذين هو 
الحياة أو الوجود أو الانسان ٠‏ واختلف الفلاسفة فى هذا الطرف الثالث 
وتحديد ماهيته » فهو الوجود الانسانى عند هيدجز » وهو الحرية عند سارتر, 
والجسم عند جابريل مارسل وميرلوبونتى » وارادة القوة عند نيتشه » والحياة 
عند أونامونى 2 والزمان عند برجسون ٠‏ والشخص عند فونييه وشيلر ٠‏ 
والعمل عند وليم جيمس وجون ديوى ٠‏ والفعل عند بلوندل » ويعود المذهب 
الحسى من جديد فى الواقعية :الجديدة , كما يعود المذهب العقلى فى العقلانية 
الجديدة ٠‏ وتحاول فلشنفة الشعور جعل العقل والتجربة واجتهين له ٠‏ ودظل 
الوعى الأورؤبى متذيزيا بين هذا وذاك ٠‏ مترددا بين المذاهب 2 وهى فى كل 
الحالات يرد الكل الى الجزء , وان اختلفت الأجزاء (6) ٠‏ 


وعلى العكس من ذلك » تحدا الفلسفة بالنظرة الشاملة للكون وبالقدرة 
على بعد الرؤية وادراك المعائى المستقلة والماهيات والحقائق التى تنكشف من 
خلال التجربة وبالاستقلال عنها ٠‏ وقد كانت الفلسفات الشرقية القديمة 
نموذجا لهذا 'البحث ٠‏ لم تقع فى الابتسار وظلت مرتبطة بالنظرة الشاملة 
للكون. ٠‏ وبواقع الناس اليومى ٠‏ ومن ثم اتحدت بحياتهم » وعبرت عن 
تاريخهمءوكونت تراثهم ووعيهم القومى ٠‏ كما كانت الفلسفة اليونانية نموذجا 
آخر لهذا البحث الكلى الشامل باتجاهاتها الثلاثة ٠‏ فقد بحدث سقراط معانى 
الخير والفضيلة والجمال والصداقة والمحبة بصرف النظر عن وقائعها ال مادية 
وظرؤفها الاجتماعية وحالاتها الخاصة ٠‏ حتى انه ليمكن لعشرات الاجيال بعد 
سقراط. ادراك مقاصده وفهم معانيه دون أن تبلى وتقدم ٠‏ كما كانت هناك 
محاولات فى العصر الوسيط لاعطاء تصورات شاملة للكون ولكن لم يكن 
لها سند من عقل أى تجربة بل كانت مضادة للعقل ولشهادة الحس ٠»‏ مناهضة 
للفكر الحر ولللم الحديث ٠وابان‏ العصور الحديثة قامت محاولات أخرى لضم 
الأجزاء من أجل الحصول على نظرة شاملة للكون ٠‏ حاول ذلك كانط ولكن 
جاءت محاولته مصطنعة بطريقة الأدراج والعلب والمراتب ٠‏ فوضع الحس 


ةا انظر دراساتنا الثلاث 0 موففنا. هن التراث الغريى 0 هيجل والفكر المعاصر 2 
اوناموذو والمسيحية المعاصرة فى قضايا معاصرة ي ”7 ص  ”‏ "7# ص "١7‏ 15" 
دن 5060-5 :0 . : 

0 ,رقأمط111 ,لسعتلة101 أقطتمعة أ[وبعظ مم1" : بزهزمآ ,4.0 


ل 5595 - 


أولا » ووضع فوقه الذهن ثانيا » ثم وضعفوقه العقل ثالثا “وكل طبقة دنيا 
تدخل فى الطبقة العليا بطريقة المضمون والشكل٠وما‏ أسهل أن يتفكك الرباط 
المصسطنع فينشا منه المذهب الحسى وحده أو العقلى وحده أو الايمائى بمفرده, 
وكل مذهب ينتسب الى كائط ٠‏ كما حاول هيجل بعد ذلك نفس الشىء فوضع 
الحركة فى الدناء 2 وأعطاه الوحدة /لد'اذلية بين الحس والذهن والعقل 2 
كلها ثلاث لحظات للتصور ٠‏ ربط بين الفلسفة والدين والعلم ٠‏ بين الوجود 
والماهية الصيرورة ٠‏ بين الانسان والعالم والله ٠‏ ولكن خرجت المحاولة 
أسطورية كونية بلا فردية , فتحول الجميع ضحايا للمذهب وغرق الأفراد 
فى بحر الشمول ٠‏ 


ولكن هناك مداولات أخرى قدر لها النجاح النسبى » وأنقذت العلوم 
الأوروبية من أزمة الابتسار ٠‏ فقد ساهمت نظرية الجشطلت فى تقدم علم 
النذفس بعد أن أشتدت. أزمة علم النفس التجريبى وذلك باعطاء الأولوية 
الكل على الجسزء ؛ واثيات أن ادراك الكل سسابق على ادراك 
الأجزاء ٠‏ كما نجح هوسرل فى « بحوث منطقية » فى الممبحث الثالث « الكل 
والاجزاء » فى نقد المذهب التجريبى فى المنطق معطيا الأولوية للكل على 
الجزء » ومكونا المنطق الترنسندنتالى ٠‏ كما نجح الوجوديون فى وضع 
الانسان فى موقف وبيان موقفه من العالم مع الاخرين وبين الاشياء متجاوزين 
الموضوعية العلمية العتيقة وموجهين العقل نحو التجارب الانسانية الواسعة ٠‏ 
كما اصبح أحد عناص قوة الماركسية ‏ كمذهب سيامى ‏ هى نظرتها الشاملة 
للكون ٠‏ ووضمع الفرد فى علاقاته الاجتماعية وداخل أوضاع المجتمع الطبقية 
وتفسيرها لكل شثىء ووضعه له فى مرحلته الداريخية المحددة (0؟) ٠‏ 


سادسا ‏ الفلسفة والعقل : 


تموت الفلسفة اذا ما أصبدت مهمة العقل ‏ وهو أداة الفلسفة الأولى - 





١‏ ,12011 ]1 837 10مطوزة2 الوأمة © 02 وه[منتو طامط : 12012128 .كا 
,1065 

.9 ,بعاعسة 8 بوك8 ,توع010ط57م الوغق0 02 ع[اقهة"1” عط : مع1اطمعز 

8 :ع5قل8 .8 ,1947 ,عاعه8 بوعل8 ,وعم 1مطعزهمر الوأوء 0 
6 :1ه .0 ,1962 5تعوط ,"2111 ,5-81 .م 11 مقعنواع10 
23115 ,'2]11 ,309-329 .2م ,3751011 طمرداع]8 اممسدامل ,6غأاناءه016 66 
,1049 


558 هس 


هى تبرير المعظيات سواء كانت ديئية أو سياسية : والدفاع عنها دون أن 
دقوم بوظيفته الأولى فى التحليل والفهم أولا ثم فى نقد الواقع والأوضاع 
القائمة ثاذيا » بل يقتصس على التدرير لما يفهم دون نقد أو تغيير ودون: اخداث 
أى' تاثير فى الواقع ٠‏ فالفهم والتغيير كلاهما من وظائف القل ٠‏ والاكتفاء 
بالأول دون الثانى يجعل من الفيلسوف متفرجا على الأحداث دون أن يكؤن 
مشيرا لها ٠‏ فلا يكفى فهم العالم بل لابد من تغييزه أيضا ٠‏ والحقيقة أن 
العقل قادر على فهم كل شىء وتبرير كل شىء » بل ان الفهم نفسه هى احد 
أذواع الدبرير ٠‏ ومع ذلك لا نتم دور العقل الكلى الا اذا واجه ما يستعصى 
على الفهم ٠‏ وهنا دبدأ عمل العقل الفعلى فى التحليل والنقد ٠‏ ثم يتحول اللى 
رفض وثورة وغضدب ويتحد بالوجود الانسانى كله ٠‏ وفى التبرير لاتهم جهة 
المعطيات وذوعها ٠‏ فسواء أتت من الوحى أو من المجتمع فالدبرير وأحد فى 
كاتا الحالتين ٠‏ تدرير الوح ى كو نتدريرا للعقائد اأتى هى فى حقدقة الأمر 
نتاج التاريخ ومن وضع المجتمع ومن صدياغة الفقهاء تعبيرا عن روح 
العصر ٠‏ . وتبرير المجتمع يكون تبريرا للنظم السياسية والاجتماعية دفاعا عن 


الأوضاع القائمة » ويقوم به الموظفون لاالأيديولوجيون فى كل نظام ٠‏ 


وقد نئشأات هذه الوظيفة فى الوعى الأوروبى بعد أن مارس المعقل 
وظيفته الأولى فى التحليل والنقد وأكتشف ضعف المعطيات التى حللها 2 
وااتذاقض الداخلى فى الموروث القديم وعدم تطايقه مع الحس أو الواقع 
وتعارضيه مع الصالح العام ٠‏ ولكن خشى البعض '(لقاء الطفل ممع الماء يعد 
طقس العماد » وأرادوا انقاذ ما يمكن انقاذه فقاموا داسكناف عمل العقل فى 
الدصر الوسيط أى تبرير العقائد مع الاختلاف فى مواد التبرير وفى درجة 
الاقناع ٠‏ فاذ! ذد الموروث القديم عن العقل فى العصر الوسيط فانه الان يعبر 
عن الاشتباه فى الحياة الذى يعبر بدوره عن تناقض الوجود الانسانى ٠‏ 
واذا در العقل' الخطيئة الأولى بعجز الانسان: عن اذقان نفسة وخرورة الملخاص 
فانه يبررها اليوم بمظاهر الألم والبؤس والشقاء فى الوجود الانسانى ٠واذا‏ 
درر القدماء ذهاية العالم يفساد الكون فان المحلدثين يرونها بتقليص الطاقة 
وبتناقصها فى الزمان (51) ٠‏ 


لقن 017 ,1936 315 ,117طنا 20101 للعلاع مناه 101 : متهأ 1ط ه81 فعلاوعؤل 
,قاطة2 رع" تماقتط'1 ع0 عتطرره5م1[1أطم عطنا 


ب 550 سس 


ويشهد تاريخ الفكر البشرى على موت الفلسفة اذا ما قام العقل بوظيفه 
التبرير وتخلى عن دوره فى التحليل والنقد ٠‏ فقد كانت الفلسفة فى العصر 
الوسيط تستخدم العقل دفاعا عن العقيدة ٠‏ ومن ثم خرجت فلسفات فى الدين 
تقبل الخطيئة والخلاص والتجسد والفداء كحقائق مطلقة على العقل أن يفهمها 
ويبررها للناس ٠‏ بل انه لشرف كبير للعقل أن يفهم أسرار الايمان دون أن 
يتعدى حدوده ٠‏ فالايمان يقوق العقل ويتحداه ٠‏ الايمان عقل أكبر. ١‏ واذ! كان 
« أومن كى أعفل » يعطى الأولوية. صراحة للايمان على العقل فان « أعقل 
كى أومن » لا.يعطى العقل الأولوية المطلقة على الايمان ٠‏ ولا يجعل العقن 
يقوم بدوره فى التحليل والنقد ٠‏ بل ان أقصى ما توصيلت اليه اللسسيدية 
الأرسطية كما مثلها توما الاكوينى هو وضصم ثلاثة مستويات : العقل الطبيعى 
القادر على الوصول الى الله كما تصوره الفلاسفة , ثم الايمان الذى يعطى 
وحدة الله كما يتصوره الدين أى السر الالهى . وأخيرا عقل الايمان القادر 
على فهم هذا السر بعد حدوثه فى القلب بفعل الايمان ٠‏ وهذا التصور الثلاثى 
يرتكب فى حقيقة الأمر خطاين : الأول اعتبار الله كما تصوره الفلاسدفة غير 
الاله الذتى أوحى به الدين ٠‏ والثانى اعتبار أن العقل قاصى عن ادراك السر 
وأنه لابد من حدوث السر أولا بالايمان حتى يمكن لعقل الايمان فهمه ثاذيا ٠‏ 
وذلك عود من جديد الى « أومن كى أعقل » ٠‏ بل ان العصور الحديثة كلها 
والقرن السابع عشر خاصة الذى عرف باسم العلاقنية كان العقل فيه مبرر| 
للايمان ولكن بضورة أفضل ٠»‏ وبذكاء أكبر » وبأسلوب أكشر اقناعا » وبمنهج 
أوضح مما كان العقل عليه فى العصر الوسيط ٠‏ بل ان «التأملات فى الفلسفة 
الأولئ» لديكارت مهداة الى علماء أصول الدين الهدف منها. البرهنة عليصحة 
عقائد الايمان » وقد سار كانط فى نفس التيار حين جعل « العقل النظرى » 
قادرا فقط على ادراك الظؤاهر وعاجزا. عن دراك الحقائق وبواطن الأمور , 
بل انه صاحب القول المأثور « كان لزاما على هدم المعرفة لافساح المجال 
للايمان ٠.»‏ الجدل. العقلى. لديه جدل وهم وخداع ٠‏ ومثل العقل الثلاثة : الله 
والنفس والعالم تصورات قبلية لا برهان عليها ٠‏ ولا يوجد برهان عقلى قبلى 
أى كوسدمولوجى بعدى على وجود الله ٠‏ فتغلب الايمان على العقل » وأصبح 
البعقل مبررا للايمان ٠‏ ويظهر التبرير بصورة واضحة عند هيجل حين تدولت 
المسيدية الى فلسفة والتثليث الى جدل » والله الى تاريخ ٠‏ بل تجاوز العقل 
تبرير الدين الى تبزير الدولة القائمة . وتبرير كل ما هى موجود باعتبار أنه 
احدى لحظات الفكر , فالعقلى هى الواقعى ٠‏ والواقعى هو العقلى ٠‏ فتغلب 


1551 


الفهم على النقد » والتفسير على التغيير » واستمر الحال كذلك حتى عند 
بعحض المعاصرين ٠»‏ مع أن الرفض روح العصر ٠,‏ وهم التوماويون الجدد وعلى 
وأسهم جاك مارتيان 2٠‏ فى معاداتهم روح العصر والدعوة الى الرجوع الى 
القدماء والى فلسفة توما الاكوينى التى حوت كل شىء (/) ٠‏ 


وقد ظهر دور العقل فى تبرير المعطيات على أوضح ما يكون فى تراثنا 
الفلسفى القديم عندما أصبحت وظيفته فهم الوحى خاصة عند أهل السنة 
الذين جعلوا النقل أساس العقل ٠‏ بل ان المعتزلة أنفسهم الذين جعلوا. العقل 
أساس النقل كانت مهمة العقل لديهم تأويل النقل حتى يصبح أكثر اثفاقا مع 
العقل دون نقده أى تأويله تاويلا جذريا بارجاعه الى التجارب الانسانية التى 
هى أساس كل نص ٠‏ لم يقم العقل بدوره فى التحليل والنقد الا فى حدود 
التأويل حرصا على التنزيه ٠‏ تأويل الصفات والرؤية دفاعا عن التوحيد أى 
تأويل الشفاعة والصراط والميزان والحوض دفاعا عن العدل , واعتبار ذلك 
صورا فنيه تسمح. بها اللغة العربية لاعطاء معانى العدالة والحكم ٠‏ ولسوء 
الدظ لم يستمر خط الرازى فى « نقد النبوات » وابن الرواندى فى "استعمال 
العقل على نحى نقدى » وتم استئصال هذه النماذج كلية من تراثنا القديم حتى 
غابت كلية من وعينا القومى ووجداننا المعاصر ٠‏ كذلك قام الفلاسفة بنفس 
المهمة فى التبرير فاقتدس دور العقل على فهم الدين بطريقة أكثر رقيا ترضى 
ذوق المثقفين والحكماء ٠‏ فالجنة نعيم روحى , والثار عذاب معنوى ٠‏ ولم 
يجروٌ أحد على الخروج عن هذا الاطار لوظيفة العقل باستثناء ابن رشد 
خاصة فى شروحه على أرسطو والذى لاقى ما لاقى من ص نوف القهسر 
والاضطهاد ٠‏ بل ان علماء أصول الفقه أيضا تقبلوا الوحى كحقيقة معطاة 
سلفا ؛ وما دام المعطى المسبق قد أعطئ كل شىء » وحمل الحقيقة الجاهزة 
الينا فقد تحدد دور العقل فى فهمها وتفسيرها وتذوقها ٠-لقد‏ أغنانا الله عن 
البدحث النظرى المجرد , واغطانا الحقيقة لنوجه جهدنا كله الى العمل والى 


)7١19(‏ انظر أيضدا دراستنا الثلاث : محاضرات فى فاسفة الدين لهيجل ٠‏ هيجل 
وألفكر المعاصر . هيجل وحياتنا المعاصرة فى قضايا معاصرة جد ” ص" ال9١‏ - 5لا ٠‏ 
217 ,250-161 .م رقع أن 1رزطامه عع" اناءع0 رقطهله)ئل0ع 381‏ : وعماروعوه12 

.120535 
.0 ,قاسو ,2117 ,24 .م بعتام مسمفتهظ د ع0 عناولغسه : امع 


با لاؤ5 ا ب 


تحقيقبها كنظام شرعى فى الأرض ٠‏ يمكن للعقل الاجتهاد قياسا للفرع على 
الأصل دون اعمال العقل فى الأدئل الا من أجل تنقيح المذاط أى تخريج المناط 
أو تحقيق المناط دؤن النظر فى تاسيس النص فى العقل أى فى الواقم ٠‏ أما 
الضدوفية فقد عادوا -العقل كلية ٠‏ وأصداب الحكمة الالهية أى حكمة الاشواق 
وظفوا العقل فى ايجاد البرهنة على صدق الحدس القلبى كما هى الحال 
فى الفلسفة المسيحية (8؟) ٠‏ 


ولكن تحيا الفلسفة اذا ما قام العقل بوظيفته الأساسية فى التحليل 
والنقد من أجل التغيير ٠‏ وظيفة العقل بيان الانساق الداخلى للموضوع أولا 
ثم ديان المسافة بين الواقع والمثال ثانيا » وبيان وضع المجتمع فى حركة 
عدل الدوذان بهذا الدور عندما كان سقراط دناقش تلامدذه حول آلهة اليوئان 
وحول تعاليم السوفسطاتيين ٠‏ كما ظهر العقل النقدى فى حركات الهرطقة 
فى عصير آباء الكنيسة عند مؤسسى الفرق الدينية الذين كشفوا بعض جوانب 
التناقض فى العقائد السائدة والتى مازالت فى طور التشكيل مثل اريوس 
دفاعا عن التو حيد 3 ودلاجيوس دفاعا عن الحرية,»ودوئادةوس دفاعا عن الوطنية ٠‏ 
ولكن ابتداء من عصر النهضة ظهر العقل الناقد فى الثورة على القدماء ورفض 
المعتقدات الموروثة وتوجيه العقل ندو الطبيعة من أجل تخليص الذهن من 
الأحكام المسيقة.والاوهام الشائعة ٠‏ ولما ترك ديكارت الإستثناءات خارج 
النقد و هى الكتب المقرسدة والعقاشد والأخلاق الشائعة 2 وطالب فيها داتباع 
«ى الأخلاق المؤقتة «( جاء سبيذو زا مؤكدا دور :العقل فى النقد حتى يمكن 
تأسيس الاجتمع بعد ذلك على أأسس عقلية ٠.‏ وقفى نفس العصر نشا «النقد 
وابعادا للزيادة فيه ؛ وبيانا للنقص والتحريف والتبديل والانتحال عليه ٠‏ وقد 
قام فلاسفة التنوير فى القرن الثامن عشر بدور النقد العقلى لمظاهر التخلف 
فى الحياة الاجتماعية والسبياسية فارتبط بالمس والمشاهدة والتجرية , 
ووقف ضضد النظم الملكية والتسلطية » ودحض الخرافات والأساطير » وبين 
(4") انظر دراساتنا : العقل والنقل ء تراثنا الفلسفى » حكمبه الاشراق 
4" وأيضا نماذج من الفلسفة المسيحية , محاورة المعلم لاوغسطين ص 7١  *”‏ وأيضا 
الشاطبى : الموافقات فى أصول الشريعة ج ؛ ص 45 ٠١5‏ المكتية التجارية القاهرة ٠‏ 


الآ .ب 


مآسى الحروب والتعصب الطائفى ٠‏ كما قام الهيجليون الشبان بتحويل وظيفة 
العقل فى التنوير عند هيجل الى وظيفة النقد » وأسس شترنر وفيورباخ 
وشتراوس وباور « فلسفة النقد » الهيجلية وتحويل وظيفة العقل من تبرير 
الدين الى نقد المجتمع ٠‏ ثم دفع ماركس وظيفة النقد خطوة أبعد فى نقد النقد» 
والانتقال. من نقد المجتمع الى تغيير المجتمع ٠.‏ ثم أتى ماركوز أخيرا وجعل 
وظيفة العقل الأساسية الثورة والذفى والرفضء والانتقال من المثالية الى النقد 
الاجتماعى , ومن العقل الى النظرية السياسية (9؟) ٠‏ 


وفى تراثنا القديم قام الفقهاء بنفس الدور بالنسبة للتراث الأجنبى 
الوافد حماية للعقائد ودفاعا عن الحمضارة ٠‏ قام الفقهاء بنقد المنطق 
الأرسطى والفلسفة اليونانية كما فعل ابن تيمية ٠‏ وقام آخرون بنقد الكتب 
المقدسة مبينين ما فيها من زيف ووضع وتبديل وتحريف بالاعتماد على قواعد 
المنهج التاريخى كما وضعها علماء الحديث ٠‏ كما قام البعض بالنقد الاجتماعى 
مبينين عيوب التصوف وخطورته على المجتمع مثل عقائد الولاية والامامة 
والحلول والاتحاد والفناء ووحدة الوجود ٠‏ ولكن للسوء الحظ لم يشمل هذا 
النقد الأصول ذاتها فوقعوا فى التشبيه والحرفية وضيق الأفق والتعصب ٠‏ 
كما حاولت الحركات الاصلاحية الحديثة الاعلاء من شان العقل ولكنه ظل 
محددا تحت وصاية النبى ٠‏ ولولا قدوم الضباط الأحرار قبل المفكرين الأحرار 
لكان بالامكان ظهور المعتزلة الجدد وأن تحيا الفلسفة بعد موت (40) ٠‏ 


سادها : الفلسفة والمتهج : 


تموت الفلسفة اذا تحولت الى جمع المعلومات دون منهج ٠‏ والى تصنيف 
المعارف دون -طريقة فى الاستدلال فالفلسفة أساسا منهج أو طريق وليست 
معرقة أئ علما. ٠‏ وقد .كانت معظم. التحولات 'الأساسية فى الفكز البشرى 
تحولات فى المنهج أكثر منها زيادة فى المعارف والعلوم ٠.‏ لذلك كان المنطق أو 
مناهج الدحث جزءا من الفلسفة ٠‏ فالمنطق بتعريف القدماء آلة للعلوم يعصم 


(59؟) اسبينوزا : رسالة فىاللاهوتوالسياسة ص 8 ؟١‏ الانجلو المصرية القاهفرة 
4 ء وأيضا القاهموس الفلسفى لفولتير ٠‏ العقل والثورة . الفلسفة والثورة عند 
ماركؤز فى قضانا معاصرة جح ؟ ص ٠٠١‏ ١5؟أ‏ ص 86 ه5مه ٠‏ 

(40) أنظر : الضباط الأحرار أم المفكرون الأحرار ؟ فئ الدين والثورة فى عصر 
)١( ١94١ - ١565‏ ف. الثقافة الوطندة ٠‏ 


الذهن من الخط ٠‏ ومناهج البحث طرق الاستدلال التى لا يستغنى عنها باحث 
فى أى علم ٠‏ وينشا من هذا العلم الكمى تضارب المعلومات دون أى اتساق 
فيما بيذها ووضيع الصواب مع الخطا , الصحيح مع الباطل ٠‏ العلمى مع 
الأسطورى دون. أى معيار للصدق بينهما ٠‏ ويكون حينئذ الطريق الوحيد 
لزيادة .المعارف هى النقل أو الرواية. عن القدماء ,» جيلا بعد جيل » والاعتماد 
لى المأثور دون المعقول , والأخذ بالأثر دون الراى ٠‏ ويغيب الواقع كلية 
وتتوقف الحياة ويلحق الضرر بالمصالح العامة ان يكون العلم فى جانب وواقع 
الناس فى جانب آخر. ٠‏ ثم تستاشر جماعة معينة بالعلم فلا يشيع بين الجميع, 
وتذنشا أ طبقة من الكهان والحفظة والكتبة والفقهاء وحملة العلم » يحفظونه في 
الرؤوس أو يدوذوثه فى مجلدات ٠‏ لذلك عرف الفكر القديم ياسم الفكسر 
الموسوعى ٠‏ فالعالم هو الذى يحيط يه » والجاهل هو الذى لا يعلمه ٠‏ 


وقد يكون السيب فى ذلك أن الخضارة الانسانية فى مداياتها كانت 
أقرب الى المعارف منها الى المذاهج فقد كان يهمها تجميع المعارف يصرف النظر 
عن طريق الوصول اليها ٠‏ وبتراكم المعارف تنشنا الحضارة البشرية , جيلا 
بعد جيل , وأضاقة بعد “اضاقة ٠‏ كانت العلاقة بين الانسنان والطبيعة آنذاك 
ينقضّها التكيف المعرفى بالاضافة ألى التكيف المادى ٠‏ وبالتالئ نشات الحاجة 
الى المعارف ,*أية معارف للا هذا الفراغ الذظرئ بين الانسان والطبيعة 
دصرف الذظر عن مصسدرها ٠‏ وكان الغالب على هذه المص ادر السدر 
وَالخراقة واسنتدعاء أرواخ الموتى والأساطيز 'والخكمة 'الشعبية “ وهى 
كلها مضادر للمنعرفة -لا يقين لها , الغاية منها التكيف المعرقى مع الطبيعة ٠‏ 
ثم قام الأندياء بعد ذلك بنفس الدور كاشفين عن الندؤة كمصدر للعلم , 
وحدهم اللتصلون به . وغلئ “الاخرين أخذ المعارف دون المناهفج «ثم تراكمدت 
النبوات ودونت فى كتب ١‏ من علمها أصبح عالما » وشرحها الشراح » وتراكمت 
الشروح .ومن غلمها أيضًا أصبيع عالما ٠‏ وهكذا فى بدايات التاريخ البشرى 
كانت لتقعلومات والمعسارف الأولوية الطلقفة علي المناهج أوصطصرق 
الاستدلال ٠ )68١(‏ 3 
© [141 فزائةفورت ولسن جاكيسون : مآ قبل الفلسقة : الانسان فى تفامرته الفكرية 
الاولى ترجمة جيرا ابراهيمجير! ٠‏ المؤسسة العربية للدراساتوالنشى , بيروت ٠ ١948©‏ 
: كلا82077 17 :1958 ,201 بنعع11 رطقطا 015 ممصماعئلة" عط : طخلصدة 1 
عط 01 عطاح18 : سسامن 2 19627 ,عاعو 11 برلع]8 ,قسمعطاوع8 ع1 
0 ,ج202 بتعع 1 ,10110 


سه لل 24 


ويشهد التاريخ أن الفلسفة تموت عندما يغيب النهج » وتتحول الفلسفة 
الى معارف موروثة يتراكم بعضها فوق بعض دون طريقة للوصول اليها ٠‏ 
ماتت مرتين : مرة فى العصر الوسيط الأورويى عندها تحولت الى موسوعات 
ودوائر للمعارف , ومرة آدينا فى تراثنا القديم عندما تحولت أيضا الى 
موسوعات ضخمة تضم كل المعارف والعلوم » ويقتصر دور الفيلسوف على 
التنسيق والريط بينها فتتراكم المعلومات » وتتعدد المصادر ٠‏ وتحتضن الكنيسة 
دل ذلك وتنظمها دحيث تكون أكبر دفاع عن العقائد وأقوى دليل على صحتها * 
ولا يهم أن دنتقل من مصدر الى مصدر أو أن تعتمد على فيلسوف ثم تغيره 
الى فيلسوف آخر مناقض للاول ٠‏ لذلك خرجت المسيحية أفلاطونية مرة لدى 
اباء الكنيسة ثم أرسيطية مرة أخرى ليدى توما الاكوينى وداروينية مرة ثالثة 
عند تيار دى شاردان ٠‏ ومن ثم تحول الدين الى حضارة » وأصبحت المعارف 
الدشرية هى أساس الدين وفهم العقائد (؟5) ٠‏ 


ولم يختلف الحال كثيرا فى تراثنا الفلسفى القديم فقد كانت الفلسفة 
فكرا موسوعيا يقوم على تجميع المعارف والعلوم وتصنيفها واعادة ترتيبها 
ودبوييها حدذى دون نسية المحارف الى أصحايها والمعلومات الى مصادرها ٠.‏ 
والآراء المجهولة المؤلف ٠‏ فلا يهم ان كان مؤّلف « اثولوجيا أرسططاليس » 
الفيلسوف الا ملأ الفراغات والبحث عن المضامين البعدية لهذه الاشكالات 
القبلية ٠‏ وأكير نموذج على ذلك « رسائل اخوان الص فا » ع2 وموسوعة 
« الشفاء » لابن سينا ٠‏ خرجت الفلسفة أقساما : المنطق والطبيعيات والالهيات 
الى آخر ما وصلت اليه الحضارة البشرية فى هذه العلوم ٠‏ لذلك ظلت الفلسفة 
غريبة على مجتمعها ٠‏ دواثر منعزلة على هامش الحضارة , نقاطا على المحيط 


ولا يزال الحال كذلك فى جامعاتنا ومعاهدنا , كم من المعلومات يحفظها 


(5) ,15-59 .رم رعق8شددع:(140 ناه عتطممص10لط هآ : ده0115 نك 
2 283115 ,233701 ,525-5100 .210 


5١١‏ هه 


الطلاب ويضعها الاساتذة فى كتب مقررة دون منهج للتفكير أى طريقة فى 
البحث ٠‏ فالعالم هو الحاوى للمعارف ٠‏ والحافظ والناقل المحدث والرواى 
وليس المخترع أو المكتشف ٠‏ وان كثيرا من الاضطراب فى حياتنا الفكرية 
المعاصرة ناشىء من اضطراب فى الفكر المنهجى » فقد غلب على ثقافتنا 
المعاصيرة اما النقل عن الغرب أى النقل عن القدماء دون ما منهج لتحليل 
الواقع ومن ثم غاب الابداع وماتت الفلسفة (”:) ٠‏ 


ولكن تحيا الفلسفة بالفكر المنهجى فطريقة وضع السنسوؤال أهم من 
الاجابة عن السوّال , وكما قال القدماء نصف الاجابة فى طريقة وضع السوّال, 
لقد ظلت الفلسفة اليونانية باقية فى الفكر البشرى لمناهجها التى وضعتها , 
وليس لعلومها واكتشافاتها ومعارفها ٠‏ فقد وضع س قراط منهج التهكم 
والتوليد القائم على السخرية من الخصوم وتوليد الحقائق منهم دون أن 
يروا وعلى غير وعى منهم ٠‏ ووضع أفلاطون المنهج الجدلى ٠‏ الجدل النازل 
للانتقال من المثال العقلى الى العالم الحسى , والمنهج الصاعد للانتقال من 
العالم ‏ الحسى الى المثال العقلى , وكلاهما يكونان منهجا جدليا رأسيا مزدوجا 
يجمع بين المثال والواقع , بين المعقول والمحسوس ٠‏ مما يدل على أن الصراع - 
بين المثالية والواقعية هى فى حقيقة الأمر صراع منهجى ٠‏ ثم جاء أرسطو 
وآراد البحث عن الصورى والفردى ؛ عن العام والخاص » ووضع المنطق آلة 
للعلوم كلها ٠‏ لذلك كانت تجد كل محاولة للجمع بين المثالية والواقعية فى 
أرسطى رائدا لها ٠‏ واتبع السوفسطائيون منهجا آخر , منهج تحيلل الألفاظ 
لعرفة معانيها الدقيقة مئعا للبس والاشتباه » وهو المنهج الذى شاع فى 
الفلسفة المعاصرة بنفس الاسم (54) ٠‏ 





(47) عبد الرحمن بدوى : أقلوطين عند العرب دار النهضة القاهرة ١113‏ وأيضا 
الاصدول اليونانية لانظريات السياسية فى الامبلام , النهضة المصرية القاهرة ١405‏ انظر 
دراسثنا : رسالة الجامعة , مناهج التدريس والعلاقات الداذلية فى جامعاتنا » فى 
« قضايا معاصرة . ي ٠ ١‏ ش 


(4:5) ل' محجمول قاسم : المنطق الحديث ومناهشح البيحث ضص ؟1 1١‏ م الانجلق 
المصرية القاهرة ١915‏ , تارسكى : مقدمة للمنطق ولمنهج البحث فى العلوم الاستدلالية 
ترجمة د١٠‏ عزمى اسلام ‏ الهيئة العامة للكتاب القاهرة ١/ا9١ ٠‏ 


-5١؟-‎ 


ثم حييت الفلسفةمن جديدب. علىيد: القديسأو غسطينفئ عصئ آباء الكنيس.ة 
بالعودة الى منهج سقراط في الحوار ٠‏ وأضاف على. تحليل الألفاظ تحليل التجارب 
البشرية للبحث عن دلالاتها وايجاد المضمون الانسانى للعقائد فى الوجود 
الانسانى ذأته ٠‏ كما حول الأفلاطونيون المسيحيون الجدل الدحسساعد عند 
أفلاطون الى 'طريق الى الله كما هو الحال عند القديس بونافنتير » وحوله 
الجدليون فى العصر الوسيط المتآخر الى منطق فى الاقذاع والتبشير ومحاورة 
الخصوم على ما هو الحال فى « المنطق: الجديد » عند زيمؤن الليلى * “فاشتدات 
الحركة الفكرية وازدهرت الفلسفة معلنة بدايات العصور الحديثة (0) ٠‏ 

ثم جاءت الءصور الحديثة وأحدثت تغير! كيفيا فى مسار الوعى 
الأوربى وتحولا جذريا فى جضارته التى ابدعها وذلك بوض عا المناهج 
الحديثة من أجل اعادة تأاسيس العلوم فنشبات المناهج الثلاثة التى أصبحت 
تميز الحضارة الأوروبية والتى تعيد أحكام نفس المناهج التى صاغها القدماء ٠‏ 
وضع ديكارت قواعد المنهج الاستنباطى من أجل الجصول على اليقين فى 
العلوم.واستعار منهج العلوم الرياضية الذى يعتمد على المسلمات والبديهيات 
والمصادرات واستنباط النتائج منها باعتبارها مقدمات ٠‏ ويكون مقياس صدق 
النتائج هى تطابقها مع المقدمات وليس مع الواقع ٠‏ وقد تم تطبيق هذا المنهج 
فى الدين والأخلاق كما هى واضح عند سبينوز! ٠‏ كما وضع بيكون قواعد 
المنهج التجريبى اعتمادا على شهادة الحس والتجربة وابتداء من الملاحظة: 
وانتهاء بالقانون العلمى بعد الفرض والتجريب »ويكون صدق النتائج مرهونا 
باتساقها مع الواقع وتحقيقها فى التجربة ٠‏ وتم تطبيق. هذا المنهج فى العلوم 
الطبيعية خاصة ثم تبنته العلوم الانسائنية فيما يعد نظر! لنجاحه وانجازاته ٠‏ 
وقد حاول البعض مثل جون ستيورات مل وغيره ضم المنهجين .مها فى منهج 
استنباطى استقرائى من أجل صياغة منهج متكامل شامل .2 ولكن نقصته 
الحياة التى لا يمكن تبخيرها فى الصورة بالاستنياط أو ردها الى المادة 
بالاستقراء ٠‏ وهنا ظهر هوسرل وفلاسفة الحياة » دريش ودلتاى وبرجسون 
وشيلر » ووضع قواعد المنهج الفينومينولوجى من أجل: تحليل التجارب الحية 
وادراك: ماهياتها يالحدس فى الشعور فى الاحساس الداخلى بالزمان ومناجل 
الكشف عن الاشياء ذاتها , ويكون مقياس الصحة هئ تطابق النتائج مع 


٠ 1 ٠ )65(‏ ,461-65 10 57 .م0 ه115 
,2915 ,ناع1 12 وة؟؟ العمو'1 ع0 علو«عمعةغ1 : علالااطع80281 املو ل 
100 


2 


التجارب الحية للفرد وللجماعة فى مدينة العلماء. ٠‏ هن يالاضافة. النى. المنهج 
الجدلى. الذى وضعه..هيجل من أجل الوصبول الى .الحقيقة .والانتقال. من 
الموضموع .الى نقيض الموضوع الى مركب الموضوع » ثلاث لحظات تخدد .مسار 
كل موضوع ٠‏ وكان لكل منهج شقان :: الأول سلبى للتخلص. من. 'المعارف 
القديمة وتطهير 'النفس. من أخطائها والبداية من جديد :على أسس أكثر يقينا 
سبماه ديكارت الشك ٠‏ وبيكون القضاء على الأومبام ء وهوسرل الرد أو 
الاقتضاب أو التوقف عن. الحكم أى الوضع بين قوسين .. وهيجل النفى أو 
الهدم أو الرفع بمعنى الازالة. وهى أحد معانى فعل. «واهتطتمتلة .والثانى 
ايجابى لبداية..الطريق للحصول على المعارف الجديدة وهداية الذهن. سسماه 
ديكارت اليقين 2 وبيكون التجرية 2 وهوسسل البناء أى التكوين 2 وهيجل 
الاثباإت ٠‏ أصبح الفكر الأوروبى كله نتيجة طبيعية لاستعمال. هذه. المناهج 
وازدهرت. الفلسفة يفضلها 2 وأصبحت .معظم التحولات الجذرية.فيه نتيجة 
لاكتشافات منهجية (55) ٠‏ 


وقد حييت الفلسفة فى ترائنا القديم بعد وضع المذاهج الاسبلامية. 
وتجاوز الفكر .الاسلامى للمعلومات المتراكمة التى بدت فى علوم الحكمة ... 
فقد وضع علماء أصول الفقه « منهج التنزيل » ,» كما وضعالصوفية « منهج 
التاويل » ٠‏ ومنهج التنزيل هى المنهج الشرعى الذى يقوم على الادلة الأرهبعة: 
الكتاب والسنة والاجماع والاجتهاد أى القياس , يهدف الى البحث عن العلة 
المؤثرة فى الحكم -لتعديته من الأصل الى: الفرع :اذا ما تشنابهت الغلة" ٠‏ كما 
أنه يضدم. مباحث “الألفاظ لضبط فهم النصوص مثل: الحقيقة والمجان م الظاهر. 
والمؤول ٠»‏ المحكم والمتشابه » المجمل والمبين ٠»‏ المطلق والمقيف ٠١‏ الخ:.٠‏ ويشهل 
أيضا مباحث المعانى أو دلالات الألفاظ لمعرفة | قتضاء -اللفظ ومدلول: الخطاب ٠‏ 
كما يشمل مناهج 'الرواية لضبط صخة النضوض خاصة الحديث والتمييز بين 
الثوؤاتن والاحباد: والنقل باللفظ والنقل بالمعثى ؛: ؤأخيرا. وضع منطق+ للافعال. 


٠‏ # اناهي! قم 


(41) دء امام عبد الفتاح أمام :“المنهج الجدلى عند قيجل دار المقارف القاهرة 
ول ا 
,125-179 .م رقعغع8[ص صطدموء وع"7اناء0 ,رع00طغغ226 19 06 15لام1[0150 ١‏ مأسوموع12. 

| 000 واطة2 
1981 ,عتله0 عل[ ,علع65010مدمصغط5 192 ع0 عذعذنس ها : لقصفظ .18 -- 


704 - 


وتقسيمها الى مقاصد وأحكام » ووصف سلوك الانسان فى العالم بين الايجاب 
والسلب , وبين الامكان والضرورة ٠‏ يرتبط بمضصالح الأمة وبحاجات العصر , 
ويلبى متطلبات كل جيل ٠‏ فهو .منهج متكامل يدل على جوانب الابداع فى 
تراثنا القديم ٠‏ وعلى أساسه تم نقد المنطق الأرسطى ووضع منطق جديد 
مكانه هو المنهج الاسلامى ٠‏ ولولا اعطاء الأولوية للاصل على الفرع وسيادة 
المنهج النصى وعدم الجرأة على تحليل العلل المؤثرة لكان للمنهج الأصولى 
أبلغ الأثر فى .حياتنا المعاصرة (417) ٠‏ وفى مقابل هذا المنهج وضع الصوفية 
منهج التأويل لفهم النصوص والرجوع بها الى مصدرها الأول وهو الل يرتفع 
فيه الظق الى الخالق » وتسقط الاوصاف الانسانية وتثيت الصفات الالهية , 
فيتدهد الخلق بالحق ويفثى. الانسان ويتحد بالله ٠‏ يسير فى هذا الطريق ابتداء 
من المرحلة الأخلاقية من أجل التحلى بالأخلاق الكريمة الى المرحلة النفسنية 
من أجل علم بواطن القلوب الى المرحلة الميتافيزيقية من أجل: الوحدة المطلقة ٠‏ 
دتدرج الانسان فيه من مقام الى مقام » وتعرض عليه الأحؤال حتى يصل 
الى الفذاء المطلق ٠‏ ولمولا معاداة العقل ( باستثناء حكمة الاشراق ) والايغال 
فى العلوم اللدئية والعروج الى السماء والهروب من العالم والنزعة الفردية 
لأمكن لهذ! المنهج أن يقيلفا من عثرتنا فى حياتنا المعاصرة (48) ٠‏ 


ثامنا : الفلسفة والدلوم الانسانية : 


تموت الفلسفة اذا ما انعزلت عن الانسان ١‏ وتنتهى الحكمة ان لم ترتبط 
بالعلوم الانسانية ٠‏ فالفلسفة بناء انسانى يقوم بها الانسان ليتكدف من خلالها 
مع الواقع إن أنها تفسر له العالم » وتشرح له الغازه ٠‏ ولكن لما كان الانسان 
البدائى يصارع من أجل البقاء فانه قد نسى ذاته ف ىمواجهة الطبيعة وأخذ 
الحل ونسى المشكلة ٠‏ ولما كانت المشكلة مخاطر 'الطبيعة . وكان الحل القوى 
الخفية والآلهة والأرواح المسيطرة عليها التى يمكن استرضاوها بالسسحر 





(41) على سامى النشار : مناهج البحث عند مفكرى الاسلام ونقد المسامين اللمنظق 
الارسططاميسى , دار الفكر العربى القاهرة ١447‏ وأيضا دراساتنا علم أصول الفقه فى 
دراممات إسلامية ص 590 ٠١4‏ وكذلك رسالتنا فى اعادة بناء علم أصول الفقهه01957 

(440) انظر دراستنا حكمة الاشراق والفينومينولوجيا فى « دراسات اسلامية » 
ص الا" 744 . ٠‏ 


566 د 


والقرابين ركز الفكر الانسانى على الله ونسى الانسان ٠‏ وجعل الله محوره 
واهتمامه ونسى ذاته 2 وكان الذهن البشرى يصل الى النهاية وينسى البداية, 
يفرح بالحل وينسى الأزمة ٠‏ وفى ذلك موت للفلسفة لآن السحر والقرابين 
ومظاهر العبادة تكيف عملى دون طرح نظرى * ولما كان العمل فى حاجة 
الى من يقوم به نشات طبقة الكهنة من أجل تنظيم العملءوتولدت مذها الكنيسة, 
وخرج منها رجال الدين » ونشات عنها السدلطة الدينية التى أصبحت فيما يعد 
أكبر خطر يهدد الفلسفة (595) ٠‏ 


وبيقظة الوعى الانسانى واكتشافه قدرته على النظر العقلى وعلى وصف 
الظواهر الطبيعية اتجه ذدو العقل ٠‏ هذا الذى أنقذه من الخرافة والسحر 
والأساطير والأوهام 2 وحاول 'البحث عن النظرى الخالص ٠‏ واسستسسر فى 
التجريد شيئًا فشيئًا حتى غاب الجانب الانسانى منه » وأصبحت النظرية هى 
كل شىء وااصورة الخالصدة هى المطلب الأساسى كما حدث فى « البذيوية » 
أخيرا وسيطرتها على « علم الانسان »١كما‏ اتجه نحو الطبيعة منخلال التجربة 
والمشاهدة والمدركات الحدسية٠‏ واستمر فنئالمشاهدة حتى نسىى الجانب الانسانى 
فى العلم . وطغت «١‏ المادة » على كل شىء وكأن المادة تدرك وتتحدث وتدل ٠‏ 
ثم تحولت الطبيعة الى صورة » والظواهر الى معادلات كما هو الحال فى 
الطبيعيات الحديثة التى لا تفترق عن الرياضيات البحتة 2 وأصيح التجريب 
الآن هى نوع من حساب الاحتمالات النظرية الخالصدة ٠‏ وأصبح الانسان فى 
نهاية الأمر » وهو الخالق لهذا كله الدين والسحر والأسطورة والحقل والعلم , 
أصبح يعيش شيئًا فشيئا فى عالم لا انسانى ٠ )0١(‏ ويشهد التاريخ على 
موت الفلسفة اذا ما ارتبطت بشىء آخر غير الانسان . سواء كان الله أو 
الطبيعة » الصورة أو المادة » بصرف النظر عن أسسها .الانسانية فى العقل 
والحسعفى النظر والمشاهدةءفى الرؤية والادراك ٠‏ فقد ماتت الفلسفة بعد 


(89) .4 ,مع ةعاط رقعطع 1 عط 02 70110 مط : وزمعروظ .0.ل, 

2 ,010837ط5غ/7مط ع7[ ا1ساطم ,700) 02 وعطمه1 عط : ااعمصيون .ل 
ا 009 ,1201 

60( 31-100 .22 رق«ملأهاعت«ز علدا دعل اتاكتامه عا : اتاعو0ع21 ,12 
.9 برقأسصوط باتتاعع عنآ 


) دراسات فلس فية ( 


7١1‏ مه 


منها روح البحث وحرية الفكر واستقلال الرأىوالقدرة على التغيير والابداع: 
وعلم اللاهوت ذاته هى علم انسان « مقلوب » يعبر عن وعى الانسان بذاته 
على نحو مغترب ؛ خارجا عنه » عابدا اياه ٠‏ حدث ذلك فى العصرالوسيط 
وفى الفلسفة المدرسية ٠‏ كما حدث لدينا فى علم الكلام أى فى علم العقاشس. 
بالرغم مما قاله المنهدسون فى الالهيات ومماولتهم ارجاع اللاهوت الى 
تجاربه: الحسية » وبالرغم من قول أبى شعيب : ان الانسان هو العالم القادر 
الحى بالحقيقة , والل هو العالم القادر الحى بالمجان ٠ )0١(‏ 


كمأ تموت الفلسفة اذا ما تحولت الى مباحث نظرية خالصة أو الى 
علوم زياضية ضورية كما هو الحال فى المنطق الرياضى الحديث أو فى مدارس 
تحليل اللغة ٠‏ فالصورية لا حياة فيها ولا.دم ولا لحم ولا عظم » ولا صمراع 
ولا مواقف ولا تناقض أى اشتباه ٠‏ تلغى الفردية وتدنكر للخصسوصية 
ولا تبحث الا عن العموم والشمول ٠‏ بل ان المفاهيم الرياضية ذاتها للها أسسها 
النفسية فى الشعور : والتجريد ذاته ما هو الا ظاهر يكشف عن مضامين 
شعورية ٠‏ تموت الفلسفة اذا ما كانت بحثا نظريا مجردا عن « الخالص » 
و « النظرى » ى « الحقيقى» “فذلك لا وجود له الا بعد تجريد العقل للموضوع ٠‏ 
وهنا تعيش الفلسفة على ذاتها وتصبح الذات والموضوع فى آن واحد ٠‏ 


وتموت الفلسفة أيضا اذا ما أصبحت مبحثا فى الوقائع المادية كما هو 
التجرد والنزاهة والحياد ٠‏ فلا ترى الطبيعة من خلال منظور انسانى ,2 
ولا تثم الرؤية الا من خلال الادراك الحسى أو العقلى ٠‏ كما أنه لا يمكن التجرد 
من الاهواء والانقعالات والمواقف الانسانية بل والمراحل التاريخية والبذاء 
التصورى العلمى كله من وضع الذهن ٠‏ كما أن الاطراد الذى يوتسم يه القانون 
الطتيعى ضد الفردية » والحتميةفى الطريعة ضد الحرية الانساذية *وفى نهاية 


(01) الاشعرى : مقالات الإسلاميين يج 7 ص 147 118 النهضصة المصرية 
القاهرة + 56 ٠‏ 
01 6ه ممه رصم 18 ممم ان عأع10مغط"1 : :للقصمة .1 
1 2 ,تتتتاعاء8 ,1م1011 ,عطوعنى ع1]1020 


سشرينن 5 


علمى » ومن ثم نارتدبط بالكيان الاجتماعى أى بالانسان (07) * 


ولكن تحيا الفلضفة اذا ما كانت تفكير! فى. الانسان » وأذا ما استمدت 
مادتها من العلوم الانسانية: ٠‏ يتضح ذلك من الفلسفة اليونانية باتجاهاتها 
الثلاثة : المثالية والواقعية والانسانية » وعلى وجه خاص فى « مخاورات » 
أفلاطون وموضوعاتها الانسانية : المحبة » الصداقة , الجمال ٠العدالة* ٠‏ الخ ٠‏ 
كما أن الفلسفة عند أرسطو قريبة الصنلة بالسياسة والأخلاق 2 وليست فقط 
بالمنطق والطبيعة والفلسفة الاولى ٠‏ كانت الحكمة مطلبا انسانيا » وكان 
البحث عن السنادة هدفا انستانيا ٠‏ وقد لخص ديوجين حكمة اليونان 
حاملا مصباحه فى بحثه عن الانسان » (57) ٠»‏ 


وريما ها بقئ 'من الفلسفة المسيحية هو الجائب الانسانى فيها الذى 
يتلخص فى عقيدة الل -.الانسان «وربما ما بقى منها هى أريوس وأوغسنطين, 
أى الانسان والتجربة الحية ٠‏ وريما كان أكثر. الموضوعات حيوية فى العصر 
الوسيط هو العقل والنفس والاتصال والخلود والمعاد أى الجوائب الانسانية. 
فى الفلسفة . وكان نصرا فعليا يوم بدات العصور الحديثة في القرن السادس 
عشىر بالمذهب الانسانئى عند «.اراسم » حيث ظهر الانسان مهحور الكون ٠‏ 
وكان البحث فى البدن بداية للتعرف على الانسان الحى في مواجهة كل ما 
هو غير انسانى فى السساطة أى فى العقائد أو فى المناهج ٠‏ وكان تتويج هذا 
النصر ؤوبداية الوعى الأوزوبى « الكوجيتو » عند ديكارت حيث أصسبحت 
الفلسفة مرادفة الوعى الأوروبى واعيا ذاته والانسانية معه . وأصسيبحت 
المثالية الترنسندنتالية بعده تطويرا للكوجيتى الديكارتى ٠‏ وتاكد الانسان 
مدحورا للكون فى الثورة «الكوبرنيقية »» الذاتفئ: المركن والعالميدور حولها ٠‏ 
ذم تحولت الذات الى :روح:” والروح-: الى تاريخ على 'يد هيجل ختى أضيم: 
الوعى الفردى مزادفا للوعى 'الحضارى ؛ واصبح الانسان فى الانسانية 


سس مسبو سه سوب سوس بعس ب يت لبس مرو 


65 1551118528 ,ع1 أة سطعاصم علعة عتطدرمعم لط : الرعمق 110 
| 2011011610 211 

(7ه) ‏ باعطعتةة عه ,155-324 ,طم ,عتيوعةة فؤقطوط هآ -صلطه20 نآ 
| 1903 كامة2 


الل 5 


كلها ٠٠‏ وكانت فلسفة التنوير قبل ذلك قد ربطت الفلسفة بالعلوم الاجتماعية , 
وخرجت من دوائر المتخصصين والمهنيين فى صياغات البراهين على وجؤد 
الله وخلق العالم وخلود النفس بل تجاوزتها الى وضع الانسان فى المجتمع 
والتاريخ وفى أنظمة 'الحكم والمذاهب السياسة ٠‏ ثم أتى الكانطيون للتاكيد 
على الانسان كما هو الحال عند نيتشة ولكشف الشىء فى ذاته واعتياره ارادة 
الانسان عنض.شوبنهور ٠‏ كما استمر الكانطيون الجدد فى هذا التوجه الانسانى 
والانتقال من « الأنا 'فكر » الى الاجتماع والسياسة والاخلاق والقانون ٠‏ 
وازدهرت الفلسفة أخيرا فى مدرسة فرنكفورت ٠‏ واستطاعت أن تتحد بالعلوم 
الانسانية خاصة علم الاجتماع وأن تصوغه كفلسفة » وأن تصوغ الفلسفة 
كعلم اجتما'غ سشواء فى السياسة أى فى الاجتماع أو فى الفن أو فى الحضارة ٠‏ 
بل أن الوجوديين أنفسهم ربطو! بين الفاسفة والعلوم الاجتماعية التاريخية *. 
فارتبط سارتر بالسياسة والتاريخ وعلم النفس ٠‏ كما ارتبط ميلوبونتى بعلم 
النفس وعلم الاحاء والغلوم السياسية ٠‏ كما كانت بدايات ياسبرز علم 
الأمراض النفسية والعام ٠‏ بل أنه لا يوجد أى فرق الآن بين الفلسفة والعلوم 
الانسانية.فى أهم تيارات فلسفية علمية مغاصرة وهى الماركسية والفرويدية 
والبثيوية (04) ٠.‏ 


ثم قام الوعى الأوربى بحركة ارتدادية كلكشف عن الجوانب الانسانية 
فى اللاهوت وفى .الطبيعة على السواء ٠‏ فاذا كانت موضوعات الفلسفة 
ثلاثة : الله والطبيعة والانسان. » وآأن. الفلسفة اما الهية أو طبيعية أو انسانية, 
فقد. كشف الوعى الأورنئ أن الفلسفتين الالهية والطبيعية هما فى حقيقة الأمر 
فلسفةانسانية »مرة مغتربةالىأعلى» ومرة أخرىمغتربة الى أسفل » .وكلتاهما. 
خاوج المنظور 'الانساني, مرة ذوقه ومرة تحته ٠‏ فقد كشف فيورباخ) خاصة 
«أن.كل علم. لاهوت هى علم انسان مقلوب » وأن كل ما قيل فى أوصاف الله 
وصفاته هى فى حقيقة الأمر أوصاف وصفات انسانية قذف بها الانسان 
خارجا عنه نتيجة لاغترابه فى العالم ٠‏ كما كشف هوسرل أن العلوم الطبيعية 
ذاتها بناء انسانى وأن العلم هى فى الكشف عن البناء الشعورى للعلم فى 





(54) كاسيزر”: مقال فى الانسان ( د١٠‏ احسان عباس ) دار الاندلس بيروت ١15١‏ 
2815 ,لأنا5 ,عتلاعتطد ل اعتعط0 بال عناوأة وط رهام هنآ .: أسقخصطمصوعم؟' .0 
جا ولعي 1461 


د- 8 ييا 


مرحلة ما قيل الفهم ١‏ فاذا كان الوعى الأوروبى سك ددا دالكوجديتو فانه 
يكون قد 'انتهى بالكوجيتاتوم 8831110 أفيصيح الانسان هو الأنا 
أفكر وهى موضوع التفكير فى آن واحد (00) ٠‏ 


وقد حدث نفس الشىء فى ترائنا القديم عندما ارتئيطت الفلسفة بالعلوم 
الانسانية وبالموسيقا عند الكندى والفارابى ٠‏ وبعلوم الاخلاق والسياسة عند 
الفاردى 2( وبالتشريع عند ابن رشد ٠‏ بل انها ارتدطت أيضا يعلوم الحياة 
مثل الطب والتشريح والنيات والصيدلة ٠‏ وقد وضح ذلك دصورة خاصة فى 
« رسائل اخوان الصفا » حيث أضيف جزء أخير عن « النفسانيات » على 
التقسيم الثلاثى التقليدى » المنطق والطبيعيات والالهيات ٠‏ ومع ذلك مازلنا 
لم نصل بعد الى الكشف عن الانسان فى تراثنا القديم وراء الالهيات 
والطديعيات وأن ديد الوعى الحضارى الجديد ايتداء من الوعى الذاتى حدى 
تحيا الفلسفة من جديد (01) ٠‏ 


تاسعا : الفلسفة والتاريخ : 


لقد ارتدطت الفلسفة بالتاريخ ليسفقط منحيثهى تاريغ الفلسفة أى رصد 
تاريخ الفكر البشرى وتقلباته بل من حيث هو فلسفة ااتاريخ أى التفكير فى 
تطور التاريخ وحركته ومحاولة البحث عن .قانون يحكم هذا التطور ويصف 
هذه الحركة ٠‏ بل ان تاريخ الفلسفة ذاته ليس رصدا ميتا للمذاهب والنظريات. 
الفلسفية عبر التاريخ دون رجوع الى ظروفها التاريخية وتعبيرها عن روح 
العصر بل هى معرفة التجارب البشرية الفردية والاجتماعية والتاريخية التى 
خرجت منها هذه الفلسفات ٠‏ تاريخ الفلسفة هو تاريخ الروح البشرئى فى 
مواجهة الواقع وعبر التاريخ ٠‏ لذلك كان هناك نوعان من تاريخ الفلسفة. ٠‏ 
الأول هو الرصد الكمى لتاريخ الافكار بلا منظور أو قانون أو دلالة : والثانى 
محاولة الدخول فى أعماق التاريخ والذهاب الى ما وراء الافكار لممرفة 


(66) انظر دراستنا عن الاغتراب الدينى عند فبورباخ . عالم الفكر ابريل ماي 
يونيو 191/4 ٠‏ 

(03) انظر' دراستنا « لماذا غاب مبحث الانشان: فى تراثنا القديم » دراسات 
اسلامية ض 897 _ 9ع 2206 


سا76٠6‎ 

دلالالتها على عصورها وظروف نشاتها والتجارب الحية التى وراءها ,. 
وصلتها بالمرحلة التى قبلها وتمهيدها للمرحلة التى بعدها ٠‏ الأول موت 
للفلسفة . والثانى حداة لها ٠‏ لقد كانت الفلسفة ايِذة عصرها تعبر عن أزمة 
العصر وتحاول اعطاء حلول تعبر أيضا عن تصور العصىر وتجاوزه الى ما 
يمده ٠‏ نشاأت الفلسفة فى التاريخ 2 وخرجت من موقف ولكن ضاعت على 
أيدى أساتذنة الفلسفة ومحترفيها واجتثوها من الجذور 2 وعرضوها . كطائر 
فى الهواء لا مستقر له ولا مكان ٠‏ الودلة بين الفلسفة والتاريخ واضحة 
بذاتها ٠‏ وعليها يتوقف موتها أو حياتها ٠‏ اذا ما ارتبطت الفلسفة دالتاريخ 

تنمو وتزدهر وتحيا ٠‏ واذا اذفسات عن التاريغ تخبو وتتقلص وتموت ٠‏ 


الفلسفة حركة التاريخ ٠وفصلهما‏ مثل فصصلالروح عن البدن » واثبات 
الروح مجردة غير مرئّية لا مستقر لها الا فى عالم الغيب » وجثة هامدة 
لا حراك فيها تنحل بعد حين » فتندثر الأمم ٠‏ وأغلب ها يشاهد فيه موت 
الفلسفة وحياتها فى التاريخ فى نهاية مرحلة وبداية أخرى ٠»‏ وفلسفة العصور 
الذهبية دية باستمرار . وفلسفة الخمود والانحطاط ميتة باستمرار » ولكن 
الدعث الفلسفى يحدث فى لحظات الموث والحياة عندما تخبو حركة التاريخ 
ثم تبعث فيها الحياة من جديد ٠‏ فأارسطى وابن خلدون وشبنجلر وتوينبى 
ويرجسون وهوسرل فى نهاية عصر عندما تؤذن الحضارة بالنهاية ٠‏ وسقراط 
والكندى ٠‏ وديكارت ؛ والطهطاوى بدايات لعصور عندما تبعث الحضسارة 
من جديد (607) ٠‏ 


تموت الفلسفة اذن عندما تكون خارج التاريخ لا شأن لها بتطور الروح 
الشرى ولا يحياة الشعوب٠تظل‏ فلسفة لا فى زهان ولا فىمكانءفلسفةيمكن 
نقلها من عصس الى عصير ٠‏ ومن بيئة الى بيئة » ومن جيل الى جيل ٠‏ لا موطن 
لها ولا مستقر » لا تقضى على طاغ ولا تقيم صرح دولة ٠‏ وهى مثل الفلسفات 
التى ننقلها نحن هذه الأيام من الغرب حتى نكون معاصرين ٠‏ نكسب بغض 
الشهرة »وترتزق منها »وذجد فيها مادة للتدريس كما نذجد البضائع المستوردة:: 


٠. 


ونضعها فى الكتب المقررة فى معاهدنا وجامعاتنا ٠‏ فالزهفان والحركة 


(1ه) 9-80 ترم رعتطرمعملئطم 18 عة ععتماأقتط'1 عل عتطممهه1لط ]1 
6 (مطنس7؟ا) عمستمظ رقماصوط 


35١١‏ -ه 


هما اللذان يعطيان الفكر البشرى قوته وحياته ٠‏ وهما قنواته التى تمد الذهن 
البشرى بخصوبته ونمائه ٠‏ 


ويشهد التاريخ على ذلك ٠‏ فمن أسباب موت الفلسفة فى العصير الوسيط 
أنها كانت فلسفات عقائدية لا تهتم بتطور التاريخ البشرى ولا بحياة الشعرب 
ولا بمراخله المختلفة » اقتصرت على صياغة فلسفات لا تاريخية ثلاثية القسمة: 
منطق وطبيديات والهيات دون أن يكون فيها تاريخيات أو انسانيات كأاقسام 
مستقلة غير ملحقة بالالهيات ٠‏ كانت العلاقة دين طرفى الحقيقة علاقة راسية 
بين الله والعالم » وليست علاقة آفقية بين الماضى والمستقبل أى الله فى التاريخ 
والخلود فى الزمان ٠‏ وقد ظهر نفس الشىء فى فلسفاتنا القديمة عند ابن سينا 
خاصة فى موسوعاته الفلسفية ٠‏ فكانت فلسفة بلا تاريخ وبلا وعى تاريخى , 
وبلا مراحل تاريخية ٠‏ وأقصى ما وصلت اليه هو ذكر حضارات السابقين 
وتراث الأمم السالفة وطبائعها دون صياغة مفهوم لتقدم التاريخ ومراحله ٠‏ 
كان التاريخ هو الرواية أى تاريخ الذبوة , أو تاريخ التشريع أى تاريخ 
الطبقات أو تاريخ الخلفاء أو تاريخ الملوك أو تاريخ السنين أو تاريخ الأعيان 
والأعلام » ولم يكن تاريخ الشوب وحركة الجماهير والوعى بالتاريخ (5/8) ٠‏ 


لقد ماتت الفلسفة أيضا فى الاتجاهين الصورى والمادى فى الوعى 
الأوروبى لأنهما أسقطا الزمان والتاريخ من الحساب ٠‏ وأكبر مثل على ذلك 
ديكارت ومالبرانئش وليبنتز ٠‏ فلم يظهر التاريخ فى فلسفتهم نظرا لأن العقل 
كان فى علاقة مباشرة مع اللانهاتى بلا تطور أو زمان ٠‏ ولم يند عن ذلك 
الا اسبينوزا فى « رسالة فى اللاهوت والسياسة » التى درس فيها نشأة دولة 
العبرانيين وسقوطها 2 وتطور الكتب المقدسة والعقيدة المسيحية والتاريخ 
المقدس ٠‏ بل ان البنيوية كوريث للعقلانية والصورية دراسة للموضوعات 
خارج التاريخ والزمان فتحولت الى تطبيقات فى العلوم الانسائية دون حركة 
تازيخ بالرغم من وجود التطور الزمنى 11010136 لأنه فى 
ذهاية الأمر لا يقدم الا صورا وقوالب هدورية وليس تاريخا بمعنى الوعى 


(08) انظر دراستنا : لماذأ غاب مبحث التاريخ فى تراثنا القديم ؟ فى « دراسات 
اسلامية ص 851١ 4١١‏ الشهرستانئ" : الملل والنحل الاجزاء ١الدّااثوالرايعوالخامس,2‏ 


ار 25 


بالتاريخ وحركة الشعوب ٠‏ كذلك الحال عند برنشفيج عندما كان التاريخ 
لديه هو تاريخ الرياضة والدساب دون الشعوب والمجتمعات ٠‏ كما ماتت 
الفلسفة فى المذاهب الحسية التجريبية الوضعية لأنها بدورها أسقطت التاريخ 
من الحساب ولم تدرك الواقع الا فى الحاضى بلا ماض أو مستقبل وكان 
الموضوع هو فتق فى التاريخ , ونتوء فى التطور . ٠‏ بل أن النظرية النسبية 
التى أدخلت الزمان كبعد رابع فى الواقع المادى حولته الى حسساب كمى 
رياضى خارج الوعى بالزمان وبالتالى خارج حركة التاريخ (05) ٠‏ 


وماتت الفلسفة فى أمريكا لأنها بلا تاريخ ٠‏ وليس لها جذور الا كامتداد 
للفاسفات الأوروبية واتجاهاتها المثالية والواقعية ٠‏ ماتت الفلسفة فى العالم 
الجديد لأنه بلا تاريخ » ودون وعى تاريخى » وليس له منظور تارويخى ٠‏ 
فالمذاهب الحسية والعملية والتدليلية كلها بلا تاريخ وبلا موضموع ٠‏ التاريخ 
والفلسفات المثالية مثل فلسفات هوكنج ورويس مثالية فردية بلا وعى 
بالتاريخ ٠‏ كما أن الفلسفات الشرقية القديمة لم تعن بموضوع التاريخ ٠‏ فقد 
طغى الكون على كل شىء ١‏ وابتلع الخلود الزمان وطواه فيه ٠ )6١(‏ 


وداتت الفلسفة لديذا لأنه ليس لدينا وعى بالتاريخ . ولا نعرف فى أى 
مرحلة من التاريخ نحن نعيش ؟ نقوم بأدوار أجيال مضت فتنشا الحركة 
السافية أى تقوم بأدوار أجيال قادمة فتنشا لدينا الاتجاهات الماركسية والعلمية 
والعلمانية ٠‏ أو لا تقوم بأى دور فى الحاضر فتنشا حالة اللامبالاة دون أن 
ذدرى أذنا فى مرحلة خروجمن التقاليد الى التحرر » ومن التراث الى التجديد: 
ومن الماضى الى الحاضر , وبالتالى يستلزم ذلك القيام بدور التذوير من أجل 
نهضة شاملة ٠‏ 


وباستثمارها رصيد الفكر الانسانى » وانجازات الروح البشرى ٠‏ وهنا تبدو 
أهمية أرسطو مؤّرخا وأولويته على سقراط وأفلاظون 2 فعن طريق أرسطو 
(59) اسبينوزا : رسامة فى اللاهوت والسياسة ص 5957 ٠ 47١‏ وأيضا : 
,217117 علتاوتأه مغطاهم عتطوموماتطم 18 ع0 معصواة معنا : عوتأكطءم نط8 .هآ 
,23115 
00 خطعنامطا" صوء سعصمة صا قمأخمعططناكء متدكة : «مأعساطعوط .لا 
0 خ8021 بجع[ 
1959 ,عاع20 بوع[28 ,11 ,1 10017101131 عط مضه 1700 عط" : ععنوم8 .ل 


ب "١7‏ هه 


بحعث التاريخ ٠‏ تاريخ الفكر اليونانى » فلم يكن أرسطى يبدا أية مشكلة دون 
عرض آراء السابقين عليه » وقبل أن يبدا برأيه الخاص ؛ فامكن رؤية جدلية 
الموضوع واحتمالاته المختلفة ٠‏ ولما كانت كتابة التاريخ نذيرا بنهاية مرحلة 
وبداية آأخرى كما هى الحال عند أرسطى وابن خلدون وتوينبئ » فقد كان 
أرسطى ينبىء بنهاية الفكر اليونانى ٠‏ وبفضل أوزب 808686 « فىتاريخ 
الكنيسة » فى القرن الثانى أمكن معرفة وعى الجماعة المسيحية الأولى وتطور 
العقائد وتدوين النصوص الدينية ٠‏ كما عرض أوغسسدطين فى القرن الرايع 
لتاريخ الندوة فى « مدينة الله » مبينا مراحل تقدم الوعى الانسانى واضعا 
بذلك أسس فلسفة التاريخ ٠‏ كما قام يواكيم الفيورى فى القرن الثانى عشر 
محولا التثليث , الأب والابن والروح القدس , من العلاقة الرأسية الى 'العلاقة 
الأفقية ٠‏ فوضع فلسفة لتاريخ الانسانية , مرحلة السلطة ومرحلة المعارضة 
ثم مرحلة استقلال الوعى الانسانى ٠‏ فخرج التاريخ من العقيدة والوعى من 
الروح ٠ )١١(‏ 


وقد حييت الفلسفة بشكل واضح فى العصور الحديثة خاصصة ابتداء من 
القرن الثامن عشر بعد اكتشاف فلسمفة التاريخ والوعى بالتاريخ ابتداء من 
فيكو وكوندرسيه وترجى وفولتير وروسوى حيث ارتبطت الفلسفة بالتاريخ 
وحين أصبح التاريخ موضبوع الفلسفة المفضل .2 وحين تحددت خصائص 
الفكر الفاسفى طبقا المرحلة التاريخية التى.يمر بها ٠‏ تحولت العناية الالهية 
الى قانؤن للتقدم ». وأصنبحت: الفلسفة هى المعبرة عن هذا التقدم 2 وقد ظهر 
ذلك بوضوح فى حركة التنوير فى األلمانيا عند لسنج وهردر وكانط.١٠‏ وقد 
ازدهرت الفلسفة بصورة أوضح عند هيجل ٠‏ فهو الذى فلسف التاريخ وأرخ 
الفلسفة ٠‏ وجل للفكر مسارا فى التاريخ 2 وجعل التاريخ تحققا للفكرة ٠‏ 
قوحد زين الفلسفة والتاريخ ٠‏ فالوعى تاريخ الوعى » والمنطق تاريخ المنطق , 
والفلسفة تاريخ الفلسفة , والجمال تاريخ الجمال ٠‏ والدين تاريخ الدين , 
والسياسة تاريخ السياسة 2 والتاريخ تاريخ الحضارات الدشرية ٠‏ كما ظهر 


1م كأضوط ,17 ,111 ,11 ,آ ,تاعلط ع3 016 هب[ : ملأقتاودس4 غصتوك 
اا | ,1206 
ههه ©ا8 10 كدناوأعتاع8 ,نحنقاة1 320 عكه21 02 طتتطء 102 ,ألق صو 2 

,8001:5208 طقلاموع1-ماعصف ,95-109 .2زم ,نم 1غ ت[امجاع8 


ذلك أدرضا عذد ماركس 0 وأهمية التحليل التاريضى للواقع الاجتماعى. 2 
الطبقى » (؟1١) ٠‏ 


وازدهرت الفلسفة أخيرا فى نهاية الوعى الأوروبى فى الفلسفة 
المعاصرة على يد هوسرل وبرجسون ودلتاى وفلاسفة الوعى التاريخى 
فالفينومينولوجيا اكتمال للوعى الأوروبى وتاريخ له فى نفس الوقت ٠‏ وقد 
فعل هوسرل ما فعله أرسطى من قبل فى نهاية الفلسفة اليونانية بعرضه لتطور 
الموضوع ثم اكتماله ٠‏ وتحتوى كثير من المؤلفات على عرض لجدلية الموضوع 
قبل بنائه » فالتاريخ جزء من الموضوع , والموضوع يعيش فى التاريخ له 
حياة فى الماضى والحاضر ٠‏ واكمال الموضوع فى الحاضر هى الذى يكشف 
عن ماضيه فى التاريخ ٠‏ وقد سمى برحجيبس ون ذلك «١‏ الحركة الارتدادية 
للحقيقى »ه 7181 011 ا" 71624 ©[ أو ترائى الحاضر فى 
6 لا8 ]1256861م 011 عع101128 16 ١‏ كما تحدثهوسرلعن الحركة الارتدادية 
التقدمية أو الحركة الخلفية الامامية للموضوع ٠‏ وبين ذلك فى أزمة العلوم 
الأرروبية ونشأة الهندسة و « الفلسفة الاولى » ٠‏ وقد ازدهرت الفلسفة أيضا 
عند الوجوديين بتحليلهم للتاريخ تغنه 1م1518 أى الوعى بالتاريخ أو 
التاريخ كبعد للوجود 'الانسانى كما هو الحال عند هيدجروميرلوبونتى وسارتر 
فى « نقد العقل الجدلى ٠»‏ وكان الوعى بالتاريخ قد تحول الى فسلفة كاملة 
عند دلتاى فى « فلسفة تصورات العالم » ٠‏ فالفلسفة روح العصير الذى. يظهر 
فى الوعى التاريخى 


وفى تراثنا القديم كان يمكن للفلسفة أن تزدهر من التفكير فى تار ييخ 
الفرق دون تكفير بعضها للبعض الاخر ٠‏ وتكفير الفرقة الناجية , فرقة أهل 
السنة والحذيث كل الفرق الأخرى ٠‏ فتاريخ الأمة هو تاريخ فكرها دون أآدافة 
وحكم بالمروق ٠‏ وكان للفلسفة أن تحيا بالتفكير فى تاريخ الأمم والحضارات 


؟١6)‏ انظر عرضا تفصليا لفلسفات التاريخ فى مقدمتنا لكتاب لسنع : تربية 

الجنس البشرى وأيضنا : 

عط :2011850 19608 ,عاعده 2 ببع[1 رووء7ع170م 04 1068 عط1 ؛ لإكاباظ ,8ل 

آآه قوع10 : طمواة .2.23 ,1971 005صمرآ ,ععلاعم ر,وعععمع0م 01 3ع10 
.9 ,ه1020 ,11 ,1 ,نكامأ قلط 


ب 73١98‏ هب 


وتاريخ الفرق غير الاسلامية هذا الجزء المجهول فى علم أصول الدين الذى 
ذكره علماء الكلام وهم بصدد الحديث عن صفة « الواحد » أى يصدب الحديث 
عن الحضارات البشرية السايقة على الاسلام مثل حضارات الهند وفارس 
والروم .٠‏ كما كان يمكن للفلسفة أن تزدهر لو خضل الاجتهاد ولم يتوقف 
المسلمون عنه ٠‏ وكان يمكن لها أن تزدهر أيضا لى استانفت تفكير ابن خلدون 
فى علم التاريخ . فى أسباب انهيار الامم والشعوب » وتزيد عليه أسباب نهضة 
الأهم وشروط البعث المضارى الجديد ٠‏ وقد بدأت: الارهاصات منذن القرن 
الماضى فى الفكر الاصلاحى والعلماني والسياسى كل بطريقته الخاصة دون 
أن تنش فلسفة أى أن يؤسس اتجاه أى يقام مذهب ٠‏ وهذا لا يعنى أن الفلسفة 
قد ماتت بل يعنئ أن ظروف حياتها مازالت تتهيا وأنها على مشارف ميلاد 
جديد (19) ٠‏ 


عاشرا : خاتمة :' 


لا كانت الفلسفة ليست معطى مسيقا أى هبة طبيعية للشعوب وعبقرية 
تتميز بها أمة عن غيرها بل كانت جزءا. من حركة التاريخ وحياة الأمم , 
تموت بموتها وتحيا بحياتها » ارتبطت بالوعى الفردى والاجتماعى والتاريخى 
فى كل أمة ٠‏ فالوعى الفردى وان كان يعير أيضا عن حركة التاريخ الا أن له 
استقلاله وحريته وقدرته على تجاوز المرحلة واحداث تقدم أسرع عن طريق 
العامة والقيادة ودفع التقدم الى خطوات أكبر وأسرع ٠‏ والوعئ: الجماعى 
المنظم قادر على احداث تغيرات كيفية من خلال ثورة الجماهير وحركتهما 
والعمل الجماعى: الهادف الواعى بقوانين التفير الاجتماعى ٠‏ والوعى بحركة 
التاريخ والموقف الحضارى للامة قادر على تحديد. مهمة الفلسفة ٠‏ وكيف 
تحيا من خلال هذا .الوعى التاريخى بالموقف الحضارى ٠.فبالتحليل‏ الموضوعى 
لحركة الوعى فى التاريخ تحيا الفلسقة ٠‏ 


--١‏ الموقف هن التراث القديم ٠‏ وذلك لأن التراث مازال هو المصدر 


(17) انظر دراستنا « لمأذا غاب مبحث التاريخ فى تراشنا القديم ؟ » فى دراسات 
اسلامية ص لحن 37 6ع ٠‏ 


"١5‏ ب 


الأول لفكرنا الفلسفى نجتره أو نرفضه أو نعيد بناءه طمقا لحاجات العصر ١‏ 
فكل تعامل مع التراث لأخد موقف منه هى فلسفة كما كان الحال فى عصر 
النهضة الأوروبى قبل أن يتحرر الوعى الأوروبى من أسر القديم ويتوجه نحو 
الجديد » ويسقط الأغلفة النظرية القديمة ٠‏ ويبنى مذاهب نظرية غيرها هى 
التى ناخذها الآن على أنها نماذج للفلسفة ٠‏ 


 *‏ الموقف من التراث الغربى ٠‏ وذاك لأن الغرب منذ عدة أجيال مازال 
يمثل بالنسية لنا مصدرا من مصادر المعرفة بالنقل والاستيعاب أو بالرفض 
والانكار أى بالتمثل والنقد الحضارى من أجل تحجيمة ورده الى حدودد 
الطبيعية حتى يمكن افساح المجال للابداع الحضارى للشعوب غير الأوروبية 
فكل تعامل مع الغرب هى فلسفة يهذا المعنى ٠‏ كان الحال كذلك فى عصس 
النهضة عندما بدا التعامل مع أرسطو عند الشراح المسلمين ٠‏ ونقد الرشدية 
اللاتينية ٠‏ وكان الحال كذلك أيضضا بتعامل الحضارة الاسلامية مع. الفلسفات 
الغازية. خاصة اليونانية ٠‏ 


٠‏ الموقف من الواقع الذى تعيشه الأمة ,. والتحليل المباشر له وأدراك 
مكوناته والتعرف على علل ظواهره ٠‏ فهو الغاية والهدف ٠‏ وهو الميدان 
الذى تتصارع فيه قوى القديم والجديد ٠‏ فكل تعامل مع الواقع المباشر هى 
فلسفة ٠‏ وكل رصبد لجركته ومعرفة لامكانياته جزء من عملية التفلسف ٠‏ 
فالواقع هو التاريخ والفلسفة فعل فى التاريخ , هكذا كان الحال أيضا فى 
عصر النهضة عندما تم اكتشاف الطبيعة.وقوانين البدن واعتبارها الممك لكل 
الموروث الحضارى القديم سواء من العصر الوسيط المسيجى أى من المنقول 
الاسلامى من خلال أنصار ابن رشد ٠‏ وهكذا كان الحال عندما نشات الفلسفة 
الاسلامية أولا. بالتعرف على حاجات الأمة. ومتطلبات العصر فنشات العلوم 
الفلسفية لتلدية هذه الحاجات وتحقيق هذه المتطلبات ٠‏ ويكون الخطا خطانا 
بتكرار النماذج القديمة بالرغم من تغير الظروف والحاجات (54) ٠‏ 


(14) انظر تحديد هذا المشروع الفلسفى تعبيرا عن الموقف الجدضارى والوعى 


للبحث والنشره القاهرة , م9اأا ٠‏ 


الموقف الحدضارى ٠‏ وتحيا الفلسفة عندما تنبثق عن الوعىبالتاريخ وتعبر عن 
الموقف الحضارى ٠‏ ومن ثم كان فجر النهضة الحديثة بداية للتفلسف حتى 
وان لم يبلغ القدر الكافى من الطرح النظرى ومن الاحكام الفلسفى فتلك مهمة 
عدة أجيال 2 ويكون الفيلسوف هى الذى يتصدى لهذه الشعب الثلاث فى 
وعينا القومى ٠‏ الفيلسؤف هو صاحب هذا الموقف الحضارى الذى يعبر عن 
الوعى بالتاريخ ٠‏ الأفغانى والطهطاوى وشميل فلاسفة بهذا المعنى كما كان 
اراسم ومونتى وتوماس مور فلاسقة قبل ظهور الفكر المنهجى وبدايات الفلسفة 
عند ديكارت وبيكون قبل ان تبنى المذاهب الفلسفية التى نعنيها بقولنا ٠‏ هل 
ماتت الفلسفة ؟ سؤال قد يكشف عن الاحساس بالدونية أى عن احتقار للذات 
أمام الغرب أى ينم عن ياس دفين وحسرة بالغة الأدب على الواقع ٠‏ ولكنه 
سوال اذا وضع فى الزمان وفى التاريخ قد يبعث على الأمل ويدفع الى 
الاعتزاز بالنفس والثقة بالروح ٠‏ 


الصراع بدن الكليات الجامعية عند كانط 


دراسة فى حرية البحث العلمى 


أولا : نشاة الجامعات فى أوريا : 


منذ نشأة الجامعات فى أوروبا فى القرن الثانى عشر الميلادى ٠‏ تطرق 
الفلاسفة الى موضوع الجامعة 2 خاصة فيما يتعلق يحرية البحث العلمى » 
أى بدورها فى المجتمع . وتحقيق الأهداف القومية لليلاد » وليس هنسالك 
فيلسوف الا تطرق للبدث العلمى مذهجا ودوضوعا + أى معهدا ومؤسسة ٠‏ 
لقد أنشا أفلاطون «١‏ الأكاديمية » . وأسس أرسسطوى « اللقيوم » , بينما أثر 
سقراط التعليم فى الأسواق ٠‏ كما رفض أوغسطين مناهج التعليم فى عصره, 
وآثر استمداد علمه من تجاربه الذاتية ٠‏ وقد ظهر فكر « المعلم الملاتكى » توما 
الاكرينى من تدريسه فى نابلى ٠‏ مثل فكر أستاذه ألبير الكبير ٠‏ ومذذ بداية 
العصور الحديثة وموضوع الجامعات يثار على أوسع نطاق حتى. ثورات 
الشباب عام ٠ ١518‏ وتحديد ماركوز لدور اللطبة فى قيادة حركة التغير 
الاجتماعى » يعدما حدده ماركس فى العمال » وماوتمى تونج فى الفلاحين ٠‏ 


واذا كان ديكارت هو الذى بدا العصور الحديثة بنقد عقم التعليم فى 
المدارس القائمة , فان كانط فى القرن الثامن عشى هى الذى حول ذلك الى 
موضوع مسيتقل » وكتب فيه مؤلفه الشهير « الصراع بين الكليات » » بين كلية 
الفلسفة من ناحية وكليات اللاهوت والقانون والطب من ناحية أخرى » واضعا 
يذلك مشكلة الحريات الأكاديمية ودور الجامعات فى البحصث عن الحقيقة : 
وأزمة هذا البحث بين سلطة الحكومة وتربية الجماهير ٠‏ ثم جاء أساتذة 
الجامعات الألمان 2 الكانطيون فى القرن التاسع عشر , وسساهموا فى خلق 
ثقافة وطنية 0 الأيديولوجية الألمانية » وحددوا دورهم فى تربية الؤعى 
القوهمى: خاصة فشته » ومقاومة المحتل ٠‏ بل وتحقيق الأهداف القومية ' فى 





نشر هذا البحث فى « الفكر العربى » التى تصدس عن مههد الائماء العريى غى 
تيروت » العدد العشرون , السنة الثالكة , ابريل ٠ ١58١‏ 


ى 555 بت 


لون ك5 


الاستقلال والوحدة والاشتراكية خاصة » فكانت الجامعات الأماذية قلب 
الآأمة . وعقلها . ومنطلق قواها ٠‏ ثم جاء دور الجامعات ومراكز البحث 
العلمى فى القرن العشرين ٠‏ فى اعداد البحوث ٠‏ وتجهيز المعلومات لمراكن 
اتخان القرارات فى الدولة » أو للقيام بالصناعات الحربية أى المدنية » وتمويل 
الشركات الكبرى ؛ أو مراكز الاستخبارات » لمعظم مشروعات البحوث ٠‏ بطريقة 
مباشرة أو غير مباشرة , كما هى الحال فى أميركا حاليا ٠‏ ثم ثار الطلاب 
والمثقفون ورجال البدث العامى على هذا الدور . وآثروا اتخاذ موقف نقدى 
من المجتمع الصناعى المتقدم » ووضع الحقيقة والتعبير عنها فيه . مما جعل 
دور الجامعات فى أوروبا أقرب الى دور الجامعات الجديد الذى كان صيدى 
لتجارب البلاد النامية التى حاريت الاستعمار دفاعا عن استقلالها الوطنى , 
وهذا الدور الجديد هو قيادة العمل الوطنى ٠‏ وقيادة الثورة الوطنية . كما 
كانت الحال فى الجامعات المصرية منذ نشاتها , وكما كانت الحال. ابان قيادة 
الثورة الاسلامية الكدرى فى ايران , وانطلاقها من جامعة طهران ٠‏ 


وقد اتربطت نشأة الجامعات فى أوربا بالفلسفة الاسلامية وبمناهج 
التعليم فى الشرق الاسلامى , فخرجت العلوم والمعارف من الكنائس والأديرة 
الى المدارس والجامعات , وحمل العلم لا رجال الدين ( آباء الكنيسةء 
والقساوسة , والرهبان ) فقط . بل أيضا ترجال الثقافة وأساتذة الجامعات: 
فانتقل العلم هن الدين الى الدنيا . ومن علوم الغايات الى علوم الوسائل ٠‏ 
ودعد الحجروب الصليبية , واثر القوافل التجارية 2 وعبر اسيانيا وجنوب 
ايطالديا و القسطنطينية 2 تعرفت أوروبا على نماذج جديدة للعلم ٠‏ موضوعا 
ومنهجا وطرقا للتدريس ؛ فقد اعتمدت الفلسفة الاسلامية على منهج الحوار , 
والجدل ٠»‏ والمناقشة ٠‏ والاقناع , والبرهان ٠‏ كما بحثت فى كل شىء ولم تعد 
هذاك أسرار الهية أو محرمات دينية يؤمن بها العقل ويسلم بها الانسان دون 
برهان ٠‏ كان العقل والايمان شيئًا واحدا » والفلسفة والدين حكمة واحدة ؛ 
فلا سلطان الا للعقل وحده ٠‏ وهو مقياس الايمان الصحيح ٠‏ ولقد انتشر هذا 
النموذج الاسلامى الجديد فى الغرب لدرجة أن الفيلشؤف المسسلم أضبيح 
النموذج الاسلامى الجديد , فى مقايل اللاهوتى المسيحى واللاهوتى اليهودى, 
كما عرض ذلك أبيلار فى كتابه المشهور « حوار بين يهودى وفيلسوف 
ومسيحى » ٠‏ وتحول النموذج الاسلامى الى الحقيقة ذاتها فى الوعى 
الأوروبى ٠‏ وأصبح مرادفا لها غلى نحو لاشعورى ٠‏ ومن ثم اتم اتهام 
الفلاسفة العقليين فى أواخر العصر الوسيط وبدايات العصور الحديثة بالالحاد 


2 


والخروج عن الدين ٠‏ وأنهم تلاميذ المسلمين ٠‏ وددأت حركة رد فعل لتدويل 
المسلمين عن دينهم » داستعمال قواعد التجسدل والمنطق الجديد 2 كما كان 
الحال. عند ريمون الليلى ٠‏ ومع ذلك , بدا الصراع فى الغرب بين العقل والعلم 
من ناحية » وبين اللاهوت والنظم السياسية من ناحية أخرى ٠‏ أى دين النموذج 


3 


الاسلامى والسلطتين الدينية والسياسية فى الغرب ٠‏ وقد انتصر النموذج 
الاسيلامى فى القياية :با مرهم من عحماكم التفتيش. واضتطهاد 'العلماء »بو احراق 
جيوردانى برونى ٠‏ وسجن جاليليو. » حتى انتصر العلم فى عصر النهضة ٠‏ 
والعقل فى القرن. السابع عشر ٠‏ والثورة الاشتراكية الانسانية فى القرن 
الكايق: عفن اذ مهانة البادنية الخلاكة: "الحوية عكر الأهاء ::والسمها اه 7 
وأصبحت الحضارة الأوروبية كلها ترتكز على العلم والعقل فى القرن التاسع 
عشر » قبل أن تستغل ذلك كله من أجل الاستعمار . والسيطرة. » وذهب ثروات 
الشعوب غير الأوروبية ٠‏ وتبدا أزمة القرن العشرين فى الغرب : أزمة القيم, 
وأزقة الاوك وائكة الطاقة ومن نودوى: © فريما سان القموة ع الاسلامي هن 
حديد فارضبا نفسه على الغرب , كما فعل أول الأمر فى بدأيات العصور 
الحديثة ٠‏ فيجد الغرب فيه خلاصسة من أزمته 2 وهى فى نهايات دورته 


لم تكن الجامعة تعنى فى العصر الوسديط فى أورودا كليات عديدة فى 
مكان واحد ٠»‏ بل كاذت مجموعة من الكليات فى أماكن متفرقة : وهذه الحالة 
مازالت سدائدة حتى الآن ٠وكانت‏ تشير الى الأبذية والطلاب والأساتذة والديأة 
الجامعية» بما فيها منْتةاليدواءراف ٠وهذا‏ مايدلعليه لفظ (عم]ذه«عط7]) 
أى ما بشمل ودبضدم وديجمع 2 1-7 0 الجامع «( فى تراثنا الإسلامى ٠‏ دين دشير 
الى ها يجمع الناس فى مكان واحد ٠‏ لهدفٍ واحد , اذلك كانت جامعاتنا 
القديعة فى جوامعنا ,2 ولم تنفصل الجامعات عن الجوامع الا بعد أن تخلينا 
عن نمو نجنا الاسلامى وتقليدنا النموذج الغريى الحديث الذى ورث نموذحنا 
الاسلامى القددم دعد « علمذته » 2 نظرا ا أصاب الوعى الأوروبى الحديث 
من عقدة نقص تجاه كل ما هى « دينى » اثر طبيعة المعطى الدينى الذى كان 
لديه . وتعامله معه ٠‏ والظروف التى أحاطت بتطور هذ! المعطى الدينى 2 
دورة اأوعى الأوروبى عليها ورفضها الى الأرد » دون ما رجعة الى الوراء 
تحت أى ظرف 2 ولأى عدب 5 كان هناك الحرم الجامحمى العام أو الرسمى الذى 

( دراسات فلسفية ) 


ا ل 


يضم الكئيسة والمدتية ومحجور الحياة الجامعية 8 وكان مامفهولا بالطلاب 
والأساتذة » ثم الحرم الجامعى الخاص الذى تشغله بعض الكليات المتفرقة ' 
وصلتهما كصلة القلب بالأطراف ٠»‏ وشق التصور الشائكمع فى العقصر الوسيط ٠‏ 


كانت جامعة بولونيا هى أول جامعة بالمعنى الدديث ٠‏ وكانت أقرب الى 
مركز للدراسات القانونية » لأن كلية اللاهؤت , ككلية نظامية » لم تنشا فيها 
الا فى عهد اليابا انوسئث السادس (71آ أخطءء20د1) عام ؟0؟١١‏ م٠‏ 
ولكن جامعة باريس بعد انشائها » وضنمها للعلوم الفلسفية فى القرن الثالث 
عشر ٠»‏ تفوقت على جامعة بولونيا السابقة عليها . كما تفوقت على جامعة 
أكسفورد اللاحقة لها ٠‏ وأصبحت جامعة باريس مركن المينساةة الدننية 
والفلسفية فى الغرب ٠‏ وقد ساعد على ذلك ازدهار الديئة .الثقافية فى المدارس 
العليا فى القرن الثانى عشر , اثر تعاليم الفكتوريين ( ريتشارد وهيوج سان 
فكتور ) 2 وكذلك دروس أساتذة عظام ( مثلا أبيلار ) الذين بلغت شهرتهم 
حد استقطاب عديد من الطلاب من ايطاليا والمانيا وانجلترا ٠‏ وقد تجمءت 
هذه المدارس كلها فى « جزيرة المدينة » (01]6 18 06 11) ٠‏ وعلى سفوح 
تل « سان جانفيف » ٠‏ ثم شعر الطلاب والأساتذة بضرورة الوحدة فدما بيذهم 
درءا المخاطر التى تهددهم من بقايا السلطتين الدينية والسياسية » ودفاعا 
عن مصالحهم المشتركة فى ضرورة البحث عن الحقيقة ,» وتأسيس العلوم 
الجديدة ٠‏ وقد سعت هاتان السلطتان اثر ظهور هذا الخطر الجديد الى 
مخاطبة وده ؛ من أجل الالتفاف حوله » دون الدخول فى مواجهة علنية معه , 
واستطاعنا التوفيق بين مصلحتيهها ومصلحة الجامعات الجديدة الناشئة ٠‏ 
وكان يمثل هاتين السلطتين ملوك فرنسا والبابوات ٠‏ وقد سعد ملوك فرذئسا 
بهذا الطوفان الجارف من الطلاب من جميع أنحاء أوروبا الى مقاطعاتهم 
لتعلم العلوم والفنون والآداب بمختلف أنواعها ٠‏ لقد ازدهرت عواصمهم , 
كما زادت قوتهم وسطوتهم خارج البلاد 2 من خلال الطلاب الأجانب الذين 
تعلموا فى بلادهم , ثم غادورها الى مواطنهم الأصلية » ينشرون الثقافات 
التى تعلموها ويدينون ببعض الولاء الى أماكن دراستهم ويحنون اليها , 
الأمر الذى مازال سائدا حتى الآن » حتى خاقت طبقة من المثقفين المستغردين 
حاملى الثقافات الأجندية التى تعلموها فى وقت كان الشعور الوطنى فيه 
متواريا وراء الشعور الدينى ٠‏ وأعظم دليسل على ذلك شهادة يوحنا 
السالزبوري وغيره من فلاسفة العصى الوسيط على هذا الاعجاب الشديد 


را 5 


الذى تحظى به فرئنسا , عادات وتقاليد وأخلاقا وعمرانا , لدى الطسلاب 
الأجانب : وما ذعموا به من لذة الحياة ٠‏ وما شاهدوه من النعسمم المادية 
والروحية ٠‏ كان من الطبيعى اذن أن يقوم ملوك فرنسا بحماية الصلاب 
الفرنسيين والأجانب ضد أى مخاطر تهددهم من الداخل أو الخارج » ما دام 
الرصيد فى نهاية الأمر راجعا اليهم ٠‏ ولكى يزدهر الحرم الجامعى الباريسى, 
كان لابد من تامين الطلاب » وتوفير أسباب الراحة والهدوء لديهم » وحمايتهم 
من الاستغلال الفكرى والمعنوى » وصياغة اللوائح التنظيمية لهذا الغرض ٠‏ 


ولكن يبدى أن هذه النظم التى فرضها ملوك فرنسا والظروف المساعدة 
على ذلك ام تكن الا عاملا ثانويا لنشأة الجامعات وازدهارها , ممثلة فى 
جامعة باريس لأن المؤسس الحقيقى لها كان انوسنت الثالث ٠‏ ثم جريجوار 
التاسم ٠‏ ومع أن الجامعة نشات دون تدخل البابا » الا أنه لا يمكسن فهم 
دورها القيادى الخاص دين جامعات العصر الوسيط دون أن نأاخذ فى 
الاعتدار التدخل الفعال والمداشر للبايا والمقاصد الدينية التى حددها لها ٠‏ 
ومع أن الجامعة هى المكان الذى يجتمع فيه الطلاب والأساتذة لدراسة بعض 
العلوم حبا فى العلم ٠‏ الا أن هذا المثل الأعلى المجرد لم يكن يخلى من بعض 
المذافع العملية التى لا تعارض حب الاستطلاع وطلب العلم لذاته ٠‏ لذالك 
ضمت الجامعات المعارف النظرية الشاملة لتوسيع المدارك الانشسانية 
والتخصصات العلمية الدقيقة لتحقيق بعض النفع فى الحياة اليومية ٠‏ 


ولكن جامعة باريس فى القرن الثالمث عشر كان يتنازعها هذان التياران 
المتعارضان : الأول يريد أن يجعلها مركزا علميا محايدا منزها عن الأغراض, 
والثانى يويد. استخدام العلوم والمعارف من أجل اثبات أهداف ومقاصصد دينية, 
ويجعل الجامعة ساطة عقلية ودينية فى آن واحد ٠‏ ويمكن ملاحظة هذين 
التيارين من قراءة لائحة جامعة باريس » يتحدان مرة » ويتصارعان مرة 
أخرى ؛ فمثلا , لم تكن دراسة الطب رائجة فى جامعة باريس فى القرن الثالث 
عشر ٠‏ على عكس بعض الجامعات الفرنسية فى جذوب فرئسا فيما يعد , 
دحت تأثير الطب الاسلامى وامتداده من الأندلس ٠‏ ولكن كانت دراسة القانون 
على العكس رائجة تحظى باهتمام عديد من الطلاب ٠‏ وكانت هذه الجامعات 
تدرس القانون الرومانى كاأساس للمجتمع المدنى المستقل الذى لا يعتمد الا 


- 3524 - 


على ذاته ٠‏ ذم أتث الكنيسة » ومنعءت هذه الدراسة » وأصرت على تدريس 


٠ القانون”الكسى‎ 


أما فيما يتعلق بتدريس الفلسفة , فمنذ أن انتشرت الفنون القلاثة 
الشيوورة ذي: العسنل الوسيط © «البلاقة و القدق والطق معان“ النددل” الى 
مكانذته الأولى 2 وشخف به معظم الأساتذة » رافضين الدخول فى موضوعات 
اللاهوت: ٠‏ ولقد ظل ابيلار :نفسه كدة :طودلة حدليا. * ومنت ١اكتضاف‏ مؤلقات 
ارسقلو غيل انجاكذة الفدوة" التهز 3 البااقة م والتدوى و الفطى. و لهسا 
والهذدسة » والموسيقى , والفلك ) على سلطة أكبر هما كان لديهم فى القرن 
الثانى عشي * فقن طبق أساتذة الجدل مناهجهم من منطق وفيزيقا وميتافيزيقا 
ارسظى ؛ كو أعدمانة غلسرة أشرى 1ةلكظال العول شارغا عقين له مستفهل 
فى موضوعات اللاهوت التى ترفض: يطبيعتها أن تخضع لقوانين الجدل ٠‏ 
دم .طالب الأسائذة ذيما بغد بتطبيق مناهج الجدل فى علوم وضعية أخرى ‏ , 
لها مضمون واقعى ٠‏ ولكن .ظل التيار الغالب على الأساتذة فى كليات الآداب 
فى باريس أثناء القرن الثالثعشر كله هو تدريس المنطق والفيزيقا وميتافيزيقا 
أرسطى دون الاهتمام بأى علوم أخرى أو حتى باللاهم وت ٠‏ وكانت 
د الرشزية + الباريسية تمثل هذا الكيان :+ 


أما فيمًا يتعلق بتدريسن اللاهوت » فقد زاد الاهتمام بكلية اللاهوت , 
وؤاذك اامديتهاء “حتن لفك على 'كلية الآذاب + وفافكيا فى الأففية -- وفديا 
ايهنا ظيرت: الاتجاهات الجديدة فى مؤاجية التراق 'التقليدى: السنائك. الذئ 
ذا و#قع زع © قدنة لفون ا وخسطين وهم الشافاة سان "فركترى» كان الادفوة 
أوغسطيذيا :فى جوهره + دون رفض جدل أرسطى ٠‏ ان لم يقدم أرسطى الى 
هذا اللاهوت الا .طرق العرض: والشزح ٠‏ ولم يكن لدى طلبة جامعة باريس 
وأسائذتها ؤخريجها أى رغنة فى تغيير هذا التراث الشائع » لدرجة أنه حتئ 
الانتضازن النهائى التوماوية الأرسطية.. كان أشهر الأساتذة ٠.‏ مثل : 
الاسكندر الهالى . والقديس بؤنا فنتير . وأساقفة باريس ( مثل : وليم . 
الأوقرنى + وأتين تجييه ) أوغسبطيذيين ٠‏ وكانت عبقرية البير الكبير وتوما 
الاكوينىي. وسدب انتصارهما. الذهائكى التوفيق بين هذين التيارين المتعارضين 
فى .جامعة باريس ١لقد‏ اعطيا الشرعية لكل المضمون الوضعى الذى أثرىالفذون 
الخرة السبعة » وفى الوقت نفسه أعاد! تنظيم اللاهوت القديم على أسس 
أككن رستوخا مننا كان عليه : 


د 35:96 ب 


ومنذ أن بدات جامعة باريس فى تدريس اللاهوت لم تعد صاحبة 
الكلمة الأخيرة فيه » وخضعت لتشريع آخر أعلى من العقل الفردى والتراث 
المدرسى ٠‏ ونظرا لأهميتها وازدياد عدد أساتذتها وطلابها من كل أرجاء العالم 
المسديحى أصبحت مشرعة للخطة والصواب فى مجال العقيدة اكل المسيديين 
كما كان حال الأزهر فى مضر ٠‏ وهذا! ما أدركه البابوات » وحاولوا الاستفادة 
منه فى سياساتهم الجامعية ؛ فلم تكن جامعة باريس فى نظر انوسنت الثااث 
أو جريجوار التاسع الا أكثر الوسائل التى تمتلكها الكنيسة فاعاية لنشىر 
الحقيقة الدينية فى كل أرجاء العالم المسيحى أو أكثر الوسائل خطورة 
لدس السم القاتل فى قلوب المسيحيين ٠‏ كان انوسنت أول هن أراد أن يجعل 
من هذه الجامعة راعية للحقيقة المسيحية كما تتصورها الكنيسة . وأن يدول 
مركز البحث هذا الى هيئة لها هيكلها . وووظيفتها . ومكانتها , لتحقيق هذا 
الغرض » فالجامعة قوة روحية وخلقية » وليست فرنسية » أو باريسية ٠‏ بل 
مسيدية كنسية 2 وجزءا من الكنئيسة ,. كما كان كهنوت روما جزءا من 
الاميراطورية الروماذية ٠‏ والحقيقة ان الذمسك بالجامعة كان تعويضا عن 
انهيار البابوية والامبراطورية معا ٠‏ وقد وضسيع انوسنت الثالث بعض 
التكتريعاف لحفاية الجاضعة ين الأخظاء التى كتفنورها القنيسة + منت كانه 
رودير دى كورسون (1هج201) 06 74ع80) عام ١١؟١‏ م من تدريس الفيزيقا 
والميتافيزيقا لأرسطى ٠‏ كما أيد اونوريوس القالث (1]11 عنتطتمصم2) 
استقرار الدومنيكان والفرذسيسكان فى باريس » وأوصى بادخالهما الى 
الجامعة عام ١٠؟١‏ م ٠‏ وأدخل جريجوار التاسع الدراسات العلمية واللاهوتية 
فى النظام الفرنسيسكانى ٠‏ وأسس نظام « المساكين 2 (فغصهأقصع]3) 
من أجل توظيف دراساتهم لخدمة اللاهوت , وهو العلم الذى يحمل الحقيقة 
المسيحية للعاللم كله ٠‏ لقد كان اللاهوت يسود كل العلوم . وله السسلطان 
عليها » من آجل توجيهها التوجيه الصحيح ٠‏ بعيدا عن الأخطاء التى يقع 
فيه يعمج مدعين: الفلسيفة الذيخ سكون اليو بويقها ووو الدديف القن وضيهها 
آباء الكنيسة . ويدرسون الفلسفة الوثنية » ويعتيرونها وسيلة لتفسير الكتاب 
المقدضس + وهو الكتاب: الذى ظو اه الآباء. » واصبح من الكفن أعادة فتحه كن 
جديد ٠‏ فمن الطبيعى أن تسيطر الروح على الجسد , كما يسيطر اللاهوت 
على الفلسفة ٠‏ ويذكرنا هذا بموقف بعض الفقهاء المسامين من الفلسفة ,2 
مثل ابن الصلاح فى فتواه المشهورة ٠‏ 


ولكن جامعة أكسقورد ك5أنت أحسدن حالا من جامعة باريس ٠‏ قود دم 


ضير 5 


تأديسها بعد أن منع الطلبة الانجليز » لأسباب سياسية » من الذهاب الى 
باريس ٠‏ كان أساتذتها أيضا أوغسطينيين ٠‏ ولهم ميل خاص الى الأفلاطونية 
والرياضة والعلوم الوضعية فى الفلسفة ٠‏ ونظرا لانعزالها وعدم اهتمام 
البابوات بها لم تغزها الارسطية التوماوية والاثجاه التقليدى فى الفلسفة 
بسرعة + كما كانت الحال فى جامعة باريس ٠‏ كان لأكسه_سفورد طايعها 


الخسياضص وأصمالتها يعدا عن جح دل أرس.طو ومنطقف»؛ 0 وكان 





اهتمامها يرجع الى أثر الفلس-فة الاس_لامية التى جعات الء سس سكم 
جزءا منها » وليس مضاد! لها ٠‏ وكان التعامل مع اللاهوت يتم بطريقة أكثر 
حرية ومرونة دون أن يكون له ذفع مادى عاجل لصالح فريق دون فريق أو 
مؤسسة على مؤسسة أخرى ٠‏ اهتمت أكسفورد بالعنصر التجريبى ٠‏ وليس 
بالجانب الجدلى المثطقى الميتافيزيقى كما كان الحال فى جامعة باريس ٠‏ 
كانت أكسفورد تتبع العلوم الطبيعية عند الحسن بن الهيثم أكش من تبعيتها 
لأرسطو ٠‏ وكان اهتمامها مركزا على الرباعى : ( الحساب » والهندسة 2 
والموسيقى ٠»‏ والفلك ) ٠‏ أكثر.من اهتمامها بالثلاثى : ( النحو ٠»‏ والبلاغة , 
والمنطق ) الذى كان سائدا فى جامعة باريس ٠‏ لذلك ظهرت التجربة عند وليم 
الأوكامى فى القرن الرابع عشر اتهز التوماوية الأرسطية وليتحول التيار 
التدريبى الى أحد الهدناصر المميزة للفلسفة الانجليزية حتى الآن ٠‏ وكان 
هناك منهجان سائدان التدريس فى كل جامعات العصر الوسيط : الدرس ,2 
والمناقشة ؛ فالدرس محاضرة وشرح ذص من أعمال أرسطو فى كلية الفنون 
الحرة ( الآداب ) » أو نص من التورأة » أى من « حكم » بطرس اللومياردى 
فى كلية اللاهوت ٠‏ ومن الدرس والشرح خرجث معظم الأعمال الشارحة فى 
العصر الوسيط محتوية على أصالة متخفية فى ثنايا النص المشروح ٠‏ أما 
المذاقشة » فكانت ذوعا من الجدل تحت اشراف سداتذة عديدين » يبدا باثارة 
المسالة » ثم ايراد الدلول المختلفة » بالاعتماد على الحجج والدجج المضادة ٠‏ 
وبعد عدة أيام يقوم الأستان بجمع الحجج المؤيدة والماحرضة ؛ ويعطى الحل ٠‏ 
وكاذت المناقشة فى آخر كل أسبوع أو أسبوعين » ويختار الأستان الموضوعات 
ومن هذا جاء هذا النوع من التأليف بعنوان : « المسائل المانازع عليها » 

6 01016881028 فى الوصر الوسيط ٠‏ وكانت بعض المناقشات 
المهمة تعقد مرة واحدة أى مرتين فى السنة , فى عيد الفصح وعيد الميلاد ٠‏ 
ومذها خرج أدضا نوع آخر من التأليف فى العصر الوس يط كان يسسعى 
« الماشائيات » ”01100110662165 0106881005“ , مثل بعض مؤلفات توما 


د 57” اب 


الأكورينى ووليم الأوفرنى ٠‏ كما كانت كل أعمال توما الأكوينى باستثناء 
« الرد على الأمم » حصيلة هذه الدروس ٠‏ وكذلك كانت أعمال القديس 
بونافنتير » ودنزسكوت » ووليم الأوكامى » حصيلة شروحهم كتاب « الحكم » 
ليطرس اللومباردى ' 


هذه هى الخلفية التاريذية التى منها سيثير كانط مسالة حرية البحث 
العامى 2 محاولا حل أزمته فى صراعه دين السلطات السداسدية والسلطات 
الدينية » ومحاولا ايجاد مخرج للفدص الفلسفى الحر » هن أجل تريية الشعب» 
ودون الخروج على نظام الدولة ٠ )١(‏ 


ثاذيا : الدمراع بين الكليات الجامعية عند كائط : 


كتب كائط ( ١/74‏ ب 1805 ) م صراع الكليات » , عام ١1/94‏ ؛ وعمره 
أربعة وسبعون عاما , وكان آخر ما كتبه ونشره باسمه بنفسه ٠‏ ويتضح فيه 
اخلاص كانط الشديد للميادىء العامة للفلسفة النقدية التى ظل طيلة حياته 
يؤسسها ٠‏ وقد كانت هناك ظروف معينة دفعته لذلك , أذ عندما توفى فردريك 
الثانى ملك بروسيا الذى كان من أنصار المفكرين الأدرار » حدث رد فعل 
على فلسفة التنوير فى المانيا ٠‏ وتحت تأثير الوزير يوحنا كرستوف فولتر 
18٠0 7 17‏ ) اتخذ الملك الجديد فردريك وليم الثانى اجراءات قهرية 
للدفاع عن السلفية ( الأورثوذكسية ) الدينية » منذ هجمات التنوير عليها , 
على يد لسنج ٠‏ وصدر قرمان الدين فى ١788/1٠/5‏ » يمنع أى نقد ضسد 
الدين القائم ٠‏ ثم صدر قانون آخر فى 1788/١7/١5‏ , يكمل الفرمان الأول 
ضد حرية الصحافة ٠‏ ثم تأسست لجنة الرقابة على المطبوعات عام ٠ ١897‏ 


وبعد أن نشر كانط « نقد العقل العملى » عام ١1/84‏ , أصبح موضع 
شبهة من جديد , ففى ١7475//١5‏ , منعت الرقابة نشر الجزء الثانى من 
« الدين فى جدود العقل البسيط » ٠‏ ومع ذلك نشره كانط كله عام ١751‏ ؛ 
مما دفع الملك الى أن يرسل له خطابا يعنقه فيه فى ١745/١١/١‏ 2 نشره 
كانط فى مقدمة « صراع الكليات » ٠‏ وقد صمت كانط على الأقل خارجيا 
انصياعا لأوامر الملك , ولكنه حافظ سرا على آرائه ٠‏ ولم يتنازل عنها ٠‏ وكان 





لله ,233:01 : وأموط) ,عع شعدع14017 ناه عتطمه0ق010ط هرا ,دمو لزة .ثثا 
390-99 .ررم ,(1962 


558 


قد عزم على -استئناف نشاطه الفلسفى بعد موت الماك ٠.‏ وقد كانت الرقاية 
هى السيب فى تأر نش « صراع الكليات » الذى يقوم كله على فكرة « حرية 
الضهير » ٠‏ كتب الجزء الأول فى أواخن عام ١795‏ , والثانى قبل نهاية عام 
٠ ١7 /‏ وقد دون الجزء الثالث أخيرا بمناسية مشر هوفلاند (811111820) 
كتادا يعنوان « فن اطالة الحداة «( الذى ظهر أولا فى مجلة 0 الطب العملى «( 
عام 71517 ٠‏ هذا التفاوت فى الزمان فى نشن المحاولاث الثلاث سمح لكانط 
بادراك الوحدة الداخلية بينها ؛ مما جعله يقرر اعادة كتايتها من جديد بجرة 
قلم واحدة 1 ومعذ لاعظات المخاولات مذككة 0 تنقصها الوحدة 2 غير متساوية 
الأجزاء 7 ومتفاوتة الأهمية 2« فييئما دلغت المحاولة الأولى 0 الصراع دين ذاية 
الفاسفة وكلية اللاهوت » حوالى ثلذى الكتاب , وبالتالمى كانت أهمها على 
فى صلب الموضوع » الا أن المحاولة الثاذية « الصراع بين كلية الفلسفة وكلية 
الحقرق ») قدرس موضوع التقدم 2 وموس مدوضسسوع الحق أو القانون أو 
التشريع ٠‏ والمحاولة الثالثة عن « الصراع بين كلية الفلسفة وكلية الطب » 
لا تحتوى على الى مظهر من مظاهر الصراع ( ودعدتمد على تجارب شخصية 0 
وليس على وضدع موضوعات علمية ." ولا يرجم السيب فى ناك كما يقول 
كونوفشر الى ضددف القوى الذهنية لكانط لكبر سئه بل الى الظروف التى 
كتيت فيها المحاولات نفسها' ٠‏ 1 


يظن بعضهم ٠‏ مثل الشاعر هينه-. (©6ضزذه2) أن العمل الاساسى 
لكانط هو « العقل الخالضن » وأن أعماله الأخرى مج ترد اذضنافات زائدة 
عليه » ووصف ذقد العقل العملى » يأنه مجرد اضحوكة ! وهذا غير ضديح 
على الاطلاق لأن فلسفة كانط أساسا هى فلسدفة ارادة وحرية ,2 وان « نقد 
العقل الخالص » ما هو الا مقدمة لافساح المجال لكتابه الثانى « نقد العقل 
العملى » ٠‏ وكما قال كاذط نفسه فى مقدمة الطبيعة الثاذية لكتاب « نقد العقل 
الخالص » : كان لزاما على هدم المعرفة لافساح المجال للادمان ٠‏ ان الشك 
فى الظواهر عند كانط » كما هى الحال عند ديكارت ويسكال . مجرد وسيلة 
لا غاية » وليس وسيلة للاستسلام والتنازل عن الحقيقة , بل لاثبات الاستقلال 
الذاتى الداخلى فى المعرفة والأخلاق للعقل والارادة فى الذظر وفى العمل ٠‏ 
وهذا لا يمنع وجود فاسفتين متعارضتين لكانط : العقلانية ( كما هى الحال 
فى المقولات من ناحية ) , والقانون الخلقى والنزعة الارادية من ناحية أخرى ٠‏ 


كه 


واذا أخذنا نظرية كانط فى الارادة » أمكننا معرفة بناء كتاب « صراع 
الكليات » » ان آنه يدتوى على تطبيق لنظرية كانط العملية ٠‏ فاذا كان الحس 
السليم هى أعدل الاشياء قسمة دين الناس عند ديكارت ٠»‏ فان الاستعدادات 
الخلقية أيضا. هى كذاك عند كانط ٠‏ انما المهم هو معرفة كيفية تنميتها 2 
فالشهءب ( العامة ) عادة ما يفضل أن يعيش الحياة ويتمتع بها أكثر من أن 
يسلك طبقا للقاذون الخلقى ٠‏ ومع ذلك فان من ممصلحة الدولة التى تهدف 
الى حكم شعب مسالم أن تقيم مؤسسة غرضها البحث عن الحقيقة العلمية 
والخلقية . وهذه المؤسسة هى الجامعة ٠‏ وكلية الفلسفة دون غيرها من 
الكليات الجامعية هى التى تقع عليها هذه التبعة . وتحقيق هذه الغاية ٠‏ 
وهى الكلية التى تقوم بدراسة الآداب والعلوم معا » حيث تنضم جمزنعها تحت 
لواء الفلسفة ٠‏ وبالرغم من ثيل هذه الغاية وشرف المقصد . يسمى كلية 
الفلسفة : الكلية « الدنيا » ؛ لأنها بالرغم من أنها تتمتع بحرية البحث , الا: 
أنها لا تشارك فى السلطة ٠‏ 


ولما كان المجتمع فى حاجة . كى يرشد نفسه , الى قواعد جاهزة , فانه 
بالتالى لا يهتم بالبحث العلمى المجرد أو بالمنقاشات النظرية الخالصة » وهنا 
تأتى الحكومة لتتدخل من خلال وكلائها وممثليها وموظفيها 2» وهم رجال 
الدين ورجال القضاء والاطباء , لتنظيم شؤون الناس العملية ٠‏ ويتم اعداد 
هؤلاء فى الكليات : العليا » ::كليات اللاهوت ٠‏ والحقؤق ٠‏ والطب ٠‏ الأولى 
غايتها تدريس العقائد. التى تدتوى عليها الكتب المقدسنة وتقرها. الكنيسة , 
والثانية تدرس القانون وحقوق الشعب » والثالثة تدرس قواعد الصحة وطول 
العمر ٠‏ وفى هذه الكليات « العليا ؛ . لا بد من موافقة: الدولة على المغفلومات: 
التى يتلقاها الطلاب ويعطيها الأساتذة , لأنها تتعلق بالصالح العام : وبنظام 
الدولة » وبصملة الحكام بالمحكومين ٠‏ ويمكن القول : ان كلية الطب التى تقوم 
بدراسنة الطبيعة » تتمتع باستقلال ذاتى أكبر من الكليتين الأخرزين ٠‏ 


هناك اذن تعارض بين مجموع الكليات العليا وكلية الفلسفة , لأن هذه 
الأخيرة تتمتع , أو على الأقل يجب أن تتمتع ٠‏ بحرية كاملة فى الميدان العلمى, 
فى حين أن الكليات الأخرى غير مصرح لها أن تندرف عن القواعد المقررة 
لها » والعلوم المسموح لها بتدريسها ٠‏ وهذا هو منشا الصراع بين الكليات : 
يبن العلم الحى والمعطيات الميتة » بين الاستغلال الذاتى للذهن وتبعيته لاسلطة, 


3 ارو 5 
أى بين البحث عن الحقيقة والحقيقة الجاهزة ٠‏ على ما يقول لسنج (5) ٠‏ 


ويظهر هذا الصراع فى صورتين : الأولى سيادة التراث الوضعى أو 
الدينى أو القانوذى على حساب الجهد الارادى القفردى وهى الوحيد الجدير 
بالاحترام . وبالتالى ينشا الصراع بين القديم والجديد ٠‏ بين التقليد والتجديدء 
بين الماضى والحاضى ؛ والثانية ضرورة خضوع قوانين الكليات ولوائحها » 
سواء أكان مصدرها التاريخ أم العقل أى الحس المراجعة التى هى عمل 
العقل , أى خضوع الكليات الى كلية الفلسفة ورفض الأولى ذلك ٠‏ وعلى 
هذا النحو تكون الكلية « الدنيا » هى الكلية الأولى لأن لهسا حق مراجعة 
الكليات العليا وفحصها ٠‏ وهذان الجانبان للصراع لا ينتهيان الا بانتهاء 
المجتمع ذاته » وسيظلان طال ما أن هناك ذهنا انسانيا » وأبداعا بشريا » وانتاجا 
فكريا وآدبيا وعلميا ٠‏ 


ويددو هذا الصراع فى ثلاثة جوانب »2 عندما يجد الفيلسوف نفسه فى 
مواجهة اللاهوتى أولا ٠‏ والقانونى ثانيا 2 والطبيب ثالثا ٠‏ وتتفاوت أهمية 
الصراع فى كل جانب ٠‏ نظرا لتفاوت آاهمية الكليات العليا » بالرغم من أنها 
تهدف جميعا الى خلاص الروح ٠‏ والخير الاجتماعى ؛ والصحة البدنية ٠‏ 
ويرتب كانط الكليات هذا الترتيب طبقا للعقل ,. وليس طبقا للنظام الطبيعى 
الذى يضع الصحة البدنية فى البداية » وخلاص الروح فى النهاية ٠‏ يريد 
كانط أن يدين أهمية الصراع بين الفلسفة والدين ٠‏ أو بين العقل والنقل » 
على ما يقول علماء أصول الدين فى تراثنا القدىيم ٠‏ نظرا اضرورة الحرص 
على الاستقلال الذاتى للذهن , والكمال الخلقى للشعور , وقد عاش كانط هذه 
الأزمة كما يعرض لذلك فى أول الكتاب من جراء حظر الارثوذكسية (السلفية) 
مؤلفاته وطغيان ااتفسير الحرفى للكتاب المقدس ٠»‏ ومن هنا نشأت مشكلة 
قيمة النص الدينى . من حيث صحته التاريخية » أو تفسيره لغويا أو 
تطبيقا عمليا » من أجل توجيه سلوك الناس ٠‏ لقد استحسن الكتاب المقدس - 
فى رأى كانط ‏ تكييف الحقائق العملية, طبقا لتصورات العامة وفهمها الضيق, 
على ما لاحظ أيضا لسنج فيلسوف التنوير ٠‏ ان الذى يهم فى الكتاب المقدس 


(؟) لسنج ؛ تربية الجنس البشرى ٠‏ ترجمة الدكتور حسن حنفى ». دار الثقافة' 
الجديدة , القاهرة ؛ لالا9١ ٠‏ 


د اللا 


اذن هو الأساس الخلقى , الحقيقة العملية التى ترشد النساس فى حياتهم 
العامة ٠‏ ان اخلاق الكتاب المقدس هى الضمان الوحيد , وهذا ما يدب على 
الفيلسوف ان بذكر به اللاهوتيين الذين يظنون أن الايمان الأعمى بالسلطة 
الحرفية لاكتاب المقدس هر. الطريق الوديد للخلاص ؛ فى حين أن الفيلسوف 
وحده هو القادر على ارجاع كل ما يحتويه الكتاب من روعة وتاريخ ومعرفة 
الى العقل ٠‏ فالعقل هو السلطة الوحيدة اليقينية فى موضوع الدين ٠‏ لذلك 
وجب آيضها ٠‏ بالاضافة الى الصراع ضد وثذنية السلفية وتشبيهها وتجسيمها 
وحرفيتها ؛ ألا نحسن الظن بالتصوف » أى الاتجاه الانفعالى الوجدانى 
العاطفى فى الدين ٠‏ لا ينبغى أن تخلب لدبنا البطولة الخلقية التى يمثلها 
أصحاب مذهب القنوت (516818102) مثل شبئر (580606#) وزنزندورف 
00 سععصة2) لدرجة الخلط بين ما فوق الحس وما فوق الطبيعة٠‏ 
ومما لاشك فيه أن التصوف أعلى من السلفية , ولكنه من الناحية العملية 
دذتهى الى النتيجة ذفسها » أى هزيمة الارادة » ان أنه ليس هناك دين حقيقى, 
الا اذا تأسس فى « نقد العقل العملى ٠,‏ 


فاذا ما تخلاص الشسهعور من قهر السسلطة الدينذية » والسلطة 
السياس.ية على السسواء » فان عليه أن يؤكد نفسبله فى 
الخارج . وان يتحرر أيضا من العقيات الاجتماعية ٠‏ وبالتالى تعتمد 
ممارسات الارادة على مقدار ما تحققه المؤسسات السياسية من ليبرالية ٠‏ 
هناك اذن علاقة بين الجهد الفردى وتكوين المجتمع ٠‏ بين ارادة الفرد والنظام 
السياسى ٠‏ ولكن كيف يمكن ايجاد صيفة مثلى لهذه العلاقة ؟ هنا يطرح 
كانط سؤال التقدم الذى شغل فلاسفة التنوير ٠‏ يقول كانط : ان بعضهم يظن 
أن النوع الانسانى فى سقوط لا يمكن تفاديه أو التخلص منه » ويظن بعضهم 
الاخر أن التقدم حادث ضرورة » يوما بعد يوم , وكانه قانون طبيعى » لا يمكن 
أيضا تجاوزه ٠‏ ويظن فريق ثالث أن النوع الانساني متوقف فى مكانه » وأن 
كل تغيير له عبث ٠‏ يرى كانط أن هذه لاجابات الثلاث خادعة » ولا تصدقها 
التجربة ٠‏ انما الايمان بالتقدم لا ينتج الا من ظهور شرعى لفكرة الحسق 
( القاذون ) ٠‏ وقد شهد المجتمع حادثة من هذا النوع هى الثورة الفرنسية ٠‏ 
وبالرغم من أن كانط يدين تطرفها » الا أنها أيقظت فى روح الشعوب حماسا 
خالصا وتفاؤلا بقرب سيادة القانون وسعادة البشر ٠‏ لا يهم شكل الحكومة٠‏ 
انما المهم أن تكون الروح جمهورية , ثم تنتشر هذه الروح شيئًا فشيئا لدى 
كل شهوب الأرض ٠‏ حتى يتم استئصال النزعة العسكرية » ويتم نزع السلاح 


ل 


وايقاف الدروب ٠»‏ وهى أكبر مانع أمام التقدم الخلقى. » ام يكن لدى عصر 
كانط ما يسمى بحروب التدريز التى بدأث فى هذا القرن ٠‏ والتى هى من أجل 
اقرار السلام » وان كان قد لاحظ أن الحرب هى النتيجة الطبيعية للتعصب 
والقهر والسيطرة ٠‏ ويهدف كانط الى أخذ الانسانية الى غايتها القصبوى 
ومنتهاها » وهو التنوير الشامل والسلام الدائم٠'وما‏ تبقى من حروب ستساعد 
حتما ‏ بعد أن تتوقف ذهائيا - على تحقيق غاية الانسانية هذه ٠‏ هذا التفاوّل 
المطلق عند كانط يتفق تماما مع روح التفاؤل التى كانت سائدة فى القرن الثامن 
عشر » والتى: ظهرت لدى جميع فلاسفة التاريخ الذين عبرو! عن روح الثورة 


٠ الفرنسية‎ 


فاذا ما حقق الشعور هاتين الغايتين : حرية الفكر »: والارادة السدتقلة 
من أجل تقدم البشرية » تأتى مشكلة البدن التى يعالجها الطبيب / وينشآ 
الصراع الثالث بين كلدة الفلسفة وكلية الطب » الأولى تعطى الارادة والعزيمة 
الأولوية على أمراض البدن ٠‏ والثانية تريد أن تجعل « العقل السلدم فى 
الجسم السليم ٠‏ لا يشارك كانط ذوفاليس رأيه أن الجسد كله تقوده الروح 
طبقا للارادة ٠»‏ فكانط لا يترك أرض الواقع ليحلم مع الرومانسيين ٠‏ ولكن 
الازادة لديه يمكن أن يكون لها دور محمود على الصحة الددنيه ٠‏ ان دور 
الارادة فى الصحة دور وقائى خالص ٠‏ ويتمثل هذا الدور فى نظام التغذية 
الذى يعتبر كائط قريبا من المبدآ الرواقى ٠‏ فالبطنة هى التحصدى الحقيقى 
للارادة ٠‏ ويرى كانط أن الزواج لا يطيل العمر , فيعاديه . وطبق ذلك على 
نفسه 2 فعاش عزبا ٠‏ ويعطيذا فى آخر الكتاب معلومات عن صحته ونظام 
التغذية ' الذى فرضه على نفس.ه ويعتذر عن عرض آرائه الخاصة والحديث 
عن نفسده ٠‏ ولكن المهم هو صدقه فى التعبير عن آرائه. القائمة على تجارب 
شخصية ٠‏ ويسخر كانط من أعداء الفكر الحى ٠‏ خاصة اللاهوتيين وآباء 
الكنئيسة ٠‏ ويؤكد اخلاصه للعقل ضدد كل انفعال .٠‏ فكل ما سوى العقل يستحق 
الانسان اللوم عليه ٠‏ 


وقد استمر تلاميذ كانط فى محاولة أستاذهم بالرغم من الهجوم عليه , 
وعلى ذلك الثنائية التى تعتدس فلسفته وهذا الصبراع بين الأطراف والتناقض 
أى التقابل بينها . كما هى واضح من العنوان « صراع الكليات » ٠.لقد‏ حاولت 
الرومانسية التى وقع فيها التلاميذ تجاون الثنائية الى الوحدة ٠‏ فابتلعت 
الذات الموضوع عند فشته ., وابتلع الموضوع الذات عند شلنج ٠‏ وقد.عالج 


5 007 


كل هنهما من خلال همذهبه الفلسقى مشكلة التعليم . ٠‏ فكتب. فشته د رسالة 
العلم » ., كما كتب شلنج « دروس فى منهج الدراسات. الأكايدمية 4 * ولكن 
الحاول التى أتوا بها كانت وقتية لعلاج بعض الوشبوعات الزمنية ٠‏ ولكن 
الدرس.. المستفاد. من الأستاذ هى أن الجامعة ليست مجرد مكان لتجميع العلوم 
دون أى علاقة دينها » بل يجب أن تتجه كلها ذحى غاية واحدة هى الحقيقة ٠‏ 
يجب أن يسود الجامعة النشاط العقلى الحر دون أى عقبات من التقاليد أو 
الأعراف ٠‏ ولا يجب أن ننسى روح المذهب ؛ تلك البؤرة التى يشع منها نور 
العلم ٠‏ ليس البحث عن الحقيقة وظيفة كلية الفلسفة وحدها كما يقول الأسذاذ 
دل انها رسالة الجامعة كلها كما يقول التلاميذ (؟) ٠‏ 


يهدى كانط كتابه الى أحد الأساتذة فى جامعة جوتنجن / ولكنه فى 
ايحفيقة دوه كافينه ال الحفويكة بااسديرة الخين ككلدو. ١‏ دقل سما فى د 
قيوده / والتى تدفع كانئط الى التفكير بحرية تامة ٠‏ ويتضع من كلام كانط 
أنه يسخر ولا يتملق » ويستعمل المدح أسلوبا للذم , فيصف املك فردريك وليم 
الثانى بأنه حاكم شجاع شريف صديق للبشى ٠‏ ويجد له العذر فى سن تلك 
القوانين ضد الدريات » وأنه انما فعل ذلك نتيجة نصيحة رجل دين ٠‏ هذه 
القوانين هى التى كانت السيب فى منع كتاب كانط الأول « الدين فى حدود 
العقل البسيط » ٠‏ ويذكر كانط أجزاء هن خطاب الملك له 2 يتهمه فيه بسوء 
استعمال الفلسفة لتشويه العقائد الددذية الأسداسية فى الكذب المقدسة م 
والئيل منها #وكما: سيق للة ذلك فى * الدين فى حدود العقل البسيط » » ويحذره 
من العودة الى ذلك . ويرجوه الانتباه الى تربية الشباب ٠‏ وأن يكون معبرا 
باخلاص وصدق عن مقاصد الحاكم ؛ ويهدده بالعقاب » ويحذره من الوقوع 
فى المستقبل فى مثل هذه الأخطاء ٠‏ ويرد كانط على خطاب املك » وينشر رده 
1 الخطات فى مقدمة الكتاب ٠‏ ودمدحه أنه شجاع شروف محب للبشرية , 2 

ن كانط يضع تحت أقدامه نرهان خضوعه المتواضع ٠»‏ ويدافع عن نفسه * 
٠ 0‏ أم أنه مثل ديكارت كان خبيثا محيل 
المدح فى معرض الذم ,2 ويريد لدعوته أن دنجح أفضل من أن 'يفشل وديموت 
شهيدا ؟ يرد كانط على الاتهام الأول أنه باعتباره أستاذا الشبان” ٠‏ فائه لم 





ا ,(1950 ناما : 15 تموط). رقأ لباعة"1 و06 اتلغصمج. 6 00 نمه ككل لا 
2111 -711. 10 بمستاءط 1 و 1 


"كات 


يخلط فى دروسه بين حقائق المسيحية وحقائق الفلسفة ». والدليل على ذلك 
اعتماده على ملخصات باومجارتن التى ليس فيها مادة من الكتاب المقدس ,2 
أو العقاكن المسيهية + ثل حهرن حادة فلسفية خااصنة + وراعتيان كائط هرينا 
للشباب فانه لم يورد فى كتابه « الدين فى حدود العقل البسيط » ما ينال من 
دين البلاد » بل انه كتاب غير مفهوم للعامة . مجرد مناقشات أكاديمية غامضة: 
تخص امؤسسات التعليمية والتى تحرم الدولة نشرها وذيوعها الى العامة ٠‏ 
كن نف القنامة مور إ نج نيفد ورك كد نوا والاتسفال فته إل سرد 
ديان للدين الطبيعى والاستشهاد بالنصوص الدينية للبيرهنة على بعض العقائد 
العقلية ٠‏ ولا ضير أن يتفق العقل مع الوحى ٠‏ وأن يعطى الايمان صفات 
الشمول والوحدة والضرورة للايمان : انجوهر الدين هو العم لالخاقى,ما يجب 
أن يكون فى مقابل الوحى الذى يعتمد على التاريخ ٠‏ ليصبح الايمان فى هذه 
الحالة حادما عرضيا . زائد! وزائفا ٠‏ مهمة الوحى مهمة خلقدة خالصة 2 
والعمل النظرى العقلى يكمل بالعمل الخلقى . خاصة فيما يتعلق بتحويل الشر 
فى الأفسنان الى كور + وتمازز الخطينة بالخلادن واعتقات. الأان مخرورة 
الدياة الخيرة ٠‏ ويؤكد كانط احترامه الايمان وعقائد الكتب المقدسة والمسيحية 
ووكنى..قلئ: الكتات الققدع واسكبارة افعيل وليل (موكة المعافظة علن: الدية 
الوطنى القادر على تربية النفوس ٠»‏ وانه لمن العار توجيه اى اعتراضات أو 
أثارة أى شكوك حول العقائد النظرية أو الاسرار الالهية التى ينص عليها 
الكتاب 2 سواء فى المدارس أم المؤلفات . وان كان يسمح بذلك فى الكليات 
وحدها ٠‏ ان أكبر ثناء على الكتاب المقدس هو اتفاقه مغ الايمان الخلقى 
والعقلى ٠‏ وعلى هذا النحى يمكن اعادة تأسيس المسيحية » وليس على 
التعالم الدينى الذى يدل على تزييف المسيدية ٠‏ ويرجع كاذط فى الذهاية 
الموضوع كله الى ضميره » أمام قاضى العالم الذى يعلم ضمائر البشر » وهو 
فى هذه السين المتقدمة . واحدا وسيعين عاما ٠‏ 


أما بالنسبة للموضوع الثانى » وهو التزام كانط ‏ كما يطلب الملك - 
بعدم العودة الى مثل هذه الكتابات , فان كانط يستسلم فى الظاهر موكدا 
أنه أكثر الرعايا اخلاصا لسمو الملك . وأنه سيتوقف عن أى عرض للدين 
الطبيعى أو لدين الوحى للجماهير . فى دروسه أى فى كتاباته » على عكس 
عادة فلسفة التنوير فى فرنسا التى تحولت الى ثقافة شعبية جماهيرية , 
فجندت الجماهير حتى انطلقت الثورة ٠‏ وبالرغم من أن كانط على يقين من 


العواقب. الوخيمة الناشئة عن ابعاد الايمان عن العقل. » الا أنه يعد..يفعل 
ذلك + ويبين احدى هذه العواقب 2 وهى هروب التلاميذ الى كلية الحقوق 2 
هربا من لجذة الايمان التى تفحص أيمان الطلاب » وتفتش فى ضمائرهم عند 
التحاقهم بكلية اللاهوت , بالرغم من أنهم لم يدركوا مدى النفع فئ. كلية 
الحقوق الا فيما بعد ٠‏ أما الذين يقبلون فى كلية اللاهوت ٠‏ فانه يجب عليهم 
التوبة أولا أى طلبها ٠‏ ويدعى كانط الى توقف أعمال مثل هذه اللجنة تحقيقا. 
للصالح العام وللخير الاجتماعى . ولصالح العلم الذى أقيمت لأجله المدارس 
والمعاهد والجامعات ٠‏ وينهى كانط خطابه للملك بالتاكيد على ثقته بحكمة 
الحكومة . وعلى راسها مثل هذا الحاكم المستنير الذى يريد تقدم العلوم كلهاء 
وليس اللاهوت وحده ؛ ويبغى تقدم الحضارة ضد كل مظاهر التعتيم 
والتعمية (5) ٠‏ 


ثااثا : الصراع بين كلية الفلسفة وكلية اللاهوت : 


يبدا كانط قبل الدخول فى الموضوع الأول مياشرة » وهو الصراع بين 
كلية الفلسفة وكلية اللاهوت » أى كما يقول بلغتنا كلية الآداب وكلية أصول 
الدين » أى بين الجامعة الوطنية والجامعة الأزهرية » ياعطاء مقدمة عامة عن 
الجامعة » طلابا وأساتذة وادارة » وعن التقسيم العام للكليات الجامعية , 
ثم عن وضع كل كلية » سواء الكليات العليا ( وهى كلية اللاهوت وكلية 
الحقوق . وكلية الطب ) ء, أم الكلية الدنيا ( وهى كلية الفلسفة ) ٠‏ وأخيرا 
يتحدث كانط عن الصفة المميزة لكل كلية » وعن الصراع المشروع والصراع 
غير المشروع بينها ٠‏ 


ان العلم البشرى بالرغم من وحدة المعرفة , ينقسم الى عدة علوم , 
ولكل علم أساتذة متخصصون وطلاب وهيئات تسمى جامعة أى مدرسة 
عليا تتمتع باستقلال ذاتى , لأن العلماء وحدهم هم القادرون على الحكم على 
العلماء » وتقبل الجامعة الطلاب والأساتذة وفقا لقواعد تصنعها ٠‏ وبالاضافة 
الى أعضاء هيئة التدريس هناك الأساتذة المستقلون داخل الأكاديميات 
والجمعيات العلمية الذين يطلبون العلم من أجل العلم » ويطلبون مخلصين له 


09 .2 كادا1 


3 ابرض ك5 


طيلة.حياتهم. ٠‏ وأحيانا يتحول أعضاء هيئة التدريس أو الخريجين الى مجرد 
متعلمين » أى أصحاب. شهادات موظفين فى الحياة العامة نسوا كل شىء 
تعلموه ٠‏ يكفيهم أنهم قادرون على آداء وظائفهم بالحد الأدنى مما تبقى فى 
أذهائهم ٠‏ ومنهم رجال الأعمال أى تكنوقراطيو العلم الذين يصبحون فى 
النهاية .جرد آلات للحكومة ٠‏ مثل. رجال الدين ورجال القضاء والأطباء » 
ويكون. لهم أبلغ الأثر على الجماهير » نظرا لاتصالهم بها ٠‏ ولا يسمح لهؤٌلاء 
بمزاولة .علمهم الا فى أداء مهنهم , ولكنهم خارج المهنة ينسبون كل شىء ٠‏ 


ويقسم كاذط الكليات الجامعية الى قسمين : كليات عليا ثلاث ٠‏ وكلية: 
وانحدة دنيا ٠‏ وهى تقسيم نابع من الحكومة : وليس من العلماء ٠‏ والكليات 
العليا تخرج موظفين للحكومة ٠‏ والحكومة قبل أن تستخدمهم: تحكم على 
صلاحية عرض علمهم على الجمهور ٠‏ أما الكلية التى تسمى الدنيا , فانها 
تهتم بالمعلم لذاته , وتتمتع بحرية الفكر والاستقلال ٠‏ وبالتالى فانها تهتم 
بالكليات العليا » وتهمل الكلية الدذيا » ونتركها لعلمائها ٠‏ فاذ! ما قررت 
الحكومة استبعاد بعض النظريات ٠‏ فانها تطالب الكليات المختصة بالقيام 
بهذه المهمة » وحذفها واننقاظها من الحساب , لأن عقود الأساتذة مع الجامعة 
تنض على ذلك ٠‏ وأى حكومة من هذا النوع تعمل بالنظريات ؛ وتتعهد بتقدم 
العلوم وازدهارها » ويكؤن على راسها الحاكم العالمم » أو الملك الفيلسوف ‏ 
كما يقول أفلاطون ‏ تفقد الاحترام الواجب لها . بسبب هذا التعسالم 
والشدخل فيما لا'تعرف ٠‏ والحكومة فى نهاية الأمر اسمى من أن تهبط الى 
مستوى العلماء أو العامة . وأن تتناول من معارفهم ٠‏ وهذا هوى السبب فى 
وجود الكلية الدنيا مستقلة عن الحكومة فى نظمها ونظرياتها , ولها الحرية 
التامة فى اصدار أحكامها على النظريات » من وجهة النظر العلمية : أى طيقا: 
الحقيقة وحرية التعبير عذها صراحة ٠‏ فبدون الحرية لا تظهر الحقيقة لأن 
الءقل بطبيعته لا يقبل شيئا على أنه حق , ان لم يثبت له بالدليل القاطع أنه 
كذلك » وهى الدرس المستفاد فى بداية الغصور الحديثة : من ديكارت ٠‏ فاذا 
كانت هذه الكلية مع ذلك تسمى الكلية الدنيا. : فان السبب يرجع الى طبيعة 
الانسان , لأن من يعطى الأوامر يتصور اذه أعلى ٠‏ والحقيقة أن القادر على 
الحكم المستقل هو الجدير بهذه التسمية ٠‏ 


ثم يتحدث كانط عن وضع الكليات بادئًا بوضع الكليات العليا واقسامها ٠‏ 


ل 7997” اه 


فلما كان كل معهد يقوم على فكرة » أو ميدأ عقلى ,2 أو تصور مس-_بق » 
بالاضافة الى مجموعة من التجارب » على ما هى معروف من فلسفة كانط فى 
« نقد العقل الخالص » . وليس مجرد وليد الصدفة » فان أهداف أئ حكومة 
طبقا العقل ( أى موضوعيا ) بالنسية للجامعات ٠‏ ثلاثة : الأول تحقيق الخير 
الأبدى لكل فرد ٠»‏ والثانى تحقيق الخير الاجتماعى لكل فرد باعتباره عضو|. 
فى مجتمع ٠»‏ والثالث تحقيق الخير البدنى أى حياة اطول وصحة أوفر ٠‏ 
ويمكن أن يكون لتوجيه -الحكؤمة وطرقها لتحقيق الهدفين الأولين أبلغ الآثر 
فى تعويد الشعب على طاعة قوانين الدولة والالتزام بنظامها ٠‏ ويكون أثرها 
بتحقيق الهدف الثالث فى تكوين شعب من الاصحاء تستفدمه الدولة لتحقيق 
أغراضها الخاصة ٠‏ وطبقا للعقل هناك اذن ثلاث كليات : كلية اللاهوت »2 
وكلية الحقوق ٠‏ وكلية الطب ٠‏ ولكن طبقا الغريزة الطبيعية تأتى كلية الطب 
أولا » لأن الطبيب أهم للانسان من اللاهوتى , فهو الذى يحافظ على حياته , 
ثم يأتى القانونى ٠‏ ليحافظ على ممتلكاته , وأخيرا يأتى اللاهوتى ليعلمه 
الدياة الأددية ويعده دالسعادة فى المستقيل » كما خفف آالامه فى الدذيا » وكان 
كانط يريد أن يقول هنا : أن اللاهوت « أفيون الشعب » , كما قال قيل ذلك 
فى محاضراته فى «١‏ التربية » عام ( ١55‏ لالالا١‏ ) : ان الدين « أفيون 
الشعور » » لأنه يخلق فى الانسان اطمئنانا ورضى ومسرة ٠‏ وفى كلا النظامين 
نظام العقل ونظام الغريزة الطبيعية » تبقى كلية الحقوق كما هى فى الوسط ٠‏ 
ولكن يختلف الأمر بالنسبة لكلية الفلسفة وكلية اللاهوت . حيث يبدو الصزاع 
بينهما وكانهما طرفان متقابلان تمام التقابل » فيعطى نظام العقل كلية الفلسئفة 
الأولوية . دينما يعطى نظام الغريزة كلية اللاهوت الأواوية + ودبدى أن هذا 
التقسيم الثلأثى يثفق أيضا مع القسمة الثلاثية للعقل النظرى عند كانط » 
ذكلية الطب مثل الحساسية الترنسندنتالية 2 وكلية الحقوق: مثل الذهن , 
وكلية اللافوت مثل العقل ٠‏ وقد يتفق أيضا مع قسمة أفلاطون الشهيرة القوى 
الانسانية : القوة الشهوية التى تمثل كلية الظب , والقوة الغضبية اأتى تمثل 
كلية الحقوق » والقوة العاقلة التى تمثل كلية اللاهوت ٠‏ وتكون الكليات العليا 
تحت توجيه الدولة كتابة من خلال التشريعات ٠‏ قى حين أن الكلية الدنيا 
تخضيع للمبادئء علمية عامة وشاملة ودائمة * وقد يكون لهذه الكليات العليا: 
قواعد وقواذين لا تتفق مع العقل ٠‏ بل تهدف أساسا الى: طاعة الدولة 2 لآأن 
القانون قد يستنبط من العقل » ذيتفق معه » وقد يكون فى تغارض معه معبرا 
عن مشرع خارجى وهو الدولة ٠‏ وتكون القؤاذين التى تسنها الدولة وتشرعها 
) دراسات فلسفية ) 


- 7756 


ملزمة » فى حين” ان القوانين المستنبطة من العقل , لا تكون ملزمة , لأنه ليس 
وراءها 'شاطة لتنفيذها ٠‏ كذلك لا يستمد لاهوتى الكتاب المقدس لاهوته من 
العقل ” بل من الكتاب:, كما لا يستمد القانونى قانونه من القانون الطبيعى 
( وهو مأ يعادل العقل الأظرى ) : بل من- القانون المدنى ٠‏ كذلك لا يستمد 
الطزيب علاجه من:.غلم: الفزيولوجيا بل من قواعد الطب المتعارف عليها ٠‏ 
قاذا ها قات احدئ: هذه الكليات الثلاث العليا لتعتمد على العقل , فانها 
بذلك توجه اهانة بالغة الئ السلطة ٠‏ وتنتزع منها حق الطاعة ٠‏ ومن ثم فان 
واجب الكليات العليا ألا تدخل فى حلف مع الكلية الدنيا » بل عليها أن تنظر 
اليها "بحذر ‏ لكئ: تظل لوائحها وقوانينها ودساتيرها قائمة لخدمة الدولة أى 
لخدهة النظام: القائم ! 


' ثم يبين كانط الصفة الخاصة المميزة لكل كلية من الكليات العليا الثلاث: 
ففى كلية اللاهوت يبرهن اللأهوتى على وجود الله '٠‏ فقد عبر الله عن نفسه 
فى الكتاب » كما أن الكتاب يتحدث عن طبيعة الله » وبطريقة صل الى 
معارضتي للعقل . كما هى الحال فى الحديث عن الثالوث ٠‏ أما اثبات ان 
له قد تكلم من خلال الكتاب ٠‏ فهذ! مالا يستطيع اللاهوتى برهنته ٠‏ لأن ذلك 
مجالة التاريخ ؛ أى تصل الى امكانيات العقل الخالصة » وهو ما يخص كلية 
الفلسفة ٠‏ وكأن كانط يشير هنا الى أن اللاهوتى واقع فى الدور المنطقى 
لا محالة » اذا ما أراد البرهنة على وجود الله من خلال الكتاب ٠‏ والبرهنة 
على المصدر الالهى للكتاب الذى يتطلب الايمان بالل مسبقا , وأنه لا مخلص 
للاهوتي من هذا الدور الا الفيلسوف الذى يقطع هذه الدائرة ٠‏ ويبرهن له 
امكانية الوحى ليس أمام اللاهوتىدون مساعدة الفيلسوفالا أن يؤسس المصدر 
الالهى للكتاب على الايمان . على أساس من عاطفة الألوهية ٠‏ ولسوء الحظ 
ل لا يستطيع العالم أن يتساءل أمام العامة عن أصل هذه العاطفة , لأن العامة 
تهتم بالعلم » بل تريد الاغراق فى الأحلام والتمنيات ٠‏ ويبدى أن كانط هذا 
يار علماء أصول الدين فى تراثنا القديم الذين منعوا العامة من الدخول 
فى علم الكلام ٠‏ وكما بين الغزالى فى كتابه المشهور « الجام العوام عن علم 
الكلام » ' وهو حديث الصوفية والفلاسفة نفسه ,» فى تفرقتهم بين الخاصة 
والعامة » مما يدل على أن التنوير فى المانيا كان عمل الخاصة ٠‏ وليس العامة, 
:كما هي الحال فى افرئسا ٠‏ ولا يستطيع اللاهوتى أيضا أن يفسر الكتاب ألا 
طبقا للتفسور الحرفى » ولا يستطيع تفسيره بحيث يتفق مع الحقائق الخلقية: 


لد 515 به 


وكما أنه.لا يوجد مفسر اندسانى لديه سلطة.الهية., فان اللاهوتى يجد نفسه 
مضنطرا للاعتماد على مصدر من فوق الطبيعة يقود الذهن الى ال معنى المصحيح 
ان لم يطلب مساعدة الفيلسوف القادر على أن يبين.له اتفاق المعنى مع العقل ٠‏ 
أما فيما يتعلق دتطبيق الأوامر الالهية , فان اللاهوتى لا يعتمد. فى ذلك على 
الارادة الانسانية بل على الفضل الالهى ٠‏ عن طريق ايما قلبى خالص بالتوفيق 
والهداية والعون والتاييد ٠‏ وهو ما لا يتقق مع العقل والارادة الانسانية 
الحرة ٠‏ لذلك يجد اللاهوتى نفسه وقد قفن الى احضان الكنيسة كى ترعاه 
وتعطيه سلطتها , والا تحول كل شىء الى فوضى خارج الكنيسة » وواضح أن 
كائط هذا ينقد الموقف السلفى التقليدى الذى يمثله المحدئثون فى تراثنا القديم, 
والذى يعطى الأولوية للنقل على العقل , والفعل الالهى على الفعل الانسانى, 
والتشبيه غلى التنزيه ».وقدم القرآن على خلقه » ويؤؤّسس الموقف الاعتزالى 
الذى كان وراء ظهور فلسفة التنوير . كما يتضح عند لسنج بوجه خاص ٠‏ 


وتتصف كلية الحقوق بأن القانونى فيها يبحث عن قوانين تضمن حقوق 
الناس كمواطنين فى 'الدولة ٠‏ ولا يبحث ذلك طبقا للعقل ٠‏ بل طبقا للقانون 
الرسمى الذى تدخل مخالفته تحت طائلة العقاب ٠‏ ولا يمكننا مطالبنه بالبرهنة 
على حدحة هذه القوانين أو'الدفاع عنها ضصد اعتراضمات 'العقل » فمن السخف 
عدديان القواذين التى تعبر عن الارادة الخارجية بدعوى أنها لا تتفق مع العقل 
لأن احترام الدولة ينتج من أنها لا تترك لكل فرد أن يحكم على هواه بصحة 
هذه القوانين أو بطلانها . ولكن فقط طبقا لارادة المشرع , ومع ذلك ٠‏ فان 
وضع كلية الحقوق من الذاحية العملية أفضل بكثير من كلية اللاهوت ٠‏ لأن 
اديها مفسرا مرئيا حاضر! للقانون 2 وهى الفقيه , أى الأصصولى » أو لدنة 
قضائية ٠‏ أو المشرع نفسه ٠‏ وليس الأمر كذلك فى تفسير الكتاب المقدس 
الذى لا يعلم معناه الا الله ٠‏ ولكن يعيبها أن القانون الانساني: متغير 2 فى 
حين ون الكتاب المقدس لا يتغير كما أن شكوى القانونى من غياب قاعدة 
عادة للساوك الموحد 'للناس لا يشكو منها اللاهوتى الذى لديه مثل هذه 
القواعد العامة المتمثلة فى الأوامر والنواهى ٠‏ هذا بالاضافة الى أن المحامى 
أو القانوذى لا يضمن للمؤاطن تطبيق القانون ومسؤوليته عن ذلك : فى حين 
أن اللاهوتى يضمن ذلك للمتدين يوم القيامة » ويعتبر نفسه مسؤولا. عن ذلك ! 
وهم. مطمئنون الى أن أحد! لن يعارضهم فى مثل هذا التأكيد » بالاعتماد على 
تجارب الدنيا » فشتان بين ما يحدث فى الاخرة من يقين. » وما يحدث فى الدنيا 


5 


منظنون ٠‏ ويببى أن كانط فى تصوره .الكليات الثلاث العليا على أنها تهيدف 
الى:طاحة الناس يتفق. مع :اسبينوزا. الذى يجعل ذلك من وظيفة الايمان ٠‏ فى 
حين أن العقل. عنذ كانط والفلسفة عند اسبينوزا يدعوان الناس الى الخروج 
علئ الطاعة والرفض :والثورة :على النظام القائم.» بالرغم مما فى لغة كاذط 
من حيطة. وحذر » ومن استعمال لغة الاثبات » وهو يقصد بها لغة النفى , 
وهي الدرس. الذي تهلمه من ديكارت ٠‏ 


وتتصف كلية الطب بان الطبيب فيها فنسان يعتمد فى دراس ته على 
الطبيفة ٠‏ فى حين تعمد كلية الطب على مجموع القوانين المهذية ٠‏ كما أن 
الدؤلة تقيمْ « اللجنة الغليا للضخة » لممارسة الطب طبقا للقؤاعد المعروفة , 
ولكن“هذه القواعد لا تاتئ من الطبيعة بل من فن الممارسة والعلاج ٠‏ ومن ثم 
وجب على كلية: الطب الاستعانة بكلية الفلسفة لمساعدتها على معرفة قوانين 
الطب. من الطبيعة » وليس من كلية الطب أو اللجان الطبية على الاقل فيما 
لا يدغى عمله أو فى بعض المبادىء العامة » مثل ضرورة وجود أطباء للعامة 
(.لأن الخاصنة لديهم:عند كانط نظام للتغذية يعتمد على قوة الارادة والسيطرة 
على: الانفعالات ) ٠‏ وأنه ليس هناك عنصر تجريبى يتبع المبدا » ويتفق معه فى 
كثير: من. الأحيان ٠‏ فالمثل الأول يهدف الى رعاية النحكومة الصالح العام , 
بينما المثل الثانى يهدف الى زعاية الأمن العام والاستقرار ٠‏ وكلاهما يعتمد 
على < البوليس الطبى » أ الزقابة الطبية !' ومع ذلك , فكلية الطب أكثر حرية 
من الكليتين السابقتينؤأقربهما الى كلية الفلسفة ٠‏ كما أن الأطباء فى تكوينهم 
لا نءتمدون علئ كتاب«مغلق الى الأيد . كما هؤ. الحال فى كلية -اللاهوت , 
بل على كتاب الطبيعة: المنشور دائما ٠‏ ولا يصل الأطباء "الى قانون علمى 
بالمعتى -الدقيق “بل الى مجرد قواعد واجراءات ٠»‏ الغرض منها تحقيق الثفم 
العملئَّ 2 وهق الشفاء* ٠‏ ومعرفتها لا تكون علما , لأن العلم مجموعة من” 
النظريات ,“لا يمكن: للدولة أن تعاقبها » فتتركها للاطباء ٠‏ 


أها الكلية الدنيا » وهى كلدة الفلسفة ,2 فهى الكليية التى لا تخضع 
نظرياتها الى ازادة حاكم :٠‏ وقد يمدث أن تخضضع عمليا لنظرية ما 2 ولكن 
يستديل: اعتبارها .حقيقة لأنها. مفروجسة من . الحاكم..» ليس .فقط موضوعيا 
(أى.ها لا ينبغى أن يكون ) » بل أيضا ذاتيا ( أى مالا يستطيع أحد اصداره ٠)‏ 
ومن يعترف “هرة بخطبه فانه لا .يخطىء ! ويبدى أن كانط هنا يعيش صراع 
ما. :يننغي أن يكون ٠‏ وما..هى كائن .. فيما يتملق بكلية الفلسفة 2 ومحاولة. 


374١‏ ه 


الدولة السيطرة عليها . وصراع كانط ضد الدولة دفاعا عن استقلالها ٠‏ فاذا 
ما كراد أساتذة كلية الفلسفة عرض نظرياتهم على الجمهور ؛ فانهم لا يعتمدون 
فى ذلك على سلطة خارجية » بل على سلطة العقل وحده ١كما‏ أنهم لا يؤمنون 
بنظرياتهم الا على نحو عملى: من أجل الممارسة » بالرغم من قدرتهم على برهنة 
صدقها النظرى ٠»‏ بينهم وبين أنفسهم ٠‏ فقد وصلو! الى نظرياتهم بذاء على 
الفدص الحر , والعقل هو القوة القادرة علىممارسة هذا الفحص الحر ٠‏ 


تعتمد حقائق الفلسفة اذن على العقل وحده ٠‏ وليس على سلطة الدولة 
أو. الحكومة ٠‏ وتكون وظيفتها الرقابة على الكليات الثلاث الأخرى »2 وأن 
تقدم لها. خدمة جليلة ؛ لأنها لا تبغى الا الحقيقة » وهو الشرط الأول الءلم ٠‏ 
أما المذفعة التى تقدمها الكليات العليا للدولة , فتاتى فى المحسل الثانى ٠‏ 
ويمكننا أن نترك لكلية اللاهوت هذا الفخر بدأنها قد اتخذت. كلية الفلسفة خادمة 
لها » طالما أنها لم تستبعدها , أو تتحكم فيها ٠‏ انما المهم أن تعرف هل. تسير 
كاية الفلسفة فى المقدمة حاملة المشعل , أم أن كلية اللاهوت تجرها وراءها , 
فتخفى نورها ! ويضاف الى هذا التواضع. الذى تمثله كلية الفلسفة الحرية 
فى فحص الحقائق , ثم اعطاء نتائج هذا الفحص الكليات العليا » وتوصية 
الدكومة بها » وبأن الفلسفة.لييمس ت موضع ريب أو تهمة , وأنه لا يمكن 
الاستفناء عنها ٠‏ وتشمل كلية الفلسفة قسمين : العلوم التاريخية التى تعتمد 
على التاريخ ( مثل : التاريخ » والجغرافيا , واللغة , والعلوم الانساذية » وكل 
ما يقدمه غلم الطبيعة ) ٠.والعلوم‏ العقلية الخالصة التى تعتمد على. العقل 
( مذل : الرياضة », والفلسفة » وميتافيزيقا الطبيعة . والأخلاق ) ٠‏ ويدخل 
ضمنها بحث العلاقة بين القسمين من العلوم » وكل. أجزاء المعرفة الانساذية , 
من حيث انها مؤوضوع للبحث والفحص والنقد والتمحيص ٠‏ تطالب . كلية 
الفلسفة اذن بفحص كل العلوم » ولا يمكن. للحكومة منعها من ذلك ٠‏ ويجب 
أن تقبل الكليات العليا اعتراضها وشكوكها وتساؤلاتها ٠‏ ومن المؤسف: 
والمحزن حقا أن يسبب نقد الفلسفة هز الكليات العليا » وزعزعة اسستقرارها 
وأراكانها » والذدل من مكاسبها ٠‏ لذلك فمن الطبيعى أن يءعارض رجال الكليات. 
العليا نقد الفلسفة , لأنهم يمثلون جهاز الدولة ونظامها وسلطتها ٠‏ وومكن 
للاساتذة © العلماء فقط معارضة نقد الفلسفة لأنهم مثل الفلاسفة » ولكن 
لا يسمح بذلك لعملاء الدولة أسسانذة الكليات المتواطتين مع نظام الدولة 
والداعمين له على. حساب الحقيقة ٠‏ ومن الطبيعى أن يحدث ذلك ؛ لأنه 
لو نقد رجال القانون القانون لدثوا الشعب على العصيان والتمرد » ولى نقد 


0 


رجال الدين اللاهوت لرفض الناس سلطة الكئنيسة , ولو نقد الاطباء قواعد 
الطب لما وثق المرضى فى علاجهم .٠‏ انما يمكن للاساتذة العلماء وحدهم 
الذقاش فى اعتراضات الفلسفة فيما بينهم » باسم العلم والعقل 2 من أجل 
الوصول الى. الدقيقة ٠‏ وكثيرا ما تسيب هذه المناقشات أن يرجع بعض 
الأساتذة والطلاب فى نهاية الأمر الى الحقيقة صاغرين ؛ فليس هناك أفضل. 
من العقل المستنير , والتسعليم بالحق فضيلة ٠‏ 


ويقسم كانط الصراع بين الكليات العليا والكلية الدنيا الى قسمين : 
صراع غير مشروع » وصراع مشروع ٠‏ ؤمن غير المشروع. : الصراع :العلنى 
بين الآراء والنظريات ,. سواء أكان صيراعا علميا فى المضمون (١‏ لأن- العلم. 
ليس مطلبا للجمهور ) », أم فى الشكل ( لأن النقاش لا يقوم على قواعد 
موضوعية موجهة الى عقل الخصم ٠‏ بل على دوافع ش خصية وعواطف 
وانفعالات » بل وباستعمال الديل » أو.وسائل الترغيب غير المشروعة , مثل : 
الرشوة ٠‏ والفساد ء أو أساليب الارهاب » مثل : العنف ) ٠‏ والخطورة أن 
يحدث مثل هذا الصراع علذيا أمام الشعب ؛ مما يسمح للكليات الحليا بتملق. 
أذواق الجماهير والاعتماد على جهلها ٠‏ فتحاول كل منها أن تقنم الشعب .يأئها: 
هى الوحيدة التى تعمل على سعادته ٠‏ الغاية واحدة ». ولكن الأسلوب مختلف» 
ولما كان الشعب لا يضع هناءه وسعادته فى الدرية , بل فى غاياته الطبيدية, 
وهى أن يكون سعيدا بعد الموت » وأن تكون ممتلكاته فى الدنيا محفوظة 
بالقواذين المدنية من طمع الآخرين فيها ٠‏ وأن يتمع ببدنه فى الحياة بالصحة 
الوافرة والعمر الطويل ٠‏ فان كلية الؤلسفة لا تستطيع المشساركة فى 
هذه الأهداف الا بقدر اعتمادها على العقل ٠‏ وعلى مبدا الحرية » وعلى ما 
يستطيع الانسان أن يقدمه لانسه بجهده الخاص » وليس بوعود الآخرين : 
ان يعيش شريفا , وألا يؤذى الآخرين » وأن يكون معتدلا فى صحته » صابر! 
فى مرضه » معتمدا على تلقائية الطديءة ٠‏ ولتحقيق ذلك » فانه. لا يحتاج الى ' 
علوم عميقة ؛: بل عليه فقط أن يضيط انفعالاته » ويتيع العقل ٠‏ ولكن الشعب. 
لا يهتم بهذا الجهد الفردى » لأنه يريد حلولا أسهل ووعودا أكبر ٠‏ فيطالب 


الكليات العايا أن تقده 


م له مقترحات أكثر قبولا نظخرا لأنه ورفض القوان.ن. 


الدذدى تحد من حردده أى الى تطااده د لاصلاح والتغيير . ودقول للفلاأسفة ٠:‏ 
كل ذلك أبها العلماء ‏ الفلاسفة درثرة معروقة مذذ زمان طويل » ائما بريد كل 
منا أن يعرف ثلاثة أشياء : الأول ٠‏ كيف أنال تذكرة الى الآخرة » واذا آثم 
جاحد ؟ والثانى » كيف أكسب .القضية وأنا مخطىء ؟ والثالث » كيف أكون 


ب 73789 د 


ذا صحة جيدة وأعيش عمرا طويلا » وأن اتمتع بالحياة بطولها وعرضها ؟ 
لقد درسم طويلا . ولكن المهم هو الحس السليم ! يتصور الشعب اذن العلماء 
كأنهم مندمون أو سحرة ينتظرون منهم خوارق العادات ! فاذا ها استطاع 
أحد أن يعطى الشعب ما يطلب » فائه سيحتقر كلية الفلسفة » ويوقن بعجزها 
عن 'ان توفر له احتياجاته ٠‏ ويكون: رجال الأعمال من خريجى الكليات العليا 
سحرة بالفعل أن لم يتركوا الفلاسفة يعملون ضصدهم 2 ليس من أجل قلب 
نظرياتهم أو.دحضها ٠‏ بل لكشف هذه القدرة السحرية التى يعزوها الشعب 
لهم ٠‏ هذا هى الصراع غير المشروع عندما يتعدى رجال الكليات الثلاث العليا 
على القوانين متعمدين ذلك . وكفرصة مؤاتية لهم لاظهار مهاراتهم آمام 
الشعب ٠‏ ان الشعب يحتاج الى فيادة » ولكنه يخطىء فى تصور قادته عملاء 
الكليات العليا » وليس علماءها , هؤلاء العملاء الذين يعرفون كيف يدبرون 
دياتهم » وكيف يعيشون ‏ ©1218 88701 ٠‏ وهم رجال الدين ورجال 
القضاء والأطباء ٠‏ لذلك تستعملهم الدولة , بعد أن حازو! ثقة الشعب بهم , 
ذظرا للوعود التى يلقونها اليهم لفرض ‏ نظرية معينة عليه » لا تتفق مع الحكمة. . 
بل تهدف الى السيطرة عليه , ففى اللاهوت مثلا من الأفضل الاعتقاد بحرفية 
النصوص ؛ دون فحص ما ينبفى اعتقاده بالمعقل , وآن الاتيان ببعض الطقوس 
واقامة بعض الشعائر يمكن أن يمحو بءض الجرائم المرتكبة ٠‏ وفى القانون 
تهدف طاعة القانون حرفيا الى منع المواطن من معرفة قصصد الشارع .٠‏ هذا 
هو الصراع غير المشروع الذى لا يمكن حسسمه بين الكليات العليا والكلية 
الدنيا لأن المبدا الذى تقوم عليه الأولى هى مبدا الحكومة ٠‏ حتى ولى كان 
الفوضدوية ورغبة كل فرد فى اتباع ميوله الخاصة ٠‏ ولو أرادت الحكومة 
ايقاع الكليات العليا فى صبراع مع كلية الفلسفة , فانه سيؤدى . لا محالة , 
الى موت الفلسفة كلية ٠‏ وهى طريقة بطولية لحل الصراع. ٠‏ 


أما الصراع المشروع , فانه ينشا من ارتباط النظريات التى تدمح بها 
الدكومة للكليات العليا , للاعلان عنها بارادة المشرع , وبالتالى كانت عرضة 
لاخطأ »2 وفى الوقت نفسه من ههمة كلية الفلسنفة التحقق من صدق هذه 
النظريات ٠‏ ويحدث صراع مشروع ,٠‏ لأن هذه النظريات تعارض العقل »2 وهو 
صراع مشروع » ليس فقط من حيث الحق والقانون » ولكن أيضا من حيث 
ما ينبغى .أن يكون ٠‏ فاذا كانت هناك بعض النظريات مستمدة من التاريخ , 
وتوحى بتصديقها » فان من وجابات كلية الفلسفة فحصها ٠‏ فاذ!ا اتفقت مع 
الءقل ثم قدولها , أما اذا كانت معتمدة على الحس أو العاطفة ؛ فان من حق 


غ5 ده 


كاية الفلسفة اعلان ذلك , بعد فحصسها بالعقل الهادىء ٠‏ وتحويل العاطفة 
الى تصور » دون أن يثال ذلك من قدسدتها ٠‏ ويضدع كانط أريعة ميادىء صورية 
لادارة مثل هذا الصراع المشرؤوع وهى.: 


0 لا يمكن حل هذا الصراع ياتفاق وذى 2 دل دتطلب اصدار حكم‎ ١ 
أى قرار له قوة القانون الذى ددمندرة القاضى » وشو العقل 1 وهنا يرفض‎ 


الددرير 0 خادما اشىء آخر كما هو ااحال فى اللاهوت . 


١‏ الا يمكن انهاء الصراع مرة واحدة والى الأرد لأنه سسيكون هناك 
دائما نظريات تعرضها الحكومة » وتدافع عنها الكليات العليسا وفى حاجة 
الى بحث وتحقيق وتمحيص ٠‏ أن كلية الفلسفة تدافع عن بقاء هذا الصراع 
لاما أن هناك عقلا بشريا. فى مواجهة نظام وضعى متمثل فى السلطة السياسية 
ووكلائهامن رجال. الدين » ورجال القضاء » ورجال الأعمال ٠‏ 


'" ل لا يمكن أن يتضدمن هذا الصراع أى ادانة لاجكومة » أو اتهاميا 
بالخطا » فالصراع دين الكليات ليس صراعا. مع الحكومة , ولكنه صراع دين 
كاية وباقى الكليات التى تستخدمها الحكومة بوقا لها ٠‏ وهو نقاش يدور بين 
جماعة العلماء » وليس دين الجماعة السياسية. ٠‏ ولا شان للحكومة بالخلاف 
دين العلماء ٠‏ ان الكليات العليا تمثل اليمين فى البرلمان » وكلية الفلسفة تمثل 
اليسار ٠‏ الأولى تدافع عن الحكومة ٠‏ والثانية تفحص بحرية وبموضوعية. ٠‏ 
ولا يجب أن تتدخل الحكومة فى هذا الصراع والا نصرت الكليات العليا ضد 
كلية الفلسفة , والتى ما زالت الحكومة تعتيرها بدعة ٠‏ وهنا .تبدو جرأة كاذط 
فى اعتبار المعارضمة الذكرية يسارا والموافقة يمينا ٠‏ وييدى كاحد المناضلين 
الكيار : دفاعا عن حرية الفكر ضد الوضع القائم ٠‏ 


- يدور هذ! الصراع اذا كان: هناك اتفاق بين جماعة العلماء. وجماعة 
المواطذين فيما يتعلق بالقواعد التى يمكن مراعاتها لصالح التقدم الدائم 
وااسدمر.ألكايات بنوعدها .ذدحق كمال أعظم 2 لاغية. دذاك كل الحدود والقيود. 
على حرية الفكر والراى والتعدير القى تضدعها الدكومة ١‏ وعغلى هذا الندو 
تصبح الكليات العليا هى الدذيا والكلية الدنيا هى العليا ٠‏ ولا يحدث هذا 
لتحول بالحصول على سلطة , أو بتغبير الحكومة حلفاءها وعملاءها 3 


ىب 568 سه 


ولكن عن طريق اسداء: النصح من ديدهم السلءطة » حتى تجد السلطة فى هذه 
.الفكرة أنجم وسيلة.لتحقيق غاياتها .دون الاعتماد على السلطان ٠‏ 


ان هذا الصراع بين الكليات يهدف أساسا الى تحقيق غايات قصوى 
للبشرية وأهداف سامية للانسانية » وميس حريا أى نزاعا تتباين فيه المقاصدء 
وخلافا بين ما للأنا وما للاخر من حق وعلم ٠‏ ان الحرية فوق كل شىء » 
والحرية فوق الملكية ْ ومهمة كلية .الفلسفة هى توعية الشعب بحقوقه وخلق 


ويعد هذه المبادىء العامة يعطى كانط نماذج عملية لمواطن هذا الصراع 
وموضوعاته » وطرق حله ؛ بعد أن بين موقع هذا الصراع بين الحكومة 
والشعب ٠‏ فموضوعالصبراع الأول هو تفسبير الكتاب : هل النقل أساس العقل 
أم أن العقل أساس النقل ٠‏ كما يقول المسلمون القدماء ؟ يدافع عن الموقف 
الأول اللاهوتى الكتابى ٠‏ وهى العالم فيما يتعلق بايمان الكنيسة الذى يقوم 
.على قواعد أى .قوانين. مستنبطة من. ارادة شخص آخر ٠‏ .ويدافع عن الموقف 
الثانى. اللاهوتى العقلى وهو -العالم بالعقل فيما يتعلق بالايمان الدينى الذى 
يقوم على قوانين باطنية » يمكن استنباطها من عقل أى انسان ٠‏ ولا يمكن 
أن يتأسّسن الديّن: على مجرد أوامر ونواة وطقوس ؛ كما أنه ليس عقائد يقال 
انها وحى من عند الله » بل يشمل مجموع واجباتنا بوجه عام ء باعتبارها 
أوامر انهية ٠‏ فالدين على هذا الندو لا يختلف عن الأخلاق فى مادته 2 أى 
فى هموضوعة لأنه يتعلق: بالواجدات ٠‏ ولكنه يختلف فقط فى الصورة » أى 
فى تشريع العقل المستنبط من فكرة الله , باعتبارها فكرة خلقلية من أجل التأثير 
على الارادة الانسانية للقيام بالواجيات ٠‏ وبهذا المعنى ليس هناك دياناث 
متعددة بل طرق متعددة للايمان بالوحى الالهى ونالعقائد الزسمية التى لا تاتى 
من الغقل ٠‏ أئ 'صور مختلفة وتمثلات حسية للارادة: الالهية ٠‏ فالمسيحنة دين 
+هذا-المعذئ ٠‏ ؤهى فى الكتان ٠‏ وتتكون من“جزءين مختلقين : قواعد الايمان 
الرفالة '» وآلة الايمان 0 3 الأول هى “الايمان الديني 
الخالض القائم على العقل دؤن قواعد ٠‏ والثانى :هن الايمان الكنسى الذى 
يقوم' علئ القواءعد ٠‏ ويتطلب” الوحى:.” ٠‏ يقول اللاهوتى الكتابى : ابحثوا - 
الكتاب: تجدوا سعادتكم ؛: وكأن منعادة الانسان 'تكمن فى نص مكتوب ٠‏ 
المدادئء والتضوزات لا تؤّخذ من كتاب حسئى تاريخئ : ؛ قد يتفق مع باد 
الدينى » وقد يختلف ٠‏ وتصر كلية اللاهوت الكتابى على الكتاب » وكأن 


- 7585 - 


الايماخ بهذه الأشياء جزء من الدين ٠‏ *. وهنا تأتى كلية الفلسفة وتدخل فى 
الصراعمن أجل ؟نضاعهذا الخلط٠وما‏ يقال عن منهج التفسير. يقال أيضبا.ءن 
تعاليم الدواريين المرتبطة بعصر وزمان معينين 2 سواء سلدبيا عن طريق 
التسليم ببعذى الكراء الخاطئة فى عصرها لكى لا تصطدم بعقائد الناس 
الشائعة مثل التسليم توجود الأرواح الشريرة '. أم ايجابيا مثل ايثار 
شعب معين , والانتقال من الايمان القديم الى الايمان الجديد ٠‏ خلاصة 
"الأمن : ان علم التفسير هو أحد موضوعات: الضضراع بين كلية اللاهوت. وكلية 
الؤلسفة ٠‏ تتهم الأولى الثانية باستبعاد العقاك الموحى بها أى تأويلهسا 2 
بحيث تتفق مع العقل ٠‏ وتتهم الثانية الأولى باهمال الدين الباطنى الخلقى 
الذى يقوم على العقل" ٠‏ ان كلية الفلسفة تهدف الى الحقيقة , وبالتالى تضطر 
"الى تأؤيل :النصوص ٠‏ ولا يعنى ذلك أن التفسير يكون فلس فيا فقط : بل 
تكون 'مبادىء التفسير فقط هى كذلك ٠,‏ لأن مناهج التفسعيز تاريخية أو 


اللقوية فى كل الأحوال تعتمد على مبادىء يمليها الغقل ٠‏ 


ويطرح: كانط أربعة مبادىء فلسفية لتفسير الكتاب . من أجل حسبل 


١‏ ان آيات الكتاب التى تدتوى على بعض العقائد النظرية والمسلم بها 
على أنها مقدسة , ولكنها تتجاوز حدود العقل . يمكن تفسيرها بالعقل ٠‏ أما 
تلك التى تتضمن قضايا ضد العقل العملى , فانه يجب تأويلها » وهى ما قاله 
علماء أصيول الفقه من قبل ؛ وهو أن الخبر المتواتر يءطى اليقين » نظسرا 
وعملا » فى حين أن خبر الواحد يكون ظنيا فى النظر » ولكن يقينيا فى العمل ٠‏ 
ويضرب كانط على هذا المبدأ مثلين : الأول » عقيدة التثليث ٠‏ فهى من الناحية 
الحرفية لا شأن لها بالحياة العملية . على عكس أوغسطين الذى يرى أن 
التثليث كائن فى كل. خلجة من خلجات النفس الانسانية » وفى كل مظهر من 
مظاهر الطبيعة ٠‏ فالتثليث النظرى لا يهم عند كانط » انما المهم هو آثاره فى 
الأخلاق العملية ٠‏ وكذلك عقيدة التجسد التى تجمع بين الله والانسان 
وتضعهما معا فى التاريخ ؛ اذ ليس من أثر لهذه الحقيقة فى الحياة العملية٠‏ 
فسواء أكانت المادة روحا أم كانت الروح مادة » فلا أثر لذلك فى الحياة 
العملية .. على عكس ما قاله أوغسطين فى آثار ذلك على الأخلاق والعيش 
روحيا فى العالم المادى ؟وى ماديا فى العالم الروحى ٠‏ ويهاجم كانط ما قاله 
الحوارى بولس من أنه اذا لم يبءث المسيح فان بعثنا يكون على غير أساس 


-/ا4- 


لأذه أقام حقيقة عملية خلقية على ظن نظرى وهى واقعة بعث المسيح ٠‏ وكذلك 
يقال الشىء. نفسه فى العشاء الريانى ٠‏ فسواء أحدث تاريخيا أم لم يحدث » 
فانى يعنى الوداع ٠‏ وداع المعلم التلاميذ ٠‏ والموت والجرح على الصليب 
لا يهم , اذا كان قد حدث تاريخيا أى لم يحدث » فذلك يعنى فشل المشروع ٠‏ 
ولماذا الدخول فى مناقشات حول صرحة الروايات. التاريخية مع. أن العقل 
يكفينا ٠‏ باعطائنا اليقين العملى ؟ وهنا يبدى أن كانط كان مؤّؤسس هذ! النقد 
الخلقى والفلسفى والروحى للكتاب المقدس » والذى سارت فيه البروتستانتية 
.الخلؤية ...و الكاثوليكية فيما بعد » دون أن يعطى اهتماما , كما فعل اسبينوزا 
.من قبل ,؛ لنقد-.النصوص اءعتمادا على العقل ٠‏ ويضرب كانط مثلا ثانيا بآيات 
الكتاب التى تعارض تصورنا العقلانى لله ولارادته ٠‏ فقد اتفق اللاهوتيون 
على ضخرورة فهم النشديه دما يتفق ومقتضيات التنزيه ٠‏ فالعقل هو المفسس 
الأعظم ٠‏ كما أن عقيدة بولس قى القضماء المسبق تمثل راأيه الخاص الذى 
لا يتفق مع العقل لأنه ضد الحرية واختيار الافعال والمسؤؤلية والأخلاق ٠‏ 


؟ ‏ ان الايمان بالمعقائد النصية التى يوحى بها يكون ايماذا صحيحا 
اذا عرفذا أنها لا تحتوى على أية قيمة نظرية فى ذاتها » وان غيابها اى الشك 
فيها ليس عيديا ولا:ذقصصدا لأن الدين شى ما وقر فى القلب وصدقه العمل 
والعمل هو الذى يهم : وليس النظر ٠ويكون‏ مقياس صحةالعقاش النصية » هو 
مدى اتفاقها أى اختلافها مم العمل:٠‏ ليست العقيدة هى الايمان بل العمل , 
اذ ان الايمان النظرى لا يمكن البرهنة عليه مثل العماد » فى حين أن الايمان 
العملى ظاهر للعيان فى سلوك الأفراد: ٠‏ ان العقائد تهم الكنيسة وحددها 
ونظامها وسلطتها . فهى تعيش عليها وتتعيش منها ؛ ولكنها لا تهم الايمان 
الباطنى واليقين الخلقى ٠‏ ويبدو أن كانط ينزع هنا نزعة صوفية 'خالصة , 
تحيل الدين الى: مجرد أخلاق عملية , هروبا من العقائد النظرية الظنية ٠‏ 


"' ع أن العمل دكدون نتيجة لاستعمال الانسان الخاص. قواه الخلقية , 
وليس نتيجة علة فاعلة خارجية علوية » يقف الانسان أمامها موقفا سسلدبيا 
عاجزا ٠‏ لذلك يجب تأويل النصوصص التى توحى بهذه العلة » بحيث تتفق مع 
المددا الأول ٠‏ وييدى كانط هنا مدافعا عن حرية الاختدار هد سك الجير ذى 
الأفعال 2 مدرزا ارادة الانسان ومسؤوليته الذاقية 0 فى مقادل وكعده السلدى 
فى اللافوت « دين خطيئة أدم وخلاص المسديح ٠‏ فلا هو يتحمل ورن آدم الذى 


- 7 - 


عندما.. لا يكفى السلوك الشخصى لتبرير الانسان أمام ضميره . 
بسدمم . للعقل يأن يعترف. بحدوده .. وبأنه فى حاجة الى شىء مكمل يأتيه هن 
فوق الطبيعة ٠‏ لاكمال نقصه , وبالتالى يجب تفسير النصوص الخاصة بذلك: 
والمتعلقة بشعب معين على هذا الأساس ٠‏ ويبدوا أن كانط. هذا يشير الى 
عقيدة . الاختيار فى العقائد البهودية 2 ويحاول .تفسيرها 2 بحيث تتفق مع 
مبادىء المقل . وهو طلب العون بقرار من العقل ٠‏ ولكن حتى هذا التفسير 
لا دبدو متفقا مع فاسفة كاذط العقلية الصارمة لأنه يعترف دامكانية عجز 
العقل »2 ويأن له حدودا 2 ويأن وراءه قوة أخرى قادرة على تجاون هذد 
.الحدود ٠‏ وهو الموقف اللاهوتى التقليدئ الذى يرفضه. كانط ٠‏ فاذا. كانت 
المبادىء الثلاثة الأولى تمثل خطوات الى الأمام . فان هذا المبدً الرابع يمثل 
خطوة الى الخلف ؛ بالنسبة لفلسفة كانط , وان كانت تمثل خطوة الى الأمام 
بالنسبة لفهم عقيدة الاختيار فى اليهودية ٠‏ فاذا ما اعترض اللاهوتى الكتابى 
على هذه المبادىء الأربعة قائلا بأنها تشير الى دين الطبيعة » وليس الى 
المسيدية ٠‏ أمكن الرد عليه بسهولة بأن المسيصية هى دين الطبيعة والعقل » 
كءا لاحظ لسنج من قبل . حتى ولو كان مصدرها من خارج الطديعة ٠‏ 


ونظرا لأهمية الاءتراضات التى يمكن أن توجه لمبادىء كانط الفلسفية 
فى التفسير لحل موضوع الصراع ٠»‏ فانه يورد نوعين من الاعتراضات : 
اعتراض اللاهوتى النصى الكتابى » واعتراض العقل ضد نفسه وضد التفسير 
العقلى للكتاب ٠‏ يوجه اللاهوتى الكتابى اعتراضين : الأول » ان هذه أحكام 
كلية الفلسفة التى لا يجب أن تدخل فى ميدان اللاهوت النصى .٠‏ ويمكن الرد 
على .ذلك بأن ايمان الكنيسة فى حاجة الى علم تاريخى ٠‏ أما الايمان الدينى 
الباطنى فانه يحتاج الى العقل وحده ٠‏ فتفسير الأول كحامل لاثاني يتم بمقتضى 
العقل . فيكون الأول وسيلة , والثانى غاية ‏ وليس هناك من. هى. أعلى من 
العقل بشأن الخلاف حول الدقيقة ٠‏ لا خطر اذن على اللاهوت من الفلسفة , 
بل .أنه.لشرف :له .حل الخلافات بين اللاهوتيين النصيين ٠‏ وعلى أى حال » فى 
الوقت الذى يتوقف فيه-اللاهوت عن::استخدام -الفلسفة ‏ تتوقف “الفلسفة ‏ عن 
التدؤل. فى اللاهوت ٠.والاعتراض‏ الثانى أن هذه المدادىء الفلسفية العامة 
فى التفسير هجرد تفسيرات رمزية صوفية , وليست نصية أى فلسفية ٠‏ وهذا 
غير صحيح. فى رأى كانط لأن التفسسسير النصى هو التفسير. الرمزى “الذى 
يأخذ :الغهد القديم باءتباره مجرد حكاية رمزية ‏ © #مه6لاه ٠أما‏ 
التفسير الخلقى » فانه يستبعد التفسير الصوفئ لأن الأحلام والرؤّى تأدى 


ب 585 س 


من خارج الطبيعة , فى حون أن الأخسلاق تعتمد على .العقسبل ؛ أى :على 
الطبيعة ٠‏ 


أما النوع الثانى من الاعتراضات التى يوجهها. الءقل. ضد نفسه فى 
محاولته تفسير الكتاب تفسيرا عقليا , فان كانط يذكر منها أربعة وهى : 


١‏ ان الوحى بقفسر بذاته 3 وليس بالعقل < 0 لآن. اشاس هذه المعرفة 
ليس عقليا ٠‏ ويرد كانط على هذا الاعتراض بأنه لذلك السبب بِغْينة لابد من 


استعمال العقل 2 لأن الوحى لا دتأسيس فى التاريخ أ في التجرية 0 .فى 
العقسل ٠‏ 


الما كان النظر يسبق العمل » وكان الوحى متضمثا الازادة الألهية, 
فان البداية بالعقل , أى النظر فى موضوع الارادة أى العمل ذظا وشك فى 
الارادة ٠‏ وفى رأى كانط إن هذا الاعتراض :صديح فيما يتعلق دايمسسنان 
الكئيسة ولكن ليس قدمأ نتعاق دا لادمان الدينى الذئ دقوم على الاغتقاد 


٠ لدقيقة‎ 8 


كيف يمكن أن يقال للميت : « قم وسر ».ان 'لم. يصداحب هذا القول , 
اذا تحقق ٠‏ قوة خارقة للعادة » لا شآن للعقل بها ؟ ويرى كانط.أن هذا النداء 
موجه أيضا للعقل ٠‏ ويشير الى المبدا الترنسندنتاللى للحياة: الخلقية :» أى 
امكانية الحياة الخلقية بقعل الارادة ٠‏ ويبدى أن كانط هذا يستعمل مجبطلحه 
الشهير لتبرير وقوع المعجزات ٠‏ 


ة اان الايمان بوسيلة مجهولة يتعلق بها مصيرنا. ايقوم على علة نعترف 
بها مجانا ٠‏ اشياعاأ لحاجة ‏ نشعر دها ٠‏ ولا دخل للعقل فى ذلك ٠‏ ويعءترف 
كائط بصحة ذلك » ولكن من الأفضل تأسيسه على فكرة. قبلية. على الأقل من 
الناحية العملية . . 


ويعود كاذط من جديد الى موضوع وحدة الدين وتعدد الفرق والمذاهب 
والذحل والملل٠لوس‏ هناك الا دين واحد ما الفرقفتنشا من ايمان الكنيسة , 
وتقوم على التراث والكتاب ٠‏ ولا يهم الاحصاء التاريخي للفزق » مثل : 
الدهودية : والمشيانية", والمسيحية الشعيية : والمسيحية الخاصة ' ٠‏ دبل اقسمتها 


قرايا 0 ودكون ميدأ القسمة حدنئذ أما الدين وأما الخرافة أو الوثنية ٠‏ وهو 


ل +78 هس 


ميد عقلى مثل « .آلف » تعارض ١‏ لا آلف » ٠‏ والذين يعتقدون بالمبدا الأول 
هم المؤمنون » والذين يعتقدون بالمبدا الثانى هم الكافرون ٠‏ الايمان هو وذسع 
الأخلاق والتقورى فى الدين » والكفر اخراجهما منه لأنه لا يعترف دوجود 
كائن ترنسندنتالى خلقى » أى لا يعترف بالأخلاق ذاتها' ٠‏ كل ايمان مرتبط 
اذن قبليا دالأخلاق 2 وهى الايمان الباطنى “وان لم يرتيط فاذه يكؤن الايمان 

كما تصفه الكئيسة ٠‏ وبالتالى يكون وصف الكنيسة بأنها شاملة تناقضا 
لآن الشمول يتضمن الضرورة ٠‏ وهما صصفتان للعقل » وبالتالى صفتان 
للايمان الباطنى ٠‏ أن كل ايمان كنسى يطرح عقائد منظمة' على أنها عقائ 
دينة » يدتوى على قدر من الوثنية » أى وضع الغرضى فى الجوهرى ٠‏ والذين 
يقومون على هذا الايمان هم رجال الدين ٠‏ وربما تحول ايمان البروتستانت 
أيضا الى هذا الايمان ٠‏ وهنا يبدو كانط مصلحا للبروتستانتية أيضا محذرا 
.اياها من الوقوع فى الايمان العقائدى , بعد أن كانوا مؤسسى الايمان الباطنى 

تنش الفرق الدينية أو الطائفية من سلطة الايمان الكنسى على الايمان الباطنى, 
فيتفرق الناس شيعا ومذاهب , ويتركون الايمان الباطنى الذى يقوم على 
العقل والضمير ٠‏ وتكون النتيجة الفتنة والفرقة والتمرد والعصيان ٠‏ ليس 
ضد المضمون بل ضد الشكل ٠‏ وكلما قوى التساط كثر التعدد والتفرق 2 
فتنشنا فرق أخرى علنية أو سرية مع الدولة أو ضبدها , أى تظهر وسائط أبعد 
مناتكون عن الدين ومصلدة المجتمع» مثل مشايخ الطرق والأذرياء الكذبة ١‏ ومن 
دم الادتّعاد عن الأخلاق: والدين الباطنى ٠‏ الفرق هى السيب فى وجود ديائات 
متعددة فى الدولة كما أن الايمان الكنسى هو السنب فى وجود هذه الفرق: 

وترك هذه الفرق والديانات للشعب دليل على حرية الضمير والاختيار الحن ٠‏ 
وهذا ثناء على الحكومة التى تسمح للشعب بمثل هذه الحرية وهذا الاختيار ٠‏ 
ولكن ذلك مضر بالدين ٠:‏ لأنه خال من الوحدة والشمول ٠‏ ولماذ! يكون هناك 
خلاف على الوسائل دون الاثفاق على الغاية » وخلاف على الصورة دؤن 
الاتفاق على المضنمون ؟ ان وحدة الدين ممكنة اذا أخذنا فى الاعتبار الغاية 
والجوهر والمضمون بين الطوائف والفرق الدينية المختلفة » وتركنا الوسيئة 
والصورة والعرض * ويمكن لايهود أيضدا أن يجدوا وحدة الدين لى تركوا 
كل أشكال الدين السجرى القديم ٠‏ تركوا « اللملابس بلا انسان » , وأخذوا 
« الاثسان بلا علايس .» أى تركوا « الكنيسة بلا دين » , وأخذوا « الدين 
بلا كنيسة » ٠‏ بل يستطيع اليهودى أن يؤمن بالمسسيحية » ويؤول التوراة 
والانجيل 1 ويفرق بين المسيح اليهوودى وهى يخاطب اليهود والمسيحى الذى 


ب 03لآاس 


الخلقية لدى الطوائف الأخرى ٠‏ وفى مقدمتهم الطائفة اليهودية ٠‏ 


وتاييدا لهذا التصور وهى « وحدة الدين باعتياره غاية فى قلب كل 
انسان » . يصوغ كائط القضضية من جديد فى صورة عرض اأمشكلة , وايراد 
الحل. » ثم ذكر البرهان من داخل البروتستانتية وحدها 2 وبوجه خاص 
مندهب التقوى أو القنوط الذى نشا فيه كانط .٠‏ فالمشكلة التى وضعها :شبنر 
زع طاء ورت ( 1776 ١7١8١‏ ) هى أن الوعظ الدينئ يجب أن. يحولنا 
الى آخرين . وليس فقط الى ذوات أفضل ٠‏ وقد غارضت الأرثوذكسية هذا 
الرأذى بالرغم من أنه يعبر عن مشكلة قائمة بالفعل , أى قدرة الايمان الباطذنى 
على أن يحولنا الى الآخر . ولنس فقط على تحسين' الذات ٠‏ ؤهناك جل 
صوفى لهذه "المشكلة يأتى من خارج الطبيعة الحسية ٠‏ ثم يظهر فى العاطفة 
الانسانية بطريقين : عصر القلب » أو كما يقول صوفيتنا القدماء 5 القيض » 
أى انفراج القلب , أو : البسط » ٠‏ الأول للتخلص من الشن والثانى للتمتع 
تالذير ٠‏ لذلك ظهرت فى البرؤتستانتية فرقتان : ١‏ هذهب التقؤى غ2 غند 
شبنز وفرانكه 16هة2 (17717 7 )١17717‏ ؛ « والموزافية »عذدا زنزْتدورف 
7ط 1170 -. 075) ٠‏ يرى الأول أن التمييز بين الخير والنقسر 
والخلاص من الشر يتم بقوة تأتى من خارج' ' الطبيعة » وان الشمول من الشر 
الى الخير يتم بمعجزة تحدث فى الصلاة الحية , أى فى انقعالات الحزن 
واللخوف ٠‏ كما كان المال عند هامان ( أشهر ساحر فى شمال أكانيا 1 ' ويرى 
الثانى أن الخلاص . من الشي يتم عن طروق وعى الأنسان بخطئه ؛ واتجاهه شحو 
الكمال ٠‏ ودعرفة ذلك بالعقل ٠‏ وتكون وظيفة القانون الخلقى" فى هذه الحالة 
أن يعكس لد نقصه ٠»‏ ودؤهله للذير ١‏ فاذ! .ماتحقق ذلك تكون ا معجزة 
تحققت ٠‏ وكلا المذهدين أتجاه حدوفى .فردى روحى يعتمد ٠‏ على الشروط الذاتية 
والفضيل الالهى ؛ الأول فى صمراعه الرهيب مع الثبر ؛ والثانى بإستلهاعه روح 
الخير ٠‏ أما كانط فانه يقوم.فى النهاية بعرضى برهانه الذى يقوم على اشْتيعاد 
كل ما يأتى من خارج الطبيعة » وكان ما يأتى من التجزية والعاطفة والاحلام: 
لأن فكرة الله لا توجد الا فى العقل ٠‏ انما الدرهان الوحيد.فنو الانسان » ممثل 
الانسانية 2 الجدير: بعدم الشنك فى انسانيته 2» ووعيه بأئه خاضع للقوائين 
الخلقية المؤسسة فى العقل لأن طاعة هذه القوانين فطابقة النظام الطبيعى 


ل 560:9 - 


'وللوقل الخالص ٠‏ فالبرهان هو ما ينيغى أن يكون 2 وليس هأ يأتى من خارج 
الطبيعة الدسية . هو الاستعداد الذلقى الداخلى للانسان والذى لا يفضله 
عن انسانيته » ويكون موطن الاعجاب فيه ٠‏ وعلى هذا النحى يتجاوز كانط 
العيبين الرئيسين : الأرثوذكسية بلا روح » والتصوف القاتل ٠‏ انما اليرهان 
الوحيد هو الايمان الذى يقوم على النقد والعقل العملى » وهو القار فى 
قلوب البشئ. , والدافع: لهم نحى الكمال , والمنظم للكنيسة الشساعملة. غير 
المرئية ٠وليس‏ من خطورة فى استعمال الحكوه: إثل هذا الايمان » كما تفعل 
مع الادمان الكنسى. لأن الايمان الداطنى لا يتحول الى ادمان كنسى بل مجرد 
حالة فردية لا يمكن للحكوءة أن تضع يدها عليها » وتفتش فى ضمائر الذاس٠‏ 


ويختتم كانط الجزء الأول من كتابه لبيان كيفية حل الصراع بين كلية 
الفلسفة وكلية. اللاهوت حتى يعود السلام والوئام بينهما عن طريق تقسيم 
العمل ٠.‏ ففدما يتعلق بمسائل العقل العملى النظرى تكون مهمة كلية الفلسفة 
الشكل ؛ ومهدة كلية اللاهوت المضمون أو المادة ٠‏ ليست مهمة كلية اللاهوت 
الايمان العقلى الذى يمكن معرفته قبليا . ولكن الأحكام القانونية المستمدة 
هن كتاب أو طبقا إدثاق قديم أى جديد بين الله والانسان ٠‏ وذلك عمل فقهاء 
القانون . وليس عمل عقل العلمانيين ٠‏ الايسان النقلى ايمان مشسيانى 
نان ( مخاصى ) تاريخى 2 مؤسس فى كتاب على الميثاق 
دين الله وابرأهيم , ايمان بكئيسة ميشيانية ٠‏ أو موسوية »2 أو أنجليلية . 
ابتداء هن تاريخ الكون فى سسفر التكوين حتى نهاية العالم » كما تعرضه 
رؤيا يوحنا ٠‏ ولكن نظرا لوجود اضطراب زمانى فى الكتاب يحدث شك فى 
الصحة التاريخية للنخصوص ٠‏ فالكتاب يعبر عن ارادة الهية كما تصفها 
أحكام الشريعة وبالتالى يكون أسرع وسيلة لاعطاء الانسان السعادة ,» يشرء! 
صحة النصوص ٠‏ ولكن أمام ذلك عدة ضعوبات ٠‏ قمثلا : اذا كان الله قد 
تحدث فى الكتاب ٠‏ كيف يتحقق الانسان من أن الذى تحدث فى الكتاب هو 
الله .:بالرغم من غدم وجود برزهان حسى علئ ذلك ؟ ان الانسان على يقين 
أنه أذا ما:عازضت أحكام الكتاب قوانين الأخلاق: فان ما يقال عنه أنه 
حديثمن عند لله يكون حديثا مزيفا لدس من عند الله ٠شرعية‏ الكتاب لا تأتى 
إذن من. تعاليم فقهاء الشريعة يل من: اتفاقه مع الأخلاق ٠‏ أن وظيفة دين 
الكتاب هى .السيطرة على الشعب. » كما تفعل .الحكومة تماما ٠‏ وبالتالى تكون 
اقاءة الأخلاق على الكثاب دافعا على الشك فيها ٠‏ ولكن الكتاب نفسه يحتوى 


5060# د 


على برهان الألوهية أى الخلقية » نظرا للاثر الطيب الذى يحدثه فى حياة 
الناس ٠‏ أما الحقيقة النظرية ؛ فانها تتأسس على المعرفة التاريذية ٠‏ وعلى 
هذا لادد من أخذ الكتاب ٠‏ وكآنه وحى هن عند الله ٠‏ ولا بد أن يقول لنسا 
المفسر : هل حكمه على الكتاب حكم صدحيح أم حكم عقائدى ؟ ٠‏ الحكم الأول 
لايد أن يكون متفقا مع النص ؛ أما الحكم الثانى فهدفه التربية الروحيسة 
والخلقية لأن الايمان بمجرد قضية تاريخية أيمان ميت ٠‏ الحكم الاول هدفه. 
علمى خالص ٠‏ بينما الحكم الثانى هدفه تربوى شعبى ٠‏ الأول من حق أساتذة 
اللاهوت » ولكن الثانى من حق أسداتذة الفلسفة وحدهم حين يضدون الحكم 
الأول تحت مجهر العقل والنقد ٠‏ 

ثم يشفع كانط هذه الخاتمة لتحقيق الوئام والس لام بين الكليتين 
المتنازعتين بملحقين : الأول عن بعض المسائل النقلية الثاريخية تشعلق 
بالاستعمال العملى للكتاب المقدس , ووقت ظهوره فى التاريخ » وهى مشكلة 
الصحة التاريخية التى يحلها كانط بالصدحة الخلقية ٠‏ والثانى عن التصوف 
الخالص فى الدين ٠»‏ وفيه يبن كانط وضع الانسان فى العالم وما يتمتع به 
من عقل وحرية * ويذكر كانط من هذه المسائل النقلية التاريخية : اذ كانت 
الحكومة هى وسميلة الربط بين الكنيسة والشعب , ماذ! يفعل الايمان الكنسى, 
اذا لم يجد الدكومة وراءه تهعمه ؟ من مؤّلف الكتاب ؟ وفى أى عصي دم 
تأليفه ؟؛ هل ل نعلم قواء. د اللغة القديمة لكى نفهم الكتاب وندسن 
تفسس_يره ؟ هل لدينسا وثائق .صصسسس-_حيدة ؟ هل نعلم شسيئا عن 
السبديذية ( ترجمة التوراة العبرية الى اللغة اليونانية فى الاسكندرية على 
يد سبعين عالما ) ؟ ولا يجد كانط أى اجابة عن هذه الأسسئلة العلمية . كما 
يجد اسبينوزا ٠‏ ولكنه يجد اجابات خلقية ٠‏ فمهمة الكتاب التربية الخلقية 
والروحية ٠‏ فاذا ما حدث تعارض بينهما ٠‏ فلا بد للكتاب من أن يتنخى لصالح 
الحقائق الخلقية لأن الظن لا يغنى من الحق شيئًا ٠‏ فالكتاب ظن والأخلاق 
دقين » والتفسير بالسياق أفضل من التفسير الحرفى لأنه يعتمد على العقل 
وعلى حقائق العقل الثابتة » كما يعتمد على قوانين الأخلاق الشاملة ٠‏ ان 
الهدف من قراءة النصوص ليس معرفة معانيها الحرفية ولكن تحسسين 
الأخلاق ٠‏ فالموعظة تخرج المعنى من قلوب المستمعين » وليس من الحروف 
والألفاظ ٠‏ ان شهادات الانجيل .ليست وثائق تاريخية صحيحة بل مباديء 
عملية للعقل فيما يتعلق بالتاريخ المقدس ٠‏ وهذا أفيد للشعب وللدولة من 
التفسير الحرفى للخصوص ٠‏ 

( دراسات فلسفية ) 


تل 5 


وفى الملحق الأخير يتحدث كانط عن التصوف الخالص ‏ فى الدين » وهو 
فى حقيقة الأمر ليس تصوفا » بل فلسفة كانط الخلقية التى هى عرض لمذهب 
القنوط على مستوى العقل ٠‏ فالفلسفة عند كانط هى فلسفة تمثل الانسان : 
تصوراتثه وعقله وخريته ٠‏ وهذا هو معنى «١‏ ثقد العقل الخالص » 2 عكس 
الفاسفة القديمة التى جغلت الانسان ساليا ٠‏ وكان كانظ هنا يلخص فلسفته 
كلها فى « الثورة الكوبرذيقية » الثى يكون فيها الانسان مركز العالم » ويكون 
كائط يعد ديكارت فى «١‏ الأنا أفكر » . مؤسس الانترودبولوجيا في بدايةالعصور 
الحديثة » فى مقابل الثيؤلوجيا التى كانت سائدة فى العصر الوسيط : 
الانسان عند كاذط عنصر ايجابى نشط يخلق العالم بتصوراته ٠‏ الانسان هو 
ما يكون وما ينبغى أن يكون.: الأولمن خلال الحس والذهن ٠؛‏ والثانى من خلال 
العقل ٠‏ الانسان بلا عقل. أى ارادة يكون كالحيوان ٠‏ ويعنى العقل والارادة 
فى الانسان شيئًا واحد! » الحرية ٠‏ ان لم يعمل الحس والذهن فى الموضوعات 
الخارية » يعمل العقل والارادة الحرة فى الأخلاق ٠‏ الأول مرتيط بالجسد ,2 
والثانئ بالروح : وينتهى كانط من كل ذلك الى أن الأخلاق هى البرهان 
الوحيد على وجود الله ٠‏ فمن فكرة الله النظرية تنشا فكزةالله العمليةكمشرع 
للاخلاق شامل ذكل واجداتنا ٠‏ ملكوت الله هى ملكوت الأخلاق ٠‏ وهذا هو 
الدين الحق ٠١‏ ولا غرابة أن دقول 'الصوقية الشىء نفسه ».وهم الذين يسمون 
« المتعزلين 4 » فالدين لديهم ايمان باطنى بلا عقائد أى طقوس أو أشس كال » 
بل: مجرد ايمان قلبى لا يقوم على كتاب أو كذيسية ٠‏ وهم الكانطيون حقا ؛ 
منهم التجار ٠.٠»‏ والعلماء . والعمسال , والفلاحين » ولكن ليس من بيذهم 
اللاهوتيون:- ٠‏ وهم مثل طائفة الكويكرن 0113212615 الذين .يؤمنون 
دالله ايمانا قلبيا خالصا. ".وهنا يبين كانط بصراحة موقفه الخلقى الصوفى 
الباطنى فئ :مواجهة اللاهوتى الكتابى الكنسى (0) ٠‏ 
8 


رايعا : الصراع ددن كلدة الفاسفة وكلدة الحقوق : 


وفى القسم الثانى يتناول كائط موضوع الصمراع بين كلية الفلسفة وكلية 
الحقوق ٠‏ وأول ما يتبادر الى الذهن , كما هى. الحال فى الصراع الأول بين 
كلية :القاسفة ؤكلية اللاهوث , أنه صراع حول حق الفلسفةفى فحص التشريعات 


0ك 


(6)... 13-1 .ث2 .110 


ب 75908 ب 


والذظم والقوانين » وبيان ها اذا كانت تعبر عن القانون الطبيعى والحق 
الطبيعى وارادة الشعب أم انها تعبر عن ارادة الحاكم وهواه ٠‏ ولكن كانط 
يتناول فى هذا القسم موضوعا لا يتبادر الىالاذهان » وهو موضوع «التقدم», 
تقدم النوع الانسانى » وكأن الصراع يدور حول فلسفة التاريخ ٠فكلية‏ الفلسفة 
تؤيد التقدم الانسانى ٠‏ وتدفعه خطوات الى الأمام » فى حين أن كلية الحقوق 
تثبت أوضاع النظام القائم » وتدافع عن النظم والتشريعات والقوانين فى 
الدولة ٠‏ وبالتالى كان هذا الجزء أقرب الى ما قاله كانط فى رسائله عن 
فلسفة التاريخ » على طريقة هردر ولسنج ٠‏ 


يطرح كانط فى هذا القسم كله المسألة من جديد : جعل النوع الانسانى 
يسير فى تقدم مستصسر ذحو الأفضل وهى المسألة التى طرحها المعتزلة من قبل 
وكان بينهم وبين الاشاعرة خلاف عليه . وهو موضوع «١‏ الصلاح والأصلح » 
الذى تؤكده المعتزلة . وتنفيه الأشاعرة ٠‏ وهو السؤال نفسه الذى طرحه 
ليبنتز قبل كانط فى موضوع « أفضضل العوالم الممكنة » ٠.والذى‏ طرحه كانط 
ذفسه فى « مقدمة لكل ميتافيزيقا مستقبلة تريد أن تصيير علما » »2 اجابة على 
سؤال : « ماذا آهل » ؟ ويجيب كانط هذه المرة بفقرات صغيرة عشرة فىصيغة 
أسئلة أى أجوية » مما يدل على أن الصراع فى ذهبه لم يكن بالوضوح نفسه 
الذى كان للصراع السابق ٠‏ فيتساءل كانط : 

١‏ ماذا نريد أن نعرف ؟ وهى سؤال ليس فى نظرية المعرفة » بل فى 
تاريخ الانسانية ٠‏ ليس عن الماضى , بل عن المستقبل , كما يفعل العراف أو 
النبى ٠‏ وهى سدؤال طبيعى لا يحتاج الى أى عون من خارج الطبيعة ٠‏ كما 
أنه سؤال عن التاريخ الخلقى للانسان . وليس عن التاريخ الطبيعى ٠‏ وهو 
سؤال أيضا عن كل البشىر مجتمعات وشعويا » وليس عن النذوع الانسانى 
المجرد ٠‏ وعلى هذا النحو يحدد كانط منطلق السوّال : مستقيل تاريخ الانسانية 


الطبيعى الخلقى ٠‏ 


؟" ‏ كيف نسستطيع معرفته ؟ يمكن معرفة هذا التاريخ كما حدد كائط 
منطلقاتة كرواية تتنبا: بالحوادث المستقبلة قبليا أى قبل ؤقوعها ٠‏ وبالتالئ 
دتسماءل كانط : هل يمكن دتصدور تاريخ قيلى أى حبوادث دقع على شح قيلى ؟9 
التركيبية. القبلية ممكنة ؟ اقد تنبا أنبياء بنى اسرائيل بائهيار الدولة قببسل 


5ثهة”7 -ه 


وقوعها » نظرا لعناد اسرائيل وعصيانها ٠‏ التنبق اذن بحوادث التاريخ قبل 
وقوعها ممكن ٠‏ كذلك يتنبا رجال الدين بانحطاط المسيحية قبل بدئه 2 ولا 
يفعلون شيئًا لايقاف هذا الانحطاط , بل انهم يساهمون فيه بتركهم الأساس 
الخلقى للدين ٠‏ يضع كانط اذن مسؤولية مسار التاريخ على اكتساف من 
يتنبؤون به » فالقادر غلى المعرفة يكون بالضرورة قادرا على السلوك ٠‏ 


 "‏ أن تصور ما ترغب فى معرفته بالنسبة للمستقبل ينقسم الى ثلاثة 
احتمالات : الأول » نكوص النوع الانسانى وتطوره الى الخلف نحو الأسوا ٠‏ 
الثانى ٠‏ تطور النوع الانسانى وتقدمه ذحى الأفضل ٠‏ الثالث بقاء النتوع 
الانسانى فى وضعه ثابتا لا يتحرك أو يتحرك فى المكان ' وكأن كائنط يتحدث 
عن اليمين واليسار والوسط ؛ وهى لا يتحرج عن استعمال هذه الألفاظ أو 
الاشارة الى عنصر التقدم على أنه يسار ٠‏ الأول هو « الارهاب » الخلقى , 
نظرا لتوارى الأخلاق أمام قوى الشر » والثانى السعادة الخلقية نظرا لأنها 
تقدم التفاؤل والاطمئنان والثقة بالنفس وبا مستقبل ,2 والثالث الوقوف فى 
المكان » وتساوى أطراف الحركة وعناصر الجذب ٠‏ الأول لا يستمر 2 لأن 
الانسان يحالم بعالم أفضلمتجدد » يعبر فيدعن رغبته فى الكمالواتجاهه ذحوه ٠‏ 
والثانى لا يستمر الى الأبد لأن التقدم مرتبط بالواقع وشروط المجتمع ,2 
والا وقعنا فى آحلام الأنبياء والمدن الفاضلة عند الفلاسفة ٠‏ والثالث تساوى 
الخير والشى والوقوف فى المكان » وهو مستحيل واقعا لآن الانسانية فى 
حركة ونشاط داتبين ٠‏ ولا تتوقف أبدا فى المكان . فهى اما الى الوراء راجعة 
أى الى. الأمام ذاهبة ٠‏ 


؛ ‏ لا يمكن حل مشكلة التقدم بالتجربة لأن البشى أحرار ٠‏ ولا يمكن 
التنيؤ بسلوكهم , وبالتالى يستجيل معرفة مسار التقدم فى اتجاهاته الثلاثة , 
بالتجرية وحدها ٠‏ الله وحده يعلم » وعنايته على بصيرة ٠‏ ومع ذلك فارادة 
الانسان الخيرة تجعله قادرا على معرفة مساره نحو الأفضل » وهى فكرة 
قبلية فى الذهن ؛ وكأن التقدم عند كانط مثل المقولات والصور والافكار يقيذية 


صرفة ٠‏ تنبع من طبيعة العقل ٠‏ وبالتالى يفري عن دائرة الشك والظن 
والاحتمال ٠‏ 


ه ‏ ومع ذلك لابد. من ربط تاريخ النوع: الانسانى فى المستقبل بتجربة 


5 


ها , الى أن يمتلك التقدم كتصور قبلى فى الذهن . أو كفكرة فى العقل ٠‏ 
ليست هذه التجربة هى السبب المباشر لتقدم النوع الانسانى فى المستقبل , 
بل مجرد علاقة تاريخية بين التقدم والتاريخ ٠‏ تشير الى اتجاه الانسانية , 
وأنه ليس اتجاها فرديا . بل جماعيا , ليس اتجاه أشخاص بل اتجاه دول 
وشعوب ٠‏ اذلك ظهرت آهمية الثورات والانتفاضات والابطال والحسوادث 
العظام مثل الكوارث والحروب ٠‏ ش 


5 وهناك حادثة من هذا النوع فى هذا العصر تثبت هذا الاتجساه 
الخلقى للانسانية » لا تنتمى الى جنس الأفعال الشريرة أو الأعمال السحرية, 
بل تدخل ضمن الثورات العامة والشاملة المنزهة عن الغرض والهونى ٠‏ والتى 
قامت على دوافع خلقى للتقدم نحو الأفضل ؛ ألا وهى الثورة الفرنسية ٠‏ 
لا يهم نجاحها أو فشلها ٠‏ بل تعاطف الناس معها ٠‏ تقوم الثورات اذن على 
دوافع خلقية هى الأسباب الحقيقية الثورة ,» وآهمها اثنان : الأول 2 حق 
الشعب فى اختيار دستوره الخاص ونظامه السياسى ٠‏ والثانى مطابقة دستور 
الشعب مع حقه فى أن يعيش حياة. خلقية . حياة الخير ‏ وبالتالى عدم دخوله 
فى. حروب عدوانية » وأن يعيش فى سلام ٠‏ وعلى هذا النحى يحددث التقدم 
سلبيا » أئ بتهيئة الظروف له » ودفع أسياب التأخر والدمار » وكلاهما واقعان 
خلقيان ٠‏ يعبران عن حماس الشعب للمثل الأعلى » وهو التقدم الخلقى , 
وفكرة الحق ٠‏ وفكرة النبل والشرف والعظمة ٠‏ 


/ا ل ان مستقدبل الانسانية لا يكون بالضرورة فى الثورة ٠‏ ولكنه قد 
يكون أيضا فى التطور فى الدفاع عن الدستور الذى يقوم على الدق الطبيعى 
والتمسءك به أو السعى اليه .وهو الدستور الجمهورى ٠‏ التطور اذن . 
بطبيعته » يسير ذحو الأفضل ٠‏ والثورة ما هى الا تطور فجائى » بعد أن يتم 
ايقاف التطور الطبيعى بفعل السلطة الحاكمة ٠‏ والفشل لا يعنى عدم وجود 
الثورة » بل يعنى تراكم التطور ونضجه حتى يتحول الى تجربة ثورية ثانية ٠‏ 
والفشل الذى قد يصيب الثورة فى الحاضر هو أحد عوامل نجاحها فى 
المستقيل ٠‏ 


6 ويرتبط التقدم نحو الأفضل بمدى انتشار التنوير وذيوعه وتجاوز 


الكلياأت العليا , بل الفلاسنقة ناشرى الأنوان ٠‏ لذلك ينظر اليهم على أنهم 
خطرون. على الدولة : مع أن ضوتهم مالوف من الشعب 2 وموضع تقدير 
واحترام من الدولة ٠‏ ان منع النشى , والرقابة على انتشناز الأفكار , يمنعان 
الشعب من التقدم ذحو الأفضل » حتى فى أبسط الأمؤر 2 مغل : الحق 
الطبيفى » وصرؤرة اتقاق الدستور مع الحق الطبيغى ٠‏ والمثال على ذلك : 
الماكية المقيدة فىانجلترا » ومسرؤولية الوزارء أمام المجلس النيانى ٠‏ والدستور 


الجمهورى واقرار السلام ٠‏ 


الأفضل ليس زيادة كمية فى اخلاص النية والقصد : أى زيادة النوايا الطيية, 
بل زيادة آثارها الشروعة فى الأفعال طبقا للواجب , أى زيادة الأفعال الخيرة 
ااأشرف والوفاء ٠‏ 


٠‏ ويمكن التقدم نحى الافضل فى .نظام يقوم على تغيير ما هو كائن 
من أعلئ الى ؛دذنى ٠‏ وليس من أدذى الى أعلى » أى بوضيع مناهج لتردية 
الشياب دحت اشراف: الأسرة 2 ووضع مناهج للتعليم فى جميع مراحله من 
المدارس الدنيا: الى المدارس الدليا .. طبقا لثقافة عقلية وخلقية , يغذيها التعليم 
الدينى من أجل خلق المواطن الصالح + وكل ذلك على نفقة الدولة » بدل ضرف 
مواردها على اشعال الحروب ٠‏ ددافع كانط عن مجانية التعليم » وعن ضرورة 
التربية الخلقية والدينية ٠‏ ويختم كانط حديثه عن هذا القسم. الذانى بتأكيده 
على *ن التقدم نذى الأفذضيل لا دميت بل يحيى » ويذين الحروب التى تدمر 
الطرفين .2 ودكون كلاهما خاسرا ٠‏ ويستدمل كانط تشبيه شخدصدين يتضاريان 
بالذيابيت بدل الأوانى الفخارية (5) ٠‏ 0 


عه 


خامسا : الصراع دين .كلمة الذلسفة وكلية الطب : 


)3 1 93-2 .م ,.10ط1 


9ه505؟ ب 


سيطرة الأولى على الثانى ٠»‏ تعبيرا عن قوة الارادة وقدرتها على السيطرة »2 
ليس فقط على الانفعالات كما هى الحال عند ديكارت واسبيئوزا » بل. أيضنا 
على الوظائف الحيوية للبدن » وهو أضعف الاقسام .الثلاثة.فى الكتاب .٠‏ كما 
أنه يعتمد على تجارب كانط الشخصيية وعاداته فى الطعام والشراب والذوم 
والاسنتيقاظ 2 ولا يقدم بناء نظريا موضوعيا لمظاهر. هذا الصراع ٠»‏ كما .فعن 
فى القسم الأول » فى الصراع بين كلية الفلسفة وكلية اللاهوت ٠‏ 


وقذن كدب كانط هذا الجزء بمناسسبة اهداء الآأستاذهوفلائد. ‏ 114619220 
كتابه « فن اطالة الحياة الانسانية » الى كانط ٠,‏ وقراءة كانط هذا الكتاب , 
ثم الرد عليه والتعليق على الأفكار التى وردت فيه * لذلك يصصدر كانط هذا 
الجزء بخطاب شكر للمؤّاف بين فيه قيمة هذا الكتاب » وهو أنه يعالج جسم 
الانسان خلقيا كعضى متجه نحو الأخلاق مثدتا بذلك أن الحياة الخلقية: تكمل 
الحياة البدنية ٠‏ وقد وصل المؤلف الى هذه النتيجة عن طريق: الدحث العلمى 
استقراء 2 وليس عن طريق المبادىء الخلقية استنداطا ٠‏ ويدين أثه يمكن 
الوصول الى هذه الغاية عن طريق: علم التغسذية ا 12166 
أى سلبيا عن طزيق. الوقاية من الامراض قبل وقوعها * وذلك يتطلب ملكة 
فلسذفية أو قدرات ارادية فى مقابل فن العلاجح ©1010)ناورة176 الذى يعامج 


الأمراضى' يعد وقوعها ٠‏ 


يؤدد كانط الاتجاه العام.فى الكتاب . ويعتمد على تجاربه الشخصية 
لبيان قوة النفس الانسانية وقدرتها. على أن تصبح سيدة انفعالاتها المميتة 
وعواطفها .القاتلة » بفضل ارادتها القوية وعزيمتها الراسخة ٠:‏ ويشدد كانط 
على الطابع التجريبى الذاتى لأفكاره , ويذفى عذها الطايع الذظرى الموضوعى 
الشامل ‏ مما يجعل هذه الافكار لا تتفق كثيرا مع مذهج الفلسفة النقدية الذى 
يتضح فى القسمين الأواين من الكتاب ٠‏ 


ديهدف هذا الفن.اذن « فن اطالة الحياة » الى غايتين : أن يعيش 
الانسان عمرا طويلا ٠‏ وأن يتمتع..بصحة جيدة ٠‏ والهدف الأول ليس شرطا 
الثانى '2 فقد يعيش الانسان مدة طويلة: عليلا. » كما أن القانى . ليس شرطا. 
للآول ٠‏ فقد يتمتع الانسان نصحة جيدة » ومع ذلك يقصى عمره: * وقد .يضع 
الانسان نهاية لحياته بيده » وينتحر اذا دئس- من الشفاء ٠‏ ولكن:.طبقا العقل 


لاض 5 


يرغب الانسان فى تحقيق الهدف الأول ٠‏ وهو طول العمر أولا ٠‏ وهنا يثنى 
كائط على الشيخوخة وكبر السن » ويوصى باظهار الاحترام الواجب لهما , 
ويحظر التهكم على ضعف المسنين بالمقارنة مع قوة الشباب ٠‏ كبر السن 
يستحق الثناء والتقدير » ففيه تظهر حكمة الشيوخ ٠‏ ويكفيه فخرا أنه 
استطاع أن يهزم الموت حتى الان ٠‏ أما الهدف الثانى » وهو الصحة الجيدة , 
فانه يتحدقق عن طريق مبادىء علم التغذية » أن يتغذى الانسان بطريقة ملائمة 
ومعتدلة ٠‏ وهنا تظهر الأخلاق الرواقية » فهى ليست فقط جزءا من الفلسفة 
العملية أى نظرية الفضيلة » بل أيضا تضم علم الطب ٠‏ وينصح كانط باتباع 
وسائل للوقاية تعتمد على التدفئة والنوم والعناية المركزة » ويوصى بحفظ 
الأقدام والرأس والبطن دافئة ( ويضيف «١‏ الروس » الصدر ) ٠‏ ويكثرة النوم 
لدة طويلة وخاصة غفوة يعد الظهر , وبالاءتناء بالنفس , أو اعتنداء 
الآخرين بالانسان وهو هما يتيسر للمتزوجين ٠١‏ ومع أن كانط يرى أن الزواج 
يقصر العمر ولا يحبذه ؛ الا أن ميزته الوحيدة هى التمريض عند كبر السن 
الذى تقوم به الزوجة الزوج ! وطول العمر أحياذا يكون صسسفة وراثية فى 
بض العائلات . ويصف كانط اعمال اأسئين » مثل : اصلاح الساعات , 
وتربية العصافير » مما تجعلهم يقضون وقتا ممتعا .٠‏ ولكن يستطيع الفلاسفة 
تعريض ضعف البدن عن طريق التفلسف والتامل » مما يكسب الروح قوة 
لتغذية البدن 06 


ويفصل كاذط فى عادات النوم » والطعام ٠.‏ والشراب ٠»‏ والتنفس 2 
فيوصى بالنوم والاستيقاظ فى مواعيد مضبوطة ٠‏ ويمكن استدعاء النوم عن 
طريق طرد الأفكار , كما ينصح الأطباء » أو بالتفكير فى موضوع لا أهمية له 
كما يوصى كانط , فالأرق داء قاتل . ويمكن للالسان السيطرة عليه ٠‏ ويتهكم 
كانط على الأتراك ( أى المسالمين ) الذين يغطون فى نوم عميق بسيب الايمان 
بالقدر المسبق » وبأن لكل أجل كتابا ٠‏ فلا يأرقون » ويعزفون من النوم ومن 
الحياة قدر الطاقة والوسع ٠‏ أما فيما يتعلق بالطعام والشراب فيرى كانط 
أن الشهية والعادة هما المفتاحان لكل شىء ٠‏ فعلى الانسان الا يآكل الا اذا 
كانت لديه شهية ٠»‏ وألا يغير عاداته فى الطعام والشراب ٠‏ ومن العادة أن 
يتذاول المسذون ماء أقل .2 وخمرا أكذثر ؛ لتنشيط الأعمار ٠‏ أما عادة شرب 
الماء بسرعة فهى عادة مضيرة , كذلك العشاء الثقيل بعد الغداء الثقيل رغية 
مميتة » ومع ذلك يجب على الانسان ألا يقاوم تذاول الفداء لانتظار عشاء 


- 511١ 


أفضل - وينصصيح كانط باتباع عادة التنفس من الأنف والفم مغلق 2 وبهذه 
الطريقة يمكن القضاء على الكحة وعلى الأرق » والاستيقاظ أثناء الذوم ! 
ثم يقدم كانط نصائح أخرى فذيما يتعلق بمرض الوهم » كداء قاتل . وذلك عن 
طاريق العمل العقلى الذى يخفف من شدة الانتياه الى البدن ٠‏ كما ينصح كانط 
بعدم التفكير فى لحظة غير مؤاتية , كالتفكير أثناء الطعام حتى لا يوزع 
الجهد بين العقل والبدن ٠‏ والتفكير لاغنى عنه العالم سواء أثذاء اليقظة أم 
أثناء الوحدة ٠»‏ ويكون اما بالقراءة للتعلم , أو بالتفكير التامل والابداع ٠‏ 

ويختم كانط كتابه بسخرية من الرقيب »2 وينصح عمال الطباعة آن 
يطبعوا كتابه هذا بالدبر الرصاصى ؛ وليس بالحبر الأسود . ويحروف 
لاتينية دقيقة » وبنط صغير ١‏ لكى لا يراه الرقيب » أو يتمكن من فحصه » أو 
دتعب هنه , فلا يصدر هذه قرار المنع والحرمان ٠‏ فالرقباء كثيرا ها كاذوا 
عمشا ضعاف النظر » مما يدل أيضا على ضعف العقسل » وقلة الحيلة . 
وأنهم لا يستطيعون منع حرية الفكر ١‏ أو ذيوع أفكار التنوير (7) ٠‏ 


ف 4 .م ,خآ 


فلسفة التاريخ عند فيكو 
أؤلا ؛ مقدمة ٠‏ نشأة فلسفة التاريخ : 


فاسفة التاريخ من أهم العلوم التى ذشات فى الغرب ان لم يكن أهمها 
على الاطلاق فقد كان المنطق. والطبيعات والالهيات قاس_يما مشيبتركا بين 
الحضارات اليونانية والمسيحية والاسلامية ٠‏ الا أن الغرب فى العصور 
االحديثة فصل العلوم:الالهية. وأبرز ما يخص الانسانية مذها فيما أحصبح فيما 
بعد. يسمى « العلوم الانسانية » فى مقايل العلوم الرياضدية من. ناحية والعلوم 
الطريعية من ناجية أجرئى.. ٠‏ .وأصبح. هذا .التحول من .« الله ». الى « الانسان » 
أخص عا يمين الدضيارة الاوربية الحديثة ٠‏ ظهرت فلسفة التاريخ يعد هذا 
التحول مرتيطة بالانسان..» تقدمه » ونموه , وارتقائه » ورسالته » وارتباطاته 
بغيره.. وانتماءاته للطوائف والعشائر. والقبائل والأمم » وتحديد أدوارها فى 
الزمان » وتعاقبها 2 وتراكم خبراتها فيما سمى بعد ذلك بالتاريخ. ٠‏ لذلك 
افتخر الغرب وزها باكتشافه ميادين لم تعرفها الحضارات القديمة » وأنه هو 
وحده. صاحب الفضيل فى 'اكتشافها مثل الانسان والتاريخ» أو..اللزمان. و التقدم» 
أى الحب.والموت ٠‏ فالحب هو "جوهر الانسان الذى يعيش فى الزمان » والموت: 
نهاية :للتاريخ ٠‏ الانسانى. ؤايقاف للتقدم ٠‏ :كان الانسان عند سقراط روحا 
خالدة بلا تاريخ. 2 وكان التاريخ عند آفلاطون تاريخا. أسطوريا وعنه أرسطو 
تاريخا طبيديا » وعند أوغسنطين تاريخ ملكوت السموات ٠‏ تاريخ: الأنيياء ٠‏ 
لم يتم اكتشاف.التاريخ: كوعى انساتى الإ فئ الغرب بعد احياء..الآداب القديمة. 
فى القرن الرابع عشر :واكتشاف_الحياة الانسانية ابتداء هن ابذاعها الأدبى.' 
وبعد الإصبلاح .الدينى فى القرن. الخامس.عشر »:.واكتشاف اللدظة: فى علاقة 
مباشرة مع الخلود , والتاكد على حرية المسيحى ٠‏ والفضل الالهى الذى 
لا ينصتاج*النئ توسط ».وبعد القن السنادس عشىر:خيث بدا الانستان يظهز كمركز 
للكون فيما. سمى فيما بعد باسم « المذهب الانشائى * عند ازاسم + وعد معركة 
القدماء“زالمحدثين فى القرن الشتابع: عشر"؛ وانتضنار المددثين- على القدماء , 


. - 3 . - -_-. 





نشر هذا البحث فى عجلة كلية الاداب والعلوم الانسانية يفاس العدىد السايع 
ذا بغلملؤلا ٠‏ 


الل ”ثلا 


واثبات قدرة الانسان على الخلق والابداع » وتجاوز الخلف للسلف ٠ )١(‏ 

وهنا ظهرت فلسفة .التاريخ فى القرن الثامن عشى لتزيد على هذه المكتسبات 
مفهوم التقدم اجابة على سؤال : كيف تتقدم الشعوب ؟ ما هى مراحل ارتقاء 
الانسانية ؟ وتكاد تجمم جميمع فلسفات القرن الثامن عشى والتاسع عشي 
( باستثناء كوندرسيه ‏ الذى جعل المرحلة العاشرة مستقبل الانسانية وفلسفات 
الآرن العشرين التى تعلن ذهاية الخضارة الغربية وأفول الغرب ) ان الانساذية 
قد وصلت الى مرحلة النضج والكمال » وأنها لم تعد فى حاجة الى وصاية 
خارجية من الالهة أو الابطال , من الانبياء أو السحرة ؛ من الحكام أى الآباء ٠‏ 

فاذا ها وعت الشعوب مراحل تطورها أمكنها بعد ذلك أن تتحرك » وأن تأخذ 
مصائرها بأيديها » وأن تنقل أنفسها من مرحلة الى مرحلة ٠‏ وبالتالى كانت 
فلسفة التاريخ هى الممهدة للثورة الفرنسية » أعظم انجاز للغرب 2 وأكدبر 
مفجر لطاقات فلسفة التنوير التى كانت الأساس النظرى الذى خرجت منه 
فلسفة التاريخ ٠‏ 


ويعتبر فيكو 1160 ١785  1١158(‏ ) مؤسس فلس فة التاريخ. 
قبل :تأسيسها فى فرنسا على يد مونتسكيو ( ١١501 --1١144‏ ).2 روسىوق 
(؟١/ا١-4لا7١‏ ). فولتير (7985١81/ل7١)‏ . تورجو (/ا"ل/ا١‏ ب 783 ,)١‏ 
كوندرسيه ١755 ١550‏ ) أى حتى فى المانيا على يد لسنج ( ١55‏ ب 
١)/هردر "74١144‏ 180) » كانط ( ٠ ) ١1805 ١7755‏ ولكن كتاب 
فيكو « العلم الجديد » لم يعرف خارج ايطاليا الا فى القرن التاسع عشر بعد 
أن ظهرت له ترجمة المانية فى ١85‏ وأخرى فرنسية قام بها ميشليه فى 
7 * لذلك لم يوّثر فى تطور فلسفة التاريخ آلا بعد قرن من الزمان ٠.‏ 


وقد ظهرت الطبعة الاولى من « العلم الجديد » فى 0؟1١‏ وفيكو عمره 
أسدتان القانون والفلسفة واستان إلبلاغة اللاتينية فى جامعة نابلى بايطاليا ٠‏ 
وهو كتاب ضخم مملوء بالتكرار والحخواش والأخطاء التاريخية 2 مرقمة 
فقراته مثل « خاطرات بسكال. » وعلى طريقة الفلاسة فى القرنين السابع 


ومع صعيه حقيم ولتم ويه تمشت بؤ سمج يد امي قم سمحي لمصقصية عدي مسح 


الثقافة الجديدة القاهرة , /الا19 , دار التنوير , بيروت ٠ ١94١‏ 


ه"" هه 


عشر والثامن عشر ٠‏ وكثير منها لا يفيد مما جعل المترجم يلخصها مستبعد| 
التكرار والحواش الزائدة التى لا دلالة للها بالنسية للموضوع ٠‏ ويصلسعب 
قراءة. الكتاب فى النص الايطالي من الايطاليين أنفسهم ٠‏ كماآن الترجمة الى. 
القديمة » لم يستعمل فيكو أية حواش أى مراجع فى الهوامش بل ذكر كل شىء 
الا من عاش فى عصره وبغير ذى فائدة الآن ٠‏ بل انه يعد الآن عائقا قى فهم 
الكتاب وفكرته الأساسية فى تطور الشعوب (؟) .٠‏ 


ثانيا : ماذا يعنى « العلم الجديد الطبيعة المشتركة بين الأمم » ؟ 


وعنوان الكتاب هو « مبادىء العلم الجديد [جيامباتستا فيكو الخاص 
بالمطبيعة المشتركة بين الأمم » (1) ٠‏ ولكن الطبعة الأولى كان عنوانها أكبر 
من ذلك وهو « مبادىء العلم الجديد لجيامباتستا فيكو الخاص بالطبيعة 
المشتركة بين الأمم والذى يسمح بالكتشاف مبادىء نسق آخر لقانون طبيعى 
لأشعوب » 2 ' وقد كانت هناك محاولة أخرى لتسمية , العلم الجديد 





0( أعتمدنا للى الترجمة الانجليزية بعذواه" مصسوأة 2ه ممسعتو8 م21 عط 
رط 6016105 قخعلطةا عط صرمعة لمخم [عصوع ,ممللا وأسو فوط 
1060 8 1671560. رطعس11 897010 ععدةة مه ستعمه8 ونام 

5 ,0620052آ ,قن لأقطة رفمعع2 51ت لمن العط 00 

وقداتم اختصارها مع استبعاد اشارات فيكو لباقى مؤلفاته وللطبعة الاولى » مع 
الابقاء على المراجع وضبطها ؛ كما تم اختصار الاحالات المستمرة الى ما سبق أو. الى 
ما سياتى » ووضعت اشارات بدلا عنها للمراجع ذاتها » كما تم اختصار بعض الفقرات 
الاعتراضية أو بعض الفقرات المترأبطة وأحيانا بعض الفصول المكررة'صحيح أنبعض 
التفصيلات مهمة الا أنه تم تلخيصها ٠‏ وبهذه الطريقة أمكن تحضير الطبعة الانجليزية 
وحذف ما يقرب من الثلث من الترجمة الاصلية التى نشرت عام ١154/8‏ فى نفس الجامعة 

اعتماد! على الطبعة الثالمثة فى نايلى ٠ ١45‏ 
سا0 7160 هذاه أة 15:25 5ه ععصدعلع85 بزوا8 02 معام لعصاعط (3) 

5 عطا 02 عانطواك تامنمتطدمة معطا 

ع0 17120 غ5 ةط سة © 02 ععمدعله8 ببع[83 02 وع1متمعمامط (4) 
تناه ممه طعتطم؟ 5 ,كطه 1181 قط 0 م1131 طممطوطه0 هط 0 
ع 02 ملهرة 1لنطو1 عط 02 طتعغأمزه «اعطامصة 2ه قمعم1م اع صاصط عط 

0 


- 5115 


الخاص بمبادىء الانسانية 0(.4) ٠‏ هذا التارجح فى العنوان وصياغاته يشير 
الى أن هذا العلم جديد بالفءل لم يسبقه اليه أحد لايجاد مبادىء عامة مشتركة 
بين الشعوب تهحكم طربيعتها وتطورها , وهى بالفعل محاولة أصسيلة فى 
تاريخ العلوم الاذسانية » وأعظم المحاولات قبل أوجضشت كونت لاقامة علم 
شامل للتاريخ الانسانى , وأعظم تحليل لصراع الطبقات سابق على كارل 
ماركس » وقد خرج فيه فيكو على ما هو شائع فى عصره ومألوف فيه من 
تفسي. لاهوتى. للتاريخ الانسانى فى الجامعة وخارجها فاتهمته السلطتان 
الدينية والسياسية بالانحراف والخروخ على التقاليد شأن. كل . جديد. .فى 


مواحدهة القديم ٠‏ 


هعاذا يعنى فيكو بهذا العنوان الذى وضعه للكتاب ؟ تعنى « المبادىء » 
وهى:- موجودة فى العئوان وموجودة أيضا. كعنوان للكتاب الأول « تأسيس 
المبادىء » ٠‏ والقسم الثالث منه « فى المبادىء » تعنى المؤسسات أو النظم 
الاجتماءية ٠ويجعلها‏ فيكو ثلاث : الدين ٠‏ والزواج»ودفن الموتى ٠"‏ فالمبادىء 
هنا لا تعئى الأفكار أو التصورات أى ما هو صورى بل تعنى الأوضاع 
الاجتماعية والظروف الدائمة التى مذها تنشا الأمم ٠‏ وفيها تحيا الشعوب'., 
والتى تمثل أقل درجحة من التطور البشرى . من هذه النظم تخرج المبادىعء 
العامة » وعليها تقوم الانسانية , فالمبادىء هى النظم ٠‏ والنظم هَى المبادئء ٠‏ 


وبالنسبة للفظ « العام » فان فيكى يفرق بين المعرفة والعلم , المعرفة 
مُوضوعها اليقينى ٠‏ والعلم موضوعه الحقيقى الشامل والمبادىء الأبدية ٠‏ 
تعتمدالمعرفة على اللغة والتاريخ فى حين يعتمد. العلم على التامل و الفلسيفة ٠‏ 
دم يستعمل فيكو العلم بالمعنى الواسع » فالعلم معرفة الشامل والأبدى-. وهؤ 
أديضما “ذعرفة بالأسياب ولميس فقط ااعرفة :الرياضية أو الطبيعية .. فالرياضة 
خيال ٠‏ والطبيعة ليست علما شاملا ٠‏ يهدف فيكو الى تأسيش علم « عالم 
الطبيعة » . ليست الطبيعة التى فى من خلق الله » فذلك حق الله » ولكن عالم 
الشعوب ', والعالم المدنى . عالم المؤّسسات والنظم الأنسانية , فذلك حق 
اليشر ٠‏ فهم الذين صنعوه ٠»‏ ومبادؤه موجودة فى الذهن الانسانى ٠‏ فالعالم 








.اتممصسطبكط ذه وعارتعصلع7 عستممعمصمه فمصواء85 بوه 5 
5 058 عنلطعلع85 (6) 


الاجتماعى. من صنع الانسان ٠‏ وبالتالى يريد فيكى أن, يؤسس علما. الطبيعة 
الانسانية وللعالم الانسانى كما فعل بيكون فى الطبيعة .ورابايه فى الآأدب » 
وددكارت فى .الفلسفة ٠‏ هذا العلم الانسانى. له ميزة .على الرياضة: بأنه واقعى, 
وعلى الطبيعة بأنه علم شامل ٠‏ فان قيل: : ان التاريخ يضم .أقعالا وحوادث 
الدهودى المسيحهى من وضع الله أى المسيح كما أن التاريخ يضدم أفعالا وحوادث 
فريدة .لا تتكرر فكيف اذن لهذا العلم الجديد أن يتناولها وكانها هن وضع 
البشر وأن يحاول معرفة المبادىء الشاملة التى تقوم عليها. ؟ ويرد فيكو على 
هذين الاعتراضين باستبعاد التراث اليهودى. السيحى ٠‏ واعتبار ,الشعوب 
الوثنية ذات مصادر متعددة بحيث تكون. ممذلة للتاريخ الشامل ٠‏ والتمين 
بين ذوعين من العناية الالهية :. الخارجية المفارقة الفريدة . وهى ميزة الشعب 
المختار . والباطنية الداخلية من خلال .القوانين المطردة.2 وهى عامة .عند. كل 
الشعوب ٠‏ أراد فيكو اذن تأسيس لاهوت عقلى مدنى مثل الفارابى فى «احخصداء 
العلوم » وجمعه فى القسرم الخامس «١‏ العلم المدنى وعلم الفقه وعلم الكلام ؛ 
فى علم واحد () , وطبقا لما سماه فذنت +1771120 «١‏ اختلاف الحاجات 
واتفاق الغاية » أو ما:سسماه مندفيل. << 2685869116 ...+ الرذائل:الخاصة 
والمنافع :العامة » أو ها سماه. آدم سميث « اليد غير المركية » أقى ما شماه 
هيجل « دهاء العقل » ٠‏ 


ويسميه فيكو العلم:« الجديد » ٠‏ فبالرغم من أن فيكو عاش فى القرِن 
الثامن عشر الا أنه ابن السابع عشى ٠‏ عصر العباقرة وكبار الفلاسفة الذين 
استعملوا مصصطلح « الجديد » بشكل لم يسبق له مثيل ٠.فالاكتشاف‏ الجديه 
أفضل من اجملاح القديم . وقد عاش فيكو فى مدينة نابلى التى كانت, مشغوفة 
بالجريد .. وكان عضوا| فى أكاديمية المدينة حيث كان يبحث : جميع أعضائها 
من العلماء عن العلوم « الجديدة » ٠‏ ولكن جدة القرن السايع عشر كانت فى 
العلوم الرياضية و الطبيعية والبيولوجية والطبية فى حين أن طموح فيكو كان 
فى رغبته خلق علم للمجتمع الانسانى وللشعوب كما فعل جاليليو ونيوتن فى 
عالم الطبيعة » وكما فعل هوسرل فى هذا القن فى الفلسفة. وتاسيسبها كعلم 
محكم ٠‏ ويشير فيكو الى هوبز باعتباره المفكر الوحيد الذى سبقه فى تنظير. 


(97) الفارابئ : :“احصاة” العلوم ,. ص 21١5-١5‏ حققه وقدم | له وعلق عليه ل 
عثمان ثمين + دار الفكر العربى , القاهرة الطبعة الثائية ٠ ١989‏ 


- 3818 


القانون الطبيعى ( دون أن يذكر اسدينوزا ) ٠‏ فهويز حؤسس الفاسفة المدنية 
فى كتابه « المواطن »عه 01768 126 عندما آراد دراسسة الانسان والمجتمع ككل 
فى الجنس البشرى ٠‏ وهو ما لم يلاحظه هوبز نفسه ٠‏ وقد أخفق هوبز فى 
مشروعه لأنه ظن أنه بامكانه استخلاص مبيادىء المجتمم الانسانئى من 
المناقشات والجدل والقرارات والنصائح الانسسانية وليس من النظسم 
والمؤّسرسات كما فعل فيكى فيما بعد , كما أنه اسستبعد العناية الالهية كأسس 
لاقيام المجتمعات الوثنية فى حين أن فيكو يجعلها الأساس الأول ٠‏ يكل النسق 
الجديد للقانون الطبيعى للشعوب الوثنية عند فيكو محل نظريات القانون 
الطبيعى فى القرن السابع عشر ٠‏ فقد أخطاً منظروا القانون الطبيعى فى أنهم 
بدأوا من الوسط من آخر مرحلة فى الأمم المتمدنة بعد أن استئارت بالعقل 
الطديعى ٠‏ وبعد أن نشا الفلاسفة وتصوروا فكرة العدالة ٠‏ والقانون الطبيعى 
عند الفلاسفة غير القانون الطبيعى للشعوب الوثنية ٠‏ الأول قانون العدل , 
والثانى قانون القوة ٠‏ 


وقد وضع فيكو اسمه فى عنوان الكتاب لليدل على أن هذا ٠‏ العلم 
الجديد » من وضعه وخلقه واكتشافه وبنائه لم يسبقه اليه أحد من قبل ٠‏ لم 
بنش من تعاون جهود سابقة ٠‏ ولم يعتمد على نتائج سالمفة بل هى رؤية مباشرة 
للواقع الانسانى مذذ بداية نشاأة الفكر الانسائى لدى الشعوب على مدى 
عشرين عاما من حياة فيكو الفلسفية واللغوية والأدبية ٠‏ وهى يفوص لدى 
الشعراء الطبيعيين اعرفة الدكمة الطبيعية لدى الشعوب الطبيية ٠‏ وصحيم 
أن العلم من بئاء فيكو ومن تفكيره الخاص » مما يثبت أن الابداع فى العلم 
مرتيط ببنائه فى شعور العالم كما فعل جاليليو ونيوتن فى الوطبيعة » وديكارت 
وبيكون فى الفلسفة ٠‏ الخلق فى العلم لا ينشا بالتراكم الكمى بل بالتحول 
الكيفى » ولا ينشا بالتطور ولكن بالطفرة ٠‏ ولا ينشا فى شور الجماعة بل 
فئى شعور الفرد ٠‏ ظ 


وتعنى « الطبيعة » عند فيكو « الميلاد » » وكلا اللفظين مشتق من نفس 
اللفظ ‏ 1186128 ,2188015265240 ٠‏ فطبيعة الأمم تعنى ميلادها أو مولدها فى 
زمن معين وبشكل معين أى التكوين والنشأة والتطور ٠‏ ويضرب فيكو ا مثل 
على ذلك بنشاة الدين مع مولد زيوس أو جوبتر أو يوفا أول اله للامنم الوثنية, 
ونشأة الزمان بعد الرعد الأول للسماء مائة عام بعد فيضان ها بين. النهرين : 


846 مهس 


أما النمط أو الشكل فان سلالة حام ويافث وسلالة شيم غير العبرانيين فقدوا 
لدة قرنين من الزمان كل النظم والملكات الانسانية » وأصبحو! حيوانات تعيش 
على الغريزة وتمارس الجماع ٠‏ وتصوروا السماء المرعدة على أنها جسم 
حى ٠»‏ وبرقه ورعده على أنها أوامر تخبرهم بما يجب عليهم فعله ٠‏ ثم فاج 
الرعد البعض منهم وهم فى فعل الجماع مما جعلهم يأوون الى الكهف ! 
وبالتالى نشا نظام الأمومة والأسرة والحياة المستقرة ٠‏ فما كان فى البداية 
فعل المصادفة والعشوائية تحول فى النهاية الى فعل ارادى مقصود يباركه 
« اله السموات » ٠‏ نشا نظاما الأمومة والأسرة بنفس الطريقة ٠‏ كما نشا كل 
نظام انسانى آخر على هذا النحو » ومن مجموع نشأة هذه النظم تنشا الأمة 
الوثنية ٠‏ ويعارض تصور فيكو هذا تصور أرسطو الغائى للمدن ‏ الدول 
الذى يقرر بأن اتحاد بعض القرى فى جماعة أكبر يجعلها مكتفية بذاتها 
وبالتالى تنشا المدينة ابتداء من الداجات البشرية ٠‏ فالصور الأولى للتجمعات 
البشرية طبيعية 2 وغايتها المدنية » وطبيعة الشىء غايته . والشىء عندما يتطور 
الى كماله تكون له طدبيعة سواء كان الأمر يتعلق بالحيوان أى بالانسان أو 
بالجماعة البشرية ٠‏ ولكن عند فيكو توجد طبيعة الشىء فى البداية وليس فى 
الذهاية كما هى الحال عند أرسطوى » وكلاهما نشوئى تكوينى تطورى بالرغم 
مما يبدو بينهما من اختلاف ٠‏ واذا كان السوفطائيون أرادوا بيان التعارض 
دين الطبيعة والمدبنية فقد جمعهما أرسطى دبقوله ان الانسان حيوان مدنى أو 
سيابى ٠‏ واذا سمى فيكو عالم الأمم عالم البشى فانه يعنى أن ما كان حيوانا 
فى عالم الطبيعة يصبح بشرا فى عالم الأمم ٠‏ وأنه بدرجة ما يصيحون فى 
عالم الأمم بشرا » يصنعون عالم الأمم ويصنعون أنفسهم ١‏ | 


أما لفظ « المشترك » فأنه لا يعنى اشتراك أى الشيوع فى الابضراع 
والنساء والأولاد: والآداء والأمهات بل يعنى غياب النظام أو ما سدق النظام 
والمؤسسات من خلط أو اختلاط ٠‏ كما لا يعنى المتبادل أو المتفق عليه بين 
طرفين مما يفترض النظر والمداولة والاتصال والأثر المتبادل والرضا والاتفاق 
بل يعنى ما يتمثله الجميع أو الكثير على نحو مستقل بلا حكم أو تفكير يشارك 
فيه طبقة أو أمة أو شعب أو الجنس الدشرى كله ٠‏ كما لا يعنى الحس المشترك 
5 00502202 الذى ينشا بالاتصال والتفاهم بل يعنى أن الأفكار التى 
تنشأ لدى الشعوب المختلفة التى لا يعرف بعضها البعض لها قدر من الحقيقة ٠‏ 
ذكلشعب له اله بصرف الذظر عنأسمائه المختلفة لدى الشعوب:٠‏ فال مثالية طريعة 


) درأسات فلسفية . 


ا ل 


مشتركة. بين الأمم أو فطزة أو جبلة على ما يقول الأص ع وليون القدماء 
فأسطورة «: جوفا » لها أساس مشترك عند جميع الشعوب ٠‏ وبالتالى تكون 
حقيقة , فالدقيقة وجود شىء بين شعوب مستقلة عن بعءعضها البعض » ويتعبير 
القدماء , تواتر الأفكار والآراء وتشابهها وتطايقها مقياس للحقيقة بالرغم 
من اختلاف الأزمنة والأمكنة والظروف . مثال ذلك اشتراك الشعوب كلها 
البدائية منها والمتمذنية فى “ثلاث نظم اجتماعية أى عادات باللرغم من استقلالها 
عن بعضبها البعض وتفاوتها فى الزمان والمكان وهى : الدين ؛ والزواج . 
ودفن الموتى .١‏ لذلك أخذها فيكو مبادىء للعلم الجديد ٠‏ مثال آخر اللغة العقلية 
المشتركة بين الشعوب والتى تعبر عن طبيعة الانسان والتى بها يدرك جواهر 
الأشياء فى 'حياته الفردية والاجتماعية وهى الحكم والأمثال العامية التى 
تتكرر عند جميع الأمم قديما وحديثا ٠‏ وقد اتخذها فيكى مادة. العلم: الجديد 
التى يمكن من خلالها وصف طبيعة الانسان ٠‏ بل ان وجود كلمتين عاديتين 
فى لغتين مستقلتين لهما نفس المعنى لدليل على وجود هذا القاسم الذهنى 
المشترك دين الشعؤب: ٠‏ 


وينعئئ “لفظ ر الآمة.» الميلاد أو البداية بالميلاد أى جنس له بداية مشتر 2 
لغة ومؤسسات ونظم مشتركة ٠.‏ ولا يعنى فيكى بالأمة الدولة القومية المعاصرة 
بل .يركذ غلى.ثلاث أشياء. : الأول النظم والمؤسسات الاجتماعية لدى كل أمة 
أو. شعب ٠١‏ والثانئ وجؤد كل أمة أؤ شهب مستقلا عن الأمة الأخرى ليس 
بهدف النقاء العنصرى بل من أجل تطور نظمها ومؤسساتها على نحى مستقل 
دون أدنى أثر من حضارة على حضارة أخرى ٠‏ والثالث تطور هذه النظم 
والمؤسسات من داخلها وليس من خارجها ٠‏ ويصف فيكو الأمة ليس فقط 
كعنصى أو جئس بشرى بل كحضارة فى أوج نضجها ٠‏ ويستعمل لفظا آخر 
ليدل به على أولى مراحل التطور مثل قوم أو شعب ‏ 6828© ٠‏ ويتصور 
فيكو أربعة مراحل من تطور أشكال المجتمعات ٠‏ الأولى الأسى , والثانية 
الأقوام أى العشائر '2©65868 ٠‏ والثالثة الشعوب , والرابعة الأمم٠ويعنى‏ 
لفظ قوم أو شعب فى الصفة 688118© أمى أو بدائى أى أولى بمعنى 
التكوين أو النشاة ٠‏ وله فى القانون الرومانى معنى القرابة من أجل تدديد 
المراث وهى المعنى العربى أيضا من لفظ « أم » ولكنه عند فيكى يعنى « ما له 
طبيعة » ويمكن أن يكون موضوع دراسة العلم الجديد ٠‏ والأمم كلها تنضم 
الى عالم الأمم أي عالم البشر أى العالم الانسانى فى مقابل العالم الطبيعى ٠‏ 


الاااد 


وتعءيش الأمم مذعزلة عن بعضها البعض قبل أن تدخل فيما بينها فى علاقات 


تحاردة وسدياسية أو فى نظم الأحلاف والاتحادات واأحروب والمعاهدات ٠‏ 


أما 'تعبير « القانون الطبيعى » الموجود فى عنوان الطبعة الأولى وكذلك 
تعدير :« النسق. الجديد » المخالف لنسق القرن السابع عشر ونظريات القانون 
الطبيقى عنذ جروسيوس 0118© 2 لل دن 8561068 , يوقكن__دورف 
0ع 211 فقد أسقطهما فيكى من العذوان النهائى وان بقى معناهما ' 
فالعلم الجديد يحاول الكشف عن قانون طبيعى لتطور الشعوب بدراسة الطديعة 
المشتركة بين الأمم من خلال الذظم والمؤسسات الدينية والعلمانية والدول 
فى حين أن القانون العام هو القانون الشامل الذى تشارك فيه جميع الأمم 
والشعوب », وهو القانون الطبيعى ٠‏ كما يميز فيكو بين القانون المدنى وقانون 
الشعوب ٠‏ فالقانون المدنى يختلف من مدينة الى مدينة ومن دولة الى دولة 
ومن نظام سياسى الى نظام آخر فى حين أن قانون الشعوب هى أيضا قانون 
عام وشامل ٠»‏ تعبير ضرورى عن المجتمع الانسانى » قانون مطبوع لدى كل 
شعب لأنه من وضع العقل الطبيعى الذى يشارك فيه الاذسان وربما الحيوان ٠‏ 
وهى نفس التفرقة بين القانون 5نال والفقه. ‏ *هم.1 ٠‏ فالأول نظام 
طبيعى: عقلى ٠‏ والثانى وضهى من صنع البشر ٠‏ الأول داثم ثابت لا يتغير , 
والثانى يتغير طدقا للظروف والأحوال ٠‏ الأول يشمل العادة الثابتة والثانى 


يعبر عن ازادة المشرعين فحسب ٠‏ 


أما تعبيز ٠‏ مبادىء الانسائية » فى الطبعة الأولى فهو مرادف للطبيعة 
المشتركة بين الأمم . فالانسانية تءنى المديئة أو المدنية أى المعنى التكرينى » 
المبادىء التى بها تصيح الانسانية كذاك والتى تخلقها الانسائية من طبيعتها ٠‏ 
ولا يعنى ذلك وجود هاهية انسانية مستقلة فردية أو أجتماعية فان هذه الماهية 
عند فيكى تذشاً من مجموع العلاقات الاجتماعية وتطور النظم الاجتماعية وكمأ 
يقول الماركسيون والوجوديون ٠‏ ولكن هذه « الانسانية » تقوى كلما تقدمت 
فى مراحل تطورها ٠‏ 


الذانى عن 0 الدكمة. الشعرية 00> وأقصرها الكدّاب الخامس عن 2 تطور الذظم 


"75975 ب 


الانساذية عندما تنهض الشعوب من جديد » (8) ٠‏ ويختلط قانون تطور 
الشعوب فى هراحلها الثلاث بحضارات الشعوب ١»‏ فدينما يظهر هذا القانون 
بصراحة ووضوح فى المقدمة « فكرة الكتاب » الا أنه يعود ويختفى ولا يظهر 
الا فى الكتابين الرابع والخامس عن تطور الشعوب فى دورتها الأولى وعن 
تطورها فى نهضتها الثاذية ٠‏ ولكن فيكى لا يعرض لهذا القانون عرضا مفصلا 
في أى من الكتب أو أقسامها بل يذكره دائما دون أن يخصص له قسما مستقلا 
يعرضه فيه ويستوفيه ولكن على الباحث أن يجمعه من الشتات ٠‏ كما يضم 
الكتاب الأول المبادىء العامة للعلم فى صورة بديهيات أو أوليات عقلية 
واضحة بذاتها تحدد بناء العام الجديد ٠‏ أما الكتابان الثانى والثالث فانهما 
يعطيان الحكمة الشعرية ٠‏ ويعرض لسوؤالالوجود الحقيقى التاريخى لهوميروس 
شاعر اليونان مبيئا أن تاريخ الشعوب فى حكمتها » وأن حكمتها فى شعرها : 
أما الخاتمة فان فيكو يعرض فيها لعقيدة العناية الالهية كراعية لنظم الدكم 
وكانه يريد ذتاما تقليديا اضمون كتاب غير تقليدى ٠‏ 


ثالثا : المبادىء العامة لفلسفة التاريخ : 


يبدا فيكو فى الكتاب الأول بعنوان « وضع المبادىء » بارساء القواعد 
العامة لفاسفة التاريخ (4) ٠‏ فيعرض أولا للمادة العلمية التى يحللها فى 
جداول. زمنية تخطىء وتصيب ٠‏ وقد تم اختصاره نظرا لأنه مجرد عرض 
لأساطير الشعوب الوثنية الأولى ؛ ولكن تبدا أهمية هذه المدادىء فى الجزء 
الثانى عن « العناصى » والذى يعرض فيه فيكو على طريقة اقليدس لائة 
وأريع عشرة مصادرة أى بديهية يقوم عليها العلم ٠‏ ثم يحصدد فيكو ثالثا 


(4) هذه هى أقسام الكتاب 3-8 .2 ,70 عطا غه و10 هط ب 

11-5 .جر رقع [وتعصاعط 8ه خأمعسصسطو1[طوغة:8 : معده 80061 مف 

.69-1 .ط ,مده150]] ماع20 : 150 ع800[1 -- 

245-80 .7 ,ظل 11052 عنام معطا غ0 تزطع07ع1015 : معطدط2؟ 8001 -- 

2535-2 .2 ,قطنا 8ه[ قغطةا 08 م0118 عط" : عدتاه"1 5001 ب 

عط طعتط؟ قطه أ أدتاقم1 لمقمصسكة 02 عه" تامعع8 معط : 817 ع1[هو8 -. 
-315 .م طتلوعة مقتم تزعطغ معطم معطو عدمتاو]! 

طة رططكلوه؟ تاتمنتطامه لقطظع10 ره 005 : ع1ظ1ه70 عط 012 00221115102 عه 
305-84 .2 ,عع ط001106ط عستاحانا عجط 060زد0"ه رأفمعظ لدلكظ طعوهة 

)9( 1510., 2. 11-5 


ا" د 


« المبادئء الثلاثة التى يقيم عليها العلم وهى الظواهر الاجتماعية الموجودة 
فى كل مجتمع ولدى كل شعب ٠‏ وأخيرا يتحدث فيكو عن المنهج الاستقرائى 
المتبع فى اقامة فلسفة التاريخ أسوة بتأسيس علم الطبيعة على نفس المنج 
ادى بيكون ٠ ٠‏ 


والمدكدذيون 232115 2 والفينيقيون 3 والمصريون 2 واليونان 20 
والرومان ابتداء من الطوفان حتى الحروب الثانية بين روما وقرطاجنة 
ويسرد تاريخ الرومان وقواذينهم ونظمهم ٠‏ ويشرح أهم القوانين مثل القانون 
الجمهورى الذدى تغبر ده النظام الرومانى من الارستقراطية الى الشعدية 
وقانون العبودية من أجل الوفاء بالمدين والغائه ٠ )٠١(‏ 


- 


ولكن تددو أهمية هذه المدادىء العامة عندما يتحدث فيكو ثانيا عن 
« العذاصر » والتى يعرض فيها للمصادرات والأوليات والبديهيات التى تقوم 
عليها فلسسفة التاريخ ٠‏ وبالرغم من تفصيلها فى مائة وأربع عشرة مصصادرة 
الا أنه يمكن اجمالها فى عدة أفكار رئيسية وأضحة بذاتها ٠ )١١(‏ 


فالانسان مقياس كل شىء فى حالة جهله بالأشياء ٠‏ فاذا عرف شيئًا 
فائه من طبيعة الأمور قياس الغاكب على الشاهد كما يقول المناطقة القدماء , 
وهنا يحدد فيكو المنظور الانسانى لفلسفة التاريخ » وأن ليس للانسان الا 
رؤيته وتصوره وعلمه ٠‏ 


وكل أمة تريد أن تجعل نفسها خالقة ومبدعة لمقومات الدياة ٠‏ كما تردد 
ارجاع تاريخها الى أقدم العصور ٠‏ فكل شعب يدعى أنه أصل الانسانية , 
المصريون» والكلدانيون»: والصينيون» والسكيثيون ٠‏ وهذا يبين فيكو أن الرغبة 
فى البحث عن الجذور » والعودة الى الأصول » والبداية بالنشأة شىء طبيعى 
فطرى فى الافراد وفى الشعوب ٠‏ 





11-17 .م ,قامة (10) 
ٍ 18-1 .م ,.1518 (11) 


د 4لا 


ومن الخرورى دوجيه الفلسفة للافراد وللشعوب وعدم تركهم فى 
فسا دهم وارشادهم الى الأخلاق ‏ السدايمة ٠‏ فالفلسفة تصف الانسان كما ينبخي 
أن يكون فى مقايل الذشريع الذى دصف الانسان كما هي كائن  ٠‏ هذا الواجب 
ضرورى من أجل أن يكون الانسان ذا نفع فى الحياة الاجتماءية ٠‏ فالانسمان 
الكائّن يسلك بدوافع التوحش والبخل والطموح ٠‏ وهى الرذائل الثلاث فى 
الجنس البشرى التى بسيبها تنشا الطبقة العسكرية التجارية الحاكمة التثى 
تجمع بين القرة والثروة فى شكل نظام سياسى. ٠‏ ولكن الفلسفة تيدأ من هذه 
الرذائل ذاتها لتوجه الجذس البشرى » وتجعل سعادة الانسان المدنى ممكنة ٠‏ 
فالاشياء لا تخرج عن حالتها الطبيعية ولكنها تنحى نحو الكمال بطبيعتها , 
وهنا يبدى فيكو أرسطيا تماما فى تصوره للطبيعة والكمال ٠‏ 


ثم يعرض فيكو لعدة بديهيات تتعلق بالمعرفة الانسانية ٠‏ فالمعرفة تؤدى 

الى اليقين فى حالة غياب العلم الحقيقى » ومن ليس له علم يتمسك باليقين ٠‏ 
تعتمد المعرفة على اللغة والتاريخ فى حين يقوم العلم على التامل والفلسفة ٠‏ 
واللغة مرتدطة بالاختيار الانسسانى عندما يتعلق موضوع الاختيار بالوعى 
اليقينى ٠‏ أما الفلسسفة و التأمل فهما مرتبطان دالعقل فى حالة العلم الحقيقى 
ومع ذلك فان الاخديار الانسانى غير يقينى لأنه يقوم على المعرفة وليس على 
العلم , ولا يدحول الى دقين الا بالحس امشترك ©5625 00025205 وادراك منافع 
الثناس وحاجاتهم ٠‏ وهما المصدران للقانون الطبيعى للشعوب ٠‏ والحس 
الاشترك <كم بلا تفكير يشارك فيه طبقة أى شعب أو أمة أى الجنس البشري 
كله ٠‏ والأفكار المطردة التى تنشا لدى جميع الأمم المستقلة عن بعضها البعدض 
دكون لها أساس من الحقيقة » فاطراد الأفكار مقياس لصدقها . 


مدن فشكا لهاء وتتغخدرهذه الأشكال الأول ىالذى ندشاات فدها 13 فلا توجد عدل فيكو 
خصدائص جو شرية كماهيات شرفك مدقلة دل تىو جد علاقات اجتماعية فى التاريخ 
فى الزمان والمكان ٠‏ 


والتراث الشعبى له قدر من الحقيقة ذظرا لوجوده واستمراره وحفظه 
وتواتره عبر الأجيال ٠‏ فهى المعبر عن طبيعة الشعوب ٠‏ واللغات الشعبية 
قدر على حفظ عادات الشسعوب من وسائل التهبير الأخرى كالحركات 
والأصوات ٠‏ وبالتالئ تنش أهمية الفنون اللفوية وعلى رأسها الشعر ٠‏ ومن 


- "965 


خلال نشاة اللفة يمكن معرفة نشاأة العالم ومعرفة دداياثه فاللفة مرتبطة 
بالوجود أو هى « بيت الوجود 2« على مأ يقول شن ل جر ٠‏ كما أن أش هار 
هوديرورس روايات مدنية تحدتوى على .عادات اليونان القديمة وتقاليدهم 
ونظمهم وحضارتهم « وكنن عظيم يحتوى على القانون الطبيدعى لش _سعب 
الدونان ٠‏ كما أن قانون « الألواح الاثنى: عشر » شاهد على القادذون الطييهمى 
عند الرومان » هناك اذن لغة طديعية مشتركة بدن الشعوب ددم تهديدها خدما 
دعل كما فعل فلاسفة اليونان وكما فعلات فرنسا فيما دعد فى أو اسدط أوريا 0 
هناك لغة ذهنية مشتركة من خلال الطديعة :المشتركة للأمام عير عن ماهية 
الحياة الانسانية الفردية والاجتماعية ٠‏ والدليل على ذلك وجود الحكم 
والأمثال العامية ااترادفة لدى كل الشعوب ٠‏ 


والتاريخ المقدس » وهو مادة « العلم الجديد » , أقدم أنواع التاريخ : 
فهو أقدم من التاريخى الدنيوى وأطول مدة ٠‏ فقد عاشت الانسانية حوالى 
ثمائمائة عام فى عصير الآباء . عصر العشائر الكبيرة التى منها نشات الدن ٠‏ 
وفى التاريخ المقدس يميز فيكى بين العبرانيين ودين الوثنيين ٠‏ الأول أسدسيه 
ال والثانى أسسته الطبيعة ٠‏ فالل هو المؤسس الحق لدين العبرانيين ٠‏ ويقوم 
هذا الدين على تحريم العرافة التى مارستها كل الشعوب الوثنية فى دياذاتها ٠‏ 
دل ان الناس نوعان »2 عبرانيون ووثنيون ٠»‏ عاديون وعمالقة ٠‏ والعمالقة 
مخلوقات ضخمة رآها الرحالة وشؤه الفلاسفة صورتهم نظ را لطبيعتهم 
الديوانية ٠‏ وديدى أن فيكو أحياذا يبعد عن البديويات الى افتراضات مسيقة 
أو احترازات نظرا لظروف العصر مثل هذه القسسمة الأخيرة التى لا يقبلها 
علم تاريخ الأديان ٠‏ ويبدة التاريخ ٠‏ ومنه تاريخ اليونان الذى مذه ذعرف 
معلوماتنا عن داقى الشعموب : بالفيضان والعمالقة . وقد كان الفيضان شاملا 
على ما ترويه الأساطير وما تقصه عن أحوال الطبيعة ٠‏ 


ويذكر فيكو المراحل الثلاث لتطور الشعوب وكأنها قانون بديهى ض..ن 
أوليات العقل ٠‏ وهو فى نفس الوقت يذكر أن هذه المراحل الثلاث قد ذكرها 
المصريون فى تصدورهم للانساذية وتطورها قبلهم ٠‏ وهذه المراحل الثلاث تمثل 
عصورا ثلاثة لتاريخ كل شعب : عصر الآلهة », وعصر الأبطال »:.وعصر 
البشر ٠‏ ولكل عصبر اغته .. اللغة الهيروغليفية مثل لغة المصريين لعصر الآلهة, 
واللغة الرمزية مثل لغة هوميروس لعصر الأبطال ٠‏ واللغة الشعبية العامية 
لغة الخطاإب بإالرسايّل التى تقوم على العلاقات والحروف الأبجدية لايصال 


357 هه 


الحاجات المشتركة والتعبير عنها فى الحياة اليومية » هذه اللغة لعضر البشر 
وهس دُم دبكون السؤال : هل هذه المراحل دددهدية أم حقيقية تاريخية من اكتشاف 
المصريين. أم أذها اسدتقراء تأريذى لدّطور ٠:‏ الشبعوب 0 


ثم يذكر ذيكى عدة بديهيات عن المرحلة الأولى مؤداها أن الدين طديمى 
فى البشر ؛ وأن لكل شعب آلهته., وأنه ينشا من الخوف أو الجهل أو الخرافة 
أو الدهشة » وبالتالى فانه من اختراع الانسان , فالافسان حيوان متدين كما 
سيقول فيورباخ فيما بعد ٠‏ فهناك حوالى ثلاثون الف اسم للآلهة » وكله!ا 
مرتيطة بالحاجات الطبيعية والاخلاقية للانسان . وتعبر عن رغباته وأهوائه 
وعواطفه فى العصور الأولى ٠‏ لذلك بدأت الشعوب الأولى حياتها بالدين 
أول مبادىء العلم الثلاثة » وأول النظم الاجتماعية قبل الزواج ودفن الموتى ٠‏ 
وعندما يبلغ شعب ما درجة عالية من التوحش واستعمال السلاح بحيث 
لا يكون للقانون فى حياته أى مكان فان أقوى وسيلة لاخضاعه يكون الدين ٠‏ 
وعندما دجهل الانسان الأسداب الطبيعة التى عنها تصدر الاشياء ويعجن عن 
فهمها بالقياس الى أشياء أخرى فانهم يسقطون على طبيعتهم الخاصة » ويقول 
العامى حيندذ : « المغذطيس يحب الحديد » ٠‏ فتصور الجاهل لالطديعة نوع عن 
المرتافيزيقا الشعبية يرجم فيها علل الأشياء الى ارادة خارجة عليها » هى 
ارادة الله » دؤن اعتبار للوسائل التى :تستعملها الارادة الالهية ذاتها لتحقيق 
الأفعال واحداث الأثر فى الأشياء ٠‏ وعندما تخاف العقول فانها تكون مؤهلة 
للخرافة ٠‏ وعندها يقع الناس فريسة للخرافة فانهم يخشونها » ويرجعون 
اليها كل مايتخيلوذه ويرونه ويصفونه , والدهشة تنشا أيضا من الجهل »2 
وكلمما عظم موضوع الدهوشة دل ذلك على شدة الجهل وأدى الى زيادة 
التعجب ٠‏ كما يذشا حب الاستطلاع : هذه الصفة الفطرية فى الانسان » من 
الجهل ٠‏ وفى نفس الوقت يكون الدافع على المعرفة ونشاتها عندما توقظ 
الدهشة العقول وتعطى عادة التساؤل عن معانى الظواهر غير العادية فى 


العادددوة . 
ع 


وفى هذه الحالة يكون الذيال أقوى من الاستدلال » وتدرز أهمية الشعر ٠‏ 
فهو الذى يعطى الأشناء الميتة معانيها مسسستمدا اياها من عواطف البشر 
وانفعالاتهم » ويكون الشعراء كالأطفال الذين يتحدثون مع لعبهم وكانهم 
يتحدثون مع أشخاص أحياء. ٠‏ وهذا يثبت أن الناس بطبيعتهم .شعراء فى 
مرحلة الطفولة . وأن الانساذية تتحدث بالشعر وهى فى الدداية فى طفواتها 


لالا5 اه 


الأؤلى ٠‏ وهنا يختلط الدين بالمشعر ٠‏ والآلهة بالأبطال ٠‏ فيسمى الرجال الغلاظ 
الشداد آلهة اما. لأعمالهم البطولية الرائعة أى اعجابا بالقوة الحالية الثى 
دتمتعون بها أو بالنسية للمنافع التى أغطوها للانسانية ٠‏ وهو المعنى المجازى 
الذى. اسدتعملة: العيرائيون كما لاحظ اسدينوزا من قبل(؟١) ٠‏ وهنا تنشاً 
الأساطير التى يجتمع فيها الدين بالشعر مثل أسطورة الخلق لدى كل أمة , 
وأسطورة الفيضان ٠‏ فكل أمة لديها يهوا أئ اله . وكل شعب لديه هرقل ابن 
يوفا ٠‏ وقد كان.أول حكماء اليونان هم الشعراء الديذيون ( اللاهوتيون ) الذين 
ازدهروا قبل الشعراء البطوليين ٠‏ تفسىس الأساطير بدايات الأشياء ونشأة 
الكون عند كل الشعوب ٠»‏ ويعزو المصريون الى هرمس المثلث العظمة كل 
الاكتشافات المفيدة والضرورية للحياة الانسانية ٠‏ وكان أول لاهوت للمصريين 
تاريخا مطعما بالأساطير خجلت منها الأجيال بعدها فأولتها تأويلا صوفيا 
باطنيا » وهى أيضا ما يحدث لدى جميع الشعوب الأولى ٠‏ كان المصريون أول. 
المؤلفين من الشرقيون , تلاهم. اليونان والرومان ٠‏ وفى الدورة الثانية كان 
الشعراء هم أول الكتاب فى اللفات الأوريية الحديثة » والشهر البطولى أقدم 
أنواع الشعر » والشعر ذو المقطعين أبطوّها ٠‏ والشعر اليامبى #ناولطصتهط 

(الرجز ) أقرب أنواع الشعر الى النثر ٠‏ 


ويستعمل فيكى للحديث عن الدين والشعر تشبيه الأطفال ٠‏ فمن طبيعة 
الأطفال نهم من خلال الأفكار والأسماء المرتبطة بالرجال والنساء والأشياء 
التى عرفوها يطلقون بهد ذلك نفس الأسماء على الرجال والنساء والأشياء 
المشابهة ٠‏ فالمئطق البشرى يبدا بالحس » والمعرفة البشرية تبدا بالحس ثم بعد 
ذلك يستمتع العقل بالاطراد والتكرار والتشابه ٠‏ فالذهن الانسانى بطبيعته 
ولارتباطه بالحواس يرى نفسه فى الجسم 2 ويصعب عليه أن يفهم نقسسه 
بالفكر ٠‏ فالتشبيه سابق على التنزيه كما أن التجسيم سابق على التشبيه على 
ها يقول علماء أصول الدين القدماء ٠‏ 


والأطفال شعراء كما. أن الشعراء. أطفال دتمتعون بخيال خصب وذاكرة . 
قوية , فالخيال ذاكرة مركبة أو ممتدة فى الزمان ٠‏ ويبدع الأطفال فى التقليد, 


05 اسدينوزا : رسالمة فى اللاهوت والسياسة ص ١١18 ١750‏ » ترجمة وتقديم 
د* حسن حتفى , الطبعة الأولى . الهيئة العامة للكتاب , القاهرة +197 . الطبعة 
الثانية . مكتبة الانجلو المصرية 2 القاهرة ١91/8‏ , الطبعة الثالثة . دار الطليعة , 
بدروت + 9/ا91( ٠‏ ااا 


778 ع 


وددخلون على أنفسنا السرور من تقليدهم لكل هما يفهمونه ٠‏ واذا كان كل 
انسان ذى استعداد طبيعى قادرا على تعلم صناعة ما فان الشاعر أن لم يكن 
شاعر! بالفطرة فائه لا يستطيع أن يتعلم الشعر صنعة ٠‏ واذا كان الأطفال 
بسدون فان شعراء الطبيعة لا يقلدون . وتسور الروح الانسانية .عند الاطفال 
والشعراء بطريقة واحدة ٠‏ اذ وشعر البشى أولا قبل أن يدركون ٠»‏ ثم يدركون 
بهن مضطرب ذم يفكرون بعد ذلك يذهن واضح ٠‏ وما يظهر .للبشر أولا على. 
أنه موضع شك أو غموض فانهم يفسرونه يطبيعة الحال طيقا اطبائعهم الخاضصة 
وأهواتهم وعاداتهم ٠‏ 
وليسدت اللغة وحدهاً هى وسيلة التعبير . ان يعبر البكم عن أنقشهم 
بالايحاء ات أى بأشياء ذات علاقات طبيعية مم الأفكار التى يريدون التعبير 
عنها ٠‏ يصدر البكم أصواتا لا مقاطع لها بالغناء » ثم يعلم التلعثم فى الغناء 
ألسنة اآناس النطق , فالغناء قادر على التعبير عن الانفعالات الانسانية , 
وقد بدأت اللغات بالكلمات ذات المقطع الواحد لسهولة النطق بها كما هو 
الخال عند الأطفال ٠٠‏ 
ويذكر فيكو عدة بديهيات أخرى تتعلق بتطور المجتمعات البشرية وتطور 
البشر أنفسهم ٠»‏ فقد بدات الدياة الانسانية أولا فى الغابات ثم الأكواخ ثم 
القرى ثم المدن وأخيرا الأكاديمنات 2 وكان مجتمع العلماء هو آخر مرحلة 
هن :تطور البشزية » وهنا يبدو القانون متجها نحو الذروة والكمال ٠‏ ولكن 
أذيانا أخرى يذكر فيكو التطور البشرى أخذا فى الاعتبار السقوط والاتهيار 
بغد الكمال والذروة ٠‏ آذ يشعر الانسان آولا بالضرورة تم ينظر الى المنفعة 
ذم 'يذحظ عن الراحة ثم يسلم نفسه للمذات ثم يتحلل فى الترف ٠‏ ويقع فى 
الجنون , ويفقد هويته ٠‏ كما أن طبيعة الشعوب تكون أولا الغلظة ثم القسوة 
ثم اللين ثم الرقة وأخيزا الانحلال ٠‏ وفى الجنس البشرى يظهر أولا الضخم 
رالخليط ثم المعتز بالنفس والعظيم ثم الباسل والعادل ثم العظمة والبهاء , 
وبعد ذلك يأتى. الهوائى المتقلب ثم يسود الانحلال والجنون ٠‏ 
: يذكر فيكو هذه القواانين' على أنها غادات بشنرية ٠‏ فالصادة ملك ,2 
والقانون طاغية ٠‏ العادة معقولة ولكن قد لا يعبر القانون عن العقل الطبيعى 
بل عن ارادة البشر , ولكن المعتاد أن القانون الطبيعى للشعوب الأولى يكون 
معاصرا فى نشأته لعادات الأمم ومتطابقا معها من حيث الحس المشترك دون 
أى تدبر أو روية ومع استقلال كل أمة عن الأمة الأخرى ٠‏ والعادات البدائية 


504 ب 


وخاصة فيما يتءلق بالخرية: الطزيدية لا تتفير مرة واحنة ولكن على درجات2 
وتستغرق مدة طويلة . ولكن. نظام 'الأفكان يتبع نظام المؤلسس ات » وتبدا 
الذظريات ينشاة موضوعاتها » دم يضطر البشر الى الاحتفاظ بذكريات القوانين 
والنظم التى تريطهم: بمجتمعاتهم فتكون سجلا لتطورهم * 

ثم ينتقل فيكو بعد ذلك الى' سلسلة أخرى من البديهيات تتعلق بنظم 
الحكم' الملكية والاقطاعية والارستقزاطية وما يتعلق :بها من أنظمة اقتدمادية 
واجتماعية”: نشأة وتطورا واكتمالا ٠‏ ويندآ فيكو باقرار مبداً بديهى عام وهو 
تطابق الخكؤمات مع طبيغة المحكومين أى أن النظم: السياسية تعبر عن طبيعة 
الشعءوب على عكس ها يقوّله ابن خلدون من أن الناس على دين ملوكهم ٠‏ 
الأرلى نظرة طدبيعية والثانية نظرة: الهية ٠‏ الأولى تدسسور تحتى والذثانى 
تصور فوقى ٠‏ 

ويبدأ فيكو بَبْيان نشأة النظم الملكية , لما بداأت كل الشذوب حياتها 
الطبيعية بعبادة الله. ما فى الدول: العشنائرية كان الآباء :هم الخمكاء: تحث 
وحناية: الالهة ٠.وقد:حاول”الكهنة‏ تفسير هذه. الوصاية لصالخهم ولكن ذجم: 
الملوك أخيرا فى-تحويلها:الى قواذين لعشنائرهم ٠‏ فا ملوك هم أول من حكمو|. 
الغالم . فقد كانوا أجدر الناس من حيث الطبيعة ٠.وكانوا‏ هم الحكفاغ .. 
دجمغون' دين الذكفة والملك والكهانة ٠‏ اللملكة اذن أول نخلام للحكم عرفدتة 
البشرية .* وفئ' الدول العشائرية:مازس الآباء سلطة الملوك:خاضعين لله : لهم" 
السلطة على اولأدهم ومهتلكاتهم وما ملكت ايمانهم ٠‏ فهم البطاركة زالآباء 
والأمراء. والرؤساء.:.: وقد حضلت العشائر على أسمائها من الآباء فى الحامة. 
الناريعية ٠‏ كان الملؤك رؤسباء الدين والدولة ٠‏ وكانى! يقومون بتطبيق القو انين : 
داخن اباد ودشنون الحروب خارجها ٠‏ 


“ما النظام الاقطاعى ف فقد نشا ابتداء من أن البعض ١‏ قد اعتزل العالم 
الهمجي" غير القانوني وكون أسرا ٠‏ عاش البعض امنها فى حقول ثم عاش 
فيها الأبناء من بعدهم ٠‏ لا يمكن اذن فهم نشأة التجمعات البشرية الأولى قبل 
هؤلاء الفارين الذين أرادوا انقاذ حياتهم بحمساية الآباء لهم » وزراعة 
اراضنيهم * تيدأ هذه التجمعات: بالنظام الاقطاعى نظزا لما يَغَود على الناس 
من الفائدة: منه ٠‏ فظهر القانؤن. الخاص بالخقول وهو أول 'قانون زراغهى فى 
الغالم ٠"‏ وفى كل الأهم القديمة التى يوجد فيها عملاء وزبائن يظهر فيها أيضا 
النظام الاقطاعى ٠‏ ويظل الاقطاعى ضاحب القوة والسيطرة لأن من علامات 


5690 


القرى ألا يفقد بالجين ما حصل عليه بالشجاعة ٠‏ ولم تكن هناك قوانين اعاقبة 
الاهانات الخاصة أو لتصحيح الأخطاء الشخصية ٠‏ 

أها النظام الارستقراطى فانه يقوم على أكتاف النبلاء الذين يقسمون 
بأن يكونوا أعداء أبديين للعامة ٠‏ ويقوم النظام على الثروة وتركيزها فى 
طبقة النبلاء لأن الثروة تزيد من قوة الطبقة ٠‏ وتكون النظم الارستقراطية 
على جذر دائم من الدخول فى حرب خشية أن تتحول العامة الى محاربين ٠‏ 
والحرب فى هذه النظم تؤدى الى البطولة » كما تؤدى فى السلم الى التمسك 
بالشرف والتنافس. عليه ثم يكون الشرف بالتالى باعثا على الشجاعة فى. 
السلم. والحرب ٠‏ ثم تنشا المعارضة شيئًا فشيئا فى المدن من أجل مساواة 
الطبقات. العامية مع طبقة النبلاء فى الحقبوق , وتطالمب بالقوانين التى. 
لا يريدها النبلاء » وتطمح العامة من أجل أن تحصل على نتاج كسبها » ولكن 
طبقة النبلاء توقف القوانين حتى لا يتساوى الضعفاء والاقوياء ٠‏ 


وأخيرا تنشا النظم الشعبية تعبيرا عن رغبات العامة , ولكنها تقود صراعا: 
من. أجل السلطة بالسلاح فى وقت السلم . وتصدر القوانين باسم السلطة 
وليس .باسم القانون ٠‏ ومع ذلك تثيت الحرية الطبيعية ضد . النظم. الملكية 
والاقطاعة والارستقراطية . وتمحى مظاهر العبودية الاجتماعية التى تجعل 
الانسان ضمن المقتنيات٠‏ وللكن هذه النظم الشعبية ذاتها تحوف بها المخاطر٠‏ . 
فبعد أن يحاول الناس التحرر من العبودية والحصول على أكبر قدر ممكن 
دن المساواة » تحاول العامة تجاوز المتساوين معها فتتحول النظم الشعبية الى 
نظم قوية تقوم على السيطرة ٠‏ ثم تضع العامة نفسها فوق القوانين التى 
لا تراعيها فتتحول نظم الحكم الى فوضويات لا يوجد فيها طاغية واحدة 
لأنهم كلهم طغاة ٠‏ وأخيرا تحاول العامة أن تجد خلاصها من جديد فى عودة 
النظم الماكية ٠‏ فبعد أن تضطر العامة لقبول سلطة النبلاء » وبعد أن يضطر 
النيلاء لقبول سلطة العامة 2 يضطر الجميع لقبول سلطة الملوك ٠‏ ومن ثم 
ينتهى جدل السيد والعبد على ما يقول هيجل لصالم الملك »2 ولا يستمر فى 
دورة أبدية ٠‏ 

.ذم يعطى فيكى بعد ذلك عدة مبادىء عامة عن حياة العمران ٠‏ فبعد 
الفيضان عاشت الأسر أولا فى الكهوف ثم على سفوح الجيال ثم انتقلت الى . 
السهول ثم الى شواطىء البحار ٠‏ كما تنشا المدن أولا داخل البلاد ثم يعد 
ذلك تنشا المدن الساحلية ٠‏ وقد كانت مدينة صور أولا فى الداخل ثم حولها 


5خ5 - 


الفينيقون الى مديئة ساحلية ٠‏ فقد كان الفينيقيون أول بحارة فى العالم ٠"‏ 
فالمدن الداخلية أكثر قدرة على الدفاع عن نفسها من المدن..الساحلية ٠‏ وقد 
بنى اليوذان عدة مدن يونانية على ساحل أيونيا. تم تدميرها بسهولة بعد ذلك ٠‏ 
ونظرا لضرورات الحياة يترك الناس أرضهم طمعا فى مزيد من الثروة عن 
طريق التجارة أو لحمل ثرواتهم معهم حرصا عليها من الضياع ومخاطر 
الاستقرار » والشعوب الأولى لا يمكن النفان اليها الا من اللخارج عن طريق 
الحرب أو من الداخل غن طريق فتح حدودها لاتجارة ‏ مع الغرياء ٠‏ 


وينهى فيكو بديهياته حول الله والقانون والمساواة ٠‏ فهناك أقوام كبيرة 
فانه يكون بمثابة الحكمة لدى الشعوب المحدودة الأفكار التى لم تبلغ بعد ششأوا 
سر الحضارة والتطور ٠‏ وينشاً اليقين فى. القانون من غموض الحكم وتأديد 
السلطة ‏ أما الأذكياء فانهم يأخذون المنفعة قانونا - أما حقيقة القانون فانه 
نور يعين 2 وعظمة تأتى اليه من العقل الطبيعى ٠‏ أما بالمنسبة للمساواة , 
فالمساواة المدنية حكم محتمل لا يعرفه كل الناس ٠‏ أما المساواة الطبيعية فانها 
تعبير عن العقل الانسانى » ودرجة التطور نحو الكمال ٠‏ 


دعد هذه البديهيات 'التى يسمدها فيكو « العناصر » ؛ دتحعسدث عن 
« المبادىء » وهئى الحقائق البديهية للدى كل الشعوب دون الاستعانة بالتراث 
المكتوب “بل بناء على. تنظير مباشر للواقع وسبر لأغوار .الطبيعة البشرية ٠‏ 
فالعالم الانسانى من صنع الانسان ٠,‏ وبالتالى توجلد مبادؤٌه. فى .الذهن 
الانسانى ٠‏ فالواقع والذهن .ثىء واحد.. وكأن .فيكو هنا يرصد مسيقا 
«٠'فينومنيؤولوجيا‏ الروح » عند هيجل ٠‏ 

هناك ثلاثة مبادىء هى فى نفس الوقت عادات الشغوب ونظم لها ٠‏ 
الآول أن كل شعب له دين ٠‏ ولا يوجد شهب يجهل الدين على خلاف ما يرويه 
بيل وبعض الرحالة من أنهم رأوا شعويا بلا دين + يجهلون الل ٠‏ فهؤلاء 
الرحالة لا يبغون العلم بل يديرون تسويق مؤلفاتهم فدسب ٠‏ العبرانيون ٠‏ 
والمسيحيون ٠‏ والوثنيون والمسلمون ( المحمديون ) كل هؤلاء لهم دين » وقد 
آهمنت كل الشعوب بآله مجسد أو غير مجسد يعتنى بالعالم ويرعاه ٠‏ وهذا 
ما أكده الفلاسفة جميعا على اختلاف مذاهبهم ٠‏ والثاني أن كل الشعوب 
لديها احتفالات بالزواج ؛ فامعلاقات الجنسية الحرة دون رياط رسيمى علاقات 
شريرة » ينتج عنها أطفال بلا أسر » يتركون فى الخارج » وظيفة الأسرة اذن. 


ك6 ا 


رعاية الأطفال الشرعيين واعطائُهم التعليم والدين واللغة ٠‏ والثالث أن كل 
الشعوب تدفن الموتى » فلا يوجد: شعب: يترك موتاه بلا قبور ٠‏ فندن جميعا 
زدلاء فى البشرية . وعندما تناقش خلود. الروح فنحن نش ارك فى نفس 
الانسانزية . وقد ذكرت كل الديانات هذا المبدا وعرفتة الحضارات » وكذبت 
حدؤله القصصي: والمسرحيات ( انتيجون ) ٠ )١١(‏ 


وألخيرا يتحدث فيكو عن منهج « العلم الجديد » ويحدده على أنه منهج 
الاستقراء الذى يبدأ من الطبيعة الى الفكر ٠‏ فالمنهج دبدأ حيث يبدأ الموضوع 2 
وبالتالى يدون الموضوع هو منهج ذاته » ويكون تطور الموضوع ضمن خطوات 
الأنهج ٠‏ وهنا يلدق فيكو أيضا بهيجل فى توحيده بين الموضوع والمنهج بين 
الواقع والجدل ٠‏ لذلك يجب البدء باللغويين والفلاسفة والكتاب والأدياء 
والشعراء والمشرعين وكل من حاولت الانسائية تدوين نفسها من خلالهم ٠‏ 
ويعطى فيكو نموذجا من هذا المذهج التجريبى بنشأة فكعرة الل أو الدين 
الموجودة لدى كل الشعوب الملتحضرة والبدائية ٠‏ فعندها يعيش الانسان لاحظات 
اليأس من كل عون للطبيعة ء ويرغب فى شىء أعلى منها مسا غدته يكون هو 
الله ٠‏ واذا ما وصل المثحلون الى سن متقدمة فى العمر يكتشفون الدين: ٠‏ 
وهذا ها. يثبته البدائيون الذين يعيشون حياة الانفهنال. ٠‏ أما الميتافيزيقا 
الشعبية ولاهوت الشعراء فانه أيضا .ينتهى الى ذفس . النتيجة ٠‏ أذ دعيش. 
الرشر ٠‏ نظر! لطبيعتهم الفاسدة ٠‏ تحت سيطرة حب الذات ويسيرون وراء 
منفعتهم الخاصة ٠‏ وبالتالى يعجزون عن السيظرة على انفعالاتهم 2 ويعسد 
الزئاج كان لزاها علئ الانسان: أن يوفق بين منفعته. ومنفعة أبنائه ٠‏ ويعد 
الحياة الاجتماعية كان لزاما عليه أيضا أن يوفق. بين مصلحته.ومصسلحة 
الآخرين ؛ وبين مصالح الآخرين ومصالح الشعب ككل » ثم بين مصبالح الشعب 
ومصالح الجنس البشرى., ٠‏ وما كان الانسان لا يبغى الا صالحه الخاص كان 
لابد من العناية الالهية ذى تضعه داخل نظم تعلمه العدالة وتحد دوره كعضو 
في الأسرة وفى المجتمع وفى ألمدنية والانسانية ٠‏ ولا كان غور قادر على 
الالتزام بهذه النظم فانه يسمى العادل منها ما يحقق منفعته الخاصة , دما 
ينظمها يسميه العدالة الالهية » وما يحكمها يسميه العناية الالهية , 
)١١(‏ ينوه القرآن بذلك بقوله « فبعث الله غرابا يبحث فى الأرض ليريه كيف 
يوارى ممواة أخيه ٠‏ قال ياويلتى أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب فأوارى سوأة أخى 
فأصبح من النادمين » ( الماكدة : ٠ ) "١‏ 


5890 مه 


يبدو فيكو متفقا مع هوبز فى أن الدين ضزورى لصسالح البشر » وأن كليهما 
دنظر العقيدة المسيحية . عقيدة الخلاص من الخطيكة عن طريق المسيح ٠‏ 


العلم الجديد اذن هى اللاهوت العقلى المدنى للعنادة الالهية التى ومن 
بها الزواقيون عن طريق الصلة بين العلة والمعلول: ٠١‏ ٠ذ‏ أذهم فى نظام الأشياء 
الطبيعى يسمون اللاهوت الطبيعى ميتافيزيقا صنفات الله وأفعاله فى: الطبديعة , 
والابيقوريون عن طريق المناقسة العمياء بين اللذات ٠‏ العلم الجديد أذن ياخذ”- 
موضوع العناية الالهية فى التاريخ حين تكشف عن نفسها فى العادات والنظم 
الطديعية ٠‏ وهنا يلحق هردر بفيكو ٠‏ فقانون تطور البشرية عند هردر هو 
أيضنا العناية الالهية وتحويلها من ضصفة لله الى قانون للتقدم ٠‏ ويحلل العلم 
الجديد الافكار الاذنسانية حول الحاجات الانسانية ومنافع الحياة الاجتماعية 
وهما المصدران الدائمان للقانون الطبيعى للشعوب »٠‏ فتاريخ الأفكار: هو تازيخ 
الانسانية لنفسها ٠‏ موضوع العلم الجديد اذن هو الحس المشترك للجنس 
البشرى أو شعور الدشزية جمعاء ٠‏ 


'وتاتى براهين العلم من الفلسفة واللغة مثل اتفاق الأساطير والنظم الذئ 
يدل على أنه اتفاق بالطبيعة وليس وليد المصادفة ٠‏ اتفاق . العبادات البطولية 
مع النظم , اتفاق المعانى الاشتقاقية للغات البدائية مع النظم , وفهم النظِم من 
خلال الكلمات ومعاذيها اللغوية الأصلية إى المجازية المتطورة:.٠‏ القساموس 
الذهنى لانظم الانسانية الاجتماعية هى نقس القاموس الذى لدى.كل. 
الشعوب والذى يتم التعبير عنه بطرق مختلفة وطبقا للفة كل شعوب : التراث 
الشعبى المحفوظ الذى يصمح اخطاء المؤرخين ٠‏ الشذرات القديمة التى- يمكن 
بعد التاليف بينها أن تعطى المعنى والدلالة , معرفة أثار.هذه النظم بالرجوع 

ى عللها الأولى ٠‏ هذه البراهين كلها تجعلنا قادرين على معرفة.«:عالم 
البشر » كما عرف دبيكون « عالم الطبيعة.» ودبنفس اتيج الاستقر اثى الشى -. 
يمكن تلذيدىه فى شهعار « انظر وفكر » ٠‏ 


رايها : الدكمة الشعرية : 
وتعدير « الحكمة الشوعرية » هو أكثر التعبيرات استعمالا غند فيكو '. 


وعنوان الكتاب. الثانى وهو اطول الكتب فى أقسام كتاب « الغلم الجديد ٠»‏ 
وبالتالى يكون الكتاب الأول عن «١‏ اقامة المدادئء » مجرد تمهيد له » ويكون. 


586 - 


الكتاب الثالث عن « اكتشاف هوميروس الحقيقى.» تكمسلة له ٠»‏ والرابع 
والخامس عن مسار الشعوب فى دورتها الأولى ثم الثانية عندما تذهض من 
جديد مجرد تطبيق للحكمة الشعرية مرة ثائية فى دورات الحضارات المتتايعة ٠‏ 
فقد بيدأت اليشرية بالشعر , فكان شعراؤها هم حكمارّها وعلماوها 
ومشروعوها » لم يكن هوميرونس والتراجيديون اليونان مجرد شعراء أى آدياء 
فقط بل كانو! أضحاب معرفة ودين وأخلاق وسلوك وارشادات للحياة العملية 
دل كانوا أيضا واضعى قواذين ٠‏ فكل مدينة يونانية أسسسها اما مشرع أى يطل» 
لم يخلق الشعراء العالم كما خلقه الله ولكنهم خلقوه بالخيال , واللفظ اليونانى 

2010 مشتق من فعل لأهأم152 أى يفعل أو يخلق , فالشعر 
يمتل بدايات الفن والعام والميتافيزيقا والمنطق والأخلاق والاقتصاد والطبيعة 
والكوذيات والفلك والتواريخ والجغرافيا ٠‏ يقول فيكو أفه فى هذا الكتاب 
الثانى سيبين كذف استطاع مؤّسسو الانسانية الأولى بالاءتماد على اللاهوت 
الطبيعى ( الميتايفيزيقا ) تخيل الالهة . وبالمنطق اختراع اللغات.. وبالأخلاق 
خلق الأبطال , وبالاقتصاد اقامة الأسر , وبالسياسة المدن , وبالطبيعة بدايات 
الأشياء وكانها الهية » وبفيزيقا الانسان خلقوا أنفسهم , وبالكونيات تصوروا 
لأنفسهم عالما مملوءا بالآلهة , وبالفلك نقلوا الكواكب والافلاك من الأرض 
الى السماء ٠‏ وبالتواريخ أعطوا أوقاتا للبدايات » وبالجِغفرافيا استطاع 
اليونان وصف العالم كله ابتداء من اليونان ٠‏ فكل مظاهر الحضارة من 
اختراع الانسان ٠‏ والبشرية خالقه لذاتها على مايقول فيورياخ فيما بعد » ؤأن 
العلم ذاته الذى يزهى به الناس غلى أنه صورة للطبيعة هو أيضا من اختراع 
الانسان 2 وأن بيكون كان نبى العلم فى العصر الثانى للدشرية ؛ ومشروعه 
الضقم « الاصلاح العظيم » ام ينشر منه الا « تقدم العلم » و « الأورجانون 
اللجديد » » أكبر انجاز للقرن السابع عشر ٠‏ وعلى منواله صناغ فيكؤ « العلم 
الجديد » فى القرن الثامن عشر ٠‏ ولكن الفرق أن بيكؤن أراد العلم الآن فى 
صورته الكاملة وفيكى أراد وصف نشاته وتطوره واكتماله , فالعلم يبدا حيث 
يبدا موضوعه ٠‏ 


والحكمة موجودة لدى كل الشهوب فى أساطيرها وقصصصها ٠‏ فكل 
قصص الشعوب لها بدايات أسطورية ٠‏ وكان الشعر هو لغة التعبير عن هذه 
الحكمة ٠..فاول‏ الحكماء عند اليونان:هم الشعراء اللاهوتيون ٠‏ ثم بعد ذلك 
قدم اليونان أنفسهم من خلال الفاسفة. ٠‏ واكن المصريين قذموا أنفسهم .من 
خلال اللاهوت الطبيعى ( الميتافيزيقا ) ٠‏ ؤكل شىء يولد يكشفت عن البدايات.. 


3586 ه 


الشعراء و هضم الحكماء والعلماء ٠‏ 


ويشترك اليونان والمصريون فى خمسة أشياء : احترام الدين فقيد 
تأسست الشعوب الوثنية بأساطير حول الدين ٠‏ اعتبار النظام المدئى مستمدا 
من حكمة تفوق قدرة الانسان » يدث الفلاسفة عن أشبياء مدعاة للتامل 
والتفلسف , ايجاد وسائل التعبير عن فلسفاتهم فى الألفاظ والتغيرات التى 
تركها الشعراء لهم » وأخيرا التاكيد على هذه التاملات فى الحكمة والدين ٠‏ 
وهذه الأآشياء الخمس تؤكد أهمية الحكمة الالهية كما تؤكد ؛همية التفلسف٠‏ 
ولما كانت الفلسفة تاملات فى الشعر وكان الشعر تاملات فى الدين كان الشعر 
هى القاسم المشترك دين الفلسفة والدين ٠‏ كما يدل على أن الرشرية بيدأت بالدين 
ثم بالفلسفة , وهذا كله تشمله الحكمة . ولما كان العقل لا يتفلسيف الا بعد 
حصول شىء فى الحس كما هو الحال عند أرسطى من القدماء وعند هوسرل 
أيضما والمدرسة الحسية من المحدثين كانت الفلسفة تالية للشعر وكلدين ٠‏ 


والحكمة ام العلوم ٠‏ وهى ملكة يصدر عنها كل ابداعات البشر من علوم 
وفنون تصنع الانسانية , فالانسان ذهن وروح ع عقل وارادة + وكلاهما 
واجهتان للدكمة » وعن طريق العقل تسيطر الذكمة على الارادة لصالح 
الانسان. ٠‏ ولما كان الانسان لا يستطيع أن يعيش الا فى نظم فان الحكمة أيضا 
هى التى تنظم علاقة الانسان بالله ٠‏ وأفضل النظم ما كان محققا لذير 
الانسانية » وهى النظم الدينية التى توجه النظم العلمانية عن طريق الحكعة» 
الدكمة بلغة هوميروس هى معرفة الذير والشر أو التنبؤ بالمستقبل ٠‏ اذلك 
يعتبر الشعراء اللاهوتيون هم الذين اسسوا الحكمة القديمة ٠‏ لذلك سموا 
بأساتذة الحكمة» » ثم بعد ذلك أعطيت الحكمة للناس وشاعت بيئهم فظهرت 
عند الحكماء السبعة ثم عند الفضلاء من الناس لادارة فن الجكم ٠‏ وفي كل 
الحالات يظل معنى الدكمة هو معرفة الاشياء الطريعية الالهية أى الميتافيزيقا, 
معرفة ذهن الانسان فى الله » فالله مصصدر الحقيقة ومشرع الخير ٠‏ الميتافيزيقا 
اذن علم يهدف الى تحقيق صالح البشرية التى تقوم على الايمان الشامل 
بالدناية الالهية ٠‏ 


ولا يفرق فيكو فى ذلك بين الدين الوئنى ودين العبرانيين والمسيحيين 
على الرغم من وضعه الدينين على مستوى مختلفين ٠‏ فاذا كانت ربات الفنون 
( دراسات فلسفية ) 


ب ١1خ”#‏ - 


..0341568 202 هى التى أسيسست البين الوثنى فان الله هو الذى أسس الدين 
الحقيقى للعبرانيين وللمسيحين الذين يسمون الدكمة العلم بالاشياء الأبدية 
التى يوحيها الله ٠‏ هناك اذن ثلاثة أنواع من اللاهوت : اللاهوت الشعرى وهو 
الشنعر اللدنى لدى الشعوب الوثنية , واللاهوت الطديعى عند الميتافيزيقيين ثم 
اللاقوت المننيحئ وهو خليط بين الاثنين بالاضافة الى اللاهوت الموحى به ٠‏ 
وقد ظهرث العناية الالهية فى الاثى اع الثلاثة كقاسم مشترك اقيادة البشرية 
وتوجيهها اوكما هو الحال أيضًا عند هردر ولسنج ٠‏ وذلك لأن فيكى يقسم 
البشرية الى توعين : الوثئيون وهم العمالقة من جنس حام ويافث وسام الذين 
رفضوا دين أنوح أبيهم المشترك وعاشو! على الطبيعة بعد الطوفان وانقسمو| 
الى خبلاء مستغلين ' وغديد يفلحون الأرض »2 والعبرائيون الذين قدلوا دين 
نؤح واختفظوا بوضههم الأول » وهو الوضع الانسانى الأخير الذى عاد 
الية يعد ذلك اسلالة العمااقة 


وبعد هذه المقدهة عن ٠الحكمة‏ الشورية يقسمها فيكو الى فرعين : 
الميتافيزيقا وهى الجذع الذى يخرج منه المنطق والأخلاق والاقتصاد والسياسة 
والتاريخ ٠‏ والفيزيقا..وهى التى تخرج منها الكونيات والفلك والتواريخ. 
والجغرافيا. , وأكبرها المنطق والسياسة. والاقتصاد أى الحكمة الانسانية ٠‏ 
وهو يذكرنا بما قآله .ديكارت من قبل عن شجسرة المعسرفة التى جذورها 
لميتافيزيقا .وجذعها الفيزيقا وفروعها الأخلاق والطب ٠‏ 


| 'فالميتافزيقا 'اإشعرية هى بداية للشعر وللوثنية وللدين يكل ما فيه من 
عراقة وقزابين” ٠‏ لم تكن ميتافيزيقا عقلية بل خيالية بسيب الجهل بالطبيعة 
وقواذيذها وعللهأ 2 والجهّل أساس الدهشة ٠‏ كان الشعر أولا الهيا ٠‏ تعبر 
بذ الشعوب ' عن طبائعها الخاصة كما يفعل الأطفال ٠‏ خلق الشهراء اللاهوتيون 
الأسظورة الانبية الأؤلى : . خلقوا فكرة من أنفسهم » وتصورا الأشياء مملوءة 
بآلهة*: قاللاهموت افق علم لفة الآلهة ٠‏ اللغة الانسانية التى استعملها البشر 
لوضف" الأشياء 'علي أنها آلهة' ان أن لكل شعب الهة ٠‏ نشا الله فى الشعر 
بالخيال أولاً'ثم حولته الميتافيزيقا بعذ ذلك الى عناية الهية ٠‏ نشا الله من 
عجز القوة الانسائية » ومن خوف الانسان من نفسه , كما ذشأت العرافة 
والأضياحدئ للسيظرة. على هذا الخوفء وكانت النتيجة تصديق هذه الاستحالة: 
اشتحالة أن تكون. الأشياء أرواحا.2 والأجسام عقولا ٠‏ لم ينشا الشعر اذن 
عن نقدن..فني الدقل. الانسانى بل للتعبير عن الالهة ٠‏ ولقد أعطانا الشعر 


-لا8م5؟ - 


أساطير رفيعة ملائمة للفهم الشعبى والقلق من أجل الوصول الى غاية , 
وتعلدم العامة السلوك الفاضل تشبها بالشعراء ٠‏ وأخير! يحدد فيكو المظاهر 
الرئيسية لهذا العلم وكانها بديهيات مثل قوة العناية الالهية التى تفوق الطبيعة 
وتعين الانسان عليها » ووراثة السلطة دور العناية الالهية ان تكون أولا الهية 
ثم انسازية ثم طبيعية » وهى سلطة القانون الطبيمى 2 وكشف تاريخ الافكار 
الانسانية تصصدورات البشر للاشياء على أنها الهة ,2 ثم النقد الفلسفى لهذا 

التاريخ » ثم تاريخ الشعوب فى مسارها ٠‏ كل على حدة كتاريخ أبدى » ونظام 
القانون الطديعى لاشعوب ٠‏ وأخيرا مبادىء التاريخ العام من خلال المرادل 
الثلاث التى تصورها المصريون والتى أصبحت قانون تطور التاريخ عند فيكو ١‏ 


والمنطق االشهرى يبين أهمية الشعر كمنطق ولفة وتعبير واتص سال 
وتخاطب قبل الماطق الصورىالذىوصصفه الفلاسفة , فالمنطق من لفظ 1.0055 


الأسطورة لغة ٠‏ دعبر عن الاشياء أحياء » وتعتمد على الخيال والرمز 
والاستعارة والكناية وشتى أسناليب البيان 2 وهو ما.سيلاحظه كاسيرر يعد 
ذاك فى « فلسفة الصور الرمزية » وكلها مستقاة من جسم الانسان وحواسه 
وانفعالاته ٠‏ فالراس للقمة , والكتفان للثقل » والفم للفتدة » والشفاة للكوب, 
والعذق لانهر »:والجسد للارض ٠٠٠‏ الخ . وطبقا لقوانين المجاز مثل التعبير 
عن الجزء بالكل أو عن الكل بالجزء ٠‏ والشعر أسبق من النثر ظهورا لدى 
كل الشعوب لأنه أكثر قدرة على التعبير وأقل تطلبا للفكر ٠‏ كما أن فن 
السخرية بدأ بعد ظهور التفكير لأنه يتطلب معرفة جدل الصدق والكذب ٠‏ 
والتدولات الشغرية أى مسخ الكائنات فى الشعر أتى من عجز الذهن الانسانى 
عن تجريد الصفات أى الخصائص مثل 'الاطفال ٠‏ والخظاب الشعرئ يسمح 
بالكشف عن عادات القلذهاء وحكمهم وأمثالهم وكل ما يتعلق بالقسوانين 
الالجتفاعية والنظم. والاحتفالات والشعارات والعلامات ورموز الدكم ٠‏ وقد 
نسبت كل «الشعوب حكمتها الباطنية الى المؤلفين الأوائل مثل زرادشت فى 
الشرق» وكونفوشيوس فى الصين» وهرمس مثلث العظمة فى مصيرء» وأرفيوس 
لدى اليونان .٠‏ وفوثاغورس فى ايظاليا ٠‏ ولما كان الشعر يقوم يدور اللغة 
فمن المهم معرفة نذشأة اللغات وقبلها نشأة الحروف » وبالتالى معرفة مصادر 
اللغة الهيروغليفية والاسماء وشارات الأسر والمادليات والنياشين والنقوش 
والذقود ٠٠٠‏ الخ ٠‏ بل ان.لفظ حرف 088226]65. يعنى أيضا صدفة وكأن 


افق هس 


الصفات أو اذكار كانت فئ نشاتها حروفا وأن الحروف تعبر عن الأفكار ٠‏ 
كما أن الاسم والصفة تءنىنفس الشىء عند اليونان :لذلك كاذت أسماء اللههى 
صفائه ٠‏ ويعدد فيكو ثلاكة مبادىء لنشاة الحروف واللغة : تصور الشعوب 
الأولى للاشياء على أئها جواهر حية ٠‏ والتعبير عن ذلك بالحركات والاشياء 
التى لها علاقة بالأفكار , ثم التعبير عن ذلك أخيرا بلغة ذات دلالات طبيعية٠‏ 
ويضع فيكو ثلاث لغات للعءصور الثلاث لتطور البشرية : اللغة الهديرو غليفية 
أى اللغة المقدسة أو الالهية فى عصير الالهة ثم اللفة الرمزية فى العصر 
البطولى ثم اللغة الشعبية , لغة الرسائل والسوق فى الءصر الانسانى ٠‏ ولكن 
كيف تختاف اللغات لدى الشعوب ؟ يرجع الاختلاف الى الديئة الجغرافية 
التى اقتضت طبائع مختلفة وعادات مختلفة ٠‏ لقد بدأت اللغات الثلاث فى 
نفس الوقت ٠‏ لغة الالهة صامتة » ولغة الأبطال دين الصمت والنطق , ولغة 
الشعب ناطقة , وبدا الذطق بتقايد الأصوات كما يفعل الأطفال وكما هو واضيم 
فى الألفاظ الصوتية 02070280519 ٠‏ ثم نشات الكلمات من وضع 
الضمائر من الأصوات التى تدخل على انفعالات الانسان بمفرده ٠»‏ اللمتكلم 
والمخاطب والغائب ٠‏ وهى أيضا أحادية المقطع , ثم نشات الأدوات أيضا 
أحادية المقطع والدروف ثم الاسماء ثم أخير! الافعال لأنها تدل على الحركات 
وتضدم الأزمنة » الماضى والحاضر والمستقبل ٠‏ كذلك نش الأسلوب الشعرى »2 
الاستطراد , والقلب ٠‏ والايقاع , والأوزان ٠‏ وأنواع الشعر واستعملته الشعوب 
بسبب عجز اللغة عن التعبير ٠‏ لذلك امتلا الأسلوب الشعرى بالصسسور 
والخيالات والتمثيلات والمقارنات والاستعارات والحسيات والتكرار ٠‏ ومن 
اللغة نشا القانون ٠‏ فقد استعملت الحروف والاسماء والشارات والعلامات 
والرموز لتأكيد الملكية وتميز يقعة عن بقعة واحاطة الممتلكات بالأسوار ثم 
استعمات القوانين بعد ذلك لأداء نفس الوظيفة ٠‏ وبعد ذلك نشا منطق 
المتعلمين ٠‏ وأعطى الحكماء الأسماء الطبيعية للأشياء , فالاسم 13106 
والميلاد © من نفس الاشتقاق وكذلك الطبيعة ‏ ©ظ1ااة!8 . 
وقد تعاملوا آولا مع الموضوعات الحسية ثم بعد ذلك نشأت الأنواعوالاجناس ٠‏ 
فالحس أولى مراحل الانسانية يتلوه العقل ثم التصنيف والجمع ٠‏ وبالمرغم 
من ظهور العناية الالهية لتصريف أمور الدنيا واستقراء تاريخ الفكر البشرى 
الا أن هناك قاذونا عاما وشاملا للانسانية ٠‏ 


والأخلاق الشعرية تبين نشأن الفضائل الشعبية التى يعلمها الدين من 


دكة5 ب 


خلال نظام الأسرة من خلال فكرة الله ٠‏ فالله يظهر فى سلوك الافراد والجماعات 
فى صورة أخلاق بناء على الخوف * فالسماء ملجا الانفعالات وملاذ الخائفين 
ومصدر قوة المستضعفين ٠‏ تبدا الفضائل الخلقية اذن بالدوافع والانقعالات» 
وتتكون لحماية الناس ٠‏ وهنا يظهر الزواج كطريق طاهر وشريف للعلاقات 
الجنسية تحت رعاية الله ٠‏ فمن رعاية الله تدخل المرأاة الى منزل الرجلواسرته. 
وتتحجب وتتحدث من وراء ستار ٠‏ ويأآخذها الرجل بالقوة كما كان يفعل 
العمالقة من قبل باستيلاءهم على النساء ومعاشرتهم فى الكهوف ٠‏ فالأخلاق 
واأدين وسولتان لتهذيب الناس وجعلهم حذرين باتخاذ نصائح من الله , 
وعادلين مع أنفسهم ومع الله » ومعتدلين راضين بامرأة واحدة طوال عمرهم 
المديد ,2 وأقوياء عاملين وعظماء ٠‏ ثم ظهرت عادة تقديم القرابين البشرية 
للالهة حدث كان يسود التعصب والخرافة ٠‏ 


والاقتصاد الشعرى يكشف عن أن الأسر الأولى كانت تضم الأطفال 
فقط ٠‏ فقد كان الأباء الأبطال يعيشون على الطبيعة كما كان الحكماء تدحت 
رعاية الحكمةء. وكانالرهبان يقدمون القرابين» وكان ال ملوك يستمدون القوانين 
الى أسرهم من الآلهة ٠‏ فقد بدك الملوك أنظمة حكمهم بالاعتماد على العشائر 
وليس أسرهم الخاصة » وبدأو! فى تربية أبنائهم وترك رزقهم لهم . والاستقلال 
التام لهم ٠‏ وفى نظام الأمومة توجد الصداقة الحقة وتتم عملية تائيس البشى ٠‏ 
يحقق هذا النظام ثلاثة أهداف : الشريف والنافع والمبهج وكل ذلك تحت مظلة 
الدين ولاستمرار الجنس البشرى ٠‏ وكان أبناء العشائر عبيدا باستثناء أبناء 
الأرطال فهم وحدهم أحرار ٠‏ ومن العبيد بدأ الاقطاع واستثمار الأرض 
ومشاركة الأسر فى عمل الأبطال وليس فقط فى مكتسباتهم أو شرفهم ٠‏ وعلى 
هذا النحو تأسست المدن والمستعمرات داخل الأرض ونشات الملاجىء »2 
واقتضت ظروف الحياة أن تكون المقايضة أول صور البيع والشراء ٠‏ ولم 
يكن هناك ايجار للمنازل لصغر المدن بل كان الاقطاعيون يؤجرون أرضدهم 
لليناء عليها لمدد طويلة ٠‏ لم تكن المشاركة أى الوكالة معروفة عند القدماء , 
ولكن عرفت عقود البيع والشراء وختمها بالاتفاق المجرد الى أن بدا القانون 
فى الظهور بشكل أسطورئى ٠‏ 


والسياسة الشعرية تكشف عن أن اول نظام للحكم فى العالم كان ذظاما 


50" .هس 


الأرطال دحت حمايتهم بالقوة أو بالايمان » ولما تجرر الأبناء بعد موت الآباء 
أخذ كل ابن الأمر كله لنفسه ٠‏ ثم اتحد الآياء الجدد فيما بينهم اتقاء 
اثروات العامة ٠‏ لقد نش أول ملوك الدنيا بهذه الطريقة وعلى 
أكتافهم نشات أول المدن ٠‏ وبتعبير آخر أن كل نظم الحكم نشات طبقا لمبادىء 
الاقطاع الأبدية كما ملكية الانتاج أو ملكية الأرض أى ملكية الاقطاعيات 

وقد اذقسدم الناس الى ذوعين : عامة تريد تغيير نظام الحكم ونبلاء يريودن 
المحافظة عليه ٠‏ ويستمر فيكى فى بيان نشأة النظم. السياسية القديمة مثل 
الضرائب والخزانة والجمعيات التشريعية والطبقات الاجتماءية ٠‏ كما يحاول 
بيان تطورها ابتداء من التربية الوحشية للعمالقة ثم شراء النساء بالمهور 
الغالية ثم انجاب الأطفال وتزوج النساء لمنفعة الأزواج والآباء ٠‏ كما يتحدث 
عن الألعاب الرياضية القديمة وأهمية السباق أو الحروب القديمة وذشأة 


العيودية 3 


والتاريخ الشعرى موجود فى أساطير القدماء التى تقص نشاة 'العالم 
الذظم والمجالس والقوانين والمحاكماث والعقويات ثم العداوة بين المدن 
والتواريخ ممأ ديدخل فى علوم الطبيعة ٠‏ 


والفيزيقا الشعرية هى الفرع الثانى من الحكمة بعد اايتايفيزيقا وتشمل 
الكونيات والفلك والتواريخ والجغرافيا ٠‏ وتبدا أيِضا بالأسطورة ٠‏ فى البداية 
كان العماء ثم اختلطت البذور الانسانية مع النساء اثر فعل الزنا + ثم 
انقسمت السسماء بالرعد. وخلق «يوفا» عالم الدشر قائُما على الدوافع وحرية 
الذهن ٠‏ ومن حركة الأجسام تكون عالم الطبيعة وتحدث الشعراء اللاهوتيون 
عن الءناصر الأربعة ٠‏ وتشير أيضا الفيزيقا الشعرية الى جسد الانسان ,2 
الرأش والصدر والقلب والمعدة والكبد ٠‏ وفى الكونيات الشعرية يختلط الكون 
بالآلهة ء فالسماء أعلى من الجبال ٠,‏ والالهة تتريع فى السماء وتنزل غلى 
قمم الجبال , والنسيان والجوع وتانيب الضمير مظاهر للعقاب الالهى ٠‏ 
والفلك الشعرى عند القدماء يشير الى حقائق ثابتة مثل' رفض أى شسعب 
قبول آلهة غريبة » واعتبار اله الكواكب أكبر من اله النجوم ٠‏ وفى التواريخ 
الشعرية تتحدد أنساب الالهة من أجل تحديد رداية للزمان وبدايات التاريخ 
الإشامل التى تمتد الى. الشرق » أما الجغرافيا الشعرية فانها تجعل اليونان 


55١‏ ب 


مركز العالم وتصف اول من سكن المناطق الوسطى وكيفية نشاأة المدن ٠‏ 
ويتضح من ذلك اختلاط العلوم كلها وتداخلها فى الحكمة الشعرية ٠‏ 


ثم يعرض فيكو فى الكتاب الثالث الى مشسكلة هوميروس هل هو 
شخصية حقيقية عاشت بالفعل أم أنه أسطورة من نسج الخيال وهو ما عرف 
فى التاريخ باسم ٠‏ المشكلة الهوميرية » والتى نسج على منوالها أيضا قضية 
الشعر الجاهلى ٠‏ وينكر فيكو وجون هوميروس كشخصية تاريخية حقيقية 
عاشت بالفعل وبالتالى يكون من مؤسس المدرسة الأسطورية فى الدين والأدب 
التى خرجت من هيجل وشتراوس ورينان وغيرهم ٠‏ ولا يعنى ذلك الاقلال من 
شان المعطيات النصية لأن المثال أو الفكرة تظل باقية فى ذهن الانسانية بصرف 
النظر عن قإئلها ٠‏ ولا يضير الأدب. الشعبى شيئًا فى قدرته على تصوير حياة 
الشعوب بأنه مجهول المؤلف ٠‏ فالعالم من صنع الانسان ٠‏ والاسطورة تعبر 
عن أعمق مستويات الدضارة » ولا يمكن أن يكتبها شخص واحد ؛ وهو 
ما توصمل اليه دونج وجويس وكاسيرر أيضا فى العصر الحاضر » شوميروس 
ليس شخصية حقيقية تاريخية بل مثال » رجل من الطبيعة » فكرة من العصر 
البطولى لليونان 2 كنز يكشف عن القانون الطبيعى لليونان ولكل الشعوب 
والعادات القديمة ٠‏ يدل على عقل اليونان وطبيعتهم » وعاشه اليوذان بشفاههم 
وذاكرتهم ؛ ويدلل فيكو على موقفه هذا بما قيل عن هوميروس : عماه » فقره , 
الالياذة فى الشباب والأوديسة فى الشيخوخة لتفسير اختلاف الأسلوب وتيا عد 
القرون بينهما » مولده فى منطقة قريبة من مكان حرب طروادة ٠‏ لغته الوطنية » 
الدفاع عنه ضد الاتهامات الموجهة ضده , العادات الشعبية التى يذكرها . 
المقارنات اللفظية , المصطلحات المحلية , كسر الأوزان , تغيير اللهجات , 
جعل البشر آلهة والآلهة بشرا . قضية الانتحال » صفات الربطولة , المقارنات 
الأفظية , القسوة فى وصف المعارك » الانفعالات الشديدة فى صسمياغة 
العيارات , عظمة الأسلوب ٠‏ استحالة التفوق عليه أو حتى تقليده ( مشل 
اعجاز القرآن ) » مؤسس السياسة والمدنية اليونانية » أب لكل الشعراء 2 
مصدر لكل فلاسفة اليونان » كل هذه الأدلة تذبت آنه لا يمكن لهذه الأشعار أن 
تكون من تأليف شاعر واحد بعينه ٠‏ فالناس تعيش تاريخها أولا ثم تسجله 
فى شعرها ثانيا . فكل هذه الاساطير بدأت بروايات حقيقية حدثت بالفعل 
قبل أن يصوغها الخيال الشعبى ٠‏ فهوميروس ليس شاعرا بل روح اليونان 
وطبيعتهم وتاريخهم وعاداتهم وقوانيذهم وحياتهم ٠‏ والشعز بهذا المعنى هو 
تاريخ الشدوب ٠‏ وهذا لا يحط من شأن هوميروس ٠‏ فالقيمة فى الفكر وليست 


-5ة” ا ب 


وهوميروس مثل بوذا ولاوتسى وكونفوشيوس والمسيح 2 خلق انسانى فى 
صورة ش*شخص وروح الانسدائية تجسيل نفسهأ فى انسدان ٠‏ والفكدرة لا تحقاج 
الى واقع ذى دوجد دل الواقع هو الذى يحتاج الى فكر دّى يخلد ٠‏ وها أكشر 
الشخصيات التاريخية التى ليس لها ذكر وما اضخم فعل الأسطورة فى حيأة 
الناس 2 وكأن فيكو هنا ود اسدقطا ع الجمع دين هديجل و شدد جر 0 بين الروح 
النى دخاد ودين الشهر كمنزل للوجود 0 


خامسا : الأراحل الثلاث لتطور البشرية : 


مهمة « العلم الجديد » دراسة التاريخ فى الزمان ومعرفة تطور الشعوب 
والأمم ٠‏ فكل أمة تنهض وتتطور وتنضج ثم تنهار وتسقط ٠‏ ويجعل فيكى هذه 
المراحل كلها فى ثلاث هى عصور كل شعب وأعمار كل أمة ٠‏ عصر الالهة , 
وعصم الأيطال » وعصر البشر ٠‏ ولا يفرد فيكى قسما خاصا من العلم الجديد 
لدرض هذا القانون بل يذكره فى « فكرة الكتاب » ثم يطبقه فى الكتابين الرابع 
والخامس ٠‏ والحقيقة أن هذا القانون ليس من اكتشاف فيكو بل هو من وضع 
المصريين كما يصرح فيكو نفسه بذلك عشرات المرات » واستعمله المصريون 
اشرح تاريخ العالم قبلهم اذ كانوا يمثلون قمة الحضارة البشرية 2 ويدلل 
فيكو فى البداية على صدق هذا القانون بوصفه لتطور اربعة أشياء : نظم 
الحكم واللغات والطبائع والقوانين ٠‏ ففى عصر الآلهة يعيش الناس فى ظل 
حكومة الهية تضع كل شىء تحت رعايتها ؤوصايتها » وهى أقدم النظم فى 
التاريخ القديم ٠‏ وفى عصي الأدطال تسود الارستقراطية بدعوى تفوق النبلاء 
الطبيعى على الدهماء ٠‏ وفى عصر البشر يصبح الدشر جميعا متساوين فى 
الطبيعة »2 وتقوم نظم سياسية شعدبية وملكيات وحكومات انسانية ٠‏ 


وفى مقابل هذه الدكومات الثلاث هناك لغات ثلاث تكونهى لغة العلم ٠‏ 
صامتة ٠‏ مجرد علامات وأشدياء طدريعية لها صلة بالافكار والرغبات التى يراد 
الدعدير عذها . ذانيا . اللغة الصوتية بواسطة شعارات الابطال ومشابهاتهم 
ومقارناتهم وصورهم واستعاراتهم فى عصر الابطال ٠‏ ثالثا , اللغة الانسانية 
وهى لغة اتفاقية بين الشعب فى عصس النظم الشعبية والملكية يتحدث بها 
الخاصة والعامة , النخية والدهماء ٠‏ وهى اللغات الثلاث التى تحدث بها 


© ناض 5 


المصريون ٠‏ اللغة الهيروغليفية 2 لغة الدين: والسدز » واللغة الرمزية لغة 
الأرطال : ولفة الرسدائل أو الدهماء فى الحياة اليومية ٠‏ وهى نفس اللغات 
الموؤجودة عند الكلدانيسن واللجرمان وكل الشعوب القديمة »2 وقد عاشت اللغة 
الهدرو غليفية مدة طويلة نظرا لاحاطة مصر بالاعداء. والفغرباء مما دعا 
المصريين الى التمسءك بلفتهم دفاعا عن النفس ؛ وأحسساسيا بالعزة والفخر , 
وتمسكا بالاستقلال » وحرضما على الكرامة الوطئية 2 وكما هو الحال أيضا 
فى الصدين بالنسبة الغة الصينية ٠‏ اللغة الالهية تكون عن طريق الحركات 
الساكنة أى الاحتفالات ثم تكون بطولية بالسلاح والحرب وأخيرا لغوية 
بالحصسروف وهى ماتستعمله جميع الشعوب اليوم ٠‏ والحروف أيضا تيدا 
هيروغليفية ثم تصبح بطولية عن طريق الخيال لكى تصبح فى النهاية انسانية 
شعبية عن طريق الكلمات ٠‏ 


ويقابل ذلك ثلاث قوانين : اللاهوت الصوفى عندما كانت الالهة تقود 
الشعوب . وكان حكامها الشعراء اللاهوتيون الذين عبروا فى أشعارهم عن 
النبؤات والمعجزات ٠‏ والقانون البطولى الذى يقوم على المساواة المدنية أو 
أسباب الدولة ٠‏ فقد ظن الابطال أن عليهم تقنين سلوك البشر والتفرقة بين ما 
ينذيغى أن يكون وما هو كائن » وهو مايظهر فى مجموع الوصايا والقوانين * 
وأخيرا القانون القائم على المساواة الطبيعية فى نظم الحكم الحرة حيث يكون 
القانون عاما وشاملا ٠‏ فامقاذون الطبيعى يكون الهيا أولا ثم بطوليا ثانيا 
يعتمد على قانون القوة تحت سلطة الدين . وانسانيا ثالثا يعتمد على العقل ٠‏ 


ويعرض فيكو العادات والفقه والسلطة والغقل والأحكام وعصصور التاريخ 
ذاتها منينا المراخل الثلاث فى كل ابداع انسانى ٠‏ فالعادات تبدأ ذينية ثم 
تصدبح بطولية وتنتهى بان لكل انسان احساسا بالواجب طبقا لمسه المدثى 
الطبيعى ٠‏ وأن الفقه يبدا الهيا فى اللاهوت الصوفى أى علم الكلام الالهى 
لفهم الأسرار الالهية ثم يصيح فقها بطوليا كما هو الحال فى الحكمة * وينتهى 
أخيرا الى فقه: انسانى 'يأخذ الحقائق من الواقع ذ(فسه . ويصاغ القانون طيقا 
لقتضنيات المساواة ونظام الحكم الشعبى الخر حتى ولو كان ملكيا لأن الملكية 


ب 6ة# ب 


نظام انسانى ٠‏ والساطة تبدا معتمدة على العناية الالهية وتقوم على الملكية 
الخاصة ثم تصبح بطولية تقوم على القانون وأخيرا انسانية تقوم على الثقة 
فى ذوى الخبرات وعلئ الحكمة والحيطة فى الأمور العملية والحكمة الرقيعة 
فى الأمور السامية ٠‏ والعقل ذاته يبدأ الهيا ثم يصبح عقل الدولة ثم يصير 
فى الذهاية العقل الطبيعى ٠‏ والأحكام التى تصدرها تكون أولا الهية. طبيعية 
ثم تصبح أخكاما عادية وأخيرا تصين انسانية طبقا لمقتضيات الواقع والزامات 
الضمير ٠‏ والمساواة بين البشر فى النافع بالاضافة الى التواضع الطبيعى 
وحسن النية ٠‏ 


ويدلل فيكى على المراحل الثلاث بمزيد من البراهين المستمدة من التطور 
الزمانى والسسياسى ٠‏ فالعصور نفسها تبداً الهية تحت حكم الدين ثم حكم 
المدن وأخير! يظهر الانسان الطبيعى بتواضعه وعقله وقانون الطبيعى ٠‏ وتطور 
النظم: الارستقراظية ذاتها من حراسة الخدود الى حراسة النظم والمؤسسات 
الى حراسة القوانين ٠‏ كما تتطؤر النظم الدستورية من" الأثقل الى الأخف فيتم 
تخفيف الغقوبات 2:وتمحى الدروب تدريجيا ويعم السلام: بين الشعؤب: ٠‏ 
فالتطور يسير نحو الانسانية ٠‏ والحقيقة أن المراحل الثلاث كلها تعبر عن 
ثلأث معان للانسسان » الانسان الالهى والانسان البطولى والانسان الانسانى ٠‏ 
الأنسان يعنى الالهية أو البطولية أو الانسانية ٠‏ فقد يكون البطل والانسنان 
فى مقايل الله 2 وقد يكون الانسان فى مقابل الله والبطل ٠‏ الانسسان هو 
مايصيحهة الانسان فى المرحلة الثالثة ٠‏ ش 


ولكن لكل شعب أكثر «نزدورة وهو ما يسميه فيكو الملسسار الثانى 
لاشعوب ويعرض له فى الكتاب الخامس ٠‏ فالانسانية بين مد وجزر ٠‏ تكون 
الدورة الأولى طبيعية » وتكون الدورة الثانية تاريخا ٠‏ الدورة الأولى حكم 
والثانية نقض وابرام ! فالمسار الأول ليس له الكلمة الأخيرة لأن تاريخ, العالم 
له الكلمة الاخيرة , فتاريخ العالم هو الحكم النهائى والقضاء اخير كما هو 
الحال فى عيارة هيجل المشهورة ‏ .اب عع 791 اذا عخطء لطعوعة )1761 
فا ارحلة الاخيرة عند كل شعب لا تدؤم أذ لا يلبث الفناء أن يدب اليهسا . 
فالترف وحب المال وسيادة الأنانية كل ذلك يسبب ظهون الطبقات الاجتماعية 
وافساد النظم السياسية . ولا يقوى المجتمع حينئذ أمام. الغزوات الخارجية 
فينهزم ويعود الى حالةٍ التوحش والبربرية ٠‏ ولكنه لا يبدأ .من جبيث انتهى يل 


يمتفيد- من تجاربه السائقة , -ويبدا“:من: نقطة أكشر تقدما من النقطة الأولى 
التى بدا مذها أولا ٠‏ وبالتالى يكون التقدم عند فيكو دائريا ومستقيما فئ أن 
واحد وهو التصور الحلزوني لتقدم التاريخ أى التصور الداثرى الصساعد 

ى أعلى يجمع بين الدائرة والخط"» وتعود كل المؤسسات والنظم والعادات 
50 واللغات والقوانين تآأخذ دوراتها الثلاث من جديد ٠‏ ولكن هذه 
المرة تكون المرحلة الالهية أقصر من الدورة الأولى ؛ وتكون المرحلة البطولية 
أطول من الدورة الأولى وتكون المرحلة الانسانية أطول بكثير من المرحلة 
الأولى ٠‏ ولاايتساءل فيكو ٠‏ وبعد الدورات الثالثة والرابعة والخامسة٠٠٠‏ الخ 
هل يمكن أن تتقلص المرحلة الالهية الى الصفر » والمرحلة البطولية الى أصغر 
مدة ممكنة وتمتد المرحلة الانسانية كل الوقت ؟ أو هل يمكن أن تتقلص 
المرحلتان الالهية والبطولية وأن تعيش الانسانية مرحلة.الانسانية الى نهاية 
الزمان ؟ يبدي أن. المراحل الثلاث ضرورية وحتمية وأنها .فى كل دورة تبقى في 
النوع » ويكون الخلاف فقط فى طول المدة أى قصرها ٠‏ 


ويعطى فيكو أمثلة لهذه الدورات ٠‏ ففى الحضارة اليونانية تظهر 
المرحلة الديذية .عند هوموروس..2 والبطولية فى اسبرطة والانسانية فى أثينا 
حديث ازدهرت النزعة الانسانية والحياة الديموقراطية ١‏ وفى الحضايرة الرومانية 
تظهر المرحلة الدينية عند.رؤساء .العشائر وفى تقديس الإباء. » والبطؤلية عند 
نشاة الصراع دين: العامة والأهرءا , والانسانية عند قيام الجمهورية واعلان 
الحقوق الانسانية العامة.: وفى الحضارة الغربية تظهر المرحلة الدينية منذ 
القرن الخامس الميلادى بعد..غزو البرابرة الامبراطورية الرومانية حيث سقطت 
روها وعادت الى مرحلة الدين والتأليه . والبطولية فى .عصير .الاقنساع 
والفروسية والحرب فى العصر الوسيط », والانسانية فى عصر النهضة وظهور 
الذزعة الانسانية . ولا دنسى. فيكو: ذكن الشعوب: غير الاؤربية أيضا ومراحل 
تطورها ٠‏ فتظهر المرحلة: الدينية فى. روسيا نظرا لايمانها: الشديد وتسلط 
القياضرة بالاضافة الى بلادة: شعوبها وكسلها وتواكلها ٠‏ ويشاركها بلاد 
التتار والصين والحبشة ومراكش ! وتظهر المرحلة الدطولية فى اليابان لما 
عرف عنها من شيم الدطولية والتضحية , والانساذية لدئى :الشعب البولونئ 
والنشءب البريطانى ٠‏ ويلاحظ أن الشرق عند فيكو هو كل ماليس بأوريا بها فى 
ذلك: آسدا -وآفريقيا-والجزيرة : الدزيطانية وبولونيا 2 وأئه استيعد روسيا 
وبريطانيا من أوربا » وأنه وضع الصين والتتار والحبشة ومراكش كل" ذلك 


5ؤ5 ب 


الافريقى فى الحيشة ومراكش ٠‏ 


سادسا : خاتمة حدود فلسفة التاريخ عند فيكو : 


بالرغم من أهمية « العلم الجديد » وتأسيس فلسفة التاريخ على يد فيكو 
قبل لسنج وكانط وهردر فى اللانيا وتورجى وفولتير وكونديسيه وكورنى فى 
فرنساء واكتشافه التقدم البشرى وتطوره فىقانون المراحلالثلاث الذى أصبح 
نموذجا يحتذى به عند جميع الفلاسفة منذ لسنج حتى كونت » وتأكيده على 
الانسان العاقل المستقل كقيمة فى ذاته . هدف التطور وذروته ٠‏ والمساواة 
الطبيعية بين الأفراد والشعوب , وارتباط المراحل السابقة بالجهل والخوف , 
وهى الدرس المستفاد من جميع فلاسفة التنوير ‏ بالرغم هن هذا كله الا أن 
فلسفة التاريخ لديه لها حدود تكشف عن وضع هذا « العلم الجديد » فى 
الحضارة الغربية وامكانية تطويره واكماله خاصة وأنه مازال فى البداية عند 
فيكو لم ينته بعد ' وتتمثل هذه الحدود فى عدة نقاط اهمها : 


١‏ غلب على الموضوع التفصيلات الكثيرة 'التى طغت على التصور 
العام التاريخ مما افقد العلم اساسه النظرى التصورى ٠‏ صحيح أن هذه 
التفصيلات مهمة ودقيقة ولكنها تكون غير ذات دلالة لغير المتخصصى فى الآداب 
القديمة والتاريخ القديم ٠‏ وصحيح أيضا أن فيكو » مثل بيكو من قبل ٠‏ أراد 
اتباع منهج الاستقراء لمتاسيس العلم الجديد والانتهاء من الجسزئيات الى 
الكليات إلا أن الكليات أيضا قوانين مطردة لا تنخرم وهو ما تحاشاه هيجل 
بعد ذلك بالتركيز على التصور دون الجزئيات ٠‏ 


؟" ‏ كشرة التحديدات الزمانية والمكانية جعل « العلم الجديد » أقرب الى 
تاريخ الأدب القديم منه الى فلسفة التاريخ ٠‏ وكان هردر اكثر احتراسا وحذرا 
عندما خصص كتابه الاول « فلسفة آأخرى للتاريخ » للعرض النظرى » وكتايه 
الثانى « آراء فى فلسفة تاريخ الجنس البشرى » للتحديدات الزمانية والمكانية 
والوقائع والتواريخ بالاعتماد على المراجع والوثائق ٠‏ ويصعب تأسيس 
« العلم الشامل » على العلم بالوقائع والجزئيات خاصة وأنه فى مجالات 
الدراسات التاريشية قد تصحح الوقائع .والتواريخ وبالتالي يصعب اقامة 
اليقين الشامل على الاحتمال الجزئى ٠‏ 


د ةا 


 "‏ تغلب على « العلم الجديد » التحليلات اللغوية والعبارات البلاغية 
اللاتينية ٠‏ وقد كان فيكى أستان! للغة اللاتينية وآدابها » ولم يستطع التخلص 
من مادة الدراسة الى موضوع الدراسة كما فعل ابن رشد فى « تلخيضص 
الخطابة » عندها اسقط أمثلة اليونان مع الابقاء على الموضوع ذاته ٠‏ وقد 
يصعب على غير العليم بالاساطير اليونانية واللاتينية وبانساب الالهسة 
وأسمائها أن يتابع فيكى فى براهينه واستدلالاته ٠‏ 


الاجتماعية كما يفعل فيكى فى تفسيره لنشأة نظام الأمومة ايتداء من الرعد 
والدرق فى السماء واضطرار العمالقة الوحوش الاختفاء فى الكهوف 
والجحور لاتيان الفعل الجنسى فى الخفاء بدلا من العراء ٠‏ كنا ِضعب تفسير 
بداديات الجنس البشرى بالطوفان وقد عاش نوح أربعين قرنا قبل المسيح ,2 
والانسائية سايقة على هذا بكثير ٠‏ أن الأسطورة قاموس للذهن اليبشرى كما 
يقول فيكو , وتدل على بدايات التفكير البشرى وكيف استطاع الانسان أن 
يصور ذاته ولكنها لا تدل على بداية الجنس البشرى ٠‏ هناك فرق اذن بين 
الفاسفة والعلم أو بين الروح والتاريخ ٠‏ ولكن يبدو أن فيكو يوحد بينهما 
كما فعل هيجل بعده '٠‏ 


5 ظهور التطور من خلال النظم الاجتماعية عند فيكو يعطى لها 
والاقتصاد والفن ٠‏ فالتاريخ عند فيكو أقرب الى التاريخ الاجتماعى منه الى 
التاريخ العام ٠‏ وفلسفته فى التاريخ اقرب الى فلسفة التاريخ الاجتماعى 
منها الى فلسفة التاريخ البشرى ٠‏ وقد تكون النظم الاجتماعية تعبيرا عن 
نظام أكثر عمقا هو نظام « الروح » بتعبير فيجل أو الروح البشرية عندما 
تصنع ذاتها ٠.‏ الل 15 5057 


يبدو أن .فيكو .لا يعتبر نظم الحكم الشعبية 'الديموقراطية نهاية 
المطاف فى تطور نظم النحكم .من عصر الآلهة الى عصر الابطنال الى عضر 
البشرية ٠‏ ويصف النظم الملكية والارستقراطية أحيانا بأنها أيضا تنسب الى 
عصر البشر » وأن الملوك والنبلاء قد أفادوا وساهموا فى تطور نظم البشرية . 
فهل كان فيكو يعبر عن روح القرن السابع عشر عصر الملكيات والامارات أكثر 


- 558 


مما يعبر عن روح القرن الثامن. عشر عصى الثورات والجمهوريات ؟ يكون 
اسديينوزا بالرغم من آنه عاش فى القرن السانع عشي الا آنه بتصوره للمواطن 
الحر فى الدولة الحرة التى تقوم فيها السلطة على الععقد الاجتماعى والتعاقد 
الحر بين الافراد أكثر تقدما من فيكى وأكش تعبيرا من روح إلقرن الثامن 
عشى. ٠‏ بل يكون فيكو أقرب الى هوبز وميكافيللى فى تبرير سلطة الأمير 
والحاكم مذه الى الدفاع عن حقوق الشعب والنظم الشعبية ٠‏ 


لم يستطع فيك التخلص من بعض العقائد اللاهوتية وعلى رأسها 
عقيدة العناية الالهية وتحويلها الى قانون التقدم ٠‏ فالعناية الإلهية مذكورة 
من أول « العلم الجديد » الى آخره : ولا يجد فيكو فرصة الا وأشار اليها ٠‏ 
فالعلم الجديد يدرس الطبيهة المشتركة للشعوب والأمم فى ضص وء العناية 
العناية الالهية » وقانون التطور نفسه من أفعال العناية الالهية أى يقتضى على 
الأقل الايمان بها .٠‏ بل. أن الوثنيين أيضضا يدخلون ضمن العناية الالهية 
الشإملة » والمحكمة العليا للتاريخ هى محكمة العناية الالهية التى يتجدد فيها 
المسار الثانى للشعوب ٠‏ صحيح أنها لا تدخل ضمن البديهيات التى تعطى 
المبادىء العامة للعلم لأنها قرب الى مادة العلم منها الى صورته , ولكنها 
تكون خاتمة « العلم الجديد » حين يضع فيكو نظاما للدكم أبديا طبيعيا: تنظمه 
العناية الالهية ٠‏ ويبدو أن هذا النظام الأمثل هو النظام الحقيقى الطبيمى 
الارستقراطى الذئ تقره العناية الالهية.٠‏ ولا عجب أن تكون آلخر عبارة فى 
« العلم الجديد » هى : « هذا.العلم لا .ينفصل عن التقوى: ' ومن لا يكون تقيا 
لا يمكن أن يكون جحكيما حقيقيا .)١5(١‏ 


.4 يستبعد فيكى باستمرار فى: أحكامه على . الدين التراث العير إنى 
والمسيحى اما لأنه يعتقد ذلك حقيقة واما تقية حتى يترك للاجيال التالية تعميم 
الحكم العامى على كل تراث ديني .كما. فعل ديكارت فى. استثناءاته ثم تطبيق 
اسبينوزا منهج الوضوح والتميز عليها فيما بعد ٠‏ ويكون لسان .خال فيكر 
« الكلام لك وإسمعى يا جارة » ٠‏ يدرس « العلم الجديد » تاريخ الشعوب 
وليسن العبرانيين :والمسيحيين لأنهم قوم منعزلون منفصلون ٠٠‏ كما يبين نشأة 
أولاد سام من اللاعبرانيين نشاة أسطورية فى حين أن العبرانيين لم ينشاؤا 





)014 4 .م ,:10ط1 


د 5595 م 


كذاك ٠‏ كما استثنى العبرانيين من نظام ألرق » ومن كل حكم يراه فيكو منافيا 
العقل وللأخلاق ٠‏ هل هى خوف أم ذكاء ؟ اق قتذاع ام خداع ؟ 


لا شك أن فيكو يتعامل. مع الحضببارتين اليونانية والرومانية 
باعتبارهما ثقافته الوطنية ٠‏ فقد. ورثت الحضصارةاللاتينية الحضارة اليونانية 
ابداعا في الأقل .وتقليد! فى الأكثر ٠‏ وكان_من الطبيعى أن تتحول هذه الثقافة 
الرطنية من مرحلة الى مرحلة » من العصور الوسطى الى العصور الحديثة ٠‏ 
ومن طرق هذا التحول ٠‏ اعادة بناء المصاور والبؤر من الله الى الانسان , 
ومن الرأس الى الأفقى ٠‏ ومن ثم فان فيكز ,لا"يؤسن: العلغ التجديرة )”الا من 
خلال اعادة بناء ثقافته الوطنية وليس ثقافات كل الشعوب. : 


٠‏ - لذلك خرج هذا التميذ الشاكم. فى الحضبارة الاوربية باعتبار 
البونان والرومان بدايات التاريخ البشرى وأن “الغرب نهايته .وكمالة خاصة 
ى المانيا أو قرنسا أى ايطاليا طبقا لمضارة الفيلسوف التى ينتسب اليها 0 
59 من الطبيعى أن تتوارى المضارات الشرقية فى مص والصين والهند 
وقآرس 2 وحضارات ما بين النهرين ٠‏ والحديث عن المحمديين علي أنهم 
دؤهئون باأله واحد وبالملاذ الحسية فى المعاد 2 وعن عن العرب الأميين الذين 
يجهلون الكتابة ويدفظون تراثهم شفاهيا الي أن اتصلي! بالبيزنطيين , 
أعتبار المسيديين الأتراك ( أى المسلمين بمعنى المؤّمنين الحقيقيين.). 5 
واعتبار الأتراك المسيحيين خنازير نموذج لصورة الشعوب المغلوبة فى .أذهان 
الشعوب الغالية ٠‏ هذا التمركز على الذات فى الغرب وجعله محور التاريخ 
هو الداء الوفين فى كل فلسفات التاريغ الغربية. ٠‏ . وقد أن ,الأوان للشعؤب 
غير الأوربية تصضحيح الوضع واعادة كتابة تاريخ خ البشرية بمزيد من العدل 
والمساواة بين تراث الشعوب ٠‏ 


الاغتراب الدينى عند فيورياخ 


ليس فى هذا المقال ما يمس ديننا الحنيف بل هفو 
دراسة للمسيحية واليهودية والوتذية أى للاديان السابقة 
على الاسلام وليس لخاتم الأديان * 

كما أنه دراسة لمقالات علماء الكلام وليس دراسسة 
للدين فى ذاته ويشبه تحريم فقهاء المسلمون لهذا الغلم 
والتحذير منةه ٠‏ 


أولا : مقدمة ٠‏ جوص المسيحهة : 


١‏ فيورياخ والهيجليون الشبان : بالرغم من أن موضوع الاغتراب 
قد تثاوله الكتاب والشعراء الرومانسيون مثل روسو ( 1١101١7‏ 8ل/الا١‏ ) 
وجوته ( ١495‏ 1873757 ) وشلر ( 18٠00 1١109‏ ) الا أنه لم يصيح مفهوما 
فلسفيا الا عند فشته ٠) 18١4 1١755‏ فاغتراب الأنا لديه هو خلقها 
لعالم مجرد لا حياة فيه ولا صراع ثم عند هيجل خاصة فى أعمال الشباب 
اللاهوتية فكان أغترايا دينيا طبقا للتصورات المسيحية : الخطيئة والسقوط 
والطرد والحرهان ٠‏ 


ولكنه أصمبح مفهوما رئيسيا لدى الهيجليين الش-بان : شتراوس 
18084 - 14084) وباور ١195‏ ب 1887 ) وفيورباخ (04115-1804) 2 
وشترئر 180970--١403(‏ ) بمعنى اغتراب الشعور أو العقل أولا ثم عند 
ماركس واتجلز بمعنى الاغتراب الاجتماعى » اغتراب العامل عن عمله » وغرية 
الافسان عما ينتج فى المجتمع الرأسمالى ٠‏ وهو المعنى الذى كان سائدا فى 





نشر هذا البحث فى «عالم الفكر » , الكويت ابرايل , هايو , يونيى ٠ ١918‏ 
.وما بين قوسين هى الفقرات التى حذفها رئيس التحرير » بالرغم من تقديرنا العميق 
له ولمجهوده عدة صنوات فى تأسيس المجلة وتطويرها 2 خشية منها وبالتالى يدل 
الحذف أيضا على موقف جيلنا من مسؤولية الفكر وحصاره بين مطرقة السلطة وسندان 
الفمر اه : 


د 40١‏ ه 


كتابات الليريراليين الالمان وفلاسفة التنوير نتيجة لضياع الشخصية الانسانية 
فى علاقات الملكية الاجتماعية ٠‏ فالاغتراب بصرف النظر عن معانيه القانونية 
والطبية والنفسية يتارجح بين المعنين الدينى والاجتماعى ١‏ لذلك حمل 
الهيجليون الشبان نقد الدين مقدمة لنقد المجتمع ٠‏ والنقد هنا لا يعنى الهدم 
أى التجريح بل يعنى بيان الامكانيات والوظائف التى يقوم بها الذهن البشرى 
فى ادراكةه للعالم وتصوره له ( فالهيجليون كلهم فى نهاية الامر تلاميذ كاخط 
وشارحوا فلسفته النقدية ) ٠‏ 


ويبدو أن البناء الفلسفى الثلاثى الابدى قد تحكم أيضا فى الهيجليين 
الشبان ٠‏ فاذ! كانت المذاهب الفلسفية ثلاثة : المثالية والواقعية والوجودية 
أو الفكر والواقع والوجود الانسانى فالموضوعات الفلسفية ثلاثة : الله والعالم 
والانسان , فقد ظهر هذا البناء فى تاريخ الفكر البشرى فى كل حضارة ٠‏ 
فءند اليونان ظهر أفلاطون وأرسطو وسقراط ٠‏ وفى الفلسفة المسيدية ظهر 
القديس بونافتير والقديس توما الاكوينى والقديس أوغسطين ( بصرف النظر 
عن الترتيب الزمانى ) ٠‏ وفى الفلسقة الاوربية ظهرت المثالية عند العقليين 
والواقعية عند التجريبيين والوجودية عند الوجوديين ٠‏ كما ظهر عند الهيجليين 
الشبان باور » وفيورباخ » وشترنر ٠‏ فقد ركز باور على الجانب العقلى المثالى 
والوعى الذاتئ كما اتجه فيورباخ نحو الطبيعة والواقع العينى ثم لجأ شترنر 
الى الوجود الانسانى ٠‏ الواحد وصفاته ٠‏ يمثل الهيجليون الشيان أو اليسار 
الهيجلى وحدة فكرية » ونسقا واحدا ١‏ منذ بدايتهم عند شتراوس أو مركزهم 
عند باور وفيورباخ وشترئر أو ذهايتهم عند ماركس وانجلن ٠‏ 


ويمثل الهيجليون الشبان بالنسبة لنا أهمية خاصة ٠‏ ففى فكرنا العربى 
المعاصس قفزنا من هيجل الى ماركس دون المرور بهذه المرحلة الانتقالية التى 
يمثلها الويجليون اليساريون » وهى مرحلة التحول من الفكر الى الواقع , 
دون ذقد الدين كما فعل فيورباخ أو نقد الفكر كما فعل باور أو نقد الأنا كما 
فعل شترئر , وكأن النقد الاجتماعى عند ماركس وانجلز ماهو الا حصيلة 
مجهود طويل فى نقد الاسس النظرية للبناء الاجتماعى فى الدين والفكر 
والشعور ٠‏ مازلذا فى فكرنا العربى المعاصر متأرجدين بين هيجل وماركس , 
بين المثالية والواقعية دون الانتقال من أحدهما الى الاخر على نحو طبيعى ٠‏ 
وأغفلنا التاريخ وحركته لغياب البعد التاريضى فى وجدائنا المعاصر ٠‏ لذلك 
لم نصبح لا هيجليين ولا ماركسيين » وأصبح الاختيار بينهما عشوائيا ضرفا 

( دراسات فلسفية ) 


65 - 


يتم عن طريق المزاج والتربية دون تحليل للواقع المباشىر» والتعرف على اللحظة 
التاريخية التى نمر بها ٠‏ ان اكتشاف الهيجليين الشبان باور وفيورباخ 
وشترئر فى جيلنا هو فى ذفس الوقت اكتشاف للحلقة المفقودة فى تطورنا » 
وتاصيل نا نحاوله منذ فجر نهضتنا القومية من تقدم ونهضة وازدهار » وكأن 
مأساتنا كانت فى فقد . الملقات المتوسطة التى تربط بين الاطراف المتباعذة من 

اجل نظرة تكاملية ٠‏ وهى ماقام به تراثنا القديم بمحاولته الجمع بين راي 
الحكيمين : أفلاطون الالهى وأرسطاطاليس الحكيم ١ ٠ )١(‏ 


كان فيورياخ بحق وعلى ما يقول ماركس « قناة النار » كما يدل عليه 
اشتقاق الاسيم. طعةطسرع2 16116 - نار 2 8868 - قذنياة ) 
يتطور من خلالها كل فياسوف يريد الانتقال من المثالية الى الواقعية ٠‏ ولكن 
للأسف. انتقل: البعض هنا الى الماركسية دون أن يتطهر فى « قناة الثار » ٠‏ 
ومن ثم تحولت الماركسبية اما الى دجماطيقية من داخلنا أى عارضسيتها 
الدجماطيقية.من خارجها ومذءتها من أحداث الآثر التنويرى فى أذهان الناس '. 
ان المجتمع النامى الناهض الذى ينتقل من القديم الى الجديد ؛ ومن التسليم 
الى : التفكين:..؛: ومن الموروث ألى النقد فى حاجة الى تنوير أكثر مما هو فى 
حاجة «انى تثوير .٠‏ فالتنوير شرط التثوير ٠‏ والتثوير. بلا تنوير مجرد. تغير. 
اجتماعى أو انقلاب فى الاوضاع تحدثه السلطة القائمة فى المجتمع ويتغير 
بتغير السلطة ٠‏ فهو تغير اجتماعى يقوم على أساس نظرى متخلف » ولا بقاء 
له الا بيقاء السلطة الضامنة له , وبالتالنى يظل خارجيا لا يحدث أثرا فعليا 
لا يخلقه وعى ولا يذلق هو وعيا ٠‏ 


ان نقد ماركس للهيجليين اليساريين نشأ بعد أن تمثل الوعى الاوربى 
كل القيم الليبرالية فى القرن الثامن عشر وأحدثت الثورة الفرنسية بشعاراتها 
الثلاث : الخرية والاخاء والمساواة ٠‏ وتصور الهيجليون الشسبان أن 
الأيديِولُوجية يمكن أن تظل العامل الاول لتحقيق الاهداف القومية مثل الوحدة 
الامانية » تخرر الافلياث المقتطهدة ( اليهود ) , اعادة بناء المواطن ٠‏ وبالمتالى 


)١(‏ لقد نؤهنا دن قبل بأهمية الهيجليين اليساريين فى فكرنا المعاصنىر فى مقالنا 
د موققفنا من التراث الغربى » الفكر المعاصر , يناير 191١‏ .قضايا معاصرة ج ١‏ من 
١* ١‏ دار الفكر العربى » القاهرة /ا/91١ ٠‏ 


7# 6ه 


يمثئل نقد ماركس للهيجليين الدساريين تقدما بالنسبة لليبرالية وذلك يعبارته 
المشهورة « ان الحزب البروليتارى هو الوريث الوحيد للافكار » ٠‏ وذلك لأن 
أفكار الحرية والعدالة والمساواة والوعى الذاتى والفردية لا تحدث بذاتها 
تغديرا اجتماعيا دون عمل جماعى يحقهقا بالفعل ٠‏ فالحزب البرولتيارى هو 
الذى سيريط الجرس فى رقبة القط أى أنه هو الذى سيحقق بالفعل هذه 
الافكار فى الواقع العلمى : 


( أما بالنسبة لنا فاننا لم نتمثل الليبرالية بعد » ولم نتحقق بمثلها 2 ولم 
تحدث الافكار الأثر المرجو فى نهضتنا المعاصرة ٠‏ لم تحصسدث لديذا ثورة 
فرنسية قامت على أكتاف المفكرين الاحرار بل قامت ثوراتنا على أيدى الضباط 
الأدرار فحدث تغير فى الهيكل الاجتماعى دون أحداث تغيير مواز فى البناء 
الفوقى » مما أدى الى انتكاس معظمها ٠‏ ومن ثم فأن نقد ماركس للهيجليين 
الشبان يصبح بغير ذى موضوع بالنسبة لجيلنا الحالى ٠‏ ويظل الهدجليون 
الشبان بالنسبة لجيلنا يعبرون عن لحظتنا التاريذية الراهئة فى التحديث 
واقامة أسسن النهضة ) ٠‏ 


ويمتان فيورياخ عن أقرانه بأنه أوقعهم صدى , وابلغهم أثرا » وأكثرهم 
تحديا مثل أسبينوزا فى القرن السابع عشر وفولتير فى القرن الثامن عشر ٠‏ 
( وقد يصعب الحديث هن فيورياخ من فيورباخيا » وعن الهيجليين الشبان 
من.هيجلى شاب ٠‏ فلذلك ميزة وعيب » ميزة الاتحاد مع الموضوع وفهمه هن 
الداخل2» وعويب استحالة التفرقة بين العرض والثحليل» بين فيورياخ الموضوع 
وفيورباخ الباحث فى عصر يحتاج الى فيورياخ ) ٠‏ ومع ذلك فقد تناولت هذه 
الدراسة عرض «الاغتراب الدينى عند فيورباخ » من خلال تحليل مؤلفه 
الأسداستى « جوهر المسيحية » , فالأفكار كلها فيوريباخ مسئول عنها وليس 
للباحث الا التحليل والشرح والعرض والتأويل ( كما فعل مع فلاسفة اليونان 
بوجه عام وكما فعل. ابن رشد مع أرسطو خاصة ) ٠‏ ولم نش عقد مقدمة عن 


)١(‏ يعد الباحث طبعات عربية لمؤلفات فيورياخ الأساسية : « ميادىء فلسفة 
المستقيل » 2 ضرورة اصلاح الفلسفة'» , « دعاوى مؤقته لاصلاح الفلسفة » 2 « مساهمة 
فى نقد فلسفة هيجل » , « جوهر المسيحية » ؛ مع شروح لها على طريقة الشرح الكبير 
لابن رشند » ومقدمة عن حياة فيورياخ واعمالهة وعصرة ٠‏ 


للق دان 1 3 


واقتصرنا. على عرض « جوهر المسديحية » للكشيف عن الاغتراب الدينى الذى 
أفكار فيورياخ بل المسدئولية دقع على إعاتق فيورباخ وحده * 


ظهرت “الطبعة الأولى لكتاب فيورباخ « جوهر المسيحية » فى ١84١‏ 
والطبعة الثانية فى ٠ ١8647‏ وأصبدحت مقدمة كل طبعة من الذيوع والشهرة 
لدرجة أن كل منهما تمثل عملا فلسفيا بمفرده(5) ' وتعنى كلمة صعوء17آ 
بالالماذية ماهية أو جوهر أو وجود أو حقيقة * وتدل على هذه المعانى الاربعة 
داخل الكتاب ٠‏ وتترجم بالفاظ مختلفة ٠‏ يبحث فيورباخ عن ماهية المسيدية 
أى أساسها وجوهرها وحقيقتها 2 وهو بذلك يكون سابقا على هوسرل فى 
بحثه عن.الماهية وجعل الفينومينولوجيا « علم الماهيات » ٠‏ ولا يبحث فيورياخ 
عن ماهنية المسيدية وحدها بل يعمم أحكامه حتى تشمل الدين بوجه عام (5) ٠‏ 


 ":‏ الكشف عن الاغتراب من خلال فلسفة الددن : يرى فيورباخ أنه 
لا يتم الكشف عن الاغتراب الا من خلال فلسفة الدين ٠‏ فالاغتراب أساسا هو 
الاغتراب الدينى ٠‏ والاغتراب الدينى هو أساس كل اغتراب فلسفى أو اجتماعى 
نفسىئ أو بدنى. ٠‏ فاذا كان الاغتراب هو انقلاب الأنا الى آخر فان هذا الانقلاب 
يحدث أساسا فى تحول الانسان الى الله قبل أن يتحول الانسان الى عمل أو 
الى نظام أئ الئ مؤسسة أو الى كون ٠‏ فالاغتراب الدينى هى أسهل اغتراب 
وأسرعه: وأكثره: مياشرة ٠‏ فاذا ماحدث زلزال فى كيان الانسان وخلل فى 


سيج وبيس مس سعد سوس سس 1 م 





(؟) وقد نشرها التوسر مع اعمال فيورياخ الاخورى : « هساهمة فى نقد “فلسفة 
هيجل ( 148595 ) » « ضرورة أصلاح الفلسفة ( ؟84١‏ ) , « مبادىء فلسفة المستقبل 
١‏ لحتيل ( “ 2 « جوهر السيحية فى علاقته مع الواحد وصفاتة < ) ادل ( بعنوان 
« البيائات الفلسفية ٠.‏ 
ا 000 016 قط«1050ق0ط2 عهعغ5ع لصولا : طعقطععنء1 .نآ 
. (1960 ,قاسوط 21017 ,لامقتاطاله مآ .86" , (1839-1845 روةتأستمطه موعنعره"1. 
5( 'اعتمدنا فى « جوهر المسيحية » على الطبعة الفرنسية 
10 رعمتعتطة ا متعسطه ععدطعوة1 رآ : لاعقطمقنه1 نآ 
.1968 ,23315 ,11287610 ."1 ,لأعمعه2 .1.2 رهزو .1.2 
وكذلك “على الترجمة الانجليزية التى. قام بها 21101 .63 وقدم لها 
:1957 عآناه0 7 ببجع[8 ,تتم ع2 *61م283 ,تناطع 81 ع طاترو8 .1 
وزاجعناها النض الألمانى , طبعة 1 
04 القع ]ناا ,لمواععظ 


د 808 مه 


فى موقف زائف ٠‏ فلسسفة الدين أذن هى الميدان الذى يمكن من خلاله اكتشاف 
الاغتراب ٠‏ فما هو الوضمع الحالى لفلسفة الدين ؟ 


هذاك خطان أساسيان فى الفكر الدينى : الاول اعتبار الروايات الدينية 
والأخيار والقصص والآراء والأساطير وكل مايرويه الرواة وتقصه الذساء 
حقائق تاريخية تقابل شيئا فى الواقم . وهو خطأ الفلسفة الوضعية التى 
لا تفترق عن الفلسفة العامية الشعبية فى شىء ٠‏ والثانى اعتبار قواعد الايمان 
حقائق فاسفية يمكن البرهذة عليها عقلا بالمنطق والدليل » وهو خط الفلسفة 
التاملية التى حولت العقائد الى نظريات خاصة ٠‏ وكانت النتيجة أن ضحت 
الفلسفة الوضهية بالفلسفة من أجل الدين كما ضحت الفلسفة التأملية بالدين” 
من أجل الفلسفة ٠‏ الأولى تجعل العقل ألعوية فى يد المادية الشعبية , والثانية 
تجعل الدين الموية فى يد التامل الفلسفى ٠‏ الاولى تجعل الدين يتحدث بدلا 
عن العقل , والثانية تسمح للدين أن يقول ماتستطيع هى أن تقوله على نحق 
أفضل ٠‏ الاولى عاجزة عن الوصول الى حقائق الاشياء فتديل الصصور الى 
وقائع ٠‏ والثانية عاجزة عن الخروج عن نفسها والاتصال بالصور فتحيلها 
الى أفكار ونظريات ٠‏ 

والحقيقة أن الفلسفة والدين شىء واحد على الرغم مما يبدو بينهما من 
خلاف لأن هناك وجودا! واحدا مفكرا يعبر عن فكره فى صور وأشكال مختلفة 
لا تناقض بينها بل على مستويات مختلفة من التعبير الادبى ٠‏ فالقدرة الالهية 
المطلقة كفكرة تعنى المعجزات كصورة ومثل كما تعنى البعث والنشور ٠‏ 
ولا يظهر التناقض الا بعد الفصل بين الايمان والعقل وهو ما لا يقبله أى اتجاه 
مستئير. فى فلسفة الدين ٠‏ 0 


ويبدو فيورياخ هنا معتزليا يفسر اليد بالقدرة ٠‏ والعين بالعلم » ويدول 
التشبيه الى تنزيه بشرط أن يكون هذا العقل هو العقل الشامل ٠‏ العقل الطبيعى 
الذى يتسق مع نفسه ويتسق مع الطبيعة وليس العقل الخاص عقل الايمان٠‏ 
العآل هو القاعدة العامة . والايمان هى الاستذناء الخاص ٠‏ لذلك ارتبط 
الايمان د همس تاريخى معين 2 ودمكان محذدد 2 وياسم خاص * :التوحدد ددن 
العقل والايمان يذيب الايمان ويحيله الى عقل قيتحول الخاص الى عام ٠‏ 
فالخطيئة تعنى أن الانسان الطبيعى ليس كما ينبغى أن يكون , وهو ما يسلم 


ال 1 5 


به الناس جميعا ٠‏ لا يؤدن بالخطيئة الاولى الا المعتقدون بها ٠‏ مهمة الفكر 
اذن تحويل مضمون الايمان الى عقل ٠‏ وهنا يبدو فيورباخ هيجليا صرفا ٠‏ 
يودف من « جوهر المسيحية » الى بيان هذه الحقائق الانسانية البسيطة وراء 
الأسرار الخارجة على الطبيعة ٠‏ ومع ذلك يبقى الدين والفلسفة متمازين 
بالصورة ٠‏ فالدين فى جوهرة مأساة ؛ والله نفسه وجود مأساوى أى موجود 
شخدى ٠‏ ومن ينزع الصورة عن الدين ينتزع منه موضوعه ويتركه جثة هاهدة 
لأن الصورة من حيث هى صصورة شىء ٠‏ ويعالج فيورباخ هذه الصور لا من 
حيث هى افكار أو تدل على أفكار كما هو الحال فى الفلسفة التاملية للدين 
أى هيجل » ولا من حيث هى أشياء كما هى الحال فى اللاهوت بل كصور ٠‏ 
والصورة تعكس موقفا نفسيا ٠‏ فلا يستعمل فيورباخ اللاهوت كلم عملى 
صوفى كما هو الحال فى الأساطير الدينية أو كأنطولوجيا كما هو الحال فى 
الفاسفة التأملية بل باعتباره مرضيا نفسيا يعبر عن اهتزاز شعورى وارتجاج 
فى المخ وهلوسة واضطراب ٠‏ لاقد استطاعت الحرية والشخصية فى العصر 
الحديث تناول'الدين واللاهوت وابتلاعهما كلية ٠‏ وانتهت التفرقة بين الروح 
القدس المنتجة والروح الانسائية المستهلكة ٠‏ وتم تحويل ها فوق الطبيعة 
لى الطبيعة ٠‏ ومع ذلك ظل العصر الحاضر عاجزا أمام المسيدية كصورة )2 
غير قادر على مواجهة هذا الشبح والدكم عليه بأنه مجرد وهم وخداغ 
ذاتى ٠‏ أن الاشباح ظلال الماضى ٠‏ وبالتالى فان تحليل الماضى يهدف الى علاج 
الحاضر ' يهدف فيورباخ الى تأسيس علم للامراض أو علم وظائف الاعضاء 
كمقدمة لعلم العلاج والعودة الى طبائع الاشياء الى ماء الايونيين عند طاليس 
واللى نشأة الاشياء عند شيشرون عن طريق ممارسة شدار سدقراط « أعرف 

نفسك بنفسدك » ٠‏ الاغتراب اذن هى موقف مرضى كما يصفه علم النفس ٠‏ 

والقضاء عليه قضاء على المرض وجلب للشفاء ٠‏ وهنا يددو فيورباخ محللا 
نفسيا سابقا على فرويد فى كتابه المشهور « مستقبل الوهم » ©لاأناظ 126 


.م 


أى تحليل الخنصدوص من أجل اثيات نتاشج التحليل وتأسيسدها على شحطىوق 
مو ضدو عى ٠‏ فاذا صددلمت النتائج مشا عر الكاس فالمسئولية لإ تقمع على البااحث 


٠ 01 111100‏ ودسدمى فيورياخ منهج الكئاب منهج الكيميساء التحليلية 


فيورباخ بل تقع على عاتق الموضوع ذاته ؛ وكأن فيورباخ يريد تطبيق منهج 
تدليل. المضمون على النصوص الديئية ٠‏ والرجوع الى النصوص الاصبلية 
القديمة أفضل بكثير من الرجوع الى المسيحية المعاصرة ٠‏ فالنصوص القديمة 
ى الوجيدة الجديرة بالتامل أما أقوال المعاصرين فسطحية حسية ينقصها 


كك 


ب ١7‏ سم 


الشجاعة , ويغلفها الجبن والنفاق ٠‏ النصوص القديمة تكشف عن المسيحيه 
وهى عذراء فى حين أن أقوال المعاصرين فقدت طهارتها وعفتها ٠‏ كانت 
المسيدية القديمة غنية بكنوزها السماوية , فقيرة بممتلكاتها الارضية فى حين 
أن المسيدية المعاصرة فقيرة بممتلكاتها السماوية غذية بكنوزها الأرضية ٠‏ 
ولا توجد شواهد مسيحية معاصرة الا هذه الشواهد الفقيرة التى لم توجدها 
المسيحية ذاتها بل التى انتجتها العصور 1 ٌ 


( يحاول فيورباخ اذن الكشف عن الاغتراب عن طريق تحليل النصوص 
القديمة واثيات أن الثيولوجيا ماهى الا انثربولوجها مقلوية وان ما دظنه 
اللاهوتى على أنه وصف لله هى فى حقيقة الأمر وصف للانسان ٠‏ فاللاهوتى 
يصف نفسه ظانا أنه يصف الله ٠‏ ويقوم بعملية خفية وهى تشخيص صفاته 
الخاصة ثم اخراجها وتثبيتها على آخر » شخص خاص هو الل ) ٠‏ 


( يحاول قيورياخ أخذ النصوص القديمة عن الله واعادة تحليايها تخليلا 
نفسيا وجوديا ليكشف عن المضمون الانسانى لهذه النصوص * ويقوم بعملية 
تفسير جديد لها . وذلك باعادة بناء الموقف الماضى على أساس من الموقف 
الحاضر ٠‏ وبالتالى يكون فيورباخ سابقا على بولتمان وهيدجر وعلم التفسير 
الحديث فى الكشف عن الواقعة الانسانية الحية من خلال تدليل النصوص 
الدينية القديمة ٠‏ الانثربولوجيا هى سر الثيولوجيا ١‏ وتاريخ العقيدة أى تاريخ 
اللاهوت هو فى حد ذاته نقد للعقيدة فى اللاهوت ٠‏ لقد كانت الثيولوجيا فى 
تاريذها الطويل اذثروبولوجيا 2 وكان موضوعها وهو الله وصف للواقعمة 
الانسانية ٠‏ وبالتالى يكون هيجل على حق فى مهمته التاريخية فى الكشف 
عن الروح فى التاريخ ٠‏ ولكن ما حاوله القدماء على نحو بعدى ‏ بناء العقيدة 
فى التاريخ - يحاوله فيورياخ على نحو قبلى بارجاع النصوض الى الواقعة 
الانسانية ٠‏ الثيولوجيا اذن اغتراب للانثروبولوجيا » وعالم اللاهوث مغترب 
عن عالم الانسان ٠‏ والتفكير فى الله اغتراب عن التفكير فى الانسان ) ٠‏ 


الاغتراب وتفاق العصى : وفى مقدمة الطبعة الثانية .وبعد صصدور 
الكتاب أول مرة ٠‏ يدافع فيورياخ عن مشروعه الذى قضى به على اغتراب 
الانسان , ؤفند الاتهامات الموجهة اليه وعلى رأسها الالحاد ٠‏ لقد اعاد 
فيورياخ اكتشاف الله كنشاط وفاعلية فى العالم » وهو الهيجلى الشاب » وقضى 
على اغتراب الاذسان وقذفه بنفسه خارجها وتشخيصها فى صورة آخر وتأليه 


- #١8 


اياه ٠‏ كان من الطبيعى أن تسوء علاقة فيورياخ مع كل المغتربين عن العالم 
وعن الذات وعن الله ولكذها فى نفس الوقت كانت علاقة طيبة وصحيحة منع 
الاصحاء فى العالم ومع ذواتهم ومع الله : كان من الطبيعى أن يحدث التمايز 
دين الحق والباطل » بين الصدق والكذب ». بين الصواب والخطا . بين الصمحيح 
والزائف حتى يمكن انقان المسيحية مما وقعت فيه من خطأ ومما اكتنفها من 
اظلام وارجاعها الى الموقف الصحيح ٠‏ ومع ذلك نظر الى فيورباخ على أنه 
جرم فى حق المسيدية واعتبره اللاهوتيون وقد قضى على الدين الى الأبد 
فى خين أن فيورباخ قد نقد كل الفلسفات الشائعة فى عصره والتى اعتمد 
عليها اللاهوتيون للدفاع عن الدين أى عن الموقف الزائف للانسان ٠‏ فقد 
هاجم الفلسفة التأملية التى ابتلعت الدين » وقضت على خصوصيته لحساب 
الفكر ٠‏ كما هاجم الفلسفة الوضعية لانقان الانسان وعدم تحويله الى صنم 
ووثن ٠‏ وقد كانت الضربة الكبرى هى التى وجهها فيورياخ الى نفاق العصر, 
ومزايداته على الايمان على لسان مدعى العلم فى مجتمع طيب . مجتمع 
الحياد واللامبالاة وغياب الحماس ٠,‏ مجتمع الاوهام والدحقسائق المزيفة 
والشدائعات ٠‏ ( هذا المجتمع الذى يعتبر كل من يقول الحقيقة فيه وقحا » سىء 
التربية » عديم الأخلاق ٠‏ اصبحت الحقيقة هى اللاأخلاقية , واللاأخلاقية هى 
النفاق الذى يذفى المسيدية ويدعى اثباتها ٠‏ اللاأخلاقية هى النفى الحقيقى 
العسيحية , الذفى الذى يعبر عن نفسه كنفى » هو التلاعب التعسفى بالمسيحية 
والالغاء الفعلى لقواعد الايمان وترك البدض الآخرء وكما يقول لوثر : أن قلب 
كل قواعد الايمان أفضل من قلب واحدة فقط » هى الالحاد فى الحرية وليس 
فى الل ء هو أنصاف الحلول القائمة على الغباء دون يقين ثابت للذات » هو 
التناقض الفج دون دقة فى التحليل وصدق فى النتائج » هى التفاهة لأنها تقف 
عند منتصف الطريق ولا تنتهى الى جوهر الاشياء ودون وصول الى النهاية ٠‏ 
هى الكذب الذى يذفى الحقيقة وشرها فى قلبها والتفكر فيها ٠‏ وهكذا يصف 
فيورباخ حال العصر وعدم قدرته على مواجهة الحقائق فى حين أن الاعتراف 
بالحق فضيلة ٠‏ ولكن مشكلة العصر فى أساسها مشكلة اخلاقية فى نقص 
الشجاعة وسسيادة النفاق ) ٠‏ 


بحث. فيورياخ عن العالم الحى وليس عن العلم المت 2 وأراد حقيقة 
مكتوبة بدماء القلبعلى صفحات التاريخ وليس حقيقة مكتوبة با مداد على ورق 
أجوف ٠‏ الحقيقة هى الانسان وليس العقل المجرد 2 وعلى هذا الخندى يمدكن 


٠5‏ ب 


القضاء على الاغتراب الذى هو تضحية بالمعيانى فى سسببيل المجرب.. .وقضاء 
على الانشتان فى سبيل. الاخر الذى تم خلقه وهما وخداعا ٠‏ ليس العلم هو 
العلم: الميت اليارنة كما. هو الحال فى علم. العصيى دل هو العلم النحى الذى 
يختلط بلحم الانسان ويدمه ٠‏ ويبدى فيورباخ هنا كيركجارديا خالصا ٠٠‏ 
العالم هى. الذى يتناول مشاكل العصر ويغوص فيها ٠‏ ويستقصى :جذورها. ٠‏ 
ودنتهئ.به الأمر الى حبل المشنقة فيكون شهيد. عصره وشاهد! عليه ٠‏ ولا: عجب 
الا يستمع العصر الى خداء « جوهن المسيحية ».فيما يتعلق بالايمان والمعجزة 
والعناية وفناء العالم وشهادة التاريخ فى حين أن معارك العصر مثل الصراع 
بين الكاذؤليكية والبروتستانتية » والزواج المختقلط لا يهم بقدر أهمية ماهية 
المسيدية التى:تثيت أن الزواج الحقيقى هو تلف الارواح وان النسل الحقيقى 
هو النسل السماوى ٠‏ وهنا يبدى فيورياخ أفلاطونيا فى الفرق دين الحب 
الانسانى البدنى والحب الفلسفى الروحتى ولكن على نحو هيجلى باعتبار أن 
الروح هى العدانى والبدنى هو المجرد ٠‏ لقد حاول فيورياخ أن يترجم الضور 
الذهنية فى الدين المسيخى ويعثر على حقائقها العيانية معتمد!ا على التحليل 
التجريبى والتاريخى واالفلشفى للاسزار المسيحية ٠‏ كما فسر 'العقائذ وقواعد 
الايمان القبلية على أنها 'موضوعات حسية تاريخية لا شأن لها بالمتأملات 
الخيالية التى تستمد مادتها من ذاتها ٠‏ وأقام نتاكجه على الحس والرؤية 
ولم يستنبطها بالتأمل استذباط الموضوع من الفكر واستقرى الفكر من 
الموضوعات ٠‏ فالموضوعات موجودة خارج الفكر ٠‏ ويصر فيورياخ على 
أنه مد الى فى هددان الفلسفة العملية وحدها ٠‏ فللا حدود للانسانية ٠‏ 
والذكرة لها دلالة سياسية واجتماعية وأخسلاقية ٠‏ ويسمى فيورياخ 
نفسه روحيا وضهيسا . صاحب فلسفة انسانية تجعل الوجسود 
الانسانى هو الوجود الحقيقى . ويقيم فلسفة لا تأملية 2 فلسفة دون ماهية 
مسبقة مثل جوهر اسبينوزا أو ذات كانط وفشته أو الهوية المطلقة عند شلنج 
أى الروح المطلق عند هيجل . فلسفة وجود واقعى . والانسان هو أكثر 
الموجؤدات واقعية وؤموضوعية فى علاقاته الحسية بالاشياء ٠‏ 


ويبرا فيورباخ نفسه من كل الاتهامات التى وجهت ضده وفى مقدمتها: 
الإلنحاد بأنه لم يقل شيئًا علنى. الاطلاق ٠‏ ( بل ان الدين هو الذى تحدث عن 
نفسه وأن فيورباخ قد سمح له بذلك فحسب ٠‏ لم يبتدع فيورباخ شيئا .بل 
كشف الدين عن ذاته .. ورأى فيورباخ هذا الكشف ٠‏ انه الدين الذى يؤلله 


ه٠‎ 


الانسان فى حين يذنكره اللاهوت ٠‏ أنه الدين ٠‏ وليس فيورياخ ٠»‏ الذى يقول 
بأن “الله هى الانسان الشخدى المنفصل عن 'الذات المتخارج فى العالم » وان 
.الانسان هو الله بعد أن دفع بالانسان بذاته خارجا عنه مغتربا عن نفسه فى 
يجعله موضوعا الفكر عندها يحيل الله الى انسنان ثم يستعيد صفات الانسان 
وينسبها الى الله ثم يؤّلهه ويعبده ٠‏ لم يفعل فيورباخ أكثر من اذاعته للسر 


( واذا كان كتاب « جوهر المسيحية » نافيا , لا متدينا » ملحدا » فلان 
الالحاد هو جوهر الدين لأآن الدين فى جوهره وليس فى صورته ٠‏ وصياغاته 
هو الانسان ٠‏ الوجود والانسان فى انسانيته والوهيته ٠‏ وان لم يقتنع أحد 
بذلك فعليه تفنيد حجج فيورباخ العقلية وبراهينه التاريخية وتحليلاته النفسية 
ولا تهم سفسطة القضماة أى رياء المرائين أو العبارات التأملية البراقة أو قواعد 
اللاهوتيين الضدلة ) ٠‏ صبحيح أن الكتاب ناف , ولكنه ناف للجوهر اللانسانى 
للدين وليس نافيا للجوهر الانسانى ٠‏ لذلك شمل الكتاب جزءين : جزء مثبت, 
وجزء ناف » وتناول نفس الموضوع على نحوين مختلفين : الاول يعرض للدين 
فى جوهره » والثانى يعرض للدين فى تناقضداته , الاول تطوير وكشف لمفهوم 
الدين والثانى جدل وهدم للاهوت ٠‏ الاول هادىء والثانى عنيف ٠»‏ وفى كليهما 
معركة ٠‏ الأول يبين أن المعنى الحقيقى للثيولوجيا هى الانثروبولوجيا وأنه 
لا يوجد فرق بين صفات الوجود الالهى والوجود الانسانى , المحمولات تعبر 
عن جوهر الموضوع ( ويمكن الاستشهاد فى ذلك بالتحليلات الاولى لأرسطى 
أى بمقدمة فورفوريوس ) » ولا فرق بين ذات الله ووجوده من ناحية وذات 
الانسان ووجوده من ناحية أخرى * ومن ثم فلا فرق بين المحمولات الالهية 
والمحمولات الانسانية ٠‏ يثبت الجزء الأول ان ابن الله هى الابن الحقيقى أى 
ابن الانسان وان الدين يخطىء بتصوره هذه البنوة فى الله بالفعل ٠‏ ويثبت 
الجزء الثانى ان ابن الله فى الدين ليس ابنا طبيعيا وبالتالى يكون معارضا 
للطبيعة وللعقل ٠‏ يعطى الجزء الاول البرهان المباشر » ويعطى الثانى البرهان 


غير المباشي ٠‏ 

الجزء الثانى عؤد الى الاول ٠»‏ يبين الثانى الزيف بينما يكشف الاول 
الحقيقة ٠‏ الأول عن الذين والثانئ عن اللاهوت ٠‏ ولا يعنى اللاهؤت هذا المعتى 
الضيق عند اللاهوتيين الحرفيين بل يشمل أيضا الفلسفة التاملية » وعلم 


2 


اللاهوت ٠‏ فالمهم هن الأصصل لا الفرع , المبد؟ وليس الاشخاص ؛ والعصور 
والاماكن ٠‏ لو كان « جوهر,المسيدية » به الجزء الثانى فقط لكان نافيا ولكان 
الله غدما » والثالوث عدما » وكلام الله عدما ‏ ولكنه أثيت أن الدين له أساس 
فى .الوجود الانسإنئ الحق ٠‏ والحقيقة أن فيورباخ يرفع الاذثروبولوجيا الى 
مستوئ الثيولوجيا كما ترفع المسيحية الانسانالى -مستوى الله ٠‏ ان الدين 
هى الروح الانسانى ولكن "الحلم لا يكون فى السماء بل غلى الأرض ٠‏ المهم 
هو :قاب النظرة. من الداخل الى الخارج » وفتح على الدين » وتحويل موضوع 
التمثل الى موضبوع فعلى ٠‏ ولكن العصر مازال يفضل: الصورة على الشىء , 
والنسخة على الأصل ٠‏ والتمثل على الواقع : والظاهر على الوجود .٠‏ الدين 
وهم » والحقيقة دنيوية » ولكن العصر للم يحتفظ من الدين الا الغباء ٠‏ وتجد 
الكنيسة شرعيتها فى هذا المظهر ٠‏ وتجد الطقوس دلالتها لو تم تفسيرها على 
نحى انثروبولوجى خالص ٠‏ فالخمر والخبز ليسا الا فى التمثل والخيال , 
والدين والفلسفة التأملية يتعاملان مع الوهم والخيال ولا يتعاملان مع الواقع 
والحس ٠‏ لقد طالب لوثر من قيل دالعودة الى العالم , فالخين يعتى الطعام »2 
والماء يعذى الشراب , والعماد يعنى الاستحمام ٠‏ لا يهم الاضل الوثنى لهذه 
الطقوس » شرب الدم واكل لخم الضدايا يل المهم دلالتها باللنسبة للانسان ٠‏ 
كما لا يهم بيان تناقضات معجزات المسيح بل المهم بيان دلالتها' الانسانية 
الخالصة ٠‏ يريد فيورباخ العود الى ماء الايونيين عند طالميس ٠‏ الماء البارد 
للحقل الطبيعى حيث تنشا الاشياء ٠‏ فالماء فقط ليس س ‏ بب النماء ودورة 
الحياة بلهو أيضا علاج النفس والعين ٠‏ الماء يساعدنا على اكتشاف الطبيعة 
وسبر غور الوعى الذاتى ٠‏ الماء يطهر الانسان من الخوف والاوهام الناشئة 
عما يأتى من فوق الطديعة ٠‏ « وجعلنا من الماء كل شىء حى ( ٠ ) 75١ : 5١‏ 


وتظهر مآسى العصر أيضا ليس فى لاأخلاقيته وحدها بل فى غياب الروح 
العلمية: .٠‏ أصبجت الحقيقة .حدا للعلم وليست اطلاقا له من كل الجدود ٠‏ 
وعندما. يصل العلم النى الحقيقة ويصبح جقيقة لا يكون علمسا بل يصبح 
موضوها للبوليس .٠‏ فالبوليس يمثل حدود الحقيقة والعلم ٠‏ وكأن السلطة 
السياسنية يهمها الإبقاء على الزيف حتى.تامن المعارضة ٠‏ وبالرغم من أن 
فيورداخبوجه عإم. اعطى تفسيرا لا سياسيا للدينواعطاه تفسير انثروبولوجيا 
خالصا طبقا للهزورة الذلقية والفلسفية الا أن السياسين غضبوا عليه لأنهم 
يعتدرون الدين اسهل :وسيلة. .لاستعباد الانسان سياسيا ولا يودون زعزعته 


همغ١5‎ 


وفههه الفهم الضحيح ٠‏ كما غضب عليه من لا يعطون الدين أآية آهمية سياسية 
لأن اعادة تفكير الناس فى الدين على نحو شرعى ويعد القضاء على الاغتنراب 
الدينى يجعلهم أكثر قدرة على الممارسنة السياسية فيثورون ضضيد الحكام. . 
وددافعون عن حقوقهم ٠‏ وؤغضب عليه أيضا أصيدقاء التنوير والحرية فىمبادىء 
الصناعة والسياسة وأعداؤها فى ميدان الدين لأن التنوير الدينى. يكشف عن 
مساوىء الليبرالية. والنظام الرأسمالى ٠‏ ويشير فيورياخ فى ملاحظة أخيرة 
أيضما الى صلة الدين بالسياسة٠‏ فالدين أساس. النظم السياسية٠‏ ففى الوقت 
الذى يكوزفيه الدينمقدس! نجد تقديس الزواج والملكية وقوانين: الدولة ٠‏ لمتكن 
الملكية مقدسة لأنها شريعة الهية بل تم تقديسها أولا باعتبارها شريعة الهية ٠‏ 
لخ يطور فيورباخ هذه العلاقة كما طورها ماركس بعد ذلك ٠‏ وظل بروتستانتيا 
حرا يؤسنس. الدين على الاخلاق ٠‏ 


4 - الاغتراب فى ماهية الانسان وجوهر الدين : يبدا فيورياخ كتابه 
« جوهر المسيحية » بتمهيد عن ماهية الانسان بوجه عام وجوهرية الدين يوجه 
عام . ويستعمل لكليهما كلمة ‏ 78868 وهى الثنائية التى سيتبعها فيما 
بعد فى تقسيم الكتاب بين الماهية الحقيقية أى أنثروبولوجيا الدين والماهية 
المزيفة أى ثيولوجيا الدين » فيبدا بالاثيات وهى الانسان ويثنى بالنقى 
وهو الله ٠‏ ظ ْ 


فما هى ماهية الانسان بوجه عام ؟ يرى فيورباخ أن التدين هى الذى 
دميز الانسان عن الحيوان ٠‏ ويرجع هذا التمييز الى أن الانسان لديه شعور 
أى وعى بالمعنى الدقيق وليس مجموعة الاحساسات والادراكات والاحكام أى 
مجموءة الوظائف النفسية ٠‏ ولا يتأتى الوعى الا لوجود تكون ماهيته عين 
موضوعه ٠‏ فالعلم الانسانى هو الوعى بالاجناس فى حين أن الحيوان لاددرك 
الا نفسه ٠‏ عند الحيؤوان الخياة الداخلية والحياة الخارجية شىء وأحد . وعند 
الانسان تتميز الحياة الداخلية عن الحياة الخارجية » فالحياة الداخلية هى 
علاقته بجنسه وماهيته والتعبير عن ذلك دالفكر واللفة : الانسان هو الأنا 
والاخر . هو الذات والموضوع »2 هو الموضوع والمحمول ٠‏ ليس الفرق بين 
الانسان والحيوان فى التدين فقط فالدين هو الوعى باللانهائى » ومن ثم يكون 
وّعى الانشان ' بماهيته: لانهائيا دون أن يكون ذلك وعيا بموجود لانهائى. : 
الوعى هى وعى باللانهائى . وهى ما يقابل الغريزة عند الحشرات ٠‏ الوعي 
باللانهائى هو الوعى بلانهائية الوعى ٠‏ وفى الوعى باللائهائى يكون موضوع 


ل 2١73‏ مه 


الوجود الواعى واعيا بذاته ٠‏ الانسان بلاموضوع لا يكون شيئا » فهذا ما 
تؤكده حياة العظماء ٠‏ يشعر العظيم أن له رسالة عليه أن يحققها وهى الهرف 
الاسمى من نشاطه ٠‏ تكون ماهيته وتكون فى علاقة جوهرية وضرورية معه ٠‏ 
ماهية الانسان وجوده وغايته وموضوعه »2 وتتوحد الماهية والوجود كما 
دتّوحد الذات والموضوع فئ الانسان ٠‏ فيصيح الانسان اذن واعيا بذاته عن 
طريق الموضوع ٠‏ والوعى بالموضوع هو وعى بالذات ٠‏ يمكن معرفة الانسان 
أذن ابتداء من الموضوع ٠‏ وفيه تبدى الماهية , فالموضوع هو الماهية عندما 
تظهر » أنانيته الحقيقية الموضوعية ٠‏ وهذا ينطبق على الموضوعات الروحية 
والموضوعات الدسية على حد سسواء ٠‏ وهنا يأخذ شعار سقراط « أعرف 
نفسك بنفسك + معنى انطولوجيا جديد! ٠‏ ا 


.ْ 


ماهدة الانسان هو جنسة أى الانسانية : العقل 2 والارادة. : والقلب” ٠‏ 
العقل وظيفته الفكر 2 والارادة للاجتهاد 2 و الفعل والسلوك : والقلب هو 
الحب. . وهنا يعول فيورياخ” من جديد الى قوى النفس الثلاث عند أفلأطون 
دون تمويز بين النفس والبدن أى بين المثال والواقع ٠‏ العقل والارادة و القلب 
ثلاث كمَالات أو ملكات سامية تكون الماهية اللطلقة للانساه” من يتا هسسو 
انسان : وتكون الغاية من وجوده ٠‏ فالانسان يوجد كى يعرف وديحتٌ ب ويقعل ٠‏ 
الغاية من المعرفة المعرفة ٠‏ ومن الازادة الارادة ٠‏ ومن الحب الحب , وهئ 
تفس الصفات : حقيقى » كامل , لهي ٠‏ نستعملها اعندما نصف الشيء فى 
ذأقه ٠‏ هو الثالوث الالهى الذى يجمع بين العقل والحب والارادة كما قال 
أو غسطين من قبل شارحا التثليث المسيحى ٠‏ هذه الضفات الثلاث ليست 
مدرد كما لات يتمتع بها الانسان بل قدرات الهية طلقة لا يُمكن للانس تان 
مقاومتها ٠‏ كيف يقاوم الحب الجحب 2 والمعرفة المعزفة” ١ ١‏ والازاناة الأرأدة” 0 
ان اللحب يدفع الانسان الى الموت فى سبيل من يحب ؛ وألفكر يدفع “الاتسان 
الى أن يذكر ؛ والحياة تدفع الانسان الى أن يفعل ' ٠‏ 


ا ‏ #ة 
95 


الوجود المطلق اذن وهو 'الة" الانسان : هو عين “ما فيثه: 4 ' ومؤضوعنه 
اماهيته وقوة وهعزفة وارأدة 2 حبه: هو مغزّفته ' وارادته كيه 0 :“التذا فى» فق 
العدم ولا يمكن أن يكون الأنسنان 'واعنا بالتناهيئ وال كان هلما ١‏ « : الوعى 
هو ظَهون الذاث. ٠‏ ونا :.تأكيند الذات: » وحنث الذات:: : والأتستراح “مكمالة” 'التهامن: : 
الوعى: علامة مميزة لوؤجود كامل . والوجوذ ير ٠٠‏ التناهئ: 'استقواط وثفاهة 
وعار وقلق »2 ثم يمتد التناهى للماهية منحوا العان ‏ ! وياللعار ا 


اد 48١4نت‏ 


كل وجود مكتف بذاته , كل موجود له الهه آى وجوده الأعظم فى ذاته* 
وكل تحديد هى بالنسية للاخر الخارجى الأعظم منه كما يظهر فى مقارنة 
الحيوانات بالحشرات وكما يفعل دارون فى وصف تطور الاحياء فيما بعد ٠‏ 
ان: الذى يجعل الموجود موجود! هى عبقريته وقوته وغناه وجماله ؛ فكيف يكون 
الوجود عدما عاجزا ؟ وكأن فيورياخ هنا يوحى بلغة نيتشه وبرجسون ويما 
سيقوله اقبال عن الذاتية فيما بعد ٠‏ ما يثبته الوجود لا يمكن الذهن نفيه , 
فمقياس الوجود هو مقياس الذهن ٠‏ وكلما امتد الوجود الى مالانهاية كان 
هو الله ٠‏ ولا يمكن الفصل بين الذهن والوجود الا على نحو ظاهرى تحعسفى » 
وهو الدرس المستفاد من هيجل ٠‏ فلى فكر الانسان فى اللانهائى فان ذلك 
اثبات للانهائى فى االفكر ٠‏ واذا شعر بالانهائى فان ذلك اثبات للانهاتى فى 
الشعور '٠‏ موضوع العقل هى العقل موضوعا لنفسه ٠‏ وموضوع العاطفة 
هى العاطفة موضوعا لنفسها ٠‏ أن حوار الفيلسوف هو فى الحقيقة مونولوج 
العقل ٠‏ الفكر لا يتحدث الا مع الفكر ٠‏ فالعقلى وحده هو موضوع العقل ٠‏ 


الانسان اذن مجموعة من الصفات أو الملكات : الصفاء , العقلانية , 
النزاهة فى المسرات والانفعالات ٠‏ ولكن الانسان يرى , والعين ترى ماهيتها. 
وكان الفلاسفة علماء فلك من أجل العين , فالعين هى الطبيعة السماوية ٠‏ 
ولكن العاطفة هى الملكة الأساسية فى الدين , ولا تعبر ماهية الله الا عن 
ماهية العاطفة ٠‏ العاطفة هى « العضى الالهى » ٠‏ العاطفة هى النبل والعظمة 
أي الالهى فى الانسان٠‏ والله هى العاطفة الخالصة اللانهائية الحرة* العاطفة 
ملحدة من وجهة نظر الارثوذكسية لأنها ترفض الله الموضوعى ٠»‏ وتجعل نفسها 
هو الله ٠‏ والحقيقة ان نفى العاطفة نفى لله , وهذا هو الالحاد الدينى ٠‏ وما 
يقال عن العاطفة يقال على باقى الملكات فى الانسان : العقل والارادة ٠‏ 


من هذا التحليل الذى يبدو فيه فيورباخ معاصرا للفاية » هيجليا امتد 
لبرجسون ونيتشبه وهوسرل وهيدجر » .يوحد بين الذات والموضوع ٠‏ بين الفكر 
والواقع, دين الماهية والوجودء يهدف فيورياخ الىص,وصف الانسان الحقيقى قبل 
أن يتزيف ويغترب عندم! يكون واعيا بذاته وعيه » ووعيه ذاته ؛ فى وجدته 
الداخلية قبل أن يفصمها الإغتراب الدينى ٠‏ ويبدأ بالعاطفة وهى نقطة البداية 
فى الاغتراب والتى من خلالها يحدث الانفصام والوقوع فى الوهم.2 وهى ما 
ظهر بالتفصيل عند شليرماخر فى « مقال فى الدين » ٠‏ 


ب 2١58‏ م 


فاذا كانت ماهية الانسان هى أنه. وعى يتجد الذاتٍ فيه بالموضوع فما 
هى جوهر الدين ؟ فى ماهية الانسان بوجه عام تم تدديد. علاقة الانسبان 
بالموضوع بوجه عام ٠‏ ولكن .ما هى. علاقة الانسان بالموضوع الدينى .بوجه 
خاص:؟ فى علاقة الانسان بالموضوعات لا يذنفصل الوعى بالذات عن :الوعى 
بالموضوع ٠‏ ولكن فى حالة الموضوع الدينى يتحد الوعى مباشرة بالوعى 
بالذات ٠‏ فاذا وجد الموضوع الحسى خارج الانسان فان الموضوع. الدينى 
يوجد فى داخله ٠‏ وهو كما يقول أوغسطين أسهل فى معرفته من الموضوعات 
الخارجية ٠‏ الموضوع الخارجى. مبحايد ومستقل عن الاعتقاد والحكم فى.جين 
أن موضوع الدين موضوع اختيار » الموجود الاول ٠‏ الافضل والاسمى , 
ويتضمن حكما نقديا يقوم. على التمييز بين الالهى: والاللهى .٠‏ وهنا تبدى آهمية 
قضية أن موضوع الانسان ليس الا الماهية الموضوعية ذاتها ٠‏ الوعى بالله 
.اذن. هو وعى الانسان بذاته » ومعرفة الله هى معرفة الانسان بذاته ٠‏ ابتداء 
من الله تعرف تفسك , والعكس صحيح ٠‏ كلاهما واحد ٠‏ ْ : 


إن الله بالنسبة للانسان هو روحه ونفسه » والانسان بالنسية ألَىْ نفسه 
هى الروح. والنفس والقلب , وهذا. آله ٠.‏ الله..هى. الداخليية التى تظهرن.فقى 
الانسان ٠‏ والدين هو ظهور كنوز الانسان . الاعتراف باخطاره: الزمنية .2 
والاقرار العلنى بأسرار الدب ٠‏ 


وقد لا يشعر الانسان أن وعيه بالله هى وعيه بذاتِه ٠‏ لذلك يمكن..اإنقول 
بأن الدين هى وهى الانسان. بذاته على نحى غير مباشى ٠‏ ولذلك أيضا: سبق 
الدين الفلسفة وسبق الخارج الداخل ٠‏ الدين هى ماهدة الانسانية وهى فى 
دور طفولتها (2) ٠‏ يرى الانسان ماهيته خارجا عن ذاته ٠.‏ لذلك.وقع. الدين 
.الأول فى الوثنية وعبادة الأصنام .٠‏ فقن .عبد الانسان ماهيته. » .وتمؤضيع 
.الانسان دون أن يعى ماهيته ٠‏ ثم تقدم الدين أئ تقدم الوعى بالذاث:.-ؤعى 
.الانسان بذاته ٠‏ فرفض الدين السابق متصورا .أنه .حضل على موضوع أسمى 
وأعلى من قوانين الطبيعة .» ويتصور أنه من خارج الطبيعة: ضع أن ٠‏ الطبيعة 
هى. الأساس ٠‏ يرمى فيورباخ. من ذلك الى ديان أن التمتنارض بين الالهى 
|والانسانى مجرد وهم لان الدين هو علاقة الانسان بذاته: » وذاتة كموجود آخز: 

(5) هذا ما استفاده فيورباخ من لسنج وفلسفة التنوير ٠‏ انظر كتابنا : لسنج : 
تريية الخنسش البشرى ؛ دار الثقافة الجديدة , القاهرة لالأ9١ ٠‏ ش 


456 


فالوجود الالهوى ليس الا ماهية الانسان مستقلة عن حذود الانسان الفردى 
الواقغى الموضوعى المدسم ٠‏ فكل تحديدات الوجود الانسانى هى تحديدات 
ماهية الانسان ٠‏ ولا يتعلق الامر بالمحمولات فقط بل يمتد الى الموضوع ذاته ٠‏ 
وبامتالى فنفى الذات الجاد ولاتدين أكثر من نفى الصفات٠‏ ولكن الغاء الصفات 
الغاء للذات لأن الصفات هى التى. تحدث الأثر والفاعلية وكما تقول المعتزلة ٠‏ 
نفى الصفات نفى للذات, والذات بلا صفات موجود غير موضوعىء والموجنرد 
غدر الموضوعى غدم وجود ٠‏ وعلى: عكس اثيات الصفات ثم اثيات الذات » 
وكما تقول الاشاعرة » هذا النفى نتاج العصر الحديث ٠‏ 


يتحول الله الى موضوع عندما لا يصبح موضوعا للمعرفة مع أن هذا 
الهجبن نفى لله 2 كما يمكن نفى صفات الله عن طريق التجسسيم والتشبيه 
وارجاعها الى الانسان ٠‏ ولكن الفرق بين الله فى ذاته والله بالنسبة للانسان 
ددمر هذا الموقف الدينى. ٠‏ ولمكن يظل المتدين سيعيدا لأن الله اله له 2.وهى 
سعادة وهمية ٠‏ يود كل دين التوحيد بين الله فى ذاته والله بالنسية للاذنسان 
والا ظهر الشك واللاتدين . وكلاهما ضد الدين ٠‏ لو كان الله موضوعا 
العصفور فاته لن يكون موضوعا الا من حيث أن له جناح » فالءصفور لا يعلم 
وجودا أكثر سهادة من الوجود المجنع ! 


الصفات الالهية اذن صفات انسانية » وعدم الاعتراف بذلك شك وعدم 
اءتقاد بل جين وضعف وخنؤع ٠‏ واذا كانت الصفات انسانية فالذات أيضا 
انسانية ٠‏ يجعل الانسان الحب صفة لله لآئه يحب ٠‏ ويتصوز الانسان حكيما 
خيرا لأن الانسان يتصور الحكمة والخير أسمى مافيه ٠‏ ويعتقد أن الله 
موجود. لأنه يوجد * والقرق بين الاثنين هو ان عزى الصفات لله بالتوسط 
وللانسان بالمباشرة ٠‏ الصصدفة حقيقة الذات » والذات صفة مشخصة ٠‏ الذات 
والاصفة مثل. الوجود والماهية 2 ونفى أحدهما نفى للآخر ٠‏ وماذ!ا يبقى من 
الذات الانسنانية لو ائتزعنا عنها صفاتها ؟ كما أنذا فى لغتنا العادية نستبدل 
بالذات الالهية صفاتها: ٠‏ هذا التميز بين الانسان والله.لا يوجد الا فى هذا 
العالم ٠‏ ففى العالم الاخر لا يكون للانشان ارادة أو عقل أو حب مستقل. ٠‏ 
فالأرض أو وجود الانسبان .فى العالم هو سبب الافتراب.أى تمايز الذات عن 
صفاتها ثم تشخيص صفاتها فى ذات مستقلة عنها ٠ ٠‏ 


أن يقين الانسان بوجود الل. هو يقينه بوجود ذاأته » وليس يقينه بوجود 


اع همه 


ذات الله , كما أن يقين الانسان بصفات الله هو يقينه بصفاته وليس يقينه 
بصفات الله ٠‏ فهى يقين غير مباشر ٠‏ وحقيقة الذات والصفات ‏ الانسانية هى 
الضدمان. الوحيد لوجود الذات والصفات الالهية ٠‏ وكل ما يتمثله الانسان على 
أنه حقيقى يكون أيضا واقعيا وليس خياليا » حلما أو تمثلا ٠‏ فالوجود هى 
الحقيقة ٠‏ فى البداية يقيم الانسان الحقيقة على الوجود ثم يقيم فيما بعد 
الوجود على الحقيقة ٠‏ فالله هى ماهية الانسان المدرك كحقيقة عظمى ٠‏ والدين 
هى الحدس المطابق لوجود الانسان ٠‏ الشبك فى الله اذن شك فى الذات ٠‏ 
ويتضح تماثل الذات والموضوع بصورة أفضل فى تطور الدين المتماثل مع 
قطور الحضارة الانسانية ٠‏ فاذا كانت صفة الانسانية بدائية كانت صفة الله 
بدائية كذلك ٠‏ والملدد العادى هو الذى يلغى صفات الله فى حين أن الملحد 
الحقيقى هو الذى يلغى صفات الانسان ٠‏ ليس للدين مضمون خاص به »2 
ولا يوجد فى الدين الا ما يوجد فى الانسان فى وعيه بذاته ووعيه بالعالم. ٠‏ 
ونحن لا نعرف من الله الا الصفات الانسانية ٠‏ أما باقى الصفات التى 
لا تشابه الانسان فلا نعلمها ٠‏ وهذا أيضا سر انسانى » فالانسان لا نهاية 
لصفاته ولغناه ٠‏ وقد جعل اسبيذوزا الله عددا! لا نهائيا من الصفات لم يعد 
منها الا الفكر والامتداد ٠‏ والصفات شخصية وليس ميتافيزيقية ٠‏ والله 
شخص ؛ مشرع » قديس » عادل » خير » رحيم اب للبشر ٠‏ وهى كلها صفات 
انسانية ٠ ٠‏ ْ 


( ولكن اللاهوتى يرفذن هذ! التوحيد بين الله والانسان » ويعطى لله 
ما يسليه عن الانسان » ويعطى للانسان مأ يسلبه عن الله ٠‏ وهذه سرقة ذهنية 
وصادية نفسية٠‏ أما الراهبفانه يعوض عن حديهالجنسى المفقون وحبه الانسائى 
حيه لله وللسدماء وللعذراء ٠‏ تغيب عنه المرأة الحقيقية فتحضم له المرأة المثالية 
وكلما ضحينا بالحس أصبح الله الذى نضحى لأجله بالحس حسيا ٠‏ قالراهدة 
عروس الله » لها زوج سماوى وكآن فيورباخ هنا يسبق فرويد وما يقوله فى 
الكيتث والدرمان والتعوريض والاعلاء ٠‏ يثدت الانسان لله اذن ما ينفيه عن 
نفسه ٠‏ وبااتالى يكون الدين تجريد للانسان , واغتراب عنه ٠‏ وتزييف له ٠‏ ان 
أفكار الانسان عن الله من الارض وليست من السماء » فالكه يقوم يما يقوم به 
الانسان » يدب ويعلم , وبالتالى يذكر الانسان ذاته كلما أثبت الله ٠‏ والحقيقة 
ان الانسان هو الرضا- الذاتى للانانية الشخصية ٠‏ ينكر الدين الخير كصفة 
للانسنان فالانسان شرير فاسد .2 عاجن عن فعل الخير ؛ واللهة وحده هق 
الخير ٠‏ المقدس فى لخطيئة الانسان ٠‏ ونفى الخطيئّة فصل الوجسود عن 

( دراسات فلسفية ) 


د 4اع ‏ 


المافية ؤهما متهدثان ٠‏ والحقيقة أن اعتيار الانسان عاحزا عن فعل الخير 
يؤّدى الى اعتبار الله كذلك وهو الالحاد ٠‏ فالدين مقدمة للالماد ٠‏ وهنا 
هن معذى + الصراع القديم دين أوغسطين وبلاجنوس ٠‏ فقد جعل بلاجيوس 
الاثمنان الها فى حين جعل أوغسطين الاله انسانا ٠‏ والأوغسطينية بلاجية 
مقلوية ٠-‏ فا “جفله بلاج ذاثتا جعلة أو غسطين موضوعا ٠‏ أوغسطين يعطى 
الله ويسلب"عن الانستان ' وبلاجيوس يسسسلب عن الله ويعغطى للانسات : 1 
أ وغشظين ممثل اللاهوتى المغترب» وبلاجيوس هو الانثروبولوجى الفيورباخى ٠‏ 

أو غسطين شو “اللاهوث المقلؤب: » وبلاجيس هو الانثروبولوجى ٠‏ أوغسطين 
فى المزيقت > وبلأجيوس' هى الصحيح ) ٠‏ 


( الله هئ ماهية الانسان الذاتية -وكلما كان الله انسانيا كان ذاتيا ٠‏ 
وكما ان الانشان لا يرى الا ذاته فانه الله لا درئ أيضا الا ذاته أى الانسان 
فالانسان موضوع الله ٠‏ ثم يغترب الانسان ٠‏ وينزع ماهيته ووجوده هن ذاته 
بفغلئ الخذب والطرد * ويصبح الله الذى كان يفعل فى ومعى وبى وعلى ولى 
وقد خرج من أحشائى فيغترب الانسان ٠‏ لا يعود التقدم للبشرية الا اذا استرد 
الانسان من أحشاءه المنشورة خارجه بعد دقر يطنه واسترد صفاته ٠‏ وهذا 
هى تطور الدين من اليهودية الى المسيحية ٠‏ ونقول أيضًا ومن المسيحية الى 
الاسلام ادينا أو الى التنوير لديهم ٠‏ فقد كان الله كل شىء فى اليهودية حتى 
في الطعام ثم أصصبح. الله فى الانسان فى المسيدية ثم أصيح الله هو الانسان 
الكامل فى الادسلام وعند فيورياخ ٠‏ وبالتالى يكون الحاد اليوم هو 
دين الغد ) . ْ 


ثانيا : الجودر الحقيقى أى أنثروبولجيا الدين : 


يضم « جوهر المسيدية » قسسدمين أساسيين : الأول » الجوهر الحقيقى 
أي .اذثروبولوجيا الدين ٠‏ والثانى الجوهر المزيف أي ثيولوجيا الدين ٠‏ يبدأ 
فيورباخ بالايجاب قبل السلب , وبالاثدات قبل. النفى ٠‏ فالاغتراب الدينى يتمثل 
فى ذيولوجيا الدين . وهى موقف دينى مزيف نتج عن تصوير الثيولوجيا على 
أنها علم . الله يتحدث عن ذات الله وصفاته وافعاله 2 ويجعمل الله موضوعا 
مستقلا عن الانسان 2 متجسمأ فى وثن . ذفسى مشخص. فى الخارج فى حدين أن 
الدين فى.. وصفهة. الصحيح. وهوى. أنثروبولوجيا الدين. موقف انسانى صحديح 
درجع.للذات مأ ساب عنها من قبل » ويعدد الى الانسان أأاخص خصائصه في هى 


ةا 


الصدفات مثل: الوجود والكمال ٠‏ يصف فيورياخ الوضع الصحيح أولا دم 
الوضع المزيف ثانيا كى يبين الاغتراب الدينى أى انحراف الانسان خارجا 
عن ذاته ومتعاليا عليها ٠‏ فالاغتراب طارىء على الصحيح وليس ناشكا منذ 
الدباية كما يقول الوجوديؤن : ان الانسان يوجد فى العالم مغتريا ٠‏ ويكون. 
القضاء على الاغتراب والعود الى الحقيقى هو عود الى طبائع الاشياء 
الصحيح هو الاساس ٠»‏ والاغتراب هو العرض ٠‏ واذا كنا جميعا مازانا 
مغتربين فان تطورنا يشير الى العودة الى الاساس ٠‏ فالانثروبولوجيا هى علم 
المستقبل . ومبادىء فلسفة المستقبل ٠‏ 


ويعرض فيورباخ لموضسوعات الدين الحقيقى : الله كميدا وكقانون 
وكعاطفة وكمال وكوحدة وكصفات مثل الكلام والخلق والعناية والقدرة ٠‏ كما 
يتحددث عن الاذدسان : ايمائه وبعثه وحياته وخلوده « مبينا أن الدين فى جو ره 


هى انثرودبيولوجيا آى وصف للانسان قبل أن يقع فريسة للاغتراب ٠‏ 


2 كان الدين هو قسمة الانسان على نفسه‎ ١1 : الله كموجود ذهنى‎ ١ 
لقد قسم‎ ٠ فالله غير الانشسان والانسان غير الله » فالش كامل والانسان ناقص‎ 
الانسان نذفسة الى وجود ؤماهية٠ وأعطى لنفسه الوجود الناقص ولله الماهية‎ 
وتم ذلك يفغل الذهن٠ وأصبح موجودا ذهنيا من طبيعة العقل * حدث‎ ٠ الكاملة‎ 
ذلك عند اليونان والمشامين والمسيديين المتآخرين كما حدث فى الفلسفة العقلية‎ 
الأوربية * يجهل العقل الآلام والقلب والرغيات والوقائع الخاصة ولا يقدم الا‎ 
, منزها عن أوصاف التشبيه‎ ٠ أصبح الله لا شخصيا غير مجسم‎ ٠ العموميات‎ 
2 لا ينفعل ولا يخضع للاهواء , ماهية مجردة لانهائيا لا ماديا 2 لا حسيا‎ 
٠ لا يمكن تصوره ؛ ولا يعرف الا بالتجريد.. وعن طريق السلب‎ 


الله فكر عام 2 ضرورة خاصة ٠‏ الذهن مقياس للواقع » وكل مايخرج 
عن الذهن فهو عدم الذهن ٠‏ هو الأنطولوجيا القديمة الذى منه خرج اللاهوت 
الانطولوجى الذى يستنيط وجود الله من ماهيته فى الذهن كما هو الحال فى 
الدليل الانطولوجى عند أنسليم وديكارت ٠‏ لقد كان ذلك نصر كبير علئ الوثنية 
الحسية الخارجية ٠‏ ولكن الصنم الحسى تحول الى وثن عقلى يعزى اليه 
الوجود ٠‏ ان وحدة الله من وحدة الذهن ٠‏ ولانهائية الله من لانهائية الذهن 
فى مقابل التناهى والتعدد ٠‏ وقد هدم كانط الدليل الانطولوجى مثبتا استحالة 
استنباط الوجود من الفكر . والموضوع من المحمول ٠‏ يقول كانط : عندما 


7 اا - 


أفكر أكون .على وعى :بان هناك ذاتا تفكر وليس شيئًا آخر , وبالتالى فانا 
جوهر » أو قد لذاتى دون أن أكون محمولا للوضوع آخر ٠‏ ويخلص فيورباخ 
من هذ! التحليل بان الله ماهية الانسان بعد أن-تم تجريدها فى. الذهن ٠‏ 


وبالتاللى يدنى قدرة الذهن على أدراك الماهيات وشى حفيفة أنسائية متضمنة 
فى نظرية المعرفة ٠‏ 


" ا سس التجسد أو الله كموجود خلقى أوقائون : الله من حيث هو 
كامل اخلاقيا ليس الا الفكرة أو الماهية المتحققة فى القانون الاخلاقى » فالله 
ليس فقط ماهية عقلية مجردة أو ميدأ عقليا خالصا ولكنه أيضا قانون خلقى 
أى مبد عقلى يظهر فى سلوك الانسان الاخلاقى ٠‏ فالوجود الاخلاقى للانسان 
موضوع كموجود مطاق لأن الله الاخلاقى يتطلب أن يكون الانسان مثله ,2 
والانسان الاخلاقى يتطلب أدضا أن ديكون الله مثله ١ ٠‏ الله مقدس ويجب أن 
ذكون مقدسين مثلما هو مقدس » ٠‏ يقول كانط يمكن أن يقال أن الله هى 
القانون الذلقى ذاته ولكن تم تشخيصه بالفكر ٠‏ ولكن هذا الموجود الكامل 
يتركنا باردين ٠‏ فارغين ٠‏ فنصبح وعيا بلاقلب ٠‏ الذهن يحكم طبقا للقانون , 
والانسان يعيش بالقلب ٠‏ القانون يخضع الانسان والقلب يحرره ٠‏ ان الحب 
وحده هى الذى يجعل الدندليب مغنيا ٠‏ القانون يقهر الانسان فيقابله الانسان 
بالتوبة والاستغفار ٠‏ نفى الانسان اذن هى نفى للدين ٠‏ ولما كان الانسان هى 
حياته الباطنية فان الله يظهر من خلالها ٠‏ ولد الانسان فى الالوهية والالوهية 
وطنه ٠‏ يوجد حيث نشا ٠‏ الله اذن فكرة وقانون أو كما نقول عقيدة وشريعة 
للانسان +٠‏ 


الله كموجون قلوى : ليس الله فقط مبدأ عقليا وقانونا خلقيا بن هو 
أيضا حب الهى ٠‏ فالحب وسيلة التصالح بين الانسان والله أى بين الانسان 
ونفسه ٠‏ والتجسد هو الظهور الحسى الفعلى للطبيعة الانسانية لله بفعل الحب٠‏ 
لم يظهر الله كاذنسان لنفسه بل لحاجة الانسان الملحة للحب ٠‏ 


...كان الله الها انسانيا قبل ان يصبح الها فعليا ٠‏ وفعل ذلك بواقع من 
رحمته نظرا للحاجة الانسانية وللشقاء الانسانى ٠‏ التجسد دمعة ساخنة 
الهية على وجه العالم » وجود مفعم بالعواطف الانسانية بل وجود انسانى 
خالص : كان الانسان الها قبل أن يصبح الله انسانا وليس كما قال أوغسطين 
أصبح الله انسانا حتى يصبح الله انسانا ٠‏ فالوهية الانسان سابقة على 
انسانية الله لأن الوهية الانسان هى التى جعلت الله انسانا ٠‏ يقول اللاهوت 


- 65١ 


ان الشخص الثانى هو الذى تجسد ٠‏ والحقيقة أنه الشخص الاول أى الله 
نفسه وليس الابن أو الروح القدس ٠‏ ولكن ليس التجسد واقغة مادية تاريخية 
كما يدعى اللاهوت , فهذه هى المادية الفجة , بل حقيقة انسانية خالصة , 
وهذا ما تضيفه الانثروبولوجيا على الفلسفة التاملية ٠‏ لا تعتبر الانثروبولوجيا 
الصيرورة فى الانسان سرا خاصنا مدهشا كما هو الحال فى الفلسفة التاملية 
ذات المظهر الصوفى بل تقضى على الس فوق الطبيعى ٠‏ وتنقد العقيدة » 
وتحللها الى عناصرها الطبيعية المفطورة فى الانسان الى داخله وبؤرته 
وهو الحب ٠‏ 


( تعنى العقيدة ان الله هو الحب ٠‏ وان الحب جعل الله يتخارج “عن 
هويته ٠‏ فالحب أقوى من الله ٠‏ وكما قال القديس برنارد : اذا لم نضحى 
بالل من أجل الحب فاننا نضحى بالحب من أجل الله ٠‏ الله ليس محايد! , 
ليس دعيدا » فكل صصدلاة هى تجسد لله . والله ذو شفقة وعطف وحنان ٠‏ الصلاة 
تقرب الله للشقاء الانسانى » فال يحب الانسان ٠‏ له ابن والله آب ٠‏ علاقة 
الله بالانسان فى التدسد علاقة الآب بالاين » علاقة حب وعطف وشفقةوليست 
تناقضا كما تدعى الفلسفة التأملية ٠‏ الحب وحده هو قلب الانسان ٠‏ واذا 
كان الله يحب الانسان فالانسان هو قلب الله ٠‏ اليس حب الله للانسان هو 
حب الانسان لنفسه متموضعا ومحدسا كحقيقة مطلقة ؟ ولقد أدرك لوثر من 
قيل ان المسيحية هو دين القلب ٠‏ فمن يدرك فى قلبه هذه الحقيقة أن الله 
أصبح انسانا يجب عليه اسم الجسد والدم ان يحب فى هذا العالم كل جسد 
ودم ولا يعادى أى انسان حتى يكون له مكان فى العالم الاخر على يمين الله ٠‏ 
سر التجسيد اذن هو الله كموجود قلبى ) ٠‏ 


سس الله المتالم : من تحديدات الله الذى يصبح انساذا ان المسيح 
هو الالم ٠‏ الله يتألم من أجل الاخرين. وليس فى ذاته ٠‏ وهذا يعنى أن التالم 
من أجل الاخرين الهى ٠‏ ولما كان الله. هو مجموع الكلمات الانسانية والله 
المسيح هو مجموع الشقاء الانسانى فان الكمال يغطى على الحب , ويتاكد 
الحب فى الالم ٠‏ الالم خلقى وارادى كما هى معروف فى الآم الحب » قوة 
التضدية من أجل خير الاخر ٠‏ 


ان تاريخ المسيحية هو تاريخ الام الانسانية فى حين ان تاريخ الوثنية 
در تاريخ الملذات الحسية ٠‏ والمسيح على الصليب لا يمثل الملخلص بقدر ما 


ل6539590 سه 


يمثل المصلوب المتألم ٠‏ ومن ثم صلب الذات الم فى حين أن. الصور الديذية 
فى الوثنية كما لاحظ أوغسبطين وعدد من آباء الكنيسة تدعو الى الاباحية ٠‏ 
وكما .أن سدقراط يفرغ الروح من الآلام ويعيش فى. بهجة الموت فان الممسيحى 
يصديح « لى كان بالامكان أبعاد هذا الكاس عنى » كما صاح المسيح على 
الصليب ٠‏ الله يتالم يعنى ان الله قلب ٠‏ فالقلب هو الالم : والموجود بلا الم 
موجود بلا قلب ٠‏ سي الله المتالم هى سس الحسباسية . وال المتألم هى اله 
حساسية , اله حسى ٠‏ الدين اذن هى انعكاس الوجود الانسانى فى ذاته ‏ فالله 
مرآة الانسان ٠‏ ولا يستطيع الانسان أن يعتقد شيئًا الا اذا كان فى وجوده 
الخاص ٠‏ ففى الانسان توجد وحدة الطبيعة والروح ٠»‏ وما يعتيره الانسان 
روحا هن :جنء من طبيعته. ٠‏ الذى يتالم هى. الانسان وليسن المسيح ٠‏ 


سر القثايث وام الاله : كما كان الوجود الكلى هى الذي يعبر عن 
الانسان الكلى فان وعى الانسان بشموله هى الوعى بالتثليث ٠‏ يرجع التثليث 
إلى الوحدة بين التحديدات أو القوى التى تظن انها منفصلة ؛ يعنى التثليث 
وحدة الشخصية الانسانية فى مقابل تعدد قواها » ووحدة الجماعة الانسانية 
ى هقابل تكاثر أفرادها ٠‏ التثليث صسسورة لشىء حقيقى واقعى كما قال 
أوخسطلين من قبل , مثل الروح والذهن والذاكرة والارادة والحب ٠‏ تموضع 
الوعى بالذات هو أول شخص فى التثليث , فالوعى بالذات الالهية ليس الا 
الوعى باعتباره ماهية مطلقة أو الهية ٠‏ التثليث هو الوحدة بين الانا والانت' 
الله الآب هى الأنا ؛ والله الابن هى الانت , الأنا الذهنى , والانت هو الحب ٠‏ 
واجتماع الذهن والحب أو الانا والانت هو الروح أو الانسان ٠‏ والله الذى 
يستبعد الحب والاخر والجماعة اله متعسف ٠‏ ان الحياة المشتركة هى وحدها 
الدياة الالهية الحقيقة المكتفية بذاتها ٠‏ وهذه هى حقيقة التثليث على نحو 
غير مباشر أى ملقوبة من. الانثروبولوجيا الى. الثيولؤجيا ٠‏ الروح القدس 
هى الوحدة بين الله والانسان ٠‏ والحقيقة لا يوجد الا.شخصان , نالثالث 
هو الحس أو العلاقة ييذهما. : ولما كان الحب هوى. القلب » والقاب هو الانسان 
أصبح الشخص الثانى هو التأكيد الذاتى.للانسان ؛ وهى الذى يشارك فى 
الضماعة ٠‏ هو-الحرارة , والآب هو النور . والثور صفة للابن ٠‏ الابن هى 
لوعة الحب والحماس ٠‏ الابن هو الله المتجسد .. انكار الله.الأصلئ ٠‏ نفى 
الله شت * 


فاذ! كان الاين متناهيا يكون الله بلا أساس » يستولى الابن على القلب 


عر 2 


لأن الاب الحقيقى للابن الالهى هو القلب .الانسانى لأن الابن ليس الا القلب 
الالهى أى القلب الانسانى موضوعا: اذاته كموجود الهى ٠‏ فالأب والابن فى. 
التثليث ليس لهما معنى مجازى بل لهما معنى حقيقى ٠‏ التثليث أذن تموضم 
الدين داخل. الدين ٠‏ ولما كان الحب فى حاجة الى شخص انثوى لأن الروح 
القدس غامض .وعام كانت مريم هى- التوسط بين الأب والابن ٠.‏ لم تكن مريم 
فى علاقة.مباشرة لأن المسحيين يتصورون العلاقة بين الرجل والمرأة خطيئة..٠‏ 
ولما كان الدب بلا طبيعة وهم وخداع وسراب فقد ازاحت البروتستانتية. ثم 
الاله جاذبا بالرغم من عودتها الان ٠‏ لم تكن البروتستانتية فى حاجة الى أم 
سماوية لأنها استقبلت بالاحضان الام الارضية برفضها نظام الرهبنة وعزوبية 
القساوسة ٠‏ التذليث لا يعنى. هذا المعنى الا فى الكاثوليكية , وأم الاله لا تونى 
شيئًا الا للراهبات والرهبان تعويضا عن الحرمان أو فى أحسن الإحوال 
اعلاء وتسباميا بالغريزة ٠‏ ويعنى التثذليث بوجه عام الغنى فى مؤاجهة الفقر., 
والاشباع فى مقابل الحرمان » والجماعة كنقيص العزلة » والحس الذى يعكس 
المجرد ٠‏ وكلما كانت الحياة فارغة امتلا الدين ٠‏ الفقير وحده له غنى , 
فالله يكفل نقص الانسان ٠‏ ما يغيب عن الانسن يوحد فى الله 2 وما ديحضر 
فى الانسان دغيب عن الله ٠‏ هذه هى الدلالة العملية لهذه القضية النظرية ٠‏ 


التثليث تخض الشخص الثانى ‏ فان المعركة فى المسيحية :كانت حول ابن الله 


85 11111ظ المتحسذن معه فى الجسوهر 111212701101058 
( بفارق 06 . فالله مجرد وبارد بلا صورة 1 واأصورة أمصدرها 


الخيال ٠‏ والشخص الثانى فى الله من قوة الخيال ٠‏ فالابن صورة الله , 
يتعلق بوجوده ٠‏ ووجوده صورة الله لتخيل الله ٠‏ والصورة تحل محل الشىء 
ثم تأتى عبادة المقدس فى صورة كعبادة الصورة كمقدس ٠‏ فاللصورة جوهر 
الدين ٠‏ وقد اعترف القديس جرجوار النيسى أن تمثل قربان اسحق (اسماعيل) 
جعله يذرف الدمع ويجعل هذا التاريغ المقدس حيا ٠‏ فالاين كلمة الله هى 
صورة الكلمة 277656 , صورة مجردة خيالية تعنى الكلمة والتعبير, 
فالحالم يتكلم ٠‏ والمجنون يتكلم ٠‏ والشاعر يتكلم ٠‏ الكلمة تعنى التخارج 
باللغة ٠‏ الكلمة ثورة تعدير وايصال ٠‏ الكلمة تحرر للانسسان ٠‏ والذى 
لا يستطيع أن يتخارزج يكون عبذا ٠‏ الكلمة فعل'الحرية ٠‏ الكلمة حرية ٠‏ 
الكلمة حضضنارة ٠‏ كلمة الله هى الهية الكلمة ٠‏ وهكذا تجد العقيدة حقيقتها 
فى الانسان ٠‏ 


55# سه 


لا سر الميرا الخالق للعالم فى الله : طالما أن الله يكشف عن ذاته 
ويتخارح ودعددير عن نفسيه فان الشخص الثاذى دكون: هو الميدا الخالق العغالم 
فى الله ٠‏ فالعالم ليس هدو الله . هو الآخر . ضيد الله ٠‏ ولكن مايخرج من 
الله دظل ١فذيه.‏ 03 ويظل الاخر ‏ على وعى بانفصاله عن الله 2 والله على وعى 
بتخارجه ٠‏ التمايز الذاتى:. ‏ 00115656261861052]ننثظ فى الله هو أسداس ما 
يختلف عنه ٠‏ ولا كان الوعئ بالذات أساس العالم نظرا لوحددة الذات: 
والموضوع ٠»‏ فالله دفكر فى العالم عندما يفكر فى ذاته » على طريقة أرسدطى 
والفلاسفة المسلمين ٠‏ التفكير تولد , والتفكير فى العالم خلقه ٠‏ الله يفكر 
ويضع دم.وضوع تفكدره ١‏ فالادن هو الله عندما: يفكر فى ذاته موضؤعيا' 3 
صورة الله الاولى ٠‏ وكما يخلق الفكر موضوعه تضع الانا الاخر ٠‏ الوعى 
بالعالم فو ى غعى بحدودىي 2( فالانسان دى الموضوع الاول للانسان « والانسان 
هو اله الانسان , اذا وجد تحول الى طدبيعة واذا وجد انسان آخر فانه يوجد 
الا اذا تكلم بصضوت مسموع لذلك كان هوبز على حق فى استذباط الذهن من 
الاذان , فان الاين هو حكمة الله وعلمه وذهنه أى كل شئء متغلق بالاشياء 
الروحية ٠‏ الله والعالم لا يتمايزان 'الا على نحو مجرد ٠‏ 


سر التصموف أو سر الطريعة فى الله : ان نظرية الطبيعةالابدية فى 
الله هذه الخيالات الكونية اللاهوتية التى وضعها جاكوب بوهيمه والتى. اعاد 
شلنج صياغتها جديرة بالتحليل النقدى ٠‏ الله روح خالص » وعي واضح 
دذاته » شخصية خلقية ٠‏ وعلى الضد من ذلك الطبيعة مختلطة غامضة 
لا خلقية أو غير خلقية ٠‏ ولكن من التناقض صدور غير الخالص من الخالص, 
والفموض من الوضوح ٠‏ وبالتالى فان النظرية مادية مغلفة بالتصوف ٠‏ فى 
هذه النظرية الثنائية فى الله يكون الموضوع الحقيقى مرضى 6نايذع5962010 
والموضوع المتخيل هو اللاهوت أى أن الباثولوجيا النفسية تحولت الى 
ثيولوجيا ٠‏ فتاريخ المرض الانسانى هى تاريخ المرض الالهى ٠‏ وكلاهم سا 
مجموعة من الامراض النفسدية والعقلية ٠‏ وهى نفس الافكار المختلطة التى 
تحدث عنها ليبنتز والمأاخوذة من جاكوب بوهيمه والتى حاول شلنج تحديثها 
فتعالى عليها ٠‏ كان بوهيمه متدينا ولكن الطبيعة كما وصفها العصر الحديث 
فى مذهب اسبيذوزا وفى المادية والتجريبية استولت على شلنج فحاول تفسير 
الطبيعة على نحو طبيعى ٠‏ لقد أغنت الطبيعة العواطف الدينية , فالمله غنى 


550 


5الارض ».وكل ما فى الله فى الارض » وكل ما فى الارض فى الله ٠‏ .لقد 
دحيو ر. شانج العلاقة. دينهما عكسية 2 وهى عند بي هيمة طردية 3 


١‏ لقد أرادت نظرية الطبيعة فى الله تأسديس التأليه من .خلال الذهب 
الطبيعى ٠‏ فكل ما يمدحه الانسان ويعظمه هو الله » وما يلومه ويحتقسره 
لا يكون الها الدين حكم شعوري أولا شعورى , والحكم يعبر عن موقف ٠‏ 
الوجود الالهى مأ هق الا ماهية الانسان بعد أن تحولت دموت التجريد “. ديح 
الانسان » روح الانسان المنفصل ٠‏ فى الدين يتحرر الانسان من حدود الحياة , 
يترك ما يقهره وما يخدمه وما يؤثر عليه أثرا سيئًا ٠‏ لا يشعر الانسبان 
بالسعادة الا في الدين ‏ بعبقريته يوم الاحد ! ) 


( وحيث تنتهى الطبيعة ددا الله لان الله هو الحد النهائى للتجريد ٠‏ 
ونتيجة لذلك فكل محاولة لتاأسيس شخص الله بواسطة الطبيعة فانها تتأسس 
على خيط فاسد وسىء بون الدين والفلسفة عن لا وعى وعن غياب كلى للنقد ٠‏ 
فيما يتعلق بنشأة ألله الشخصى فى شخص الله يحتفل الانسان بغياب 
تدديداته الخاصة الخارجة على الطبيءة والمستقلة عنه ٠‏ ولكن الذى يتصور 
الأه كجوهر مثل اسبينوزا سيرفص الله الشخصى أى الله الموضوعى فى مقابل 
الله الذاتى ٠‏ لذلك كان جاكوبى على حق فى اعتبار الله شخصيا ٠‏ ولكن 
شلنج يدخل بدهاء وخبث الطبيعة فى الله الشخصى الذى تكون ماهيته هى 
الشخصية المتحررة التى انفصلت وتم انقاذها من حدود الطبيعة وبالتالى فى 
التناقض ٠‏ فاذا كان شلنج قد اراد تفادى الخلق بالتوحيد بين الله والطبيعة 
فانه لم يسلم من التناقض والخلط , ونقصه التحليل النفسى والتمييز بين ماهو 
مرضى ومأ هو صحيح ) ٠‏ 


امسر الغذاية والخذاق هن عدم : الخاق هى كلمة الله المنطوقة: ٠‏ 
والكلمة الخالقة هى 'الكلمة الداخلية المتماثلة مم الفكر ٠‏ والنطق فعل ارادة, 
وبالتالى فالخلق نتيجة الارادة ٠‏ ولكذها ليست ارادة العقل بل ارادة الخيال, 
الارادة الذاتية اللامحدودة ٠‏ وقمة مبدا الذاتية هى نظرية الخلق من عدم ٠‏ 
وكذلك لا تعنى نظرية قدم العالم أكثر من جوهرية المادة » وتعنى أيضا الخلق 
من عدم , عدم العالم ٠‏ وكل شئء 'يبتدىء ينتهى كذلك : فبداية الشىء تضع 
أيضا على 'مستوئ التضور ننهايته: ٠‏ بدايّة العالم فى أيضا بداية نهايته , 
بمجرد 'الذصول عليه يتم فقده + أوجدته الارادة ثم أغدمته ٠‏ أن وجود 


كا ةد 


العالم وجود زمنى -مؤقت بلا ضمان أو قيمة ٠..صحيح‏ أن الخلق .من عدم 
تعبير عن القدرة: المطلقة. : ولكن. القدرة المطلقة من -.خصسائص الذاتية.التى 
تتخلص من كل التحديدات الموضوعية ثم تحتفل بهذا التحرر » فتعمل على 
قنواها . طليقة من كل قيد : لقد تخولت الذاتية مم الفعل الخر الى موجود 
انسمى' كميدأ قادن قدرة مطلقة للعالم ٠‏ الخلق من هدم نوع من المعتجزة ‏ 
وكما “أن الذلق من:غدم مشابه للمعجزة: فانه أيضا مشاته للعناية لأن العناية 
مشابهة للمغفجزة ٠‏ ان برهان العناية هى المعنجزة - والايمان بالعناية هو 
ايمان 'بالقدرة المطلقة: التى تعذم أمامها كل قوة أخرى ٠‏ المعجزة خلق من 
عدم فى خين. أن .انتاج الخمز عمل طنيعى ٠‏ فى المعجزة تتأكد العناية ويظهر 
الله فيها خوارق العادات 70860556 ناقط :2‏ كما يخرج الشاحر "الحمامة 
من كمه أو الموسى من فمه ' ولكن العناية فى علاقة مع الانسان ٠»‏ وتقوم' 
بأشياء : للانسان: ؟ ولاجّله ولدحقيق ها يريده يتم خرق ‏ قوانين الطبيعة ٠‏ 
المفجزات لا تحدث للجماد أو للحيوات ٠‏ والله ينقذ كل البشر وبخاصتة 
المؤمنين * العناية تفوق 'انسانى ٠‏ تعبر عن قيمة الانسان وميزته على سسائر 
الموجودات ٠‏ تنقذه من ارتباطات العالم القاهرة ٠‏ العناية اعتقاد الانسان 
بقيمته 'على سائر الموجودات الأخرى* الايمان بالعناية مثل الايمان بالخلود ٠‏ 

هو غرون لأن الله يعتنى بى » ويهتم بشأنى ٠‏ مصلحتى هى مصاحة الله 
واراداتى ارادتة » وغايتى غايته ٠‏ فحب الله لى ليس الا حبى لذاتى المؤلهة 
تغبير! عن أذانيتى ٠‏ ثم نقول : ان من يذكر العناية ينكر الله ! ان الأيمان بالله 
هو الايمان بالكرامة الاذساننة . الايمان بالمدلول الانهى لجوقهر الانسان ٠‏ 
كل شىء يوجد للانسان ولا دوخد فى ذاته ٠‏ الله هو الانسان من أجل الانسان ٠‏ 
ان الانسنان هو غاية: الخلق واساسه ٠‏ ونحن لا نفيت الا ذاقنا ٠‏ ( لقد حاولت 
وحدة الوجود التوحيد بين الانسان والطبيعة وكلما تشخصا فيه عزلته عنها ٠‏ 
الخلق علاقة خارجية بين الله والعالم فى حين انه علاقة داخلية بين الذات 
والموضوع ٠‏ ان خالق العالم هو الانسان بوعيه بالعالم » بعمله وارادته ٠.‏ 
لا يمكن استذباط الشخصبية من الله | نلم تكن فيه من قبل ٠‏ أن لم يكن. الله 
هو الوجود الذاتى الشخصى ) ٠‏ ش 


٠‏ , دلالة الخلق فى اليهودية : عقيدة الخلق لها جذورها فى اليهودية 
وهى من عقائدها الاساسية ٠٠‏ ولكن أساسها ليس هى الذاتية بقدر .ما هى 
الانانية ٠‏ لقد خلقت الطبيعة من أجل المصدلحة ,. وأصبحت الطبيعة خاضعة 


لاك د 


للارادة من .أجل المنفعة:- ٠‏ لم يصبل. الوثنيون الى تصوير الخالق بالرغم من 
د هشيتهم أمام حمال العالمم. ٠‏ ظهرت الطبيعة لريهم غاية في ذاتها , , ولم تنفصل 
فكرة. الله عن فكرة. الطبيعة فى وعيهم بالعالم ٠‏ يتولد, الع الى ولكنه غير 
مخلوق ٠.‏ فالجدس النظرى .فى أصله حدس جمالى ‏ والجمال هذا هى الفلسفة 
الأولى. ٠‏ وكما يقول اذكساجوراس : لقد ولد الانسان كى يتامل العالم ٠‏ 
والموقف .النظرى هى. التجانس مع العالم والتآلف ممه ٠‏ ولكن ذا كانت الذاتية 
تحتوى .على. خيال حسى .فقد. تم تصور الطديعة خادمة المصالح . الانانهة 
والتعبير النظرى عن هذه. الرؤية الانانية العملية القائلة بأن الطبيعة فى ذاتها 
ولذاتها ليست الا. عدما_, فالطبيعة أو العالم مصنذوع 0 انتاج الارادة 00 

المنفعة.هو.الاساس الاقصى فى اليهودية..: ان.الايمان بالعناية والايمان 
دالمعجمزة يقومان أيضا على المصلحة الشخصية .» فلا توجد معجزة مضادة 
من يؤمن بها" أصنيحت الظبيعة ‏ "موضوعا. للدكخ : الحر وللفعل الانافى الذى 
بصدق عليها : تخول-الماء الئ جامد م والتراب الى قمل »و الخصا :اين تعبان, 
زالثهر الى دم » والتخجر: الى ماء والشمشش تقف نأو تشير الى*الخلف.. كل 
ذلك يحدث لمصلخة اسرائيل” بأمره 'ياهوه الذى لا يهتم ال باشرائيل » أنانية 
دشخصنة لشعب اسرائيل مستيعدة كل: الشنعوب الأخرى مع التعضضصب المطلق 
لاله اسرائيل ٠‏ ودبيذما كان اليوتان يدركون الطذيعة .بدسهم النظرى ويسمعون 
اثقاما سماؤية فى حركة"الكزاكب لم يتعامل الاشرائيلون مع الطبيعة 
الا بحسّهم المفوى أى بنظونهم ,“ؤلم يدركوا الل الا تقتعتهم:باكل المن ٠‏ بينما. 
كان اليونانى يدرس الانسانيات , الفنون الحرة وعلى راسها" الفلسفة , كان 
الاسرائيلى يعكف على دراسة الطعام لاهوتيا « بين المسائين يجوز أكل اللحم ' 

وفى الصياج تشيع بالخيز وتعلم اننى الرب الهك » * وليدعوق يعقوب أنه اذا 
ما حرسه الله وهو فى الطريق , واذا ما أعطاه خبزا لياكل ولباسا ليلبس , 
واذا ها أوصيلة سنالما لأبيه اذن يكون الله رده ٠‏ الطعام أهم عمل ديذى فى 
اليهودية ٠‏ وبالطعام يحتفل الاسر ائيلى بفعل الخلق «٠‏ ورأى الاسرائيليون الله 
وبعد ذلك أكلوا وشريوا » ٠‏ وهم على هذا الحال حتى الآن 1 يعطيهم الله 
المنفعة » ويتمثلون الانانية فى ثوبها الدينى ٠‏ الله هى الانانية التى لا تسمح 
دفناء عبادها ٠‏ الآنانية” في جوهرها توحيد »2 الواحد. الأنا 1 الانسان حول 
الانسان ٠‏ لا ينشماً الفن إلا في كنف تعدد الآلهة لأن تعدد آلهة ضد الأنانية ٠‏ 


الطبيعة ١‏ عدد العبرانيين : تددجةه لكلمة تسلطية 4 ا لأمر مطلق 2( ولقرار سشحرى 1 


- 458 


كل ذلك ضد الغقل . وهدم له . وضياع للنظز ١٠ما‏ قدم“العالم عند.-الفلاسفة 
الوثنتين فيعنى أن الطبيعة لها مدلول نظرى لانهم يتأملون الطبيعة ولأ ينتفعون 
منها كما يفعل المشيحيون. المعاضرون الذين يأخذون الطبيعة موضوعا 
لاّخاثهم ٠‏ ان عباذة: الطبيعة:هى صورة لتامل الطبيعة وكلاهما لا ينفضلان, 
فدراشة الطبيعة هبادة الطبيعة ٠‏ الوثنية بدايةالبدائية الطبيعية وبالتالى فالخلق 
من عدم ليش موضوعا للفلسفة لانه يقضى على التامل من. أساسه بالاضافة 
الى أنها نظرية غير متسقة: مع نفسسها من الناحية النظرية . وتؤكد المنفعسة 
والأنانية: » ولا تحتوى الا على أمر. ليست موضوعا للتامل بل موضوع للمنفعة 
واللذة ٠‏ هئ فارغة بالنسية للفالسفة التاملية ٠‏ وخطؤها فى أنها ترى. الله 
هو الأول . والانسان هو الثانى فتغلب الوضع الطبيعى للأشياء ٠‏ فى حين أن 
الانسان هو الاول » وماهية الانسان -التى تتموضع أى الله: هو الثانى..٠‏ 


يخلق الانسان الله على صورته ومثاله بغير ارادته وعلى غير وعى 
منه ثم يخلق الله الانساز ن على صورته ومثاله بارادته وبوعي منه ' قوانين 
الطبيعة.هى قوانين الله لصلجة بنى اسرائيل . والارض تدور حول التوراة 
عند فيلون ٠‏ لقد أعطي الله لموسى قدرة على الطبيعة من أجل الخلاص العام 
لبنى اسرائيل ٠‏ هو نار الغضب والانتقام المدمر » الله هو الاسرائيلى بقوة 
الطديعة فى قوة الله أى بقوة الله أى يقوة اناه ووعيه بذاته ٠‏ الله هى الذات, 
أنا اسرائيل ٠‏ الله خلاصنا » اش قوتنا , الله يطيع البطل يشوع لأن الله 
يحارب مع اسيرائيل ٠‏ قالله اله محارب ٠‏ أما الله العام , اله يونس فلم يكن 
يعبر عن دين اسرائيل ٠‏ 


القادر قدرة مطلقة فى العاطفة أو سىس الصملاة : ان ؤعى اسراديل 
هو نموذج الوعى الدينى باستثناء المصلحة الوطنية * ويكفى أمسقاط خدودها 
حتى ترى الدين المسيحى ٠‏ اليهودية هى المسيدية الارضية والمسيحية هى 
اليهودية الروحية ٠‏ المسيحية هى اليهودية بعد تطهرها من الأنانية الوطنية 
وهى فى نفس الوقت دين جديد لان كل تطهير يعبر عن رؤّية جديدة ٠‏ فى 
اليهودية الاسرائيلى هو الواسطة بين الانسان والله . ولم يكن ياهوه ألا شعور 
الاسرائّيلى بذاته بعد أن تموضع فى موجود مطلق وفى وعى وطنى وفى قاتون 
شامل وفى مركز سياسى * بعد اسيقاط الحدودى الوطنية يصبح الانسان من 
حيث هو انسان هى الواسطة بين الانسان والله ٠‏ وكما يضع الاسرائيلى 
ذاته يضع المسيحى ذاته فى الانسان المتحرر , وكما يضع الاسرائيلى 


2925 ده 


احتياجاته: كذلك يفعل المسيحى. ٠‏ فهناك معجزات فى المسيحية مشبيابهة 
للمعجزات فى اليهودية » ليس الهدف فيها مصبلجة. الامة. بل .خير. الانسان 
المؤمن. المسيحى فحسب وليس الانسبان العام الحقيقي. ٠‏ لقد دخلت المسيحية 
الروحانية فى الانانية اليهودية برفعها. الى الذاتية حتى .ولى تمولت الذاتية 
الى اذائية مسبيحية أخرى ٠‏ حولت المسيحية الخير الارضى الى هناء. سماوى» 
لقِدِ تركز اله الشعب السياسى فى اليهودية » فى التوراة , وهو المطلق الالهى: 
ولكن فى المسيحية تحول القانون الى الحب. , الحب الذى يقثضى التضحية 
بكل شىء. من أجل الحديب ٠‏ الله هو الحب الذى يشبع رغيات الانسان ٠‏ هو 
يقين القلب وتأكيد الذات ٠‏ ولا توجد حدود فى الحب ٠‏ بل هو مطلق-اللانهائى ٠‏ 
العاطفة اذن هو اله الانسان ٠‏ والله هى تمتى القلب ٠‏ والصلاة هى التى 
تسمع العاطفة التى تدرك ذاته ٠‏ هى مدى الانا الداخلية , يتخارج الالم فيها 
كما هو الحال مع قيثارة الفنان فيمدو الالم ويتحول الى الحن »2 ويصدبح 
الالم ماهية شاملة ٠‏ ولما كانت الطبيعة لا تستمع الى الام الانسان فانها تتحول 
الى الطبيعة اللامرئية الى الطبيعة الباطنية » يشكو اليهها :الانسبان آلامه , 
فيتخفف منها بهذا العزاء القلبى ٠‏ بهذا التعبير عن الألم وهذا هى سير الله ٠.‏ 
ال دمعة حب تذرف سرا على الشقاء الانسانى ٠‏ الله تنهد دفين فى قرار 
النفس ٠‏ وهنا تود دلالة الصلاة » وهى ليست أقل من دلالة التجسد , 
صلاة الحب والالم ٠‏ ففى الصلاة يحادث الانسان الله ويسميه .أنت. ٠‏ فالله 
هى الاخر المغاير , الانا الاخر , يعترف الانسان له كما يعترف أمام ماهيته 
الخاصة » ودعبر أمامه عن افكاره الخاصة التى يخجل عن التعبير عنها أمام 
الناس ٠‏ الصلاة هو التماثل بين الذاتى والموضوعى ٠‏ الصلاة هي صلة 
القلب الانسانى مع ذاته وفيها ينسى الانسان أن هناك حدودا.لرغباته » ويعيش 
فى سعادة بنسيانه هذه الحدود ٠‏ الصلاة هى قسمة الانسبان لذاته الى 
فسمين ٠‏ انقلاب الانسان على ذاته » وعلى قلبه ٠‏ والكلمة اللاتينية ‏ 028600 
تعنى ما ين القلب بحمله ٠‏ في الصلاة يعبد الانسان قلبه الخاص ٠‏ 


؟ اس الايمان » سر المعجزة : الايمان هو || ليقينبالواقع أى : بالشرعية 
وبالحقيقة غير المشروطة للذات فى مقابل جدودها أى قوانين الطبيعة والعقل : 
موضوع الايمان هى المعجزة ؛ .والايمان. هى: الايمان. بالمعجزة.. وما هى 
موضوعى معجزة هو ذاتى ايمان: «“المتجزة هى الواجهة التخارجذة: للايمان ‏ 
والايمان فى الروح الباطنى للمعجزة ٠‏ الايمان معجزة الزوخ . معجسزة 


9مس 


العاطفة التى تتموضع فى أن لا شىء يستحيل على الايمان ٠‏ والمعجزة هى التى 
تثيت استحالة هذه الاستحالة ٠‏ لا يوجد شك فى الايمان , ولذلك يتحول 
الذاتى من خلاله الى موضوعى ٠‏ والنسبى. الى مطلق ٠‏ ليس الايمان الا 
الايمان بالوهية الانسان , والشجاعة على كشف ذلك ٠‏ الايمان هى يقين 
الانسان. بذاته ٠‏ دقين الانسان الذى لاشك فيه بأن. وجوده الذاتى النسبى 
هى وجوده الموضوعى المطاق ٠‏ .لا توجد حدود. للايمان ٠‏ فالايمان هو الذاتية 
المتحررة من حدودها ٠‏ ولكن بقدر مايرتفع.الايمان يسقط العالم ٠‏ الايمان 
اذن سقوط فعلى للهالم ٠‏ ليست المعجزة الأرضية خارقة للعادة قد تحققت , 
هو نشاط ذمائى من أجل عظمة الله ٠‏ ان فعل.المعجزة ليس فعل فكر لاذها نفى 
لافكر » وليس فعلا حسيا طالما أن المسيحية الحقيقية دوجودة وخالية من 
النفاق والزيف والمساومة ٠‏ الايمان بالمءجزات فى نهاية الأمر ايفان ميت ب 
والمسيحية دين حى - لأنه ايمان بالتاريخ والاشخاص والواقع ٠‏ وهو التاريخ 
الميت » ويكون ذلك خطوة لعدم الايمان ٠‏ لا يكفى. اذن تفسير المعجزة بالعاطفة 
والخيال دون الكشف عن أساسيها فى الايمان ٠»‏ فالايمان لا دكنون"ايمانا 
الا دالمعحجزات + 


١‏ سر البعث والولارة الخارقة للطبيعة : لقد تحولت المعجزات الى 
الى عقائد ولم تصيح فقط مجرد حوادث ٠‏ فمثلا نخد سس البعث فى الرغية 
فى عدم الموت / وفى غريزة حيبع البقاء ٠‏ هذه الرغبة الذاتية تتدول الى 
رغبة موضوعية: الرغبة فىالأمل ٠‏ والعقل غير قادر على تدقيق هذه الرغية: 
فكل البراهين على الخلود غير كافية ٠‏ والعقل غير قادر على معرفتها' أو 
البرفنة عليها ٠‏ العقل لا يعرف الا البراهين المجردة العامة ولا يمكذه اعطاء 
يقين خاص شخصى ٠‏ وبعث المسيح هو يقين الانسان بخلودة بعد الموت » 
الخلود الشخصى ٠‏ وأاصيح انكار البعث جريمة فى المسيحية ٠'‏ فمن ينكر 
البعث ينكزن بعث المسيح ٠‏ ومن ينكر بعث المسيح دنكر المسنيخ ومن يتكر 
المسديح دنكر الله ٠‏ وبالتالى يتحول الدين المسيحى الروحى الى دين بلا روح ' 
دل ان الوذنيين استطاعو! الوصددول الى خلود الروح أو النفس ولكن على نحو 
مجرد لا يكفى المسيديين . ٠‏ ويضم التاريخ المقدس أيضا الولادة المعجزة. 3 
فكلما كان الانسان غريبا على الطبيعة كانت رؤيته أيضا كذلك ٠‏ الانسان الذاتى 
فالأم العذراء ووليدها بين ذراعيها صورة شعجيه 1 والعذرية تصوره الخلقى 


5 


الأددى . ولما كانت العذوية والآأمدومة مثذا قضدتون ذقد أصبحت الى لادة املعجزة 

ى. قلب المسيدى مأسأة ومضمونا للايمان ١‏ يحول المسيّحى والفيلسوف 
الولادة وا موت الى موضى عين صوريين 9 اما الإنسان. الحر فيعترف .يهنا 
كصورة. طبيعية فى دود الطبيعة وطبقا لقانون الطبيعة فى مقابل الخطيئة 
ودينما يعظم الكاثوليك هذه العقيدة و معدي يعتبروذها أساسا للحياة وللاخلاص 
يقال البروتستانت عر أهميتها ويقيمون. الاخلاق على العقل أو القاب ١‏ , ومن 
ثم فرفض العقيدة فيما بعد كما هو واضبح من الخطاب اموجه الى القديس 
برنارد الذى يرفضها ليست فقط رأيا لمدرسة بل هو أسماس للأخلاق ٠‏ 


١‏ سر المسيح أو الله الشخدى": ان العقائد الاسناسية فى المسيحية 
هئ "زغبات للقل يتم تحقيقها ,' فجوهز المسيمية هو جوم العغاطفة ٠‏ 
والشلبٍ يتفق مع العاطفة أكثر“من: العمل + وان يدم الانقان بواسظة آخر 
ئيس بواسطة الذات » وان يتوقف الخلاض: على الاخر ؤليس: غلى” الذات » 
وان تيخب بذل أن يقارع ٠‏ وان يكؤن مندَبويا من الله أكثر من كؤنه مْحَبويا 
من نفسه ٠‏ فالعاطفة هى الانا كمفعول به ٠‏ لقد وصل فشته الى نفس النتيجة 
ولكن انا 'فشته “ليس بها عاطفة لأن المفعول به هى القاغل ولا يمكن تعريفه ٠‏ 
العاظفة تقلب الفاعل الى مفعول., والموجب: الى سالمبٍ ٠‏ لذلك تكون: السعادة 
فى “الدلم : "والفلم :على الضد من الشعور اليقظ::: عنن الحالم يكون الفااعل 
سالبا: والسالب فاعلا ٠‏ 'الحلم هؤ مفتاح' استزان الدين: ‏ والقاثون الأستى 
للعاطفة هو ١‏ الوحدة المباشرة “بين: الارادة و الفعل »بين الرغبة والواقع 
والنخلض وحده هق الذئ يحقق: هذا القائون ٠"‏ للقد تحخدث: الفلاشسفة جِمتعا 
عن التوسط كعامل مهدىء للشعؤر المتوتر “ فالللؤجوسش عند فيلون مغلق فى 
الهواء بين السفاء والأرذن , 'مزة: كموجوذ فكزى' ومرة كموجود وا واقعى ٠٠‏ 
ظل فيْلون متارجها بين “الفلسفة والدين ٠‏ ولكن فئ: المسيدية تجسد هذا 
التوخوس ٠‏ وبالتالى تدول الدين ذخو الوضنوع : أللة مخبة ولكن” المسيخ 
كشنف:عنه * وفى المسيح:تكون العاطفة: على يقين من ذاتها ٠‏ وتتفرد المسيحية 
دذلك لآن 'التجسند لم يكن له أية:دلالة خاصة. عند الأشرقيون ويخاصة الهثون ٠‏ 
المسيحية وخدها هى التى جعلت انسانية الله شسخصيته , فالله موجذر' 
شخصى وأقغى فالل “انسان ٠:‏ الرغبة ضرورة العاطفة , والعاطفة تريذ الها 
شخصيا ٠‏ وهذه الرغبة لا تكون حقيقة الا" اذا .كانث رغبة شخض *' وآلام 
المريح هو اليقين الأسدمئ .» اللذة "الذاتية القصزى العزاء الاقصى العاظفة 
لأنه فى دم المشيح تنطفى الرغبة فى الاله الشخصى ٠‏ 





275 د 


6 - التمديز دين اأسيحية والوثنية : المسيح هو الذاتية القسادرة ؛ 
القلب الذئى تم خلاصه من قوانين الطبيعة , العاطفة التى تستبعد العالم كى 
لا تستبقى الا ذاتها » تحقيق كل رغبات القلب » الصعود الشماوى للجِيتال , 
عيد بعث القلب ٠‏ المسيح اذن هو الذى يميز بين المسيمية والوثنية ٠‏ فى 
المسيحية لا يركز الانسان الا على نفسه وبالتالى يشعر أنه موجود لا حدود 

٠ فى حين أن القدماء قد جعلوا الموضوع ضد الذات‎ ٠» الذات الموضوع‎ ٠ 
السيحيون أحرار أمام الطبيعة ولكن حريتهم ليست حرية الغقل بل حرية‎ 
المسيحيون يحتقرون العالم ولا يعتبرون‎ ٠ حرية المعجزة‎ ٠ العاطفة والخيال‎ 
وتعتبر الانسان الفرد‎ ٠ الا الفرد فى حين تضع الوثنية الانسان مع الطييعة‎ 
الله هو قصور النجدس ( المنطقى ) واعتبازه شخصا‎ ٠ فى علاةته مع الجماعة‎ 
يجعل المسيجيون العقل فرديا خالصا‎ ٠ فى المسنيحية » وهى الشامل فى الوثنية‎ 
لم تدرك المسيحية. الاجناس والانواع » ويبدى ذلك‎ ٠ ويجعله الوثنيون شاملا‎ 
٠ لقد جعلت المسيحية الانسان اله الانسان‎ ٠ فى فكرة الخطيئة في كل انسان‎ 


ال المعنى السبيصى للررهينة اللاية و ولحياة الرهينة : مع اختفاء فكرة 
الحضارة مادام الله هو الفرى شوق الانساة ‏ 1 والله لكل انسان على اتفران  ٠‏ 
الله هى الذاتية المطلقة . الذاتية فوق العالم 2».منفصلة عنه 2» متحررة من 
المادة التى تحردت منى حياة الأجناس وبالتالى. من التميز بالأجناس والأنواع ١ ١‏ 
غاية المسيحى الأساسية هى القطيعة الأساسية , هى القطيعة مع العسالم 
وأنه لخداع تفمى أن يرغب الانسان فى أن يحيا حياة . الرهيتة ٠‏ ولم تصدر 
الرهينة عن الشرق وحده لأنها تنشاا من الروجح ومن طبيعة الغرب بوجه عام ٠.‏ 
دديم .الرهيئة هن. الاعتقاد. المسيحى الضرورى بالسماء الذدى موده المسيحية 
للانسائنية ٠‏ فحدث تكون حياة السماء حقيقة تكون حياة الارض كذيا ٠‏ وحيث 
يكون الخيال وجودا. يصبح _الواقع عدما ٠‏ تفقد هذه الدنيا قيمتها من أجل 
أنطونيوس وحدداه عدبارة المسيح د اذا أردت أن تكون كاملا 0 اذهب وبع كل 
ماتملك واعطه للفقراء فسيكون لديك كنز فى السماء ثم تعال واتبعنى»٠‏ وهذه 
حرية وهم وخذاع ٠‏ يقدس المسيحيون مبدا العذرية والحمل العذرى كمبدا 
للخلاص: كمبدا للعالم الجديد؛ العالم المسيصى ٠‏ فاذا قيل : الحياة ازدواج , 


ب 699 د 


وقد أمر الدين بالتكاثر . وبأن فا ربطه الله فى السلماء لا يمكن حله فى 
الأرض ٠‏ وبالتواصى بالتزاوج فى العهد القديم قيل : الله ذناتى شسخصى »2 
والدب كذلك ٠‏ وهو حب غيور يرفض المشاركة مع آخر " حب الله حب. 
حقيقى وحرفى وشخصى ووحيد ٠‏ أما حب اللمراة فزنا للروح ٠‏ أن من يهتم 
بامرأة لا يهتم الا بأمرها ومن ليس له امرأة يهتم بالله كما يقول بولس - 
يفكر المتزوج فى ادخال السرور: على زوجته أما العازب فائه يفكر فى إدخال. 
السرور على الله ٠‏ فكما أن المسيصى ليس فى حاجة الى حضارة فانه ليس 
فى حاجة الى حب ٠‏ الحب الجضشسى حب خادع ٠‏ حب دنيوى يطرد من السماء, 
ومن يطرد من السماء يطرد ماهيته الحقيقية ٠‏ فى السماء أفراد يلا جذس » 
أفراد خلض ٠‏ ذاتية مطلقة:' ٠‏ والحياة الحقة هى الحياة السماوية ٠‏ 


1١1‏ ب السماء المسيحى أو الخلود الشخوى : ان حياة البعزوبة وحياة 
الزهد دبوجه عام هى الطريق المدباشر الى حياة الخلود السماوى * فالسضاء 
هى الحياة الذاتية على الاطلاق والخارقة للملعادة مع التصرر من الجفنس 
والنوع ٠‏ التمييز بين الجنسين خداع لأن الفرد موجود لا جنسى ٠‏ الخلود 
هو الايمان بالشخصية يلا جدود ٠‏ الله هو السيماء الروجحى : والسسيماء 
هى الله الحى ٠‏ الله هى السماء الذى لم يتطور . والسجاء هو الله المتطور ٠‏ 
الله هى مملكة السدماوات ولكنه فى المستقيل هو السماء الذى هو الله ٠‏ 
الله هنا فى الوجود ولكنه فى المستقبل هو المجرد 2 فالسدق هق ملخص 
السماء ٠‏ الله هو تصور الجنس ( المنطقى ) الذى لم ينفرد ولم يتحقق الا 
هناك ٠‏ الله هو الماهية السماوية الخالصة الحرة , هو تصور الماهية للجياة 
السماوية , هو الحياة المطلقة التى يتم التفكير فيها كسماء , فلا يوجد فرق 
بين الله والسماء ٠‏ الله هى وجودى الدفين اليقينى » ذاتية الذوات » شخصية 
الشخصيات » أن اقيم مستقبلى على حاضرى. » وأن احول الفعل الى مفعول ٠‏ 
الله هو الوجود الذى يقابل عواطفى ورغباتى ٠‏ الله هى القوة الى بها يحقق 
الانسان .سعادته الأبدية ٠‏ وعقيدة الخلود هى آخر عقيدة فى الدين ٠‏ ان لم 
أكن خالدا لما كان الله هو الله ولما كان هناك خلود , وعا كان هناك اله ٠‏ 
الخلود اذن حقيقة تحليلية تتضمن حقائق أولية أخرى ٠‏ لو آمنت بالله لامتلكت 
الخلود أيضا ٠‏ ويتطلب الاعتقاد بالسماء المدح والذم , الثواب والعقاب لأفه 
ذى طبيعة نقدية ٠‏ الجنة للمسيحيين دون المسلمين ٠‏ وللمؤمنين دون الكفار , 
وللأخيار دون الأشرار ٠‏ ليست الحياة الأخرئ الا حياة الانسجام مع العاطفة , 

( دراسات فلسفية ) 


42958 سه 


حياة يمحى فيها الشقاق » ويءيش فيها. الانسان فى تآلف ووئام مع نفسه ٠‏ 

لقد .كان الايمان بالعالم الآخر عند الشعوب البدائية هى ايمان مباشر بالدنيا 
دون تجريدٍ وعمومية » دون قطع معها ٠‏ لا فرق اذِن بين معتقدٍ المسيحيين 
ومعتقد البدائيين الا فى أن الأولين ذوو. حضارة والآخرين بلا حضارة أي فى 
درجة التجريد والعمومية ٠‏ وكما أن الله ليس الا ماهية الانسان بعد أن يتم 
تطهيره من تحديدات الانسان الفردى سواء من الفكر أو من العاطفة كذاك 
فالآخرة ليست الا الدنيا بعد تحريرها وتخليصها من حدودها ٠‏ فاذا هما 
انفصل الانسان عن ماهيته فانه سيرعان ما يعود اليها ٠‏ الاعتقاد بالآخرة هو 
اعتقاد بجرية الذاتية » بخصوص حدودها.فى الطبيعة 2 وهى فى الحقيقة 
ايمان الانسان بذاته : الايمان بالله هي ايمان الانسان بماهيته الحقيقية 
المطلقة بعد أن نقذفها خارج العالم ونجعلها خارقة للطبيعة وفوق طاقة 
الأنسان'* 'الانسان هى بيداية الدين 2 والانسان هو النذقظة المتوسطة فيه . 
والاذتنان هئ غاية الدين ونهايته ٠‏ 


وهكذا! ينتهى فيورباخ هن هذا الومسف الصدحيح للدين على أنه 
اذنثرودؤلوجيا أى وضم الانسان قبل أن يصفه وهو مغتربا زائفا فى ثيولوجذا 
| ذين ٠‏ 


ثالثا  :‏ الجوهن الزائف أى ثدولوجيا الدين : 


دبين: فيورباخ فى القسدم الثانى تناقضات اللاهوت: أى: الذيولؤجيا مدينا 
أن : الثيوالوجيا هى تزييف للانثروبولوجيا وأن ثيولوجيا الدين هو اغتراب 
لأنثروبولوجيا الدين ٠‏ ويكشف عن جوهر.الدين » ويبين التناقضات اللافودية 
فى اثيات وجود الله وفى وصف ماهيته وفئ التصورات الفلسفية لله . وفى 
التثليث..وفى الوحى وفى الطقوس وفى الايمان والحب وفى الانسان بوجه 
عام ٠‏ ويكشف عن هذه التناقضات لا على نحئ جدلى كما هى الحال عند هيجل 
بل يكشف عذها فئ- الزمان وفى حياة الانسان 'وفى شعور الانسان ٠‏ وخل 
هذه التناقضات نارجاعها: الئ مصصادرها الاولية فى أنثروبولوجيا الدين أى 


بالقضاء: عنى الزيف والعود الى الصحيح ٠‏ 


١‏ 0-3 وجهة ااذظض الجوهرية . للىرين : .أن وجهة النظر اأجسوهرية للن ددن 
عملية أي .رن اتية إ فخاية الدين هو الخير والخلاص ٠‏ وسيعادة الانسءان وعلاقة 


#90 به 


الانسان بالله ليست الا علاقة الانسان بخلاصمه . والله ليس الا تحقيق 
الخلاص أو القوة المتناهية لتحقيق الخلاص وسعادة الانسان ٠‏ لذلك كانت 
المسيدية عقيدة فى الخلاص أكثر منها عقيدة فى الله ٠‏ ولا يتأتى الخلاص 
بالحضدول على نعيم أرضى لأنه انحراف من الله بل ان الالام والبؤس والشقاء 
والامراض تعتبر أمتحانذا. من :الله ووسيلة. للتقرب اليه ٠»‏ فالمؤمن المصاب ٠‏ 
وبصرف النظر عما فى ذلك من ماسوشية اللذة فى عذاب النفس ٠‏ فان ذاتية 
الألم تميل الى موضوعية التاليه كتعويض وسند وحماية ٠‏ فى الالم يحتاج 
الانسان الى الله : ويشعر بالله كأنه حاجة ؛ ويدعوه ساعة الضى فاذا كشف 
الله عنه الضر كأنه لم يدعه بالأمس ٠‏ فينبسط الانسان فى السرور والفرج 
وينقبض فى الألم والشقاء ٠‏ فى الألم ينفى الانسان حقيقة العالم ,:وكل 
مايثير الفنان وخياله يضيع معناه » فنغوص فى نفسه , ويلجا الى العواطف 
ويكون مثاليا فى العالم » طبيعيا فى نفسة » مهتما بخلاصه ٠‏ ويضع الدين 
ضمن معتقداته اللعنة. والبركة ٠‏ الادانة والبراءة » الءقاب واللواب ٠‏ 
فالسعادة للمؤمن » والشقاء لمن لا يؤمن ٠‏ ولا يلجا الدين فى ذلك الى العقل 
بل الى العاطفة » عواطف الخوف والرجاء ٠‏ ولا يعرض المسائل نظريا بل 
يوجهها .عمليا ٠‏ فالدين سلوك عاطفى ٠‏ ثم يشخص الدين خارج الانسان 
وخارج الطديعة حاجاته. وأوهامه فى صورة وجود شخص خاص هىو الله ٠‏ 
ثم يعزى اليه الانسان كل الخير ٠‏ كما يعزو الى الشيطان كل شر ٠‏ الشيطان 
هى الشير اللاأرادى الذى لا يمكن تفسيره , والله هو الخير اللاارادى الذى 
لا ١‏ يمكن أيضا تفسيره ٠فالله‏ والشيطان قرينان» والله موجب والشيطان سالب»٠‏ 
ثم يأتى الفضل الالهى للوقوف أمام قوى. الشيطان وقهرها ٠‏ فالفضل الالهىمن 
مخترعات العبقرية الدينية وهو فى الدقيقة المصادفة الدينية لأنه بلا شرط 
أى علة .2 مجانى , يعبر. عن الذات » وليس لله تبرير موضوعى * الفضل ذفى 
للعلل. الثانية وهى العلل المؤثرة فى حين أن العالم مستقل. ويذخضع لقوائين 
الطبيعة ٠‏ وبالتاللى تكون كل الكوئيات الدينية. تحصيل حساصل وخداع ٠‏ 
ولم يزد. الخلق شيئا الا. اضافة قصور آلى للكونيات القديمة. ٠‏ لقد وجدت 
المعجزات فى الماضى ولكذها لا توجد فى الحاضم أو فى المستقبل » فالله تصور 
يكمل النقص النظرى ويفسر مالا يمكن تفسيره ٠‏ ( الله. هو ليل الدين ٠‏ والليل 
بحر الدين » والمعرفة تحل كل لغز., وتوضح كل غامض ٠‏ فيتمول الليل الى 
نهار ٠‏ فتظهر شطان البحر ٠‏ والصلاة عمل الدين الاساسى » تعبر عن جوهره. 
الصلأة قادرة على الاطلاق » وما يرغبه المؤمن التقى فى صلاته يعطيه الله 


52 


اياه ٠‏ والطلبات ليست روحية بل نفعية مادية ٠‏ الصلاة وسيلة خارجة عن 
الطبيعة للسيطرة على. الطبيعة التى يعجن الفعل الانسبانى عن السيطرة 
عليها  ٠‏ الضلاة انكار للعلل الثانية وللدرية وللفعل الانسانى » واثبات 
للحضول على الفغايات عن طزيق الواسطة ٠‏ وحيث يبدا الدين تبدا المعجزات , 
فكل دئلاة صادقة معجزة' » وفعل لقوة خارقة للعادة ٠‏ المعجزة: تعبير عاطفى 
عن الدين ,» وتشبع حاجات عمليّة نفعية » وتقع فى تناقض مع قوانين الطبيعة 
التى تفرض نفسها على العقل “ المعجزة أنانية دينية أو روحية لاشباع حاجات 
المحتاج ٠‏ وباختصار تتمثل وجهة النظر الجوهرية للدين في أن الله هو الأنا 
الآخر . نصف الأنا المفقود , يجد فيه الانسان نصفه الضائع ٠»‏ وفى ان الدين 
قتل للعالم وضياع للفن , وتنكر للواقع اللانهائى وللانهائى الواقعى ٠‏ يكمل 
الدين بال » وينقص نظريته الجمالية ؛ ويضع فى الله غائيته الذاتية ) ٠‏ 


التناقض فى وجود الله : الدين هى علاقة الانسان بماهيته الخاصة 
ولكنها ماهية منفصلة عنه , خارجة منه ٠‏ غريبة عليه بل ومعارضة له ٠‏ وهنا 
يكون الموقف الزائف المعارض للعقل والاخلاق وللطبيعة ٠‏ وهنا ينشا الخيال 
الدينى ليصور الموقف الزائف وليحدث كل اللماسى الدينية فى التاريخ ٠‏ ان 
حضؤز الماهية الانسانية المنفصلة عنه روّية ارادية صبيانية ساذجة تمين بين 
الانسان والله ثم توحد بينهما ٠‏ وبمجرد نشاأة القكر وعمل الذهن واستيقاظ 
الشعور' المزيف ينشا اللاهوت وتتدول الرؤية اللاارادية الى رؤية قصدية 
واعية من أجل تفريغ هذه الوحدة والتمايز خارج الشعور بعد بدايتها فيه ٠‏ 
كلما كان الدين فى بدايتة لم يكن هناك فرق بين الانسان والله ١‏ فكان العبرانى 
القديم يفصل بين الله والانسان فى الوجود ولكنه فى الخسفات يعطى الله كل 
صقات الانسان ٠‏ وقد تم التغلب على ذلك فى اليهودية المتأخرة بالرمن ٠‏ 
وقد حدث نفس الأمر فى المسيحية » فلم تظهر ألوهية المسيح الا متآخرا خاصة 
عند دولس والكنيسة البدائية ٠‏ كانت أول محاؤلة للفصل بين الله والانسان 
واعتيار الله خارج الانسان فى وجود الله ومحاولة البرهنة عليه بالبراهين 
الءقلية ٠‏ ولكن هذه البراهين تناقض جوهر الدين ٠‏ فالله هو ما لا يتصور 
الانسان أعظم منه كما هو الحال فى الدليل الانطولوجى أى ها يعبر عن 
الانسان ٠‏ ( وما يعتبره الانسان أسمى وأعظم ماهو الا هان للعقل واخلاق 
للعاطفة والتمذنى والرغبات ٠‏ فعواطفه اعتقانه هو الله بالفنسدة له فى حين 
أن" الؤجود هن الوجود الحسى العيانى الذى لا يمكن استنباطه ٠‏ ومن ثم يجعل 


ا ”6 د 


فيورياخ. الأحمق على حق وأنسليم على خطا فى المعركة بين اعداء الدليل 
الانطولوجى وأنصاره ٠‏ الدليل الانطولوجى مجرد اسقاط ورغبة تولد المرغوب 
فيه » وتمن يدحول الى وجود ٠‏ الله هى نفس القلب الحسى , وما السماء الا 
المسرح الحر للانفعالات » ولكن الدين لا يعى هذا القياس اللاشعورى ٠‏ ان 
مهمة البراهين على وجود الله اخراج الداخل ٠‏ وتخريج الانفمالات ,2 
وتشخيص العواطف خارج الانسان وليست أثبات أى موجود واقعى فى 
الخارج ٠‏ ومن نتائع هذا التناقض أيضا الالماد 2 وهى تهمة لا توج-ه 
للماحدين بل للمؤمنين الذين ينكرون وجود الله الفعلى. 2» ويؤمنون بماهية 
الانسان المتموضعة خارجه على أنها اله وهو وهم ٠‏ وينتج عن الالحاد ذفى لكل 
المبادىء الخلقية 2 ونفى وجود الله هى نفى لكل أساس للتمييز بين الخير 
والشى ٠‏ بين الفضيلة والرذيلة ٠‏ ويقوم الخيال بدور كبير فى الايقاع فى 
الوهم ٠‏ وقد بدأت دلائل أخرى على وجود الله » وهى التى سماها كاتط 
الدلائل البعدية أى الكونية أى الفيزيقية ابتداء من العاام والدقائق التجريبية 
والمادية المزدهرة فى العصر ولكذها أيضما تبدأ من العالم الحسى ثم تتحول الى 
وهم عن طريق تخيل «موجود فى الخارج ٠‏ والحقيقة أنه أذا ما تم التوحيد بين 
الاعتقاد بالمله والاعتقاد بالمعالم ثم القضاء على الزيف وينتهى الاغتراب ) ٠‏ 


(؟ - التناقض فى الوحى الالهى : الرحمن هو البرهان الوحيد على 
وجود الله ٠‏ فالله يكشف عن نفسه من خلال الوحى » ويرسل دليلا حسيا 
ملموسا على وجوده ٠‏ فالوحى شهادة من الله على نفسة بأئه موجود . الوحى. 
هو البرهان الوحيد الموضوعى فى حين أن البراهين الدقلية ذاتية خالصة ٠‏ 
الله يتحدث ٠‏ ويكلم الانسان ٠‏ فالوحي هو كلام الله للانسان » صدوت يذلب 
الاب » ويستولى على المشاعر ٠‏ الايمان بالوحى هو ذروة الموضوعية الديزية. 
يتصول فيه اليقين الذاتى الى واقعة تارخية خارجية لا يمكن الشك فيها 
لقد برهن الله بنقسه على وجود ذاته ٠‏ وظهر على أنه اله موضوعى ٠‏ لم 
يود الله الها لى بل اله فى ذاته له وجوده المستقل عنى ٠‏ الله هى الرايطة 
المشخصية بين الماهين والجنس ١‏ المنطقى ) ٠»‏ وبين الطبيعة الانسانية والشءور 
الانسانى ٠‏ وباللرغم من ذلك فان الوحى يضم عدة تناقضات : أولا »2 أن 
الانسان لا يمكنه معرفة شىء غن الله » وأن كل معرفة عيث »؛ وان الانسان 
لا يمكن أن يعلم شُنيئًا عن الله الا مايءلمه الله اياه عن نفسه من من خلال 
الوحى ٠‏ المعرفة الانسائية مجرد ظن ورأى فى حين أن الوحى حقيقة ويقين » 


- 258 


وهكذا يتم الذكر المعزفة الانسانية والحط" من قيمتها والشك فيها وهدمها ٠:‏ 
ثانيا » الله يفكر فى الانسان لأنه يرسئل اليه واحيا فالانشسان فقصضدل: الل 
ومحدثه " ولكن بقع اللاهوتى فى خط شذيع عندما يجعل الانسان يفكر فئ 
الله » ويجعل الله مقصذ الانسان وفحدثه أى قلب الانثروبولوجيا :الى 
ثيولوجيا” فى حين أن سر الثيولوجيا فى الاذفرودولوجيا ‏ “ ثالثا ...الايمان 
بالوحى ايمان: صدبيانى ٠‏ مرتيط بالمزاخل الاولى . لتطور البشرية .٠‏ الؤهئ' 
تردية التجنس البشزئ من الطفولة الى المراهقة الى الشباب ٠‏ ويختفى بمجرد 
استقلال الانسان عقلا وارادة : ٠‏ وهى الفكرة التى ورثها قيورباخ” من“ فلاسفة 
التنوير الالمان وعلى راسهم كائط ولسنج ٠‏ زابعا / الوحى قضاء على" الدسن 
والتذوق.. الخلقئ والجمالى' للفضيلة. بل هو قتل وتسميم للحس الالهى 
للانسنان » حسن الخقيقة.والاحساس بها ٠‏ الوحى حقيقة ة خاصة محدودة وليس 
حقيقة عامة وشاملة فى كل زمان ومكان : مسطورة فى الطبيعة 2 يدركها 
الذهن الانسائى ٠‏ لذلك يجب تدوين الوحى فى لغته' الاولى حتى يتم حفظه 
فى ضورته :الاولى ٠‏ خامسا , يعارض الوحى العقل بمافيه من معجسزات 
وخرافات وأساطير ٠‏ ولما كان الحق لا يعارض بل الحق يوافقه ويشهد له 
لزم تأويل نصصنوص الوحى حتى تتفق: مع العقل وتحل التناقضات ٠‏ ساذسا , 
لا كان الوحى مكتوبا فقد حدث فيه بالضرورة خطأ فى النقل والرواية أى 
فى الوحى الموضوغى ٠‏ ولمأ كانت الحقيقة أيضا معطاة ذاتيا فى الايمان ' 


حداث تناقض دين الوحى المكتوب والوحى الروحى 4 وانشطر الانسدان ( ٠‏ 


(؟:- التناقض فى ماهية الله بوجه عام : الله هى ماهية الانسان التّى 
تتحول الى ماهية فوق انسائية تقس ص5 ٠ ١‏ الله ماهية خالصة وكائن 

شخدىٍ في أن واحد 2 عام وخاص 2 كلى وجزثى 2 شامل ومحدول هذا هى 
ال: تناقض ٠‏ قمأ يجب أن يكون دنفى بالضرورة ما دو كائكن . والله الذى 
لا يسمع لصملواتنا ولا يرعانا ولا يعتنى بنا لا يكون الها وبالتالئ تتحول 
الانسانية الى صفة لله ٠‏ ولما كان ذلك لا يكفى نسب اليه الانسان صفة ما فوق 
الانسان وما فوق الطبيهة ٠‏ فالله تأليه ٠‏ والوحدة معنا جزء :لا يتجزا: من 
الله ٠‏ ثم أتى اللاهوت واغرق ذلك فى خضم من الأوهسام والخيالات 
والتناقضات والسفسطات ٠‏ فمكلا. يقول اللاأهوت « ان الله يتجباوز حدودل الفهم 
وسير الا يمكن الذفان اليه » وينقل دءفة معروفة الى صفة أخرى غير معروفة. 


- 6955 


وعدم الفهم هذا موقف انفعالى يتدخل فيه الخيال الذى هو العضى والماهية 
الأصلية للدين ٠‏ لانهائية الله لا نهائية كمية لانها صفة انسانية مقلوبة , 
الانسان كم ٠‏ الله موجود حسى سلب منه الحس , وحل محله الخيال ».وهو 
حش بلا حدود ٠‏ فالله خنالد. مطلقا وعالم مطلقا أى حس مدفوع الى. آخر 
حدوده. :+ فالذلود: والحضون. على الاطلاق صفات حسية ٠‏ ووظيفة الذيال 
توسيغ أفق الحسن ٠‏ الأنا المخدود والنسبى المحدود يتم اطلاقهما بالخيال.. 
وهكذ! الحال فى باقى الصفات ٠‏ فالبداية هو الحس والواقع الجزئى. : 
وبالتالى كانت الوثنية أقرب الى الدين الصحيح ٠‏ الله اذن هو ضرب الانسان 
فى نفسه الى ما لا نهاية فيصبح الله كل شىء » كل خير وكل وجود , ويكون 
الخلاف .دين الله والانسان مجرد خلاف فى الكم لا فى الكيف ٠‏ ليس الدين فى 
حاجة. الى عقل بل فى حاجة. الى خيال ٠‏ الدين نفسه تعبويض عن نقص 
الحضارة ٠‏ فا متدين ليس فى. حاجة الى ثقافة ٠‏ هى سعيد بخيالله » ولا يحتاج 
الى:.الخروج عن ذاته ٠‏ المسيصية بماهيتها لا تفهم.مبدا الحضارة ٠‏ لذلك كان 
العبرانيون على عكس اليونان ). ٠ ٠‏ 


( ومثل ثان لتناقضات اللاهوت هو مفهوم النشاط أى العمل أى الصذع 
أو الخلق ٠‏ ففى الفعل يجد الانسان ذفسه حرا سعيدا بلا حدود فى حين أنه 
يجد نفسبه فى الانفعال محدودا » مقهورا , شقيا ٠‏ الفعل هى الشعور 
الايجابى للذات ٠‏ ويحدث نفس الشىء بالنسبة لله ٠‏ فالله هى السرور أى 
الفرح اللامددود نتيجة لافعل » فيخلق كل شىء ٠‏ ونجاح الفعل ودقة الصنع 
انما تنش من أننا نحب ما نفعل ٠‏ الخلق اذن نظرية سهلة لتفسير العالم تدل 


فى الدين ) ٠‏ 


(.لقد: وضعت المسيحية أمهام الوثذية التى تفسر نشاة العاام على نحو 
طبيعى. نظردة ذاتية عاطفية عملية بل أقرب الى الاسطورة منها الى النظرية 
وهو “الخلق ٠‏ ولما كان هن الضرورى ااتمييز بين عمل الانسان وعمل الله 
فتم تصصدور الخلق من عدم لنفئ أى تشابه أو تماثل بينهما ) .٠‏ 


( ومثال ثالث هو توليد الابن من الآب ٠»‏ توليدا خارق للعادة من فوق 


- 4480 


وضند الطبيعة من: فعل الخيال , وهما خداعا., بالرغم من 'محاولته تفسير 
البعيد بالقريب 2٠‏ والاسمى بالادنى »2 وها فوق الطبيعى: بالطبيعى ٠‏ ومثال 
رابع » تصون الفردية أى الاستقلال أو الشخصية ٠‏ فالله شخص يرسل وحياء 
وصفاته صفات. الانسان » والشخص ضد وحدة' الوجود. الذى هو فى قلب 
المسديحية ٠‏ فاللوجوس هو الانسان السر , المتضمن ٠‏ الخفى ٠‏ والانسان هو. 
اللوجوس الظاهر المتجلى ٠‏ الله حى مثل الانسان. . والدين هو الانسان 
قأسها نفسة قسمين بفعل الخيال ) ٠‏ 


التناقض فى النظزة التاملية لله : وهى نظرية المثالية الألمانية سنواء 
فى صورتها الصوفية عند جاكوب بوهيمه أى فى صورتها الفلسفة الميتافيزيقية 
عند أسديئنوزا وكانط وهيجل وشلنج ٠‏ وهى النظرية التى تجعل الله تصورا 
عقليا » وأنه لا يوجد الا من خلال الادراك الانسانى كما أن الانسان يوجد من 
خلال الاذراك الالهى ٠‏ ولكن الذين يجعل من الشخضية الالهية الوسيلة التى 
يقاب انسان بها تحديداته وتمثلاته لماهيته الخاصة الى تحديدات وتمثلات 
لموجود آخر خارجه ٠‏ فالشخصية الالهية ليست الا اخراج الشخصية الانسانية 
من موضعتها ٠‏ لقد حول هيجل الشعور الذى لدى الانسان عنالله الى الشعور 
الله بذاته ٠‏ فاصبح الله موضوع ذهئنا وتصوراتنا ٠‏ وأصبح هذا الموضوع 
الفكرى هو الموضوع الفكرئ له ٠‏ يذهب التأمل اذن أيعد مما يذهب الدين 
لأن الله كموجود فكرى ليس هو الله كموضوع خارجى: ٠‏ الله موجود داخلى 
روحى فكرى شعورى + فعل داخلى محض ٠‏ هذه الموضوعية التاملية تعنى 
شيئين : الاول أن الله موضوع لفكرنا والثانى ان الله موضوع لفكر نفسة ٠‏ 
أصبح الله فى الفلسفة التاملية.شعورا ذاتيا خالصا ٠»‏ يفكر فى ذاته , كاله 
اليونان ٠‏ وهذه هى النزعة الوجدانية الانسانية فى الدين ٠‏ وطالما أن الله 
لا ددرف الا من خلال الانسأآن , فهو انسان مشخص * الانسان لا شىء بدون 
الله . والله لا شثىء بدون الانسان ٠‏ فى الانسان وحده يصبح الله موضوعا 
كاله 2 وتصدبح كل تحديدات الانسان. وصفاتة الفيزيقية والعاطفية تحديدبات 
وصفات لله ٠‏ لقد بدأ جاكوب بوهيمه بالكشف عن عواطف الانسان ثم أخرجها 
وشخصها فاصبحت الها ٠‏ ( ومع أن الله عند شلنج يجمع بين قوى عديدة. 
الا أنه.غير قادر بالفعل ٠‏ الشعور الدينى أكثر عقلانية منه لأنه يكشف عن 
ذاته ويتحقق من خلال الانسان الواقعى بالطنيعة الفعلية ٠‏ الانسان هى الدم 
الذى ينطق بمدائح الله ٠‏ فالمعاطفة التى يشهر بها الانسان تجاه الله هى 


4ه 


نفس ١‏ العاطفة التى يشعر بها الله تجاه ذاته ٠‏ وعند هيجل أبضا. » شعؤور 
الانسان باش هو شعور الله بذاته ٠‏ فالشعور الانسانى هو شعور الهى ,2 
واغقراب الانفسان عن شعوره هو جعله اياه شعورا الهيا موضوعيا * 
فلمان!| وؤصف الله بصفات الانسان ؟ لماذا يكون الله شعورا فى الانسسان 
وللافسان هاهية الله ؟ لماذا. يكون -لله ماهية وللانسان شعور ؟ لأن المعرفة 
التى: عند. الانسان عن الله. هى نفس امعرفة التى عند الله عن ذاته ٠.وبالتالى‏ 
يصبع ,كل :اتجاه ثأملى فى الدين اغترابٍ » فالمدين لا يجعل الانسان هتاملا 
فى الكون بل يجعله فاعلا فيه ٠‏ ويكون موقف هيجل بفلسفته التأملية موقفا 
مغتريا ) ٠‏ 


” م التناقض. فى التثليث : لا يموضع الدين أو اللاهوت ماهية الانسان 
و الله فقط باعتباره موجودا شخصيا بل يعطى أيضا تحديدات أساسية لهذه 
الماهية فى أشخاص ٠‏ فالتثليث ليس الا مجموع الفروق الجوهرية الاساسسية 
التى يراها الانسان فى ماهيته ١‏ وهى تماثل التحديدات فى الشخصية الالهية ٠‏ 
فتغترب الشبخصية الانسانية عن ذاتها بادخالها هذه التحديدات فى الشخصية 
الالهية ٠‏ الشخصية. الالهية لا توجد الا فى الخيال ولا توجد آيضا تحديداتها 
الا بالخيال ٠‏ التثليث تناقض. من .حيث آنه يضع تعدد الالهة فى تصور الاله 
الواحد . فيضع الخيال فى العقل » ويدمج الاسطورة فى الواقع ٠‏ يفترض 
العقل وحدة الاشخاص ولكن الخيال يضع التثليث ٠‏ وفى حكم العقل » هذه 
التمييزات من ضنع الخيال » أى مجرد وهم فى حين أنها فى نظر الخيال 
وجود ٠‏ يقتضى التثليث أن يفكر الانسان عكس مايتخيل ٠»‏ وأن يتخيل عكس 
ما يفكر » يقتضى التفدير فى أشباح وكانها موجودات حقيقية » فالعقل يستبعد 
تعدد الآلهة من الألوهية ٠‏ (ففى سر الثالوث المقدس بقدر ماهى حقيقة مستقلة 
عن ماهية الانسان كل شىء فيه ينتهى الى خداع وخيال وتناقص وسفسطة ٠‏ 
وكأن: فيورباخ هنا يرد على اعلاء الرومانسيين من .شان الخيال والحلم ) 


- التناقض فى الطقوس : وكما يتضمن الجوهر الموضوعى للدين 
تناقضات واضحة كذلك يتضمن الجوهر الذاتى تناقضات أوضخ ٠‏ وتناقضات 
الجوهر الذاتى للدين هى الايمان والحب اللذان يتخارجان فى الشسعائر 
وطقوس العماد والمشاركة ٠‏ فطقس الايمان هو العماد 2 وطقس الحب هو 
المشاركة ٠‏ الايمان والحب هما عنصرا الدين الذاتيان '+ الايمان هى الأمل 
بالنسية للمستقبل ولكنه يتشخص. ويتحول الى وجود خاص كما تحولت من 


889 ه 


قبل ماهية الانسان وتشخصت فى الله ٠‏ يتحول الماء من ماء طبيعى. الى ماع 
فوق طبيعى: 81011211118112 ٠‏ وكما يوقعنا الدين فى اغتراب عن ماهيتنا 
الخاصة وكما نغترب عن ذواتنا يغترب الماء عن ذاته ويتم ذلك أيضا بفعل 
الخيال. ٠‏ وكما يغترب الخمر فيصبح دما ,2 ويغترب الخيز فيصيح جسد! 
فَيتم ذلك بفعل المعجزة ٠‏ لا يمكن. فهم العماد بدون المعجزة ٠»‏ كما لا يمكن 
أن يحصيل الادمان بدون المعجزة أن لا يعتمد على الذات ولا على النشاط 
المستقبل أو .على حرية الحكم والاعتقاد ٠:‏ المعجزة هى التى تجعلنى أومن 
دحقيقة فاعل الاعاجيب 11281120841186 ٠‏ والملحد ينكر. الله لأنه لا يجدد 
فى التجرية . ولا يريد الاعتماد على المعجزة ٠‏ واذا كان العماد للاطفال 
فالمشاركة للكبار » غرضها المشاركة فى جسد المسيح , الجسد الحقيقى ٠‏ 
فالمسيحى قبل الافطار فى الصياح وهؤ صائم يتمثل جمستد المستيح بالتناول » 
بالفغل وليس بالروح وحده ٠‏ والحقيقة ان ذلك لا يتم الا فى الخيال 'غشل 
تحويل الخمر الى ذم : والخبز الى جسد ٠‏ الايمان قوة الخيال التى تدول 
الواقع الى لا واقع ٠‏ واللاواقع الى واقع , وهى مايمارض شهادة الحس 
ودرهان العقل ٠‏ يذكر الايمان ما يثيته العقل . ويثدت ما ينكره العقل ٠‏ 
استطاعت البرود تستانتية أن تقيم مشاركة أفضل تتم بالكلام وباللفة و ب 
دالدمن :ؤالخين ٠ ٠‏ ومع ذلك فالنتيجة واحدة : : الخزافة واللااأخلاقية ٠‏ 


التناقض قض فى الايمان والحب : يعد أن تكشف الطقؤنن عن :التناقضن 
بين المثالية والمادية ٠‏ دين الذاتية والموضوعية . وهما يكونان ماهية الدين: . 
فان الطقوس ليست شيئًا ندون الايمان والتحب ٠‏ فالتناقض” فى الطقوس يؤدى 
بذا الى التناقض فى الايمان والحب ٠‏ ذاهية الدين هو التوحيد ولكن الظاهر 
هو التفريق ٠‏ فاللة هاهية الانسان المتوحد مع وجود ولكنه يعرف فى 'الدين 
باعتباره آخر منفصلا ٠‏ الحب يكشف عن هاهية الدين المتحدة بمضمزنه , 
والايمان يكشف عن وضعه وصورته ٠‏ ( الحب يوحد بين الانسان واللة- , 
والايمان يفرق بينهما ٠‏ ولما كان الله هو التصور الجنسى ( المنطقى ) الصوفى 
للانسانية , فالتفرقة بين الانسان والله تفرقة دين الانسان ونفسبه ٠‏ وقضاء 
على الخير , المشدترك ٠‏ بالايمان يتناقض الدين مع الاخلاقية ومع العقل ومع 
الحس الانسانى بالحقيقة ٠‏ والحب اتفاق مع الأخلاق والعقل والحس ٠‏ 
الايمان يعزل الله ويجعله موجودا خاصنا آخر , والحب يفدم ويعارض هذه 
التناقضات ويجعل الله موجود! عاما ٠‏ الايمان يقسم الانسان الى قسبمين : 


ل "*86 - 


داخل وخارج ؛ والحب يشفى جراخ الايمان فى 'قلب الانسان ٠‏ الايمان يجعل 
حب الاثدنان لله قانونا » والنهخب يجعله حرية ٠‏ ولا يدين الملحدين لأنهم 
ملحدون » ولأنهم يلغون على الأقل عمليا ؛ ان لم يكن نظريا » وجود اله خاص 
معارض للانسان ٠‏ الادمان يفصل: : وبالتالى فهى جاطىء ٠‏ يضع صورته 
فى شكل عقائد صحيحة فى مقابل آخرئ خاطئة ٠‏ والحب يجمع ويجد المضدمون 
المشتترك بين العقائد المتباينة ٠‏ الايمان نفى: لا يسمح بقبول شىء داخسله 

© ., والحب اثبات وضم وحنان ٠:‏ الايمان يتعامل مع شىء 
خاص.؛ ومع وحى خاص . وفع :اله خاص » ولا يعرف نما .فى عام ومشترك 2 
والدب على عكس ذلك ) ٠‏ الايمان يحدد الانسان ويقيده + ينزع منة 'حريته 
وقدزته على تقدير الاخْن المنقصل عنه , والحب الضد ‏ من ذلك ٠‏ الايمان مغلق 
على نفسه ٠‏ واللاهوتى سجين مذهيه » ويصوغ الادمان موضوعه “على أساس 
من المصلحة والانانية بدعوى البحث عن السعادة فى موجود شخص خاص ٠‏ 
المؤمنون ارستقراطيون وغير المؤمنين من الخامة »2 والله:هى تشخيص المؤمنين 
على حَسابٍ غين المؤمنين ٠‏ الايمان مغرور بل ؤاعتى من 'الغزور الطبيعئ لأنه. 
يعتمن .على موجود أسمى > المخلص والمثقذ » والكزمم وصاحب الايد والنعمة* 
تواضع المؤمن اذن 'غرون مقلوبٍ » تواضع ظاهرى ٠‏ الايمان محدود »2 ومن 
خلان-هذ! 'التحددى يكون الله غير المصدود ٠‏ الايمان أمر ضرورىئى ومن ثم فهؤ: 
غقيدة” «الايمان أنانئ 'لا يبحث الا عن خلاض المؤمن ولى غرق 'الاخرؤن ' 
الانْمْان'كراهية 2..من ليس مع المسيح يكون ضدة * ) الايمان عداء للاخرين 2 
مؤالاة للمؤهنين + ومعادأة لغير المؤمنين ٠‏ ألايمان: يغارض نضوض الكتاب 
المقدسن باسم العقيدة. ومن :أجلها .٠‏ الايمان: يكفر: ويدين: الذين: لا يُؤمنون , 
ويلغى ويطرن' من" 'الرحمة بآسم جب 'المؤّمتين وبغض 'الكافرين: ٠‏ الايمان 
محتهم.مغلق: , 'والمؤمن لا يعاشر الا"المؤمن- ٠‏ الايمان: عماد الحب وتهويلة 
الى :طقس ٠‏ الايمان يَقَضى على الصلاة الطبيعية للانسانية » ويقيم :بدلا عن 
العلاقة الشاملة غلاقة -خاصة: بين “الناس .٠'‏ الايمان نفاق ؤادغاء .٠‏ الايمان 
تدين: ومخاياة ٠‏ سْبب' الحروب الدينية والمذايح. الطائفية » واضطهاد الفرق 
المخالفة فى الرأى ) ٠‏ الايمان :تعضب لا يعرف التسبامح ٠‏ ومرتيط با لوهم 
والجنون والطائفية .٠ ٠‏ الايمان نقيض الحب ٠‏ .والحب صنو العقل ١١‏ الايمان 
تناقض فى كل شوىء ٠١‏ الايمان وانجبات آمام الله مناقضة 'للواجين نات "امام 
الانسانية ٠‏ 'الازهان تشخيص تمحئ فيه الفضائل والاوامر الخلقية وتصبح 
شخصية “خاضة ٠‏ الايمان معارض للاخلاق بالرغم من ايحائه للانس نان 


8ش - 


دالسعادة وهى فى حقيقة الامر سعادة وهمية ٠‏ الايمان على أقصى تقدير , 
لا يقدم الا أخلاقا سلبية مثل الصبن ٠‏ والتوكل ٠‏ والتضحية » والعذرية , 
مظاهر فضيلة ٠‏ هكذا يتناقض الايمان مع نفسه. ويتعارض مع الحب ٠‏ الحب 
هو. الاخلاق والايمان هو الدين ٠‏ الحب صفة والايمان موضوع ٠‏ الحب 
بلا. ايمان , والايمان بلا حب ٠‏ الحب لكل الناس والايمان بشخص خاص ٠‏ 
الحب قافون شامل للعقل والطبيعة 2 جعله فيلون الفضيلة الاولى ؛ كما جدل 
ارسطى الصداقة 2» وهى احدى صور الحب » توحد بين السيد والعبد وكما 
جعل الفلسفة . وهى صصورة أشرى للحب , توجد بين البشر ؛ وعند الرواقيين 
يوجد الانسان:للاخر ؛ ويدعو سنيكا لحب الجميع ) ٠‏ الحب مباشى بلا:واسطة 
مثل العقل فئ حين أن الايمان فى حاجة الى توسط ٠‏ الايمان اغتراب لا يقضى 
عليه الا الحب ٠‏ 


4 تطبيق أخير : بعد هذه التناقضات يجب تجاوز ماهية المسيحية 
وماهية الدين بوجه عام ٠‏ لقد. برهن فيورباخ على أن. مضمون الدين وموضوعنه 
انسانى كلية » وأن: سر الثيولوجيا.هى الانثروبولوجيا » وان سر اللوجوس 
الالهى الماهية الائسانية ٠‏ ولكن. الدين .ليس على وعى بالطبيعة الانسانية بل 
يعارضن كل ما. هو انسانى ». ولا يعترف بمضمونه الانسانى ٠‏ ان تحويل مجرى 
التاريخغ انما هى فى هذا الاعتراف العلتى بأن الوعئ الالهى هو الوعى 
بالجنس ( المنطقى ).». وان الانسان يستطيع بل يجب أن ترتفع حدوده وفرديته 
وشخضيته ولكن ليس فوق القوانين والتحديدات الجوهرية لجنسه٠‏ لايستطيع 
الانسان أن يوجد:أو يشعر. أو يتخيل أو يريد أو يحب الا ماهيته الخاصة 
باعتبازها مطلقة والهية ٠‏ ويحدد فيورباخ موقفه هن الدين يأنه ليس سلبيا 
بل نقديا , وأنه .ليس هادما بل بناء ٠‏ الدين هؤالشعور الاول للانسان: بذاته 
لأنه شعور الانسان. بذاقه 2 حب الانسان لذاته 2 لذلك كانت علاقات . الدين 
هى علاقات الاخلاق ٠‏ وكانت علاقات الرواج علاقة مقدسة فى ذاتها بطبيعة 
العلاقة وليس لأنه دينى ٠‏ ويفكر الانسان المتدين فى. الله لأن الله .يفكر فيه ,2 
ويحب الله لأن الله يديه ٠‏ وكما أن الله غيور من الانسان فان الدين غيور 
من الاخلاق ٠‏ أننا عندما نؤسس الاخلاق على اللاهوت والقانون على الشريعة 
الالهية يمكننا فى :نفس الوقت تبرير أكثر الاشياء ظلمسا وغارا وتأسيس 
اللاأخلاقية ٠‏ أننا لا يمكن أن نؤّسس الاخلاق. على اللاهوت الا اذ! تم تأسيس 
الوجود الالهى أولا على الاخلاق . والا استحال الحصسول على مقياس 


م2500 عا 


للاخلاق واللاأخلاق .٠‏ وتركنا الأمر للعبث والتعسف » وكأن فيورباخ هنا يغيد 
مشروع كانط للسلام الدائم بتاسيس السياسة .على الأخلاق. ٠‏ أثئنا لسنا فى 
حاجة الى شريعة الدولة المسيحية بل فى حاجة الى شريعة الدولة العقلية 
العادلة الانسانية ٠‏ فالعادل والخير الحقيقى يختؤى على أساسه فى ذاته 
وهو القادر على هدم الزيف والخداع الذى يفسد الانسدانية ؤالذى يقتل “فى 
الانسان قواه الحيوية ٠‏ يجب علينا قلب العلاقات الدينية-, وتفسبير الوسائل 
على أنها غايات : فالماء ليس هوى:الماء المقدس فى العفان يل: الماء فى الطبيعة ٠‏ 
والخبز ليس هى الخبز المقدس بل هو خبز الجوعى ٠‏ والجضد :ليس “الجسد 
المقدس بل جسد الاتسان العادى ٠‏ والدم ليس هى الدم المقدش نل دع الشبهداء 
والضحايا ٠‏ ان الطبيعة فى حاجة الى الانسان كما أن الاثشان فى حاجة 
الى الطبيعة ٠‏ الطعام والشراب » هذا هو سر المشاركة ! 


وهكذ! ينتهى فيورباخ من محاولته لاعادة الدين الى الوقف الائسناتى , 
واعادة ملكوت السماوات الى ملكوت الأرض وهيى ما حاوله الاسلام قيل ذلك 
بثلاثة عشر قرنا , وكأن الفلسفة الغربية كلها منذ الاصلاح الدينى وعصر 
النهضة وفاسفة التنوير حتى فيورباخ والهيجليون الشبان ما فى الا محاؤلة 
للاقتراب من انسانية الاسلام وواقعيته ورفضيه للهوكنوت والاسرار وتأكدده 
اللعقل والتوحيد ٠‏ فسنهام فيورباخ موجهة الى الدين قبل ان يكتمل وليس بعد 
اكتماله وتحققه (2, اليوم اكملت لكم دينكم 2 وأتممت عليكم ذعمتى : ورضيت 
لكم الاسلام دينا » ( 0 2) ١‏ 


ثورة الجماهير عند أورتيجا اى جاسيه 
أولا : الكثاب ٠‏ والأسلوب ء واانهج ٠١‏ والنسق : 


يعتبر أونامونو وتلميذه أورتيجا أشهر ممثلين للوجودية الاسبانية 
وللفلسفة الاسيانية على الاطلاق منذ سواريز 82 أفى القرن 
السادس عشر ٠‏ حعل الاستان 'فلسفته كلها تدور حول الفرد كما يتصوره 
كيركجارد ونيتشه: وبيسكال ماساة تنتهى فى حشرجة الموت(١) ٠‏ كما يعتبر 
أورتيجًا أشهر فيلسوف أسبانى معاصر ٠‏ قال عنه كامو « ربما يكون أورتيجا 
اى جاسيه بعد نيتشنة هو أاعظم كاتب أوربى وفى نفس الوقت يصعب أن يوجد 
كاتب أكثز أسبائية منه » ٠‏ 


ولد أورتيجا عام 1887 فى مدريد ٠‏ وبعد دراسة جادة للفلسفة فى 
اسبانيا سافن الى المانيا » ودرس الفلسفة 2 وتاش بالفلسقة الديوية عند 
دريش ودلتاى وكذلك بعلم الاجتماع الحيوى عند زمل 2111101 
ونيتشه .٠‏ كما تأثر بمدرسة ماربورج والتى كثيرا مايشير الى. أعلامها مثل 
بول. ناتورب وهرمان. كوهين وان لم دشر الى. كاسيرر ٠‏ ودعد ربجوعه. البي 
ددريد. عين أستان الكرسى الميتافيزيقا ف ى الجامعة المركزية. وظل يشغابه جتى 
أت ٠‏ الهجمة الدكتاتورية على الجامعة الاذلالها والقهنساء على. حريتها 

٠ ستقلالها‎ 


كتب النصف الاول هن هذا المقال عن « الانسان الجماهيرى » فى ١5379‏ وهى 
الفترة التى كتبت فيها « قضايا معاصرة » بجزئيه بعد هزيمة يونيو ١511‏ لاعادة يناء 
الروح القومية من خلال الفلسفة ٠‏ وللمم تكتمل الدراسة ريما لكثرة ما كتبيت وريما 
لعيوب فى المنهج الذى اتبعته فى هذا الوقت وهو قراء تاريخ الفكر من خلال أزمة 
الحصر ٠‏ وأعود اليه بعد ثمانية عشر عاما الآن فى صيف ١547‏ لاكمال الجزء الثانى 
واعادة كتابة الجزء الاول مستعملا طريقة « الشرح الاوسط » عند ابن رشد أى البداية 
بعبارة لاورتيجا تم شرحها والاضافة عليها واعطاء أمثلة جديدة كما فعل القدماء ٠‏ 

)١(‏ د* حسن حنفى ؛ أوناموئو والمسيحية المعاصرة , « قضايا معاصرة » , الجزء 
الثانى » فى الفكر الفربى المعاصر , دار الفكر العربى : القاهرة ١571‏ , دار التنوير 
ديروت 85م ؤ١ا ٠‏ 


665ة ب 


267 سه 


ثم سس عام 111١5‏ مجلته « أسبانيا » وجعلها منبرا له يعبر من خلالها. 
عن فكره , ويقود بدوره كباعث للفكر الاسبانى سبواء فى ميدان. الفلسفة 
الخالصة أى فى ميدان العلوم الاجتماعية والسياسية ٠‏ ثم أسس عام 319154 
؛ مجلة الغرب » فاصبحت أكثر المجلات تعبيرا عن الحياة العقلية فى أسبانيا 
كما فعل جان بول سارتر نفس الشىء فى الأزمذة الحديثة » ٠‏ وبجوار المجلة: 
قام بنشر عدة مؤلفات تضم مقالاته التى نشرها فى المجلة من قبل مع مقدمات 
جديدة ٠‏ وفى عام 1518 قبل دعوة للذهاب الى بوئيس أيرس بالارجنتين 


لإلقاء عدة محاضرات. فى الجامعات الارجنتينية لاقت رواجا. ضخما خاصة. .فى 
عامى ٠ ١158/59‏ وبعد سقوط الدكتاتور بريمودى ريفيرا عاد أورتيجا الى. 
اسبانيا ليشغل كرسى الفلسفة. الذى تركه من قبل بسبب عدائه للدكتاتورية ٠‏ 
وبدأ فى كتابة سلسلة من المقالات تتعلق بالمحياة العامة فى مجلة « الشمس » 
تتعلق كلها ينقد صريح للنظام. :الملكى.2. ومقالات أخرى حتى آاخر ديسمين 
كان لها أبلغ الأثر فى.اسبانيا ما قبل الثورة. ٠‏ ومنذ ذلك الحين أصبح 
أوزتيجا شخصية سياسية عامة ,» وكون مع الدكتور مارانون . 209ة148 . 
والكاتب بيريز دى ايالا . 818لإله ©0 76262 جماعة سياسية بعنوان «.فى 
خدمة الجمهؤرية » : وقد كان لمهذه الجماعة حوالى عشرة نواب فى البرلمان 
البستورى , من..بينها أورتيجا نفسه ومنذ ذلك الوقت. عرف أرتيجا خطيبا ؛ 
وكاتبا » وسياسيا » ومفكرا . ورجل_دولة ٠‏ وبعد رفضه تولى كل. المناصب. 
التى. عرضتها: عليها. الذكومة أش. أن يظل أستاذا جامعيا » ومفكرا حرا , 
كاتبا وناقدا ٠‏ وتوفى أورتيجا عام 1106 , 000 ا 


وكتاب « ثورة الجماهير 2 عم ةك - 81 هلآ 0( اهو و ةشه" 
كتاب لأورتيجا ٠‏ ولا يكاد ايذكر اسم اورتيجا الا , ويذكر معه أنه افو مَؤْلفَ 
« ثورة الجماهير ,» ٠‏ واذا ما أراد الناشر التعريف يكتاب أقل أشهرة ' دنه 
فانه. يشبير إلي ان صاحبه هى مؤلف « ثورة الجماهير » حثى أصبح الكثاب” 
نقطة احالة لكل مؤلفات أورتيجا مثل « الانسيان والناس » , م« ؛ الانسان. 
والأزمنة » » « موضوع عصرنا الجديث » » » « رسالة الجامعة » * ويعتبر > على 





(؟) اغتمدنا فىالتحليل على الترجمة القرنسية للكتاب' وهى + . 
امآ هم .520 13538 3065 560116 هآ : أ886ة0) [ 108606689 
1201 بعأصوط رك[ 50 0و2 


6غةُ هه 


حد قول احدى المجلات الأمريكية بالنسبة للقرن العشرين بمثابة « العقد 
الاجتماعى » لجان جاك روسو بالنسبة للقرن الثامن عشر و « زأس المال » 
ناركس بالشندبة للقرن التاسع عشر ٠‏ وهو ليس كتابا مؤّلفا منن البداية , 
يحتوى على عذهب متسق », بل هؤ سجموعة من المقالات نشرها أورثيجا فئ 
جريدة يوهية تصدر فى مدريد عام 1171 كما هى العادة مع كثير من الفلاسفة 
المعاضرين الذين استعملوا أساليب المقال والقوميات والثاملات والرواية 
والقضة والمسرحية* ٠‏ الخ دون اللجوء الى الأسلوب العقلى التقليدى القائم على 
تحليل التضورات والمفاهيم وبئاء الانساق * استعمل أورثيجا الكتابة الصحفية 
كاداة للتعبير ٠‏ فالقدر الأغظم من مؤلفاته ان ام تكن كلها قد نشرت فى الأضل 
فنى صحف اسبانية خاصة فى المجلة الثى أسسها وهى «مجلة الغربْ » التى 
ذاعث واشثهزرت بفضل كتابائه ٠‏ لم يكتب أورتيجا كتابا واخدا ذا أبيؤاب 
وفضمول ٠‏ ولم يدرس موضوعا واحدا دراسة تصورية محضة أو تاريهية 
صرفة للجمهور النخاصض نل كتب فى معظم الموضوعات العصرية باسلوب المقال 
للجمهوز الفريض ٠‏ فهو بهذا المهدنى كاتب 198818]6أ كدر منه فيلس سوقا ٠‏ 
ذداطب 'أورثيجا عاهة الناس لا خاصدتهم ٠‏ أساتذة كانوا أو رهمانا - رنما 
استطاع أورتيجا أن يجفع بين الأدب والفلسفة والصحافة فى أسلوب جديد 
أعطاذة شعبية كديرة . وجعله أقرب الى فلاسفة الشارع ومفكرى الرصيف منه 
الى أستان .الجامعة وفيلسوف الرواق ٠‏ كما أثه ريما اسستطاع الجمع بين 
أساليبٍ الأدب والخطابة وبين طرق الفلسفة والبرهان بغينسة التاثير على 
الجماهير وكسبها فى صف تياره الجدين' ٠‏ وهذا النوع: من الكتابة يعطى. 
صاحيها شهرة فائقة وجمهورا عريضا داخل وطنه وخارجه ٠‏ وقد تسيب هذه 
الشهرة صاحبها يبعض الفرور فيتكلم فى كل شىء , ويعرض الأفكار اعتمادا 
على مجهودات الاخرين ٠‏ يكتب أى شىء فالصحيفة موؤجودة » والقراء 
ينتظرون اعتماد!ا على سلطة الكاتب وبصرف النظر عن تحليل الموضوع ٠‏ 
ونتيجة لقوة الدفع التى تتولد عن 'اتصال الكاتب بجمهوره قد ثنشاً لديه رغبة 
لتملق الجماهير واكتساب ولائهم متنازلا عن الدقة الفلسفية والتحليل العلمى 
الرصين ٠‏ وهنا يتحول الكاتب الى فنان يحرص على جمهوره ختى وان تنازل 
عن فنه »2 فيصبح الجمهور هو الذى يوجه الكاتب كما أن شباك التذاكر هو 
الذى يوجه الفنان ٠‏ وقد يصبح الموضوع ذاته غامضا فى الذهن بحيث 
لا يستطيع القارىء المتخصص أن يعرف ماذا يريد أورتيجا أن يقول .فينتقل 
بين عديد من الموضوغات ٠»‏ يسهب فى البفض .دون البعض » ويغيب التركين 
على صلب ا موضموع ٠‏ وتكثرا أسماء الاعلام والشخصيات والدول والعواصم 


غ6 - 


طليا للوصرية وايداء بالأمثلة التى تصور تحليلات نظرية غامضبة أى غائية ٠‏ 

لذلك غلبت على كتابات أورتيجا التحليلات السريعة » والانتقال من موضوع 
الى موضوع بلا تعمق كاف ٠‏ يذكر القارىء بما قيل سليفا ويما سسيقال آنفا ٠‏ 

ذم يعود ويرجع الى الموضوع الأول بعد استطراد طويل وكان ما يخطر ببالله 
يعبر عذه دون ما بنية الموضوع أو تصور له ٠‏ ومن ثم كانت كتاباته أقرب 
الى الأدب الصحفى منها الى المقال الفلسفى ٠‏ مهمتها تذوير القراء وتثقيف 
العامة وخلق تيار فكزى سياسى عن طريق الفلسفة واعتمادا عليها ٠‏ فكانت 
أشيديكتابات رسل المتآخرة عن السعادة والجنس والتردية والسلطة والفرد. 
والحرب والسلام والبلشفية ٠١‏ الخ بعيدا عن الدراسات المتخصصة لجمهور 
متخصص ٠‏ ومن جراء:التعامل مع الفلسفة باعتبارها محاولات ‏ 1055818 

فقد غاب المقال الفلسفى الذى يعتمد على مقدمات وينتهى الى نتائج ويقوم 
على براهين واستدلالات ؛ تطبيقا لخطوات مذهج وانتقالا طبيعيا من فكرة إلى 
أخرى ٠‏ ومع أن معظم الموضنوعات المدروسة ملموسة وعصرية ويمكن الوصول 
فيها الى نتائجح محددة الا أن أورتيجا تعامل معها على نحو مجرد واسسسع 
وشامل بالرغم من انتسابه الى المنهج الظاهرياتى لوصف الموضوعات 
باعتيارها تجارب شعوزية حية » فردية واجتماعية مثل « ثورة الجماهير » ٠‏ 

ولكن ليمنت كل كتابات وصفية ظاهريات ٠‏ فالظاهريات للماهيات لا للوقائع, 
وادزاك للدلالات لا للأحداث » وذلك من أجل الوصول الى بنيتها أى الى 
مناطقها الوجودية ٠‏ 


وتعبير « ثورة الجماهير » يلقى هوى فى النفوس خاصة لدى شعوب 
العالم الثالث فئ مرحلتها الراهنة ويعد الثورات الاسلامية فى ايران وثورات 
السودان وهايتى..والحركات الشعبية فى كوريا الجنوبية ومظاهرات الطلاب 
والانتفاضات الشعبية فى مصر والعالم العربى والاسلامى فى اللسسئوات 
الأخيرة والتى قد تستمر فى التسعينات ردا لاعتبار ثوراتها فى الخمسينات 
والستينات ويعد اندسار الثورة المضادة فى السسيهينات والثماذينات 
فالعنوان « ثورة الجماهيزر » مبهر ٠‏ ان أنذا نعيش فى عصر الجماهير ٠‏ ومن 
مذا لا يود ثورة الجماهير ؟ ولكن العنوان الدراق قد يخفى موضوعا أقل بريقا 
وأكثر غموضدا: ٠‏ ونتيجة لاعطاء الأولوية للاساوب على الموضوع أصبح 
الموضوع غامضا مسطها » وأصبدت معظم العناوين خادعة » عناوين براقة 
وموضوعات. عادية مثل « ثورة الجماهير » « الانسان والأزمنة » » « الانسان 
( دراسات فلسفية ) 


ممع 
والناس » » «١‏ التاريخ باعتباره نسقا » , « التطابق والحصرية » » « ماهى 
الفلسفة ؟ » «٠:‏ نشأة الفلسفة » ٠‏ وقد يكون أهم ما فى الكتاب هو العنوان 
الذى أثاز فى الغرب الأذهان: من قبل-منذ الثورة الفرنسية وثورة ١854/4‏ فى 
المانيا » وثؤرات الشبّات فى العالم كله فى ١114‏ والذى مازال يشه الانتباه 
بالنسبة للبشعوب المقهورة غير المنظمة التى تسيطر عليها النظم الحاكمة 


.باجهزة الأمن والجيش والشرطة والأمن المركزى وأجهزة المخايرات العامة 
والخاصة ٠‏ 1 


ويبدق أن تغبيرٌ « ثورة الجمأهير » تعبير اشتباهى يوحى بالايجاب 
والسلب فى آنْ واحد ٠‏ فهل « ثورة الجماهير » ظاهر سلبية » وقد يكون هذا 
هئ المءتى' الذتى يقصده أورتيجا , أم ظاهرة ايجابية وهى المعنى الذى يثير 
هوئ النفسٌ أشدجانا وأحزانا ؟ تعنى « ثورة الجماهير » بالمعنى السلبى 
الجماهير فئ مقابل القرن » والاغلبية فى مقابل الاقليّة . والدهماء فى مواجهة 
الصتقوة 2 والذيماجوجية نقيض "الارستقراطية ٠‏ التسطيح والتفاهة الاتسان 
1 ى الأصلم فئ مقابل العميق والنبيل ٠‏ الانشان العظيم الحركى الحر ٠‏ 
حين تعنى « ثورة الجماهير » لدى شنهوب العالم الثالث أملا وحركة حياة ل : 
اذ1]” كان “المعتى السلبى هئ المقصود فهل يجعل ذلك أورتيجا من دعاة النظريات 
العنصرية والفاشية والنازية والقائمة على الصفوة المذتارة ٠‏ القادرة بما 
تمتع به من مايا أن تقود الجماهير الصماء ؟ هل هى من أعداء النفظخم 
الاشتراكية يوصفه للعامة بأئها دهماء آلية صماء ؟ وماذا عن « ثورة 
الجماهير » التى طالما تغنت يها شعوب العالم الثالث فى مرحلة التحرر من 
الاستعمار فى القارات الثلاث ؟ هل يقصد الوضع الراهن للجماهير فى البلاد 
النامية وصلة طدقات الشعب الكادحة بالطبقات الجديدة فى عصر ما بعد 
التحرر وبدايات الحركات الشعبية منذ أواخر السبعينات حتى الان ؟ يمكن 
الاجابية على هذه الأسئلة بالبحث عن الظواهر الاجتماعية والسياسية التى 
يراها أورتيجا حاملة لثورة الجماهير ٠‏ هناك احتمالان : الأول أن ثورة 
الجما هير. يشير أورتيجا بها الى ثورات الشعوب فى القرن العشرين ٠‏ البلشفية 
فى روسيا » وصصعود النازية ( الفاشية ) فى المانيا ٠‏ وهو الاحتمال الارجح 
نظرا الى اشارات أورتيجا الدائمة الى هاتين الثورتين دون الاشارات الى 
ثورات سابقة مثل الثورة الفرنسية أى ثورة ١1848‏ فى المانيا ٠‏ وبهذا المعنى 
يشير أورتيجا الى. ظاهرة أوربية صرفة هى الفاشية والبلشفية دون الحديث 


8ش ده 


صراحة عن النازية ٠‏ ويدعم هذا الاحتمال نقد الاتحاد السوفيتى والدفاع عن 
الليدرالية الفردية » صراحة أو ضمنا دون أى نقد لأمريكا والغرب ٠‏ باستثناء 
نقد أخلاقى شائّع بالخواء الزوحى والاخلاقى والمعروف عند برجبسون 
وشلير وغيرهم ممن بينوا «قلب القيم » فى الوعى الأوربى المعاصر *والاحتمال 
الثانى هو ثورة الجماهير فى الحرب الأهلية الاسبانية خاصة وأن أورتيجا 
عرف بأنه معفكر الجمهوريين وناقد الملكية فى اسيانيا ٠‏ والخريب أنه لا توجد 
شواهد على ذلك من نصوص أورتيجا ٠‏ بل لا يكاد يشير الى .الحرب الأهلية 
الاسبانية وموقفة من الجمهوريين ضد الملكيين ٠‏ أما كتابه « أسيانيا نلا عمود 
فقرى »> 52812 12766652866 126 فقد كتب قبل الحرب الأهلية دفاعا عن 
وحدة البلاد ٠‏ فاذا كان أورتيجا مفكر الجمهوريين فانه يكون لثورة الجماهير 
معنى ايُجابى والحال ليس كذلك: ٠‏ فى حين ألهبت ثورة الجمهوريين خيال 
المفكرين والأدباء كما هو الحال فى رواية « لمن تدق الأجراس » لشتاينبك ٠‏ 
حتى هذان الاحتمالان غير واضحين فى « ثورة الجماهير » ٠‏ بل ان السؤال 
النهائى فى الفصل الختامى « الئ أين ينتهى السؤال الحقيقى » والذى هو 
اشبه بخاتمة للكتاب كله لا يتضح منه غرض الكتاب , ولا يحتوى على الاجابة 
الرئيسية على : عاذا تعنى ثورة الجماهير ؟ أية ثورة وأية جماهير ؟ وبالنسبة 
لنا فى العالم الثالث لا نجد أيضا أاجابة لهمومنا وهى حركات التحرى الوطذى 
وما تولد عنها من ثورات مضادة فى القرن العشرين ٠‏ وماذا عن انتصار 
الشعوب وموتها جوعا وعطشا كما هو حادث فى أثيوبيا وتشاد والسودان ؟ 
وماذ!ا عن نقل الشعوب خارج أوطائها ووضع شعوب أخرى محلها كما هو 
حادث فى فلسطين ؟ 


ومهما يكن من شىء ٠‏ هل يمكن العثور على نسق موحد يمكن على 
أساسه فهم ماذا تعنى « ثورة الجماهير » ؟ ان نقطة البداية فى فلسفة ورتيجا 
هى « العقل الحديوى » فى هقابل العقل المجرد أو العقل النظرى كما تصوره 
المثاليون ٠‏ العقل الحودوى يثبت الفرد وواقع الاشياء فى حين أن العقل النظرى 
يقضى على واقعية الأشياء ٠‏ هى العقل الرياضى الذى يديل العالم الى 
معادلات أو العقل الطبيعى الذى يديله الى رموز أو العقل الفاسفى الذى يديله 
الى تصورات ٠‏ فى مقابل هذا العقل التقليدى يضع أورتيجا العقل الديوى , 
وهى أسسدلوب فى التعامل , طريقة فى الحياة أو الحياة نفسها ٠‏ هو الفعل 
ععسنة8 ع1 أو تحقيق الحياة باعتبارها مشروعا ٠‏ العقل الحيوى 


265 سا 


هى ١‏ الأنا فى موقف » , يختار دين الممكنات , مهمته أدراك هذا العالم 
السابق على الحكم الذى حاول هوسرل قى « التجربة والحكم » الكشف عنه 
واعادة تكوينه ٠‏ بل أن العقل المجرد ذفسه هو احدى صور العقل الديوى 
على. هذا النحى يشير أورتيجا مع معظم الفلاسفة المعاصريس. الذين يجعلون 
من الدياة انطلاق لهم كما هى الحال عند برجسون » ووليم جيمس ٠‏ وماكس 
شيلر .. واشبنجلر » وجويو ٠»‏ وفوييه استمرارا لهذا التيار الذى بدأه دلتاى , 
ودريش من قبل فى القرن الماضى وجولد شتين فى هذا القرن ٠‏ والحياة هى 
الموضوع المشترك بين جميع الفلاسفة المعاصرين كما كانت الرياضة هى العامل 
المشترك بين فلاسفة القرنالسابع عشر بصرف النظر عن أسماديا ٠‏ « تصدور 
العالم, » عند دلتاى . « العضى » عذد جولد شتين ٠‏ « الدافع الدحيوى» أو 
د التطور الخالق » أو « الذاكرة » أو « المعطى البهيدى للوجدان » عند 
برجسون ؛ « الاحساس الدرامى » عند أوتامونى , « عالم الحياة » عند 
هوسرل ١‏ « الشخص » عند شيلر ومونييه » « الجسم » عند ميرلوبونتى , 
حتى. الحرية أو العدم عند سارتر » والوجود أى الموت عند هيدجر هى أيضا 
بعض صور الحياة ٠‏ وقد يبدى الجمع بين العقل والدياة مستديلا طبقا 
لنطلق « اما ٠٠١‏ واما ٠٠١‏ » على التبادل كما هى الحال عند كيركجارد 
ومعظم اتجاهات الفلسفة المعاصرة ٠‏ الا أن أورتيجا يشير بالعقل الحيوى 
الى شىء أشبه بالدافع الحيوى على ما يقصده برجسون وكانه يريد الابقاء 
على لفظ العقل تحت تأثير مدرسة ماربورج ودراسته للفلسفة الالمانية ٠‏ يكفيه 
ربطه بالحياة ودون اللجوء الى تراجيديا الحياة كما فعل أستاذه أونامونى ٠‏ 
والحقيقة أن احساس العصر بالحيساة كنقطة بداية عند معظم الفلاسفة 
المعاصرين انما نش بسبب حربين عاليتين كان مصير الانسان فيهما معلقا 
دين الحياة والموت » ومن رغدة البحث عن معنى الاشدياء بالعودة اليها بعد 
رفض عحير النهضة والفلسفات العقلية وعدم التنوير كل قيم مسبقة » وبعد 
انهيار القيم البديلة التى وضعها القرن التاسع عشي : اذ تحول العلم الى 
آلة » والتقدم الى غزى ؛ والقوة الى استعمار » والانتاج الى استقلال , 
والتخدخم الى حروب ٠‏ والوفرة الى انتحار ٠‏ والتقدم الى يأس ٠‏ 


وذتيجة لذلك ,2 أعطى أورتيجا الاولوية للعقل العملى على العقلالنظارى 
كمعظم الفلاسفة المعاصرين ٠‏ فالافكار و1066 لديه أقر ب الى العقائد 
0) منها الى التصسورات النظرية , والفكر 2066 


267 د 


أقرب الى الحياة منه الى المعرفة المجردة 008281588266) (")* وهنا يبدو 
أورتيجا مثل معظم الفلاسفة المعاصرين مع التحليل الوجودى الشائع الذى 
بدأه كيركجارد والقائم على تعارض الفكر والوجود ٠‏ كلما فكرت ابتعدت 
عن الوجود أى عن الحقيقة , وكلما اقترينا من التفكير ابتعدت عن التفكير 
أى الزيف وهو الموقف الذى لخصصده كيركجارد فى عبارتّه ااشهورة ١‏ أنا أفكر 
فأنا اذن غير موجود » » ردا على عبارة ديكارت الاكثر شهرة « أنا أفكر فاذا 
اذن موجود » ٠‏ ولما كان كل فيلسوف معاصر يثبت موقفه المقابل للعقل بأخذ 
فيلسوف عقلى والجدال معه حول وظيفة العقل وضرورة الحياة كما هى الحال 
فى الجدال بين كيركجارد وهدجل ؛ هيدجر وكانط » سارتر وديكارت » هوسسيرل 
وديكارت ٠»‏ برجسون وكانط فان أورتيجا سار على نفس المنوال فى حواره مع 
ليبذتز حول « فكرة المبدا »(4) ٠‏ فكل فكرة فشل الحقيقة » وكل تصور ذيانة 
للاشياء » والحياة العامة ليست فقط عقلية بل هى حياة خلقية وسياسية 
واجتماعية واقتصادية ٠‏ انما العقل محاولة للتقريب والفهم وليس يديلا. عن 
العالم ٠‏ ان التقابل بين العقل والوجود مثل التقابل بين الوهم والحقيقة ٠‏ 
والمثل على ذلك أنه فى رأى العقلانيين وكصحاب دوائر المعارف الله مجرد 
تصور أى دتصور مجرد فى حين أن أصحاب العقائد يرون أن التاريخ هو 
المطلق الحقيقى ٠‏ وان التاريخ هو واقع الانسان , والله هو هذا التاريخ لأن 
التاريخ هو كل شىء , الماضى والمستقبل » الأول والآخر , البداية والنهاية ٠‏ 
ومن ثم كان اذكار الماضى تناقض ووهم ٠‏ فالماضى هو طربيعة الانسان ؛ يهمرض 
نفسه عليه ولا #ستطيع له دفعا ٠‏ لذلك نشأت الحركات الديزية الاصلاحية 
وكانها عود ألى الماضى وعود الى البدائية والشيوع وكما هى الحال فى 
الاسلام الاول والمسيحية الاولى ٠‏ 


ثم طبق أورتيجا نقطة البداية لديه وهى «١‏ العقل الحيوى » على الفرد 
والجماعة » الأنا والآخر ٠»‏ الانسان والناس » الليبرالية والاشتراكية ٠٠الخ‏ 
كما انتقل هوسرل من الذاتية الى العلاقات بين الذوات والتجارب المشتركة 
وكما انتقل سارتر من تحليل الشعور الفردى فى « الوجود والعدم » الى 


5( أنه 10668 : أعمعةة0 38 وع016 
03 40 3]تططتعط صا عالمتعصاع2 08 عع10 عط" : أعومقه0 بر وعه 0121 
1 0117 02 ه8111 عطا 


- 56068 


تحليل الشعور الجماعى فى « نقد العقل الجدلى » ٠‏ بل أن « حياة الحوار » 
فى لغة الأنا والأنت أصبحت. من أهم الموضوعات فى -الفلسفة 'المعاصرة عند 
جابريل مارسل »٠.ومارتن‏ بوبر .. وندونسل ٠٠‏ الخ ٠‏ واختلفت الآراء .حول 
الآخر بين « الآخر هو الجحيم » ودين « الآخر هن النعيم. » ٠‏ ويبدى أن أورتيجا 
من أنصار الرأى الأول وكما يتضح ذلك هن « ثورة الجماهير » وتأكيده 
على الفرد ».فى مقادل الجماعة . وعلى .الذات ضد الانسان -الجماهيرى » 
وعلى الليبرالية فى. مواجوة. النظم الجماعية ٠‏ ولا وسيلة. للانتقال من القرد 
البى. الجماعة , من الأنا الى اللآخر ٠‏ ومن “العزلة الى المشاركة الا عن طريق 
اللغة بالرغم من قصورها وحدودها وعدم استطاعتها التعبير عن المعانى 
وايددالها الا على وجه التقريب ٠‏ يخرج الفرد من عزلته ويتصل بالآخرين 
عن :طريق اللغة التى :هى فى حقيقتها جدل وحوار ولكنه حوار خفئ يجد 
الفرد فيه نفسه وليس حديثًا لكل الناس ٠‏ ليست وظيفة اللغة اعطاء تغريفات 
منطقية فهذا يستحيل .فى حياة الجدل والحوار ٠‏ 'فكل تعريف ان لم يكن خاطنًا 
فانه يدعو الى السدخرية ان يتضمن: يعض التحفظات فئ الاعلان عن الأشياء 
الضمذية والتى لا يمكن: الافصاح عنها » تحدد.مفرنات الألفاظ فى اللغة اذن 
مدعأة للسخرية لأن وظيفة اللغة التعبير والافصاح ٠‏ ووظيفة التعريف التغطية 
والاضمان ٠‏ يعارخن أورتيجا التعريف التقليدى ‏ للحصؤل على التضورات 
نظر! لأن وظيفة اللغة ليست فى اعطاء معلومات بل فى فك الحصار عن" الفرد 
من أجل مشاركته مع -الآخرين ٠‏ لا تخضع اللغة لمنطق البرهنان بل لمنطق: 
الجدل أى الحوار دين الأنا والآخر , بين الافصاح والاضمار ؛ وبين الجلاء 
والخفاء 2 خطوة الى الأمام وخطوة الى الخلف ٠‏ واللغة بطربيعتها قادرة 
على التعبير عن المدكم والمتشابه , والظاهز والمأول , والمقيد والمطلق , 
والمبين والمجمل على مايقول الأصوليون وعلى ماهو معروف فى علوم البيان 
والبديع والبلاغة * تفترض اللغة وجود المتكلم ووجود السامع ثم تأتى 
الكلمات بالمصادفة وقد يخون التعبير » ويساء استعمال اللغة بالحديث عن 
الكل ولا شىء أو الحديث الكل وليس لأحد كما. هو فى ظاهرة الثرثرة ٠‏ اللغة 
جدل وحوار ؛ ولكنه حوازر خفى :يجد الفرد فيه نفسه ٠‏ لا يوجد حديث ذلكل 
الناس بل لفرد معين ٠‏ والدديث عن الانسانية والعموميات والأقطار أقرب 
الى ديماجوجية عصر التنوير ومثاليات المفكزين الأحرار والرومانتيكيين مثل 
كانط ولسنج الذين لا يدركون حدودهم » ويتجاوزون مصيرهم » ويخلدون 
فثاءهم ١‏ 


ب 566 


وكتاب « ثورة الجماهير ٠‏ هى اشهر مؤلف لأورتيجا ضمن مؤلفات 
جاوزت ‏ الثلاثين ٠‏ ودمكن تصنيفها. جميعا ومن خلال المترجمات الانجليزية 
والفرنسية الى مجموعات ثلاثة يدور كل منها حول موضوع رئيسى وبصرف 
النظر عن ترتيبها الزمانى(05) ٠‏ 


المجموعة الأولى تدور معظمها حول الاجتماع والسياسة ٠‏ وتأتى “فى 
مقدمتها. « ثورة الجماهير » ٠ ٠ ١970‏ الانسان والناسن » «١ , ١94١‏ موضوع 
عصرئا الحديث » 15978 , الانسسان والأزمة » » « أسبانيا بلا عمون 
فقرى » ٠ ١978‏ 


والمجموعة الثانية تدور حول الفاسفة ' وتأتى فى مقدمتها « ماهى 
الفلسقة » «١ , ١555‏ نشأة الفلسفة » ١94”‏ , « بعض دروس الميتافيزيقا » 
«١ , 571‏ التطابق والحرية » ١944/45‏ , « التاريخ باعتباره نسقا » 
١ ١». 0١‏ تفسير للتاريخ الشامل » . ١ ١948/49‏ « فكرة المبدا فى فلسفة 
لوبينتز وتطور النظرية.الاستنياطية » » « كانط ,» ٠ ١9٠7١‏ 


والمجموعة الثالثة حول الفن والحضارة ٠‏ وفى مقدمتها « محصاولات 
أسبدائية » ,» « فى الحب » , « القضاء على انسانية الفن » 1؟5١‏ » «١‏ تأملاث 
فى دون كيخوت » «١ » ١5١5‏ ظاهريات الفن » » « فالاسكويز » 2 جويا » 2 
رسالة الجامعة ١55١‏ 


ويمكن أيضا تصذيف أعمال أورتيجا على مراحل كلاكة فى حداته 


طدقا لتطور فلس.فته ٠‏ المرحلة الأولى 0 الموضوعية « وتشمل الكتابات قيل 


(5) يصعب تحديد موعد ظهور مؤلفات اورتيجا بدقة ٠‏ فقد نشر معظمها فى 
المجلات الثقافية خاصة مجلة « الشمس » والمجلة التى أسسها أورتيجا نفسه « مجلة 
الغرب » ثم جمعت بعد ذلك فى مؤّلفات ٠‏ ومعظم التواريخ للكتب وليس لامقالات 
باستثناء « الانسان والأزمة » . « ماهى الفلسفة » , « بعض دروس فى الميتافيزيقا » , 
« تفسير للتاريخ الشاهل » ٠‏ وقد يضم مؤلف واحد مجموعة من المقالات على. فكترات 
متباعدة مثل « التطابق والحرية » ٠‏ وقد ينشر المقال الواحد فى أكثر من كتاب كما هو 
في كتبه عن الفن والنقد الفنى ٠‏ 


25151ب 


16 وهى تطايق أعماله الأدبية والفنية والتى فدها حاول أورتيجا التخلص 
من موضموعية القرن التاسع عشر الثى سادت العلوم الانسانية الاجتماعية ٠‏ 
والمرحلة الث انية « المنظور »هع 268660119718126 ,2 وتشمل الكت ابات 
بين ١975-1914‏ وتخضدم مرحلة الفلسفة ٠‏ وهى المرحلة التى تمين فيها 
؟ورتيجا بفلسفة خاصة موؤكدا! فيها أن الانسان موحود ظرفى 2181 هق أقدمع012 
أى أنه ابن ظروف عصره » وأن الحياة موقف والتزام معرفى وأخلاقى ٠‏ 
المذنظور خمد اللمعرفة المطلقة والنظريات المسبقة . وتعبير عن موقف .انسانى 
محدد * والمرحلة الثالثة « العقل الحيوى » وتشمل الكتايات بعد 84؟١١‏ , 
وتشير الى 'مؤافاته الاجتماعية والسياسية) ٠ ٠‏ 
وكتاب « ثورة الجماهير.» يضم خمسة عش مقالا تسبقها « مقدمة 
للقارىء الفرنسى » مثل مقدمة « ظاهريات الروح » لهيجل بالرغم من البون 
الشاسبع بين العملين من ناحية البذية الفلسفنة والاحكام 'النظرى والأهمية 
التاريخية: ٠‏ وقد نشرت مادة هذه المقدمة من قبل فى « أسبانيا بلا عمود 
فقرى » عن الوحدة والتنوع فى أوربا » وتظهر فيها المركزية الأوربية ٠‏ وهى 
ثانى الأقسام من حيث الحجم ٠‏ أما المقالات الخمسبة عشرة فهى على 
النمو الآتى : - ْ 


«١ ١‏ واقعة التجمهر  »‏ 86102ي26م1ععلى » ويعرض فيها أورتنجا 


 "‏ « الصعود الى المستوى التاريخى » ٠»‏ ويعنى بذاك ظهور الجماهير 


كمادة تاريخية وكحدث رئدسى من أحداث الدوضصر وكمحرك لأحداث التاريخ ٠.‏ 


؟  «١‏ قمة الزهان ») > ولددذى دذلك دعبير ظاهرة الجمأهير عن روم 
العصر وكونها احدى لحظات التطور فى الزمان وتراكم الأحداث فى التاريخ 


ام ققط كه عصتلكناه صط بأعقم02 7[ 021689 : ج810 «منوططة"] عوول 
56 بنطهنطم.آ ,قعز0ج8 © م8507 ,9-15 .م تطومعوالاط 


ب 67غٌ سس 


:6ت نماء الحياة » : ويعنى بذلك “رؤية العصى من خلال حركة 
الجماأهير ومن خلال العقل .التحديرى مماأ: يجعل.- أورتيجا قرييا هن" أقد تال 
ودر حسمدون وداذى فلاسفة الحياة . 


9 عد حر بمعطى - احصياقى 6 ودبقضد ده أورتيجا الواقع :الاحخصنائى المزكة 


امأ نام أبن ددا . الفصك بين الانسان والجماهير 2 ..والقصد من هذا 
السوّال اثيات صعوية الفصل.دين الاثنين ٠‏ فالانسان جماهيرى 2 والجماهسر 
لها سدمات الشدور الجمعى ٠‏ 


 ."‏ « الجياة النبيلة والحياة. التافهة أو الجهد والخمول » . وهى 
اجدى الثنائيات التى .دظهر فيها العقل الديوى ٠‏ فالجياة النبيلة والجهد 
لدى الصفوة والتفاهة والخمول لدى الجماهير ٠!‏ 


4 «لاذا تتدخل الجماهير فى كل شىء , ولماذا لا تتدخل الا بعنف ؟ 
والقصد من السؤال اتهام الجماهير بممارسة العنف وكاأن الصفوة لا تمارس 
عنف ا !ء . 35 


, البدائية والتقنية » » وهى 5نائية تميز بين الفطرة والاكتساب‎ ١ 
دين بدائية الجماهير والتدكم فيها من خلال التقنية وتحققاتها فى التصنيع‎ 
ظ‎ ٠ والانتاج‎ 


١ - ٠‏ البدائية والتاريخ » 2 وهى ثنائية أخرى تميز بين الحاضر 
والماضى 2 دين غداب الذاكرة وتراكم الذيرات 3 فالانسءان كشن تاريخى يحملة 
الوعى . الفردى 2 والجماهير عود الى الندائية ١]‏ 


١‏ « عصر الاشياع الحسى. » , والغاية منه نقد مجتمع الإستهلاك 
وكأن الجما هير وحدها دى التى تستهلك دون الصفوة على عدس ماتشير ده 
الاحصائيات من نسبة استهلاك الصفوة الى استهلاك الجماهير ٠‏ 


8م22 


قوت )0 بريرية. التخصص 6 وذلك. من أجل نقد روح التخصسص فى 


١١‏ - « أكبر خطر , الدولة » » وذلك من أجل نقد الدولة لما تمثله من 
خطورة على حرية الفرد 2 وكان أورتيجا يعيد ثورة باكونين وشترئر ضد 
هيجل .دفاعا عن الفرد ضد السلطة وثورة كاسيرر ضد الدولة النازية فى 
٠‏ أسطورة الدولة » ٠‏ 


١4:‏ - « من الذى يقود العالمم ؟ » وهى أطول المقالات من أجل عرض 


١6‏ « الى أين ينتهى السوّال الحقيقى ؟ » وهى أشيه دخاتمة الكتاب. 
كله لا يتضح منها غرض الكتاب , ولا تحتوى على الاجابة على السؤال 
الرئيسى وكان أورتيجا يصف الظاهرة ولا يصدر حكما عليها ٠‏ 


وهكذا يبدى أن دراسة أورتيجا « ثورة الجماهير » وكما يقول هو عن 
نفسه هى دراسة من مثقف مستنير لا من سياسى متخصض ٠‏ يقدم لونا 
جديدا من ميتافيزيقا السياسة لدراسة ماوراء المشاكل السياسية ٠‏ بل أن 
أورتيجا يرى أن مهمة المثقف ومهمة السياسى متعارضتان ٠‏ مهمة المثقف 
توضيح المشكلة ومهمة السياسى زيادة غموضها ٠‏ الثقافة السياسية تكشف 
الحاضر وتوضح الحقائق أما سياسة السياسيين فهى على الضد من ذلك 
التمويه والخداع ٠‏ وهذا هو أحد معانى « ثورة الجماهير » أى عمل. 
السياسيين الذى يفرغ الجماهير من حياتها الداخلية ٠‏ 


وتدور الفصول الخمسة عشرة كلها حول موضوةين رئيسيين : 
« الانسان الجماهيرى » و «١‏ انهيار الغرب » ٠‏ والظاهرتان مةداخلتان لأن 
الأولى علامة على الثانية . والثانية احدى نتائج الأولى ٠‏ وتعنى ظاهرة 
: الجمافير » فى العصيز الخاضر سيادة الأغلبية واذحاء الفردية » وظهور 
العقل التجمعى: والرأى العام والنظم الجماعية حتى انه ليقال ان العصر 
الحاضر هو عصر الدماعة سواء فى البحث العلمى أو فى العمل السياسى ٠‏ 


هع 


ويعئى. « انهيار الغرب » هذا الخواء الروجى. الذى طالما نبه عليه معظم 
الفلاسفة اللعاصرين بصرف النظر. عن التسمية ٠..قلب.‏ القيم..عند ماكس 
شيلر 2 ضياع عالم الحياة 18[ عند هوسيرل 2 
والعدميّة عند ديتشّة * والائهيار الحضارى آلشامل عند اشينجلر ٠‏ 


ثاندا ‏ “-الافسان “الجماهيرى ١:‏ . ©6-112956متسطوطمآ- . 

الانسان الجماهيرى على وجه التحديد هو أحد أفراد الجماهير أو 
الانسان العامى الذنى: سماه: هيدجن « السنين » من الناس ٠‏ 6صةك86 5هقهد1 
هى نوع من البشر. يتكون. تكوينا. .سريعا ٠‏ يقكرن. باستمرار ٠‏ -ويتشايه مع: 
غيره ,2 لا تاريخ له ولا رغبة له . يقبل أى نظام ويتشكل كما .يطلب. منه.. 
له كل الحقوق ٠»‏ ولا واجبات عليه » فارغ من تاريخه 2 وطيع لكل النظم 
السياسية والدولية ٠.‏ ينقصه الداخل. . وتغيب .فيه الذاتية .٠‏ وقد يكون -اليوم 
نموذج العامل فى الطبقة العاملة أو الفلاح فى جماهير: الفلاحين :هو المغلق 
على نفسه , لا صلة له بالآخرين ٠‏ ولا يعرف الحوار ٠‏ يعادى اللييرالية , 
ولا يُمارس الحرية , ولا يختار بين البدائل ٠‏ هن انسان لا معنى ولا لون 
ولا طعم ولا رأى له , أقرب الى الآلة التى يحركها ٠‏ هو: انسسان. العصر 
الحديث الذى طالما صورة المفكرون والفنانون , هو انسان الدهماء ٠‏ الانسان 
الجماهيرى عدو للاتجاه التحررى لأنه يعلم أن التحرر .عود الى الأصالة 
وهو يود البقاء فى مجال الزيف ٠‏ التحرر تأكيد. على الفردية والانسان 
الجماهيرى غوص فى الدهماء ٠‏ هذا النوع من البشر موجود فى المجتمنات 
المتطورة.وفى المجتمعات النامية على حد سنواء ٠‏ ففى المجتمعات المتطورة 
حدن المفكرون من قيل .هن الانسان الآلة 1:18051226-5-0501» وهو ترس .فى. 
مجموعة من التروس ٠‏ لا فزدية له ولا كيانا مستقلا ٠‏ وهو مايذكرنا بآراء 
ناركس الشاب فى وضيع الغامل فى المجتمع الصناعئ وتحوله النى شىء 
يساوى انتاجه ٠‏ وفى المجتمعات النامية هو أحد أفراد العامة الذى تسيره 
القادة كما تشاء ٠‏ تشير له فيصفق ٠‏ وتشير له ثانيا. فيكف ؛ .تجمعه ليستقيل, 
وتدعوه ليوافق ٠‏ بل -ان أورتيجا يرفض الانسان أيضنا كما. تضوره عضر 
التنوير , الانسسان "العام الذئ يمثل الانسانية: كلها أو مواطن اللعالم؛ 
6 0113 «عنزه1© 1.6 - , انسان يتكرز ١أما‏ اذا ظهر من دين هنا الخضم 
انسان فريد فانه يكون الفرد. الأوحد كما 'ظهر جيفارا من جماهير أمريكا 


يل 5 


اللاتينية ٠١‏ هذه الجماهير فى ثورة ولكنها أشبهة بحركات التاريخ وانفعالات 
الدقماء ومشاغدبات العامة ٠‏ والحقيقة . وعلى غيز مايعتقد أورتيجا . ان 
ثورة . الجماهير الآن سواء فى المجتمعات المتطورة أو فى. المجتمعات النامية 
تدل على وعى بمشاكل العصر ٠‏ فقد نشبت ثورات الشباب فى العالم ففى 
4 فى المجتمعات المتطورة ضد مسساوىء النظام الرأسمالى ومجتمع 
الاستهلاك الداعى للحروب ٠‏ وفى المجتمعات النامية نشبت الثورات للتخلص 
من بقايا الاس.تعمار القديم أو من براثن الاستعمار الجديد أو من سيادة 
الطبقات الدديدة ,. فالثورة الآن ضد مظاهر الطغيان الاقتصمادى فى الدول 
اللمتطورة أو السياسى فى الدول النامية ٠‏ هى ثورة على نظم حكم الفرد 
المطلق , وثورة الطبقات الكادحة التى لمم تحصل بعد على مزايا التحرز 
والتحدول الاشتراكى ٠‏ الثورة مفهوم فلسفى ,2 وتجربة فردية واجتماعية ' 
وليسنت مجرد حركة أو انقلاب يرمى الى تغيير الواقع ٠‏ الثورة علم وليست 
مجرزد انقعالات أو ضريات عمياء ٠‏ وثورات الشغعوب علافة على تقد 
وحيويتها وليس على تأخرها وسكونها ٠‏ 


ويعيد أورتيجا عرض القضية , الانسان الجماهيرى فى مقابل الفرد 
الحر فى صورة تقابل آخر بين الأغلبية والأقلية » بين الجماهير والصفوة ‏ 
دين العامة والخاصة ٠‏ الجمهور هو الأغلبية فى مقايل الصفوة وهى الأقاية٠‏ 
تعبر الأغلبية عن. الانسان المتوسط أو الانسان العادى 1:5020206-1103:62 
الذى لا يختلف عن غيره بعكس الأقلية التى تقوم على أفكار ورغبات لأنها 
تتطلب الكذير من نفسها لأن الأغلدية لا تتطلب من نفسها شيئًا ٠‏ هذه الدنائية 
بين الأغلبية والأقلية وبين العامة والخاصصة موجودة فى كل الأديان وفى كل 
الملل والنحل ٠‏ هى طبقية بشرية لا طبقية اجتماعية لأن العامة والخاصة 
موجودتان فى كل طبقة اجتمامية ٠‏ وبعد أن كان الخاصة هم أصحاب الساطة. 
وكان للصفوة المختارة الحق فى تسيير الجماهير أصبحت العامة الآن. 
صاحية الأمر ٠‏ لذلك يمتاز العصر الحاضر بسيادة العامة على. الخاصة 
وأنصار أانصاف المثقفين على المثقفين ؤغير. المتخصدبين على .المتخصصين. 
بعد أن قررت الجماهير أخذ مصيرها بأيديها ء وأخذها مركز الصدارة 
الاجتماعية . وتمتعها دمزايا الصفوة المختارة . وحلها محلها ٠‏ وهذا ماتوكده 
التغييرات السياسية المعاصزة ٠:‏ فقد كانت النظم الديموقراطية القديمة-تسمح 
بقدر كدير من الليبرالية .. وكان باستطاعة الصفوة المختارة أن تفعل ماتشاء .٠‏ 


د ١ؤ5ء‏ هس 


والآن ظهر نوع جديد من الديموقراطيات العلدا 3ن 0 م (آ- زوم 117 


ويعيد أؤرتيجا: صدياغة نفسن القضية مرة ثالثة فى علافة القرد 
بالجماعة ٠‏ فعلى الرغم من تركيز أورتيجا على الانسان الجماهيرى كسلب 
الا أنه يدلل الانسان الذاتى أو الفرد كايجاب كما فعل كيركجارد فى الفزد 
ومونييه وشيلر فى الشخص أو حتى شترنز فى الفرد الأوحد ٠‏ وتيدو الفردية 
كلما انتقلنا من الطبقة الدذيا الى الطبقة الوسطى ثم الى الطبقة العليا ٠‏ 
الفردية تقود الى الصفوة كما تؤدى الجماعية الى الجماهيز ٠‏ وفى الفرن 
يتجلى العقل الديوى ويختفى فى الجماعة » يبدع فى الصفوة ويتوارى فى 
الجماهير ٠‏ يظهر فى الأقلية ودضيع فى الأغلبية » وكأن أورتيجا أقرب فى 
تفسير الظواهر الاجتماعية الى بارتيى فى تركيزه على دور الصنفوة فى 
القيادة وفى نفس الوقت ينقذ البلشفية والفاشية على انها حركات جماهير 
مع أنها ايها ترئ الصفوة ممثلة فى قيادة فعالة نشطة أخلاقية ومبدعة ٠"‏ 
دل انه يكون أيضا أقرب الى الفكر الدينى الذى يركز على دور الأندياء فى 
التساريخ 2 وعلى ضرورة وحجطود الأقلية المؤمنة 6 هم هنآ 
والباقيات الصالحات التى دفضلها يتم انقان الأغلبية الكافرة وعامة الناس 
8ط وع0 1701 ها على الرغم من غياب الدين قى فكره كمحور أساسى 
وعلى عكس اسئاذه أونامونى فى « احتضار المسنحية » داستثناء مواقف 
قليلة ينقد فيها أورتيجا رفض الجماهير وهى فى ثورتها التدين: والمعرفة 
النظزية من أجل الدراسات السياسية وتحنركات الذهماء ! اليس الدين 
أيديولوجية: الجماهير كما هى واضح- فى لاهوت الثورة ولاهوت التحرن فى 
أفريقيا وأسيا وأمريكا اللاتينية ؟ ألا يتحول الدين تحولا طبيعيا .الى العلوم, 
الاجتماعية وهذه بدورها الى الايديولوجيات السياسية على مايصف. جويو 
فى « لادينية المستقيل » اعتصو مز 8 صدمأوناء15 1 


ولكن ظروف العصس تمنع أن يعيش الانسان فرديته' نظرا لتضارب. 
مشازيع الفرد. مع مشاريع الجماعة ٠‏ ومع ذلك فالفرد يعيش بالهرؤرة قى. 
جماعة » والخياة -الاجتماءية تتظلب بالضرورة الاشتراك مع الآخرين فى 
فعل الدماهير ٠‏ فالجماهير شر لابد منه ! وهنا يبدى أورتيجا أقرب الى جان. 
بول سدارتر فى أن « الجحيم هو الآخر ؛ مع أن الفرد قد يقوى. بفعل الجماهور, 


255 د 


وتثاكد فرديته وينمى مشروعه من خلال مشاركة الآخرين ٠‏ واذا اعترف 
أورتيجا بأن الجماهير شر لابد منه مادام الانسان الجماهيرى لا يستطيع أن 
يعيش حياة فردية نظرا لتعارض مشروعه مع مشروعات الآخرين فانه أيضا 
يعءترف بضرورة الابقاء على حياة الجماهير . ؤنمط سلوكها » ولكن :حتى فى 
هذه الصالة تتحول آية مشاريع مشتركة بين الفرد والجماعة مثل العدالة 
الاجتماعية الى رومانسية خطابية باسم التضامن الاجتماعى 501108715536 
ثم يبرز الديماجوجيون فيقضون على الحضارة كلها :اذ أن الديماجوجية هى. 
عدم شعور بمسؤولية الديماجوجى عن آرائه وأفكاره التى لم يبدعها هو بل 
تلقفها من الصفوة ٠‏ الديماجوجية عند أورتيجا هى احدى صور الانحطاط 
العقلى ٠‏ هى شر مركب فى الطبيعة الانسانية . تظهر. فى الانسان الجماهيرى ٠‏ 
والحقيقة أن هناك فرقا بين الديماجوجية والثورة + الأولى تحريض للجما هير 
والثانية تحقيق علمى لحركاتها ٠‏ ان ثورات. العصر ليست مجرد تحريض 
ديماجوجى أو تمرد وعصيان بل هى ثورات لها أصولها التاريخية فى 
الأوضاع الطبقية الطبقات الكادحة فى البلاد النامية فى هذا القرن وردود فعل 
على المجتمعات الصذاعية المتقدمة فى النظم الراسمالية خاصة فى القرن 
الماضى ٠‏ ومهمة الحزب الشعبى أو التنظيم السياسى أى طلائع الجماهير 
تحويل التمرد الى ثورة واعطاء البعد التاريخى لحركة الجماهير ٠‏ - 


وينكر أورتيجا على الفكر الاجتماعى مفهوم المجتمع أي الجماعة 
فقد خلط الفكر الحديث , فى رأيه » بين المجتمع د 5061666 وبين المشاركة 
6 * فنحن لا نعيش فى مجتمع بل فى مشاركات ٠‏ وهى نفس 
التفرقة المشهورة عند تونيس 18221682 بين المجتمعع ‏ 826ط6[16و66 
والجماعة #6قطهوصلوصمه© ٠‏ الأولى عامة مجردة , لا شخصية , 
والثانية خاصة وعيانية وشخصية ٠‏ كما يرفض اورتيجا نظرية العقد. 
الاجتماعى عند اسببينوزا وروسو باعتياره اجتماع ارادات لأن المجتمع 
مشاركة فى كيان الفرد دون تنازل عن ارادته وسلطته ٠‏ وهنا يبدو أورتيجا 
رافضا. للتضور الاستقرائى للعقد الاجتماعى أى الصعود من ارادات الأقراد 
الى ازادة الجماعة مفضلا التصور الاستنباطى أئ وجود المجتمع المسبق. 
فى: صورة مشاركة فئ بنية الفرد ٠‏ الجمهور بعد. للقرد ٠‏ كما أن القانون 
ليس تعبيرا عن ارادة جماعية بل هى تعبير عن العقل الحيوى فى الأفراد ٠‏ 


1# ل 


بهذه التحليلات الجديدة. يحاول أورتيجا المساهمة فى تقدم. العلوم.الاجتماعية 
ألتى تخلفت عن العلوم الطبيعية فى الغرب ٠‏ 


وينتقل أورتيجا من علم الاجتماع الى. علم .السياسة .وتتحجول: القضية. 
من الفرد والجماعة أو الصفوة والجمباهير الى. قضية. الليبرالية والنظم. 
الجفاعية وفى -مقدمتها الاشتراكية وبنفس التمايز وإلتقابل والتضاد ٠‏ وقد 
ظهر. كلا المذهبين. فى الوعى الأوربى ٠‏ فالليبرالية الفردية تنتمى فئ رأى . 
أورتيجا الى القرن الثامن عشي ٠‏ وهى التى الهمت الثورة الفرنسية وانتهث 
بنهايتها ٠‏ أما الجماعية ‏ ©9:8ل60011680 فقد ظهرت أيضا ابتداء من. 
القرن الثامن عشر دم تحولت الى اتجاه رجعى محافظ على أيدى دى.بونالد. 
84 ©8289 , ودى ميسستر ©196هلة26 26 حتى سان سديمون 
5312-00 وبسلائش ٠‏ 81386826 وكلسومت 002268 فى القرن 
التاسع عشر ٠‏ ثم أتى آمار ‏ 431087 وتحدث عن الجمعية > <2دقتاعع0011 ” 
فى مقابل الشخصانية 268028118928 , وجعلها ضد الفردية : وبالتالى 
اسنتقر فى الوعى الأوربى هذا التعطارض بين الفردية والجماعية , 
دين الليدرالية والاشتراكية ٠‏ والحقيقة أن أورتيجا بهذا التازيخ 
المبتشر للفكر السياسى الأوربى قد أغفل تطورات عديدة له ومذاهبا احَرزئ 
فيه ومحاولات الجمع دين الاثنين ٠‏ فقد استمر الاتجاه التحزرى الليبرالى 
فى القرن التاسع عشر عند مل 3011 .31.8 ٠‏ وتحدث سيئيس «#معصوم8 
عن الفرد باسم الجماعة ٠‏ وماذا عن ماركس والمذاهب الاجتماعيّة' التى 
أعطت للمذاهب الجماعية طابعا تقدميا ؟ ولا يخفى أورتيجا تأييده للمذافب 
الفردية ضدد المذاهب الجماعية لأن الجماهير عاجزة عن أن ترتقى: "الى حياة 
الفردية والشخضانية ٠‏ يعادى أورتيجا الاتجاهات الجماعية لأنها فى رأيه 
تمنع الاتجاه التحررى * وهو النقد الشائع الذى تؤجهه الرأسمالية الى' النظم 
الاشتراكية والذى يمكن لأجله وصف بعض فلاسقة الوجود بالرجغية والتعبير 
عن النظم الراسمالية وحب الغرب ٠‏ والحقيقة أن الجماهير مازالت”' مسيّرة 
النظام الراسمالى فى الغرب تحسب الصفوة حسابها' ٠‏ وكثيرا 'ماثنفجر 
الجماهير فى النظم الرأسمالية فتتكيف هذه طبقا 'لها وكما حدث فى ثورات 
الشباب فى الغالم فى مايو ١11/4‏ وكمأ حدث فى الحركات الشعْدية فى" النظم 
الرأسمالية التابعة فى ايران ٠ ١91/94‏ والسودان 3185 2/2 والفلبين ١9:5‏ , 
وكوريا الجنوبية /ا194 . 


458 ده 


أولا 2 التجمنهء 6786102 0رماععم أو المللاء معاطم 
فكل مرفق يفيض بالبشر :: المنازل » والشوارع '. والفثاذق 2 والقطارات »2 
والمركبات » والمقاهى , والمستشفيات » ودور اللهوا ٠٠١‏ الخ . حتى أصنحت 
مشكلة اليوم هى ايجاد « المكان الخالى » ٠‏ وللم يحدث للجماهير من قبل 
أن تحولت الئ مثل هذه التجمعات 'الكبيرة الا فى المعارك والحروب القديمة: 
« الجماهير » اذن لفظ من علم الاجتماع الدينامى يعدر عن الناس من حيث 
كونهم ظاهرة كمية مرئية ٠‏ يقصد أورتيجا بواقعة التجمهر الجماعات الكمية 
المتراصة التى يتم .التبادل بينها بلا تفرد أو خصوصية كقطع غيار آللة لا وظيفة 
لها الا سير الآلة ودوام حركتها ٠‏ 


ثانيا : الوعى التاريخى » ان تقوم الجماهير اليوم بنفس الدور الحيوئق 
الذى كانت تقوم به الصفوة المختارة من قبل ٠‏ بل انها تتجاون قيادة الصفوة 
وتعصاها ٠‏ تتمتع اليوم بما كان محرما عليها بالأمس ٠‏ لقد عرف الشعب 
قديما أن السديادة له ولكنه لم يعتقد ذلك الا اليوم » ولم يحول اعتقاده الى 
حقيقة فعلية ألا يبسيادة الجماهير بعد تحرر الانئنسان العادى وشهورد 
بشخصيته المستقلة وخاصة أن عصر التنوير لم يحرر الا طبقة المثقفين 
فحسب ٠‏ والآن يخشى الديموقراطيون نتيجة هذا التحرر بعد أن أصيبج عبد 
الأمس سيد اليوم ٠‏ الجندى نفس الدق الذى للقائد » وللمواطن نفس الحق 
الذى للداكم , وئلابن نفس الحق الذى لآب ٠‏ وللطالب نفس الحق الذى 
للاستان لأن عصيرنا هو عدم التسوية خطع 2176116 2 ء مساواة كل 
فرد للفرد الآخر ٠‏ ويحلل أورتيجا هذه الخاصية من حانبين : الأول الدور 
الحيوى الذى ثقوم به الجماهير » وهو الدور الذى كان حكرا على الصفوة ٠‏ 
والثانى تمرد الجماهير على الصفوة وكرهها لها من أجل أن تحل محلها ٠‏ 
ودمثل هذان الجانيان جدل السيد والعيد المعروف عند هيجل وفى صورة 
الجدل بين الصفوة والجماهير ٠‏ ويعد هذا التحول , أصبح الانسان. العادى 
محور التاريخ ٠‏ يبدو ذلك فى الفن وأخذ الفن .الشعبى كمص در إلفنون 
الراقية 2 فى الموسيقى والرسم والنحت . وكما هو واضصح فى. الانظمة 
السياسية الجديدة الغروفة باسم « الديموقراطيات الشعبية » أو « الجمهوريات 
الشعبية » أى « الجماهيرية الديموقراطية الشعبية » .٠‏ تعبر ثورة الجماهير 


456 ه 


اذن عن مدى ارتباطها بالتاريخ القديم لأن الثورة لا تقوم الا على « العقل 
التاريخى » ٠‏ لذلك .تدين أوريا أكثر ماتدين لاثنين من مفكريها : ديكارت 
موؤسس الاتجاه العقلى الحديث وكوندرسيه واضع مفهوم. التقدم ٠‏ :ثم ظل 
العقل طيلة ثلاثة قرون عقلا.رياضيا طبيعيا بيولوجيا:حتى ظهر العقل التاريخى 
في القرن الماضى فى فلسفات التاريخ والذى عبر عنه دلتاى فى فلسفة 
تصبورزات العالم 23 هه هذا هى !لفرق بين الشاريخ 
الطبيعى والتاريخ الانسانى ٠‏ التاريخ الظدبيعى لا :ذاكرة لنه :اما الشاريخ 
الانسانى فيعيش بفى الذاكرة . ولا يبدا مطلقا .بذاية جديدة ٠‏ .وقد أثبقت 
تجارب كوهلر 16851688 أن الفرق الوحيد بين الشمبانزى .والانسان هو 
تميز الانسنان بالذاكرة , الانسان ذاكزة والحيوان سادة على مايقول 
.برجسون ٠‏ ويكون ثراء 'الانسان هو مدى استفادته من محاولات الصواب 
والخط؟ ٠‏ لذاك يعرف نيتشه الانسان -الاسمى .بأنه الموجود الذى يتمتع .بأطول 
ذاكرة ٠‏ .وهذا هو السبب فى جعل الشعب الانجليزى قانونه قانونا تاريخيا 
يكون حكم الواقعة الخاضرة فى الحالمة السابقة ٠‏ أما الشورات المتقطعة 
المنفصلة عن تاريخها ( الثورة الكمالمية فى تركيا مثلا ) فهى ثورزات مرضية 
أو .انقلايات عسكرية أو تمرد طبقئ' ٠‏ الثورة حركة الجماهير ونليست انقطاعا 
عن اللاذضى ٠»‏ تكسر خط .مستمر ٠‏ وقفن فى مشار .واحد ٠‏ وهذ! أيضا ماتتمويز 
به أوربا بحسها التاريخى عن أمريكا بلد الرخاء ٠‏ فهناك قصبر ذظر فى 
السياسة الأمريكية وتركين على .رؤية الحاضر والواقع المباشر دون أى حس 
تاريخى بحركات الشعوب ٠‏ ومن يتصور أن .أمريكا بلد المستقبل ينسى انعدام 
حسها التاريخى ٠‏ 


ثالثا : العيش على مستوى العصبر ء ويدل هذا التعبير على أن الجماهير 
اليوم تعيش جلى مستوى الأحداث والمسؤولية ٠‏ تعيش زمانها الديوى , 
وتعانى مشاكل عصرها ٠‏ وهى ليس الزمان الذى تبينه عقارب الساعة 
أو نتائج الحائط السنوية بل هو عصرها الذهبى الذى تشعر فيه بتحققها 
أى أنه زمان المعاصرة ٠‏ وهو تعبير مغاير لتعبير السقوط أو الانويار لأنالءيش 
على مستوى العصر هو العيش فى سمت الزمان 61088 كال خاتاء اناق عمل 
وعلى هذا الندو تشعر الجماهير بالأحداث ٠‏ وكثيرا مايرى الناس قمة 
الزمان في العصر الذهبى أو العصر القديم كما هى الحال عند دعاة الكلاسيكية 
أو الثقليديين ٠‏ وهى الفترة التى يشعر فيها الناس باكتمال الزمان أى انتهائه 
( دراسات فلسفية ) 


5١‏ ب 


كما حدث للمسيحيين الأوائل. بظهور المسيح أى عند هيجل بتحقق المطاق ٠‏ 
وفنى هذا العصر يكون الاكتمال فى الاشباع أو فى النجاح أى فى .الوفرة: ٠‏ 
ان المعاصرة.هى ٠‏ أن.يعيش: الانسان حياة عصره وأن يشعر أن حاضره أفضل 
من هاضيه. ٠.‏ ومن خصائص هذا العصر أنه عصر الجماهير . ولا ترى أحداثه 
:الا من خلال.الجماهير : لقد صعدت: الجمناهين الى مستوى التاريخ: , 
وظهرت كمبابرة: تاريخية:وكأنها فى موعد مع القدن ٠‏ قررت أن تتقدم “الى 
الصفوف .الأونى :وتختل. مكان: الصدارة وأن تستعمل طرقا وأسالييا وأدوات 
متنوغة ٠‏ وأن ‏ 'تتمتع دمذا هج كانت من يل حكزا على عدد قليل ٠‏ لقد ورت 
..الجماهين. الصفوة .٠ ١‏ دون أن تلغى نفسها كجماهير ٠‏ عصر الجماهير هو 
عصن الفخامة والعظمة على مايقول اشبنجلز ٠‏ وكل تفسير للعءصر لا يظهر 
البلالة الايجابية المختفية لسيطرة الجماهير فانه تفسير خاطىء ٠‏ تبدو أصالة 
٠‏ الخماهير : فى:.مدى - ارتباطها بالتاريخ وتحملها مسؤوايته * وبالتالىفان 
عظمة العصر تأتى. من عظمة الحاضر لا من عظمة الماضى ٠‏ بل ان من سمات 
العدر تلك الهؤة السحيقة دين الماضى والحاضر ء العصر الحاضر. لا يحتضر 
كما. هى -الجال. عند أونامونى بل هو قمة الزمان » روح العصر ؛ مانيطلق عليه 
“كل ديل زماننا..2”: عصر ازدهار الحضارات »2 عصر الملاء ‏ الحيوئ' يتصرف 
النظر غن الاشباع أى النجاح: أو التحقق ٠‏ العصر .الحاضر هو عصر الثورات 
سواء فى. البلان المتطؤرة أو فى البلاد النامية » ومن يعيش معاصرا هو من 
يعيش ثائرا:» ومن يوّشر الاستكانة أو النكوص عن ثورة الجماهير فانه يتخلى 
٠‏ عن. عصرره .».ويعيش: معزولا فى عصره الخاص كما يفعل كثير من علماء 
البلاد النامية الذين يقضون حياتهم فى الخارج مؤثرين عصر التكذولوجيا 
واليسر على عصير ذورة الجماهير ٠‏ لذلك كان الالتزام بقضايا العصر هى 
العمل الفلسنقئ الأول , والمساهمة فى ثورة الجماهير هو السلوك الوحيد 
المذكن " ' بل "ان: وعدة الثورة العالمية أصبحت ممثلة لحركة الجماهير ٠‏ 


تدل هذة ة الخصائخص الثلاثة على نماء الحياة 6ن 8 06 ع260وة02015 هآ 
اذ يعيش كل فرد حيأته بكامل قوأه ٠‏ لا يظهر النماء فى ازدياد السرعة فى 
الزمان أو فى تخطى المكان بل فى محاولة الهدم و البناء المستمرة وفى النشاط 
الحيوى الزائد ٠‏ اذ يقدم العصر الحاضى في البلاد المتطورة امكانيات واسعة 
للاختيار ' وفى هذه الحالة يكون النماء هى شعورنا بالقدرة على الاختيار 


ددن الممكنات التى تحدم نفسها عليذا 0 وتكون الحياة هى العيش دحت ظروف 


- 835097 


معينة أو فى العالم ٠‏ وهى المعنى اللفوى للفظ عالم 21112015 أبى مجموع 
الامكانيات الديوية.» والعالم بهذا المعنى أى مجموع امكائياتذا أوسع نطاقا 
من مصيرنا وهى حياتنا الفعلية ٠‏ يدل العصر الحاضئ على زيادة امكانيات 
الحياة الانسانية فى شتى الميادين الثقافية والعلمية على عكس امكاذيات 
الدياة البدائّية ٠‏ ولا تستطيع هذه الحياة الاتجاه الى الماضى دبل ترى مصيرها 
فى 'نفسها ٠‏ -حياتنا لا تتجه الى الوراء .بل تكشف عن نفس لها وقدرها 

ولما كان الانسان مقذوفا فى الزمان , والعالم موجود١‏ من قبل فالانسان 
موجود فى العالم وقى احدى المقولات الرئيسية فى الفلسفة الوجودية ٠‏ 
لا تختار الحياة عالمها بل. على العكسن يجد الانسان نفسه حيا فى عالم محهدد 
لا يمكن استبداله أى فى هذا العالمم الواقعى ٠‏ هالمذا هو جزء'من المصير 
الذى يشمل حياتنا ٠‏ هذا المصير الديوى.ليس مصيرا أليا بل هى مصصير 
يتطلب اختيارا بين الممكنات ٠‏ لم ذقذف فى الوجود مثل طلقة دندقية تحدد 
مسارها من قبل بل وفرضت: علدنا مسارات عدة تضطرنا الى 'الاختيار ٠‏ أن 
يحيا الانسان هو أن يشعر ذتما“داضطرازه ممازسته حردته » يقرر هاذا يريد 
ن يكون فى هذا العالم ٠‏ ولى كنا يائسين فقد قرزنا ألا نقرر * ومن الخطا 
التسليم فى الهياة بان الظروف:هى: التى تقرز نيابة عنا بل على المكس 
الظاروف هى التى تكون بنود المأساة التى تتجدد: باستمرار: والتى: تدفعنا الى 
أذذ موقف ٠‏ شخصيةنا هى التى تقرر فى الموقف ٠‏ وهذا تماما ما اذتهى 
اليه 'عدين من فلاسفة الوجود المعاصرين مثل' ياسبرز فى « المواقف المحددة » , 
ومثل قول شارتر المشهور « ان الانسان قد حكم علية بالحرية » » ومثل نظرية 
'برجسون فئ الجبر الذاتى ٠‏ واضبطزار الانسان أن يكون حزا ٠‏ أن يحيا 
الانسان هى أن يوجد فى الظزف أى فى العالم ٠‏ والعالم مجموع امكانياتنا , 
والفرد هى اختيار أحدها ثم تحقيقها ٠‏ بل ان أسوا الامكانيات هى احدى 
الامكانيات ٠‏ لذلك كان الموؤقف والقرار: هما اهم عاملين فى الحياة ٠‏ الظرف 
هى مجموع الامدكانيات 2 والقراز هو اختيار احداها . الموقف لا يقرر دل 
الحزنة هى التى تقزر ٠‏ وهذا كله مرهون بالانسان الفرد ٠‏ أما الانسنان 
الجمافيرى فانه ياعتباره فرن! يحمل فى طياته امكائيات خااصة + خيرا 
كانت أم شرا * ولكنه باعتيازة جماهيريا فائه ليس صاحب القرار ٠‏ الجماهير 
لا تقرر شيئا لأن دورها قاصر على الموافقة على قرار الأقلية التى تقدم برنامجا 
يعبر عن الحياة الجماعية فى النظم الديموقراطية ٠‏ وفى الغالب يعيش ممثلوا 
الساطة العامة دون براهفج ٠‏ ويحكمون يوما ديوم طبقا للمنقعة: العتاجلة وكما 


818 


تحتم الظروف تبها لضغط الجماهير 'عليهم ٠‏ لذاك لا تخلق الجماهير شيثا 
بالرغم من امكانياتها الواسعة ٠‏ ووستطرد أورتيجا معبرا عن هذا الموقف 
الوجودى الذى يشترك فيه جميع فلاسفة الوجود وهى أن وجودنا فى هذا 
العالم رسالة ومشروع ٠‏ وأن هذ! المشروع لا يكون من المعرفة وحدها بل 
.من السلوك أولا + وأن المعرفة تكون ضرورية قط بقدر مايتطلبه السلوك ٠‏ 
أن .يديا الانسان هى أن يكون فى علاقة بالعالم ». وآن يصطدم بمشكلات. . 
ودجابه أخطارا ٠‏ ويحمل مسؤوليات ٠»‏ كل ذلك وهى فى مواقف محددة تجعله 
أقرب الى. التبعية أوالاستقلال ٠‏ أن يحنا الانسان هى أن يشهر بمحدوديته وأن 
يتعامل مع المحددات بحيث يتم تجاوزها والتدرر منها فيتخاق الانسان بنفسه 
معتمدا على نفسه دون أن يلجا الى عون خازجى ٠‏ واذا كان شعار الحياة 
قديما هو أن يشنعر الانسان يحدوده والاعتماد على ذاته فان الحياة الآن .هى 
أن يشعر الانسان ‏ دقدرته على تجاوز هذه الحدود والاعتماد مطلقا على 
ذاته “ ان الانسان الممتاز يتطلب الكثير من نفسه ٠‏ أما الانسان العادئ فانه 
يرضى بوضغه ١‏ ويقنع بظرفه » ويستسلم .للموقف ٠‏ العالم موجود بالفعل ' 
والانسان موجود فى العالم ٠‏ والسؤال الذى وضعته الفلسقات المثالية عن 
وجود العالم لا معنى له لأن العالم موجود بالفعل قبل السؤّال عنه ٠‏ ومادام 
انسان هذاك فالعالم جزء منه ٠‏ 


ويسمى أورتدبجا هذه الفردية المتآميزة النبسل 0 هآ 
واذا كان الذبل. قديما قاصرا على الصفوة المختارة » وكان النبيل هى من 
يتطلب من نفسه الكثير لأنه يتمتع بامكانيات أكثر مما يتمتع به الانسسان 
العادى فان الانسان العادى اليوم يكون نبيلا أيضا لأنه يتمتع بامكانيات 
واسعة «النبل يستلزم»ه ع01185 205616886 ٠‏ الذبيل فى اللغة هى الانسان 
المعروف فى هقايل الانسان النكرة' ولا تتم هذه المعرفة عن طريق الطبقة كما 
هى الحال عند الصفرة المذتارة.بلعن طريق العمل ٠‏ النبل هو الجهدء والتفاهة 
هى الاستكانة ٠‏ والذبلاء حقا هم الذين يبذلون أقصى جهدهم ٠‏ وهم الصفوة 
المختارة ٠‏ يتحدد النبل بالالتزامات وليس بالحقوق ,٠‏ بالعطاء ولوس بالأخن ٠‏ 
النيل .هبى العيش طبقا للقانون عند الصفوة » وعلى السجية عند الجمهور ٠‏ 
واذا كان النبل. هى ندياة المشقة والجهد والابداع فى مقابل حياة التفاهة 
.والاستكانة فان أورتيجا هنا يكون أقرب الى فلاسفة الجهد مثل مين دى بيران 
8 06 صنع11وبرجسون بل وعسودا! الى فشتة وفلسفة المقاومة ٠‏ 


- 4194 به 


واذا كنا نعيش الآن فى عصر التفاهة , تسوية كل شىء بكل شىء فان الفرد 
. اللتميز قادر على الخرؤج على هذا العصر متمثلا الذيل فى حياة الجهد وخلق 
الذات بالذات. وبالتالى يكون النبلاء هم الفلاحون الذين يفلدون الأرض » وهم 
العمال الذين ينتجون بأيديهم , وهم الشهداء الذين يبذلون حياتهم » وكل من 
تتصيب جباههم' عرقا وكما قال الشاعر العربى قديما : 


ونظرا اطول انغلاق الانسان العادى على نفسه تنشب ثورة الجماهير 
فى حجن من العنف » تبدى الجماهير عاصية متمردة خاصة وأنها تشعر بالكمال 
“الذى يوّذى الى الغرور ٠‏ ولا يدل ذلك على غباء الانسان الجماهيرى بل على 
يقظته ٠‏ يقوم بالثورة دون أساس عقلى بل اعتمادا على اعتقادات وتقاليد 
وتجارب وحكم وآمثال ٠‏ صدحيح أن الانسان اليوم يحاول أن يكون لنفسه 
نظرية أى مجموعة من الأفكار عن الأشياء 2 وأن يعطى اجابات على كل 
مايعرض له من مسائل » ولكن الخظطورة أن. تكون هذه الأفكار خاطئة ٠‏ كل 
ذكرة فشل للحقيقة . ومن يبحث عن الأفكار تدتءد عنه الحقائق ٠‏ والحضارة 
ماهى الا م.جموعة من القواذين والقواعد التى تنظم هذه الأفكار ٠‏ فاذا غابت 
هذه القوانين تدولت الحضارة الى بريرية وعذف ٠‏ ويعطى أورتيجا أمثلة 
على ذلك فى الحركات النقابية والفاشية دون أن يذكر النازية والصهيونية , 
متجنيا على الح :كات النقابية التى تحاول رقع الظلم عن العمال ضد أصحاب 
رؤوس الأموال ٠‏ فعنفها عنف مضضاد وليس عنفا أوليا » عنف محرر وليس 
عنفا قاهرازه) ٠‏ لذلك لا يتحدث أورتيجا الا عن أحد جوانب العنف وهو 
العنف المضاد ناسيا العنف الأول أى مصدر العنف ٠‏ ولا يميز بين العنف 
المشروع وهو العنف المضاد والعثف اللامشروع وهى العثئف الأنسساسى ٠‏ 
ويكتفي بالقول بما تردده أجزة الأعلام تسطيحا للأمور ودفاعا عن السلطة 
من أن العنف هى عدم أعتراف بان الآخرين على حق ٠‏ والتاكيد على أن 
الانسان وحده على حق فارضيا ارادته على الآخرين ٠‏ قالآراء ليست مجرد 


ذظردات دل فى رغيات وارادات وقوى 1 ويريد العحمنف رذض الجماهير أساليب 





0 2612-101620 لقتطنة ععطعاما؟؟ 02 قوناء101516 : القصوط موعمعهة1آ 
ش 0ل سم 


د علا مه 


الحوار لأن الحوار جدل الأفكار ٠‏ بذلك ينتهى النقاش ٠‏ ودشتد العنف.. 
ويبدا العمل المباشر ‏ غ]عع0126 2م1اعة'آ1. ٠‏ يدل الدنف على افلاس الوقل 
وياسه ١‏ وقد كان دسدمى قديما الغقل الأخير . 125110 11111 وكصا قال 
النثباعر العربى. : : 


السيف أصدق أنساء هن الكتب فى حدة الحصد دين الجد واللهب 


والحقيقة أن العنف ليس قاصرا فقط على الجماهير بل هو ممتدا أيضا 
الى الصفوة ٠‏ وليس فقط أحد مظاهر البدائية ولكنه أيضا أحد مظاهر المدنية٠‏ 
فكلما تطورت المجتمعات وزادت رفاهية ظهر فيها العنف لاعادة توزيع الثروات 
ولرفض قيم مجتمع الرفاهية ٠‏ .هناك مجتمعات بأكملها قائمة على العذف 
سواء فى نشآتها أو فى إستقرارها مثل المجتمع الأمريكى فى استتكصاله لإهنود 
الجمر فى.الداخل وقمعه [لشعوب فى الخسارج ٠‏ فى أسسدتجلايه الأفريقيين 
كعبيد فى الداخل وانتشار الرجل الأبيض فى الخارج 2 أصبح العنف فى 
المجتمعات المآطورة أدد أذماط السلوك فى الحياة اليومية كوسيلة للتعامل 
مع الأفراد وكدافع لحركة التصذيع وكدعوة الحرب ٠‏ 0 


ولثورة الجماهير وجهان : وجه انتصار ووجه هزيمة 2 وجه حياة 
ووجه موت ٠‏ تستطيع. ثورة الجماهير أن تؤدى الى تنظيم جديد للانسانية 
ولكنها أيضا تستطيع أن توقع النوع الانسانى كله فى كارثة ٠‏ ثورة الجماهير 
اذن قد تسير فى خطين مدتملين متعارضين دون حتمية الوقوع, فى مسيار 
واحد ٠‏ لقد آمن فلاسفة التاريخ بالتقدم الحتمى الذى يسير فى خط واحد 
الى الأمام مع أن التقدم قد يكون الى الوراء أى نكوصا ٠‏ وأنها لتقدمية 
عمياء سواء من النظم الليبرالية أو النظم الاشتراكية تلك التى ترى أن مسار 
التاريخ يذتهى ,حتما الى واحد منها ٠‏ لا يوجد مسار حتمى للتاريخ بل توجد 
مجموعة من اللحظات » كل واحدة منها مستقلة عن الأخري ' لا تتحرك من 
مكانها ٠‏ وهكذا يقترب أورتيجا من. نظرة كير كجان د والبروتستانتية التاريخ ٠‏ 
فالتاريخ يتكون من مجموعة من اللحظات المستقلة التى يهبط فيها الخلود 
هبوطا رأسديا ٠‏ ومجموع هذه اللحظات يكون هو التاريخ ٠‏ ان التقدم يحتوى 
على عناصم فذائه فى داخله ٠‏ كلما تقدمت امدنية احتاجت الى تطهير نفسدها 
ما علق بها.من. ثقل يفقدها. كل حيأة. » فكل .دافع: حيوئى يتوقف » ويتحول الى 
دقل ٠ادى‏ كما يقول برجسون ٠‏ 


ب الاع6 د 


هذه التعرية المستمرة للتقدم والمدنيةة تدل على أن هفصين ااتكنولوجيا 
هى البسدائية ‏ 11211618171336 ٠‏ وقد تنداً أآينشتين من قبل بأن الحرب 
التالية للحرب الذرية المقيلة ستكون من جديد عود ‏ الى حرب « النبال » التى 
كان يسنتعملها .الانسان .البدائى ٠‏ انسان اليم انسان بدائى أو انسان طبيعى 
كتمع طن الا يظهر فى عالم متمدين » ويظن أن المدنية هى ذتاج الطبيعة 
مع أنها اصطناع العصر .٠١‏ التكنولوجيا وحدها لا تضمن شيئا: » والدولار 
لا يؤسدس معرفة على حد قول أورتيجا والا « ليسنذا قشرة الحضارة' والروح 
جاهلية » كما يقول الشاعر العريى الحديث ٠‏ وينطيق هذا التحليل حتها على 
المجتمعات النامية التى مازالت تتعثر فى بدائيتها ٠‏ لقد حاولت بعض 
المجتمعات النامية نقل بعض أساليب التكذولوجيا الحديثة دون تغيير أساسى 
فى بنائها النفسى ٠‏ فهناك مصائع للثلاجاث فى يلد يشرب ثلاثة أرباعه الماء 
العكن فى ذافورة ماء تضىء ليلا وترقص مياهها على أنغام الموسيقى فى ميدان 
عام ليتبول فيها الأطفال لأن الميدان خال من دوراة المياه أو الأنفاق الحديثة 
التى يعيش فيها الباعة المآجولون أو ناطحاث السنحاب التى يشكن فى ظلها 
من لا هاوى لهم أو المساحات الخضراء فى الشوارع التى يربى فيها الناس 
الطيور أى المسارح والمدرجات التى تتجول فيها القطط والكلاب ٠٠١‏ الخ ٠‏ 
كل مدذية اذن مهددة بالضياع ٠‏ يحرق الآلاف فى آفران الغان ٠‏ وتلقى القنابل 
الذرية على 'مذن بأكملها ٠‏ فالمدزية تهدد نفسها بالدمار ٠‏ لقد سقطت 
الاميراطورية الرومانية لنقص فى التكنولوجيا ٠‏ واليوم يسقط الانسان 
المعاصر بسيب تتدم التكذولوجيا ! سقط الانسان القديم لأنه تخلف عن الدذية , 
وسدقط الانسان المعاصر لأنه فاق تقدم مدنيته ! ٠‏ 


ويضبرب أورتيجا المثل بالحركة الفاشية والثورة الباشفية على الوجه 
العادم لثورة الجماهير متناسيا كالعادة النازية والءنصرية ٠‏ والواقع .أن 
الفاشية ليست ثورة للجماهير بل حركة عنصرية تقوم على أسطورة الجذس 
الراقئ وعلى أمجاد القدماء ومفاخر الحاضر ٠‏ ويستغفل :دعاتهسا حركة 
الجماهيز بالأسلوب الديماجوجى ٠‏ أما الثورة البلشفية فالأمر مختلف ان 
أنها تعتمد على حركة الجماهير دفاعا عن مصالح الطبقات الشعبية الكادحة 
واشتنادا على الوعى الطبقى للحزب ٠‏ وهى ثورة تاريخية وليست مجرد 
حركة ‏ معاصرة. ٠‏ صديح أن التاريخ كان دائما تاريخ الندبلاء والاشراف 
والملوك والأمراء , فهم بثاة القصور والكناسس , ومؤسسوا الاميراطوريات, 


د ك'لاة - 


وواضهوا القوانين ٠‏ ولكن الشعوب الكادحة تكمن وراء ذلك كله : عمال 
القصنور. » وجنود الحروب » وفلاحوا الأرض * وهى "قديمة بقدم الأرض »2 
أهملها :التاريخ ولم تظهر الا فى ثورات العصر وكانها .انفجار بعد طول 
غياب ٠‏ فاذا كانت الثورة الروسية قد انفصلت عن تاريخ روسهيا القيصرى 
فانها تبر عن تاريخها الانسانى الطويل ٠‏ وان لم تستمر :الحركة الفاشية 
أكثر من خمسة عشر عاما , وهو العمر الذى يحدده أورتيجا الحركات 
المنفصلة عن تاريخها , نفان 'الثورة الباشفية قامت مذذ أكثر من نصف قرن 2 


ومازالت مسدتمرة ٠‏ 


وبطبيعة الحال عندما يتحدث أورتيجا عن العصر الحاضر فائه يقصد 
التجرية الأوربية أى الغرب المعاصر ٠‏ فقدا أصبدت الحياة الجديدة ممكنة 
فيه بفضل ثلاثة عنادس : الديموقراطية الليبرالية » والتجربة العلمية وما تنتج 
عنها من تقنية ٠‏ والتصنيع ٠‏ ويبرز أورتيجا خلاصة هذه التجرية الأوربية 
ميينا كيف كانت .ثورة الجماهير .فى العصر الجاضي ردا على التجرية 
الأوربية الماضية والتى استفرقت ثلاث قرون ٠‏ ,وقد انتهت هذه التجرية الى 
الحقائق الثلاثة الآنية : 

١‏ - ان الديموقراطية الليبرالية القائمة على التكنولوجيا هى أفضل 
أنماط الدياة ٠‏ 


" ل أن أفضل نمط الحياة الممكنة يجب المحافظة على هذين العاملين : 
الديموقراطية الليبرالية والتكنولوجيا .220205 


7" أن كل:محاولة للرجوع الى الوراء الى النظم السدياسية السابقة 


هى محاولة انتحارية ٠‏ 


ولقد ساعد .هذان العاملان : الديموقراطية الليبرالية والتكنولؤجيا 
( مجموع الخبرة العلمية والتصننيع ) الانسان نالعادى على تسهيل الدياة 
المادية له ورفع مستوى معيشته ٠‏ كما أعطياه قسطا وزافرا من الراحة حتى 
أصديح العصر الحاضى خاليا من كل عقبات مادية ٠.كما‏ سهلت له حياته المدذية 
والأخلاقية ٠‏ واذا كان القرن التاسع عشر عصر الثورات فان الثورة ليست 
تمردا بل وضيع نظام جديد محل النظام القديم ٠‏ ودبذلك يمتان الانسان 


5 


المعادن بالتوسع فى رغياته الحيوية وفى نفس الوقت يعدم رضاه عما يسهل 
له حياته ٠‏ وهذان هما العاملان النفسيان اللذان يحددان سلوك الطفل المدلل 
الذى لا يشبع مهما استجيب الى طلباته والذى يعتبر كل مايحصل عليه حقا 
مكتسيا ٠‏ كذلك الوعى الأوريى يشعر بن ماوصسلت .اليه القدرون الماضية 
خاصة القرن الماضى انما أصبح حقا طبيعيا مكتسبا له ٠‏ ان مايشغل الجماهير 
الآن هى رخاؤها ٠‏ ولكثها فى نفس الوقت تثور لطلب الخيز فتحطم المخابز ‏ 
تثور على المدنية التى تنعم بها فيصيح 'هيجل « الجماهير تتقدم » 2 ويعلن 
أوجست كونت «عصيرذا عصي .ثورى تتولد عنه الكؤارث» » ويصرخ ذيتشه«ارى 
مد العدمية يقترب » ٠‏ ومع ذلك يتميز العصضىر الحاضر بسهولة الحياة المادية , 
يقضى فيه القرد حاجياته 2 ويرضى عن نفسه ٠‏ انه عضر اشداع الحواس »2 
عصر التقمة » يفرض ارادته بالعمل المداشر ٠‏ ومن هنا أتت نغمة الانتصار 
تددو له حياته العقلية والذلقية مرضية تماما ٠‏ هذا الرضا عن النفس يجعل 
الإنسان النعاصر أضمهما عن كل هايقال له فلا يملك الا أن يفرض ارادته بالعمل 
المداشتر ٠‏ أن هذه الوفرة لا تسمح له بأن يعيش حياته لأن النحياة صرزاع 
الانسان مَنَ أجل البقاء ومحاوؤلته أن يكون ذاتّه ٠‏ آما انسان العصىر التعايثى 
الذى يريد راحة: يدنه واشباع رغباته وسكينة نفسه فهو من بقايا الارسنتقراطية 
الوراثية ٠‏ انه عصىس عدادة الجسد ( وكما هى واضدح فى الأفلام » والاعتناء 
بالمظهر , وغياب الرومانسية فى الغلاقة مع الجنس الآخر ) ٠‏ يتحدث.أورتيجا 
عن العصى فى" مجتمع. الاستهلاك الذئى يشيع كل فرد: فيه رغذاته وااذى يفيض 
منه الانتاح عن حاجاته + وهو العصر الذى لم تعشه بعد المجتمعات النامية 
الى تهدد المجاعة بعض شحويها وسوء التغذية: البعض الآخر ٠-‏ بل ان هذه 
الموجة من التسهيلات التى تعم المجتمعات المتطورة أثارت جيلا من الشباب 
الغأضب فاجتاحت ثورة الغضب كثيرا من الأعمال الأدبية والفنية » وأنشات 
حضارة مضادة 1160156ن)-0011246) فى مواجهة حضارة العصر السائدة ٠‏ 
لقد شعرت أخيرا المجتمعات المتطورة بالوجه الآخسر للعملة وهئ فقدان 
الاحساس بالدياة آمام التسهيلات الجمة وتحويل الانسان الى عبد للآلة 
بعد أن. كانت الآلة. عبدا للاذسائ * وما وصلت اليه المجتمعسات المتطورة 
وشعرت بأواجه نقصه. هو ماتحاؤل المجتمعات الثامية الحصول عليه الآن 
وكأن التاريخ يغيد نفسه ولكن بضورة أقصى لأن المجتمعات المآطورة تستهلك 
ماتنتجه فى حين أن المجتمعات الثامية تستهلك ماينتجه غيرها ٠‏ واذا كانت 


د ع7 هك 


المجتمعات المتطورة قد خسرت الآخرة فقط فان المجتمعات النامية قد خسرت 
الدنيا والآخرة 10 


.وقد امتازت التكنولوجيا الأوربية على التكنولوجيا البدائية بأنها قائمة 
على العلم ٠٠‏ لذلك أفسحت المجال للتقدم بلا حدود ٠‏ لم تعد الجماهير من 
الطيقة العاملة وحدها:يل تعدتها .الى طبقات التكنوقراط والعلماء ٠‏ فاذا 
فرضت . البرجوازية القائمة أى الناشئة روحها على العصر فان التكنوقراط 
يكونون جماعة داخل البرجوازية ويفرضون عليها .روحهم ٠‏ والعالم على 
رأس جماعة :التكنوقراط ولكنه يقع فى التخصص ويصصيح تكنوقراطيا 
متخصصيا لا عالما مفكرا ٠‏ وتصبح سمة التخصص هى سمة العصر الحاضر ٠‏ 
وهو مايعارض روح القرن الثامن عشى. عند فلاسفة التنوير ومثلهم الأعلى 
فى ..المعرفة الشاملة التى حاول فلاسفة دائرة المعارف تنسيقها ٠‏ يؤدى 
التخصدص الى: تضييق مجال الروية والى الخلط بين الاستقصاء والفحص. 
وجمع المعلومات من ناحية. وبين روح العلم والابداع العلمى من ناجية 
أخرى ٠‏ فمجرد جمع المعلومات والتعامل معها بالعمليات الرياضية ليس, 
علما بل العلم هى. موقف الانسان من الطبديبمة وعمل العقل فى ظواهرها 
كان" الناس قديما .اما علماء أو جهالا ٠‏ واليوم هنباك وسط بيذهما وهم 
المتخصصون الذين هم علماء نظرا: وجهلة عملا ٠‏ زالذين يسبلكون فى الحياة 
العامة: وكأنهم جهال ٠‏ لقد ساعد التخصدص. العلوم التجريدية. على تقدمها 
فى القرن الماضئ. ولكنه اليوم عاجز عن أن يعطيها. دفعات 'خرى الى الأمام ٠‏ 
وهنا يتفق أورديجا مع برجسون فى رفضه للتخصص وفى دعوته الى المعرفة 
الشاملة ٠‏ التخصص. هو سبب أزمة علم النفس فى النصف الأول من هذا 
القرن, .وكذاك سبب الخلط فى العلوم الانسانية ٠‏ وانا كانت دعوة أورتيجا 
وبرجسون دعوة شرعية فى المجتمعات التكذولوجية فائهب] لا تصدق على 
المجتمغات الثامية التى تعانى من روخ الشمول ونقص التخصص » ووضع 
كل “شئءة فئ كل شىء ٠‏ 


وكها أن العلم مهدد بالتخصص فكذلك الهحياة مهددة بالدولة ٠‏ لم تكن 
للدولة فئ القرن الثامن .عشي الأوربى أهمية تذكر ٠‏ ثم بدات الراسمالية 
ومؤسساتها الصناعية القائمة على التكذولوجيا الجديدة فى توسيع نشباطها: 
فظهرت طبقة اجتماعية جديدة وهى البرجوازية التى كان لديها من القدرات 


ب 170 ب 


العلدية والعملية ماداعدها على القيام بدور المنظم حثى أن الدولة نفسها 
كانت تدور فى فلكها ٠‏ للم تكن الدولة. حينئذ الا جنودا ودبيروقراطيين وثروة 
خلفها. نبلاء العصر الوسيط ٠‏ وكاذت هذه الطبقة. قد انتهت لآذها كانت ذات عقل 
محدود ٠‏ وكانت تسنلك طبقا لغرائزها. وعواطفها وانفعالاتها ٠‏ وكان العامل 
اللاعقلى هو السائد ٠‏ لذلك لم تستطع تطوير التكنولوجيا التى تقوم على 
التنظيم ٠‏ ونظرا لوجود هذه الهوة الشاسعة بين ضغف الدولة وقوة 'الطبقات 
الاجتماعية استولت البرجوازية على السلطة ٠‏ وبدا المد الثانى للبرجوازية 
فى القرن التاسع عشر 2 ونشآات دول قوية , وأنتهى عصر الثورات الاتحاد 
سلطة الطبقة الاجتماءية مع سلطة الدولة , ولم يبق الا الانقلاب ٠‏ أصبحت 
الدولة جهازا ضخما يسير كل شىء » تعجب بها الجماهير وتنسى أنها نتاجا 
انسانيا فتنجرف داخلها ٠‏ ان أخطر مايهدد المدنية اليوم هو « تدويل الحياة » 
71 18 06 1:'89152108 . والقضاء على تلقائية الأفراد وحركة 
الجماهير ٠‏ يسود العقم » ويعيش المجتمع للدولة . والفرد لجهاز الحكم ٠‏ 
تعم البيروقراطية حتى تبتلع جهان الدولة والجيش : وتصبح الجماهير مجرد 
مادة لتغذية جهاز الدولة كما هو الحال فى النظام الفاشى وشعازه « كل 
شيء اللدولمة .ولا يوجدٍ شىء خارج الدولة ٠‏ ولا يوجد .ثىء ضد. الدولة ٠‏ * 
تظهر. قوة البوليس. , وتتِضخم أجهزة المخابرات » وتصبح الدولة التى خلقها 
الفرب أخطبوطا تمتّد أطرافه .فى كل مكان. وكأنها عين الله الساهرة ٠‏ لقد. 
كانت الدولة فى القرن التاسم عشر الأوربدي خاصة عند ديجل أمل الجماهير 
حتى أنه اعتبرها الحقيقة نفسها .مدسدمة على الأرض » ( المطلق نفسه ) يعد 
أن تحقق فى التاريخ » والله نفسنه يعبد .أن انتقل امن ملكوت السموات الى. 
ملكوت الأرض ٠‏ ولكنها اليوم تخلت عن مهمتها ؛ وعابت الجماهير التى. 
دعتها .من قبل ٠.‏ وينطيق:.وصف أورتيجا على الدولة فى العصر ,الحاضي سواء 

فى النظم الاشتراكية أى في النظم الرأسمالية أى فى أنظمة الحكم فى البلا 
الناخية ٠‏ فكثيرا ماتعادى الدولة فى. النظم .الجماعية حرية بعض الأفراد 
رعاية .مصلدة. الجماهير ٠‏ ودائما ماترعى الدولة فى النظم الرأسمالية 
دضبالح الطبقات المستغلة. ضد مصالح الجماهير :٠‏ وفى بعض الأحيان تجمع 
بعض: أنظمة . الحكم فى البلاد النامية فى دكتاتورية الطيقة الجديدة..والحكم 
لصدالمها بين عيوب .الأنظمة. الجماعية والأنظمة الفردية على السواء ٠‏ 
وكما :يبدو ذلك فى « عسكرة » المجتمع أو فى قول الرئيس «:الدولة هي أنا ٠,‏ 
ومن ثم يكون أورتيجا أشبه بباكونين <اادنا881 الثائر على دولة هيجل 


275 د 


ودروليتاريا مناركس على حد سواء رافضا و لاع الفرد لأية سلطة بخارحة 
عنه سواءً كانت سلطة الدولة أم سلطة الطبقة ودون أن يصل الى حد 
الفوضوية كما هو اللحصسال عند شتوئر ودرودون وكرودتكين 1001 
فى القرن الماضى واما جولمان 701012812) 192011528 فى هذا القرن ٠‏ 


ثالذا . انهيار الغرب : 


واذا كنا نعيش فى عصر الجماهير فاننا أيضا نعيش فى عصر انهيار 
الغرب ٠‏ واذ1 كانت ظاهزة ثورة الجماهير سلبية فان ظاهرة انهيار الغزب 
آيضا سلبية ٠»‏ ويكون الجدل بين الظاهرتين جدل بين سالبين أو لا جدل ٠‏ 
أما اذا كانت ظاهرة ثورة الجماهير ايجابية فان الجدل يكون بين الايجاب 
والسلب ٠»‏ وهو الأقل احتمالا ٠‏ ومما يدل على ذلك أنه يستحيل أن تتعاصر 
ظاهرتان متناقضتان أحدهما نفيى للآخر ٠‏ فاذا كانت فكرة انهيار الغرب 
لا خلاف عليها فان ظاهرة الجماهير تكون أيضا سلبية والا وجد الغرب 
بعثا له فى حيوية الجماهير ودورها فى العصر ٠‏ 


يحاول أورتيجا التعرف :على سمات العصر الحاضر 'التحقق من صدق 
هذد القضنية : انهيار الغرب ,. تلك التى أعلذها اشبنجلر صراحة فى كتابه 
المشهور « أفول الغرب » والتى لمسها معظم مفكرى الغصر ,» هوسرل > وشيلر,٠‏ 
وذيشه 2 وبرجسون ٠‏ وتويئبى 20 وسولوفييف على عكس ماقيل فى القرن.. 
الماضى من بلوغ الذروة والكمنسال عند هيجل أو ماركس ٠‏ ومظاهر هذا 
الانهيار عديدة مثل الضياع + والمدنية الزائفة ,.وغداب المسؤولية » وضعءف 
الروح المعنوية .2 وفقدان الحياة : وقلب القيم » وخبياع الأخلاق ٠٠“‏ الخ ٠‏ 
يشعر العضر الحاضر شعورا خرافيا بالقدرة على التحقق ولكنه لا يددرى 
ماذا يحقق ٠‏ يسيطنز على كل شىء'ولكنه لا يسيطر على نفسه ٠.‏ يشعر بأنه 
مققودا ضائع فى وفرته التى “ابتدعها ٠‏ يصاول أورتيجا أن يدرس موقف 
الأرربى العادى أمام ظاهرة انهيار الغرب أئ قياس قدرة الانسان ‏ العادى 
على استمرار المدنية اللحديثة ودرجة التصامه ‏ بالحضارة ٠‏ ويتساءل عن 
المدنية والاحضارة والعلم والديموقراطية الليبرالية وكل ها أبدعه الغرب 
من تنظيمات ٠‏ “فاذا كان العالم مجموعة من الامكانيات تتجدد باستمزار , 
اليوم ؟فضل من الأمس » والغد أفضل من اليوم , فماذا يعنى اذهيار الغرب 
أذن مع زيادة امكانياتة وتجددها ؟ هل الانويار فى الحضارة أو فى التنظيمات 


- االاع ا دب 


السياسية 2 فى الروح أم فى تجلياتها المدنية ؟:والى أي حبد يجوز هذا 
التعميم ؟ أن الانهيار لا يكون الا فى نقص الحيوية » وهذا لا وجود له ٠‏ ولكل 
عصر. قدرة على .الديوية لا يجوز قياسها على قدرة عصىر آخر ٠‏ ان العصر 
الحاضر عصن اكتمال وملاء بل عصر غرور وخيلاء. لأنه يءتير .نفسه أفضل. 
من أى عصر مضى ٠‏ ومع ذلك يشعر بالفقد فى وفرته. . وبالضببياع فى 
وجوؤداه » وبالشقاء فى نعيمه . ويسير نحى المتجدر ٠‏ واذا كان كل شىء ممكنا 
فالشزن همكن كذلك دما فى ذلك النكوص والسقوط والبزيرية ٠‏ وقب غابت 
عن أوريا المسؤولية العقلية المثقفين وذإك لارتباط الثقافة بالنظام الرأسمالى 
ولأن: المثقفين أوربيون أولا ومثقفون تثانيا. ٠‏ كما تعبانئ.أوريا اليوم من 
انخفاض الروح المعنوية حتى أصبدت بلا أخلاق أو قيم أى مثل أى معايير 
عامة -للسلوك ٠‏ قتلتها النسيية . واحتواها الشك بعد أن جربت كل شىع , 
وتكافات الأدلة » وأصبح كل: ثىء حقا وباطلا فى آن واحد ٠‏ صبوايا وخطا 
فى ذفس الوقت : المشكلة اذن أن أوربا بلا أخلاق » والعصى الآن. عضر 
الادعاءات الكاذبة 01826286 . تستعملها. الحكومات لتسكين. الشحوب ٠‏ 
لا تعنى الأخلاق هذا القيم الدسنة والمبادىء القوية ولكن تعنى المثل والغايات 
وتحقيق الرسالات العالمية ٠:‏ وقد لاحظ الأوربيون أنفسهم ظاهرة السقوط , 
وتعدوروا أنها أزمة تنظيمات. سياسية دون الذهاب الى ماوراء ‏ هذه الأزيية 
فى الوعى الآؤربى“نفسه ٠‏ وكان دافعهم على ذلك أن أول مايذدرج. تحت هذه 
الظاهزة: :هنو مجموعة الضعوبات الاقتصادية التى تقابل كل , شعب والتى 

لا تؤثر عادة فى- أمكانياته .على الخلق ٠‏ ولكن يظهر السقوط فى نمط الحياة 
العامة التى تتحقق فيها القدرات الاقتصادية أو فى عدم التناسب بين القدرات 
الحالية والتنظيمات السياسية ٠‏ قد تكون الأزمة فى حصر القوميات ٠‏ كل 
داخل حدودهآ لآن أورتيجا لم يشهد عصر الشركات المتعددة الجمنسيات: الذتى 
تتجاوؤز حدود القومياث والتى ظهزت منذ السبعينات ٠‏ وقد تكون أزمة 
السياسة الداخلية وافلاس المؤسسات الديموقراطية وبرامجها مثل : عسدم 
فاعلية المجالس الثيابية » عدم تعرضها للموضوعات تعرضا سليما ٠‏ الا أن 
السيب المباشر للسقوط هئ أن الفرئمى أو الألمائى يشعر بأنه العالم كله 2 
ويصوغ المصلحة العامة فى اطار المصلحة القومية بالرغم من المنساداة 
دالوحدة الأوربية أوى بما ثم . يعد., ذلك باسدم السوق الأوربية المش_تركة ٠‏ 
والحقيقة أنه لا يمكن اصلاح نظام بال لا يسمح بالتطور نظرا للدس .القومي 
الدفين فى كل شعب أوربى وعدم قدرة الشعور القومى على تجاوز حدود 


القومدية الى مستوى العالمية ٠‏ وأشهر مثل على ذلك صناعة السيارات 
الأؤربية أمام صناعة السيارات. الأمريكية أى ميل أوربا الى تحقيق الوحدة 
بين قومياتها المختلفة مصطدمة بالروج القومية ٠‏ ولم يعشش أورتيجا ليرى 
أمثلة أخرى من صتاعة السيارات اليابانذية والحاسيات الآلية اليايانية تغرى 
مثيلاتها الغربية والأمريكية ٠‏ 

وبصرف النظر غن مدى دقة تحليلات أورتيجا لوصف مظاهر الائهيار 
فانه يشارك معظم الفلاسفة المعااصرين فى. التنبيه على نفس .الظاهرة وان 
اختافت أوؤجه تعبيرها ٠‏ فأورذيجا مثل برحجسون. يعيب على العصر الحاضر 
غياب « الروح » والالتصاق بالواقع المادى حتى أصبح مجال الرؤية محدودا 
الغاية ٠‏ وهو النقد الشائع الذى يوجه عادة الى المادية الأوربية ٠‏ والمقصود 
بالروح هذا ليس. الموجودات المتعالية أو المفارقة على حد تعبير العصر الوسيط 
الا من حيث دلالتها على. العموم والشمول والقدرة على تج اوز الحدود 
والتناهى ٠‏ كما أن المقصوّد ليس هى غياب الأخلاقيات بالمعنى الساذج بل 
غياب نسق للقيم عام وشامل لا يتحدد بحدود الطبقات: الاجتماءية أو الحدود. 
القومية:٠‏ انما المقصود عادة هو المعنى. الفينومينولوجى أى غياب عالم الحياة 
1ط 6/ة. أو التجسرية الحية 1585طه56ع1مط1 ٠‏ أقد كان كثير من 
اأفلاسفة المعاصرين أكثر وضوحا وتهديرا من أورتيجا فى وصف ظاهرة 
الاتهيار ٠‏ فهى اذومار حضارى: شامل وذهاية فترة فى .تاريخ العبالم عند 
اشينجار »: وهى عدمية مطلقة وضياع. كل شىء عند نيدشة. » وهى آلات تخلق 
آلهة عند برجسون ..وهى قلب مطلق , قاب :كل .شىء راسيا على .عقب عنيد. 
شيلر » وهى احتضار للروح عند أونامونو ٠٠٠‏ الخ ٠‏ ظ 0 
ويحاول ؛ورتيجا تجاوز هذه العموميات ويضع .بنية للشعور الأوريى 
وتطورا له( )1‏ فالوعى الأوربى له صدورتان : سلمية ونضالية ١‏ من الأولى . 
يأتى السلام.ومن الثانية تندلع الحرب ٠‏ ولكن أورتيجا لا يفصل فى البنية 
أكثر .من ذلك ولا يحدد. .اتجاهات الوعى الأوربى نحو الطوكية ونحو التعالى 
ونحي. الإنسان ٠‏ مع أن. هوسرل كان قد كتب رائعثة “عَن”+.ممنة العصلوم 


(1) ده حسن حنفى 0 موقفنا من التراث الغربى » فى قضايا معاصرة 8 
الجزء الثانى , فى الفكر الغربى المعاصن , دار الفكر الهربى : القاهرة ١95‏ , 


ب كلا هس 


الأوربية » سنة 1975 مفصلا بنية الشهور الأوربى: وواصفا لمساره ,'::ولكن 
أورتيجا يعطى تفصبيلات أكثر عن. تطور. الشبعور الأوريى: منذ. أصوله. الأولى. 
عند اليونان والرومان حتى تطوره الأذير ووصوله الى مرحلة الانهيار فى 
ذورة الجماهير التى يعتبرها أحد مظاهر. السقوط باعتبارها انهيارا معنودا 
للانسانية كلها ٠‏ ويضع أورتيجا تقابلا بين الوعى الأوربى الدينامي الحركى. 
وبين الوعى اليونانى الرومانى الثابت .الساكن ٠‏ فلم يكن سهلاا على الفكر 
اليوناني الرومائى ادراك الواقع بإعتباره حركة فتصور الطبيعة ثابتة , 
وال مدركا لا يتحرك ٠»‏ والانسان قوى متناسقة ٠‏ أما الدينامية الأوربية فاذها 
ترجع فى الحقيقة الى عصى النهضة ورفض كل مصدر للقوى الطبيعية خارج 
العالم » ورفض كل تصدور للعالم لا يصدر عن الانسان ذفسه يرؤّيته الأشياء 
وتعقله لها ٠‏ لذلك. أصبحت قوة. العالم منه واليه ٠‏ ويعتبرها أورتيجا مثل 
هوسرل وديكارت بداية الوعى الأوريى فى مساره الحديث ٠‏ اسيتمر العقل 
الديكارتى ثلاثة قرون '.. وهى عقل رياضى طبيعى :بيؤلؤجى مما جعل الوعى:: 
الأوردى فى. البداية وعيا عقليا يصعب فيه الفصدل بين العقل والوعى »2 وهذ!ا 
مايقوله هوسرل وفيبر ' 776162 .70 منقدرة الوعى الأوربئ على ااتنظير وتصور 
الواقع تصورا عقلياً رياضيا صرفا حتى أخرج هوسرل كل حضارات الشرق 
القديم من حسابه فى تطور التاريخ لارتباطها بالدين والأساطير والتكيف مع 
الدياة ٠‏ وقد كان أفلاطون وسقراط أكثر فلاسفة اليونان: تأثرا بالشرق فى 
الافراقيات الدينية عند أفلاطون والأخلاقيات العملية عند سقراط ٠‏ يددة 
تاريخ العلوم الأو ربية بنقطة أرشميدس ٠‏ ويجعل فيبر سيادة العامل العقلى 
السبب المباشي فى تفوق الجنس الأوربى وعلى ظهور البروتستانتينية كفكر ' 
عقلانى. حر ولد الراسمالية من براثن الكاثوليكية الرومانية التى, كانث ركيزة 
الاقطاع 090 ٠‏ وقد تمين القرن الخامس عشر بنهضة الآداب تحت أثر العلم 
والعقل ' ٠‏ ومنذ القرن السايع عشر والوعي الأوربى يعيش تجرية مشتركة 3 
ثم ظهرت انسانية الوعى الأوربى فى فلسفة التذوير فى القرن الثامن عش 
حيث أن الحصول على دسا تير ممائلة حق طديعى لكل الشعوب . وبصرف 
النظر عن مدى دقة هذا الوصمف لتاريخ الوعى الأوربى فان مايبقى هو هذا 
الدافع ذدى التقدم منذ بدايات عصر النهضة والبحث عن الحقيقة بعذ أن 


(1) حسن حنفى : الرأسمالية والدين » حوار مع ماكس فير , المصدر السابق ٠‏ 


تمبدب 


تم استقاط الأغطية النظرية: القديمة حثى أصيح هذا البحث مرادفا للحقيقة 
نقشمها على. ماتقؤل لفمئع(8) < يكشف تاريخ الوعى الأوربى عن قدرته 
على الثذزر من الخاضى ثم وضع بدائل هتعددة بدلا هن الاختيارات القديمة٠‏ 
وقد لادظ جيزى 206لنا © من قبل أنه لم تنتضس أية جماعة أو أى هيدا أى 
أية فكزة أئ آية ظبقة اجتماعية على' نحو حظلق » ولم تحسم المعركة لصالح 
أحد فى الؤعنى الأوردى ١‏ وهذ! هئ السيب فى أنه فى تطور دادم وفى تقدم 
مستمز ٠'‏ أنها قد يخف الدافع , ويبطؤ المسار حتى ينتهى النى التوقف التام 
بدد. الانذهاء الى الخيرة والشك وتكافوٌ الأدلة وعدم الاستقرار والتطرف 
وأحادية النظرة والتجزكة 


ويركن أورقيجا على موضوع الوخدة والتنسوع فى الوعى الأوردي 
متاكلا :: هل الشعور الأوربئى وحدة متجانسة أم شتات من قوميات متعددة ؟ 
برى أؤرتيجا أن الشعور الأوربى حقيقة متجانسة مهما اختلقفت الظروف 
التى تكتذف بؤحداته الصغرى كفا تبدو فى القوميات. ٠‏ الشعور الأوربى 
حقيقة واقعة أى ظاهرة ملموسة تتميز بخصائض فريدة اهمها التنوع فى 
الوحدة والوحدة فى التنوع » وذلك كوحدة الدينااسيحى وتنوع نظام الكنائس 
ووحدة الامبراطورية الرومانية وتعدد شعوبها » وكوحدة العقل الخالص 
وثنوع الانساق ألرياضية » ووحدة الفلسفة وتعدد مذاهبها » ووحدة شعوب 
أمريكا اللاتيذية بالرغم من تعدد لهجاتها » ووحدة الشرق وتنوع الدول 
الشرقية ٠‏ وهذا مالم تدركه فلسفة التنوير التى تصورت العالم كله انسانية 
واحدة متجائسة عاقلة » حرة ومستقلة ٠‏ ولم تستطع الحمروب الطاحنة 
بين الشعوب الأوربية النيل من وحدتها وتجانسها ٠‏ فلكل شعب أوربى 
خاصيتان : الأولى عبقريته الخاصة المتمايزة عن عبقرية الشعب الآخن 2 
والثانية اشتراكه فى خصائص عامة تجمعه مع باقى الشعوب ٠‏ فاوريا أمة 
10 مكونة من عدة شعوب .26115168 على مالاحظ مونتسكيو من قبل ٠‏ 
الوحدة المتجانسة مصدر قوة وباعث حركة والتنوير والتعدد مصسدر خلق 
وابداع وتخصص وتفرد ٠‏ أوربا حقيقة اجتماعية أولا قبل أن تكون حقيقة 
تاريذية أى مجموعة من العادات والنظم والتقاليد تكون مجتمء! واحدا دون 


(6) لسنج : تربية الجنس البشرى , دار الثقافة الجديدة . القاهرة الا9١ا‏ ,2 
دان التذوير 0 بيروت9/87١ ٠‏ 


د الع ب 


أن يكون بالضرورة مترابطا اجتماعيا ٠‏ المجتمع موجود طبيعى ٠‏ أما الترابط 
الاجتماعى فاصطناعى بناء على عقد ادارى ٠‏ ولا يوجد الترابط الاجتماعى 
قبل أن يوجد المجتمع المترابط ٠‏ القانون نتاج طبيعى للمجتمع وليس سابقا 
عليه 1 فآورتيجا دن أنصار الحق الطدريعى مثل هيجل لا دن أتصار العقد 
الاجتماعى عند اسبينوزا وروسى ٠‏ يتكون المجتمع الأوربى من دول ٠‏ وكل 
نو جد دولة أوردية + قد تكون الدول الأوربية المتحدة محض خيال ولكن وحدة . 
المجتمع الأوربى دوجودة بالفعل كما هو الحان فى الأمة الاسلامية التى اتجمع. 
وجدانيا وفكريا وعقائديا وتنظيميا وتشريعيا 'الدول الاسسلامية ٠‏ .ويقول 
أورتيجا أنه بالزغم من أنه قاوم المثالية طيلة حياته وكرهها الا أن الواقعية 
التاريخية تيت أن وحدة أوربا ليست مثالا بل واقعة قديمة جدا فى الحياة 
اليومية مثل ضفائن الصينى. عن دما تطل هن وراء الأورال أو ,2 المجمع ىف 
الاسلامى | ان الدولة الأوردية التى تدجاوزن حدود الأوطان هو تصور يرجع 
الى طريقة الادراك اليونانى الرومانى .التى لا تستطيع أن ترى الا الوقائم.. 
الثابتة لا الوقائع المتحركة ٠‏ أما التصور:الأوربى فان الأشياء فيه قوى. كامنة 
تكشفها وتكون حقيقتها ٠‏ والسلطة العامة الأوريية قوة حركية تحكمها قوانين 
الميكاذيكا وأهمها قانون توازن القوى ٠‏ وبهذا المعنى تكون هناك وحدة 
أوردية سعلطتكها العامة ميزان تعادل القوى والذى يرجم. الفضل فى. وجوده 
الى هذه الخاصية » الوحدة والتنوع فى الوعى الأوريى ٠‏ وما قاله أورتيجا 
عن أوردأ كميزان للاقوى قاله فيشتة. من قيل على ألمانيا كدوازن للقرى بين 
شرق أوربا وغريها بوجه خاص ؛» وبين. الشرق والغرب بوجه عام ٠‏ 


ويكثر أورتيجا من الحديث عن أوربا والغرب كمترادفين ولى أن 
الحديث عن أوريا أكثر من الحديث عن الغرب وان كانت المجلة التى أسسها 
عنوائها « مجلة الغرب » * ويشعر بأوربيته شعوره بآسدبانيقه ان لم يكن 
أكثر ٠‏ ويتضمح ذلك صصراحة فى كثرة أستعماله لألفاظ مثل فلسفتنا , 
عصيرنا » جيلنا , حضارتنا » تاريخناً ٠١‏ الخ ٠‏ هناك شعوب أوربية وأخلاق 
أوردية » وأعراف أوردية 2 وعلم أوربى » وقانون أوريى ٠ ٠‏ الخ ٠‏ وفى داخل 
أوردا يكثر من الحديث عن فرنسا وانجلترا وآألانيا واسبانيا ٠‏ ووشخص 
كل دولة أوربية فى ثقافتها. ثم يشخص ثقافتها فى أهم علم فيها جسد روحها 
وعبر عن. شخصيتها 2 هوجو فى فرذسا 2 وشكسبير فى انجلترا 2 وجوته 

( دراسات فلسفية ). 


”مع -ه 


فى المانيا 2 وسرفتتيسن فى اسبانيا , والانسانية جمعاء فى بلاد مابين 
الذهرين: ! وهنا تبدى سخرية أورتيجا من النظريات العامة والمثاليات غير 
المشخضة والتى يصفها بالديماجوجية ٠‏ 


ويبدو أن أورتيجا قد وفع ضحية المركزية الأوربية 100621118736نائلا . 
ففى 0 دورة الجماهير 1“( تدردد الفاظ أوربا 3 وأوربى 2( والمغفرب 0 وأسدانيا 2 
وفرنسا ٠‏ وانجلترا . وأمريكا » وروما » واليونان عشرات المرات(4) ٠‏ أوريا 
مركز الصدارة ومحور تاريخ الشعوب ٠‏ ويستشهد أورتيجا بالمؤرخ اافرذسى 
000001 الذى يضم الحضارة الأوردية فى كقه وداقى. حضارات العالم فى 
كفة أخرى ! فالحضارة الأوريدة أستطاعت منذث خمسة كرون »2 ايدداء من 
عصر النهضة حتى الآن اعادة دناء التفدير الانسانى من. جديد وتاسيس 
قواعد التفكير العلمى وما نتج عن ذلك من تطبيقات عملية أفادت الانسانية 
جمماء ٠‏ وينسى أورتيجا أن أوريا فى عصورها الحديثة أئما استفادت هن 
تراكم خيرات طويلة » من حدضارات الشرق القديم فى الهند والصدين وقفارس 
ومصى ومن خلال الحضارة الاسلامية وترجمات علومها عير اسباذيا وايطاليا 
وتركيا ٠‏ وان مؤامرة الصمت التى يضريها الوعى الأوردى على مصادره 
كأحد مكوئات العنصرية وهى الداء الدفين فيه ٠‏ وفى نفس الوقتث يطبق 
الوعى الأوربى منهج الأثر والتاش ويكشف عن المصادر التاريخية للذقافات 
غين الأزردية حتى يقضى غلى ابداعاتها ومساهمتها الأصيلة فى تاريخ الثقافة 
الانسانية ٠‏ هذه الازدواجية والمعيار المزدوج والكيل يمكيالين هى احدنى 
خصائص الوعى الأوربى . فالانسانية لديه انسائيتان 3 والميادىء لديه 


نوعان ٠‏ واحد لأوربا وآخر لغير أوريا ! 


ؤقد يدون أأحد مظاهر الانهيار وى تحول قنادة العالم من أوردأ الى 
خارجها ٠‏ ويعطى أورتيجا لسوّال : من الذى يقود العالمم اليوم ؟ أهمية 
بالغة ومكانة بارزة فى « ثورة الجماهير » اذ أن من أهم خصائص العصر 


' (5) تكرار الألفاظا على الندو الآتى تقريبا : أوربا. 44 , أوريبى 70 , الغرب ١7‏ , 
أسبانيا 15 ٠‏ أسبائى ؟١‏ ,2 فرئسا ١١‏ , فرنسى ؟١‏ , انجلترا ١١‏ , انجليزى ١8‏ , 
أمريكا د" روها 006 الذوئان /ا رده الخ ٠‏ 





28# هه 


انتقال السلطة الذى يدل أيضا على تحول فى الرؤح ٠‏ فمن الذى يقود العالم 
اليوم ؟ أو بتعبيرنا لمن الحكم اليوم ؟ منذ القرن السادس عشر قادت أوربا 
الانسانية ابان مانسمميه بالعصور الحديثة ٠‏ كما قادت روما من قبل منذ 
أوائل العصر الوسيط ٠‏ ولا تعنى هنا القيادة المادية القائمة على القوة ٠‏ 
فهذاك فرق دين العدؤان والقيادة ٠‏ قد يعتدى أحد دون أن يقود > وقد يقود 
أحد دون أن يعتدى ٠‏ القياة هى الممارسة الشرعية للسلطة القائمة على 
الرأى العام وهو اليوم القوة الموجهة للقيادات ٠‏ وقد قال ثاليران هن قبل 
لنابليون « سيدى ,2 ان العصى تستطيع أن تفعسل كل شىء سوى الجلوس 
فوقها ! » ٠‏ فالقيادة لا تعنى الاستيلاء على السلطة بل ممارستها فى هدوء. 
ووعى ٠‏ ومع أنه فى المجتمعات الحالية يصعب وجود رأى عام موحد أذ 
ينقسم المجتمع الى فئات ٠‏ ولكل فئة رأى فان السلطة تأتى لتحل محل جميع 
الآراء ٠‏ ولكن لا يمكنها القيادة ضد مجموع الرأى العام لأن القيادة هى 
سيادة فكر أى القيادة الروحية كما مثلتها الكنيسة من قبل ٠‏ ولكن كيف 
تأتى الفكرة ومعظم الناس فى عصير الجماهير لا أفكار لهم ؟ اذن تأتى الفكرة 
من الخارج ٠‏ وهذا بالضيط هو معنى تحول قيادة العالم من أوريا الى 
خارجها ٠‏ منذ الحرب الغالمية الثانية ويقال ان أوربا لم تعد قائدة للانسانية ٠‏ 
لقد قادت طيلة ثلاثة قرون ولكنها لا تستطيع اليوم أن تقود ٠‏ بدآأت نفسها 
تشك فى قيادتها كما بدا الآخرون يشكون فى قيادتها لهم ٠‏ وهذا هى ماعناه 
اشبنجلر بأفول الغرب ٠»‏ وما قصده آخرون ديسقوطه ٠‏ لقد بدأت الاتجاهات 
الوطذية داخل أوريا وخارجها رفض قيادتها » وعمت الثورات سائر الشعوب 
التى تمت السيطرة عليها ابان قيادة أوريا » ويعد سديادة الجماهير ورفضها 
أكى مظهر من مظاهر السلطة بل واستردادها حق السيلطة لنفسها ٠‏ واذا 
كانت الجماهير دون برنامج حياة حتى على الرغم من ظهور أجيال جديدة 
فمن الذى سيحل محل أوريا فى القيادة ؟ اذا كان المعنى الاشتقاقى للقيادة 
هى القيام بمهمة ,. فالقائد هى الذى يقوم بمهمة فانه دون القيادة يكون 
الفراغ ٠‏ فالحياة هى القيام بشىء وأداء شىء ٠‏ ان أوريا اليوم لا تستطيع 
تكليف الشعوب الأخرى بالقيام بالمهام نيابة عنها ٠‏ وان انتصار الماركسية 
فى بلد غير صسمناعى لا يدل على انتصار لأن الشعب يظل يعيش فى تاريخه 
القديم ٠‏ وأمريكا لا تقود بل الذى يقود فيها هو التكنولوجيا ٠‏ وماركس 
والتكنولوجيا خرجا من أوريا » وهى بدائل أوردية تحمل ذفس الفناء الذى 
تحمله أوريا ٠‏ واذا كانت السلطة مغتصبة فى دولة ‏ كما هو الحال فى 


- 866 


أسدياذيا - فان هذه الدولة لا يمن أن تقولد 1 لم تعد هناك بدائل داخل أوريا 
لا تتحزك ٠‏ 


وهنا يأتى دور العاام الثالث وما يمثله من وعى جديد نشعوب القارات 
الثلاث والتى تكون أكثر من ثلاثة أرباع سكان العالم ٠‏ ولقد بدأ اافكرون 
فى العالم الثالث من قبل دراسة الوعى الأوربى كظاهرة مستقلة » فاأصبح 
المدروس هو الدارس ٠؛‏ والملاحظ هو الملاحظ ٠‏ والموضوع هو الذات ٠‏ طبقا 
لتبادل الأدوار بين السيد والعيد ٠‏ لقد استطاع العالم الثالث تحقيق انجاز 
ضدخم فى هذا القرن ألا وهى التحرر من الاستعمار واستطاع تكوين رأاى 
عام جذديد مناهض للءتصرية وللتفاوت بين الأغنياء والفقراء 2٠‏ وللتساح 
النووى وللحرب الداردة » مقاوما الدخول فى الأحلاف العسكرية وحالا محل 
أوربا كميزان للثقل فى العالم بين الشرق والفرب فيما عرف باسم « عدم 
الانحياز » أو « الحياد الايجابى » ٠‏ استطاع العالم الثالث أن يبلور وعيا 
انسانيا جديدا ناشئا فى مقابل الوعى الأوربى القديم الآفل ٠‏ ونظرا لأن 
شعوب العالم الثالث شعوب تاريخية كما هو الحال فى الصين والهند ومصر 
فان ريادتها اليدوم انما هى لحاق بريادتها الأولى وكأن التاريخ يكرر نفسه 
مرتين » وكأن الانس-انية ترى نهضة جديدة لشعوب الشرق بعد أفول 
الغرب(١٠) ٠‏ أن أزمة الغرب ليست أزمة القيادة السياسية وحدها بل أزمة 
حضدارية فى أساسها . أزمة تصور وسلوك , أزمة نظر وعمل يعد أن جرب 
الوعى الأوربى كل بشىء وانتهى الى لاشىء » ان شعوب العالم الثالمث يما تملكه 
من وعى انسانى جديد يمثل اذساذية جديدة قادرة على أن تقوم بدور القيادة 
محل الغرب ٠‏ فهى التى مازال لديها مشروع جديد بدلا من المشروع الأوربى 
القديم الذى انتهى الى الفشل : هزيد من الانتاج لمزيد من الاستهلاك ازيد 
من السعادة ١‏ أما المشروع الجديد فهى التنمية فى مواجهة التخلف , والتحرر 





)3( ىل حسن حنفى : م موقفنا من التراتك الغردي »م فى قضايا معاصرة 3 
الجزء الثانى 2 فى الفكر الغربى المعاصر , دار الفكر العربى ٠‏ القاهرة 1915 , دان 


7 ,0تك[ه1' ,[آ[1018 ,ع همعاعت لوزع80 ببعاخ عط : التمصقط طلوه5 2823 


لى ؟* أذور عبد 'الملك : ريح. الشرق 2 دأن المستقيل العريى 5 القاهرة ' م١‏ 0 


- 56808 


فى مواجهة الاستعمار . والحرية ضد القهر , والعدالة الاجتماعية فى مواجهة 
التفاوت الطبقى بين الأغنياء والفقراء 2 بين من يملكون كل شىء ومن 
لا يملكون' شيئًا , والتاكيد على الهوية فى مواجهة التغريب ٠‏ والدعوة الى 
الوحدة فى مواجهة التجزئة »2 وتجنيد الجماهير ومبادرات الشعوب فى 
مواجهة القيادات البيروقراطية والحاسبات الآلية وتخليل المعلومات ٠‏ 


ان انخفاض الروح المعنوية فى الغرب انما هى احساس طبيعى نتيجة 
لانتقال القيادة من أوربا الى غيرها ٠‏ لم تعد أوربا واثقة من قيادة نفس ها 
أو غيرها ٠‏ تبعثرت سيادتها التاريخية فى عصر البعثرة والتفكك 2 وتفككت 
عرى الروابط بين الأوربيين ٠‏ وقد حاولت تغطية ذلك باحياء العواطف 
القومية التقليدية ولكن المحاولة انتهت الى طريق مسدود فى عصر الكيانات 
الكديرة ٠‏ أما الشيوعية فلم يتمثلها أحد لأنها تصطدم بالفردية ٠‏ قد تستطيع 
البلشفية تغيير الروح الأوربية وانعاش الوعى الأوريى واعطاء أمل جديد 
ولكنها أيضا تقع فى البيروقراطية وتصبح فريسة للطبقات الجديدة ولجهاز 
الدولة باسم السيطرة المركزية والسلطة الواحدة ٠‏ أما ثورات الشباب فقد 
كانت الوهج الأخير قبل اذطفاء الشمعة 2 حشرجة الموت ٠‏ لم تحقق شيئًا 
وتحولت الثقافة المضادة الى برامج الاعلام فى الثقافة والفن ٠‏ 


والسؤال الآن بالنسبة لأسبانيا : الى أى عالم تنتسب ؟ الى العالم 
الأول كفرنسا وانجلترا والمانيا واليابان وأمريكا وروسيا أم الى العالم الثالث 
ومجموع شعوب القارات الثلاث أم الى العالمم الثانى مجموعة البلاد المصنعة 
حديثا مثل كوريا الجنوبية وتايوان وهونج كونج وسنغافورة أم الى العاام 
الرابع ٠‏ أثيوبيا وتشاد الذئ يئن من أخطار المجاعة والقحط أو الذى يعيش 
تحت دستوى خط الفقر ؟ واضح أن أورتيجا يعتير أسبانيا بلدا أوربيا ينطبق 
عليه ماينطبق على امانيا وفرذسا وانجلترا وسائر البلاد الأوربية ٠‏ لم يتحدث 
أورتيجا عن خصوصية البحر المتوسط وقرب شاطئيه الشمالى والجذنوبى 
كما فعل فرئان برودل 8531061 .'1 فلريما وجد اسبانيا هناك كحلقة اتصال 
بين الشاطتين » الشمال والجنوب ٠‏ 


وختاما 2 ماهى الدلالة السياسية لكتاب أورتدجا الأول 0 ذورة 
والاشتياهات الذى يصدب الاجاية عليها 0 هل القصد دو تقد جماهيردة 


د كمع به 


القرن الماضى وثوراته دفاعا عن فردية هذا القرن ؟ هل القصد هى نقد 
الماركسية دفاعا عن الديموقراطية الليبرالية ؟ هل القصد هل اانقد المبطن 
للاشتراكية دفاعا عن الرأسمالية ؟ هل ثورة الجماهير ضضيد ذاتها أم ضد 
الآخر ؟ هل هى: مفهوم ايجابى أم مفهوم سلبى ؟ هل هى حكم واقع أم حكم 
قدمة ؟ ألم يفصمل أورتيجا بين السياسة والاقتصاد وجعل كل تحليلاته سياسية 
أكثر منها اقتصادية بل فى الفلسفة السياسية أكثر مذها فى النظم السياسية ؟ 
هل :هناك طبقات بشرية أم طبقات اجتماعية والا كان المقصود النقد المبطن 
لاركس ؟ اليس أورتيجا فيبرا آخر مهمته وضع بديل للماركسية مرة بالتركيز 
على العقل الحيوئ وهرة أخرى بالتركيز على العقل النظرى أو التذظير ؟ 
وماذا عن ذقد الذكتاتورية المسيطرة على أسبانيا ونظام الماكية ؟ وماذا عن 
الجمهوريين الذين كان أورتيجا مفكرهم الأول ؟ لماذا لا تضدق ثورة الجماهير 
على ثورة الجمهوريين فى هقابل الملكيين ابان الحرب الأهلية الاسبانية ؟ 
ولاذا لا تكون ثورة الجماهير ديموقراطية بدلا من التقابل بين الجماهير كنظام 
جماعى وبين الديموقراطنة الليبرالية كنظام فردى ؟ أليست الديموقراطيات 
الجماهيرية المباشرة أكثر فعالية من الديموقراطيات الصورية القانونية ؟ 
يصعب الاجابة على ذلك كله ان أن معرفة المقاصد أصعب بكثير من معرفة 
الألفاظ ٠‏ يبدى أن أورتيجا يرفض كل شىء ويميع كل المتناقضات ٠‏ فلا التاريخ 
يسير حتما ندى الليبرالية الديموقراطية ولا هو يسير حتما ندو الاشتراكية: 
لا اليمين بقادر على القيادة ولا اليسار نظرا لأن كل فريق يلعب لعبة الآخر 
ويزايد عليه ٠‏ اليمين واليسار كلاهما نصف شلل خلقى » يطمس معالم 
الواقع ٠‏ اليمين يعد بالثورات واليسار يقدم الدكتاتوريات ! أن مجموع هذه 
الاشتباهات التى تحوط بأورتيجا تجعله أقل وضوحا من أستاذه أوناموذى 
الذى أخذ موقفا واضدحا وناقدا من الغرب ٠‏ أورتيجا بنياته المعلنة قد يكون 
أقرب الى الوجودية اليسارية مثل سارتر وكامو وميرلى بونتى وبأهدافه غير 
المعلنة قد يكون أقرب الى الوجودية اليمينية مثل جسابريل مارسل وكارل 
ياشبرز(١١) ٠‏ وفى الذهاية يبدى أن موقف أورتيجا » مفكر الجمهوريين الأول, 
لا يختلف كثيرا عن مصير الحرب الأهلية الاسيانية ٠!‏ 


2 للخ حسين حنذى. 01 أونامونو والمسيحية المعاصرة «0 فى فقضايا معاصرة‎ 1١) 
دأن‎ , ١5915 القاهرة‎ ٠ الدزء الثانى . فى الفكر الغريى: المعاصر , دار الفكر العربى‎ 


الدتذوير ديروت ١م5١ ٠‏ 


مدرسة 0 تاريخ الأشكال الأددية «6 
أولا ‏ القدمة : 


نشأات مدرسة تاريخ. الأش-كال الأدبية فى العشرينات من هذا القرن 
بعد تطور طويل للوعى الأوربى منذ بداياته فى الاصلاح الدينى فى القرن 
الخامس عشر ٠‏ فقد ظهرت من ثنايا البروتستانتية فى آرائها فى الايمان 
والزمان والوجود الانسانى أولا ثم كانت تطويرا للبروتستانتية الحرة 2 
واللاهوت الدر , واللاهوت الجدلى وأخيرا لمدرسة توينجن ٠‏ كما ورثت 
الاعتزاز بالعلم الحديث وبأولوية الانسان ٠‏ وبذقد النظم الموروثة كما هو 
الحال فى عصمر النهضبة فى القرن. السادس عشر ٠‏ واعتمدت على العقل: 
والتحليل اللذين ميزا القرن السابع عشر ٠‏ وكانت أثرا من آثار التذوير فى 
القرن الثامن عشر وبدايات النقد التاريخى للكتب المقدسة 2 وضرورة 
اخضاعها النقد والتدليل حتى اكتمل هذا النقد فى علم مستقل ٠‏ وبفضل 
المدرسة التاريخية فى القرن التاسع عشر وعلم تاريخ الأديان المقارنة وادخال 
المسيحية فى اطار الديانات القديمة والاستفادة من نتائجه ذيما يتعلق بالتشابه 
دين الكتب المقدسة والآداب القديمة خاصة اليونانية والعبرية ظهرت مكونات 
المدرسة الجديدة فى النقد » متنقلة من « نقد المصادر » الى «١‏ نقد الأشكال » 
أى بتعيور علماء مصطلح الحديث من نقد « السيند » الى نقد « المتن » ٠‏ لذلك 
استعارت المدرسة الجديدة الأشكال الأدبية من النقد الأدبى طدبقا للذظرية 
الشائعة بأن تاريخ الأدب هو تاريخ الأشكال الأددية ٠‏ واعتمدت على دراسات 
« الأنواع » الأدبية فى الآداب القديمة ٠‏ بل استطاعت تطوير النقد الأدبى 
وتحويله من دراسة النص الثابت فى المكان ٠‏ لغة . واصطلاحا » وعبارة ,2 
ومعنى الى دراسة النص المتحرك فى الزمان أى نشاةة الأنواع الأدبية 
وتطورها ٠»‏ وتغير المعانى اللغوية للألفاظ والعبارات ٠‏ كان الشائّع أولا 
دراسة الحكاية والشعر ٠‏ ثم تحول الاهتمام الى الرواية كاحدى صور 
الخطاب الدينى فى شكل رواية وفعل يعاد تمثيله ٠‏ ثم انتقل الاهتمام من 


دشر هذا البحث فى محلة البلاغة المقارنة د ألف » التى يصدرها قُسدم الآأدب 
الانجليزى المقارن بالجامعة الأمريكية بالقاهرة , العدد الثانى 2 ربيم ٠ ١948”‏ 


- لام - 


ث4 - 


الرواية الى الأمثال كما هو الحال فى الأدب الشعبى ٠‏ ثم تحول الاهتمام من 
الأمثال الى كتابة التاريخ كأحد الأشكال الأدبية كما هى الحال عند اليونان 
والعبرانيين وتحوله الى فعل وتمثيل عند المسيحيين ٠‏ كما ظهرت « الرؤية » 
كأحد الأنواع الأدبية كرمز للنهاية ٠‏ وأخيرا انبثقت المدرسة من ثنايا المثالية 
وهو أحد زعيمى المدرسة مع ديبليوس من الكانطيين الجدد » مؤسسى مدرسة 
ماربورج التى قامت لدراسة الصور الكانئطية على أساس حيوى شعورى ٠‏ 
ودالتالى فان المدرسة تقوم على موقف فلسفى محدد 2 وهى أنه لا يبحدث 
شىء فى الواقع مالم يحدث فى الشعور أولا 0 وأن الشعور “يعيبر عن مهوقف 
الذوات »2 وتوجهه بواعث ؛ وله صور ؛ يتعادل بع الواقع ٠»‏ ودوجد فى 
التساريخ » ويددر عن دفسه فى لفنة ومن ثم كانت المدرسة أحد آثار 
« الفينومينولوجيا )١(»‏ 


ثاذيا ‏ نشأة « نقد الأشكال الآدبية » : 


استزعى انتباه كثير من الثقاد تعدد الروايات حول تاريخ عيسى , 
وحاولوا التاليف بينها لرؤية مابينها من اتفاق واختلاف ٠‏ قام يذلك طيطيانوس 
فى القرن الثانى فى «الدياطسرون» أى « الرباعئ » ثم أوزياندر 8.08185868 
فى القرن السادس عشر ٠‏ واستمرت المحاولات حتى اليوم وانتهت الى نتائج 
عدة وأولها أن الاتفاق بين الأناجيل الثلاثة الأولى ( متى ومرقص ولوقا ) 
أكثر من الاختلاف بينها ٠‏ ولذلك سميت الأناجيل المتفقة أو المتقابلة هتأرهظبزه 
فى مقابل الانجيل الرابع ٠‏ انجيل يوحنا الذى يمثل رواية مستقلة » الاختلاف 
بينها وبين الروايات الثلاث الأولى أكثر من الاتفاق بينها ٠‏ ثم بدا الاهتمام 


للسيام 


)0 للعمطهاده!' بتععا8 عط هو ددا 01:1 وروندم ئلا ,عم 1و0 معط . خ .لا 
1131لا ,أع1ة8 .1 : (1900رقمعءط ومع ضاطه ره 1طمراع 0ه 1تاط) 
: (19'1 ,ووعمط 1011 قتطماع90لتط2) ااعممماهع 010 ع5 0601 
تقولا 185) عغطءتطوعدمع 2:ه1) [عم005 20 2124151011 دده ,10111115 
(1934 ,5028 لطهة عتمططاعه85 ,ه78 برول8) ,(1919 ,كسستاعع 


584 ب 


بتفسير أسباب الاتفاق والاختلاف بين الأناجيل المتقابلة قبل القرن التاسع 
عشر يزمن طويل: ٠‏ وكان أوغسطين أول من لاحظ العلاقات الأدبية بين 
الأناجيل 2 وفسرها بتتابعها ونظامها ( متى . مرقص » لوقا » يوحنا ) 2 
وان اللاحق كان على علم بالسابق ٠‏ فمتى هى أقدم الأناجيل 2 ومرقص 
مختصر له . والانجيلان الآخران معتمدان على الأواين ٠‏ وبالرغم من وجود 
نظريات أخرى مخالفة فى القرن التاسع عشر الا أن نظرية أوغسطين كانت 
تبر عن الموقف الرسمى ٠‏ بل. أن شتراوس فى « حياة عيسى » قد سلم بها ٠‏ 


ذم توصل الذقاد فى القرن التاسع عشر الى نظرية أخرى وهى أن 
مرقص أقدم الأتاجيل وكان متى ولوقا على علم به » وهو مايفسر التشابه 
دينهما ودينه ٠‏ ثم استعملة مصدرا آخر مفقودا يرمن اليه بالمرف © 
اختصمارا لكلمة الألمانية 1616© التى تهنى « منبع » أى « مصدر » لتفسير 
وجود روايات فى انجيلى متى ولوقا غير موجودة فى مرقص *' ومن ذم 
أصبحت نظرية المصدرين هى السائدة فى الدراسات النقدية ٠‏ وما كانت هناك 
روادات لا ديمكن تفس_درها دالمصدرين افترض شترتر 6 82.11.9666 
وحجود مصادر أردعة : مرقص ,مآ ( مادة لوقا ) 81 ( مادة متى ) ٠‏ 
وزادت الافتراضات الى ستة مصادر والى عشرة والى اثنى عشر ؛ وكلها 
تدور حول المصدر الكتابى ٠‏ 


ثم لاحظ النقاد مثل فلهاوزن 5781188115613 أن مرقص نفسيه لدس 
أقدم الروايات وأن المصادر الكتابية مجموعات مركبة أصلها وحدات صغيرة 
متعددة ليس لها عدد معين , مستقلة عن بعضها البعض » تم التأليف بينها 
فيما بعد لخدمة أغراض عقائدية , وتلبية لحاجات الجماعة المسيجية الأولى, 
جعلها فرده 1761706« السي المشيائى » 11 وايده فى ذلك 
شغ فيتزر لع717 5ط ' فقد احتفظ عسى عن قصد يهذا. السر وكشف 
عنه تدريجيا » ولم يدركه التلاميذ الا بعد بعثه. ٠‏ ثم.أثير سؤال : وما مصادر 
هذه الوحدات المستقلة الأولى '؟ افترض فيس 76185 انها ذكريات دطرس ٠‏ 
وسرعان ما أدى هذاالافتراض البسيط الى نظرية أعم وأشمل وهى نظرية 
المصدر الشفاهى ٠‏ أذ أن وراء هذه الوحداث المستقلة تراث شفاهى نده 
عليه من قبل كروماخر » وجيزلر » وشليرماخر وسابق على مرحلة التدوين ٠‏ 


ل 590 ب 


ثم جاء جونكل 11.0112161 وصداغ نظرية المصدر الشفاهى وطبقها على 
« سفر التكوين » ليرصد هذه الوحدات ااتفرقة 2 ويبين نشأتها وتطورها » 
ويقارنها بالآداب الشعيية فى عصرها : ويضعها فى أطار حياتها ٠‏ فالأسفار 
الخمسة تشبه الأناجيل فى نسبة الأولى الى موسى والثانية الى عيسى ٠‏ ولكن 
الدراسات النقدية تؤكد أنها خذت أشكالها الحالية على فترة طويلة / وأنها 
تشكلت طبقا لعديد من الوتائق ال مفقودة ٠‏ وقبل نهاية القرن الماضى انتهى 
الباحثون الى رصصد هذه الوثائق والتءرف عليها وان لم ينتهوا الى. الوقائع 
المروية ذاتها فى الأسفار الخمسة ٠‏ وفكروا فى بعض الوسائل للذهاب الى 
ماوراء النصوص الكتوبة 2 وكان فى مقدمتهم جونكل ٠‏ فقد دا بالتسليم 
دنقد المصادر ونتائمها . وهو أن سفر التكوين ( وباقى الأسفار الخمسة ) 
نشأات من مصسادر سابقة عليه وهى .١‏ (3327188) من القرن التاسع قبل 
المسملاد ء» 12 (18105186) من النصف الأول من القسرن الكقامن 2 
2 («عانم/! براأوهة1م) ‏ بين 5٠6٠‏ 7 484 ق* م٠2‏ وقد تم تجميعها 
كلها من قبل كاتب متاخر لتكون الكتب الحالية ٠‏ كما تم توحيد +18 





فى نهاية مملكة يهوذا ( 047 ق٠م٠‏ ) » ثم دخلت مع 2 أيام عزرا 
( 545 ق٠‏ م٠‏ ) ٠‏ وقبل هذه الوثائق كانت هناك روايات مكتوية وجدت 
أولا فى دمورة شفاهية ثم وضعت فيما بعد فى مجموعات لها أبنية وأشكال ٠‏ 
وكانت وحدات مستقلة منقولة شفاها قبل مرحلة التدوين تم التأليف بينها 
فيما بعد ٠‏ هذه المصادر الشفاهية تطورت خلال حياة بنى اسرائيل على 
فترة طويلة ٠‏ والبعض منها نشأ فى أقطار مجاورة وتكيف حسدب كل قطر , 
كما تغديرت جيلا بعد جيل ٠‏ فيتغير الظروف والأفكار والأخلاق والعادات 
لا يمكن "أن تبقى الحكايات الخيالية الشعبية على نفس المثوال ٠‏ وصدنف 
جونكل هذه الروايات طيقا لأهدافها , فمنها الهدف التاريخى الذى يعكس 
ظروفا . تاريخية خاصة ولكن معظمها كان يهدف الى شرح شىء ما يريده 
رواتها ٠‏ وانتهى جونكل الى تصنيف رباعى : حكايات اثنية 01081681 ضط):1 

58 أاأاشرح علاقات الأسداط 2 وأخرى لغوية لبيان مصادر معانى 
الأجنساس. والجدال والأذهار والمدن ٠‏ وثالثة طقوسية ‏ [18«مصع«عة0 
لشرح الاحتفالات الدينية مثل السنبت والختان » ورابعة جيولوجية لتفسير 
نشاة المكان ٠‏ كما قارنها بالخنصوص المشابهة. عند الشعوب المجاورة خاصة 
تلك التى تتعلق بالقوانين من أجل التعرف على مصادرها التاريخية وأساليبها 


45١ 


الأددية والنظرات العقائدية والبواعث الموجهة لتكوين النصى مثل الميثاق 
والوعد ودور الكاهن فى التدوين ٠‏ ثم انتقات نتائج جونكل من العهد القديم 
الى. العهد الجديد ٠‏ وانتهت الدراسات فى أواتل القرن العشرين على الأناجيل 
المتقايلة الى قبول نظرية المصدرين كأصلين لمتى ولوقا والى الاعتراف بتأثير 
النظريات اللاهوتية للكنيسة الأولى على تكوينها والى احتواء مرقص على 
.واد متأخرة أصلها فى وحدات مستقلة وجدت فى تراث شفوى قبل التدوين ٠:‏ 
واندهى. نقد المصادر الى هذا الحد(") ٠‏ 


وفى نهاية الحرب العالمية الآولى ظهرت مجموعة من الدراسات شعير 


عن أتحاد وأحد 0 وددشى دميلاد المدرسة اأجديدة وفى مقدمتها خمسة كتب : 


٠1915 ٠ بء ديبليوس : تاريخ الأشكال الأددية للأناجيل » توينجن‎ ١ 
٠ 1١919 » شميت : الاطار لقصة عيسى , يرلين‎ ٠ل‎ ٠كا‎ '" 

"“ ا ٠‏ بولتمان : تاريخ الأناجيل المتقابلة » جوتنجن 2 ٠ ١95١‏ 

ة سام البرتن : أحاديث الصراع المتقابلة » برلين » ٠ 15171١‏ 


8 - درترام : تاريخ الام عنس ودين المسيح 0 حجوتنجن 3 "ا" .١9‏ 


قيل شميت النتائج العامة انقد المصادر واهمها نظرية المصدرين ٠‏ ولكن 
أضاف أن مرقص يتكون من عدة: مقاطع قصيرة مرتبطة فيما بينها بفقرات 
اذتقالية تعصى بءعض التحديدات الزمانية والمكانية لتاريخ حيأة عيسى 
وبشازته الأولى ٠٠‏ ومزقص هو واضع الاطار أئ البناء الشكلى: فحّسب ٠‏ 
هنذ! الاطار يكشف عن حياة الكنيسة وأفكارها وبواعثها وحاجات الجماعة 
السيحية الأولى ٠‏ وقد انتقلت هذه المقاطع الماحددة فى. صورة شفاهية ثم 
تحولت الى مقاطع مكتودة طبقا لحاجات الكنيسة باعتبارها مجتمع عبادة ٠‏ 


(؟) الدياطسرون أى الرباعى وهى الانجيل الذى جمعه طيطانوس من البشاش 
الأريع فى القرن الثانى يعد المسيح وذقله من السريانية الى العربية أبى الفرج عيد الله 
ابن الطيب فى القرن الحادى عشّى ٠‏ صدر عن جمعية نشر المعارف المسيحية بولاق 
( مصر ) والقدس ٠»‏ وأيضا لسنج ( ترجمة د١'‏ حسين حنفى ) » ثربية الجنس البشرى , 
ص "١‏ 5ه دار الثقافة الجديدة , القاهرة ,؛ لالا9١ ٠‏ 


ةع ده 


ولكن ديبليوس ( 1887 15145 ) هى أول من طبق « نقد الأشكال 
الأدبية » ,2 وهى. واضع المصطلح ٠‏ أراد أن يشرح بطريق التركيب مصدر 
تراث عيسى والرجوع الى فترة شفاهية سابقة على تدوين الأناجيل مع توضيح 
قصد التراث واهتمامات الجماعة الأولى ووظائفها وكتابها ٠‏ ويصنف دعاتها 
مثلالمرشرين والوعاظ الذين يعتمدون على بعض المواقف الدرامية فى وعظهم ' 
والرواة الذين هم مصدر الروايات التفصيلية للجماعة , وال منشدين الذين 
يؤلفون الروايات من أجل التهذيب والتربية الدينية 2 ومؤّلفى الأساطير 
أى الروايات اللاهودية ٠‏ 


ولكن اسم المدرسة قد ارتبط ببولتمان ( 1444 19175 ) الذى حاول 
بعد سنتين اكتشاف هذه الوحدات الأولى قبل الأتاجيل بل وقيل الأقوال 
والروايات واقامة سياقها التاريخى سواء كانت تنتمى الى تراث أولى أو 
ثانوى أو كانت نتيجة لنشاط التدوين ٠‏ يرفض بولتمان البناء الصورى عند 
ديبليوس » ويفضل تقطيع النصوص الى وحدات أولية ومعرفة مدى تشابهها 
مع الوحدات المماثلة فى البيئات المجاورة ٠‏ وتاريخ كل فقرة ٠‏ والبواعث 
على نشأتها وتكوينها ٠‏ فاذا كان منهج ديبليوس استنباطيا بنائيا فان منهج 
بولتمان استقرائى تحليلى بالرغم من :اعتماده على بعض المبادىء الفلسفية 
العامة مثل التفرد والرغبة فى التصوير ٠‏ 


وبينما يرتد البرت الى الجماعة الأولى والى البيبّة التى نشات فيها 
الأناجيل ويرجع الاختلاف بينها الى مناقشات عيسى مع الكتبة والفريسيين 
فان برترام يرى أن العبادة 16لا هى البيئة الوحيدة التى نشات فيها 
الأناجيل وتكونت »2 ولا يعتمد. كثيرا على تاريخ الأديان المقارن كما يفعل 
بولتمان. ٠‏ وبالتالى يظل التارجح قائما فى المدرسة بين « نقد المصادر » 
واللجوء الى البيئة وبين « نقد الأشكال » والاعتماد على الأشكال الأدبية(*) ٠‏ 


4 ططناه"!1 15 أقطنالا خطع تمعاءع84 .ا :4-5 .در ركه .02 ,11111115 
ملنتظظ 1-16 .ترم ,(1967 رومعء2 ووعه"1 رقتطماعواتط2) ؟ مكنع ةزم 
8 11-24 .زم ,(1962 ,تممصو ,عاعم2 برع ]8 ) مطما 0011 مم1 ,مطقصطا 
5 و,وونطماع0ص[تط2) * لمتقنء 0211 «ممناعه0ه5 15 أقط7]؟ سمسصمط 
ا 50 001ص 1هع 051 م ,8ع11ن"7 .قاط :13-21 .جرم ,(1901 رعمععمر 


إلة 


5 


والدقيقة أئه يصعب ترجمة مصطلح عخطع قطن ممع متره"1 


فهو يعنى فى نفس الوقت ثلاثة أشياء : 


أ ) « تاريخ الأشكال الأدبية » أى تتبع الأشكال الأدبية للكلام نشاة 
وتكوينا وتطورا 0 وهى المعروفة فى علوم النقد ياسم 2 الأنواع «“( الأدرية 2 
ومقارنتها دمثيلاتها فى الآداب القديمة ٠‏ وهى اقرب الترجمات الى المعذى 
الحرفى للمصطلم 0 والشائع عذد معظم الدارسين 1 


( ب ) «١‏ تاريخ تكوين الانجيل » » فالصورة هنا تعنى .التكوين 

ده1 ةمه أو عملية « التشكيل » ذالمهم هى عملية تكوين الانجيل ابتداء 

من الوحدات المستقلة المتفرقة شفاها أو تدويئا وتاريخا وليسنت الأشكال 

النهائية للأناجيل والتى هى المظاهر الخارجية لعملية التكوين : وهى معنى 

أوسع من المعنى الأول » وبمصصطلح علوم :اللغة والأنثرويولوجيا يريد المعنى 

الآول تحليل الصور فى المعية الزمانية 61و بينما يريد الثشانى 
تحلدلها فى التتابع الزمانى م21 ْ 


( جه ) « صور الشدور التاريخى "١‏ 2 فالأشكال الأدبية قد تخلقت فى 
شعور الجماعة الأولى وبالتالى فانها فى حقيقة الأمْر ضور للملشعور التاريخى 
لدى الجماعة الأولى ٠‏ النص من وضع الشعور ٠‏ والصورة للشنعور قبل 
أن تكون. للنص ٠‏ والشعور هى الذى يدرك العالم ويتصوره ثم يعبر عنه 
فى صورة مثل أو قصة أو دكادة خيالية أو أسظورة ( وتخركةه يواعث 
وغايات قصذية ,2 وهو المعنى الأعمق والذى بريط المدرسة نرافذها الأسامسى 
فى علم الظواهر أو « الفينومينولوجيا » ٠‏ طبقا للمعانى الثلاثة للفظ يتكلم : 





لِك : 
:81-5 .مر ,(1966 1211010213 ,020023[) .الع سرماعه1 وال 
-10 قنطم املو لنطط) 226116 ون" 415 ملفا 01 حسصسلم 01 ا 0000000 
067) 01 م1 اك 2502| ؛ (1971,عمم رط تك هلها 
عط قصه وم امل ده 1ق وم ,امد 9518997 : (1966 ,طععاومطمع ,عاسم 
-2011 ...ل : (1902 رقوعءط ومةطامه'18 ,وتطماع20 الطط) ) غم مم16 0514 
(1947 رقلقةمترنآا) ع«امغأفتط'[1 ع0 مافعل ع1 اع قتاقعل 06 1165 وعرآ ,31202مز 
أ .08 ,مقط ل .2ه 13-6 .جم راك .زه ,غخطع ناص ه31 .2.57 .1660-8 .جزم 
ش ".166-8 .مم 


554 سه 


اللفظ والمعنى والعشثىء أى الصورة والمضمؤن والموضوعية 0 وللمدرسية ثلاذة 
جوانب سسنقتصر منها على الجانب الأول فقط وهى : 


(1) دراسة الأشكال الأدبية المختلفة التى دم فيها تدوين أقوال عيسى 
وأافعاله ادتداء من التراث الشفاهى حتى التراث المدون 2 وطرق صياغتها 
ايتداء من الأشكال المماثلة فى الآداب القديمة اليونانية والعبرية والشرقية 
القديمة 2 وكدفية تشكيل الوحدات الصغيرة والربط بينها حتى أصبحت 
الأناجيل ٠‏ ومهمة هذا الجانب هو الكشف عن هذه الأشكال الأديية وتصنوفها 
وبيان نشاتها وتطورها قبل أن تبدة عملية الفهم أو التفسير أو التأويل ٠‏ 
وهو البديل عن النقد التاريخى القديم لاثيات صحة النصوص الا أنه لا يتعاق 
بالسند ولكن بالمثن ٠‏ 


( ب ) دراسة تكوين الأسطورة 1607715010818861025 مثل أساطير 
المدلاد أو الموت أو الدعث ٠‏ وقد نشأت ادتداء من عملية التأليه التى حدذت 
فى شعور الجماعة المسيحية الأولى ابتداء من الاعجاب يأقوال عيسى وأفعاله 
حتى التأليه المطلق: لشخصه ٠‏ وقد قم نسج الأسطورة طيقا أثيلاتها المى.جودة 
ادى. الشعوب المجاورة وعلى مذوالها مثل ديائة مترا فى فارس أو آلهة 
اليونان والرومان أى بعض معارج الأنبياء عند بنى اسرائيل ٠‏ 


(ح) تاويل الأسطورة 15100 لا كان تكودين الأسطورة 
اهو مجرد الكشف عنها فى شعور الجماعة المسيحية الأولى فان تأويل 
الأسطورة هو ارجاعها الى مصدرها فى الوجود الانسائى العام وليس فى 
الشعور التاريخى للجماعة الأولى وحدها ٠‏ التواضع والتضحية والاخلاص 
يدركها كل انسان ٠‏ والحياة والموت والألم مكونات للوجود الانسانى, ٠‏ 
والذنب والمغفرة والثواب والعقاب يتعلق يآفعال الانسان ٠‏ ومن هنا أتت 
أهمية فاسفات الوجود خاصة عند هيدجر وتحليله لأبعاد الوجود الانسانى 
الذى هى الأساس والمصدر لتأويل الأسطورة ٠‏ ومن هنا أيضا تأتى أهمية 
الورمنيطيقا 5ع ناناعطع م2 (4) ٠‏ 


عع ساح م ويه بعرو طايعه اطع بال تمع بو ا و اتسين تار و 


- 


(4) وقد عرف بولتمان خاصة بتناول الجانبين الثانى والثالث ٠‏ أنظ 


ب 5580 ا 
ثالنا ‏ الأدادىء الأولية والمسامات العامة : 


وتقوم المدرسة على عدة ميادىء أولية أو مسلمات عامة بصرفب النطر 
عن الفروق الفردية بين زعمائها وعن عددها وعن مدى تكوينها لخطوات 
.نهج محكم 3 وأهمها : 


(1 ) نقد المصادر : يقبل زعماء المدرسة الأوائل النتائج التى انتهى 
اليها نقد المصادر اذ أن الاعتماد الأدبى المتبادل دين الأناجيل دمد المدرسة 
بمادة للبحث يسهل يعد ذلك العمل عليها ومعرفة كيفا استخدم متى ولوقا 
ومرقصالمصدر 6 وكيفاستخدم مرقصوالمصدر © المصادر الأولى٠‏ 
والحقيقة أن نقد المصادر مجرد مقدمة لنقد الأشكال ( وهى الاسم المفضل 
لدى النقاد الأنجلوسيكون ) لآنه اذا دتمت بعد ذلك معرفة الوحدات الأوؤلئ يعد 
نقد الأشكال وتحديد التاريخ الأول لهذه الوحدات فانه يسهل نعد ذلك معرفة 
الروايات المكتوية(05) ٠‏ 





بلنعع طتطنا1') ,111 ,11 ,1 بمعطعذوعع 0ن عط ناة21) ,للق اتا كط 
,1 111 لخر روأطوط) و0111 011 6211011 متتعاستتلا : (1961-2 
-1952 رع تلأسو ) ,7 ,1327 ,قلا ,للا ,لآ رقمطا143 111104 هددع ج11 :. (1955 
ناأقط0) قتاوعآل : (1961 ,لطع« قط عاعه 7 بع81) 7315 0ه مسورع عكار 60 
له طاج81 : (1958 ,قدطه5 قطهة «اعططتتزء5ة عامهنلا برعال) ودنا كنيف" 2110 
11011 تامتوتاعا 01 جالتطتوعه20 قطنا 120 مإتلتلمتظ ىق : ولتتلمأااس مدال 
-أماأقطاعوظ فيه لجاماكلةة : 191 ,عوع«2 11002039 ,عاون ببع 131 ) بالأوار 
ل :(195 ,ثاءمطفظ عامه؟ بتء]) جاتمنماظط1 1ه معررموم 2 16 :027 
89.ط, (1954 رعمععطعجوء8 ,متسوط) فوالعدوثة وهل له فلأعسد م16 ,لإ1810 
.6 عقهوع 166 : (1965 ,معلو0) عوقوفعده'! 06 116650065 وملا ,11.1125811 
و65 ناه '! ع0 16ع012611010::قط هلل (19/9 ,مطتو0) عأع10م0تغسامسقغطم دآ 


.م 


لنمههة5جا8/0 ندل تدهم 3 ع لاع اسع افلعه عن 1أتاعدم مضعغط مستخل أهووء 

(عمتمتمعطمه7 ,1989 ,معزو ) كدمصرها 

(5) استعمل الثقاد الأنجلوسكسون 1186016 رغخطة) ,ممه ,سأ 0, 
.183/101 م تعبير « نقد الصورة ع +00116161992 توتده1 

16 .25 اله .02 ,م8301 


و 


-53ق اه 


( ب ) الوحدات امستقلة : تكون المصدران :.مرقص ٠2‏ © من وحدات 
مستقلة صغيرة كانت موجودة أولا شفاهيا قبل أن تدون ٠‏ ويمكن التعرف 
عليها فى مرحلتها الشفاهية بالاعتماد على علم النفس. وعلم الاجتماع وعلم 
الانشروبولوجيا ٠‏ وكتاب الأناجيل هم الذين جمعوا بينها فى أطر مصطنعة 
وردطوا بين أجزائها فى مجموعات أكبر ٠‏ ومهمة الباحث .معرفة هذا الريط 
المآخر يعد الكشف عن هذه الوحدات الصغيرة السايقة على تكوين الأذاجيل ٠‏ 
وقد :أثبيت شميت.وجود هذه المجموعات 2 وتعرف عليه ا ديبليوس فى 
المرحلة الشفاهية كما هو واضح من قصة يائير وشفاء المرأة » والبعض منها 
كان سابقا على تجميع كتاب الأناجيل ٠‏ ويؤكد بولتمان على أن هناك حدودا 
طبيعية لمثل هذه المجموعات فى الفترة الشفاهية حتى ولى لم يتم تحديدها 
تمأاما » وهى حدود يمكن تجاوزها بعد ذلك فى مرحلة التدوين ٠‏ هناك جرء 
واحد استثناء من القاعدة وهى م رواية الآلام » ٠‏ فقد وجدت كوحدة واحدة 
غير مجمعة عن حياة عيسى فى الفترة الأولى ٠‏ ومتشابهة فى الأناجيل 
الأربعة , لا توجد فيها مواقف أى حوار أو أقوال كثيرة » وتعبر عن شهادة 
عواذية ٠‏ ومع ذلك فرواية مرقص ليست أقدم الروايات ٠‏ وهى عند بولتمان 
وديبليوس نتيجة لعملية مبكرة لنقل التراث ٠‏ لم تكن نواتها الأولى ‏ لى تم 
العثؤر عليها ‏ تاريهًا خالصا ٠‏ لآن الروايات الحالية فى الأناجيل تنقل 
الحوادث فى سياق أوسع ٠‏ هى أقدم روايات الأناجيل » ووحداتها الصغيرة » 
ان وجدت » لا معنى لها الا فى سياقها وزمانها ومكانها ٠‏ فقد أتت اجاية 
على سؤال الكنيسة الأولى : كيف تم احضار عيسى الى الصليب من الناس 
الذين باركهم وأجرى عليهم معجزاته وآياته ؟ 





- 1 111) 701:10 ,تلاهقتطااتاظ :17-20 .جزم رك .مه ,خطع تصك[ء 11.17.81 
هن سوضظ ,قطلتطاط 168-175 .طم ,يأك .تزه , مصقص 25-3120 
.88-427 بصم راك بوره ,طعللن8 .5.23 :218-32 ,178-217 ,9-36 .صر رت 
1م0111 لل فأع 05 فطلك ,اعطق تامع .15-65 ,نزم ,اله ,تزه بتضوط 
طه1[نا"8.2.8 :38-50.مم ,(1972 بعقتام8 ماعطو8 ,موعتطء1183) جلاع 
50 3201 تاعططاطع 5 طم 7 بن ل ) 5390-50 01 د وخدع رموه نبووةز 
11م هآ 101ا01م تسا رغمالليء18.م 3 50562 .لخ :70-85 .مم (1962 


د- .324-80 .رم ,(1957 ,مش6اعقع12 ,مستعاعظ) للامستعاوة1 اسعتعدرة .1 


/اةة ب 


(ح) تكوين الأناجيل : هذه الوحدات الصغيرة المستقلة لها حياتها منذ 
ذنشأتها فى الشعور التاريخى الجماعة الأولى ونقلها شفاهيا ثم تدوينها ثم 
الجمع بينها فى وحدات أكبر حتى جاء كتاب الأناجيل وربطو! بين الأجزاء 
فى اطار وتصدور واحد لخدمة أهداف معينة ٠‏ مهمة الباحث اذن الصعود 
أو الرجوع الى الأشكال الأولى لكل تراث ورصد التغيرات التى طرات عليه 
ثم المقارنة بين نصوص الأناجيل والنصوص المشابهة المديطة فى الآذاب 
الشعبية القديمة أو فى أدب الأحبار ٠‏ كتاب الأناجيل ليسوا اذن مؤلفين 
بل مجمعون وهحررون لادة موجودة سلفا نسقوا بينها ٠‏ وكل مادة لها 
تاريخ سسدابق استعملتها الجماعة الأولى تحقيقا لمصالحها ,. لها قلب أى نواة 
أى محور ثم حدثت اضافات عليها فيما يعد طبقا لقوانين تطور العمل الأدبى 
وذقل الرواية الشفاهية, واهمها قاتونالايجاز والاطناب٠‏ فالايجاز هو الآصل, 
ثم تضاف الأسنماء والتفاصيل كنا هو الحال فى قصة الغنى الباحث عن 
عيسى ( مرقص ٠ ) ”59 1١1: ٠١‏ فهى عند لوقا رئيس وعند متى شاب : 
وفى اذجيل الناصريين 72182216628 أن أحدهما هن رأسيه يعدما سنمع 
مطلب عيمى * ويدبين انجيل العبرانيين أن الرجل صاحب اليد الجافة كان 
بناء » يكسب قوته من عمل يديه » ويتمتم بصلاة متكيفة مع الموقف ٠‏ وبيالتالى 
تكون عملية النقد هو تخليص. الرواية من هذه الزيادات من أجل الدحصؤل 
على النواة الأولى ٠‏ كل مقطع له نقطة مركزية مثل مسح بطانيا ( مرقص 
٠ )5 5:14‏ كما أن نداء التلاميذ ( مرقص 7١ ١5: ١‏ ) مقطع تحول 
فى لوقا ( 5 )١١ 1١:‏ الى حكاية خيالية ابتداء من قول عيسى « ساجعاكم 
صيادى بشر » * ويعترف كل من ديبليوس وبولتمان أن الأمقاطع لم يتم حفظها 
فى حالتها الأصصدلية بل زادت عليها التحديدات الزمانية وال مكانية قدما بعد ٠‏ 
وقد لاحظ جونكل نفس "القانون وطبقه على روايات العهد القديم ٠‏ وقد 
لا تخضع جميع امقاطع لنفس القانون ' ان قد ينظبق الايجاز على أحدها ديذما 
ينطيق الاطناب على آخر' ٠‏ 


ه ‏ الموقف الحياتى 2 2هع65.آ 11ز 5152: هذه الوحذات الصغيرة 

ذنشأات فى بدايتها كمواعظ تدشيرية لخدمة ايمان الجماعة الأولى ونشىر 

عقائدها : فهى فى الأصل مواعظ وليست تاريخا ٠‏ هدفها التدشير »2 وليس 

رصد الوقائع ٠‏ ومن ثم فهى وحدات تعيش فى شعور الجماعة » ولا يمكن 

فهمها الا فى وضعها الحياتى فى اطار البواعث والوظائف والأهداف والمصالح 
( دراسات فلسفية ) 


ةل - 


التى تدرك الجماعة ٠‏ فالجماعة تحركها عواطف وانفعالات , ولها تصوراتها 
للعالمم » وعقائدها وولاءاتها المتباينة والتى يمكن على أساسها معرفة كيفية 
تكوين الأناجيل والربط بِينْ الوحدات الصغيرة والبواعث على خلق الروايات 
ومصالح الجماعة وتفسير الاختلافات بينها ٠‏ فقد كان هدف متى اثبات 
عيسى كمخلص 1168818 واثبات شرعية الكنيسة ٠‏ وكان هدف مرقص تصوير 
عيسى على أنه أحد الفقراء 75/010816 حتى يحظى بايمان اليهودية ٠‏ وقد 
تدخلت هذه البواعث فى طريقة صسياغة الأناجيل والريبط بين الوحدات 
الصغيرة فى مجموعات أكير ٠‏ بل لقد أستقل هذا الموضوع فى نقد مستقل 
سمى « نقد التدوين » طمن لس 26030155 قى كيذية تدوين الانجيل 
وبواعث الكاتب وأهداف الجماعة ٠‏ فالأناجيل ليست تواريخ حياة لعيسى 
بل تحتوى على عقائد وآراء متأخرة ظهرت فى الجماعة المسيحية المتأخرة ٠‏ 
وتم تدوين الأناجيل طبقا لها بحركة ارتدادية 261081806 عن طريق قراءة 
الحاضي فى الماضى وترائيه فيه كما يقول برجسون ٠‏ لقد لبى التراث حاجات 
الكنيسة وحقق أغراضها ٠‏ وهذه احدى مسلمات ديبليوس الرئيسية التى 
على أساسها يعيد بناء الأناجيل طبقا لحاجات الجماعة المسيحية الأولى ٠‏ 
وبالرغم من أن بولتمان يبدا بتحليل النص ويذهب منه الى الكنيسة الا أنه 
يؤكد عدم الاستغناء عن الصورة المؤقتة للجماعة المسيحية الأولى وتاريخها 
حتي يمكن ذفصيلها بعد تحليل النص النهائى ٠‏ وهنا تبدى أهمية تاريخ 
الأديان المقارن واعتماد « تاريخ الأشكال الأدبية » على مايقدمه من مقارنات 
بين الأديان ٠‏ يرى ديبليوس أن الحسركة المسيدية بدات من دائرة آرامية 
فلسطينية حول عيسى ٠‏ ثم أتت بعد ذلك مسيحية هلينية سابقة على بواس 
وقريبة من اليهودية اذ كانت الكنائس المسيحية السابقة على بولس فى مناطق 
تتحدث اليونانية دون أن تقطع صلاتها باليهودية ٠‏ ثم أتت بعد ذلك كنيسة 
بولس أقل ارتباطا باليهودية ٠‏ فالأناجيل المتقابلة عند ديبليوس لم تحصل 
على شكلها من الكنيسة الفلسطينية التى تتحدث الآرامية أى من كنيسة بولس 
المتاخرة بل من الكنائس الهلينية السابقة على بولس والمرتبطة ارتباطا وثيقا 
باليهودية ٠‏ وقد أكدت هذه الكنائس أن ايمان اليهودية وآمالها قد اكتملت 
بقدوم المسيح » عيسى المسيح ٠‏ فقد اهتمت هذه المسيحية بتراث عيسى من 
وجهة نظر أن الخلاص اللمنتظر. طويلا قد أتى ٠‏ لم يكن الهدف اذن تاريخيا 
بل مشيانيا 2468818216 ٠‏ وقد قام المبشرون والوعاظ والمعلمون بذقل 
هذا التراث ٠‏ .فالتيشير هو أساس التراث ومصددر التاريخ وعلى أساسه ثم 


- 859 


تكوين المواد وتوجيهها طبيقا للأغراض التى تهدف الى تحقيقها من أجل خدمة 
التبشير والوعظ طبقا احاجات الكنيسة ٠‏ ولهذا السبب كتب ديبليوس 
د الرسالة والتاريخ  »‏ عأطء[طءو6) لطن اله طءواوظ ٠‏ ولم يستفن 
بولتمان عن هذه الصورة المؤقتة لحياة الجماعة المسيحية الأولى قبل تحليل 
الوحدات الصغيرة فى الأناجيل المتقابلة ولكنه اقتصر على تقسيم ‏ المسيحية 
الأولى الى قسمين رئّيسيين : المسيحية الفلسطينية والمسيدية الهلينية ٠‏ ولهذا 
كتب دولتمان « المسيحية الأولى فى اطار الديانات القديمة ,» ٠‏ 


( ه ) تصيف الأش كال : ان أية قراءة فاحصة للأناجيل تبين أن 
كتابها أخذوا وحدات من المواد كانت لها أشكال أدبية خاصة بها قبل أن 
تتشكل ٠‏ ولا يعنى ديبليوس بذلك المستوى الجمالمى لفن روائى صاغه عبقرى 
بل يعنى الأسلوب الأدبى » اسلوب الصورة التى خلقتها الجماعة المسيحية 
الأولى على منوال الأشكال الأدبية الموجودة فى شعورها من تراثها الدينى 
القديم أو من الآداب الشعبية الموروثة ٠‏ فاستعمال الوحدة يحدد صورتها 
وليسدث نظرية نقدية مسديقة ٠‏ وقد تطورت الأشكال ذاتها أبتداء من الحياة 
المسيحية الأولى وعبر حياتها فى الكنيسة ٠‏ لم تكن كاملة فى البداية بل 
كانت ذكريات مليئة بالانفعالات حول التوبة ولنشر الدين والاكثار من 
المؤمنين ٠‏ ثم أخذت أشكالا كى تصبح أكثر قدرة على جلب التوبة والايمان 
الأكثر تأثيرا فى النفوس ٠‏ واعتماد! على هذه المسلمات كلها أصصدبح الهدف 
الرئيسى لتاريخ الأشكال الأدبية هى تتبع تاريخ هذه الأشكال وتصنيفها 
اعتمادا على مبادىء الذقد الأدبى وبتحليل الديئة الشعبية والآداب القديمة ٠‏ 
ولكن يظل الهدف الأساسى: هئ تحدديد الأنواع الأدبية بصرف النظر عن 
مضدامينها (0) * 


ويختلف زعماء مدرسة تاريخ الأشكال الأدبية دول تصنيف الأشمكال 
وأسمادّها ٠‏ ولكن أشهر التصنيفات هى : تلك التى أوردهاأ زعديما المدرسة 


ديبليوس وبولتمان ٠‏ كما يصعب التمييز بين مقايزس التصنيف والعوامل التى 





)0 بخطع تطعطء21 .88.17 :30-69 .جزم ,... فنه ل فنك مطم1. رمب[ لاط1مآ 
2.21-2م ااء.مه 


ساعدت . على تحديد الأنواع الأدبية مثل طريقة عرض المادة ( صورة 
ومضمونا ) » والباعث على وجودها الحالى ( الديئة الحياتية التى ولدت 
فيها ) » وأوجه الشبه بينها وبين الآداب الأخرى ٠‏ كما يصهب تحديد الأنواع 
الأدبية من حيث الشكل فحسب دون أخذ المضمون فى الاءتيار ٠‏ أذ يمكن 
تحديد النوع الأدبى كما هو الحال فى الأمثال التى لها مادشابهها فى العهد 
القديم وفى أدب الأحبار ٠‏ فأمثال الرب لها شكل محدد : عبارة جبرية , 
صيفة استفهامية » خطاب أمرى , تعجب نبوى ولكن المضمون وحده هو 
القادر على تحديد نوع الفقرة أو المقطع أو أغلب الروايات التى ليس لها 
شكل واضح مثل الحكايات الخيالية أو الأساطير ٠‏ ويكون هذا التصذيف 
مثاليا لو أن النص الأدبى يطابقه تماما ٠‏ ولكن الحال ليس كذلك ٠‏ فالمتصنيف 
يعطى الشكل الأدبى فى حالته الخالصة ٠‏ ولكن فى أغلب الحالات تكون 
الأشكال متداخلة تنام ه111 


رايعا ‏ الأشكال الأددية عند ددبليوس : 
يحدد دييليوس الأشكال الأددية فى دخمس هى : 


١‏ النموذح ع28801 12988: وهى رواية حية جامعة تحتوى 
على مفارقات قصيرة وتهدف الى ابراز جملة لعيسى أو عمل له مع غياب 
التفصيلات التى لا فائدة منها وغياب أسماء الأعلام والمواقف المعينة فى 
الزمان والمكان: » وغياب رسبم التشخيصات » وعدم وجود جوقة تسترعى 
انتباه المستمعين والمشاهدين ٠‏ وكل ذلك بهدف التركيز على شخص عيسى » 
فقوله وفعله فى صلب الايمان الكنسى ٠‏ ثم تنهى الجوقة الرواية برد فعل 
الجماعة على المشهد ٠‏ ويتخلل النموذج حواران أو ثلاثة حول موضوع 
واحد ٠‏ وكل منها يتكون من رواية مستقلة مركزة حول قول لعيسى الذى 
يحول السوؤال الخاص فى موضع خاص الى اجابة مبدئية عامة ٠‏ وأحيانا 
يجعل عيسى اجابة المحاور اجابته الخاصة كما هو الحال فى قصة امراة 
كنعان ٠‏ وأحيانا يسبق القول اعلان تمهيدى لتأكيد المعنى وتقويته ٠‏ ويختم 
عيسى الحوار بقول له أى تعليق لتعليم التلاميذ أو لتكملة المثل ٠‏ ولا يشار 
الى المحاورين الا بطريقة غير شخصية مثل « البعض » أو باسم جمع مثل 
« الفريسيين ‏ أو ٠‏ الكتبة » ٠‏ واذا كان المحاور متحدثا رسميا باسم جماعة 


656١ 


يجييه عسى مخاطبيا الجماعة كلها ( داسيتثناء فقرة الغذاء عند شمعءون 
والحوار حول أعظم الوصايا ) ٠‏ واذا كانوا أصدقاء عيسى فتغيب التفصيلات 
مثل أقواله حول مارته ومريم ٠‏ الذنموذج أاذن شكل أدبى وعمل فنى له منظر 
0 ء؛ ويه فحل 8665128 » وينتهى الى حكمة أو قول مأثور ' ودحدد 
ديبليو س للنموذج خمس خصنائص : الاستقلال عن السياق الأدبى » الايجان 
والبساطة يسيب استعماله فى الوعظ , الأسلوب واللون الدينى دون الأدبى 2 
الأسلوب التعليمى الذى يبرز أقوال عيسى ٠»‏ النهاية بفكرة مفيدة للوعظ أو 
حكمة لعيسى أو فعل منه أو رد فعل للمشاهدين ٠‏ وهى مناظر قصيرة ( من 
خمس الى ثمان آيات ) أطولها مناقشة عيسى مع الفريسيين وأقصرها رفضه 
اجراء المعجزات ٠‏ وتحتوى على أقدم أسلوب للرواية المسيحية لذلك يسميها 
ديبليوس « الثموذع » ٠‏ نشات فى التبشير وهو الذشاط الرئيسى للجماعة 
الأولى ٠‏ ولما كان التبشير شهادة عيان تظل قيمتها التاريخية كبيرة ٠‏ ويضع 
ديبليوس قاذونا عاما لضبط صحدتها التاريذية كالآتى : « كلما كانت الرواية 
قريبة من الوعظ كانت صحيحة تاريخيا » » ومن المستبعد تغييرها الى روايات 
أددية رومانسية خيالية خالصة ٠‏ ويضرب المثل على ذلك بروادات الجزية 


0 7) ١ا/_‎ ١18: ١؟ مرقص‎ ( 


 "‏ القصسسة ه11[ع77ناه8]0 1016 (1عتتهل2 ,01'816) : وهسى رواية 
مختلطة تفصودل عن قصد ردود فعل الدهماء تجاه عيسى الذى يدمل ادئة زائدر 
الى الدياة ٠‏ فتوطى الرقم الصحيح بمئاسدة تكاثر اللخيزن ٠‏ كما أنهأ تصوغ 
حوارا بين عيسى ومسما عديه 0 ولكن أقوال عيسى تفكد أهضميتها أهام الروادة 
ذاتها. ووصدف المناظر و سعرل الحوادث ٠‏ وشى ذدور حول معجزات عدسى 
فى معظمها ٠‏ ولم تذشا فى صورتها الحالية من الوعاظ بل من الرواة والمعلمين 
الذين رووا قصية حياة عيسى بمزيد من التصوير وان لم يكن بفن ' ومع 
ذلك يظهر الأسلوب الأدبى فى الرواية أكثر مما يظهر فى النموذج ٠‏ تأتى 





(0) وكذلك يشير ديبيليوس الى الذماذج الآتية : مرقص :15 :1 1١١021١‏ , 
ا 5 ا ل ملا لوم ور ولو وو توركل 
٠ 3 #0: 1١4 , ١7-1‏ كما يشير الى نماذج أخرى أقل وضوحا مثل مرقص 
: يسسشورف الى د يل شرل ا اد اند ا ا ال اين يري ا كن ا ان 
5 ؟ه, ١١‏ :هط كل ؟١:‏ "“؟الوقا 6451١9‏ 5ه 1١8‏ 503. 


ب 609 - 


أولا قصة المرض ثم « تكنيك » المعجزة , وأخيرا نجاح الفعل المعجز ٠‏ فالقصة 
تنتمى الى أسلوب أدبى أرقى من النموذج ٠‏ وهى تشيه النموذج فقط فى 
أذها روايات فردية كاملة فى ذاتها , ولكنها تختلف معها بعد ذلك ٠‏ فالقصة 
أطول من النموذج ٠‏ وتحتوى على وصدف تفصيلى موسع من وضع الراوى 
أى المعلم الذى يعششق فنه ويحب ممارسته ٠‏ ولا يوجد بها بواعث دينية لأنها 
فى رأى ديبليوس لم تكن فى التبشير ؛ ولم يكن لها وضع مركزى فى الكنيسة ‏ 
وكانت أقرب الى الروايات الدنيوية ذات الطابع البرجماتى ٠‏ لم تكن غايتها 
تعليمية مثل النموذج ٠‏ واذلك تتناقض فيها أقوال عيسى ذات القيمة العامة 
أو لا تنتهى الى أى نتثيوجة ٠‏ وقد نشأت القصة كشكل أدبى عند ديدليوس من 
ثلاث طرق : الطريق الأول ٠‏ تطويل النماذج خارج سياق الوعظ ٠‏ فقد اعتادى 
الرواة والمعلمون القصص طبقا لروايات المعجزات أو باسلوب المفارقات 
الشائعة ٠‏ فقدموا مضمون الممجهيزة وجعلوه أكثر غنى من النموذج , 
واستعملو! كل عناصر الرواية لجعل. القصة أكثر حياة وغنى ٠‏ والثانى : 
تقديم بواعث خارجية ربما غريبة على النماذج الأولى اذ يشعر ديبليوس 
مثلا أن قصة سدير عيسى على الماء ( مرقص " : 5غ "5ه 2 متى ١5‏ : 
5 -3950 ) ريما نشأت مهن دخول باعث التجلى الالهى على الأرض فى رواية 
بدائية عن عيسى وهو يساعد الناس فى موقف صعب مثل هبوب عاصفة 
وشدة الرياح وهياج الأمواج ٠‏ أما الطريق الثالث فاستعارة مواد خارجية 
من الآداب الشعبية أو الدينية القديمة » وفى هذه الحالة كانت تؤخذ القصة 
كلها ٠‏ وفى الأدب الهلينى هناك قصص مشابهة تم استبدالها بالأساطير 
وتختفى فيها الحدود دين الله والمبعوث الالهى * وأول قصة فى مرقص شفاء 
الأبرص ( مرقص ٠ )6() 55 غ٠ : ١‏ ظ 


 “‏ الحكاية الخيالية 286هع6.آ 216 : وهى رواية ديذية حول قديس 

هدم الئاس بأعمالله وق دمتصيره ٠‏ ظهرت فى الكنيسة تلدية لرغية مزدوجة : 

الرغية فى معرفة شّىء عن الفضائل الانسانية وعن كذدير من القديسين رجالا 

م06١‏ د" "١‏ _ "ع 5 ا هخ( وج لامع 7 ا "لا يلالا على : 5 ا 8 
255-5١5 : 6‏ لوقا لا : 21١١ 1١١‏ أنظض أيضا : 

7 :0.78 ,...أهع تن «عالد1 70-103,... مأ أتكة2 حدده"1 ,مبطلأط 1لا 

,22-3 ,ناه .زه ,غطعتسصكاء 11 


66:5 ل 


ونساء فى قصة عيسى , والرغية التى تطورت بعد ذلك لمعرفة عيسى ذاته على 
هذا الندو كما هى واضح فى قصة المسيح عندما كان عمره اثنى عشر عاما 
(لوقا ؟ 84١‏ 4 ) التى تكشف بوضوح عن سمات الحكاية الخيالية ٠‏ 
وهى تريط بين النموذج والقصة كنقيضين ٠‏ فبينما النموذج صياغة مسيحية 
من أجل التربية الدينية » والقصة تعبير عن العالم المحيط بأسلوب دتيوى 
فان الحكاية الخيالية مقولة من الأدب الشعبى ومن العالمم المحيط أيضا ولكنها 
ليست دنيوية تماما بل تهدف الى التربية الدينية أى أنها قصة دينية تروى 
فى موالد القديسين والأواياء ٠‏ يظهر فيها الاهتمام بالأسباب مثل الاهتمام 
بالدياة الشخصية وهو مايفرقها عن الحكايات الخيالية فى الأدب الشعبى ٠‏ 
ويتضح ذلك فى رواية الآلام فهى حكاية خيالية للعبادة بالمعنى السببى دن 
أجل تمثيل الحوادث المؤلمة لادانة عيسى وموته . يجد فيها المستمع أى القارىء 
التعبير عن الارادة الالهية التى هى السبب فى تعظيم المسيحيين لهذه الآلام ٠‏ 
تطورت القصة واصبدت قصة خيالية شخصية تروى أعمال انسان وتجاريه 
التى يسدبيها يعظمه الله ويخصه بقدر خاص ٠‏ يقوم بالمعجزات 2 ويصالح 
الأعداء 2 ودستانس الحيوانات ٠»‏ وتقوده الأزمات والمخاطر فى النهاية الى 
الخلاص ٠‏ وفى شهادته تظهر آيات الفضل الالهى ٠‏ فاذا كان النموذج يتميز 
بنقص فى التصوير » والقصدة بمزيد من التفدديلات حول الأفعال دون تصوير 
الشخصيات فان الحكاية الخيالية تتناول المصير البشرى » والانسان آية من 
آيات الله ٠‏ واذا كان النموذج والقصة يتعاملان مع الل بعد أن أصبح انسانا 
فان الحكاية ااخيالية تتعامل مع الانسان الذى فى طريقه لأآن يصيح الها ٠‏ 
ومن الطبيعى أن الحكاية الخيالية لم تقع تاريخا ٠‏ ويعترف ديبليوس أن 
اهتمامات الراوى الدينية قد تؤدى الى التركين على المعجزة على ذحى 
لا تاريخى والى تعظيم البطل والى تحولات أشكال حياته ‏ 1261052ناع1أقطوما 
ومظاهر تجليها ٠‏ ومع ذلك من الخطا انكار المضمون التاريخى لكل حكاية 
خيالية على الرغم من عدم اهتمام الراوى بالتاكيد التاريخى وعدم معارضته 
لأية زيادة فى المادة عن طريق الأمثلة المتشابهة فى الأدب اليهودى وفى آداب 
الشرق القديم » مثل قصة بوذا ٠‏ وفى كل هذا النوع من الأدب تنطبق قواذين 
« الييوجرافيا »(6) ٠‏ 3 





(9) ويعطى ديبليوس أمثلة من حكايات امراة بيلاطوس والعثور على حجمان , 
والعثور على غرفة فى العشاء الأخير 2 ولادة عيسى وعذرية هرهم ٠‏ أذظر :1 


ج0608 سا 


ب القغول 6 1016 (1025ة]01طئعرع8 1خ 853) : 

دالرغم منتأكيد ديبليوس على مادة الرواية فى الأناجيل المتقابلة فانه يتناول 
أبضا أقوال عيسى نظرا لحاحة التبشير له فى التعليم الدينى ٠‏ وكما أخذ 
اليهود الحياة العصرية فى زمان عيسى قواعد لهم للحياة والعبادة على ندر 
أكثر جدية من أخذهم التراث التاريخى واللاهوتى كذلك تناول المسيحيون 
أقوال عيسى بجدية أكثر مما تناولوا الروايات ٠‏ كانت الأقوال مهمة لتذاولها 
الحياة المسيحية وطرق العبادة ٠‏ نقل المعلمون الأوائل البشارة الأولى مماوءة 
بأقوال عيسى ٠»‏ فقد كانت معتدرة الهاما من الروح القدس أو من الرب » 
وكاذت البشارة كلها فى الرب ان لم تكن من الرب ٠‏ ثم اعترتها بنعض التغيرات 
عندما ركز التراث على طابع الوعظ والارشاد والتعليم للأقوال ٠‏ فتغيرت 
معانى الكلمات التى لم يكن لها هذ! الطابع من قبل ٠‏ كما ظهر ميل جدود 
لادخال أقوال حول طبيعة المسيح من أجل الحصول من الأقوال ليس فقط 
على قواعد الدياة الشخصية لحياة الانسان بل لاستذياط بعض الاشارات 
حول طبيعة الشخص الذى تفوه دها ٠‏ وسارت الكنيسة فى هذا التيار الى 
أبعد حد ٠‏ هذه الأقوال هى التى فضضلها مرقص فى انجيله دون الروايات ٠‏ 

وهنا تأتى الأمثال 8 تتتصوير معانى الأقوال(١٠) ٠‏ 


ه .: الأسطورة هناط]353 26: هى رواية تقص أفعالا هن طرف 
واحد » وهو الله » على عكس الذموذج الذى يحتوى على أقوال المعدلم دون 
أقوال الله أو أفعاله ٠‏ وتصوغ حياة الشخص فى صورة الهية فياتى التالم 
يأمر الهى وديعث من جديد بأدر الهى الى عظمة الهدة جدددة ١‏ والأساطير 
فى الأناجيل ااتقابلة قليلة ويحددها ديدبليوس فى ثلاث : معجزة العماد 
الالهى ( مرقص 9 : " ) ٠‏ وتختلف الأناجيل فيما دينها فيما يتعلق 
بهذأ الجانب الأسطورى ٠‏ فانجيل مرقص أسطورى هن حدث الشكل وليس 


[ 24 كته .تزه كخطعتصعطعمة ‏ .104-32 .ززم ,... 182010 مدمعا ,قنت1لط101 
165 اله .05 ,لطه مط ه110 

1 )000 وأ لع. ته ,رخطع 11101 : 50.2883-65 .11221161011 هنه1 ,111115 الا 
.100.24-5 


من حيث المضمون ٠‏ ولم يظهر نص بعث المسيح فى الأناجيل حتى ظهور 
انجيل بطرس ٠‏ دبل ان هناك نقصا فى التمثيل ‏ الأسطورى فيما يتعلق بقدوم 
المسيح على الأرض » ان أن له أما وأسرة وميلادا وأقارب وأصدقاء ٠‏ ولا يعنى 
ذلك أن عيسى أسطورة , فالنماذج لا تتحدث عن بطل أسطورى ٠‏ ويؤكد 
ديبليوس أن قصة عيسى لوست أسطورية فى نشاتها لأن النماذج الأولى وهى 
أقدم الشواهد على عملية تكوين التراث لا تعطينا أى بطل أسطورى ٠‏ بل 
ذنشآت الأساطير حول المسديح متأخرة عن تكوين الأناجيل وتدت أثر رسائل 
بولس ٠:فبولس‏ هو مؤسس أسطؤرة المسيح ٠‏ ولها مايشابهها فى العهد 
القديم مثل صعود الياس الى السماء وفى التراث الهلينى فى فداء الله أو 
نصف الاله ٠‏ وقد تدول كثير من هذه الأساطير الى أساطير مسيحية مثل 
اين الاله والبعث(١01) ٠‏ 


خامسا ‏ الأشكال الأدبية عند يولتمان : 


قدم بولتمان تحليلا مفصلا لكل مواد الأناجيل المتقابلة داخل اطار 
التمويز بين أقوال عيسى والرواية ٠‏ وقسسم الأقوال الى مجموعتين رئيسيتين : 
المقاطع وأقوال الرب ٠‏ ثم تناول على نحى مستقل أقوال الأذا والأمثال بالرغم 
من انتمائهما الى أقوال الرب من حيث المضمون ثم قسم هادة الرواية الى 
مجموعتين رئيسيتين : قصص المعجزات ٠‏ والروايات التاريخية مع القصص 
الخي_الية ٠‏ 


١‏ المقاطم عه 0 : وهى دشيه النمعاذج عند ديبليوسش 
وتتضدمن أقوالا قصيرة لديسى فى سياق مختصر ٠‏ ولما كان بولتمان لا يوافق 
على أن هذا الشكل نشا من التبشير فى كل حالة لذلك يفضل استعمال كلمة 
«مقطع» بدلا من «نموذج» ٠‏ وهى كلمة من الأدب اليونانى تفيد القول القصير 
الدليغ التعليمى ٠‏ يسميها تيلور «قصبةمشافهة».. 81027 110111100610616 
والدر تن « مناقشة »> (00262057618) » وفاش “888867 « حوارا »2 ٠‏ 
ويقسم بولتمان المقطع الى ثلاثة أنواع . لكل مذها سياقها وأسيابها المختلفة 





01م .رزه رأطعنتصكله34 266-867 .رم ...18205802 مدمع"1 ,رمطلتطلط 
4 .7 ناته 


د آمهة ب 


عن الأخرى ٠‏ الأول : حوار الصراع ‏ ©26[ع2<8هءع512618 وينشاأا من 
الذقاش حول موضوعات مثل شقاء عيسى أو سلوكه وسلوك تلاميذه » كما هو 
الحال فى شقاء الرجل ذى اليد اليابسة يوم السبت ( مرقص :#7 ١:‏ 
٠ ) 5‏ وهى أسلوب أدبى نشا فى الكنيسة وهى فى نقاشها مع معارضيها 
حول موضوعات الشريعة ٠‏ والثائى : حوار المدرسة عطعة7مطءوعع[نالاءم8 
وينشا من الأسئلة التى يوجهها الخصوم مثل السوّال الخاص باحد الكتبة 
( مرقص ٠ ) 55 58: ١”‏ وبالرغم من وجود أوجه تشابه بين الادنين 
الا أن حوار المدرسة لا يبدا بالنقاش بل فى معظم الأحيان بسؤّال موجه الى 
المعلم من أحد الباحثين عن المعرفة ٠‏ والثالث : المقاطع البيوجرافية » وهى 
تقارير أو روايات تأريخية مثل قصة لوقا ( 9 : لاه ؟١‏ ) ٠‏ وقد سدمديت 
هكذا لأن المقطع يحتوى فيما يبدى على معلومات حول عيسى » تبدا بالموعظة 
لأنها أفضل الأساليب والذموذج الأمثل فى التربية الدينية . وتساعد على 
تقديم المعلم كمعاصر حى » وتطمئكن الكنيسة على أملها فيه ٠‏ والأنواع 
الثلاثة أبنية مثالية نشأت داخل الكنيسة وليست تقارير تاريخية ٠‏ صديح 
أن عيسى قد دخل فى نقاش وفى صراع » وكان موضع تساؤل حول أسلوب 
الحياة وأعظم الوصايا وغيرها ٠‏ وصحيح أيضءا أن بعض الأقاطع قد تحتوى 
على بعض البقايا التاريخية : وأن قول عيسى المباشر قد يرجع اليه .شخصيا 
ولكنها كما هى الآن أبنية كنسية من الكنيسة الفلسطينية , كما يدل على ذلك 
.مقارنتها بأدب الأحبار المشابه ٠‏ ويتفق بولتمان مع ديبليوس فى أن المقطع قد 
تطور وأصبح قصصة ذبعا للاهتمام بالتاريخ وبرواية التاريخ ٠‏ فبمجرد مايقابل 
المقطع أهمية فى التاريخ أى رواية فى التاريخ فانه سرعان مايتطور الى عبارات 
أكثر دقة فيوصف السائلون ,» على وجه الدقة ٠‏ بأنهم أعداء عيسى أى من 
تلاميذه. بينما كانوا. فى البداية مجهولين2؟١) ٠‏ 


؟" ‏ أقوال الرب: 1165621066 : ويقسسمها بولتمان ددورها الى 





1) 1 لتامطععتاو مضه عل علطعاطعه 06‏ ,تلوط ]طبظ 
اطع تسكاء ]ا : 37-46 .مم ,تصعته 1 فكن) سدهظر2.8-73ج, (1961 ,سععصلخاأة0) 
84-9 .رط .لعع1طة2ة ,عنم1لن 1‏ 25-7.مم, .مه 


- 7و0 د 


ثلاث مدموعات رئدسية طرقا لدتواها بالرغم ون وحودا بعص الفروق فى 


(1) الحكم «دأءوم.آ (0ده207) ؛: وفيها دظور عيسى على أنه 
مهلم الحكمة مثل معلمى الحكمة فى اسرائيل وفى الشرق كله » ويميز بولتمان 
دين ثلاثة أشكال تكوينية للحكم مشروطة بالأقوال ذاتها موجودة كلها فى أدب 
الحكمة » وليس فقط فى أقوال الحكمة فى الأناجيل المتقايلة » الأول : الشكل 
الاعلانى 1260198586176 والتاأكيدى 88867196 يضع ميدأ ويعلن 
عنه ويتعلق بالأشياء المادية أى بالأشخاص مثل « وائما يتكلم الفم من 
الفضل مافى القلب » ( متى ؟١‏ : 5" ) , «١‏ فلا تهتموا دبشأن الغد قالفد 
يهتم بشأنه » يكفى كل يوم شره » ( متى 1 : 55 ) »ء « لأن العامل مستحق 
أجرته » ( لوقا ٠١‏ ”7 ) », « لأآن المدعوين كثيرون والمختارون قليلون » 
( متى >" : «١ , ) ١5‏ فانه حيث تكون الجنة فهناك تجتمع التسيور » 
( متى 4" :8" ) »ء والثانى : الشكل الأمرىي 12026181176 أى المقارن 
6 الدث على ثشىء والنداء علده مثل « أيها الطبيب 2 اشف 
نفسك » ( لوقا 5 : "5" ) . « دع الموتى يدفنون موتاهم » ( متى 8 : 1" ) ,2 
والثالث : الشكل التساؤلمى ‏ ©17ا121655088 الذى يضع الاجابة فى صديغة 
سوال مثل « ومن منكم اذا صمم يقدر أن يزيد على قامته ذراعا واحدة » 
( متى ١‏ : 50 ) ,2 «هل يستطيع دنى العرس أن يصومو! مادام العروس معهم» 
( مرقص " : ٠ ) ١5‏ وقد حدث تطور لهذه الحكم حتى بعد تدوينها ٠‏ وبالتالى 
يكون السؤال : هل ترجع كلها الى عيسى التاريخ ؟ وتصعب الاجابة اذا 
عرفنا أن هذه الدكم 41ا مايشابهها فى أدب الحكم عند اليهود ( قارن لوقا 
١‏ :لا ١١‏ مع كتاب الحكم 5" : 5 7 ) ٠‏ ويضع بولتمان ثلاثة 
احتمالات : الأول أن عيسى نفسه قدب صاغ بءضها فى الأناجيل المتقايلة , 
والذانى أنه قد استغل البعض الآخر المعروف فى عصره ؛ والثالث أن األكنيسة 
الأولى قد وضدحعت على لسان عيسى كثيرا منها من مخزونها فى الأدب الشعبى 
اليهودى ٠‏ وينتهى بولتمان الى القول بأن أقوال الحكم أقل الأقوال صحة 
فى أقوال عيسى ٠»‏ وبالتالى فهى أقلها دلالة على عيسى التاريخ * ويتفق 
مع ديبليوس فى رصد هذا التشابه بين الأنواع الأدبية فى الأذاجيل وفى 
الأدب اليونانى وفى أدب الأحدار وفى كتابات آباء الكنيسة الأوائل مثل 
28 اللتى تدهنى قولا أى ٠«ثلا‏ لشخص فى موقف معين 2 20206 


دا لم6 - 


التى تعنى مثلا أو حكمة ' وقد وجدت هذه الأذواع فى أدب الأحبار فى«الحلقة» 

118 خاصة بسؤال التلميذ بالرغم من وجودها فى سياق خاص , 
وعدم حملتها بالسياق الخلقى . أو ادخالها فى سياق بعد ذاك لاهتمام 
خاص , ولها مايشابهها فى العهد القديم فى حكم سليمان وحكم عيسى ابن 
شيراخ وفى حكم الشرق(؟١) ٠‏ 


.( ب ) الأقوال الذبوية والأخروية ٠‏ وهى الأقوال التى يعلن فيها عيسى 
قدوم ملكوت الله ويحث على التوبة ويعد بالخلاص للتائبين وبالهلاك لغير 
الذائبين مثل « قد تم الزمان واقترب ملكوت الله , فتوبوا وآمذوا بالانجيل » 
( مرقص ١‏ : 35 ) , « طوبى للعيون التى تنظر ما أنتم تنظرون فانى أقول 
لكم أن كثيرين من الأنبياء والملوك ودوا أن يروا ما أندم راءون ولم يروا 2 
وأن يسمعوا » ( لوقا ٠١‏ : +5 55 ) , « طوبى لكم أيها المساكين فان لكم 
ملكوت الله ٠‏ طوبى لكم أيها الجياع الآن فانكم ستشبعون ٠‏ طوبى لكم أيها 
الباكون فانكم ستضحكون » ( لوقا 5 : ٠ ) "١ ٠١‏ ويرى بولتمان فى 
الرؤية الأخروية لرقص (١؟١١‏ : ه الا" ) شاهدا على أن مادة من الأدب 
اليهودى قد نسبتها الكنيسة الى عيسى وبالتالى يكون السؤال : وماذا عن 
باقى المواد ؟ توحى بعض الأقوال بأن الوعى الأخروى مختلف عن التراث 
اليهودى وبالتالى يكون عيسى مصدره ( لوقا ٠١‏ : #”؟ ‏ 54 2 متى ١١‏ : 
ه ةءلوقا 99:1١‏ ؟9” ,لوقا ٠٠ ) 9554 : ١١‏ ولكن بعض 
الأقوال الأخرى لا تحتوى على أى عنصر مميز لعيسى ومن ذم توحى بمحمدر 
يهودى (متى 54 :ل ب 24١‏ 4# 45 عملا 20١-48‏ متى ٠١:74‏ 
١‏ ,لوقا 5" : 54 357 ,2 لوقا 5 : ٠ ) 5١ 7١‏ ولا يعنى ذلك أن كل 
الأقوال التى لم تأت من اليهودية أنها من أقوال عيسى لأن الكنيسة قد 
صاغت يعضها ٠‏ فبعض الأقوال النبوية كانت من وضع آباء .الكذيسة الأولى 
ثم تمت نسبتها.فيما بعد الى عيسى التاريخ ٠‏ ويبدو هذا المصدر الكنسى 
أكثر احتمالا كلما كانت هناك صلة بين قول عيسى وشخصه أو اشارة الى 
مصير الكنيسة ومصلحتها بالرغم من وجود بعض الكلمات الصحيحة 
لعيسى التاريخ ٠‏ ومع أن الجمباعة الكنسية ذاتها قد صافت كثير! 


00 بتفتمكةة0 صددهظ 783-118 .صم ,رغطمتطوقة© ,سمفمطليظ 
.22.171-2 رنا.م0 ,لمسطقص م2 :8-/2.م ,كأأه.ره غخطع نص كله14 : 22.52-5 


هءهةد 


دن الأقوال الذيوية فان المسيديين الأوائل مدينون بعو اطفهم الأخسروية 
الى ظهب ور عيسى التباريخ كنبى ٠‏ وكثين من أقوال عيسى فى نهاية 
الأمر نشده أقوال أذبياء دنى اسراديل ضد المظاهر الخارجية للتقوى(: ٠ )١‏ 


(د) الشرائع والأخلاق اليهودية والقواعد التنظيمية للجماءة الأولى : 
ومثالا على ذلك « لا شىء مما هى خارج من الانسان اذا دخله يمكن ينجسه 
بل مايخرج من الانسان هو الذى ينجس الانسان ( مرقص لا : 5١١‏ ), 
« أخير يحل أن يفعل فى السبت أم شر , أن تخلص نفس أم تهلك » ( مرقص 
" : 5 ) » « أذا خطىء اليك أخوك فاذهب وعاتده بينك ودينه على اثنقراد ٠‏ 
فان سصع لك فقد ريحت أخاك ٠‏ وان للم يسمع لك فخذ معك واحدا أى اثنين 
لكي تقوم على ضم شاهدين أو ثلاثة كل كلمة ٠‏ فان أبى أن. يسمع لهم فقل 
للبيعة » وان لمم يسمع من البيعة فليكن عندك كوثنى عشار » ( متى ١8‏ : 
٠. )ا١ال ١١‏ 


يرى بولتمان أن النص ديمكن أن نضيفه بوضوح ضمن المواد التشريعية , 
ويؤكد أن الكنيسة كانت تملك ..خزونا من الأقوال الأصلية لعيسى ومنها 
الأقوال الموجزة لصراعه ضد التقوى اليهودية ( مرقص لا : 1١٠١‏ ,/” :5 , 
متى “5 15 9١1ء.‏ "5 6" , 3871560 ) ٠‏ ويرئ أن هذه هى المرة 
الأولى التى يمكن فيها الحديث عن أقوال عيسى من حيث الشكل والمضمون 
فى أن واحد ٠‏ وقد جمع التراث هذه الأقوال الأصلية ثم آعطتها الكنيسة شكلا 
جديدا ورسممتها وطورتها ٠‏ وجمعت أقوالا يهودية أخرى » وهذبتها وكيفتها 
بحيث تدخل ضمن كنوز التعاليم المسيحية ٠‏ وأنتجت أقوالا جديدة من وعيها 
بامتلاك شىء جديد ثم وضعتها على اسان عيسى 00٠‏ 


وينسب بولتمان الى الكنيسة شواهد العهد القديم الموجؤذة دائما فى 
أقوال الصراع والأقوال التى تدتوى على القواعد التنظيمية للجماعة والأقوال 
الخاصة برسالتها والأقوال التى عبرت فيها الكنيسة عن أيمانها بعيسى وعمله 
وشخصيه ومصيره(١١)‏ ' 





)014 00 ,تطاكأ01141) صنده1 113-387 .مم ,رمطءمقطءة6© بمطقصنلن8 
28-9 .طم .1ه .08 ,قطع أصكطء11: 56-8 
)1١(‏ .25 ,لتقا 1الن) سمط 138-61 .ررم ,رمغطعقطءقه0 ,مممصط انظ 
9-0ة2,8 امه كاطع نم11 :58-60 


- 05١ 


(د ) أقوال الأنا عا1/0-ط16: وهى الأقوال المذنسوية لعيسى والتى 
يتددث فيها. عن نفسه وعمله ومصيره بضمير المتكلم مثل « لا تظنوا أنى 
أثتيت. لأجل الناموس والأنبياء ٠‏ انى لم آت لأآحل لكن لأتمم » (متى )١1 : ٠‏ ,2 
« فان ابن البشر لم يأت ليخدم بل ليخدم ٠‏ وليبذل نفسه فداء عن كثيرين » 


رعذ 1 


٠) هه‎ : ٠١ (مرقص‎ 


ويرى دولتمان أنه من المستحيل الدرهنة على أن عيسى لم يتحدث عن 
نفسه بضمير المتكلم ومع ذلك تواجه هذه الأقوال شكوك خطيرة تجعل 
الانسان عاجرا عن الوثوق بها ٠‏ وذلك لأن الأقوال فى مجموعها تعكس 
رؤية ارتدادية 564508560196 للكنيسة ٠‏ فكثير منها يأتى من الكندسة 
فى فلسطين ( دشير مثلا متى ه : ١7‏ الى المناقشات القانونية التى حدثت 
فى الكنيسة الأولى كما يشير متى ١٠١‏ : 56 الى المناقشنات حول 
رسالة الوكنيين 6211168 ) ٠‏ ومع ذلك فان أقوال الأنا من وضع الكنائس 
اليونانية("١) ٠‏ 


(ه ) الأمشال 6ط 1 (26165و2) : وهشى قصة مركزة 
تشدبه القصة الشعبية بلغتها الحسية واستعمالها للغة الجدلية وأحاديثالذفس 
5011107 والتكرار ٠‏ القصد منها اصدار أحكام على المستمع نفسه فى 
موضوعات تخص الشئون الدنيوية والعلاقات الاجتماءية وأحيانا الحياة 
الروحية ٠‏ تحدث عيسى بطبيعة الحال بأسلوب الأمثال ثم نقلتها الكنيسة 
واستعملتها لصالحها الخاص ٠‏ فتغير الشكل » وأضيفت زيادات على الأمثال 
لتكون أكثر اتصالا ودلالة على الكنيسة المتأخرة ٠‏ وتتضح هذه التغيرات فى 
طريقة استعمال متى ومرقص لمصادرهما المكتوبة ٠‏ ولكن التغير الحاسم 
قاعت .به الكنيسة ٠‏ فقد وضعت الأمثال فى سسدياقات خاصة وأضافت عليها 
مقدمات تؤثر على معنى القصص » بل وضعت أمثلة جديدة موازية للقصة 
القديمة » وصافتها طبقا للخط العام لتدل على نفس التعاليم أى لتغيير التعاليم 
القديمة ٠‏ وضخمت الكثير منها وزادت عليها حكايات رمزية 2 716©5معه1الكم 
وتفسيرات أضافته من مصادر يهودية ٠‏ ويتضح من تاريخ الأمثال أن المعانى 


200 





(13) مم 011 طنده1 161-76 .رد ,عاطعتطنة6 ,طق 1:0 ناكا 
0 ,ااع.02 ,راطع تم كاء 31 :60-63 


با ١‏ وه مه 


الأصلية لكثير منها لو يمكن العءثور عليها وأن . البعض الآخر لا يرجع الى. 
عيسى بل الى الكنيسة ٠‏ 
00 له ا 0 

وديعطى دولتمان قاعدة للتعرف على الأمثال التى ترجع لعيسى وؤهى 
الآتية : عندما يكون لدينا من ناحية التقابل بين الأخلاق اليهودية والمزاج 
الأخروى الذى يميز تعاليم عيسى »2 ومن ناحية أخرى تعاليم ليس بها أى 
سيمات مسديدية ٠ )١7(‏ 


" س قصص المعجزات 2 720686565101167 : وهى التى سسماها 
دييليوس من قبل القصة أى قصيص الشفاء ومعجزات الطبيعة والتى تكون 
فيها المعجزة الموضوع الرئيسى ٠‏ وتحتوى على تفصيلات كثيرة 2 وتوجد 
وسط المقاطع اخدمة غرضها الخاص ٠‏ وهى تضم كما هو الحال عند 
ديبليوس ثلاثة أجزاء -: الأول : وضع المريض وتقديمه والاشارة الى طبيعة 
المرض وفشل ال محاولات السايقة للشفاء ٠‏ والثافى : قصة الشفاء وخصائص 
الشافى ووصف الشفاء مع ذكر بعض التفصيلات ٠‏ والثالث : الشنهادة .على 
الشفاء يسلوك المريض ٠‏ فالكسيح يأخذ جبيرته ويسير الى المنزل » والمجذوب 
يلبس ملابسه ويعقل , ويصيح المشاهدون. ويعبرون عن دهشتهم واعجابهم 
ويرون الشياطين المطرودة وأعمالهم الهدامة .. وتعليقهم « لم نشاهد مثل 


هذا من قبل و ٠‏ 


ويقسم بولتمان المعجزات الى نوعين : معجزات شفاء ومعجزات طبيعة٠‏ 
الأولى لها صورة واحدة تتج اوز بيئة الأناجيل وكما تثيت دراسات 
56,18 فقد كان الأحبار يقومون بالشفاء وان للم يجروا 
الشدر الكافى منها . وان لم يشتهر بها كبار الأحبار ذوى التعاليم المعروفة بل 
صخارهم ٠‏ والثانوة : ليس لها سوايق فى الأدب الهلينى أى اليهودى بالرغم 
من المحاولات لاقامة مثل هذا التشايه ٠‏ 


ويقارن بولتمان بين قصص المعجزات فى الأناجيل المتقابلة بمذيلاتها 


17) راأء.مه رخطعتسكله81 ,179-223 .جرم ,ماطاعتتاعوه0 201 
.-22.30 


0١192‏ سه 


فى الأدبين اليهودى والهلينى . ويكتشف تشايها فى الأسلوب » وأن محظمها 
دمت أضافته ذيما بعد من الكنيسة الفلس.طينية مثل هيوب العاصفة ( مرقص 
8١ "0:6‏ ) وقصص الطعام ( مرقص 5 :4" ب 844+ 48 :2ب 9) 
وشفاء الأيرص ( مرقص ٠ ) 0 4٠ : ١‏ وقد يرجع القليل منها الى 
مصدسر هلينيى دون التراث الأصلى المدكر للأناجيل(8١)‏ 


القصص االتاريخية والحكايات الخيالية 8قطنااطة 650116056622 
جما نا : وهى روايات ديذية تريوية وليست بااضرورة قصصس. 
معجزات بالرغم من احتمال قيامها على بعض الحوادث التاريخية ٠‏ ودضسع 
بولتمان القصدص التاريخية والحكايات الخيالية معا لأنه يصعب التمييز 
ديذهما » بعضيها خيالى ثماما مثل قصة امتحان عيسى ( مرقص ١١: ١‏ ب 
١٠١‏ ) * وتشديه امتحانات القديسين مثل دوذا وزاردشت والقديسين ااسحين 
المتآخرين الذين يمتحنهم الشر ويخرجون منتصرين عليه ٠‏ فالبعض الآخر 
له أسس تاريخية ولكن تسيطر عليها أيضا الحكايات الخيالية مثل قصة 
تحميد يوحنا المعمدان لعيسى التى تروى واقعة تاريذية ولكن فى صورة 
حكاية خيالية ؛ ليس بهدف التاريخ ولكن من أجل التربية الدينية : تنصيب 
عيسى المسيح المخاص ٠‏ ودضع نولتمان القاعدة الآتية : عندما يكون السياق 
الادمان أو عبادة الجماعة تكون النتيجة حكاية خيالية » وعنده.ا يكون 
السياق حياة بطل دينى تكون النتيجة حكاية خيالية بيوجرافية ٠‏ ويلاحظ 
بولتمان أن دواعث الحكايات الخيالية فى الروايات تأتى من مصادر عديدة ٠‏ 
والبعض منها يكشف عن آثار العهد القديم واليهودية . والبعض الآخر يكشف 
عن عناصر هلينية » والبعض الثالث نما داخل الكنيسة ذاتها ٠‏ أما مادتها 
ذقد. أتت من بيكات فلسطينية أو يهودية هلينة أو .هليذية خالصة ٠‏ 
ويصرف النظر عن المص در النهائى وقت استعمال الكنيسة لمهسا 
فان هذه المواد قب استعملت تلدية لحاجات الايمان والحياة المسيدية(19) ٠‏ 





04 01 ططنه"1 :223-00 ,ررم ,عغخطء تطعمق06) ,ممص لان8 
41161 31-2,1. راك .«مراطعتسصكطء1ة :22.169-70 ,مسوحم 206 ,36-9 .مم 
...لهم 11د 

«ططرطاع.ده ,كطعتسمكلء11 ر260-328.مم ,عكطعتطعقه6 ,اسمس اسك 
.8 .05 بلتطق م1101 :22-3 


+ ”١ه‏ سه 
ساسا : تاريخ الأشكال الأدبية وحياة عيسى : 


أثرت مسلمات ديبليوس وبولتمان وتحليلاتهما للأناجيل المتقابلة على 
طريقة تناول حياة عيسى : وذلك لأآن طدبيعة المصسبادر الحقيقية الوحيدة 
لحياته » وهى الأناجيل المتقابلة تجعل كتابة تاريخ حياته مستحيلة ٠‏ لم تهتم 
الجماعة المسيحية الأولى التى كان لها أثرها البالغ على تكوين التراث 
بكتابة تاريخ حياة لعيسى من أجل التاريخ » ولم تضع اطارا زمانيا أي مكاذيا 
ولم تصدف دبيئة جغرافية أى بشرية لحياته ٠‏ بل نقلت أقوالا متفرقة وروايات 
متباينة باستثناء رواية الآلام ٠‏ أما الوحدات المتفرقة فانها لا ترجع الى 
عيسى » بل كونتها الكنيسة لأغراضها الخاصة ٠‏ فهل يمكن حذف الاضافات 
هنا وهناك والرجوع الى الأشكال الأولى لزمان عيسى التى نشأت فى الكذيسة 
والتى من خلالها يمكن معرفة عيسى التاريخ قدر الامكان ؟ وللاجابة على هذا 
السؤال كتب كل من ديبليوس ودولتمان كتابا عن عيسى ٠‏ وابتداء من مسلمات 
متشابهة ينتهيان الى نتائج مختلفة 2 خاصة فيما يتعلق بطريقة استعمال 
التراث لكتابة حياة عيسى » ومقدار الصحة التاريخية التى يعزوها كل منهما 
للأشكال الأدبية ٠‏ 


ولكتابة تاريخ حياة لعيسى يقترح يولتمان أولا ثلاثة مقاييس لصحة 
النصوص تقوم كلها على معيار واحذ هو التمييز قمع ع7 اع صنو1 
الأول عند معارضتها للأخلاق والتقوى اليهودية ٠‏ والثانى عندما تكشف 
عن المزاح الأخروى الذى يمين يشارة عيسى ٠»‏ والثالث عندما لا تكشف عن 
تعاليم مسيدية خاصة ٠ويزسد‏ 00112287 .0 عليه مقياس الاتفاق أو الاختلاف 
مع اليهودية أو مع الكنيسة المتأخرة آخذا فى الاعتبار نشاط الكنيسة فى 
صدياغة الوحدات أو خلقها ٠‏ كما يقترح جرمياس 76162188 مقياسين آخرين 
معتمدا على المعيار اللغوى الديئى ٠‏ الأول عندما تكشف النصوص خصائكص 
آرامية : صبيغة شعرية ..مترادفات » ألفاظا عكسية : ترجمة من الآرامية الى 
البونانية ٠‏ والثانى ءعنددما تكشف عن بيئة فلسطينية ' ويقترح بوركت 
االكلساظ.8.0 مقياس الاتفاق بين الوحدات المختلفة فى انجيل مرقص ومتى 
باعتبارهما أقدم الأناجيل ٠‏ ويقترح كارلستون ‏ 0.1/.08115605) مقيس_اس 
الاتسس_ اق إإ20ع]002818) أى الاتفاق مع تعاليم عيسى أى الاختلاف 
معها. ٠‏ بل ويمكن تطبيق هذه المقاييس كلها فى كل مرحلة من مراحل تدوين 

( دراسات فلسفية ) 


غكآاه ب 


التراث ٠‏ يطبقها شميت 04نخطططه8..رآ.1 على مرحلة التدوين ابتداء من نقد 
المصادر والتهرف على منهج التدوين التاردرخى ٠‏ كما يمكن تطبيقها على 
المصادر الأولى وحدها كنقد المصادر فحسب دون الانتقال الى كيفية 
التدوين ٠‏ ويمكن تطبيقها على مرحلة التراث الشفاهى الهلينى والفلسطينى 
كما فعل دود 07152044 ويمكن تطبيقها أخيرا على تراث عيسى وحده 
خاصة مقياس التمييز ٠‏ أما مقياس الاتساق فانه يمكن تطبيقه فى كل مرحلة 
من مراحل التدوين(١3) ٠‏ 


وبعد وضع هذه المقايوس نشر ديبليوس كتابه عن عيسى فى ١559‏ على 
أساس عمله السابق عن تاريخ الأشكال الأدبية ورأى أنه من الضرورى 
التميين دين الصدق التاريخى للوحدات المتعددة للتراث على أساس أشكال 
هذه الوحدات ٠,‏ باستثناء قصة الآلام فهى الوحيدة التى يعزى لها الصدق 
التاريخى ٠‏ فالنماذج أكثر الأشكال اقترابا من التاريخ لأنها مثل قصة 
الآلام نشأت مبكرا بفضل شهود عيان بامكانهم التصحيح والمراقبة للتراث »2 
ويؤكد صدقها التاريخى مكانتها فى الكنيسة فقد نشأت مع التبشير ٠‏ وطبقا 
للقاعدة , بقدر قرب الرواية من الوعظ تكون أقرب الى الصدق وأقل مدعاة 
للشك ؛ وأقل احتمالا للتغيير أو المؤثرات الرومانسية أو الخيالية 
0817 أو الأدبية + ومع ذلك فهى صحة تاريخية نسبية لأنها تخدم 
غرض التبشير ٠‏ ولهذا فانه لا يمكن قص الروايات بطريقة محايدة بل لابد 
من تربية .مطالب المستمعين »2 وتدعيم الرسالة والبرهنة عليها ٠‏ ومن ثم 
فقد تم تقديمها بناء على باعث موجه وتحقيقا لغرض خاص ٠‏ 


أها القصص والحكايات الخيالية فانها أقل قيمة من الناحية التاريخية 
من النماذج بسبب طبيعتها الخاصة ٠‏ وتختلف فيما بينها من ديث درجة 
الصدق. ٠‏ ولما كانت نشاتها بطرق ثلاث : بتطوير النماذج أى بادخال بواعث 
خارجية أو بادخال مواد خارجية فان الحكم التاريخى على. قصة يعتمد على 
مصدرها ٠‏ يمكن. افتراض الصحة عندما تتطور القصة عن نموذج » ويمكن 
الشك فى الصحة عندما يكون للقصة مصدر غير مسيحى ٠‏ ولا يجب استبعاد 


بده 72.94-8 ,.. 1هع تلن :33 .زه كخطع مك11 


ل ه6آه 
الحكايات الخيالية كحوامل للتاريخ لأذها فى نواتها تحتوى على بءحض 
المضامين التاريخية ٠‏ يثق ديبليوس بوجه عام بالصدق التاريخى للأقوال ٠‏ 
فقد تم نقلها بأمانة بفضل ذاكرة أتباعه وتعظيمها لأقوال المعلم ٠‏ ويمكن 
الشك فى صحتها عندما تتدخل ظروف الكنيسة القائمة ومشاكلها واستعمالها 
ونقلها لهذه الأقوال لحسابها الخاص ٠‏ ولما كانت الأقوال تتعلق بتجرية 
عيسى وحياته ومصيره فانه يجب الحذر من الأقوال تاريخيا لأن الجماعة 
لا يمكنها أن تعبر عن نفسها تجاه قدره ومصيره دون أن تعبر عما تعتقده 
الآن وتعرفه بعد الواقعة بفضل الايمان بالقيامة ٠‏ ومع أنه يمكن الاعتماد 
على الأقوال باعتيارها صحيحة تاريخيا الا أن على المؤرخ أن ينظر الى التراث 
ككل وليس الى قول واحد يتفق أو يختلف مع مجمل التراث ٠‏ وينتهىد:بليوس 
الى أنه يمكن استعمال الروايات والأقوال بعد نقدها اكتابة تاريخ حياة 
عيسى ٠‏ ويقوم بذلك بالفعل بعد مناقشته للخلفية التاريذية والدينية والبيئية 
التى ذش فيها عيسى ويفحص السمات العامة للحركة بين الجماهير التى 
قادها رجل مقدس ونبى ‏ من الجليل ٠‏ ثم يتناول تعاليم عيسى فيما يتعلق 
رشخصه وعلاقته بالله »2 وبمبادئه الأساسية الخاصة بالحياة وملكوت 
السماوات ٠‏ والقوئ المضادة لعيسى والتى أدت الى موته . وشهادة: الكنيسة 
على بعءثه ٠‏ يستعمل ديبليوس تاريخ الأشكال الأدبية لكتابة تاريخ حياة 
عيسى وهو على ثقة كاملة بوجود عيسى فى التاريخ(١؟) ٠‏ 


أها بواتمان فقد ذشر كتابه عن « عيسى » فى ١175‏ وأضافت الترجمة 
الانجليزية له فى العنوان « الكلمة فى « عدسى والكلمة » تأديدا على استعمال 
منهج تاريخ الأشكال الأدبية فى كتابة تاريخ حياة عيسى دون العقيدة وابتداء 
من تصنيف الأقوال ٠‏ ويبدا بولتمان بالشك فى امكانية وجود أى بحث 
تاريخى حول عيسى ووضع اعتراضات رئيسية واثارة شكوك أساسية حول 
شرعية مثل هذا البحث ٠‏ وبالتالى فلا يمكئنا معرفة شخصية عيسى ٠»‏ حياته 
أو مماته , فلا توجد كلمة واحدة يمكن البرهنة على صحتها ٠‏ ان كل مايمكن 
معرفته عن شخص عيمى. هو أنذا لا نعلم عنه شيئا ! ومع ذلك يحاول بولتمان 





1؟) مصدددهكة مركم كتعط0 عنافوق دود كهداءمفادظ ولط ,فتطلتطتط 
تمل" : (1939 ,عاعرملا 1167) خصو .7.0 ,قطوما ,رأمتسط0) كتامعق 1ه 
287-01 .رم ...تنم تمد1 1 


ل كأهة هه 


كتابة تاريخ حياة لعيسى ابتداء من تحليله لمدى الصحة التاريخية للاشكال 
الأدبية ٠‏ فنظرا لطبيعة الرواية يشك بولتمان فى صحتها التاريخية ١‏ وبطبيعة 
الحال فانه لا يشك فى أن عيسى قد عاش", وقام بعديد من الأعمال الثى ينسبها 
اليه التراث ٠‏ ولكنه يشك فى أن تكون الرواية التى ترصد حياتهة صحيحة 
تاريخيا ٠‏ اذلك لا يمكن اعطاء تاريخ حياة لعيسى أو رسم صورة لشخصه٠‏ 
ولا يمكن معرفة شىء عن شخص عبسى وحياته نظرا لأن الكنيسة الأولى 
لم تكن تهتم بهما ١‏ وما تبقى لدينا مجرد شذرات أو حكايات خيااية ٠‏ لا توجد 
مصادر أخرى لدياة عيسى ومع ذلك لا يشك أحد فى وجود عيسى كمؤّسس 
لحركة ظهرت أولا فى جماعة فاسطين بالرغم مما يثار من شك حول موضوعية 
الدنورة وصدقها التى رسمتها الجماعة له فى تراثها ٠‏ ولا يشك بولتمان 
فى الأقوال قدر شكه فى الروايات ٠‏ وبمقدار القليل الذى لدينا عن حياته 
وشخصه فائتا نعلم أكثر عن رسالته من خلال أقواله » وذلك يسمح لنا 
بعمل صورة له ٠‏ ومع ذلك ترجع الأقوال والروايات الى الجماعة المسيحية 
الأولى التى نقات أقوال عيسى أى وضعتها على لسانه ٠ولكن‏ كيف يمكن التمديز 
بين الاثنين ؟ ان العلم بان الأناجيل المتقابلة قد تم تأليفها باليونانية فى 
الجماعات الهلينية بينما عاش عيسى مع الجماعة المسيحية الأولى فى فلسطين 
وتكلم الآرامية قد يساعد على الاجابة على السوّال ٠‏ فكل شىء فى الأناجيل 
المتقابلة يبدى وكانه نشا فى المسيحية الهليئنية ى سواء فى اللغة أو فى 
المضمون ‏ يجب استبعاده كمصدر لتعاليم عيسى ٠‏ 


أن كل: هاتم نقله فى التراث لا يرجع الى عيسى لأنه كانت هناك كذيسة 
فلسطينية تتحدث بالآرامية' حتى بعد زمأن عيسى ٠‏ يجب اذن التميين بين 
مستودات عدة من المنقول الفسطينى ٠‏ كل مادة تكشف عن مصلحة خاصة 
أى آراء كنيسية محددة أو مادميز التطور المتأخر يجب استدعادها كمصدر 
ثانوى ٠‏ وبهذه الطريقة يمكن تحديد المستوى الأول قدر الامكان ٠‏ حتى 
هدا المستوى قد لا يرجع الى عيسى ذاته بل قد يكون نتيجة لعملية تاريذي. 
معقدة تمت فى شعور الجماعة المسيحية الأولى ٠‏ 'ان كتاب بولتمان ع٠‏ 
« عيسى » هى فى حقيقة الأمر دراسة لرسالته ٠‏ ويشير عيفى هنا الى مجموعة 
من الأفكار في المستوى الأول للأناجيل المتقابلة ٠‏ يقول التراث أن عيسى 


دالااه ب 


حامل لرسالة » ومن ثم احتمال وخوده كدير ٠‏ وكل انسان هر فى أن يضع 
عيسى « دين قوسدين » أو كاختصار لظاهرة تاريخية ارتبطت يه(؟١5) ٠‏ 


ايها 0 تطور المدرسة والردود على الاعقراضات : 


تطورت مدرسة تاريخ الأشكال الأدبية بعد مؤسسيها الأوائل وتشهيت 
الى جذاحين رئيسيين : الأول يريد المحافظة على مكتسيات المنهج الجديد 
مقتفيا آثار ديبليوس وبولتمان وما أكثر ممثليه فى الجامعات ومراكز البحوث 
والمعاهد الدينية دون :ادداع جديد ولكن باعطاء مزيد من التطبيقات والبراهين 
على صحة المسلمات ٠‏ والثانى محافظ يريد الابقاء على المنهج مع التقليل 
من أخطاره بالنسبة للعقيدة والتاريخ واستعماله لدسابه الخاص ٠‏ ان أصبح 
من المستحيل التنكر لقيمة المنهج وان كان من الممكن تغيير بعض النتائج 
والتخفيف من حدتها أو استعمال ألفاظ ومسميات أخرى حفاظا على الايمان 
فى قلوب الناس والتخلى عن الصدق العلمى ومجافاة الشجاعة الأدبية ٠‏ وقد 
اتجه الجناح المحافظ لاثبات عدة نتائج هى فى الحقيقة مسلمات مضادة 
اسلمات المدرسة بدعوى نتائج البحث والدراسة ٠‏ وعلى رأسها اثبات 
الصحة التاريخية لمرقص وللأناجيل المتقايلة بل وتاريخية الخصوص , 
وامكانية العودة الى عيسى كمصدر لهذه النصوص القديمة ٠‏ والاقلال من 
تدخل الكنيسة فى وضع التراث وخلق الأقوال وتفسير النصوص » وصياغة 
العقائد وربط المسيحية باليهودية أكثر مذها بالتراث اليوذانى تحقيقا للاستمرار 
ومئعا لآثار الوثنية »2 والاعتماد على بولص ويوحنا والريط بينهما وبين 
الأناجيل المتقابلة وعدم 'استبعاد العقائد نهائيا من نقد النخصوص ٠‏ 


استمر بعض ممثلى هذا الجناح فى استعمال « نقد المصادر » وحدها 
دون « نقد الأشكال » والعودة بالنقد الى القرن الماضى والدراسات التقليدية 
فهى أقل خطرا على العقيدة مما كان يظن من قبل ٠‏ واسستمرو! فى تحليل 
نصوص الأناجيل الأربعة لاثيات صحتها التاريخية ضه نزعات اانقد كما فعل 


أفقة لاع 0ط1عءثة ,2021 بجءل[18) ندو لآ 6ط 21101 5ناوعك2 لصو مطل 88 
“56115261 ,عاطاه 2 977 11) بقع8 155010 قطة اأقتصط© قتتوعل : (1958 رقطهو5 لد 
35-7 :زم امه غطعندهك8 : (1958,هده85 ممح 


- ةمها١8‎ 


شتريتن “اهماعع8.81.8)5 2 وهيدلام 55(263018832) ٠‏ كما حاول 

البحض الآخر تحدى « نقد الصور » , فأنكر دور 0.2.2084 أن يكون الاطار 
العام لاوحدات المستقلة بناء مصصسطنعا ٠‏ ومدز بين الوحدات المستقلة 
والمجموعات الكبرى والخطة العامة لرسالة عيسى ٠‏ وجعل هذه الأخيرة من 
وضع عيسى نفسه وليست من وضع كاتب الانجيل ٠‏ كما حاول مانسون 
اثبات الصحة التاريخية للأناجيل معتمدا على نقد المصادر 
ورافضا خلق الكنيسة للتراث ٠‏ أما مؤسسا المدرسة الاسكندنافية ريزنفد 
40 وجرهاردس_ ون فقد أثبتا أن عيسى 

أعطى مادة ثابتة سواء فى الأقوال أى فى الروايات الى تلاميذه لنقلها الى 
الآخرين ٠‏ فقد وجدت هذه الوحدات أولا فى صورة شفاهية ثم دونت بعد 
ذلك ٠‏ ولكن ترجع بداياتها كلها الى عيسى ذاته ٠‏ وقد حدث ذلك أيضا فى ذقل 
التراث اليهودى ٠وكان‏ بولص ذاته حاملا لتراث الأناجيل بالاضافة الى علمه 
بالتراث المسيحى(4؟)٠وقد‏ أثر فريق ثالث من الباحثين الانجليز والأمريكيين 
الاستعمال الحذرلنقد الأشكال؛ وعدلوا منبعض تصنيفات ديبليوس وبولتمان ٠‏ 

فالبعض منها فى رايهم لا يساعد على شىء , والبعض الآخر يخرق قاعدة 

التصذيف ذاتها ٠‏ واعتبروا أن- نقد الأشكال هى نقد تاريخى وأن الروايات 
والأقوال ترجع الىعيسى نفسه ٠وهذه‏ هئنتيجة دراسات ايستون ننماقةل.8.32. 
أما تيلور 1/.182101 فقد حاول اثبات الصحة التاريخية للأناجيل بأنها ترجم 

الى شهود عيان ٠‏ لم تخلق الكنيسة شيئًا منها ٠كما‏ أنه لا يمكن تحليل المواد 

كلها ابتداء من الأشكال٠‏ ولا يوجد تبرير كاف عند بولتمان لتصنيف أقوال 


اللقة وساع 02 كه ل#إلتاق ث :5اعررة0) «ناه1 عط ,رعاعءات. 8.8 
وعتللطعدهة) لله عكالا ع8 بمسداقوء0.8.ه : (1924 ,نه التصء ة88 ,ردم0صمط) 
(1927 ,11111287 للطمك ,تام صمآ) أقمات”تطن) عط كتاععل 01 

(؟) لاعصط لصوت ا ل لا اننا 4 ينا 0210000 

| (1952 ,قصه85 2121104 

حنملا ع#2105طسحدن ,رعع10«اطميهن)) مبتععل لأمعوستطعدة18 عط'1 ,امقطدا..'1' 
3110116 112013011 1أممة0) عطئ ,10ء7صعه58.816 : (1931 ,قوعم لومعم 
200مرآ ) «عاتلعتطء دمع تط1"'0» 01 ولتصقارلا عاذ اذا 56103 لة...:دع ستسستعءظ18 
15110 لاه 116120177 ,نممم0تقطعةع .8 : (1950 ,تة1.1105.ذط 
انه تتتق1لع0ال عتلأطط مط حأ حرم نمده1 درم 1]؟ لدرد دما نلمد1 لوندن ' 
. (1961 ,مناطع1 .0.77.1 ,لصناءة) #واتسحنامتسط0 تواسمسر 


عيسى الى حكم وأقوال نبوية وأخروية » وقواذين تشريعية وقواعد تنظيمية 
للجماعة ٠‏ أما ليتفوت #008 غطع2.8.1.1 فائه ركز أبحاثه على الكشف عن 
أهداف كتاب الأناجيل وآرائهم وعقائدهم وأصبح مؤسس «١‏ الئنقد التدوينى » »2 
وتحول الى موضوع مستقل عن « نقد الأشكال »(55) ٠‏ وقام فريق رابع 
داستعمال هنهج لنقد الأشكال فى دراسة الأمثال التى كان الناس يظنونها 
قبل النقد حكايات رمزية د1/880226ة ٠ولكن‏ ابتداء من يولشر 48.1010267 

وضع الناس والحوادث والموضوعات داخل القصص ضمن الوقائع التاريخية: 
وأصبحت القصدص والمقارنات وأوجه الشبه من عمل عيسى نفسه استقاها من 
الحياة اليومية لجعل رسالته اكثر حيوية ووضوحا وفسرها بأوسع المعانى 
وأشملها ٠‏ وتابعه دود 0.11.10006)وأنكر أن. تكون حكايات رمزية »2 وأنه 
يجب تفسيرها فى ظروفها الخاصة دون اطلاق للمعنى ؛ وداخل اطار رسالة 
عيسى وقدوم ملكوت السموات ٠‏ أما جرمياس 1.167672185 فقد نسب لها 
صحة تاريخية وأرجعها الى عيسى نفسه(1") ٠‏ 


ولقد حاول هذا الجناح المحافظ اعادة النظر في أذر نقد الأشكال على 
الايمان » ,2 أما « عيسى التاريخ » فلا يمكن الوصول اليه ٠‏ ولكن كيزيمان 
1110ل يريد استبعاد « عيسى التاريخ » وأمكائية معرفته بالرغم 
من تسليمه بأن الأناجيل لم تكتب لاعطاء تاريخ حياة عيسى وبأنها تعبر عن 
عيسى الجماعة الأولى ٠‏ كما حاول فوكس 1:.5"16125 اثدات اتصال بين عيسى 
التاريخ والتبشير ٠‏ وبالرغم من استحالة تحويل التبشير الى تاريغ الا أن 
التبشير يفترض التاريخ ٠‏ وبدون التاريخ لا يكون هناك تبشير ٠‏ كما حاول 


(ه) كلاملا بوع[2) . فافرقه6 معمكهط ملمررقه6© 216 ,دماقةئ8 .8.8 
: (1928 رقطه5 لطه ماعط لمعم 
ألمروه0)0 عط 01 <امتلأفصحده1 عط ,خمابزه1 .7 

3 1115017 ,00 #خطعاءآ .5.28 :(1933 2ط[ [تصدع ج81 ,ده0طماطا) 
510118601 لطة *ع2000 ,لامعصمط) كاأعوة0) 616 حتذ تتمتاهاع:دجدمادا1 
0ع 01 ,01:12010)) 11:1 دلوك 01 معددمع71 اعررقه00 1116 : (1935 
(1950 بقوععط 
130) 001صمسة) متمقع 165 عط 02 مع 1[طومهة2 عط ,126000 .0.11 
701:1 بوع[17) وتاعءل 04 5عاطهتيوط قط ,قمقتدةعه[ .ل :(1935 ,أعطهم تلز[ 
. (1954 ,قطهة لصهة "تعمطتمعخم 


65 اس 


روينس ون 21.5012808 اثبات علاقة وجودية دين عيسى التباريخ 
والمؤرخ ٠‏ وبالرغم من أنها علاقة تتم من خلال التبشير الا أنها تثبت امكانية 
فكالحضار الذاتى والخروج الى موضوعية التاريخ ٠‏ أما بيران ‏ تتتاسء©.]1 
فانه مين بين ثلاثة أنواع من المعارف ٠‏ الأول المعرفة التاريخية الموضوعية' 
بعيسى التاريخ » ولادته وحياته ومماته وهى مستحيلة » والثاثى الممسرفة 
التاريخية التى لها دلالة بالنسبة لذا مثل المعرفة الأخلاقية وبشارة عيسى , 
وهى ممكنة , والثالث المعرفة الايمانية التى للها دلالة بالنسية للايمان المسديحى 
وحده مثل الخلاص والفداء والخطيئة وهى أيضا مستحيلة ٠‏ ومن ثم يجد 
حلا وسطا دين موقف نقد الأشكال الأول وبين موقف الكنيسة الثانى/57) ٠‏ 


وقد حاول جرمياس 766823188.[ أعادة النظر فى مسلمات المدرسة 
واقترح مديارين للتمييز بين المواد الصحيحة والمواد غير الصحيحة تاريخيا .٠‏ 
الأول سسمات اللغة الآرامية » وهى معيار لغوى لفظى ٠‏ والثانى سدمات العالم 
الفاسطيذى » وهو معيار جغرافي بيئى ٠‏ وكلاهما يشابهان معيار التمايز عذد 
بولتمان(58) ٠‏ وقد حاول فريق آخر اعطاء نماذج من تطديق نقد الأشكال على 
تاريخ حياة عيسى *فبين برونكام «2تنمطعةاطده7.82) انه بالرغم من أن الأناجيل 
المتقابلة لا تعطى ددورة لعيسى التاريخ فانها تشير الى التاريخ وتحتوى على 
تاريخ *كما حاول فولن <2:15,50116 اثبات الصنحة التازيخية لبعض الأقوال. 
والروايات بالرغم من وجود « مناظر مثالية » فى الأناجيل لأن تحول الواقم:' 
الى مثال .لا يخلق شنئًا بل يكون أقرب الى تعميم الذكريات عن عينى ٠‏ 
وخذر من التشكيك فى دور الكئيسة ٠‏ واكتفى بدور النقد , واتتهى الى أن 
عيسى قد فهم نفسه كنبى مثل أنبياء بنى اسرائيل » وتلك هى نواة التاريخ ٠‏ 
أمسا بيران طلتاطو.27 فانه بالرغم من اعترافه باستحالة كتابة تاريخ 





77 دز ”قتامول لوم 1ممذأمزع عطء زه ممعاطمء2 116" متمشعقق ]1 .0 
: (1964 رمعه2 5088 ,وملطمرة). قعتتعطلل الامستماوع1' بتزعا8 زه وتجوددل 
6 017 8110165 طذ '"قناوعل 815021251 عطخا 02 أمع1م عط" ,قطعن"18 .لا 
-226035 ,طتعمهء2 .]2 :(194 رووعع2 ١‏ 5011 ,لب0دمبآة) قتاقعكك 1دم 1115011 

912 عقلتطعدة' عط عستتع همه 
80 5 05 251206165 عطئل ,مقتمرعءطول 


ل ١"_ه6‏ ب 


حياة لديسى الا اذه دمكن التركيز على محاور أساسية فى رسااته مثل ملكرت 


وقد وجهت اعتراضات كثيرة الى المدرسة من أعدائها من الخارج , 
يرفضون مسملماتها ونتائجها على حد سواء , ويدافعون عن المواقف التقليدية 
للكنيسة » ويتذكرون لنتائج العلم والبداهات الأوليات ٠‏ هنها أن تحديد 
الأنواع الأدبية شىء تقرييى , فالشكل الخالص نادر ٠‏ وريما لا وجود له 
الا فى ذهن الباحث ٠‏ وهل يمكن تصنيف الواقع بناء على تصنيف هندسى ؟ 
وما الدافع الذى يجعل كاتبا يستعمل هذا الشكل دون الآخر ؟ وهل يمكن 
الانتهاء من تشابه اشكال الى تشابه فى المضمون ؟ كما رفضوا قصس دور 
كتاب الأناجيل على التجميع باعتبارهم كتبة » وطالبىا لهم بدور شهود اللعيان 
والملهومين بالروح القدس ٠‏ وبالتالى يمكن الدخول فى علاقة مباشرة مع عيسى 
ويمكن معرفة التاريخ ٠‏ ومن ثم يجب اعادة النظر فى دور الجماعة وخلقها ٠‏ 
لآنه بعد استبعاد شهود العيان واسستحالة معرفة شخص عيسى تصيح الجماعة 
فى الخالقة للمسيدية(١3) ٠‏ والحقيقة أن مثل هذه الانتقادات لا تزيد على 
مجرد صيحات أو طبل أجوف لا تمنع من تقدم العلم » ولا توهن من عزم 
الباحث على الاعلان عن النتائجح واستخدام كل مالديه من مناهج البحث عن 
الحقيقة ٠‏ 


(9؟) لتم و8 عاعه 8 بوع11) اع ه8122 02 365115 ,اللمقستطدمعظ .0 

: (1960 لام للح 

قتطصاع ل صولنطط) كم[م ع8 عط عمتاع ندم نمالا ,ه11" .1.11 

بتله11 014 لامتاممكسصتده1 فعطة ,(1963 ووعع 2‏ “دع أمسطتمامء 11 
76035007763118 مصعم .11 : (1965 ,رقطه8 20د لاعصطعء8 بلعملا بجعلط) 
57-8 .م2 ,ناته .زه بكخطعتسكلء11 بفتتعول 01 عتاتطعهما) علاطا 

0( 1 عاطالظ ها ذ ::121:011230 ,غم ااتتاء"1 .لذ ته ]«ء805 .ف 
ر(1966 ,عقاعوءط رمأموط) عتتوتاطتط عستقصصماءء71 ,والمططا .ل 324-307 ترم 
430-17 .نزم 


قراءة الخص 
١‏ مقدمة : من النقل الى الابداع : 


يستطيع الباحث من جيلنا وفى عصرنا بالنسية لمصادره العلمية أن 
ددمل على طرق ثلاث : 


الأولى , الاعتماد على التراث الغربى مستمدا منه مادته العلمية , 
وما أكثرها فى الفلسفة المعاصرة فى علم الهرمنطيقا ٠‏ وقد قام الباحث بذلك 
مرات عديد8 فى كتب مستقلة أو فى مقالات خاصة(١) ٠‏ ودؤدد ذلك أن علم 
الهرمنطيقا فى صدياغاته الحالية علم غربى ارتبط بالفلسفة المعاصرة ثم استقل 
عنها وعن ياقى العلوم الانسانية والاحتماعية 2 وان كانت مادته العلمية 
وبعض صياغاته الأولى موجودة. فى كل تراث دينى وفى كل حضارة غربية 
أم شرقية ٠‏ ولكن عيب هذه الطريقة هو الابتسار الحضارى أى جعل علوم 
التفسير مقصورة على التراث الغربى دون غيره باستثناء بداياتها الأولى ثم 
تعميمها على كل تراث مع تدميم ظروفها الخاصة وطمس معالم أية ظروف 
عاما للبشرية جمعاء على مايدعيه المستغربون أنصار التراث الغربى كممثل 


كتب هذا البدث لمجلة « ألف » وهى مجلة البلاغة المقارنة التى يصدرها قسم 
الأدب الاتجليزئى والمقارن بالمجامعة الأمريكية , القاهرة . العدد السابع ٠ ١984‏ 
)0 عأع62010صطهصغط2 13 ع0 عونع 126 : القطه1آ1 لتلودومةآ 
غ1 505 أه عنالأع 62010 مممسغطم ع0مطافم 12 ع0 اعبطاعج غأوئغة :1 
عآ ,1966 ,قفاطوط ماطهة«شفحاه 21-11 :3ط ,عتتاعتع 711 علغصدهسدغطم ته 
-161526 معطمل 1قمه رعمذغعونع:1'1 ع0 عذع010نةستمصغقط2 ذرآ :1979 رععتوكت 
6 2315 ,31262 أ1"65 1الهع0115آ]1 11 هوم 3 مالع تأمعأدتعدء عدانو اناعم 
. 21156510 ة11) 
د٠١‏ حسن حنفى : مدرسة الاشكال الأدبية » ثألف ؛ العدد الثانى , القاهرة "م9١ ٠‏ 


ار 5 


658 سم 


وحيد للثقافة العالمية(؟) ٠‏ وفى علوم التفسير هناك مدارس فرنسية والمانية 
وبريطانية » وهناك مادة اسلامية ومسيحية ويهودية وبوذية(؟) ٠‏ وتكون 
نتيجة هذا الابتسار الحضارى هو اطالة مرحلة النقل وتأخير مرحلة الابداع 
طالما أن معدل الانتاج الثقافى فى الغرب أعلى بكثير من معدل نقله الى 
خارج الغرب ٠»‏ وتصبح حضسارة واحدة هى المبدعة والرائدة والمركز 
والحضنارات- الأخرى الناقلة والتابعة والمديط ٠‏ 


والطريقة الثانية الاعتماد على تراثنا القديم وما أفرزه من مادة علمية 
تكشف عن مناهج واتجاهات فى التفسير ٠‏ .وقد قام الباحث بذلك أيضا فى 
مؤلفات مستقلة أى فى دراسات خاصة() ٠‏ وصعوبة هذه الطريقة أن البادث 
قد يكرر ماقاله القدماء دون قراءة جديدة ٠‏ وان قرأ فانه قد يعتمد فى قراءته 
على علوم التفسير المعاصرة فى الغرب فيسىء التأويل للتراثين معا ٠‏ كما 
تؤدى كترة المصادر وتعدد الاحالات الى ايثار تراث على آخر بالضرورة 
مع اغفال الظروف القديمة أى المعاصرة التى نش منها كل تراث مع أن ظروف 
عصرنا قد تغيرت ٠‏ وهذا من شأنه أن يجعل النقل مجرد اضافة معلومات 
على واقع لم تنشأ منه وبالتالى لا تؤثر فيه ٠‏ كما يجعل الدراسة الجديدة 


0 18 06 عأمغأقتط1 ؛006 غ306 غه لمن ١:‏ م000 ,0-.8آ 
60262١ 06 1228116,‏ 16 متاق عاأطلع«ترصطةء طمه غهة عاهمغخمعمل06 مؤفوعط 
-1 ما 612 كد17 1201م تدم ع0 هنآ : تاعمرة0ة .6-.1 254-90 .مم 
010" 12 أ عناو تا لاعطةصططع مآ : علاومخطمهةم[ئطط نامنغأنة دع أه عنان 

15-5 .ززم بعلوغصعم1ءع0 

0( 10101 2ع دعع117ا850 غأه «مناخهاغ مع ماص[ "0 عقمطغة11 : بإده0 ك1 

-236 .زم ,50-3 .مم ,11 .1 كلأأومط 6قلطلصطا 

9 ثناة 185981 زعفذج 0:16 116008 وعدآ : 118:1811 1212:5881 

عل [آننولآا مطل" ,نام أقطعطغة ترصمء 15 عل 5أسعصيهل0ده2 مع ععدعزمهة 12 
1965 ,فاطو ,عطلو0 عط رنطع ك1 

د حسن حنفى : م هل لدينا نظرية فى التفسير ؟ » قضايا معاصرة , الجزه 
الأول » ص ١18 ١560‏ ء دار الفكر العربى , القاهرة , ١99/5‏ , « أيهما أسبق ؟ 
.نظرية فى التفسين أم منهج فى تحليل التخبرات ؟ » نفس المصدر:, ص ١59‏ - 1189, 
« عوك الى المنبع أم عود الى الطبيعة ؟ » نفس المصدر , ص ١95 ١9“‏ ؟ » مناهج 
التفشير ومصالح الأمة - الملتقى الاسلامى الخامس عشر : الجزائر-: ٠-1943‏ وأيضا : 
الدين والثورة فى دصر , الجزء: الثانى : فى اليسار الدينى , الفصل الثامن , اليمين 
واليسار فى الفكر الدينى , دار ثابت » القافرة . ٠ ١948‏ 


٠١مم‎ 


010 ينه 


محرد مراجعة للأدبيات القديمة أو الحديثة , عرض أو نقد لها ؤريما اضافة 
عليها دون التعامل مع الواقع ذاته الذى يظل فى هاجة الى تنظير مباشر ينبع 


والطريقة الثااثة الإعتماد على منطق العقل الخالص وتمليل التجارب 
الانسانية المشتركة لكل .المشتغلين بموضوع النصوص أيا كان .نوعها دون 
الاحالة الى تراثنا القديم أى الى: التراث. الغربى » وهما زاخران بالمادة العلمية 
بهدف تجاوز مرحلة النقل. الى مرحلة .الابداع ٠‏ فالاعتماد على المصادر كنقطة 
بداية. تفقد العمل الفكرى وحدته الداخلية ويناءه العضوى ٠‏ وتجعل الباحث 
مجرد جامع لمادة أى شارح وملخص لها » وفى أحسن الأحوال يكون ناقدا 
لها ٠‏ ويظل الموضوع ذاته خارج دائرة الاهتمام ٠‏ تتجاوز هذه الطريقة 
المداخل الحضارية 2 حضارة الذات وحجهارة 'الغير وتتجه نحى الموضوع 
ذاته لاكتشاف دذيته كما فعل القدماء والمحدتون على حد سواء ٠‏ وفى هذه 
الحالة لا توجد احالة. الى مراجع. لا فى الهوامش ولا فى. نهاية المقال ولا ذكر 
لأسماء أعلام أو مذاهب أو حضارات أو نماذج سابقة فى صلب الدراسة. ٠‏ 
ويكون المرجع .الأول والأخير ‏ هو شعور الباحث وشعور القارىء والتجرية 
المشتركة بينهما ٠‏ والقدرة على التعميم فى الذهاية هى احدى سمات الابداع , 
والقدرة على اخفاء المصادسر وعدم الاحالة الى الخارج والاءتماد على البنية 
الداخلية للموضوع هى احدى مواصفات الابداع . والوصول الى قدر من 
الصدورية الخالصة هى احدى لحظات - الابداع ٠‏ وباكتشاف القانون الطبيعى, 
وفى حالة قراءة النص القاعدة اللغوية النفسية الاجتماعية التاريخية , تتتابع 
وقائعه »2 .وتنتظم حوادثه المتفرقة ٠‏ لقد تأخر الابداع فى فكرنا المعاصر ,2 
وطالت مرحلة .النقل لعدم ثقة.. بالنفس. ولطول. الألفة لموقف المتعلم ونسيان 
ارقف الاستان المترسب فى الوعى التاريخى ٠‏ والثقة بالذات شىء » والتواضع 
أى الغرور شىء آخر ٠‏ لا يعنى..الوضوح السطحية » ولا تعتنى التعميمات 
العموميات ٠‏ ومع ذلك 2.هى مغامرة محسوبة العواقب . مخاسرها أقل هن 
مكاسبها فى جين أن مخاسر النقل أكثر من مكاسبه ٠‏ 


والحقيقة أن هذه الطرق الثلاث قد لا تستبعد. بعضها. بعضا - *. ويمكن 
(5). د١٠‏ حسن حنفئ : موقفنا. الدضارى: . قضايا معاضرّة + الجزء الأول , 
ص ٠ 50 4١‏ وأيضا:: موقفئا الدضارى".. الدراسة الأولى فى هذا الكتاب ٠‏ 


اتن 83 


الجمع بينهما من أجل الاستفادة بميزة كل طريقة والاقلال من عيوبها ٠‏ وهى 
تعبر عن الجبهات الثلاث فى موقفنا الحضارى الحالى , الموقف من التراث 
القديم » والموقف من التراث الغربى ٠‏ والموقف من الواقع ذاته(1) ٠‏ كما يمكن 
الى حد ما الاشارة الى بعض المصادر حتى لا يشعر القارىء أنه فى فراغ 
وحتى يمكن ربط الابداع بالنقل » والحاضر بالماضى 2٠‏ والبنية بالتطور على 
الأقل كمرحلة متوسطة بين الذقل التام والابداع الخالص ٠‏ يصعب ايجاد 
موقف متوازن ومتعادل بين هذه الطرق الثلاث ومم ذلك تظل الطريقة الثالثة 
هى المثلى وهى الطريق الأفضل فى مرحلتنا الحالية ٠‏ وتبقى الطريقتان 
الأوليان مجرد عاملين مساعدين توجيها للقارىء وتأكيدا لوحدة فكره بين 
نقل متعارف عليه وابداع يخشى منه ٠‏ 


"' - ماذا تعنى قراءة الخص ؟ 


لاتعنى القراءة .المعنى الشائع لها الوارد فى مناهج التعليم والكتب 
المدرسية أى أصدار الأصوات طبقا لمخارج الحروف وكما هو الحال فيما بعد 
فى الجامعات فى علم الأصوات ولكن القراءة هنا تعنى الفهم ٠‏ والنص هو 
موضوع الفهم ٠‏ اذن قراءة النص تعادل نظرية المعرفة فى الفلسسفة التقليدية 
تحديدا للعلاقة بين الذات والموضوع ٠‏ فالقراءة هى الذات والنص هو 
الموضوع ٠‏ وان أول سورة نزلت فى القرآن هى « اقرا ».كفعل أمر ٠‏ ولما 
كانت الاجابة « ما أنا بقارىء » أى القراءة بمعنى مخاري الحروف واصدار 
الأصوات بالفم بعد التعرف على الحروف بالعين تم تصحيح هذا المعنى 
الصوتى بمعنى آخر فى « اقرا باسم ربك الذى خلق ٠٠٠‏ » أى افهم وادرك 
وتحدور ' فالقراءة نطق » والنطق بداية الوعى باعتباره فهما ٠‏ 


وقراءة النص بمعنى فهمه تتضمن تفسيره وتأويله ٠‏ الفهم مباشر بغير 
الحاجة الى التفسير أى الى فهم من الدرجة الثانية اعتمادا على منطق اللفة 





العربى الأول الذى نظمته الجاممة الأردئية . ص ١‏ 4# , مركز دراسات الوحدة 
العربية » بيروت ههّمؤذأا ٠‏ وهى الدراسة الأولى فى هذا الكتاب 1 


دلاام6 ب 


أو توجه النص ( السياق ) أو ضرورة الموقف أو روح العصر ٠‏ فاذا ما اصطدم 
التفسير بمنطق اللغة » وقوى توجيه النص , وفرضت ضرورة الموقف نفسها ' 
وعمت روح العصر ظهرت الحاجة الى التاويل باعتباره أخراجا للفظ من معناه 
الحقيقى الى معنى مجازى لشبهة أو قرينة ٠‏ أما الشرح فانه يتضمن كل 
ذلك : الفهم والتفسير والتاويل ٠‏ الشرح هو العلاقة بين القراءة والنص 2 
بين الذات والموضوع باعتبارها موقفا معرفيا شاملا ٠‏ 


والنصوص متعددة ٠‏ فقد يكون النص أدبيا من الأعمال الأدبية أو 
قانونيا من مجموعات الدساتير والقوانين أو تاريخيا من الوثائق والسنجلات 
والموسوعات أو دينيا من الكتب المقدسة ٠‏ وبالرغم من هذا التعدد الا أن 
هناك قضية مشتركة تجمع بين هذه الأنواع كلها وهى قضية قراءة النص 
أو تفسيره ٠‏ فالتعدد فى الدرجة لا فى النوع ٠‏ ومع ذلك فالتص الدينى 
أكثر النصوص تشابكا نظرا لأنه يفرض مشاكل أكثر مثل الصحة التاريخية 
للنص التى لا يفرضها النص الأدبى باستثناء ملاحم الأدب الشعبى وكما هى 
معروف فى قضايا الانتحال فى الشعر اليونانى ( هوميروس ) وفى الشعر 
الجاهلى ( المعلقات ) أى الخلق الجماعى للنص ٠‏ أما النص القانونى والنص 
التاريخى فلا يفرضان مسالة الصحة التاريخية الا فى أقل الحدود فيما يتعلق 
بالحفريات والآثار القديمة » كما أن النص الدينى أكثر توجيها للواقم وتأثيرا 
فى السلوك من النص الأديبى أو التاريخى نظرا لايمان الناس به 
كموجه للسلوك وكمصدر للقيم ,. كمعيار للعلم وميران للعمل ٠‏ ومن ثم 
تتعدد التفسيرات بتعدد المصالح , وتتصارع مناهج التفسير بتصارع القوى 
الاجتماعية والسياسية بل وتقع الحروب وتحدث الانشقاقات , وتسيل الدماء » 
وتطير الرقاب بسبب تفسير التصوص الدينية أو تاويلها فى حمالح فريق 
ضد فريق * لذلك أتت هذه الدراسة أساسا ابتداء هن النص الدينى نظرا 
لأنه أكثر النصوص اتساعا وتشابكا ٠‏ ويمكن تعميم النتائج على باقى 
النصوص الأدبية والتاريخية والقانونية لأنها أقل تشابكا واتساعا وكأنها 
حالات خاصة داخل الاطار العام(/) ٠‏ ومن هنا أتت التفرقة الشائعة المشهورة 


(0) يعطى جاداما الأولوية للنص القانونى على النص الدينى ٠‏ 
181 طعت و«م ندع تأمعنزه هآ جعه0ط غ161 غأه 6خنمن 7‏ : «رعمرع م .)كل 
46 هنآ : لم115 .177 :166-84 .م ,ع101011نال عنا 1 تاعصة سعط ”1 36 


.58 .م ,1 .01" غمونظ'1 36 


058 ده 


دين الهرمنطيقا العاهة والهرمنظيقا الخاصة أو الهرمنطيقا. المقدسة , الأولى 
اآانصوضص الدينية والكتب المقدسية وحدها(ة) ٠‏ 


وقد تون القراءة من فرد لفرد ٠»‏ ينتسب كلاهما الى نفس التمدضارة » 
قراءة الحاضر للماضى ٠‏ تواصلا للتراث. مثل قراءة ابن رشد للفارايى وابن 
سينا 2 وقراءة أرسطى لأفلاطون ٠‏ وقراءة الكانطيين فشته وهيجل وشلنج 
وشوبنهور لكانط » وقراءة الهيجليين » شترنر وباور وشتراوس وماركس 
لهيجل , وقراءة هيدجر لكانط ونيتشة وهوسرل ٠٠١٠‏ الخ ٠‏ وفى هذه الحالة 
تكون القراءة تصحيحا وتجديدا لروح العصر عن طريق التأويل ٠‏ وقد تكون 
القراءة من فرد ينتسب الى حضارة لفرد آخر ينتسب الى حضارة مغايرة 
أيضدا قراءة الحاضر للماضى وتواصلا بين الحضارات مثل قراءة ابن رشد 
لأرسطو وقراءة برجسون لأفلاطون ٠٠١‏ الخ ٠‏ القراءة اذن عمل فردى 
وعمل جماعى ٠‏ عمل فردى داخل كل حضارة وعمل جماعى بين الدحضارات 
من أجل اكمال الموقف واظهار الدناء ٠‏ فقراءة الفارابى لأفلاطون وأرسطى 
وقراءة ابن رشد لأرسطو هى قراءة الحضارة الاسلامية للحضارة اليونانذية ٠‏ 
وقراءة هيدجر للفلاسفة قبل سقراط هى قراءة روح العصر الحاضى للدضارات 
القديمة 2 وقراءة ميرلوبونتى لجولدشتين هى قراءة الروح الفرنسية للروح 
الألاذية » وقراءة كانط للهيوم هى قراءة الروح الأمانية [لثقافة الانجلى 
سكسونية » وقراءة جوزايا رويس لهيجل هى قراءة المزاج الأمريكى للروح 
الألانية ٠٠٠‏ الخ ١‏ وقراءة المسيح للتوراة هى قراءة أسسينيه 105562182 
لاعقلية الفريسية ‏ 21318188. وهذا هى معنى قول المسيح « خمر جديد 
في أوعية قديمة » ٠‏ ْ 


وفى كلثا الحالمتين » القراءة الفردية والقراءة الجماعية ٠‏ ليست القراءة 





(8) التفسين. العام )| اموت و6 التفسير الخاص 5266191 

58 التفسير المقدس ‏ :58618 11168ا62 م16 
7 ,قناع 2ع تططمظ 12 رقنأتباء معصطعع 1و116[ط81 + اطق .8.1 
40-46 .زم ,2م 1اها16مطعاد1 [هن1[ط81 2ه وم 1متعساعط ‏ : #مطعاسءظ8 .هآ 
,6261116 نط1 لأومفدةة) :ع101ظ هعط0ا ع سناع معام : موماعطء 811 .8م 
.1785-8 .22 ,165 تناع طمعصعهة8 لوأععم85 99-197 ,تززثر 


9ه ب 


مجرد شرح أو تفسير أو تأويل للمقروء بل هى اعادة بناء له طبقا لتصور 
القارىء فرد! أو جماعة ٠‏ هى قراءة وتحليل ونقد وتصحيح واعادة بناء من 
أجل اكمال البنية أو اكتشاف القانون ٠‏ فقراءة درجسون اكانط نقد العقل 
الخالص وللأمر الجازم » وقراءة كيركجارد لهيجل قلب له وكشف عن الجائب 
الآخر للعقل والاتساق أى الحياة والتناقض والموجودات والموت بعد أن 
طوأه هيجل داخل المذهب ٠‏ وقراءة الكانطيين لكانط هو كشف للمستور ورفع 
الحجاب عن الشىء فى ذاته » الأنا عذد فشته والتصور أو الفكرة عند هيجل »2 
والروح عند شلنج » والارادة عند شوينهور ٠‏ وقراءة الفارابى لأفلاطون 
وأرسطى هى جمع لرايى الحكيمين من أجل التعبير عن التصور الاسلامى 
الشامل الذى يجمع الصصورة والمادة » المثال والواقع . الجوهر والعرض » 
الروح والبدن ٠‏ الآخرة والدنيا , الأخلاق والطبيعة , الله والعالم ٠‏ القلب 
والعقل ٠‏ الاشراق والحكمة , العقل والحس » الاستنباط والاستقراء ٠‏ المنهج 
النازل والمذهج الصاعد ٠٠٠١٠‏ الخ ٠‏ وقراءة ابن رشد للتراث اليونانى كله 
هو اكتشاف لقانون تطوره ٠»‏ من الواقع عند الطبائعيين الأوائل الى المثال 
عند أفلاطون الى الجمع بين الواقع والمثال عند أرسطى ٠‏ وقراءة الاسلام 
لتطور الوحى هى جمع بين الشريعة اليهودية والعفو المسيحى ٠‏ لذلك كان 
أرسطو والاسلام متشابهين لأن كلا مذهما أكمل البنية فى تراثه الخاص ,2 
أرسطو فى التراث اليوئانى والاسلام فى تطور الوحى وتاريخ الأديان(9) ٠‏ 
وقد تكون القراءة مزدوجة أى قراءة لقراءة مثل قراءة التوسر لقراءة ماركس 
للاقتصاد الكلاسيكى عند ريكاردى وآدم سميث من أجل اكتشاف منهج جديد 
من خلال المنهج القديم ٠‏ فقد اكتشف التوسر البنيوية من خلال الماركسية 
كما اكتشف 'ماركس من قبل الماركسية ‏ من خلال الليبرالية والاقتصاد 
الحر ٠‏ والقراءة المزدوجة ترى مارأته القراءة الأولى وما لم تره 2» وتجد 
ماوجدته وما لم تجده(١٠) ٠‏ وبالتالمى فان القراءة ليست فنا بل عام » ليست 
نظرية فى اللعب والحوار الفكرى الخالص وأساليب الجدل بل هى عملية 
اكمال من خلال التراكم المعرفى من أجل اكتشاف البنية التى هى أصل الخص 


69 د'ء حسن حذفى : الفارابى شارها أرسطو ؛ دراسبات اسلامية » 
ص 9١8 - ١408‏ وأيضا ابن رشد شارحا أرسطو , نفس المصدر ص 59١ا"!  5١‏ ,2 
الانجلو ألمصرية , القاهرة ٠ ١981١‏ 
)0 29-7 .مم ,1 .701 ,اهمختصجة0 ه16 عمانة : امعمتتطكلت .نآ 
( دراسات فلسفية ) 


"6 سه 


سواء تم تشكيله مرة واحدة أو على فترات(١١) ٠‏ فالقراءة فى الزمانين 
الوجودى والتاريخي من خلال شعور الفرد والجماعة وتراكم الخبرات فيهما 
معأ ٠‏ وبعد كل تراكم معرفى يأخذ النص أبعادا جديدة ام تكن مقروءة فيه 
من قبل ولا مؤجودة فى الثواة الأولى للخنص١١؟١) ٠‏ وهذا هو معنى انزال 
القرآن على سبعة أحرف أى مستويات تفسير النص طبقا لأعماق الشعور 
وطبقا اتراكم المعرفة من عصر الى عصر ٠‏ 


- ماهو الخص ؟ 


النص هى تدوين لروح عصر من خلال تجارب فردية وجماعية فى مواقف 
معينة متعددة ومتباينة ٠‏ والغاية من تدوين التاريخ توريث كل جيل خبراته 
للأجيال التالية » استمرارا لسلطاذه أو على الأقل ترشيد! للمستقبل وتوجيها 
له ٠‏ النص هو تحول ارادى من الشفاهى الى الكتابى حرصا على تسجيل 
المواقف وسرعة تقنئينها انتقالا من التعدد الى الوحدة , ومن الاختلاف الى 
الاتفاق ٠‏ فالنص بهذا المعنى قضاء على التعددية فى الحاضر وايثار لوحدة 
المستقبل » تضييق على الحاضى وامتداد فى المستقبل حتى تبقى الروح فى 
التاريخ .. وتتوارث الأجيال الفكر جيلا بعد جيل ٠‏ النص اذن ليس وثذيقة 
مدونة أقرب الى المغريات أى السجلات القديمة بل هو كائّن حى فى حالة 
سكون يبعث بالقراءة فيدحيا من جديد وبأشكال جديدة كما هو الحال فى تناسخ 
الأرواح عندما تظهر ذفس الروح » وهو المعنى » فى أجساد جديدة 2» وهى 
مجموعة القراءات ٠‏ الذص هى الميت الحى أشبه بعبادة الأسلاف وأرواح 
الأجداد ٠‏ حدث ذلك فى كل حضارة بانتقالها من العصر الشفاهى الى عصر 
التدوين ٠‏ فقد ظهرت عدة أناجيل متباينة وتم حفظها كتابة كنوع من الذكرى 
الجماعية فى القرن الثانى الميلادى حتى وقع بينها التضارب والاختلاف 
نظرا لتباين القراءإت طبقا البيئات الثقافية المتعددة حتى تم تقنينها فى القرن 


01 6م 15 ع0 6ع ماعتطنط : طع ه0320 .11-0 

:103-148 .52 ,1016 أتاعطغتططفط عمسرتعص1ئم عصصمه عنللمسعامء 

وهو أيضا موقف شيلر فى ألفن كنظرية فى اللعب أنظر د٠١‏ وفاء محمد ابراهيم : 
مفهوم النفس الجميلة فى فلسفة فردريش شيلر ( مخطوط ) , القاهرة ٠ 1١947‏ 

09( 2-5 .مم .1510 


ل "م 


الرابع. ايثارا لوحدة القراءة على تعددها ٠‏ وحدث ذلك بدرجة أقل فى عصر 
تدوين القرآن بلهجة قريش حرصا على وحدة القراءة. أى وحدة الفهم منعا. 
للاذتلاف والتعدد ٠‏ وفى هذه الدالة يكون التفسير للشهادات الانسانية. 
المحفوظة عن طريق 'الكتابة(؟١) ٠‏ ثم يدؤل التفسير كجزء من الذص » ويمحى 
الفرق بين البداية والنهاية » بين الوحدات الأولى والمقاطع. الأخيرة » ويصبح 
القارىء هؤلفا كما كان المؤلف .قارئا . ويتحول العمل الفسردى. الى عمل 
جماعى كما هى الحال فى المأثورات الشعبية ٠٠‏ النص اذن ابداع مستمر 
وخلق جماعى لا فرق بين تأليفه وقراءته » بين وضعه وانتحاله » بين فهمه 
وشرّحه ٠‏ لذاك ظهرت « مدرسة الأشكال الأدبية » للبرحث عن الوحدات الأولبى 
التى تكون منها النص وذالك من خلال أشكالها الأدبية » وأصيح نقد الأشكال 
الأدبية. أحدث فروع نقد النصوص(5١) ٠‏ 


والخص ليس مجرن تدوين للحفظ والتسجيل ولكنه يمثل سساطة توجيه 
وتقنين وتشريع ٠‏ فالنذن الأدبى: يؤثز فى أجيال الأدباء الشبان: ويكون أاحد 
مصادر الالهام فى التشرزيعات وفى تكوين القادة والأبطال ٠‏ والخضصوص 
التاريخية تعبز عن روح الأمة وتكشف عن مسارها فى التاريخ ٠‏ والنضوضص 
القانوذية :هئ أساس الدولة ودعامة حؤسسساتها * والخصوص الدينية هى: 
بالأضالة سلطة تصدر عن الوحى وطاعة الأنبياء » تعطى شرعية للسلطان 
ضد معارضديه كما تشرع للثورة ضد السلطان ٠‏ يظهر النص كسلطة فى 
النصوص الدينية أكثر من ظهورها فى النصوص الأدبية أى التاريخية أو 
القانونية ٠‏ وتقتضى النصوحص الديذية والقانونية الطاعة أكثر ماتقتضيه 
النصوص التازيخية والنصوص الأدزية ٠‏ لذلك تستعمل النخصوضن كشواهد 
فى الخطاب فى المجتمعات النصية التى لايزال النص يمثل فيها سلطة ٠‏ ومن 
ثم انقسمت الحجج قسمين : حجة سلطة وحجة عقل بتعبير المعاصرين أو 
حجة ذقلية وحجة عقلية .بتعبير” القدماء(١١)‏ * لا يحتوى النص اذن على 


00 .2 ,ك1 .701 ,رخأعمة1”88 06 30206 عن : تإعمطخلط 17 
)١8(‏ نقد الاشكال الأدبية ع0 منرم" نقد النصوص 11" 
90 أنظر أيضا + : أعقتططنك1 .0 هق «عوزلة1 .0 


56801117 ,قلللطعاء0 .]10.57.28 ترط لعأ واقصطوع ,0مطغع1ة لوعتاموعع12 
,2011 م11 


, 1١94١ , أذنظر أيضا مقالينا : التراث والتغير الاجتماعى , القاهرة‎ )1١( 
٠ فى هذا الكتاب‎ ١587 , التراث. والعمل السياسى , الرباط‎ 


ب 63559 د 


-جرد فكرة أو تصون نظرى بل هى أمر أى نهى » خطاب يقتضى الطاعة باثيان 
فعل أو بالامساك عن فعل ٠‏ يتضمن النص توجها عمليا أكثر مما يتضمن 
معرفة نظرية ٠‏ فهو أقرب الى الأخلاق منه الى المعرفة ٠‏ لذلك ارتيطتعلوم 
التفسير يعلوم النفس والأخلاق وكان مهمة النص هى الاصلاح والتغيير . 
التخلى عن العادات السيئة واكتساب العادات الحسنة ٠‏ الخص دعوة الى 
الاصلاح فى الأرض دون الافساد فيها ٠‏ لذلك كثرت قراءة النصوص فى 
الخلايا والجمعيات السرية(؟١) ٠‏ 
؛ - ضرورة الخص : 


وبالرغم من عيوب استخدام النص كحجة سلطة طيقا لأهواء جماعات 
الضغط وأغراض الفئات الاجتماعية فان النص له قوة سحرية فى الاستشهاد 
به كقول «هأثور أى حمكة شعدبية أى مثل عامى أى بيت شعر وكأن الخطاب 
العقلانى المعاصر لا دكفى للاقناع الا بعد تطعيمه بسلطة النخص ٠‏ فاذا 
استطاءت الخاصة فهم الخطاب العقلائى فان العامة فى حاجة الى المثل 
والحكمة الشعبية والنص الدينى أو الأدبى أى القول المأثور أى سير الملاحم 
والأبطال للايحاء بالمعنى واقناع الجمهور العريض ٠‏ واذا كان البرهان وسديلة 
لخطاب الخاصة فان الخطابة هى الطريق الى قلوب العامة ٠‏ لذلك كثرت فى 
كتب الديانات الأمثال والحكم والأشعار والأناشيد والأقوال المأثورة والمزامير 
وسجع الكهان نظرا لقدرتها على التذييل والتعبير بالصور الفنية عن المعانى 
لأكبر عدد ممكن من الناس يصرف النظر عن مستويات ثقافاتهم(07) ٠‏ 


النص من قبل الخاصة والعامة على درجات متفاوتة دناء على ضرورة خارحية 


بنعلا 0طه) 220 10670105 كته .م0 : معساعطه8301 .18م 

7ع 3255-82 .ززم ,ععت1اعهمم 0ه عطهوه للوتاوغطا ععمولوظ 350-08 .زم 
1-55 .مر كله .02 : تزصع0 .8 ,كته .م0 3866 .م ,تإعط لاطا 

17) 36 : 772016تدانه ع0 أطوانآ : #عمة 330 .0.28 

نأ 0116 11اعطة تفط ,#1016مأغطظ .7 رعناونطمهذ5م1لطم 12016105 اء 
1253-4 .ترم ,عتعه1'10601 ع0 عناوتاضسه 


"9"لامة د 


ويكون لانخنص فى هذه الحالة وظائف ثلاث : 


١‏ الاعتماد على حجة'السلطة فى مجتمع الذص فيه سلطة ٠‏ فالنخص 
هنا سلاح أيديولوجى وحجة جدلية ضد الخصوم 2 سلاح مزدوج يستعمله 
كل فريق لذصرة مذهيه ولدقد المذهب المخالف ٠‏ النص هنا أشيه بالشرطة 
والجيش وأجهزة الأمن على مستوى الفكر والثقافة وفى ميدان القيم الأخلاقية 
والعقائد الدينية ٠‏ 


؟" ‏ ايجاد التواصل بين الماضى والحاضر استمرارا لتاريخ الأمة 
وثقافتها ٠‏ وحفاظا على الأمة من الوقوع فى خطئى المحافظة والعلماذية , 
النص المفلق على نفسه وكأنه حقيقة فى ذاتها ٠‏ ورفض النص كلية بداية 
بالعقل والطبيعة ٠‏ 


اكمال الخطاب العقلانى بالنسبة للقارىء لنقص فى اتساقه ومنطقه 
مستوى الاتساق الى مستوى الأمر . وجمعا لنطق العقل ومنطق العاطفة , 
لاخطاب العقلانى والادساس الوجدانى ٠‏ لنطق البرهان وأساليب الخطابة ٠‏ 


ادجاد جمهور أوسيع ونشر إلفكر على نطاق عريض نظرا لوجود 
جمهور مؤمن ايمانا مسبقا بالنص يستعفله كأساس نظرى لفهم العالم وكموجه 
عملى للسلوك 3 


وبالاضافة الى هذه الضرورة الخارجية فى مجتمع النص هناك ضرورة 
أخرى داخلية فى بنية النص ذاته وفى تكوين الشعور ٠‏ فالنص ضرورى لأن 
التدوين واقع بشرى متمثل فى كتب مقدسة وأعمال أدبية ووثائق تاريخية 
وموسوعات قانونية ٠‏ قراءة النص اذن ضرورة يحتمها الايمان الدينى 
والحسى الجمالى والمعرفة التاريخية ومحاجات الخصوم ٠‏ استخدام النص 


(14) 71 123 0828 50121515510116 أه عناأواناء 101316 ,5 .15210 
2265-2 .2م ,دمكواط ع0 عنااع1 


6985 مه 


هنا ينبع من ضرورة داخلية فى.بذية الفكر والواقع وليس مجرد سلاح خارجى 
فى مجتمعات نصية تراثية ٠‏ وقد تكون سبلطة الماضي أحيانا أكثر اقناعا من 
ساطة الحاضى ٠‏ وقد يكون سسلطان الآباء والأجداد أكثر مدعاة للطاعة من 
سلطان الأيذاء والأحفان ٠‏ 


:ويأتى سدحر النص من عدة وظائف تقوم بها اللغة من. خلال. النص 
المدون سواء للتعبير عن المعنى أو ايصاله كما هى.الجال.فى الواح موسى. 
والتوراة والقرآن كنماذج من نصوص محفوظة تصل قدسسيتها. الى الأحيار, 
والأوراق ٠‏ ويمكن اجمال هذه الوظائف فى ثلاث : 


١‏ البعد. الجمبالى الصوزة الفنية ٠‏ فاللغة قيل أن تكون ألفاظا. 
وعبارات هى. صور وتعبيرات ٠‏ أشكال ورموز ت3توجه الى الخيال قبل أن 
تخاطب العقل ٠‏ توحى بالمعانى من خلال طرق لاتعبير تقوم على .شتى أنواع. 
المجاز والاستعارة والكذاية والتشبيه وضرب الأمثال مما يعطى اللغة قدرة 
أكثر. على. التعبير. وجمهورا أوسع فى الايصال زتخفيفا لحدة منطق البرهان 
وصوردة الجدل ٠‏ البعد الجمالى للغة يءعطى المعنى امكانيات ايحائية أكثر 
مما يعطى البرهان الصورى ٠‏ لذلك ارتيط المعنى بالدين مذذ نشأته 2 وكان 
الفن أحد .مظاهر التعبير. عن الدين منذ بدايات التعدير البشرى حتى أكثرها 
تطورا فى آخر الكتب المقدسة المدونة ٠‏ البعد الجمالى للفة حاقة متوسطة 
بين النص: كموضوع وبين الذات كفهم. » تكشف عن ميدان الخيال ٠‏ الصورة 
الفنية فى الذنص تخاطب الخيال فى الذات وتوقم التخييل فى النفس ٠‏ يعيش 
الانفسان فى الدياة شاعرا حتى ولو لم يقرض الشعر » ويتذوق الجمال حتى 
ولى لم يمارس أيا من الفنون الجميلة ٠‏ بل ان الواقع ذاته خيال كما يبدو 
تلك فى الخيال العلمى والخيال السياسى والخيال العسكرى(9١) ٠‏ 


(15) لذلك جعل جاداما أول .باب له عن « تجاون التجربة الجفالية » فى كتابه 
المشهور « الدقيقة والمنهج , 8ط : مقمط116 :6 6خمة 27 08082063 .21-0 
616 مع 3ع 16 1 : 006 تطرمع هلطم ل 1 نال 100 0 

.27-99 .ززم بغعة'1 06 ععلدة 1 ععوعه”1 7616 12 ع0 «متأوعتان 15 ع0 
وهناك أنواع عديدة للمجان حعسيلب نقاد الأدب وفقهاء اللفة وعلماء التفسير 


مثل المجان القصير الذى يحتوى على المقارنة والربط والبعد الشخصى والزيادات 


المستوى الاشتباهى للمعانى الألفاظ ٠‏ وذلك أن النص قد يحتوى 
على معذيين ليس فقط المجاز والايحاء بالمعنى ولكن أيضا للسلوك والتوجه 
العملى داعيا الأفراد والجماعات للفعل وتاركا لهم حرية الاختيار فى فهم 
عموم النص أى خصوصه » اطلاقه.أى قيده ٠‏ اعتمادا على المواقف المدددة 
لهذا المعنى أو ذاك ٠‏ النص بهذا المعنى امكانية ذات وجهين ثم تأتى القراءة 
فتحس هذا الوجه أو ذاك ٠‏ الذنص بلا قراءة امكانية بلا تحقق ٠‏ ذخيرة 
بلا اطلاق ٠‏ ولا يمكن أخن الامكاذيتين معا لأن النص لا يرتكز الا على جانب 
واحد حين قراءته ٠‏ فمثلا لا يمكن أخذ الجانب الالهى. والجانب الانسانى 
معا فى نص واحد يضم الارادتين معا لأن الانسان هو القارىء وليس الله ٠‏ 
واخذ الجانب الالهى هو ادعاء للانسان وخروج عن حقه الشرعى واتدراف 
عن وضعه الطبيعى ٠‏ وهذا هو ماسماه القدماء المحكم والمآشابه ٠‏ فالاحكم 
هى الذى يدتوى على معنى واحد والماشابه هو الذى يوحى بمعنيين طبقا 
لاختيار الانسان الذى يددده وضعه فى العالم ٠‏ 


'' ل التوجه السلوكى نحو الأفراد والجماعات ٠‏ وذلك أن النص هو 
اقتضاء فعل ايجابيا فى صيغة: الأمر « افعستل » أو سسلديا فى صيغة النهى 
« لا تفعل » ٠‏ ومن ثم تنشة الحاجة الى تحديد عموم اللفظ وخصوهنه ٠‏ 
الذص صورة بلا مضمون » روح بلا جسد » والقراءة هى التى تعطيه مضمونا 
ودسد! , تجهله يضم هذا الفرد أى هذه المجموعة , هذه الأمة أو الرشرية 
جمعاء ٠‏ القراءة هى التى تحدد مضمون الخطاب وتشير الى من يتوجه 
اليهم النص ٠‏ كما أنها هى التى تحدد نمط السلوك قولا أو عملا . فكرا أو 
وجدانا ٠‏ لذلك كان الخطاب الدينى آمرا أى نهيا اعلانا أى بشارة , دعوة 
الى العمل أو الخلاص(١5) ٠‏ 


والمبالغة أو الانتقاص , وقلب المعنى أو اكماله , والمجاز المعتم 0200116 مثل الألغاز 
5 والأسساطير ءاتلا والأقوال الالفازية ©180215118:1 والمجاز الطويل 
مثل الأمقال 0111811068طأة والحكايات 2282225168 والقصص الرمزية 80168ع11لهم 
-12122576 : ععم1لة17 .1.8 108-211 .م زاك .م0 : معساعط81 .ظ.م 
-210 : تق 516 ,31-42 .2م ,611168 062ططع8 : 12 رقع[طةطوظ 01 دملاهةا 

.286-58 .22 ,رلملشتقاع 1216 811151 كخمواوما 


: يسمى جاداما هذا المستوى « تحليل الشعور التاريخى بالفاعلية‎ )٠١( 


-656 د 
4ه هل هناك معنى موضوعى لاخص ؟ 


بالرغم من أن النذص مكتوب بلغة معيئة » مقروءة ومفهومة 2 حتى ولو 
كانت لغة قديمة الا أن الخص ؛ على غير الاعتقاد الشائع »2 لا يحتوى على 
معنى موضوعى وكأنه شىء ٠‏ النص عمل انسائى خالص منذ تدوينه الأول 
حتى قراءته الأخيرة ٠‏ النص قول صامت » ذطق ساكت » حروف مرئية 2 
مدونة حرفية 2.ورق ومداد ٠‏ والقراءة هى التى تحيله الى معنى وتجعله ق3ولا 
معلذا . ونطقا مسموعا » وتوجيهات عملية :: ومعارك سياسية واجتماعية ٠‏ 


يخضع تدوين النص اذن لعدة عوامل كلها ذاتية مثل رؤية الوقائم , 
وقراءتها على نحى معين » وتوجيهها فى اتجاه معين ٠‏ النص عمل أيديولوجى 
صرف ٠‏ وقد كان تدوين النصوص الدينية فى العصر المسيحى الأول جزءا 
من الصراعات المذهبية حول أقوال المسيح وافعاله ٠‏ ثم ظهر التدوين اتقنين 
هذه الأقوال والأفعال ضد التعدد والتضارب ٠‏ كل فرقة تدون عقائدها أتعطى 
نفسها شرعية تاريخية وصيغة قانوذية ضد اذاهب الأخر ٠‏ وكان تدوين علم 
العقائد وتاريخ الفرق الاسلامية خاضعا أيضا لتوجيهات الفرقة الناجية 
وتدوينا لتاريخ فرق المعارضة من خلال فرقة السلطة ٠‏ وتواريخ مصر 
القديمة كانت لفرعون مصر وأمجاده وليس للسابقين عليه ٠‏ يبدة التاريخ 
من كل فرعون وينتهى اليه ! التدوين قراءة واختيار ٠‏ وان تدوين تاريخ 
الأنبياء فى آخر مرحلة من تطور الوحى انما هى قراءة الماضى من خلال 
الحاضر » ورؤية للتطور من خلال البذاء ٠‏ وبالتالى أصبح كل الأنبياء مسلمين 
منذ ابراهيم حتى آخر الأنبياء ٠‏ وهذا يسمى «١‏ التفسير النمطى » النصوص 
وكما حدث فى استعمال الشواهد النقلية من العهد القديم فى العهد الجديد 
واختيار نصوص قديمة تتفق فى معانيها ووصفها للحوادث مع رؤية العصر 
وحوادثه , فكل نص يشير الى نبى يدخل مدينة على راكبة وبيده غصن زيتون 
يكون هو المسيح داخلا القدس ٠‏ فتدوين نصوص العهد القديم داخل الجديد 
ليست قراءة موضوعية لنصوص العهد القديم بل تفسير لها من منظور العهد 


و 





6 عمصوأعقطمه 18 ع0 عمو[هقصم : عقمطة]1 عه 76116 : 030:0 .0.8 
: لعصتسصيكة ,177.6 2 «عوتدع1 .0 185-2201 .ررم ,ععطعن221ع'1 06 عسامافلط 1 
9-1 .زم كته .0 


امه 


الجديد(١؟)‏ + وقد يستعمل الاطار التاريخى الموضوعى كبداية أو أرضية 
أو خلفية من أجل التعبير عن الرؤية الذاتية ٠‏ وقد حدث ذلك فى تسجيل 
دياة المسيح » أقواله وأفعاله » خاصة المعجز منها واعطاء تحديدات زمائية 
ومكانية الولادة والصلب والبعث من أجل مزيد من الاقذاع وايحاء بصحة 
الوقائع ٠‏ وبالتالى كان استعمال الحفريات فى التفسير لا يدل على معنى 
النصوص ٠‏ فليست الحقيقة فى قراءة النص تطابق المعنى مع الواقع طبقا 
للتعريف التقليدى لاحقيقة وما يتفق مع الموضوعية الثاريخية والعلمية التى 
ذاعت فى القرن التاسع عشر الأوربى بل تطابق المعنى مع التجربة البشرية 
يصرف النظر عن الزمان والمكان الحشيين االلذين يستخدمان كاطار مسر حهى 
للخلق الفنى وتدوين النص والذى يعرف فى تاريخ التخخ٠يوص‏ بأسسم 
« الانتحال »(؟؟) ٠‏ ولذاك يصعب ااتميين بين « مسيح التاريخ: » ومسيح 
الايمان » ٠‏ فالأول لا وجود له الا من خلال الرؤية أى ايمان المؤمنين به ٠‏ 
المسيح التاريخى افتراض ومسيح الادمان واقعة ٠‏ والأناجيل الأربعة لا تتحدث 
عن مسيح التاريخ ولكنها تعدر عن مسيح الايمان(529؟) ٠‏ وظهور العذراء 





(1؟) التفسير النمطى .1516720568]8][02 1387001081081 أنظر : 
01 «متخواع«مععغصآ لمعتاطاظ أصواوعاه»2 : تسسيوظ 58 ؛ مأعددة :13 .8 
65 تا 2ع 11 :د رده لهاع *تمطقغطا لدعاعه01منز عط 215-40 .مم رقعم وا 
236-64 .رم ,إع7570010 .كاك .م0 : معواعطع 18 .8م :1183-29 .تر 
1 اع متواعع "1 بلع]1 عطا صذ عصملاها0تان لطعسوؤوء1 016 : عنمع للم 
43-53 .22 رق6 1 ناعطع مطمن ]1 
(؟؟) هذا هو المنهج التاريخى الذى استعمله الأب لاجرانج 8 وؤسس 
مدرسة القدس لدراسات الكتاب المقدس 1ق 8 نامعل ع0 عتدوا!طائة 1156016 
: ضط ,لل أاقاع* و ”عامز1 طأ بوع10معطمعمفم 06 عهقنا عط" : عاعهل1 ه51 .35]1.نة 
-8181:011 0ط غ816 مما : ععقطوع هآ .2.11.1 ,54-66 .زم رقمل تتم معصصة1؟ 
4 ,قاعة2 رع 1منعة .17 ,6ن 
لق 100837 بوعمامعط؟” هذ فقدمأمععساط بول : مماهد8 .0.10 
53-109 .مم رقء تع نع مع مد 7م11 ,31 .701 
105655 رقتاوعل لوععمغقلط عط 2ه مسعاطهم ع1 ؛ فهتستمصعل ,ل 
طن) ,توقع8135656010 هطة أقتصط© قلاقعك ‏ : الطمقصطت لظ .1 ,1964 .قاتطط 
بعقط810 .01.ل ,فتاوعل ممقمل8 .2 :1958 لع بجعل8 ,نع طاصعم 
ا كه قمناقع 06 5م1716 قعآ : لطقمط 8301 .7.4.11 196017 ,طعع داطن1' 
-1010 ذة عطاوة أه عمامغ815 : بإوامة .عه :1947 ,519هةم] ,ع«أماعلط'! 06 
لآ : 01117 تا -طمعر1 .7 5أطوط ,لإلاظاتاه[2 ,10 بأقأصطن-قتاقعل 06 ومر 
.3 روقأعو2 ,اتناء08ا10 رقتاول ع0 عطتلمغقتط"'! ع0 وعلاع تولاط 


رك 5 


يدتوقف على عمداى الايمان دها ٠‏ فالايمان دور الذى يخلق الواقعة كما أن العؤيدة 


هى التى تخلق النص ٠‏ 


وقراءة النص ثذانيا لا تختلف عن تدوينه أولا حيث أن كل قراءة انما هى 
اختيار المقروء واعادة بذاء له بصرف النظر عن المواقف الأولى التى منها 
نش وعليها قام ٠‏ فالنص فى تدوينه وفى قراءته سلاح أيديولوجى خاصة 
فى مجتمعات سلطوية فكرية وسياسية . كل جماعة ترى نفسها فى الخص » 
وتسقط أمذياتها عليه ٠‏ ترى فيه دفاعا عن مصالحها وهجوما على خصومها ٠‏ 
ومهما أوتى 'الانسان من معلومات وافرة عن الظروف التاريخية الأولى التى 
منها نشا النص فانها تكون محدودة وناقصة ولا يمكن الاعتماد عليها فى 
تفسير النص ٠‏ واذا حدث فان التفسير يكون قائما على النزعة التاريخية التى 
تنحيل النص الى موضوع تاريخى صرف » نشاته ومكوناته ومصادره كما هو 
الحال فى النقد الأدبى القائم على هذه النزعة وكذلك فى نقد الكتب المقدسة 
لمعرفة مصادرها التاريخية ٠‏ أما قراءة النص فى ظروف جديدة قد تتشايه 
مع الظروف القديمة التى منها نشا وقد تختلف معها فانها اعادة تدوين 
وخلق غير معلن باعادة توظيفه وقراءته ٠‏ القراءة خلق جديد للنص واكتشاف 
لكونات فيه ريما لم تكن مقصودة فى نشآته الأولى ٠‏ وهكذا يصديح النص 
حاملا لخيرات عدة أجيال من خلال التفسيرات والشروح ٠‏ وقد يمحى الفرق 
بين الأصل والشرح .2 ويصيح كلاهما أصلا واحدا ٠‏ فلا فرق بين أصل 
صبحيج وزيادة منتحلة ٠‏ النص عمل جماعى وخبرة مشتركة وراء وحدة 
العمل الأدبى ووحدة النص الدينى(5؟) ٠‏ وقد حدث نفس الشثىء فى تاردخ 
الفلاسفة فى قراءة فيلسوف لاحق لفيلسوف سابق حيث تكتشف قراءة اللاحق 
معانى ومقاصد لم تكن فى نص السابق ٠‏ فالماضر هو الذى يخلق الماضى 
وبعيد يناءه ٠‏ والأمثلة على ذلك كذيرة من قراءة برجسون لأفلوطين » وقراءة 
هيدجر للفلاسفة السايقين على سقراط ولكانط وذيتشة » ومثل قراءة هيجل 
لتاريخ الفلسفة وقراءة ماركس لديموقريطس ٠‏ وقد سمى ذلك برجسون: 


0 1 11 201ع7م مم ع0 أطواننآ : اعد ملة© .0-.8 


49-59 .هم ,6غال 2518051 أه 


0560 ل 


0 تراتى الحاضى فى الماضى «“غ أى. 0 الحركة المتراجعة الحقيقة « وسدماه هوسرل 
)0 المذهج ذو الآثار الرجعية »(55) ل 


7 متغيرات الخض:: ' 


ا وعند قراءة النص ٠‏ لا يذهب القارىء. الى تاريخ الخصوصس مذذ تدوينها 
الأول ليفهم معانيها التاريخية وتطور معانى الألفاظ قاضيا الأيام والسنين 
فى يطون المراجع وأمهات المصادن وقواميس اللغة والموسوعات بل يقرا الخص 
وفى غمضة غين يفهم معناه ويستعمله كحجة ٠‏ النص يبهذا المعنى "ليست امه 
ذوادت إل هو +.جموعة .من المتغيرات » يقرا كل عصر فيه ذفسيه ' ٠‏ فالحصر هو 
الذى يفسر النص فى القسراءة كما أن النص هو الذى يفسر العصي فى 
التدوين ٠‏ ولما كانت الغصور متغيرة جاءت الأفسيرات متغيرة طبقا لها ٠‏ 

وقد تبعد المسنافة للغاية-“يين” النواة: الأولى للذدن ودين قراءته الأخيرة كما من 
حيث حجمه وكيفا. من- حيث (ذعناه: ٠‏ ولا يستطيع التفسير الحرفى للندن 
الأول .الدفاظ على .معنئ. وحيد..للنض لأن. التفسير:. الحرفئ. موت النص 2.٠»‏ 
وايثار للفظ على المعني » وللثبات .على . التغدر » وللسكون على. الحركة. ٠‏ 
التفسير الحرفى لالنصوص هى محاولة لتثديت . الزئبق. بالاصيع فدفر المعنى 
منه خارج القصد ٠‏ وقد يتغور معذى النص دسب الأحدوال الذفسية للقار ىء 
الواحد وحسب الفروق بين الأفراد وتبعا للبينات الثقافية: والحضارات 
والعصور ٠‏ وقد يأخذ النص الواحد معانى مختلفة طبقا اراحل العمر للفرد 
الواحد وطبقا لتجارية المكتسبة حتى ليبدئ النض”"مساوقا وتابعا لتطور الفرد 
فى مراحل:عمره » وكأن أعماق الشعوز“تطابق هفوضوعيا مستويات النص', 
والدقيقة أن النص مجرد قالب :ديتشكل طبقا مستويات الشعور ٠‏ لذلك لا يوجد 
تفسير صسديح وتفسير خاطئء دل يوجد تفسير قصدى سواء فى انتفاء النص 
أى. فى موضوع تطبيقه أو ماسما؟ ''القدماء « المناط » ٠.وليست؛:‏ منناهج 
التفسير الا تبرهرات للذات أمام الثفس وأمام الجماعة وأمام التاريخ (1؟) ٠‏ 


(5؟) ترائى الحاضى فى الماضى 56 تاه غطعة6م ندل عع ةطاتتط عن[ 
الحركة المتراجهة للحقيقة 71 حدق 60206١‏ عه امم عنآ 
المنهج ذى الآثار الرجعية .الام ة-وطاع" 1165006 .ونا 


55 لللقصتطةءفابط .طن 1 1201 11 عتتام علطامقط"' : معدا 1 .11 
مغطط ع0مطغ6 1/1 : عاماوفسم .2 :1969 ,ومو ,2ه1لة 2‏ :453-63 .مم 
1964 ,قاطة12 :[.6.2..آ ,8-24:.زم ,اذه ندل عأممقط"” غه عسواع 610 ممم 


ل 0580 ده 


قراءة النص بهذا المعنى هو ايجاد تطابق بين الحاجة. والنص » بين 
الذات والموضوع ٠‏ فالمعنى يأتى من النفس أولا كحاجة أو رغبة أو أمنية ثم 
تجد مايقابلها فى النص فتتطابق معه وتتشبث به على أنه التفسير الصديح ٠‏ 
فى الظاهر يبدو أن المعنى الموضوعى قد انتقل من النص الى الذهن ٠‏ وفى 
الحقيقة ينتقل المعنى الذاتى من الشعور الى الذص ٠‏ القراءة اذن هى ايجاد 
ماترغب فيه النفس متحققا فى الخارج فتقع فى وهم الحقيقة بمعنى تطابق ‏ 
الرغبة مع النص » واتفاق الحاجة الشخصدية مع السلطة الشرعية ٠‏ 


هذه المتغيرات هى السيب فى وحود النصوص المتشايهة , فالمتشابهات 
كل عصر أحد التفسورات فيرتكن النص عليها كما يرتكن المضلع على أحد 
جوانيه ٠‏ ثم يآتى عصر آخر فيرتكن النص على جانب آخر ٠‏ وهكذا يتقلب 
والثابت هو امكانية تأويل النص طبقا لكل عصر , وكأن هذا التطابق بين 


1 د ثوابت الخص : 


ومع ذلك ٠‏ وبالرغم من هذه الحقائق الموضوعية التى تكشف عن ذاتية 
النص تدوينا وقراءة فانه توجد بعحض الض-سمانات لقراءة « موضوعية » 
وشاملة للنص تتجاوز الذاتية بمعنى الفردية والنسبية وتضارب وجهات النظر 
والشك فى المعانى وانكار الماهيات المستقلة وهو ماسماه القدماء « المحكمات » 
فى مقابل «المتشابهات» أى المعانى الثابتة للنصوص فى مقايل المعانى المتغيرة ٠‏ 
ولا تعنى الموضوعية هنا ارجاع النص الى ملابساته التاريخية التى منها 
نشا بل ايجاد معنى له عام وشامل وثابت ٠‏ مطرد فى الطدبيعة البشرية , 
يدركه كل انسان ببداهته العقلية 2, يظهر فى كل موقف ,2 ويوجد فى كل 
حضارة ٠‏ الموضوعية هنا تطابيق النخذص مع تجربة انسانية عامة ومشتركة 
دين عدد من الأفراك والجماعات والعصور والحضارات ٠‏ وهذا هو الذى 
يسمى فى التراث الغربى المعاصر « الجانب الشمولى للهرمنطيقا » أو « القيمة 


١8ه‏ ب 


الشاملة » أو « المعيارية فى التفسير »("؟) *' ويمكن تخصيص ذلك على 


١‏ بداهة العقل ٠‏ فالمعقل البديهى قادر على رؤية معنى الخص بوضوح 
وتمينز خاصصة اذا كان الشعور فى حالة البراءة الأصلية دون أية دوافع 
الا باعث الحق لاكتشاف تطابق المعنى مع الحاجة ٠‏ يطرب هذا الحدس العقلى 
المبدئى للنص عند عديد من الأفراد » ويظهر لدى كل الشعوب » ويوجد فى 
كل الحضارات ٠‏ وكما قيل « أن العقل هو أعدل الأشياء قسمة بين الناس ٠٠‏ 
وقد قيل أيضدا فى تراثنا القديم « أول ماخلق الل خلق العقل » ٠‏ لا يعنى 
العقل هنا العقل الصورى المجرد بل العقل المرتبط بالمس والوجدان أى بداهة 
الشعور والادساس الطبيعى ٠‏ وهى بداهة فطرية ماقبل التعلم وما بعده , 
عند الأمى والمتعلم على حد سواء ٠‏ وأحيانا تفوق العلم المكتسب وقد تكون 


بديلا عئه ٠‏ 


؟ ‏ اطزاد التجربة البشرية ٠‏ لما كانت المواقف الانسائية واحدة تتكرر 
باستمرار من عصر الى عصر فان هذا الاطراد يصبح كالثوايت بالنسبة ألى 
المتغيرات ٠‏ وكالعموم بالنسبة الى الخصوص ٠‏ هناك قراءات متشابهة 
للنصوص فى كل عصصير وعلى مدى العصور ولكل النصوص بصرف النظر عن 
نوعياتتها ٠.فى‏ كل عصر ثورة على العبودية » ورفض للظلم » ودفاع عن 
الحرية . ودعوة الى المساواة ٠‏ وهذا ماسمته الكتب المقدسة « التوحيد » 
وما أطلق عليه الفلاسفة « القيم » أو « المثل » ٠‏ 


"' - منطق اللغة ٠‏ لما كان النص منطوقا مدونا بلغة معينة . وكان لكل 
لغة فقهها ومنطقها فان معرفة فقه اللفة التى كتب بها النص تكون أحد المداخل 
لقراءته وفهم معناه ٠‏ وتكون قراءة النص عامة بقدر عموم فقه اللغة التى. 





(10؟) التعبير الأول لدى جاداما , والتعبيران الثانى والثالث لأمسلك :' 2 

: 816506 غه 6غاصة 7 : "مم05 .0-.81 

:330-427 .02 ,016 1اتتعصةسمضعط'1 ع0 لدقتء امنا أععممة'1 ,3-0 

«6متطعط 7016م 86 ,11 : عالبرع“7مصيمه 06 خعونآ : “اعصطلة30 .11.0 
-220 .22 ,10116ناعطة لفط 6صنة17051م تدك 6 11جقطة 1ص لامآ .1 ,عدو تاماعد 
أء قعطلع 01 : تإعطخكاطط .17 68-81 .ززم كك .مه : عأعاعقمة .2.14 :40 
1 .7 ناته .م0 : تإعط لام ,7797 : 12 رعنانو أ ناع 6ص سعط '1 ع0 امعمعدرماء:106 
9 1.0 


62752 د 


مثلا ٠‏ وفى قراءة النصوص القديمة يشترط الاعتماد على معاجم تاريخ اللغة 
وتطور معائدها معرفة معانى الألفاظط الأولى فى عصورها القديمة 1 


واذا كان لكل لفظ ثلاث معان : الاشتقاقى والاصطلاحى والعرفى فان 
التداية فئ“قهم النص هو للمعنى الاشتقاقى الذئ يربط بين اللغة والواقع 
والفكر ٠.فاللغة‏ تديل الى الوجود , والوجود تجربة معاشة توحى بالمعنى ٠‏ 
لذلك كأن التفسيز اللغوئ بداية التفسير الاهءطلاحى ٠‏ وكلاهما مدكوم 
بالتفسير العرفى أى باستعمال اللفظ ٠‏ المعنئ: الاشتقاقى هى الثابت لأنه 
أضل: اللفة والمعنى ‏ العرفى هو المتغير .نظرا اتغير الأعراف ولاستهمالات 
المختلفة للقظ عبر العصور ٠‏ والمعنى الاضصطلاحى هى هحاولة:الجمم دين 
المعنيين » بين الثنابت ‏ :وامتغير , الأصل والفرع * وهنا تبدى أهمية نقد 
النصوص والعثور على الوحدات الأولى النص بلغتها الأصلية ٠‏ فالترجمات 
فراءات جديدة تفقد المعانى الاشتقاقية للألفاظ الأصلية ٠‏ والعرف بدون لغة 
مجرد استسلام للاستعمالات الجارية ٠‏ ونقد النصوص باللجؤء الى العرف 
هو ترك طرف ودمسك بطرف آخر ٠‏ تضحية ة بالأصل من أجل الفرع نظرا لضياع 
الأضل وعدم تدوين الأقوال الأولئ بلغتها 'الأصلية(8؟) ٠‏ 


'ونالاضافة الى منطق.: الألفاظ هناك منطق السياق أو كما قال القدماء 
فندوى القغطاب ولخن الخطاب ومفاهيم الموافقة والمخالفة ٠‏ فالمئنى لا يظهز 
فقط فى اللفظ ولكن فى علاقات الألفاظ وتركيب الجملة وأساليب التعبير فى 
التقديم والتأخير والاختيار بين المترادفات ٠‏ فللألفاظ أصوات وأشكال ومعان 
وتراكيب ٠‏ ولكل مذها فرع فى علوم اللغة(59) ٠‏ 





لس صم ناع 10216 ,111 : 8165006 ذه غناصة7 : «اعصده0 3 .0-.21 
بع28ناع2ة1 11 0201116 15 50118 0116 لاع ط6سصتختعط "1 46 عتتواتعه1مغخص0 
:7 011 قاع ماع12 8101161 02 مع [متعصاعط : 1#مطعاعءظ .1 :229-342 .جرم 
1 أله .م0 :تإطع .1 6-122 .2زم ,طم لطوعع"درمع غاص : اوم ااه سصطوم0 

1 315-41 .ززم ,11 418-327 .مم :36-8 .مر 

(59) الأصوات 22020108 ؛ علم الاشكال 1107010108[7, ٠‏ علم المعائى 


لإططةم 60 هنآ : ,نجع م 1م161 , علم التراكيب ‏ 83706856 أنظن أيضا © ' 
[114-58 .مم ,كته .م0 : دس اعط 11 0-5 


08 


الموقف الأولى ٠‏ لما كان النص تدوينا لموقف وتسجيلا نددث ورد. 
فعل عليه فائه لا يفهم الا بارجاعه الى الموقف الأول الذى منه نشأ وعنه 
صدر ٠‏ فالنصوص مواقف قفكزية * واتجاهات جماعات بشرية نحى الأحداث 
التى مرت بها » رد فعل عليها أى توجيه لها. . تقدم حلولا لمشاكلها ٠‏ اذن 
لا يمكن فهم النصوص الا بالرجوع الى هذه المشاكل الأولى: التى استدعت 
حلولا تم تدوينها فى النصوص ٠‏ وهذا هاسمى فى تراثنا .القديم « أسياب 
النزول » ٠‏ النص بلا موقف صورة بلا مضمون , غطاء بلا آنية ٠»‏ لفظ بلا 
معنى ٠»‏ روح بلا جسد ٠‏ تعنى أسباب النزول أولوية الواقع على الفكر الى 
أولوية الموقف على النص ٠‏ فالموقف سادق على النص لأنه مصدره » والنص 
تضوير وثدوين له ٠‏ وبالتالى يفسر النص بالرجوع الى هذه المؤاقف الأولى ٠‏ 
ليس النص تعبيرا بلا أرض ولا وطن بل :هى تسدجيل موقف , وافران' غضر ٠‏ 
وهو مايسمى فى علم الأخلاق الغربى « أخلاق المواقف » أى فى “الفلسفة 
الغربية المعاصرة « المواقف المصددة: » ٠‏ ويكون العيب الرئيسى فى المناهج 
التقليدية فى التفسير هو اعتبار النصوص مكتفية بذاتها » فغلقة على نفسها , 
لا تحتاج الى واقع نشير الينه ٠‏ وبالتالى تقع فى الخرفية والقطعينة: 
والشيئية ( ٠ )5١‏ 


4 - الاحالة الى الذات : 

ان نظرية المعانى الأربعة للكتساب اللمقدس التى اشتهرت فى العصصر 
الوسيط الأوربى من خلال التراث المسيدى الكنسى انما تدور كلها حول الصراع 
بين المعنى الظاهرى الحرقى والمعنى 'الباطنى الروحى ‏ للتنص مثل الصمراع 
الذى نشا بين التنزيل والتأويل ٠‏ بين الفقهاء والصوفية فى ترأثنا القديم ٠‏ 
فالتفسير الحرفى تضحية بالمدنى من أجل الحفاظ على اللفظ مما أدى الى 
الوقوع فى التجسيم والتشبيه ٠‏ والتفسبير الزمزى هو حفاظ على المعنئ 





اكيرة كخلاق المواقف 112108 5161126101881 ,المواقفالمحددة تك عل تساء1 

113-33 .2م ,510585هاعمط6 1ط لوع 1م8151 كك .م0 : #مطعاصء85 .1 

25-٠‏ .هزم 1 ناته .م0 : اودع ككل 

أنظر أيضا : دغ حسن حذفى : ماذا دذمنى أسباب : النزول ؟ رون اليوسف 0 
رمضان ٠ ١١64‏ 


والتضحية باللفظ كرد فعل على التفسير الأول حرصا على التنزيه ٠‏ أما المعثى 
الصوفى الاشراقى فهو المعنى الذى يهدف الى الارتقاء بالروح والعروج بها 
الى أعلى من أجل رؤية الحقائق فى الملا الأعلى والتى تتحول الى أشياء 
وعقائد بديلة عن العالم ٠‏ وأخيرا , المعنى الأخلاقى أو الموضوعى فهو المعنى 
الأكثر ارتباط بالانسان وسلوكه وقيمه ؛ يحاول العودة بالنص الى العالم ٠‏ 
فاذا كان المعنيان الأوليان: الحرفى والرمزى يمثلان جدل التشبيه والتنزيه 
فان المعنيين الأخريين 2 الصوفى والأخلاقى يمثلان جدل الأ والانسان »2 
العقائد والأخلاق(١؟) ٠‏ 


اما التفسيرات الحقائدية فانهااً يضا تجعل النص مصدرا لحقائق قطعية 
منغلقة على ذاتها » منفصلة » عن العالم . وتخلق عالما بديلا من الوهم وتخلق 
موقف الاغتراب ٠‏ فالعقائد ليست أشياء أو وقائّع بل هى أسس لتصورات 
العالم وبواعث على السلوك ٠‏ ليست بديلا. عن العالم بل تنظير له , كما هى 
الحال فى النظريات والمذاهب والايديولوجيات ٠‏ يهدف التفسير ٠‏ العقائدى 
للنصوص الى الخروج من العالم الطبيعى الى عالم مافوق الطبيعة وبالتالى 
يتحول الواقع الى وهم , والحقيقة الى زيف ٠‏ وقد حدث ذلك فى التفسيرات 
الكاثوليكية والأشعرية(؟7) ٠‏ 





)١(‏ المعنى الحرفى لوندة غلا قصعه عنآ, المعنى الرمزى 311680610116 858 ©6آ 
المعنى الروحى 6 56258 عنآ ٠‏ المعنى الأخلاقى 
1 2207211 856128 ع[ 
-1طع1'182 06 قدع5 16أقيان 5عآ :181601698164 عوغع1:26 : عقطنارآ 06 اده 
-12161 لوعتاطاظ : مسسعظ مسلا8 1959-64 ,قلعو ,لاعلطس4 ,علآ0؟ 4 ,عمنا 
5-0 .22 ,1]168اعتلع مم8 : 1 وم لقاعم 
فقة عط : ع[طن8 عط 2ه صمتطواة 2م1216 أموغوه 20 : تسطوظ .8 
-1836م قصة لأهطة 0670 فط :163-84 .رم رعاطلظ عط 06 عقن أهستساءه0 
لطع م1 : بإتتعطصع11ه00 .1.85 :185-200 .جزم بعاطلظ عط 2ه عهن 6081 
1 ع5 عدأ ته810 معاع 1 آ1مط56 .0 عططوول 57 .مصمط1 زعاطا8 عطا عستاممم 
م1 .: 16طوكالة .5 :1968 ,.8].5 ,ووه 6ه لاوط 08 خا 
:62120 .ا :125-30 .مم ر©011 عط مطععط "1 06 مناوتعمامغط عسصتغاطهمم 
عط" : 11ئهء]5 .8 133-666 .زم ,ممتاهاء«م«عاصذ لوعتع10معط"1 ,كه .م0 
02001كط ,022010 ,1801-1961 كختلعصسوؤوع"1 81677 عط 2ه درماطواع نم نعاصا 
طم ,قسطقصطة18 ,صم ه5691 عسناء ممع م1 : لإعصصع .30.0 :19783 
00 ,شةتنا ,.طعالقة ,وعء10ممظ 


ب 080 سه 


أما التفسير الطبيعى الذى يهتمد على نتائج العلوم الطبيعية ويقرة 
من خلالها النص فانه يقوم على احساس بالنقص أمام العلم الطبيعى ٠‏ فالظن 
لا يغنى عن اليقين . والأهواء والانفعالات لا تقاس بالوقائع والحقائق 
كما آنه نوع من الدعاية الخطابية بأن الدين يتخلف عن العلم وبالتالى تطمئن 
العامة الى جهلها ؤينشا فريق -للتكسب بالبرامج الدينية العلمية ٠‏ والحقيقة 
أن هذا التفسير يجعل -القيادة والريادة للعلم » والدين مجزد لاحق وتابع ٠‏ 
تضيع ثوابت الأديان أمام 'متغيرات العلم.» ويقضى على وحدة الأديان أمام 
اختلاف العلماء ٠‏ ويظل العلم متميزا بمنهج الاكتشاف ويقتصر الدين. على 
منهج التبرير » التفسير الطبيعى النصوص الديذية لا هو علم ولا هو تفسير 
بل مجرد خداع ووهم يكون الدين فيه هو الضحية ٠‏ العلوم الطبيعية مستقلة 
بذاتها من حوث هى علوم ونظريات ولى أن قراءة النص الدينى أو الأدبى 
قد تكون باعثا على التوجه ندو الطبيعة أو مثيرا للذيال العلمى ٠‏ وقد تكون 
قراءة الطبيعة قراءة مباشرة باعتبارها آيات أكثر غلمية من العلوم الطبيعية 
لأن هذه القراءة تحيل. الى المعنى والمعنى مقروء فئ النص ٠‏ فالآية واحدة »2 
أية نصية أو آية طبيعية(؟5) ٠‏ 


ذقد استطاعت العصور الغربية الحديثة هنذ رتشل وشليرماخر ودلتاى 

حتى دولتمان وهيدجر وايدلنج وفوكس وأوط وبابنبرج اكتشاف عالم الذات »2 
وأصبح علم التفسير جامعا أمعدة علوم مثل علم النفس وعلم اللغة وعلم 
الاجتماع 2 كما أصديح عصدأ انظريات المصرفة والوجود والقدم على حد 
سدو اع ٠‏ أأصديحدت مهمة علم. التفسير اقامة جسيور دين الله والانسان 2 ددن 
الماضى والحاضي » ددن الذات والموضوع دضن اللفظ والمعنى ٠‏ دين العلم والدين, 
دين الأسطورة والواقع. , دين الكتاب المقبسنى والدعاية لا فرق فى ذلك دين 
نص أدبى أو نص ل وشى *. وتم اكتشاف /الوريجود الانسائى باعتبارة تفسديرا 
يرجم اليه. تفسير النص ٠‏ كما ثم اكتشاف العالم للذاتى باعتياره موطن 
التفسير القادر على تأويل الأساطير(5؟) ٠‏ ولقراءة النص مراحل عدة تبدً 
اققة عتاوطاسوة قصهة مع1ه0 مطيرق ركه .07 : دعواإعطء841 .8م 
265-989 .2م ,36610118 

فانة 87 2161662 ,الاش مت انا ,تزع ط تدا ١‏ ,تتعطعة طصدعلع5020 بلطم اتا 
تلمع راك .م0 : معاوة8 .1ل رعنعط تعدروو2 011 ,ماعتن1 ,عستاعمطئا 


( دراسات فلسفية ) 


-65ه6 ب 


دالذات ودذتهى بالموضوع 2 تبدأ دالداخل 8 وتندهى بالخارج على النمو 
التالى : 


١‏ الالتزام بموقف ٠‏ كل قراءة تبدا بمعرفة شىء ما > معرفة مايمتاجه 
القارىء أولا » ماذا يريد أن يقرا فى النص » ومان! يريد النص أن يقول له ٠‏ 
فالقارىء هو الذى يقر؟ النص ٠»‏ وهو الذى يعطيه دلالته ٠‏ والنص يتجاوب 
معه نظرا لاشتباهاته وأوجهه ٠‏ وبالتالى فان القراءة غير الموجهة تحصيل 
حاصل لا تؤدى الى معنى لأن القارىء يقرا من. غير أن يوجه النص نحو معنى 
معين لتحقيق. هبف ٠‏ فالمعنى هدف قبل التحقق »2 والهدف معنى متحقق ٠‏ 
القراءة اذن موقف ٠‏ والقارىء صاحب موقف ٠‏ وفى هذه الحالة يصبح 
النص دالا ذا معنى ٠‏ قراءة النص بلا موقف والتى تؤدى الى تحصيل 
الحاصل هى القراءة الغالبة على معظم الخطاب الدينى الرسمى لأنها مجرد 
ملا فراغ واشغال وقت وتنفيذ مهمة رسمية وأداء وظيفة حكومية ٠‏ هى ايهام 
الذاس بأن القارىء يقول شيئا وهو لا يقول شيئا ٠‏ وهى خداع للمصلين بأن 
مايقوله يأتى من النص الموضوعى وهى لا يأتى منه لأنه فى هذه الدالة لا شثىء 
يأتى من الذات أولا باستثناء اهواء مثل الخوف والجبن والتكسب بالدين ٠‏ 
هذه المعرفة المسبقة الخرورية لتفسير النص ليست أحكاما مسبقة ولا أهواء 
بشرية ولا آراء شخصية بل يمكن أن يكون لها قدر من العموم والموضوعية 
تتجاوز النسبية والشخصية , أشبه بالمصالح العامة وبداهات العقول (ه") ٠‏ 


؟ - التعبير عن مضالح الناس ٠‏ اذا كانت القراءة تستديل دون 
الالتزام بموقف فان السؤال بعد ذلك باى موقف يكون الالتزام ولصالح من ؟ 
وكا كان النص موضوعا لصالح الغالبية العظمى من الناس خاصة النص 
الدينى والنص القانونى فان.تفسيره يكون لصالح هذه الأغلبية نفسها ٠‏ 





لوخ ناعم مععط بول : 1230-7 بم ,لسممطايد 10 معطعمسععاعاءم 
137-47 .جزم ,قدمتتامه 

-68 .زم رم متعتكه1ه طاتجصطء12 ع برعمطامطا117 كك .م0 : معواعطاء8]1 .طلم 
وغ 

) يري جاداما أن الأحكام المسبقة هى شرط الفهم 038081206 .11-0 
115-30 .ررم ,عنمطغ146 غه 176516 


أ-ا667 سه 


واذا كان النص سلطة '., وكانت السسلطة نوعان » سلطة الحناكم وسلطة 
المحكومين , وكانذت: سدلطة الحاكم مستمدة من سسلطة المحكومين لكونها عقد 
وبيعة. واختيار فان تفسير النص يكون بالضرورة: لسلطة المحكومين مضدر 
ساطة الحاكم ٠‏ وأذا ما اختلفت السلطتان » وعبرت سلطة الحاكم عن' ارادثه 
المشدخصة أو عن فئته أو طدقته فان سلطة المحكومين تتمايز ءنها وتقف أمامها ١‏ 
فتكون فى المجتمع سلطتان .. كل منها تدعى الشرعية وتقرا النص -لصالحها  ٠‏ 

ونا كان الحاكم له فقهاؤه يفسرون النص لحسايه ظهر فقهاء .الممكوهين يقراون 
الخص دفاعنا عن مصالح الناس: ٠‏ فالصراع بين فقهاء السسدلطان وفقهساء 
الجمهور هو فى الحقيقة صراع بين سلطتين ٠‏ وبااتالى تكشف معارك التفسير 
للنصوص عن المعارك السياسية والاجتماعية فى الدولة ,2 وكما. هى واقع 
حاليا فى الصراع الدائر بين علمانية الحاكم ودينية المحكومين ٠‏ ومن هذه 
القاعدة العريذة نشأت فى تراثنا القديم قواعد فقهية مساندة مثل « مارآه 
المسلمون حسن فهو عند الله حسن » » « لا ضرر ولا ضرأن » » « المصلحة 
أساس الشرع » ء درا المضار مقدم على جلب المنافع » ٠٠١‏ الخ ٠‏ لذلك 
ارتبطت مناهج التفسير بالحركة الاصلاحية والحركات الاجتماعية فظهرت 
قراءات النص الدينى متمركزة حول الانسان والطبيعة لصالح الناس فى 
مقابل قراءة أخرى له متمركزة حول الله والكنيسة لصالح الحاكم(5) ٠‏ 


لغة الواقع الاحصائى ٠‏ قد تكون القراءة تفسيرا للنصوض ولكذها 
قد تكون أيضا تفسيرا للظواهر الاجتماعية والطبيعية طبقا للمعنى الاشتقاقى 
لكلمة « آية » التى تعنى نصا لغويا مسموعا وظاهرة طبيعية مرئية ٠‏ وكلاهما 
قراءة » قراءة النص لغويا , وقراءة المجتمع سياسيا 2 وقراءة الطبيعة 
علميا ٠‏ هنا تديل اللغة الى المجتمع والى الوجود ٠‏ ويتدول النص من 
منطوق مدون الى واقع مرئى ٠‏ ويتم الفهم عن طريق تطابق النص والواقع 
فى التجربة المعاشة فتتحدد الدلالتان . دلالة النص اللغوية ودلالة الواقع 





(5") هذا باجماع الفقهاء خاصة فى أصول الفقه المالكى وعند الطوفي من فقهاء 
الأندلس ؛ أنظر د١٠‏ حسن حنفى » مناهج التفسير ومصالح الأآمة , الجزائر .. 1541 2 
وأيضا : 

ذ تتلسمتهقط ملاظ طأ تلمتأةأع:م 111212 102 متاطمكعظ : جرمعمع 0 جم .. 8177 
55-58 .2زم أل . .00 : صعساعط81 .طلم :851-93 .ص7 رقنا ءمعممع11 


م055 - 


المرئية ٠‏ فالواقع هو المفسس للنص والمحدد لأوجهه التى يرتكن عليها ٠‏ 
والواقع الاحصائى أقرب الى تحديد العلل الاجتماعية والطبيعية من الوجود 
ككل. خشية الوقوع فى اءيتافيزيقا الخالصة والتأملات النظرية ٠‏ فالخص 
اقتضاء فعل , وأمر يتطلب طاعة , وتوجه نحو العالم لا خارجا عنه ٠‏ لذاك 
ارتدطت قراءة النص بالعلوم الاجتماعية لأنها هى التى تعطى معارف العصصر 
وحركة المجتمعات ٠‏ كما ارتبطت القراءة بالأيديولوجيات باءتبارها نظريات 
الحركة الاجتماعية ومناهج التطور الاجتماعى(7؟) ٠‏ وتلك آخر مراحل 
التفسير. . التفسير العملى بمعنى تدول النص الى واقع ٠‏ واللغة الى حركة 
كما يسمى لاعب الكمان « مفسرا » عندما يعزف النوتة الموسيقية وكما سدمت 
عائشة الرسول عندما كان يتهجد قائما ليلا « ماولا » للقرآن ٠‏ 


9 ب خاتمة : القراءة ابداع : 


تبدى قراءة النص وكانها تفكير على الماضى وشروح على متون وتهميش 
علئ نصوص قديمة وبالتاللى فهى أقرب الى التقليد منها الى الابداع وكان 
الابداع يتم وهى مقطوع الصصلة بالجذور ٠‏ والحقيقة أنه لا ابداع دون 
مصاذر ٠»‏ ودون تطوير لبذور أولى » ودون تذويع على أشكال سابقة ٠‏ فلولا 
سقراط نما كان اقلاطون ». ولولا أفلاطون لما كان أرسطو ٠‏ ولولا هيجل لما كان 
مأركس أى فيورياخ ٠‏ ولولا هايدن لما كان موتسارت ؛ ولولا موتسارت لما كان 
بيتهوفن ٠‏ ولولا الفارابى ما كان ابن باجة » ولولا ابن سينا لما كان ابن طفيل ٠‏ 
لذلك يبدا المبدعون بتقليد سابقيهم حتى يستقلوا باسلوبهم » ويتميزون بآدائهم 
ذيما بعد ٠‏ 


وان لم ينشا الابداع من شىء ما ولم يكن قراءة لالقديم وتدريبا عليه 
فانه يتحول الى تقليد لنص آخر من تراث آخر فينشا التقليد مع وهم الابداع ٠‏ 
وبالتالى تقغ الازدواجية فى فكر الأمة وفنها وقواذينها بل وتاريخها ٠‏ يظل 
الفكر والفن والتاريخ والقانون القديم تقليديا مدافظا وينغلق على نفسه 


(/9) أطعتطعقه اع مهلكا ,11 : عقم طاغلا كه فنصة 7 : «تعحط ه020 .282-.0 
-50013 950162065 145 عطق0 لهذم طعط76مصدمن) 6خلصة 12 ع0 عنصن اط0م 1ل 
103-60 .نزم رعو[ 


8غ8ه06 ب 


لأنه لم يخضع للتطوير عن طريق القراءة ٠‏ ويتجاور معه تقليد آخر بوهم 
الابداع وداسم التجديد ٠‏ 


لذلك ٠‏ كانت قراءة النص أفضيل منهج للتربية والمران فى الفكر والفن , 
يعكف من خلالها المبدع على روحه المدون فى النصوص. ويتعرف على تاريخه »2 
ويكتشف قانون مساره ٠‏ فعندما يدرك تطور ماضيه ويشعر بنقص حاضره 
يقرأ النص فيرى رواسب الماضى فى الحاضر ٠»‏ ويرى مكونات الحاضر فى 
الماضى ٠‏ فى القراءة يحدث التفاعل بين القديم والجديد ٠‏ بين المبدع وعصره. 
فتذشا ابداعات لا ذهاية لها , ويتم الحفاظ على وحدة الأمة فى التاريخ (8؟) ٠‏ 


اليلة دخ حسن حنفى : التراث والتجديد 2 موقفنا من التراث القديم 


علم المستقبليات 
( عالم الغد بين الأمس واليوم ) 


أولا ‏ مقدمة : 


لقد آن الأوان للأمة أن تكتشف مسارها فى التاريخ » وأن تنتقل من 
الرجوع الى ماضيها الى الاتجاه نحو مستقيلها دون أن يكون ذلك الانتقال 
تذكرا اراديا لحاضرها وتناسيا مقصود! له أى تعويضا لاشعوريا وهرويا 
وجدانيا من أزمات العصر ٠‏ والرجوع الى الماضى أو الاتجاه ذحو المستقبل 
قد يكون موقفا مرضيا اذا كان فيه تجاهل للحاضر وهروب منه وعزاء عنه 
ونسيان له وتعويض عنه ٠‏ وقد يكون موقفا صحيحا اذ! كان الغرض منه 
البحث عن الجذور التاريخية لأزمات الدصر حتى يمكن حلها من أساسها 
أو التخطيط المستقبل والاعداد له حتى لا نقع فى التخبط والعشوائية والتردد 
والديرة ٠»‏ فنقدم رجلا ونؤذر أخرى » وذكون مثل رجل ديكارت التائه فى 
الصحراء الذى دغير اتجاهه دوامها دون أن يصل الى غايته فيهلك(١) ٠‏ 


وان كثيرا هن مشاكلنا اليوم لتتعقد أكثر فاكثر نظرا لتراكمها 
واشتدادها لعدم قدرتنا على التنيق بها قبل وقوعها والاعداد لها ٠‏ فكثيرا 
ماتركنا المشاكل تتفاقم حتى تحولت الى أزمات ومصائب وبلاء وكرب 2 
وطلبنا العون والغوث ٠‏ لم تكن لدينا خطط طويلة الأمد قادرة على احتواء 
المشاكل وتدارك الأزمات ٠‏ لذلك تعثرت الحلول » وضاقت السبل ٠‏ ولم يعد 
الناس يصدقون الخلاص القريب ٠‏ وفى نفس الوقت يواجهنا عدى يخطط منذ 
أمد بعيد لاحتلال الأرض لهحوالى قرن من الزمان منذ نشأة الصهيونية 


كتب هذ! البحث عام 194١‏ كدراءسة افتتاحية لمجلة « عالم الغد » التى كاذت 
الفكر » ٠‏ ولكن يبدى أن عرض الثقافة الغربية ونشرها خارج حدودها هو الذى 
تخلب على ابداع الفكر المستقل ٠‏ 

)3 حسن حنلقفى : الجذور التاريخية لأزمة الجرية والددموقراطية فى وجداذذا 
المعاص , المستقيبل العربى 2 يناير ٠.‏ وأيضا »0 الدين والثورة فى مصر ؟159560 ب 
0 »ء, )١(‏ فى الثقافة الوطنية . الفصل الثانى : الدين والتحرر الثقافى ٠‏ 


62١ ص‎ 


امه 


السياسية حثى احتلال فلسطين كلها ٠‏ وقد كذا أقدر على ذلك التخطيط 
والاعداد الدفاع عن البلاد ولدينا تاريخ الأذيياء » ونزول الوحى على فترات ٠‏ 
ولكذنا عشنا خارج التاريخ وخاريج الزمان » نطلب الخلاص منه اذا وجدنا 
أنفسنا فيه سواء بالموعود أو التمذيات أى بالتعويض والايهام ٠‏ 


ان أهمية « الدراسات المستقبلية » فى حياتنا لا ترجم الى تقايدنا 
الغرب والى اقتفائنا لأثره والا كنا مقلدين ذننقل آخر صيحات ١‏ الموضة , 
الذكرية , ان تركها الغرب تركناها واذا أخذ الغرب غيرها أخذناها ٠‏ 
وتكون الدراسات المستقبلية فى هذه الحالة أشبه بما روجنا له من قبل من 
مذاهب ومناهج غربية مثل الوجودية والبنائية والمنهج: العلمى والمنهج 
الاجتماعى ٠٠١‏ الخ . وبالتالى لن تؤثر فى حياتنا ولن تساعدنا على التخول 
من الماضى والاتجاه نحو المستقبل اعداد! وتخطيطا ومسار! ٠‏ انما ترجم 
الدراسات المستقبلية الى ضرورة ملحة فى حياتنا وهو حساب المستقبل 
والتذيق بمشاكله وتوقعها واعداد الحلول لها قبل تفاقمها وعصيانها: عن 
أى حلول وتحولها الى أزمات طاحنة تعصف بأجيال بأكملها وتحول مجرى 
التاريخ ٠‏ وهذا دأتى بزرع الدراسات المستقبلية واكتشاف جذورها 2 
والقضاء على معوقاتها وتاصيلها » وبعثها من تاريخ الأمة وحضارتها حتى 
تكون لها فاعليتها وأثرها فى وجدان العصر ٠‏ 


والدراسات المستقباية تدخل فى اطار أعم وأشمل وهى « الاستراتيجية 
الدضارية » والا تخولت الأولى الى مجرد حسايات عن نضب الثروات »2 
وتزاكم رؤوس الأموال ٠‏ وبحث عن الأسواق الجديدة لد الغرب بأكبر قدر 
ممكن من المعلومات عن مصادر الطاقة والمواد الأولية فى المذاطق خارج 
حدود الغرب التى يعيش عليها الغرب تاريخدا واقتصاديا وسدياسيا ٠‏ انما 
الاستراتيجية الحضارية هى التى تضعها الشع وب غير الأوربية بفضل 
علمائها الوطنيين لتحديد مسارها التاريخى والتعرف على مكونات ماضيها 
الحضارى سليا وايجابا من أجل العودة الى أصالتها التاريذية ومنطقتها 
الحضارية » ووضدع خطة للتنمية الحضارية الشاملة فى مواجهة الغرب وليس 
لحسايه » ولمصالح الشعوب التى استهمرها الغرب طويلا وليس ضدها(؟) ٠‏ 


6 ل * أثور عيد الملك : ليخدم ماهو أجذبى ماهو عردى 2 الاحياء العربى 
٠ 14‏ 


7م66 ب 
ثاذدا ‏ الاتجاه نحو الماضى والاعءداد للمستقيل فى ذراثذا القدرم : 


لا كانت الدراسات الاستقبلية لا تنشا فى فراغ فقد ارتدطت فى التراث 
الغربى بفلسفة التاريخ فانها أيضا لا يمكن أن تنشا فى وجدائنا المعاصر من 
فراغ حيث لا يوجد بعد الزمان أو التاريخ فى وعينا القومى ٠‏ كما أنها 
لا يمكن أن تنش من تقليد الغرب ونقل اتجاهاته وترجمتها لأنها حينئذ تكون 
مجتثة الجذور ٠‏ تنتهى بانتهاء الموضة , ولا تحدث أى أثر فى حياتنا بل 
وقد تحدث الأثر المضاد وهو الايهام باكتشاف المستقيل 2 وهى فى الحقيقة 
غائب وضدائع ٠‏ وكما استطاع الغرب اكتشاف المستقبل وصنياغة مفهوم التقدم. 
وفلسقات التاريخ ادتداء من الدبحث فى الماضى واكتشاف أصوله فيه فاننا 
أيضا اذا أردنا البحث من جذور للاتجاه نحو المستقبل فى تراثنا القديم 
حتى يمكذنا تنذديتها وتطويرها الى دراسات مستقباية فانه يمكن الءثور عليها 
فى علومنا القديمة خاصة العلوم النقلية العقلية مثل أصدمول الدين واأصول 
الفقه وعلوم الحكمة وعلوم التصوف وفى بعض العلوم النقلية مثل علوم 
القرآن والحديث والتفسير. والسيرة والفقه أى فى العلوم العقلية الخالصة 
مثل الحساب والهندسة وال موسيقى والفلك أو فى العلوم الطبيوية مثل الطبيعة 
والكيمياء أى فى العلوم الانسانية مثل اللغة والأدب والجغرافيا والتاريخ (5) ٠‏ 


١‏ ففى علم أصبول الدين اذ! كان الاتجاه ذحو الماضئى قد ظهر فى 
مبحث الثبوة فان الاتجاه ذحو المستقبل قد ظهر فى مبحث المعاد » وكلاهما 
من السدمعيات اجابة على سوال : ماذا ديحدث للانسان يعد الموت ؟ وكانت 
الاجاية بطبيعة الحال فناء الأبدان وبعثها ويقاء الأرواح ومعادها نظرا 
لتمايز النفس عن البدن ٠‏ لقد شغل القدماء أنفسهم دبكيفية وضع حد لنهاية 
الزمان وكيفية موت الانسان بالسيف أم بانتهاء الأجل الذى يأتى بغتة دون 
أى امكانية لحسابه ٠‏ وهذا يجعل الانسان على استعداد دائم للرحيل « اعمل 
لدنياك كأنك تعيش أيدا » واعمل لآخرتك كانك تموت غدا » ٠‏ فالنهاية ليست 
نهائية بل هناك استمرار نحو المستقبل » وحياة مستقيلية لا تنتهى بانتهاء 
الحياة الدنيا بل تستمر فى الحياة الأخروية « وتؤثرون الحياة الدذينا 





[فة ل' حسن حنفى : التراث والتجددد : موقفنا من التراث القديم ص ا 
07 , المركز العربى للبحث والنشر , القاهرة ٠ ١98١‏ 


98ه هس 


والآخرة خير وأبقى » ٠‏ كما شغل القدماء أنفسهم بعذاب القبر وضغطته : 
وبحساب الملكين نكر ونكير » وبتحليل الجسد كله الا « عجب الذذب » التى 
تدقى بلا تحلل ومنها يبدا البعث والنشور وحياة المستقيل ! كما فصل القدماء 
فى شرائط الساعة وعلاماتها مثل نزول المسيح الدجال وقتل المسيح عيسى 
بن مريم له ء وشروق الشمس من المغرب وغروبها من المشرق 2 وخروج 
الداية هن. جدرها ٠‏ والحرب بين يأجوج وماجوج مما يدل على اضطراب 
قوانين الطبيعة وعجز الانسان عن السيطرة عليها والتذبق بمسارها لما كان 
موقف الانسان فى العالم هو السيطرة عليها والتنبق بحوادثها ٠‏ فاذا حان. 
الحساب يقدم الانسان أفعاله ويجد كل ماقدم أمامه محضيرا ٠‏ فالحاضر 
يمهد للمستقبل » والماضى لم يمت بل يديا من جديد فى المستقبل ويحكم على 
حاضر الانسان الأبدى . وحياة الانسان مسيتمرة لا توقف فيها 2 يحدد 
ماضيها ‏ .حاضرها ومستقيلها ٠‏ فاذا كانت المحصلة 'النهائية لعمر الانسان 
انما تتحدد نتيجة لأعماله ايجابا أم سلبا . خلاصا أم هلاكا "فان ذلك يدفع 
الاننان لحسن الاستهداد للمستقيل . ويجدل المستقيل همه الأول ولكذه 
لسوء الحظ مستقبل خارج الدنيا يتجاوز الزمان ٠‏ ان عملية الحساب ذاتها 
تتم وفقا لقانون وليست طبقا للأهواء والانفعالات مما يجعل موقف المعتزلة , 
أهل العدل والتوحيد ٠‏ أكثر قدرة على تأصيل الاتجاه نحو المستقبل من: 
الأشاعرة الذين يؤمنون بالشفاعة ٠‏ ويغلب على هذه القوانين ذفسها الطابع 
الحسابى الرياخئ العقلى مثل قواذين الاحباط والتكفير ٠‏ والاستحقاق 
والعوض مما يجعل حساب الاحتمالات ممكنا ٠‏ وكان الميزان رمز الدساب ٠‏ 
وينكر المءتزلة الصراط الذى يسير عليه من تتساوى حسناتهم مع سيئاتهم 
فيسقطون فى الجنة أو فى النار عشوائيا ومصادفة بلا قوائنين للاحتمال 
أى للترجيح (4) ٠‏ 


٠ 1956 القاهرة‎ 

الجوينى : الارشاد ص هلالا 58١0‏ , الخانجى , القاهرة ٠ ١96٠‏ 

الغزالى : الاقتصاد فى الاعتقاكد .. ص لا١٠  ١١8‏ ء صبيح , القاهرة ( بدون 
تاريخ ) ٠‏ 

الايمى : المواقف ص الا 586 2 المثنى ' بغخداد | بدون تاريخ ( ٠‏ 


كما ظهر بعد المستقيل فى تصصور أوصاف الله وصفاده 2 فال بالاضافة 
الى أنه قُديم هفى داق وهى كل الزمان لا أول له ولا آخر 2 لا دد'اية له ولا 
ذهادة 7 يعلم مادكون ومالا يكون 7 دضدم الماضى والحاضر والمستقيل: 0 بل أن 
الكرامية تصورته على أنه محل للحوادث ٠.‏ متجدد باستمرار » « كل دوم 
شو فى شان » مهمأ يوحى بأمكانية اعطاء الأولوية للجدين على القديم 2 
لا يخضع الا لارادات مشخصية مطلقة بلا قانون وبلا هدف .٠‏ كما ظهر المستقبل 
أرضا فى الطبيعيات .فى نظرية التوايد عند المعتزلة ومسئولية الانسان عن 
نتائج افعاله فى المستقبل.مما دفع علماء المسلمين .الى حساب المستقيل 
وحركات القذائف ٠‏ فالانسان لديه استطاعة ليس فقط قبل الفعل أو مع الفعل 
دل أيضا بعد الفعل : كما ظهر الاتجاه ندو المستقبل فى نظرية الامامة عند 
الشيعة والسنة فى خطين متمايزين ومتعارضين ٠‏ فريئما الامبامة عند 
الشيعة اتجاه نحو المستقبل , وانتظار للامام الغائب على ماهو معروف فى 
تاريخ الأديان باسم المشيانية 11655181218192 هى عند أهل السنة تدهور. 
وانحطاط من النبوة الى الخلافة الى الصحابة الى التابعين الى تابعى 
التابعين ٠‏ فالتاريخ يسير من الوحدة الى التفرق . ومن الايمان الى الكفر. , 
واتبعو! الشهوات » . كما أن « خير القرون قرنى ٠ » ٠٠٠‏ كما قوى ذلك 
التصور للتاريخ ال منهار حديث.الفرقة الناجية .الذى يشكك فى صحته ابن حزم 
» ستفترق أمدى على ثلاث وسديعين فرقة 5 كلها فى الثار إلا واحدة 0 هى 
ما أنا عليه وأصحابى » , وهم أهل السينة والجماعة أى الدولة السنية 
الاشعرية أى بلغة العصر كل الاجتهادات على خط وكل اتجاهات المعارضة 
على باطل ولا يوجد الا رأى واحد صائب حق هو .رأى الحكومة ! ومن ثم. 
ضاعت فرصة ظهور المستقدل على أنه ازدهار وانتصار بالرغم من ودحجود 
امكانيات لذلك غمى الآيات والأحاديث مثل الآيات التى تحث على الأمل وترفض 
اليس والقنوط ومثل حديث المجددين 2 ان لله يبرعث على رأس كل مائة سنة 
من يجدد لها دينها »(5) ٠‏ 

)0( البغدادى : الفرق بين الفرق 2 ص 4 ١١‏ , صبيع , القاهرة : ( يدون 
تاريخ ( ٠‏ 8 عد 


8061ب 


؟ ‏ وفى علم أصول الفقه اذا كان شرع من قبلنا لم يعد ملزما لنا 
وبالتالى أمكن فك اسارنا من الماضى والاتجاه نحو الحاضر ؛ ويدأئا شعورنا 
القومى على البراءة الأصلية فان المصادر الأربعة للتشريع توحى بالزمان 
وبالمستقبل انتقالا من القرآن الى السنة الى الاجماع الى الاجتهاد 2 فكل 
محصددر يوحى بتقدم فى الزمان عن المصدر السابق ٠‏ السينة تعين أول 
للقرآن . والاجماع تعين ثان له , والاجتهاد تعين ثالث ودستمر له ٠‏ فاذا 
تركنا القرآن والسسنة للعلوم النقلية فان الاجماع يضع مشكلة العصور 
والأجيال وامكانية عدم التزام العصر اللاحق باحكام العصر السابق نظرا 
لتغير الظروف والأحوال واختلاف المصالح والحاجات ٠‏ ولكن الذى يشير 
بصراحة ووضوح الى بعد المستقبل هو المصدر الرابع للتشريع وهى الاجتهاد٠‏ 
فقد أعطى المصدر الأول المبادىء العامة الصالحة لكل زمان ومكان ٠‏ وأعطت 
السنة أول تحقق لهذه المبادىء العامة فى التاريخ ٠‏ فى زهان ومكان معينين, 
وقى عصر معين ولأمة بعينها ٠‏ كما أعطى الاجماع أمكانية الاتفاق على 
التطبيق العملى ياسم مصالح الأمة ووحدتها ٠‏ والآن يعطى الاجتهاد امكانية 
احتواء كل الحوادث المستقبلة والتشريع لكل الظروف الآتية ابتداء من جهد 
الانسان العقلى وقدراته على الاستنياط والاستقراء ويعد أن مين الشاطبى 
بين تحقيق المذاط وتنقيح المناط وتخريج المناط جعل الأول لا ينقطع الا بانقطاع 
التكليف فى حين أن الثانى والثالث مشروطان بوجود المجتهد ٠‏ الأول مستمر 
الى مالا نهاية طالما أن هناك انسانا عاقلا قادرا مكلفا , باق مع الانسان 
الى مالا نهاية ٠‏ ولما كان تدقيق المناط هى وجود علة الحكم فى الواقع كان 
على الانسان أن يبحث باستمرار هن هذا المناط ٠‏ فالاجتهاد هى عصدب 
الشريعة . وهى كما يسميه اقبال « مبدأ الحركة » فى الاسلام ٠‏ يجدد 
الشريعة ويجعلها قادرة على التكيف حسب الظروف والأحوال ٠‏ فال مستقبل 
وارد فى الشريعة 2 وحساب المستقبل موجود فى الاجتهاد ٠‏ المستقبل ليس 
هما أو اشكالا أو تأزما بل هو حاضر معاش يدخل فى نظرية قادرة على أن 


القاضى عبد الجبار : المغنى فى أبواب التوحيد والعدل ح 5 ,2 ح ١5‏ , الهيئة 
العامة للكتاب 50/1977 , القاهرة ٠‏ 

اين حزم : الفصل فى الملل والاهواء والندل ح 6 ص ٠١5‏ 8؟١‏ ,2 صبيع 2 
( بدون تاريخ ) ٠‏ 

الايجى : المواقف , ص 4١5 ١950‏ , المثنى , بقداد , ( بدون تاريخ ) ٠‏ 


باهم 


تعطيه. حكما يحل الاشكال ويقضى على الأزمات ٠‏ فالمجتهد هو العالمم المناط 
به تطوير الشريعة وثئقل الماضى الى الحاضر ٠‏ والعلماء. ورثة الأنبياء , 
والفقهاء أمناء الرسل ٠‏ ولما كان الله هى عالم الغيب والشهادة ظهن ذلك فى 
أحد جوائب المنهج الأصولى ٠‏ وهو قياس الغائب على الشاهد ٠‏ فمعرفة 
الغائب .مكنة وذلك بقياسه على الشاهد ٠‏ ولما كان المستقبل أحد مظاهز 


الغيب أمكن معرفته ٠‏ 


كما نجد فى مباحث الأصول الأخرى حضور |استقبل وان كان مغلفا 
فى اطر اللفة والتشريعات ٠‏ فمثلا المبادىء اللغوية التى وضعها الأصوليون 
لتفسير النصوص مثل : الحقيقة والمجاز . الظساهر والمؤول » المحكم 
والمتشابه , المجمل والمبين , المطلق والمقيد ٠٠١‏ الخ ٠‏ كلها تهدف الى احتواء 
الحوادث المستقبلة مثل الاجتهاد تماما عن طريق تأويل الألفاظ » وبالتالى 
يظل النص صالحا باستمرار متحركا فى الزمان والمكان , ممتدا من الماضى 
الى الحاضر , ومتجها من الحاضر نحو المستقدل ٠‏ وفى مداحث الأحكام 
وتحليل المقاصد نجد أن الوحى مقصد ,؛ والقصد اتجاه وغاية ٠‏ فقد قامت 
الشريعة من أجل تحقيق مقاصد واهداف ابتداء وهى المصالم العامة ,2 
وافهاما حتى يعقلها الناس » وامتذثالا حتى يطيعونها » وتكليفا حتى يطبقونها ٠‏ 
وفى سلوك الفرد ارتبط الفعل دالذية , والعمل بالهدف ٠‏ والغاية والقصد 
من بدايات الاتجاه نحو المستقيل(1) ٠‏ 


؟" ل وفى علوم الحكمة التى يضرب بها المثل فى التجريد والصورية 
ظهر الاتجاه نحو المستقبل فى التركيز على العلة الغائية من العلل الأربعة 
فى الالهيات والطبيعيات . وأن العلة الغائية هى العلة الفاعلة الحدقة وكان 
العالم كله يتحرك نحو غاية بالعشق ٠‏ والله هو العلة الغائية للعالم , المحرك 
الذى لا دتحرك الذى ينزع العالم ندوه بالعشق ٠‏ وفى الطبيعيات ظهرت 


(1) لمزيد من التفصيل لمباحث الأصوليين » أنظر الشافعى ٠‏ الرسالة . أبو الحسين 
البصرى : المعتمد فى أصول الفقه , ابن حزم : الأحكام فى أصول الأحكام , الجوينى : 
ارشاد الفهول ٠‏ البزدوى : أصول البزدوى , السركسى : أصول السرخدى , الغزالى : 
المستصفى . البيضاوى : منهاج الوصول , الآمدى : الأحكام فى أصول الأحكام , 
النسفى : المذار , ابن القيم : أعلام الموقعين : الشاطبى : الموافقات فى أصول الشريعة , 
الجزء الرابع ص 85 . ٠١5١‏ , المطبعة التجارية , القاهرة ٠‏ 








-/0ه - 


القوة كامنة .فى -الطبيعة : انتقال من القوة الى الفعل ؛ والنفس كمال أول ٠‏ 
وفى الالهيات يظهر: الاتجاه نحو المستقبل فى نظرية الاتصال حيث تتصل 
النفس المفارقة بالعقل الفعال ٠‏ فالذفس قادرة على كشف غياهب المجهول 
واختراق الحجب , لا فرق فى ذلك دين الفلسفة الاشراقية عند الفارابى 
وادن سدينا ودين الفلسفة العقلية الخالصة عند ابن رشد ٠‏ بل ان الفلسفة 
الاشراقية خاصة عند ابن سيذا قاربيت علوم التصوف » وتناولت مقامات 
العارفين » ووصفت طريق الحكمة على أنه طريق الى الله يرتقى فيه الحكيم 
دن مقام الى مقام » وترتفع زوحه صعؤدا ٠‏ والأعلى فى الفكر الدينى هو 
الأمنام فى الفكر العلمانى ٠‏ فالمفارقة أو العلى قد يكون الى أعلى وقد يكون 
الى الأمام ٠‏ كما ظهر الاتجاه ذحى المستقبل فى علوم التذجيم وما يتعلق 
بها من علم وقراءة المستقبل مثل الطير والفأل التى وؤصل اليها الحكماء 
عن طريق حسشسناب دورات ‏ الأفلاك وآثار ذلك على مايقع على الأرض من 
حوادث وامكانية التنبق بها اذا ماتم حساب الدورات » فلا شىء يقع على 
الآرض لا يحدث بفعل دورات الأفلاك ٠‏ وبالرغم من تحذير القرآن من هذه 
العلوم وتحريمة للأزلام والأنصاب الا أن الحكماء تابعو! فى ذلك علوم 
التنجيم القديمة دون مامراعاة: لتكذيت' الحديث للهنجمين « كذبالمنجمون 
ولو صندقو! » ٠‏ بل انهم وضنعوا: علوما: لقراءة الطالع واستفر ذلك حتى 
الآن من اليد والفنجان وضرب الودع وخط الرمل ورمى الحدى للتطير ٠‏ 

كل ذلك يدل على كشف حساب المسنتقبل ولكن بطزيق السحر والتنجيم(/) ٠‏ 


وفى علوم التضوف ظهر الاتجاه نحو المستقبل فى تحليل المقامات 
والصعود فيها من مقام الى مقام حتى الوصول الى آخر الطريق ٠‏ والانتقال 
من مرحلة الى مرحلة ؛: ومن فترة الى فترة حتى الوصول الى الغاية ٠‏ ويددا 
السوفية من البداية فى الوقت حتى يصل الى النهاية فى الأبدية ٠‏ وعادة 


(1) الفارابى : الذكت فيما يصح ومالا يصع هن أحكام النجوم , المجموغة 2 
مك ثلا 50 , القاهرة 1 0 
ابن سينا : الشفاء , الالهيات . وأيضا النجاة , الإلهيات ٠‏ وكذلك الاشارات 
والتنبيهات.» القسم الرابع ٠‏ 
اخوان الصفا : رسائل اخوأن الصفا , القسم الرابع ٠‏ ابن رشد : رسالة 
الاتصال ٠‏ 


69 


مايتدول الأعلى الى الأمام فى عمليات النهضة الحضارية » ويتم اكتشاف 
التقدم ٠‏ وقد غلب على. الصوفية تحليل اللحظة الحاضرة وهى الوقت 2 
مابين الحاضر والمستقبل وللكن لسوء الحظ كل مايحدث فيه متوهم وليس 
حقيقيا مما يجعله ظاهرا لا حقيقة ٠‏ ومن ثم يصبح الزمان كله هباء وتوهما , 
ولا يبقى الا الفذاء فى الأبدية حيث لا زمان ولا تقدم ٠‏ كما ظهر الاتجاه تحو 
المستقبل فى وصصدف الصوفية لمراحل الذبوة التى توازى مراحل التجلى الالهى 
كما فعل ابن عربى فى « فصوص الحكم » والتى توازى أيضا مراحل الكشف 
بل ومراحل الخلق ابتداء من آدم حتى آخن الأنبياء ٠‏ فالتقدم هنا من الماضى 
الى الحاضر : من أعلى الى أسفل : من الخلف الى الأمام ٠‏ بل ان ابن عربى 
قب وضع مرحلة أخيرة للكشف الصوفى وهى المرحلة مابين محمد بن عيد الله 
ودحمد بن سنئان » وهى مرحلة مستمرة لا تنتهى .. مرحلة الولاية ٠‏ فالأولياء 
ورثة الأندبياء 2 والالهام استمرارية للنيوة ٠‏ فاذا| كانت النبوة تنقطع فان 
الولاية لا تنقطع ٠‏ كان لدى الصوفية امكاذية ظهور المستقبل ولكنه كان 
كشفيا نظريا فرديا وجداذيا وهميا خياليا صاعدا الى أعلى(8) ٠‏ 


ه ‏ وفى العلوم النقلية ظهر الاتجاه نحى المستقبل فى علوم القرآن 
فى موضوع النسخ ٠‏ ورفع الدكم السابق بحكم لاحق طبقا للتطور فى 
الزمان » وتغير الظروف والأحوال » وحسب الأهلية والقدرة ٠‏ كما ظهر أيضا 
فى نزول الوحى على فترات ونزول القرآن ذاته: منجما “على “مدى ثلاث 
وعشرين عاما وقسمته الى مكى ومدنى » تصور ونظام ٠‏ عقيدة وشريعة 2 
أيديولوجية ودولة ٠‏ وهما مرحلتان ضروريتان لبناء أى نظام جديد 
ومن دلائل الاعجان عند البعض اخبار القرآن بالغيب وااتنيؤ بالمستقبل وان 
كان القرآن ذاته قد حرم جميع أنواع السحر والفال والطيرة والتنجيم ٠‏ 
انما التنبق بالمستقبل يكون ممكنا فقط باستقراء آحسوال الأمم الماضية , 
واستعراض حوادث التاريخ » واستنباط قوانينه العامة التى تكمن وراء 
قصيص الأنبياء (9) ٠‏ 


0( عدك الكريم القشيرى : الرسالة الؤشيرية ' الغزالى : احياء عأنوم الدين 8 
وأيضا العلم واللدنى , أبو طالب المكى : قوت القلوب : ابن عربى ؛ قضصوص الحكم ٠‏ 

(9) السيوطى : الاتقان فى علوم القرآن , ابن سلامة : الناسخ .والمنسوخ , 
الزركشى : البرهان فى علوم القرآن جد 7" ص 78 5غ , الحلبى » القاهرة ٠ ١901!‏ 


6ه 


وفى. علوم الحديث تكشف الرواية .عن انتقال الخبر فى الزمان ٠‏ جيلا 
بعد جيل »2 والانتقال من التراث الشفاهى الى التراث المدون حرصا على 
صحة . الذير وحماية له من الزيادة: أو النقصان أو من التحريف والتغدير 
والتبديل ٠‏ ونشأ معه .علم « ميزان الرجال » أى علم « الجرح والتعديل » 
معرفة .سير الرواة جيلا بعد جيل ٠‏ وأصبح من شروط التواتر التجانس فى 
الزمان أى تجاذس انتشار الخبر عدر الأجيال منعا للتكتم على الخبر الصحيح 
أى ذيوع الخدز كاذب ٠‏ كما ثنتشر فى الاصحاحات أبواب بدا الخلق 
وعلانات النبوة مما يوحى :بيداية الزمان ونهايته وأبواب. الهجرة والخلاص ٠‏ 
وتقيل الدوادث المستقبلة كضرورة لا مفر منها ٠‏ والدعوات . والوعود 2 
والنذور وكلها تكشفه عن أن ااستقيل مطوى فى الحديث تدتناوله السنة دون 
أن ينكشف فى وعينا التاريخجى<١٠١) ٠‏ 


وقد اعتمدت علوم التفسير على الرواية عن السايقين » وتناولت أخبار 
الأمم السايقة وانتشار الدعوة فى الزمان وبدايات التاريخ حتى الصحابة 
والتابعين وتابعى التابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين , فكان التفسير 
بالمأثون اتجاها نجى الماضى ٠‏ ولم ينشا تفسير لحاضر الأمة أو استقبلها ينفعها 
وهى فى الزمان وفى التاريخ ٠‏ ودخلت الاسرائيليات التى تروى أخبار الأمم 
القايرة دون ماسند من رواية أو منطق أو حس ٠‏ فى حين هاجم القرآن: 
التقليديين والمقلدين واقتفاء آثار الأمم السالفة حتى يجعل كل أمة متجهة 
نحى مستقبلها لإ نحو ماضيها(١١) ٠‏ 


وتناولت علوم السورة علامات الندوة وظهورها قيل ميلاد الذيى وقدل 
البءثة وما أوثتى النبى من قدرات خاصة لقراءة الماضى والمستقيل مثل الاسراء 
والمعراج وتدشدر اهل الدنة والحكم على أهل النار والكرامات ٠‏ وقد 


2 ابن كثير : الباعث الحثيث .2 شرح اختصار علوم الحديث 2 صيدح‎ )٠١( 
وكذلك فى أبواب السنة كاصل ثان للشريحة فى كتب‎ ٠ ) القاهرة 2 ( يدون تاريخ‎ 
وقد جمعت أحاديث المعاد فى ابن القيم » حادى الأرواح‎ ٠ أصسول الفقة المذكورة آنفا‎ 
: الى ديار الأقراج : محمد الملا الحنقى: : حادى الأثام الى دان السلام ,2 السيوطى‎ 
٠ البدور السافرة فى أمور الآخرة‎ 

(١١01)'د*‏ محمد حسين الذهبى : التفسسير والمفسرون , جزءان ٠‏ دار الكتب 
الحديثة , 5ل/ا19ا ٠‏ 


60151١‏ ب 


أارتيدطت كلها كتشخصن الذبى ٠‏ ولم يتحول المستقدل هذها الى ديار فى وعينا 
القومى يجعأنا أكثر قدرة على رؤية المستقيل باستثناء مادم تشرى ذينا من 
الرؤى والأحلامر؟1) ٠‏ 


وبا مرغم هن تذاول علو الفقه الموضوعات العملية الا أذها دتعرضصت 
ومإذا . بحدث فى الأسعار والتسويق ذتدحة التلاعب والاحتكار أو قيما يتعلق 
بأنظامة الحكم. وها . قد يعتريها من وهن وضبعف انا ماحادت عن اأشردعة 0 
وقد ورد لفظ 2 التددير «غ قَى يعض كتب الفقه السياسى والتى شعدى الاعداد 
والتخطيط لرعاية الأمة ومصالح الدولة(١١) ٠‏ فالعلوم النقلية كلها على 
هذا الندو بالوغم من.أنها تعتمد على النقل الا أنها لم تسقط ااستقبل من 
حسابها وأخذقه ضمن .موضوعاتها وان كان مغلفا بطايع فقهى ٠‏ 


1 وبالرغم من أن العلوم العقلية ذات طابع رياضى خالص الا أن 
حساب اللامتثاهنى والواخد واكتشناف الصصنفر » والمكان 'اللامتناهى , والخط 
اللامتناهى : والدائرة 'اللامتناهية الدركة كل ذلك يجعل: اللامتناهى بداية 
اكتشاف الانسان لكلاتجاة نحو المستقبل فى المكان والزمان والعدد واطلاق 
قوى الخيأل العلمّى الرياضى لحساب اللامتناهى كما.هى واضح فى العلوم 
الرياضية الاسلامية مثل الجدر والمقابلة وجداول « اللوغارتيمات »و «١‏ تقدهة 
المعرفة ٠ )١6(»‏ 


فى شى العلوم [أطييعية ‏ ظهرت المغادية فى علوم الحياة وعلىم إلطن 0 
كما طورت عفاهيم: التجول. والتفير.والقوة والقعل فى علوم اإطريرة 0 ارتيطت 
العاوم دألدئةة «العملية وكان (الهنيِدف منها السيطرة على . قواذين الجادييعة 


اك 


(15) سبيرة إلين .هشام ح ؟ ص 5١8‏ 585 , صبيح . القاهرة 140١‏ , 
القاضى عياض : ؛لشفا بتعريف حقوق المصطفى , الحلبى 1917/9 , ابن الجوزى : الوفا 
ياحوال المصحلفى , دار الكتب الحديثة » القاهرة ١95+‏ 0 ش 

)١١(‏ يحيى بن عمر : أحكام السوق ٠»‏ تونس 1370 ء الاسبكافى :“لطف التدبير ء 
الخانجى ٠‏ القاهرة 1914 , الماوردى : أدب الدنيا والدين , الحلبى 1917 , وأيضا 
قوانين الوزارة وسياسة الملك , الطليعة , بيروت 191/59 ٠ ٠‏ 

(14) الكاشانى : مفتاح الحساب , القاهرة ٠‏ المراكشى : تلخيص أعمال الحساب 
تونس 19335 - 0 


6159 د 


لتسعذيرها مصلحة الاذنسان ومدفدته تعديرا عن اتصدور اأوحى لعلاقة. الانسان. 
بالطبيعة ؛ وكثن الطبيعة عاقلة حية مريدة فاعلة واعية وهو معنى التسبيح 


يحمد الها ٠‏ 


وفى العلوم الانسانية خاصة فى علم التاريخ كان الاهتمام 
واضها ببدايات التاريخ وقصص الأنبياء ٠‏ كما وضح الاهتماج بالحوليات. 
وتوالى السنين وتتابع 'الأجيال والطبقات وان لم يظهر قانزون لحركة التاريخ 
أى تصور لتقدم الأجيال وعلاقات بعضها بالبعض الآخر ٠‏ وبالتالى خلا 
التاريخ من فلسفة التاريخ » وخلت الوقائع من قانون عام يضْمها070) ٠‏ 
حتي أتى ابن خلدون وحاول صياغة قانون عام لتطوز الدول نشأة ونمو 
واكتمالا ١ه‏ ثم اضمحلالا واذويارا ٠‏ فقد ظهر ابن خادون فى ذهاج به الطور الأول. 
للحضارة الاسلامية من القرن الأول حتى القرن السابع وكم يعاصى فترتها 
الثانية من القرن الثامن حتى القرن الخامس عشر , واذلك غلب على «المقدمة» 
النهاية أكشر من اليداية ٠‏ وتكون مهمتذا نجن هى أكمال فلسفة .التاريخ الدى, 
تركها لنا أبن خلدون مكملين قانون التطور باضافة قاذون البنيضة وردما" 
التنيق بمسانر الأمة فى المستقبل يناء.على. رصد دورتيها. في الماضى * كما لم 
ينس ابن خلدؤن التطرق الى « حقيقة النبوة والكهانة والرؤية .وشسيسأن 
العزافين وغير ذلك من مدارك الغيب » معتمدا على ذظريات: «الفلاسفة فى. 
الاتصئال والنظريات الفزيؤلوجية فى. عمل" الدماغ .؟ كما اتويث. تعن أدمية 
النبوة فى الأمة وعبينا « أن العرب لا يحصل [هم الملك الا بصبغة بينية من. 
نبوة أو ولاية ثى أثر عظيم من الدين على الجملة » ٠‏ فالنبوة هى التى تعطى 
خيرة” الماضى' وتؤسس الحافس وتستبص المستقبل: ٠‏ كما قحدظ: عن « علم 
تغرير !ل رؤيا' » » "زثاء على قصة 'يوسف وتفسنين الأخلام: والاعداد. والتخطيط: 
لخر نمس وتدنب المجاعة ٠‏ كما تعرض لعغلوم السكر:ى الطلشمات: كعليم 
قديمة مهمتها التأذير فى قوى الطبيعة والتنبق بالغيب(7١) ٠‏ 

(19) تذكرة داود ٠‏ القاهرة » تذكرة القليوبى , القاهرة أين أبى الأندق : 
تسهيل المنافع فى الطب والحكمة ٠‏ 

(13) 04 حسن .حنفى : دراسات اسلامية ‏ لماذا غاب مبحث ك التاريغ فى تراثنا» 
القديم ؟ ص 4١١‏ . 58 , الانجلى المصرية , القاهرة ٠ ١94١‏ 

(0) ابن خلدون : المقدمة , ص 2,1195951 ص 157-1١١‏ ,ص ١67‏ ل 
4 اص 4/5 7 496 ,ص 08١ 5١9‏ , المكتبة التجارية . القاهرة ( بدون. 
تاريخ ) ٠‏ ظ ظ ْ 


0150 لم 


. 4 - ولكن يرجع الفضل الى المصلحين الديذيين والمفكرين المحدثين 
وزعماء الاصلاح ورواد النهضة ودعاة التمدن الى التفكير فى .أسباب انهيار 
المجتمغات" الاسلاءية وشروط النهضة الجديدة ٠‏ فقد حاولو! تأسيس العلوم 
الاجتماعية ٠‏ :وصدياغة قواذين لتطور الأمم ترجمة أى اقتياسا أى حرسا أو 
تدايلا أو- علما ٠‏ فظهرت فلسفات التاريخ تتحدث عن النهضة والتقدم 
والترقى » وتبحث عن سنن الله فى الكون أى القوانين العامة ذلتارد 
وتحاول التنيق بمستبل الأمة على مستوى التمنى » وتدين “امكانية تحقيق 
هذا الهدف على الأقل على مستوى الخطابة والوعظ وشحذ الهمم على طريقة 
الدعوات الاصلاحية و 1 تختلف فى ذلك التيارات الرئيسية الثلاث فى فكرنا 
الحديث : التيار الديثى الاصلاحى , وااتيان العلمى العلماتى واليسان 
الوطنى الليبرالى '* فطريق التقدم هى الانتقسال عن الجهل الى العام ,2 
ومن الخرافة الى العقل » ومن التفرق الى الوحدة ٠‏ ومن الفتور الى شحذ 
الهمم وتجنيد: الجماهير  ٠‏ ؤهئ أيضا الطريق من علوم القذماء الى علوم 
المحدثين ؛.من العلوم الكلامية الى العلوم العصرية ٠‏ من العلوم الدينية الى 
العلوم الاجتماءية ٠‏ ان الدين احركة تقدمية فى التاريخ لاذكاء الوعى واكمال 
العقل واستقلال الارادة * وهو قادر على الدخول فى عصر العلم والمدذية 
لأنه' يوفى بمقتضدياتهما 0 ان الأمم' تسدير وفقًا لق واذين حتمية ذكره ! الأنبياء 
ووصقها. الوح حى © وهى سثن الله.فى الكون ٠‏ وقد 'اختارت كثير من الجمعيات 
الاصلاحية اسم « الترقى + الدلالة على هدفها فى التقدم والعصرية ٠‏ كما 
ن التار :العلمى: العلمانى: خاضة على الترقى من خلال العلوم الطبيعية 
رسا قواعد النظم 'اجتماعية جديدة تقوم على الحرية والعدالة والمساواة - 
وأخيرنا ركز التيان الوطنى الاييرالى على أن « حب الوطن من الأيمان » » 
وأنه لا فرق هناك دين الدين والوطذية والعضرية ٠‏ ومازلنا حتى الآن ندرس 
موضوع التقدم » ونتحدث عن شروط النهضة » ونتلمس أسباب الرقى(8١1)+‏ 
40م الأعمال الكاملة لدمال الدين الأفقانى . القاهرة ١55/8‏ , الاعمال الكاملة 
عبد الرحمن الكواكيى ٠‏ القاهرة ١97١‏ (اعداكى د٠١‏ عحمد عمارة ). رشيد رضا 
تاريخ الأستاذن الامام , الجزء الثانى , القاهرة ١١44‏ ه ٠‏ هعحمد اقبال : تجديد 
ين الدينى فى الاسلام , القاهرة 1١934‏ , شيرب الكليم , القاهرة ؟15١‏ شبلى 
شميل : فلسفة النشوء والارتقاء , ح ؟ القاهرة ٠‏ الطهطاوى : مناهج الألباب المصرية 
فى مباهج الآداب العصرية , القاهرة 19١”‏ , الطيب تيزينى : من التراث الى الثورة 2 


0168 سه 


ثااثا ‏ التدول من الماضى والاتجاه ذدو المستقبل وصبياغة التقدم. 
فى التراث الذربى : ْ 


لم تظهر الدزاسات المستقيلية فى التراث الغربى فى فزاغ بل سديقتها 
جهود عديدة لاكّشاف ااستقيل فى صورة تقدم: وحركة :وتغير ؤذورة اوقانون ٠‏ 
ولم يحدث هذا الاكتشاف فجاة وفى عصر .واحد بل مهدت له شروط وساعدت 
عايه عوامل وتراكمت فيه خدرات ٠‏ وحدث ذلك على مراخل مختلفة :حتى 
كمل مفهوم التقدم الانسانى العام الذى يشمل القدرات الذهنية والمعنارف 
الإنسانزية والاتجازات البشرية ٠‏ 


١‏ افقد انتقلت الحضارة الأوربية كلها من: التمركن. حصول: الله 
انطع ع0 الى. التمركز جول الانشان م15 لغ 070 اامه 
وقد ظهر :ذلك فى عصم الأجياء فى القرن الرابع. عشى عندما :3م بعث 'الآداب 
القديقة التى تعلى من شأن الانسان 'فى مواجهة الآلنهة ٠.كما‏ استمر- ذلك 
الادنلاح الديذى :فى الخامسن عشي بدخول الانسان فى ععلاقة مباشرة: دينه 
وبين الله » وايمانه فى اللنحظة دون توسط الكنيسة ..وحبريته في الفِهم 
والتفسير لاكتاب المقدس ٠‏ ؤقوى ذلك فى غصي 'الذهضة:فى:.السادس عشى 
حين أصببح الانسان هو الموخبوع الأول للعلوم ٠افثنشات‏ العلىم. البيولونجية.ميع 
العلوم الطبيعية والرياضية . بل ونشا الاتجاه الانسسانى ‏ هأصم لصتا 
عند آراسم ( ١855‏ .ب ٠ ) ١١51‏ فقد كان يستجيل. 'ظهور مفهوم التقدم بأو 
التاريخ فى عالم. يطويه الله :بين يديه ٠‏ :ويضعه تحت ابطيه: بون أن :يكون 
للعالم اسستقلاله ووجوده الخاص » ودون أن يكون له خركته وتظؤرة: وقانونه ٠‏ 


3ك 


دار أبن خلدون » بيروت 1571 ٠‏ أتدوئيس : الثابت والمتحول » ثلاثة أجزاء ٠»‏ بيروت 2 
دار العودة 151/4 ومن الدراسات فى. الفكن الاسلامى والعريئ. المعاصصس ومقهوم التقدم : 
على المحافظة : الاتجاهات الفكرية عند العرب فى عصر النهضة , بيروت هلا9١‏ , 
مثير موسى : الفكر الحعربى فى العصر الحديث ؛ دان الحقيقة , بيروت 1517 , دى> أنون 
عبد الملك : الفكر العربى فى عصر النهضة , دان الآداب ,2 بيروت 19/5 ٠‏ د4١‏ ذقهمى 
جدعان : أسس التقدم عند مفكرى الاسلام فى العالم العربى الحديث » المؤّسسة العردية 
للدراسات والنشر , بيروت 5!ا5١١ ٠‏ دء لويس عوض ؛: تاريخ الفكن المصرى الحديث 
جزءان »2 الهلال , ٠ ١959‏ 


"0 


وهن ثم ثم إكتشاف الحركة فى الدراما والارتقاء فى العلوم البيولوجية قبل 


كما انتقلتالحضارة الأوربية الحديثةمن التصور الدائرى للزمان, 
ذلك التصور.الذى كان سائدا فى الحضارات القديمة الى التصور التقدمى 
لمازمان ٠‏ كان التصور الأول مرتبطا بالخلود ٠‏ وبالعود على .بدا ٠‏ وباليداية 
والنهاية من أجل حل قضية. الصلة بين الزمان. والخلود ٠.وفى‏ هذا التصور 
.تكون :الأولوية فيه الخلود على الزمان ٠‏ «فى. حين ارتبط التصور الثانى 
بالزمان..دون ' الخلود ٠‏ وبمراحل الزمان .وفترات التاريخ وتعاقب الأجيال 
وتوالى العصصمور والأزمان ٠‏ هذا التصور الأول .جعل التقدم دسير الى الوراء 
.طبقا “لقانون القهقرى 262010581 إحاقا. بالفزدوس المفقود .. وهروبا من هذه 
الأرض الخزلب » ورزجوعا الى العصر الذهبى ٠‏ وابتعادا .عن عصر الفساد 
والانويار ٠‏ فى حين أضبع “التقدم فى التصور الثانى تقدما مستمرا ٠‏ اليوم 
أفخيل هن الأعس .. والغد أفضل من :اليوم ٠‏ .لا رجوع “الى الوراء ».ولا عودة 
.بالزمن . فالزهان يسير: فى خط مستمر الى الأمام: ٠‏ لا انتكاس: فيه ولا نكوص ٠‏ 
-لذلك : انققل للوعى الأوربى: من التشاؤم الى. التفاؤل ».ومن الاحجام ألى 
'الاقدام » ويمن الخوفه الشك والترقب الى الثقة بالنفس واليقين والعمل(9١)٠‏ 


”* ل ولخا عنان. الدين هِى ينبوع الحضبارة ومركزها فقد تمت غدة 
:تحولات فى 3صعور المقائد الدينية من المدور الراسى الى المدور الأفقى * حدث 
.ذلك فى.تصور عقيدة. العذاية الالهية التى 'تحفظ العالمم وتعتنى به بعد الخاق 
من خارجه وليس من داخله » وتحوله الى تصور آخر جعلها قانذونا لتطور 
التاريخ ولتحديد مساره من داخله وليس من خارجه ٠‏ كما تدولت عقيدة 
.التذليث ٠:‏ الآب, بوالاين والروح ,القدس. من قيل فى القرن الثانى عشر عند 
ددواكيم النفيورى..( ١١٠١29 01١70:‏ ) الى قانون لتطور التاريخ ذى: ثلاث 
هراخل : مرحلة الآب وهو الذى يمثل السلطة , ومرحلة الاين وهى الذى 








(19) د١٠‏ حسن حنفى. : لسذج : تربية الخنس. البشرى ص آلا 8لا دار الثقافة 
'الجديدة , القاهرة لا/ا9١ ٠‏ وكذلك دراستنا ©70201081طاضش ناه عذأعه1ه1160' 
.فى كتاب ‏ .1922 رعتتواع[2 ,105نانط رعطهوتث 1815206 11ل ععضدةة تف سعط هآ 
00 ,5أطة2 ,التلطلاق ع2] رعت أمافتط '[ عل عع طودم1ه د وآ : أعاعتقمطن0 "نز | 


ككمهبد 


يمثل . المعارضة » ومرحلة الروح القدس وهى الذى يمثل استقلال الانسان. 
وعيا وعقلا وارادة (١5)٠وظهر‏ ذلك بوضوح فى فلسفة التاريخ عند هيجل 
ملالا1 185305 ) حيث تحول ملكوت الآب وملكوت الادن وملكورت الروح. 
القدس الى جدل التاريخ ؛ الى مسان حشيار شامل يتجلى فيه الروح 
المطلق ٠‏ كما تحول تطور الندوة من اليهودية الى المسيدية الى التنوير الى 
قانون عام لتربية الجنس اليشرى كما هى الحال عند لسنج كفنا املا 
ابتداء من مرحلة الحش والتشديه الدسى واله الغضب والعقاب والذوف الى 
مرحلة العاطفة والوجدان واله المحبة والعفى والتسامح والغفران ألى مرحلة. 
العقل والحرية والطبيعة ودين التنوير » دين الانساذية الجديد » خاثم” الأديان2» 
ونهاية التطور وكمال الانسانية ٠‏ ولم تعد المعجزة خرقا لقوانين' الطبيعة 
وذفيا لاستقلالها بل حادثة تقع طبقا لقانونى طبيعى نجهله ٠‏ وبتقدم: العلم, 
يمكن اكتشافه والتذيق بمسار الدوادث(١7؟) ٠‏ أصبح مستقيل الانسان فى 
هذه الدذيأ وليس فى الآخرة » وبالتالى بدا الاهتمام 'بالعالم وبالانتاج وبالآبداع ع 
ودتعمير الأرض وليس فقط باذكاء الروح ودر رددة النئفس استعدادا للآخرة” ٠‏ 
اعتمد الانسان ن على عقله وارادته دون الاعتماد على الكتاب القدس: كمصدن 
للعلم تى على الازادة الالهية كوسيلة للتنفيذ ٠‏ وثم الانتقال” من الارادة 
الخارجية المشخصصمة الى الارادة الانسانية الفدلية » ومن الحكمة الالهية الى 
ارادة الشعوب ٠‏ لم تعد الطبيعة البشرية فاسدة بفعل الخطيئّة الأولى لا تقوئ 
على الذووض » ولا تنهض الا لكي تتعثره ن جديد دون منقذ. أى مخلص .ولكنها 
أصبحت طبيعة خيرة قادرة على النهوض هذاتها و على التقدم بنفسها 
وهكذا بدا مقهوم التقدمٍ فى الظهور. ابتداء ٠.من‏ اعادة تفسبير . العقاكد حتي 
يمكن الكشف عن الوعى- بالتقدم فى وعى التاريخ ٠‏ 


0ك 





2 رتاوت تا[متعم 210 اع 2110 ع2 ةوكم 00ظ1ظ 
,800151101 طق مججع0-1اع دف ,35-108 .م ,حدقاو1 8 11056 زه مستطعوه0 
,مزق" 

145-160 .2 ممتتطعهةهك ,نإمأقلط ص عسنسوع 1 : طات بوم .16 

01 172176251137 ,208-222 .م بمستطعده1 2ه حم لاه" تع 11م مهم بعلمل 
.1940 ,مجنعتلطن) رفوم 2 معو لطن 


وأيضا كتابنا السابق للسنج : تربية الجنس البشرى ٠‏ ص "!١‏ ب 0غ" ٠‏ 
)1 أسبيذوزا : رسالة فى اللافوت والسياسة 2 ترحمة وتغقديم د* حسسس حنفى 7 
الطبعة الثالمثة , الانجلو المصرية 8/ا9١ ٠‏ ش 


ب 617 ب 


. وقد استطاع العلم اكتشاف قانون تطور الأحياء ٠‏ وقد بلغ هذا 
الاكتشاف. الذروة فى نظرية النشوء والارتقاء عند دارون (0 ١8١05‏ -. 
١845‏ ) فى القرن التاسع عشى ٠‏ وقد أعطى ذلك مفهوم التقدم أساسا علميا 
طديعيا ماديا حيويا ٠‏ وامتد ذلك الى هذا القرن .وظهرت الانطولوجيا العامة 
الشاملة عند ديير تيار دى شاردان )١5560 14881١‏ 

3خ 46 16111354 و«نواط وتصوره لتطور العالم على حرف أوميجا 
0 وبالتالى أمكاذية التذيق بتطور المستقيل ويمسار حوادثه ٠‏ أصيم 
من منجزات العام الادمان المطلق به وبقدرة القانون العلمى على الدذيق 
بالمستقيل نظرا لاطراك قواذين الطبيعة وثباتها وحتميتها ٠‏ وقد جاء هذا 
الايمان بالعلم نتيجة لجهاد علويل استغرق عدة أجيال منذ قيام روجر بيكون, 
١1١195 231١5١4‏ ) فى القرن الثالث عشر باصلاح التعليم العالى واعادة 
دناء .الجامعات على أساس ليبرالى بالاءتماد على المواد: العلمية والدراسات 
الدثماذية فى « الكتاب الكبير » , والاءتماد على المذهج التجريبى فى « الكتاب. 
ألرئيسى » ٠‏ ظهر علماء جدد ينقدون الانساق العلمية القديمة » كودرنيقس, 
١5١458 381079‏ ) ضد بطليموس ٠‏ فساليوس ( ١014 16١5‏ ) ضد 
جسالينوس » تلزيق ١١88 ---195١08(‏ )2 ويرؤثو (( 719544 1500)/, 
وراموس ( 19095151١9‏ ) ضد أرسطى ٠‏ كما ركن فرنسيس بيدون, 
( 175.163 ) على أن تقدم العلم ليس فقط فى علوم الطبيعة بل فيضا 
فى الذهن البشرى واقامته على أسس يقينية بعيدا عن الخرافة والأساطير ٠‏ 
وفى نفس الوقت ظهر ,حس اب الاحتمالات » وحساب الامكانيات » وبانت. 
اعكانية التذرق. بالمستقبل من خلال الاعداد والعلوم الرياضية وظهور قرو عِ 
جديدة الرياضة ٠‏ كما .نشات الجمعيات العلمية ليدافع فيها العلماء عن 
حقائق العلم ضد العقائد الديزية والتقاليد الموروثة واتامريسه على التجربة. 
البشزية والترويج للعام ونتائجه الى يحل محل العقائد الدينية القديمة فى 
وجدان الشعوب(55) ٠‏ 
ا (19) لسنج : تربية الجنس البشرى , ص ١لا‏ - ١8‏ 
هط"1 : الل صقك .ل علا مك1 .0ط 816قة0) فنا كك 
,1269 205 ,25658 وعقعلط0 02 115316811537 ,258338 له 
ا 2000| لآ ,1 خطع امعط" ععصومة ت ودع : د لله الع م11 2.0 سم 
1 1962 101 
4 2ع 11315 ,طلقم 2ه قأوع20م0 ععططوووتقصطع : ع16ل 1م11 ,50 لم 
5 701 ج11 متام 


6م5ثه ل 


- ونشبت معركة بين القدماء والمحدثين » بين أنصار 'القديم وأنصار 
#الجديد ,. دين دعاة الرجوع الى الماضى وأنصار التوجه ذحى المستقيل , 
بوانتصار المحدثين على القدماء » أنصار الجديد على أنصار القديم » ودعاة 
المستقبل على دعاة الماضى مما جعل الوعى الأوربى يدق بالتقدم 2 ويتصور 
#الزمان والتاريخ على أنهما عنصر ايجابى فعال » ويترك وراءه التصور القديم 
القائم على أن السلف ام يتركوا الخلف شيئا . وأن التاريخ فى اذهيار مستمر ٠‏ 
' وقد بدأت هذه الحركة فى الأدب أولا وبوجه عام وفى الشعر دوجه خاص 
التحرير قواعد النقد الأدبى واعادة الثقة الى الطبيعة فى مقابل نظرية الذكوص 
أو القهقرى ٠‏ والايمان بالتقدم المستمر الجنس البشرى وقدرته على الخلق 
.والابداع ٠‏ وبالرغم من أن المعركة بدات في فرنسا الا أن الذى أشيعلها .هو 
"الشاعر الايطالى تاسوتى ( ٠ ) ١6 1١50‏ فمادام الفن يعتمد على 
التجربة يكون المحدثون بالضرورة أفضل من القدماء ٠‏ وتبعه ديماريه دئ 
سان سبورلاف ايثارا المسيحية على الوثنية القديمنة * كما دافع عن المحدثين 
.شارل بيرى 1778 17075 ) فى مقابل دفاع بوالى ( ١9١١1355‏ ) 
عن القدماء ودفاعا عن روح العصر ٠‏ فلكل عصر تجريته » وكل تجرية لاحقة 
تتكون بالضرورة أغنى. من التجردة السابقة وهذا! لا يمنع من حصؤل لحظات 
|انكسار وتوقف سيرعان مايندفع التقدم بعدها فى 'لحظات الثورة والتغير 
:الكيفى ٠‏ أهم شىء اذن هى فك اسيار الماضى لدساب الحاضر وان ام يظهر 
'المستقبل ٠‏ وقامت نفس المعركة فى انجلترا ٠‏ فهاجم جورج هيكويل نظرية 
التكوص أو القهقرى القائلة بالتدهور الدائم والاستمر والحتمى للطبيغة 
'البشرية لأنها ضار بينشاط الانسان أن تولد فيه 'اليأس والخجول » فالايمان 
ببالتقدم شرط التقدم ٠‏ ظهر اذن مفهوم التقدم كاحد مكاسب هذه المعركة , 
يوظهر فلاسفة التقدم ومفكروه يرونه محورا: الحياة الانسانية الفردية 
الاجتماءية وأساسا لحركات الشعوب ٠‏ فداقع بيير .ديل ( /ا13851 ١7١5‏ ) 


4 
0 





رع2011 بتقعا 8‏ التعراسع 8 28155810 1 ع اتطواعة فط : ووم80 34 - 
.12062 

1770110 0 1186 220 طم أهسططمكة 1 ,معسووعتفموظ : طمو8 .31611 ا 
.1131261 ,19617 ,1ه بجع لم2 

1ع 11 ا د 12 12188926 05 ووم 1مم نم5 : سنامو31 و77 م د 
.1963 01م 

.21111 ,1453-1517 11111215 ته 7714 مط : ومرمورانق 1 
01 عاو بجعا 


0195 سه 


عن: تطبيق منهج ديكارت ( 19557 ب 1590 ) فى التقاليد الاجتماءية والعقاكه 
الموروثة ٠‏ كما دافع: فونتذل (/!ا566١‏ _الاءلا١‏ ) عن اللمحدثين وتطنورق منهج 
ديكارت: فى العلوم والروح الهندسية فى المعرفة الانسانية كلها فى « خوان 
بين الأموات » مبينا أهمية النظريات العلمية الحديثة عن الدورة الدموية 
وحركات الأرض وأسباب ٠التآخر.فى‏ النظم السياسية والاجتماءية والأوضاع 
العامة ٠‏ فالاعجاب بالقدماء لديه أحد عقبات التقدم ٠‏ ثم نقل الخورى سنان 
بيير التنوير العقلى الى التغيير الاجتماعى وانتقل من رفض التقاليد القديمة 
والعقائد الموروثة الى رفض مظاهر الطغيان والقهر السسياسى والتسلط. 
الاجتماعى ٠‏ وقد اسستمرت المعركة فى انجلتر!ا التخلص من سلطة القدماء. 
عند سديس. وليم تمبل ( ١199 7 1١578‏ ) وعند وتون وسويفت ١773170‏ ب. 
5 ) مع التركيز على التقدم فى ميدان الفنون لأن العلم واحد ومقاييسه. 


٠ )5١9(ةلماشو عامة‎ 


5 وقد تأسست العلوم التاريخية التى ركزت اهتمامها اساسا على 
تطور المجتمعات محاولة العذور على قانؤن له يشابه قانون تطور الأحياء ٠‏ 
وقد ظهر ذلك يوضدوح عند فيكو ( /ا11١‏ .ب ١785‏ ) وتأسييسه العام الجديد » 
فلسفة التاريخ , وتوحيده مع هيكويل ؤهردر دين العناية الالهية وتقدم 
التاريخ ٠‏ فقد حاول اخضاع الطبيعة البشرية الى قانون واحد يماثل القاذون 
الطبيعى فى العلوم الطبيدية ٠‏ ومن ثم كان هم الفلاسفة هى صصياغة هذا 
القانون وتحديد مراحله وكيفية الانتقال هن مرحلة الى أخرى. ٠‏ وقد تفاوتوا 
فى هذه الصصدياغة بين قانون ثنائى أى رباعى ( مضروب فى ذفسه ) أى ثلاثى 
أى تساغى ( مضروب أيضا فى نفسه ) ٠‏ فالقانون الثنائى يحدد انتقال 
الانساذية من طور الى طور » ومن مرحلة الى مرحلة تكون الثانية أكثر تقدما 
ورقيا بالضرورة من الأولى. ٠‏ اذ تنتقل هن عهد الفطرة الى عهد المدذية عند 
فولاتير (84-513954ل/ا/3 ) وروشو (؟١لا١‏ -4ل/الا١‏ ) ٠‏ وفى هذا التصور 
لا تخلى الحالة الأولى من بعض الخير كما لا تخلى الحالة الثانية من بعض 
الشر الذى يمكن التذلب عليه بالعقد الاجتماعى ٠‏ ولكن الصدياغة الرباعية 
للقانون كانت أكثر شيوعا حتى عند القدماء ٠‏ فقد قسنم أفلاطون مراحل 
التطور الى أربعة : الزراعة ثم نشاأة المذنية على سفوح الجبال ثم تأسيس. 


قا 


(9؟) السنج : تربية الجنس البشرى 2 ص "م 15 ٠‏ 


ما 


676 سام 


المدن فى السهول والوديان ثم اقامة المدن الساحلية ٠‏ وتقايل هذه المراحل 
الاجتماعية الأربعة مراحل أربعة أخرى تمثل تطور النظم السياسية من الحكم 
السعيد الى حكم الأقاية البى الحكم الديموقراطى وآخيرا الى الحكم التسلطى ٠‏ 
ثم انتقل هذا التقسيم الرباعى الفديم بعد اكتشاف التقدم الى مزاحل أربعة 
لتطور التاريخ من اأشرق الى الغرب ٠‏ من العصر البابلى الى الفارسى الى 
المقدونئ: وأخيرا الى الرومانى ٠‏ وظل الحال كذاك حتى بودان ( ١١7١‏ ب 
١695‏ ) فى القرن السادس عشر ٠‏ ولما دخلت العصور الحديثة » وفرضت 
تفسها على التاريخ أصبحت المراحل الأريعة من الشرق (الكدانيون والمصريون) 
الى اليونان الى الرومان وكخيرا الى بترارك كما هو الحال عند هيكريل ٠‏ 
وآخيرا أعطى هرس هذا التقسيم الرباعى أساسه الحيوى مشثسبها اياها 


لأاعمه وبالرغم من محاولة ماركس ذذى شيايه صياغة قاذنون خماسى : 
الشيوعية الا أن الصياغة الشائعة هو القانذون الثلاثى منذ لوكريس حتى 
أأوحجدسءت كدومت )0 4 لامم١ا‏ ( ؤكن تصور لأوكريس أن الانسانذية 
د تطورت فى ثلاث مراحل : العمهد الحجرى حيث كان الانسان بعءعيش سعيدا 
علبى الطلييمة : العيد البروتزى حددث قلت السعادة ويدآات الحروب 2 والمئؤد 
الحديدى حدديث ددرت الحروب وعم الشقاء ٠‏ وبادخال دورات الشعوب عدد 
دودان 3 تقل الدورة دمن سرادم شدعوب جذوب الشرق الى سديادة شدوب 
الوسيط الى سديادة شدعوب الشمال 3 وذل مرحلة ددمون دأحد الارداعات 
البشرية من الدين الى الحكمة العملية الى المهارات اليدوية الخلاقة وفنرن 
الدرب ٠‏ واستعرت مذد الدورة الثلادية عدد ديكون دن المصوىور اأقددمة 
دمثل دقدما دالذسدية الى الحمص السايق 1 وشى نفس الدورة عذد ‏ فيكى سن 
المرحاة الدينزية حيث يسود الخوف والاستيداد كما هى الحال فى الشرق 
القديم الى الرحلة الدطولية حين حكم الأباطرة والملوك كما هو الحال عند 
اللأتسسنانقن الآخر: ٠‏ :ود دبذى ترحجى ) لاا/ا١ ‏ ١ثملا١ا‏ ( نفس الدورات .الثلاث 
من المرحلة الدوذدية الى الردلة الفلسفية الى المرحلة التجريدية ٠‏ وهى دس 
'القاتون , قانون الحالات الثلاث الذى صاغه كومت من المرحلة: الدينية الى 
الرحلة الميتافيزيقية الى المرحلة الوضعية ٠‏ ونفس الدورات الحضارية التى 


697١‏ سه 


تصورها هيجل من الشرق القسديم الى اليونان والرومان حتى تصل قمة 
الحضارة فى آلنهاية لدى الشعوب الأوردية وفى مقدمتها الشعب الجرمائى ٠‏ 
:وقد أخذ هن! التصوصر صورة حيوية تمثل أدوار البشرية بأدوار العمر من 
الطفولة الى الشباب الى الرجولة كما هى الحال عند فونتئل ( ا16١1‏ 7ب 
/اه/ا١‏ ) ٠‏ ففى الأولى تسود الرغيات والحاجات ٠»‏ وفى الثانذية تظهر ذنون 
البلاغة والشعر وطرق الاستدلال وأساليب التضامن الاجتماعى ٠»‏ وفى الثالثة 
تظير الانسانية الاستذيرة العاقلة لولا اصصدطدامها ببشاعة الحروب ٠‏ وهو 
نفس التصور عند لاموته من الطذولة والشباب الى الرجولة والنضج الى 
الاكتمال فى انساذية جديدة ٠‏ وقد عبر عن ذلك أيضا لسنج فى « تردية 
الجنس البشرى » وتصوره الانسانية أيضدا تسير فى مراحل ثلاث هى نفسها 
مراحل النيوة » من الطفولة الى الصدبا الى الشباب » من اليهودية الى 
الأسيدية الى التذرير(ة؟) ٠‏ 

4 ابل لتك استطاع الوعى الأوريبى تجاون فلسفة الدورات الحضارية 
الى فلسفة التقد قدم المسثمر الذى لا رجعة فيه ٠‏ فالدورات الحضارية فى 
الذهاية تقوم على تصور دائرى الحضارات البشرية بداية وتطورا واكتمالا 
ونباية حتى ولى بدأت الدورة الثاذية من خطوة الى الأمام وليس من الصفر 
كما هى الحال عند فيكى فى التصور الذولبى الذى يجمع بين التصور الدائرى 
والتقدم فى الزمان ٠‏ فالغائية عند كانط جوهر التاريخ ان تسير الانساذية نحو 
غايتبها من الغريزة الى الحس الى العاطفية حتى تصل فى الذهاية الى العقل , 
ولا رجعة الى الوراء هثل الطفل تماما الذى ينتقل من مرحلة الغريزة الى 
المصرفة الحسسية الى المعسرفة الوجدانية ثم الى المعرفة العقليسة 
فى النهاية ٠‏ وفى كل مرحلة تكتشف الانلس-_انذية مقومات التقدم دشل 
ل للشعوب 
.كلها ٠‏ :وكان الفلاسفة قيل كانط قد ركزوا على هذا التقدم المستمر دون 
'دورات ورجوع الى الوراء بروح التفاؤّل الخسالص كما هى الحال عند 


الحر 5 ولقامة ااجتممع المدذنى المسدتذير رن واقامة ل يدول سدياسى شاها 


(4؟) المصدر السابق 2 ص ك4 ب 50 ٠‏ | 
,17ماظ ,0151107683101 65531 111 ,ع0[2أقلط'طآ : عمعطتوه1 .ل.ف 


1661 
رع[ 0لا بتععاط ,قطمه 5011 طن رقوع10 08 لإ«ماقلط مط" : قعوم8 .0 


1108, 


ب 69 لم 


ذرتسيس ديكون ولاموته ٠‏ ذكل فرن بتضمن دالضرورة تقدما عن القرن الماضى. 
ذون خسدائر ودون شيخوخة: ٠‏ فالتقدم نتدحة طبيدية وحتمدة لذكوين العقل 


ا لأذسها ذى ٠‏ 


ة ‏ كما ظهر الاستقبل كاحد مراحل تظور البشرية لم تيلفها يعد ٠‏ 
فقد زفض فونتنل فكرة الذكوص أو قانون القهقرى والعود الى العصر الذهدى *: 
وتصور مرحلة رادعة مستقدباية بعد الطفولة والشباب والرجولة وهئ مرحلة: 
النضجح “غ11 . وفيها تبلغ الانساذية قمة التقدم ٠‏ فالتقذم لا حدود. 
له دن ناحية. المستقبل ٠‏ ليس للانسان عصر قديم يرجع اليه » فالانسانية: 
العاقلة فى تقدم مستمر ٠‏ وهى تق-دم حتمى ضرورى دبصرف الَنظن' عن 
الأفراد ٠‏ فلى لم يولد ديكارت لولد انسان غيره ليقوم بنفس المهمة ٠‏ والتقدم. 
شامل لا يحدث فى العلوم والمعارف وحدها بل يددث فى المجتمع والتاريخ ٠٠‏ 
كما رفض خورى سان ددير تصدور انسانية مثهارة مهن العصدمس الاذهبى الى 
العصور الفضدية والبرونزية والحديدية بل انه قلب الآية وتصور انسانية” 
متقدمة ناهضة من العصر الحديدى وهو عصر طفولة الانساذية حيث كاذت. 
فقيرة جاهلة بالفنون 2 عصمس أفريةقيا وأمريكا الى العصىس البرونزى وهو 
عصىر الأمان والقاذون والفنون الى العصس الذهبى الذى لم تقطعه أوريا 
بعد * وتصبدور العصر الذهبى الرايع 2 عص المستقيل وهى العصر الذى. 
تحكمه الأكاديدية السياسية مع الأكاديمية العلمية ٠‏ وقد ظورت هذه المرحلة. 
المرحلة المستقيلية أيضدا. عند كوندرسيه ( *49/ا١ 1 ١,184‏ ) اذ جعل المراحل 
التسع الأولى لتطور البشرية فى الماضى والمرحلة العاشرة للمستقيل ٠‏ فقد 
عاش الانسان أولا على طبيعته الحسية ثم استانس الحيوان واعتمد على 
الرعى ثم عرف الزراعة الثايتة ٠‏ وبعد ذلك بدات المرحلة الرابعة , المرحلة 
اليونانية وازدهار العلوم والفذون ثم المرحلة الرومانية م مرحلة العصور 
الوسطى من سقوط روما حتى الحروب الصليبية ٠‏ ثم تأتى المرحلة السايعة 
مذذ الحروب الصليبية حتى اختراع المطبعة ثم من اختراع المطبعة حتى 
ديكارت ذم من ديكارت حتى الثغورة الفرنسية وهى المرحلة التاسعة ٠‏ 
أما المرحلة العاشرة فهى مرحلة المستقبل , وهى العصم الذهبى الذى لم تبلغه 
الانسانية بعد ولكن الانسان قادر على التنيق به باستقرائه للعلوم. الطبيعية. 
والاجتماءية ٠‏ وتتحقق فى' هذا العصر أمور ثلاث : المساواة بين الأمم وزوال 
الفوازق بين الشعوب وتساوئ الْجْمْيْع فى الدقوق والواجياث ؛ واللساواة. 


ب ”6/9 


داخل كل أمة زوال الفوارق دين الطبقات , وارتقاء الانسان فى ذاته وزوال 
تشْدّثه وتحفيق وحدته ٠‏ كما تصور فاركس المرحلة الخامسة فى تصوره 
لتطور البشرية من مرحلة الصصيد والقنص وقطف الثمار والرعى الى مرحلة 
الزراعة الى درحلة.الاقطاع الى مرحلة الرأسمالية » وجعلها مرحلة 
الشيوعية التى ستبلغها الانساذية فى ااستقيل * 


كما ظهرت فلسفات آخر الزمان وعقائد آخر الزمان ونظريات الخلاص 
التى تتصور الانسانذية فى ااستقيل ٠‏ فقد كتب فولنى 6ظاهل (لاهلا1 ب 
0) رواية « الأظلال » يتصور فيها البشرية وقد حكمتها نظم الطبيعة 
الأبدية وقواذينها مثل حب الذات والرغبة فى السعادة وكراهية الألم » وتقرير 
الانسان لمصيره وثقته بقدراته وتطلعه الى عالم أفضل ٠‏ كما كتب ستيف 
دى لابريتون ( 18٠١ 1١1/051‏ ) رواية سمماها « سدنة 7٠٠٠١‏ » يتنبا فيها 
بمستقيل الانسانية ٠‏ كما ألف سسبياستيان مرسييه ( 1١5٠0‏ ب ١8798‏ ) 
كتابه « سدنة 8٠‏ 55» متصورا| الأمم وحدة واحدة لا حرب دينها »ويوصف مستةيل 
العالم متاثرا بايبنتز فى أن الحاضى حامل المستقيل ٠‏ وبالتالى فان مستقبل 
الانسانية تطور طبيعى لحاضرها ٠‏ وكان قد بدا بكتايه « المتوحش » واضعا 
مقياس الأخلاقية فى قلب الانسان البدائى ذم ركأى المستقيل البعيد حيث 
لا حرب ولا رق ولا ربا ولا سجون ولا ه.هور * يعيش الانسان حياة يسيطة 
صحية وتذوق الفذون من كل حضارة » يعهل ولا يترهب » ويتربى على مبادىء 


روسصيىق " 


٠‏ ل كما ظهر أيضيا الفكر الطوياوى الذى يصدد فيه الأقراد 
والجتمعات. رؤيتهم لبشرية جديدة ستأتى فى الاستقيل كرد فعل على مآسى 
الحاضى ٠‏ فالفكر الطوباوى رفض للواقع ورؤية للمستقبل على مستوى التمثى 
والآمال وان لم يكن على مستوى التدقيق والتخطيط ٠‏ فاليوتوديا تدل على 
البسلب والرفض ٠‏ فقد كتب هور ( ١٠5"960  ١5!8‏ ) يوثوبيا 2 وكدتب 
فرئنسيس بديكون « أطلانطا الجديدة » »2 مدينة يتراكسها العلماء كما ترأس_ 
الفلاسفة جمهورية أفلاطون ٠‏ وكتب كامبانيللا ( 716348 179 ) ١‏ مدينة 
الشمس » وهارنجتون « أوسيانا » ٠‏ دل أن الحالة الطبيعية التى وصفها 
روسو والجماعة الاشتراكية التى تعيش وفقا الطبيعة التى وضعها مورلى 
لإلل110 2 حيث لا ملكية ولا ظلم ولا طفيان ٠‏ والاشتراكية الطوبارية 


فى القزن “الثَامن عشى والتاسع عشر كلها رؤى استقبل البشرية تكمن وراء 


ب 676 ل 


دتمويل المستقيل الى علم كمى حسيايى مضيوط دون حركة الشعوب. ودون 
التاريخ (70) ٠‏ 

رابعا ب حيرة الحافى فى وجداننا القومى ٠‏ فى أى مرحلة من التاريخ 
دون ذعدش 9 

ونظرا.لغياب المستقيل كبعد أصلى فى تراثنا القديم وفى وجداننا 
المعامس واتجاهنا ندى الماضى فى تراثنا القديم. وانطباع ذلك الفياب فى 
مستقل 1 ذهى :اما رجوع الى الماضى أو دذى الى المستقيل ولكنه لا وجود له 
دذاثه 1 وأصديحدت اتجاهاتذا الفكرية والأسياسية أما رجوعا الى الماأضى 
كما هى الحال فى الحركة السلفية وفى الفكر الدينى التقليدى الذى تمثله 
الأشدرية أو قذن الى المسدتقيل كما هى الحال فى الحركة التقددية وذى الذكر 
العلماذى التقليدى الذى تمثل الماركسية أدد روافده 9 وبالتالى غاب 
الحاضضس ذى 5ليهما » وحوعءس ددن الماضى وااستقيل ١‏ والحقيقة أن كايهما 
يخضع لذهج واحد وهى النقل اما النقل عن القديم المتمثل فى تراثنا القديم 
أو الذقل عن الحديد ااتمثل فى تراث الغخرب * وهن ثم سان الذقل فى حداتنا 
سمواء كان نفلا دبا شأ من القديم أو ذقلا عقلازيا من الجديد . واذا كان 
الحاخس فى الواقع ٠‏ وغاب الحاضر 2 غاب الواقع أيخما 1 فأصيحنأ معلقيزن 
ذى الهواء باذ زمان وذى الفضاء دلا مكان ٠‏ اناك لم دول شعام ذى أى مرحلة 
العديد أى المستقيل البعيد 2 الأول حكى وانقضى الى غير رجعة والثانى لن 
دتحقق فى جدانا ٠‏ وبالتالى أسقطنا من الحساب مها همى مو.كن التدقيق فى 
الزمان وفى جيلنا وفى عصرنا ٠‏ ونظرا لغياب الحاضى والمستقيل القريب 
حاءت بحدرتذا أمامه : ذى أى لحظلة من التاريخ ندن نعيش ؟9 وهن هنا جاء 
التخيط فى التخطيط , والعشوائية فى القرارات ٠‏ والتضارب فى القوانين , 
والعزلة عن الواقع 0 والذقل ذوقه من كل ادجاه ومذ هب دلا ذهاية لمحاولات 
التجرية والخطأ ويلا تعلم هن التجارب ؛ ومن غير اعتراف بالحقائق » ودون 
وعى ددروسن التاريخ و ددن الأمم ٠‏ 

عله المصدن السابق صن الم "الم ٠‏ 
,1720115 بتمع]1 ,118227 ,لإامأقلط 01 1811116 عط : لاعد 861620 .بيك ب 

1959. 


دب ه69 - 


ولما كان الاتجاه نحو المستقيل لا يبدا الا من الحاضى ٠»‏ وكان 'المستقبل 
خطة شاملة ذات مراحل يتم الانتقال فيها فان السؤال يكون : فى أى مرحلة. 
.من التاريخ نحن نعيش ؟ ماهى اللحظة الحاضرة التى يعيشها جيلنا ؟ ماهى 
.هيمة هذا الجيل بالنسبة للجيل الماضى والجيل القادم ؟ ماهو الدور الذى: 
يقوم به جيلنا حتى لا يقوم بأدوار أجيال مضت أو بأدوار أجيال قأدمة ؟ 
وطبقا لتجارب الأجيال الحاضرة ٠‏ وتميدا للمرحلة التاريذية التى ذمر يها 
الآن فانه يمكن رصد المهام الآتية التى تم تشخيصها وتحديدها من مفكرينا 
ومصلحينا وعلمائنا ابان ذهضتنا الحديثة التى شارفت على المائتى عام("؟) ٠‏ 
١‏ هل نحن جيل الأحياء نعيش عصى الأدياء ونقوم يدور الأحياء ؟ فى 
حتيقة الأمر لد مررنا بعصر الأحياء » وهى معروف فى أدبنا الحديث بهذا 
الاسم مدثلا فى البارودى أولا ثم فى شسوقى فى « نهج البردة » ٠‏ وكان 
القصد منة احياء الآداب القديمة والنسج على منوال القصيدة العردية , 
واحياء المعارك العردية القديمة ٠‏ ومازلنا نقوم بذلك حتى الآن ٠‏ نطيع 
المعلقات السبع ونشرحها ونتناقش فى صحتها ونتحالها , وتعيد النظر فى 
المناقضات بين جرير والفرزدق ٠»‏ ونهاجم الأدباء الشبان الذين خرجوا على 
القصديدة العمودية , وندعى الى أدب القدماء حتى انتصر القدماء على 
المحدثين :. واستولوا على أعنة الأدب فهاجر المحدثون الى الخارج أوى الى 
الداخل ريثما درافى القدماء الأجل ٠‏ وبااتالى لم يذشا الاتجاه ذحى المستقبل 
فى حاضرنا نظرا لسيطرة القدماء على المحدثين » وامتداد الماضى على 
الحاضس واأستقيل <٠‏ لقد اسدتطاع الأحياء ولاشك بعث الماضى >2 ودث 
العزة القومية فى لحظات الضعف والهوان أمام الاستعمار والاحتلال 2 
'تجاوزا أظاهر التخلف والانهيار الحضارى وداعقا النيضة الحديثة ٠‏ 
كما استطاع ريط الحاضيى بالماضى عن طريق الأدب خاصية فى الشعر » وتحقيق 
'التواصل الحضارى ٠»‏ وتثبيت الهوية القومية فى اللغة والأدب ٠‏ وتحقيق 
'التجانئس فى الزمان عير التاريخ ٠‏ كما استطاع شعراء الأحياء تاأسيس 
ابداع 'الخاضر على ابداع الماضى ,» والتعبير عن تجارب العصر فى قوالب 
الماضى كما هو الحال فى. شور البارودى وشوقى وحافظ على اختلاف النسية 
.ددنهما دين الماضى والحاضر أن أنه أقرب الى الماضى عند شوقى وأقرب الى 
الحاضر عند حافظ ووسط دين الأثنين عند البارودى ٠‏ وآأخيرا استطاع 


(513) ال احسن حنفى : التراث والتحديد 7 موقفنا من التراث القديم 0 








آلاة ب 


شعراء الأحياء الاساهمة فى الحركة الوطنية 2 سواء فى الثورة العرابية 
كما هى الحال عنب البارودى.أو فى الثورة الوطذية كما هى الحال عند حافظ , 
ومن ثم أصيح الشعر مذيرا للروح الوطنية ومعبرا لها ٠‏ ومع ذلك فقد اقتصر 
الادياء على الأدب عامة والشعر خاصة دون باقى مظاهر الابداع الحضارى 
فى الفلسفة والعلم ٠‏ فسوبق الشعر وتأخرت الفلسفة ٠‏ ولم يحدث حتى, 
الآن ابداع ذى شأن فى العلم ٠‏ كما استمرت فترة الاحياء مدة أطول مما ينيغى 
بل انها لم تنته حتى الآن ٠‏ فمازلنا ندعى الى احياء التراث ٠»‏ ذشرا وتحقيقا 
وبعثا وقراءة ١‏ ونجد ذيه أنفسذا وهى ديذنا ٠‏ يدل على ذلك رواج كتب الثراث 
دون. غيرها ٠‏ كما أن الاحياء فى حد ذاته أقرب الى القديم منه الى الجديد 
بدليل ثورة الأدباء الشبان على شعراء الاحياء بالرغم من ابداعهم وقدراتهم 
الشعرية . ووجود صور أدزية جديدة لوست عند القدماء .ثل المسرحية 
والرواية ٠‏ ومازالت تصور دعوات الاحياء وكأنها فيها خلاصنا من مآسينا 
الحاضرة وتظهر مجلات الادياء. وصحف الاحياء ٠‏ بل ان هذه الدعوة 
بالرغم .من حدودها مازال واقعذا التقليدى بنزوعه ذحى الماضى وبياستخدام 
الأنظمة السياسية لهذا النزوع تدعيما لها فانها مازالت تمثل خطرا على 
الأنظمة السياسية ٠‏ فاذا ماكانت الأنظمة القائمة نسبة الحاضى فيها أكذر 
من الماضى ٠»‏ والدعوة الى الجديد أقوى من الدعوة الى القديم » وأنصار 
المحدثين فيها أكثر من أنصار القدماء أصبحت مهددة بدعوى الاحياء الذى 
يكون فى هذه الحالة ردة الى الماضى ودعوة الى القديم ٠‏ واذا كانت الأنظمة 
القائمة نسبة الماضًى فيها أكثر هن الحاضر والدعورة الى القديم فيها أقوى 
من الدعوة الى الجديد وانصار القدماء ذيها أكثر من أنصار المحدثين استغلت 
الأحياء واستعماته تدعيما النظام ضد دعاة الجديد 2 وأصبحت دعرة 
الاحياء نفسها دعوة لارجعية والتخلف ٠‏ وفى حقيقة الأمر لقد تجاون جيلنا 
عصى الاحياء »2 ولم يعد احياء الآداب القديمة يحتل بالنسبة له تلبية لكل 
حاجاته وتحقيقا لكل مطاليه فى العقلانية والعلمية والثورة ٠‏ بل ان مكتسبات 
الاحياء ذاتها مثل تذوق القديم قد افتقدناها فأصبح الشبان اليوم لا يتذوقون 
القديم ويقلدون الجديد » ومن ثم انتهى الاحياء الى قطيعة فى جيلنا واقتصر 


بعث. القددم على النشىر وااتحةيق والطيع دون ددوق أو فهم أو تطوور(17؟) 3 





(1؟) د١٠‏ عون الشريف قاسم : فى الثورة الحضارية , السودان 19171 
دء عون الشريف قاسم : التراث الروحى. والبعث القومى , السودان . الا9١‏ م 


ب لالا6 مه 


؟ ‏ هل ذحن جيل الاصلاح » نعيش فى عصي الاصلاح ونقوم بدور 
الاصلاح ؟ وهى المرحلة التى اشتهرت فى حياتنا المعاصرة باسم الاصصلاح 
الدينى والتى نتحدث عنها دائما والتى تريط أنفسنا بها باستمرار اذا 
ما أعينا الحيل » وتخدطت بذا السبل . وأرادت الأنظمة السياسية أن تجد 
لها شرعية تاريخية من الماضى أو تحديثية من الحاضر خاصة وأن البعض 
دنها كون رصيدا له فى جيلنا من مناهضضي.ة الاستعمار والاحتلال وتحقيق 
الاستقلال الوطنى للبلاد ٠‏ ولكن الاصلاح مازال حركة نسبية على مستوى 
العقائد وعلى مستوى الممارسة فى سلوك الأفراد وفى النظم الاجتماعية 
والسياسية تجاوزها واقعنا بمراحل وهو الذى فى حاجة الى أحكام نظرى 
والى عمل ثورى جذرى ٠‏ يدعو الى ملكية مقيدة أى ملكية دستورية أى نظام 
المستبد العادل فى اطار النظم القائمة » والى العدالة الاجتماعية فى اطار 
توزيع الدخل القائم على أساس أخلاقى ديتى ٠‏ كما سادته بعض الجوانب 
التقليدية المحافظة فى العقائد مثل الهجوم على النزعة المادية فى « الرد على 
الدهريين » فى حين أن المنطق الاسلامى كما بدا فى علم أصدول الفقة منطق 
مادى يبحث عن العلل المادية الفاعلة والمؤثرة فى السلوك الفردى والاجتماعى 
ويقوم على الدفاع عن مصالح الآمة ٠‏ لم يحدث تفسير ثوزى للعقائد يتفق مع 
متطاليات العصر مما جعل المصلدين يبدأون ورا وينتهؤن مرتدين كما هوق 
الحال مع محمد عبده والثورة العرابية ٠‏ لم تتحول الشريعة الى أيديولوجية 
سياسية شاملة » وغليت العبادات على المعاملات » والواجيات على الحقوق ٠‏ 
كما سادت الحركة بعض الجواذب الصوفية كما هو الحال عند اقبال فى 
« تجديد التفدير الدينى فى الاسلام » وعند محمد عبده فى رسالمة الواردات»' 
وبالتالى لم وتم التغلب على التصوف كأحد مظاهر التخلف الاجتماعى فى 
حياتنا المعاصرة ٠‏ لم يستقل العقل كلية بل كان عمله محدودا فى نطاق 
العقليات ولكنه فى الشرعيات مازال فى حاجة الى وصى وهو الذبى مما جعلذا 
مازلنا ندعى للعقلانية واستقلال العقل ٠‏ ونظرا لحدود حركة الاصلاح 
وتجاون واقعنا لها فان مكتسنات الاصلاح ذاتها التى بدت للجيل الماضى 
قد ضاعت فى هذا الجيل ٠»‏ وتسردت منجزاته من دين أيدينا » وانذهارت تحت 
أقداءنا » واختفت نداءاته من وعينا فعدنا الى مرحلة ماقبل الاصلاح وعدا 
وواقعا ٠‏ انتهت العقلائية المحدودة التى كاذت فى العدل دون التوحيد : 
وتحدولت الى صوفية الهامية ٠‏ وسباد التصوف على الاشعرية بعد أن ازدوجا 
فى وعينا القومى مذذ ألف عام منذ هجوم الغزالى على العلوم العقلية فى 
( دراسات فلسفية ) 


- 0784 


القرن الخامس الهجرى ٠‏ وانتهى التجديد النسبى الى محافظة وتقليدية , 
وسادت روح المحافظة كتيار أساسى وجذرى فى التاريخ على روح المعاصرة 
التى تعير عن متطلبات جيل واحد ٠‏ وخمدت الروح الثورية لمناهضة 
الاسستعمار والتسلط وتحولت الى نقيضها من موالاة للاستعمار وقبول لمظاهر 
الطخيان ٠‏ وتفتت الآمة وقضى على الوحدة الشاملة ابتداء من وحدة مصر 
والسودان 2 وحدة وادى النيل » أى وحدة محير والشام » أى وحدة المغرب 
العربى أو وحدة الأمة العربية أو الجامعة الاسلامية أى الجامعة الشرقية , 
وحلت محلها الروابط والمؤتمرات والجامعات الشكلية بل ومصالع الماجرين 
بالدعوات ٠‏ توقفت الدعوة الى العلم وسادت الخرافة وأعطيت الأولوية 
المطلقة للايمان على العلم ٠‏ وانتهت الدعوة الى القوة والصذاعة » وتحولت 
الى الاعتماد على الغير واستيراد المصنوعات » وتوارت الصناعات الوطذية 2 
وخبا من وعينا الاستقلال الوطنى وعدم الانحياز للشرق أو للغرب ؛ وقربذا 
الدخول فى سياسة الأحلاف ومناطق النفوذ والمعسكرات والتكتلات ٠‏ فنحن 
اذن جيل الاصلاح الذى ام يتم » نشاهد ذهاية الاصلاح وانقلابه الى ااضد 
مما يجعلنا فى حاجة الى اصلاح أكثر جذرية وشمولا وعمقا وتأثيرا » يبقى 
ويدوم » ويتأصل فى نفوس الجماهير , وتحميه بسواعدها ٠‏ يرضى جمادير 
المقفين 2 ويشيع فيهم الطسوح النظرى ». ويكون فادرا على تح_دىي 
الأيديولوجيات المعاصرة باحكامه النظرى وتأصيله التاريخى »2 وقدرته على 
تلبية مطالب العصر » والاستجابة لحاجاته . والتأثير فى الناس ٠»‏ وتجنيدهم 
له ٠‏ لقد تجاوزنا جيل الاصلاح حتى قبل أن ينتهى » هذا الجيل الذى تركناه 
وراعنا “باريعة أجيال(58) ٠‏ 


 "‏ هل ذحن جيل النهضة ٠»‏ نعويش عصر النهضة »2 ونف وم بدور 
النهضة ؟ لقد ظهر هذا! المفهوم فى حياتنا منذ رفاعة راقع الطهطاوى وتأسيرسه 


أحركة النهضة الحديثة ودذاء الدولة العصرية كما وضح ذلك فى 0 مناهج 





(48؟) الأفغاتى : الرد على الدهريين . محمد عبده : رسيالة الواردات وأيضا 
رسالة التوحديد ٠‏ محمد اقبال : تجديد التفكير الدينى فى الاسلام وأيضا 2 ضرب 
الكايم ٠‏ د١٠‏ حسن حنفى : جمال الدين الأآفغانى 2 فى قضايا معاصرة < ١‏ فى فكرنا 
المعاصحسر ص ١» ١١٠١ .5١‏ دار الفكر العريبى , القاهرة ١571‏ . وأيضا دراستنا « الدين 
والثورة فى الثورة العرابية . كتاب الموقف العردى ٠‏ القاهرة ١948١‏ ' 


ب 659/5 ب 


الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية » ٠‏ وقد استطاعت الذهضة ولاشك 
ارساء قواعد الاصلاح الشامل فئ السياسة والاقتصاد والاجتماع والقأنون٠‏ 
كما استطاعت أن تبنى الدولة الحديثة صذاعة وزراعة وتجارة » وأن تكون 
لها الكادر الفنى المؤهل لها ٠‏ وكن تستمر هذه الدولة حتى جيلنا ٠‏ كما قامت 
على الولاء الوطنى واذكاء الروح الوطنية وتربية المواطنين على أن « حب 
الوطن من الايمان » »2 لا فرق فى ذلك بين البذين والبنات ٠‏ كما قامت على 
الحرية والعدل والمساواة وانتشار هذه الأفكار مما سبب قيام حركة تنوير 
حديثة ٠‏ ومع ذلك ظلت هذه الدركة نسبية فى حياتنا دون أن تحدث أثرا 
فعالا مستمرا ٠‏ ظلت فى نطاق اأثقفين ,2 ولم تتحول الى حركة جماهيرية 
عامة » وظلت قاصرة على ابديولوجية الصفوة ٠‏ ظلت فى اطار الدولة 
القائمة التى استفادت منها ولكذها سرعان ما انقلبت عليها دفاعا عن الحاكم 
الذى استبد ٠‏ ظلت أشعرية فى تصورها للعالم » ولم تستطع » تأصيل نهضتها 
من خلال التنوير القديم الذى مثله الاءتزال ٠‏ وكانت فى كثير من الأحيان 
وعلى مازبدى أثرا من آثار الغرب بوجه عام والثورة الفرنسية بوجه خاص ٠‏ 
لذلك سرعان ما .انتهت من حياتنا ٠‏ وخبت .من وجداننا القومى ٠‏ حتى ان 
ايجادياتها ومكتسسياتها وانجازاتها قد تحولت الى نقائضها ٠‏ فقد تحولت 
النخبة المأقفة اما الى طبقة حاكمة تركت الثقافة الى الدكم » وتحولت الى 
طبقة من الفنيين أى الى مجموعات منعزلة لا أثر لها فى الحكم , تعيش من 
الثقافة على هامش الدولة ٠‏ ونادرا ما وجد المثقف المؤثر الذى شرعان 
مايصطدم بالنظام ويذتهى اما بالاستشهاد أو الهجزة الئ الداخل أو الهجرة 
الى الخارج ٠‏ انتهت الذهضة الشاملة 2 وحدث انفصسام بين التحديث 
والنهضة ٠‏ وكلما زاد التحديث الخارجى قويت المحافظة الداخلية نظرا 
للجذور التقليدية التى تكمن وراء النهضة ٠‏ كما انتهت الدولة الحديثة 
وتحولت الى دولة تقوم على حكم الفرد » وحكومة العسكر . سوقا للاسواق 
العالمية » ومنحازة للغرب ٠»‏ تستجدى السلاح بعد أن كانت تصنعه » وتستورد 
التحديث بعد أن كانت من رواده ٠‏ كما ضاع الولاء للوطن وحل محله الولاء 
للأجنبى ٠‏ وانتهت مثل “الحرية والعدالة والمساواة , وانقلبت الى نقائْضها 
مثل التسلط والظلم والتفاوت الطبقى ٠‏ وظات النهضة حاليا هجرد أمل 


886ه ب 


والثروات ودبورّس الجماهير وخوفها وضياع كرامة الفرد وانسانذيته(9؟) ٠‏ 


؛ - هل نحن جيل العقلاذية 2» نعيش عصم العقلانية 2 وذقوم بدور 
العقلاذية ؟ تتمثل الدعوة العقلانية فى كل التيارات الذكرية الح ديثة فى 
حياتنا المعاصرة ٠‏ فهى القاسم المشترك بين الاصصدلاح الدينى والذكر العلمانى 
والتيار الليبرالى ٠‏ أحيانا يكون العقل مرتبطا بالدين » وتكون العقلانية فهما 
مستنيرا للدين » وتكون فيه الأولوية للعءقل على النقل ٠‏ وقد يضم العقل الى 
الوجدان فيكون مثالية وجداذية مثل « الجوانية » تطويرا للايمان الدينى ٠‏ 
وقد يرتبط العقل يالحس والمشساهدة والاستدلال والاستذياط والاستقراء 
والبحث عن العلل » فهى أساس التفكير العلمى ٠‏ وقد يتوجه ندو التجرية 
الانسانية فيكون دعوة الى التأمل والتذكير وتحليل التجارب البشرية لمعرفة 
ماهياتها والواقع من خلالها ٠‏ ومازالت الدعوة قائمة فينا حتى اليوم لاقامة 
مجتمع عقلانى . وتأسيس حياتنا العامة على العقلانية ٠‏ وبالرغم من صحة 
الدعوة وصدقها على مستوى النظر الا أنها أصبحت شجاعة سهلة لتعليق كل 
أخطاء الءعصر على غيايها 2 ومقفتاحا سحريا يحل كل أزمات الوحصر حتى 
تحدولت الى مجرد كلمة تتناقلها الألسن » وتتراشق بها الأفواه ٠‏ دخلت فى 
أجهزة الاعلام » وتحولت الى شعارات فلسفية واجتماعية » ومقالات صدفية 
حتى فقدت أى أثر لها » وتحولت الى تجارة ودعاية مثل كل الدعوات الحديثة: 
كما أنها اقتصرت على التوجيه العام دون أن تتدول الى برامج تفصيلية 
وتخطيط لمظاهر الحياة العامة على أساس عقلانى ٠‏ فماذ! يعنى الاقتصاد 
العقلانى ؟ والسياسة العقلانية ؟ والاجتماع العقلانى ؟ والقانون العقلانى : 
والفن العقلانى ؟ ولم تخل الدعوة من بءض تقليد للغرب دون أن تكون 





(19) الطهطاوى : مناهج الألباب المصرية فى مباهج الآداب العصرية . القاهرة 
٠ 75‏ دء أنور عيد الملك : الفكر العربى فى عصر النهضة , دار الآداب , بيروت 
051 , وأيضا : تنمية أو نهضة حضارية ٠‏ المستقبل العربى 2 سبتمبر ١978‏ , 
النوضة الحضارية . قضايا عربية 2 ابريل ٠ 1١9154‏ 

محمد قطب : معركة التقاليد 2 دار الشروق » القاهرة 9/ا9١ ٠‏ 
دلق بعأهطه0ج!5 عنصووةم تو دع8 غعء مأع106010 : عالء8121-اء لطم "اقنامصف 
9 فاوط ,5متزمقطنا 


08١‏ مس 


تأصيلا لعقلانية التراث وتطويرا لها ٠‏ والعقلانية فى نهاية الأمر ابتسار 
للنوضة لأن العقلانية أحد مظاهر النهضة , والنهضة أوسع منها وأشمل , 
ولا يمكن رد الكل الى الجزء ٠‏ ومع ذلك فقد ضاعت هذا ماآثر العقلانية 
ومنجزاتها فى حياتنا الفكرية والسياسية ٠‏ وتحولنا الى الاشراقية والالهامية 
والكشفية والمعارف اللدنية ٠‏ وتدولنا هن عقلاء الى دراويش + ومن علماء 
الى أولياء 2. ومن طلاب لأساتذة الى مريدين ومشابخ ٠‏ ومازالت الدعوة 
قائمة تتكرر كل يوم ولا تؤدى الى شىء ٠‏ والعقل المبتس من الواقع الحسى 
والنذقد الاجتماعى والتغيير الفعلى والثورة الشعدية فانه عقل فارغ صورى 
يؤدى الى الهروب أكثر مما يؤدى الى الاقتحام ٠‏ ان مهمة جيلذا قد تجاوزت 
الدعوة الى العقل والعقلانية نظرا لضرورة توجيه العقل الى الماضى فى نقد 
الموروث والى الحاضر فى ذقد المجتمع والى المستقبل فى الاعدان للثورة(١5) ٠‏ 


5 هل ذحن جيل التنوير » نعيش عصر التنوير » ونقوم بدور التذوير؟ 
والتذودر هو العمل الشامل العقل . وامتداده فى. شتى ذواحى الحياة 2 
وأثر من آثار العقل » واحد نتائجه » وتطبيق لمبادئه » وتوسيع لدائرة نشاطه , 
وتحقيق لذجزاته ٠‏ وقد كانت الدعوة الى الدنوير مواكية للدعوة الى العقل 
وأحد مظاهرها ٠‏ وقد اشتدت بعد الهزائم العربية الأخيرة » وكثر الداعون 
لها بل وذشآت حركة تنوير فعلية عامة تضم كافة الاتجاهات الفكرية والوطذية 
فى تاريخنا الحديث ٠‏ وبالرغم من أهمية الدعوة وجدواها , والخروج بالعقل 
من المنهجية العلمية الى الحياة العامة الا أنها مح دودة الأثر ,2 مغلقة 
الحدود ٠‏ تتمثلها مجموعة من الأفراد »2 وليست تيارا حضياريا عاما يعير 
عن روح العصر أو حركة جماهيرية شعبية تحدد مسار التاريخ ٠‏ هى رد 
فعل على هزائم العصر أكثر منها فعلا اراديا قرديا وجماعيا خاصة بعد هزيمة 
أيديولوجيات التقدم : الماركسية والناصرية والقومية التى سادت جيلنا 
واحساسها بنقصها فى عدم الاعتماد على العقل والحرية ٠‏ هى دعوة مجتثة 


ةا ل* محمل عمارة : التراث فى ضدوء الوعقل 0 دان الوحدة 2 ديروت م5١‏ 


ل* مكحكمل عمارة 08 الاسيلاء. وقضادا العصر ص 1١‏ ©580١غ.‏ دان الوحدة 2 


1 
٠ ١5480 بيروت‎ 

د١‏ زكى تلجيب محمود : المعقول واللامعقول فى ترائنا الفكرى . دار الشروق 
( بلا تاريخ ) ٠‏ 


ل* زكى تجدب محمود : في حداكذا العقلية 03 دان الشروق ٠»‏ بيروت ١5/6‏ 


6مة6 ب 


الجذور عن الجماهير خاصة وأن كثيرا من دوائرها تتركز خارج العاالم 
العربى فى الغرب .2 حيث يسهل الدعوة الى التنوير فى العالم الاثلث ٠‏ 
ففى الغرب 53كون الحردية وتتمركز جماعات الحرية حتى لقد اتهمث بتأيدد 
الغرب لها ان يراها الغرب بديلا وحليفا ٠‏ هذا بالاضافة الى غياب برامج 
مفصلة ٠‏ هاذا يعنى التذوير فى الاقتصاد والسدياسة والاجتماع , وكأنها 
مجرد دعوة ثقافية اصلاحية عامة ؟ لم تتأصل الدعوة فى تراثنا الاعتزالى 
الذى كان يقوم بمهمة التذوير فى مواجهة الاشعرية التقليدية المحافظة ٠‏ ومع 
ذلك فالدعوة الى التنذوير الشامل واطلاق العقل من عقاله وتسليط ذوره على 
النظم السياسية والاجتماءية والعادات والعرف والتقاليد والعقائد الموروثة , 
مرحلة تاريخية يمر بها كل مجتمع يتجه من التقايد الى التحرر ٠‏ فهى تجعل 
العقل والبرهان معيار الصدق » وتواجه الرأاى بالرئى »2 ولا تواجه الرأى 
بالسيف , والفكرة بالمقصلة ٠‏ والدليل بالاعتقال 2٠‏ والبرهان بالتعذيب 
تحترم الآراء الأخرى ٠»‏ وتدافع عن حريات الآخرين ٠‏ فدرية الفكر قيمة فى 
ذاتها » أحه حقوق الانسان ٠‏ تحول التذوير الى نظرة الى الحدياة اليومية 2 
ونظرة تقدمية الى الأوضاع الاجتماعءية حتى تتحول بعد ذلك الى ثورة فعلية ٠‏ 
ومع ذلك ضماعت منجزات التنوير النسبية » ووقع جديانذا فى التعتيم والاظلام » 
فلا يدتكم الى العقل » وتسيطر على حياته الارادة المشخصية الحكام أو العرف 
والعادات والتقاليد ٠‏ وتظهر المحافظة التقايدية كرريث وحيد للتاريخ * وقد 
تجاون جيلذا التنوير كحركة ثقافية الى التذوير كحركة اجتماعية نقدية تمهد 
الثورة وترسى قواعدها » وتهىء ظروفها » وتضع شروطها ٠‏ فالتئوير فى 
هذه الحالة يكون وعيا اجتماعيا لحركة التاريخ(١؟) ٠‏ 


1 هل نحن جيل العلم » يعيش عصر العلم » ويقوم بدور العلم 1 
كاذت الدعوة الى العلم مثل الدعوة الى العقل والتذوير قاسما مشتركا بين 
الاتجاهات الرئيسية الثلاث فى حياتنا المعاصرة ٠‏ وكان العلم هى العلم 
الطبيعى الذى قدم انجازات رائعة فى الغرب فى اكتشافه قواذين الطبيعة 


(١؟)‏ الثقافة الوطنية , نحو عصى تنوير عريبى جديد , العدد الثانى ٠.‏ ص 
“لم 23٠١١‏ القاهرة ٠ 1١948١‏ 

د' حسن حذفى : نحن والتذوير » قضايا عربية » يوليو ١989‏ ' 

أذنظر أيضا مجلة « الاحياء العريى » التى صدرت فى باريس العام الماضى وتوقفت 
بعد اغتيال رئيس تحريرها صلاح الييطار : 


ا #مه5 ب 


والسيطرة عليها والتذيق بدوادذها ٠‏ كان العلم فى الاصلاح الدينى نسق 
لالعقل » وتصور للطبيعة » وتحكم فى قواذينها » وتسخيرها لصالح الانسان ' 
وكان فى التيار العلمائى العلم الطبيعى المادى خاددة علوم الحياة وذظرية 
النشوء والارتقاء ٠‏ وكان فى الفكر الوطنى القومى العلم الاجتماعى الذى 
يدرس الحداة الاجتماعية والسدياسية ٠‏ ومنذ أكثر من أربعة أجيال »2 منذ 
رؤية علماء الأزهر للتجارب العلمية التى أجراها علماء الذورة الفرذسية فى 
حملة نابليون على مصر ٠»‏ والدعوة مازالت قائمة 2 ولم تتحدول مجتمعاتنا 
الى مجتمعات علمية »2 ولم يحدث ادينا أى تصور علمى العالم باستثناء 
لحذلات فريدة فى تاريخذا مثل حرب أكتوير » ودفعا لعار الهزيمة ٠‏ ومازالت 
الدعوة مجتثة الجذور لا صدلة لها يبتصور العلم فى تراذنا القديم وتعبيره 
عن التوحيد كشرط لدصول تصور علمى للطبيعة ٠‏ هى دعوة مقلدة الغرب 
بعد انتصارات العلم الطبيعى فى القرن الماضى ودون معرفة بأزمة العلم فى 
هذا القرن ٠‏ كما أنها تذلط بين العلم كقانون طبيعى أو كاكتشاف علمى ودين 
التصدور العلمى للعالم واستعماله المنهج العلمى » فقد يحدث تطبيق لمنجزات 
العلم فى مجتمع تسودهالخرافة ولا يتحول بذاك المجتمع من مجتمع خرافى 
الى مجتمع علمى ٠‏ بل انه قد ينظر الى العلم على أنه خرافة أو سحر قادر 
على فعل المعجزات ' والعام لا ينشا فى فراغ بل حركة ذضال طويل محفوف 
بالمخاطر ضصد السلطة 2 سلطة رجال الدين وسلطة العقائد الموروثة بل 
والسلطة السياسية فى نظم التسلط والطغيان ٠‏ وغالبا مايقوم بهذه الدعوة 
العلمانيون المسيحيون حيث يصعب عليهم الدعوة الى الاصلاح الديثى ,2 
ويسهل عليهم الاقتباس من الغرب المسيحى الذى ينتمون اليه بالولاء 2 
مما جهل الدعوة محدودة الأثر » تصطدم دتراث الأمة » وتهددها بنزع هويتها 
واستلابها اصالمح الغير ٠‏ ومع ذلك لم تستمر هذه الدعوة طويلا ٠‏ فسرعان 
ما اقترن بها الايمان فى جيلذا » وبالتالى الوقوع فى ازدواجية المعرفة « العلم 
والايمان » ٠‏ والايمان أصيل والعلم أجنبى مما يجعل الدعوة الى الأصالة 
تشجب العلم وتذفر منه ٠‏ فقل الجانب العلمى فى حياتنا . وازداد الجانب 
الايمانى ٠‏ وتصورنا العلم مفتاحا سحريا نهزم به الأعداء , وتعمر به 
الصحراء ٠‏ ونحل به المشاكل المستعصية ٠‏ وأصبح غياب العلم شماعة 
نعلق عليها جميع الأخطاء ٠‏ ثم تحول العلم الى أسطورة خاصة بانجازاته 
فى التكذولوجيا الحديثة فى مجتمع لم يتم فيه بعد القضاء على الأساطير 
حتى أصبح شعار « العلم والتكذولوجيا » أضحوكة يتندر بها الناس 

أن مهمة جيلذا هو الاعداد للعلم والتمهيد له وذلك باحكام عمل العقل وتوجيهه 


058686 ب 


عالم يحكمه القانون (؟؟) ٠‏ 


!ا هل ذحن جيل التصيع » نعيش عصصر الصناعة »2 ومهمتنا تدحويل 
مجتمعاتنا الزراعية الى مجتمعات صمناعية ؟ فقد افترذت دعوة العام بدعوة 
أخرى للتصذيع أى امنجزات العلم وآثاره ٠‏ فالتصنيع هى القادر على تحديث 
المجتمعات والانتقال يها هن عقلية الريف الى عفلية الحضر »2 من حضارة 
الزراعة الى حضارة الصناعة ٠‏ وبااتالى ترك القدرية الى الفعل الحر ,2 
والسكون الى الحركة ٠»‏ والخلود الى الزمان ٠‏ فالمجتمع الصناعى يفرضص 
قيمه 2 ويفرن ثقافته 2 وان كل دعوات الاحياء والاصلاح والنهضة والعقل 
والتنوير والعام لهى دعوات مثالية فوقية لا تحدث أى أثر فى الواقع ٠‏ وان 
كان لهذه الدعوة مايبررها حتى يتحول المجتمع من مجتمع زراعى الى مجتمع 
صناعى لزيادة الدخل القومى واكتساب عادات جديدة الا أنها محدودة 
الأفق تقوم على تقليد الغرب الصناعى وما حدث فى المجتمع الغربى فى 
القرن الماضى ٠‏ كما أذها تقوم على افتراض خاطىء فى عام الاجتماع 
الغربى وهى أن قيم الريف أقل شأنا وتطورا من قيم الحدضى ٠»‏ وأن التطور 
الطبيعي للمجتمعات ومسار تقدمها هو الانتقال من الأولى الثاذية ٠‏ فالقيم 
الزراعية لا تدير بالضرورة عن التخلف ٠‏ وهناك مجتمعات زراعية متقدمة 
دثل المجتمعات الصديذية والمصرية القديمة ونهوضة فيثنام والصين الحالية ,2 
وثورات الفلاحين فى أمريكا اللاثيئية ٠‏ كما أن القيم الصمبناعية لا تعنى 
التقدم بالضرورة ٠‏ فبالاضافة الى قيم الزمان والوقت والايقاع والضيط 
والدقة والعمل والانتاج والوفرة هناك أيضا قيم الآلة وضدياع الانسان وفقدان 
الترايط الاجتماعى والاستهلاك والاستغلال والاحتكار وكل مظاهر الفساد 
والرشوة والتهرب من الضرائب والمذافسة والقثل والاغتيال ٠‏ كما أن تحول 
المجتمع من ذمط الانتاج الزراعى الى ذمط الانذتاج الصذاعى لا يؤدى بالضرورة 
الى تغير فى نسق القيم » فقد يتم التصذيع بعقلية الزراعة » وقد تقام الزراعة 


بعقلية الصذاعة 86 ومع ذاك وبعد محاولة التصذيع الأخيرة مجدمعا تذا ضاعت 


(؟؟) د٠١‏ فؤاد زكريا : التفكير الدلمى 2 عالم المعرفة . عدل » 2 الكويت »2 
مارس ١37‏ .5 


لي" زكى دجدب محدولكل : تجددد الفكر العربى 0 دان الشروق ٠‏ ديروت ١/ا‏ و١ ٠.‏ 


6ه 


منجزاته!ا ولم تستمر مكاسبها ٠‏ فقد أخذ العمال حقوقهم دون نضال كاف ,2 
كهدة من الدولة » ودون وعى عمالى » ودون تصور العمل الدقيق ٠‏ كما تمت 
ادارة المصائع بالعقلية البيروقراطية وليس بعقلية التصنيع والاكتفاء الذاتى 
وسرعة المبادرة ٠‏ وأحيانا يسوء الانتاج نظرا لغياب قيم الصناعة مثل الدقة 
والضيط ٠‏ اذ قامت الصناعة على القيم التقليدية والعادات الموروثة مثل 
الاهمال والتكاسل والتهرب والاحتيال والذهب والسلب وحسرق المخازن 
وسرقة المواد الخام ٠‏ ولما كان التصذيع قرارا من السلطة السياسية وليس 
تطاورا طدبيعدا للمجتمع سرعان ماضماعت الصناعات الوطنية أو توقفت 2 
وعاد الاستيراد من المذتجات الأجذبية فتوقف التددنيع ٠‏ ان جدلنا هى الجيل 
الممهد الصذاعة الوطنية وذلك بتنمية روح الانتماء للوطن ٠‏ ويبث التصور 
العلمى للعالم » وبالوعى بالطبيعة والأرض والاستثمار » وبالعمل الماتج ٠‏ 
فلا صبناعة بدون شروطها فى الوعى القومىي؟؟) ٠‏ 


4 هل نحن جيل التخير الاجتماعى 2 ذءعيش عصر التغير الاجتماعى : 
وبالتالى يكون دورنا :هموق الاساهمة فى صداغة عمليات التغير وتحقيقها 9 
وهى آخر الدعوات التى قام بها جيلنا والتى قام بتحقيقها بالفعل والمساهمة 
فدها . وقد سادت حداتذا فى الذلث قرن الأخير لاحداث تغيرات هيكلية فى 
دحتمها دذا ' ودث أذكار جددد 8 عبر عن واقعذا وتحقق مصااح غالدية الأمة 13 
إذاك بدددر الدعض منا ذفسه حيل التحولات الاجتماعية وآاحيانا جيل الذورة ٠‏ 
ففى هذا الجيل تم القضاء على الملكية والاستعمار والفساد . كما تم تحقيق 
الاستقلال الوطنى للبلاد ومناصرة جميع قضايا التدرر العربى والافريقى 
والعالمى ٠‏ وصدرت قواذين الاصلاح الزراعى والتاميم لتحقيق أكير قدر ممكن 
سر العدالة الاجتماءية وو ضمع حد اذهاية الاقطاع ورأس المال ودذذويب الفوارق 
ددن الطيقات ٠‏ كمأ دعدثت الروح القومية وثكمت أول صمح اولات اأوحدة 
العردية « وأذشات حركات عدم الانحياز ودم اكتشاف الدوائر الحضارية 


(9؟) د٠١‏ فؤاد زكريا : الانسان والدضارة فى العصم الدمناعى » , القاهرة 
17 , ونضرب باسثمرار المثل الآتى : لو تم ادخال آلة تصنيع عصير برتقال فى 
القرية » يدخل البرتقال من جانب وتخرج معلبات العصير من الجائب الآخر فانه يعد 
مدة من الزمان سيلقى عليها الفلاحون وشاحا أخضرا ويعتبروئها ضريحا قادرا على 
فعل المعجزات ٠‏ 


1ه ب 


الجديدة للشعوب المستقلة مثل باندونج ٠‏ كما تم تصصنيع البلاد » وتحولت 
من الانتاج الزراعى الى الانتاج الصدناعى ٠‏ وتأسس القطاع العام » وسيطر 
الشعب على وسائل الانتاج ٠‏ ومع ذلك فقد كانت المخاسر كبيرة ٠‏ فقد حدثت 
تغيرات هيكلية فى بذاء المجتمعات دون أن توازيها تغدرات جوهرية فى الأبذية 
الفوقية أى المقولات والتصورات والمفاهيم والأبنية النفسية وانساق القيم ٠‏ 
فسرعان ما حدذت الانتكاسات والردة بغياب القيادة السسياسسية الثورية 
وسيادة المفاهيم التقليدية التى تضرب بجذورها فى التاريخ ٠‏ ولقد تم استعمال 
هذه المحافظة التقليدية لتدعيم النظام الجديد وايقاف التحولات الاجتماعية 
والهجوم على المعارضة السياسية التى تبغى مزيدا من التقدم ومزيدا من 
التأصيل ٠‏ كان الفكر الحامل لهذه التغيرات الاجتماعية شعارات سطحية 
خطابية مجتثة الجذور عن ثقافة الشعب » وبيذها وبين الواقع مسافة شاسعة 
جعاتها صعية التصديق ٠‏ كما غابت حرية الرأى والمعارضة ,» واصطدمت 
الشعارات الجديدة بالثيارات الأصيلة فى المجتمع الدينية والعلمانية 
وتشخصت الزعامة » وغابت المؤسسات ٠»‏ وتهرات التنظيمات الشعبية 
صحيح أن بض الأفراد كانت على مستوى الثورية ولكن الكوادر ونظم الدولة 
كانت محافظة مما أدى الى نهاية التجرية بنهاية الأقفراد ٠‏ دل ان هذه 
المكتسبات الأولى قد ضاعت ٠‏ فضاع الاستقلال الوطنى للبلاد » ووقعت فى 
التبعية » وتحالفت مع القوى الاستعمارية . وقام الحكام بدور الماوك 
والأباطرة الجدد » واستشرى الفساد فى الحزب الحاكم دون معارضة أو 
ذقد 2 وزادت الفروق دين الطبقات 2 واحتجبت مصر عن الوطن العربى »2 
وتقطعت أوصداله . وانتهى التصنيع . ويدا الاستيراد ٠‏ كان يمكن لجيلذ-ا 
أن يكون جيل التدولات الاجتماعية لولا عزلته وعدم مشاركته وحسرته واألمه 
وأحزانه وضياعه وبكائه على الماضى وضياع حريته(؟١) ٠‏ 

<< 4 هل نحن جيل الثورة الشاملة , نعيش عصر الثورة » ومهمتنا 
ممارسة الثورة نظر وعملا ٠‏ فكرا وتنظيما ؟ لا تعنى الثورة هذا مجرد تغوير 


نيه الميثاق الوطذى : القأهرة 5151 مجموعة خطب جمال عيد الخناصر 2 
دمسة أجزاء 3 وزارة الارشاد القوهى 0 القاهرة ١116‏ 2 خطب وأحاديث وتصريحات 
جمال عيد الناصر . جزءان , الأهرام , القاهرة ١917١‏ أنظل أيضا « عبد الناصر 
وما بعد »م كتاب قضايا عربية ' أكتوير ١538٠‏ 3 


د لاألمه ب 


الهياكل الاجتماعية والأنظمة السياسية علنا أى سرا ٠‏ فقد تم ذلك فى الدعوة 
السايقة دون أن تحدث ذورة ٠‏ ولكن .هذه الدعوة تعنى الثورة الشاملة التى 
تضدم انجازات الاحياء والاصلاح والنهضة والعقلانية والتنوير والعسام 
والتصصدنيع والتغير الاجتماعى ٠‏ دبدأ بتنوير المفاهيم والتصورات والقوالب 
الذهذية والأبنية النفسية أى احداث ثورة فى الأذهان وفى العقول وقى 
النفوس وفى المشاعر ٠‏ ثورة فى الحياة اليومية وفى أسبالدب السدلوك 

فالثورة ليست منجزاتها بل مقدماتها. » وليست نتائجها يل شروطها ٠‏ ليست 
الثورة الفرذسية هى اقتحام الجماهير سجن الباستيل فى ١5‏ يوليو ١7/895‏ 
دل اعداد الوعى القومى لذلك يفضل جهود مفكرى الثورة الفرنسية وفلاسفة 
التذوير فى القرن الثادن عشر ٠‏ فلا شىء يتغير فى الواقع مالم بتغير فى 
الوعى أولا ٠‏ لا شأن لهذه الثورة الشاملة بتغيير النظم السياسية القائمة ٠‏ 
ولا تقوم على استعمال العذف بل تعتمد على أعمال العقل » وتحليل الواقع , 
والتعبير عن الرأى » ومقارنة الحجة بالحجة , ومقايلة اليرهان بالبرهان ٠‏ 
وهى الطريق الذى سدلكه الآندياء فى محاجة أقوامهم ٠‏ فالثورة الشاملة هى 
ثورة الأذبياء » يقوم بها علماء الأمة , فالعلماء ورثة الأندياء ٠‏ وتمتان هذه 
الثورة بأنها الأبقى والأدوم 2 والارسخ والأعمق » والأمن والاسام دون ردة 
أى ذكوص » ودون تغيرات على السطح » ودون مخاطر ومخاسى ٠‏ يستمر 
فيها تاريخ البلاد » وترث حركات التجديد ٠‏ وتتسم بالأصالة » وتربط الماضى 
بالحاضر فلا يحدث انقطاع أو تغريب ٠‏ تبدا بالجذور ٠‏ فى الأذهان قبل 
الأعيان ٠‏ فالوقائع هى تصصدورات متحققة 2 والتصورات وقائع ممكنة 

تجرى حوارا شاملا بين كل الآراء والاتجاهات » وتحقق الوحدة الوطنية 
دون أن تكفر أو أن تخؤن أحدا ٠‏ لا شأن لها بتنظيم الحكم ولا تقوم الا على 
النصيحة والراى ٠,‏ والتعذير الصادق عنه . ودون عنف ٠‏ ودون استعمال 
للقوة ٠‏ ميسرت موجهة ضد أحد بل تهدف الى دفع حركة التاريخ الى الأمام ٠‏ 
فقد أثرت أفكار دون سلطة ولم تؤثر سلطة دون آفكار ٠‏ ترغى مصالح الأفة ' 
وتحقق مطالب الأغلبية الصامتة ٠‏ تهدف الى التغيير والاصلاح وتحقيق 
التقدم وتذحى الى ما هى أفضل على طريق الذيوة ويهدى الوحى ٠‏ ولا يعاب 
عليها أنها مثالية , تيدأ بالفكر » فهذه امثالية لدى شعودذا هى الواقعية ,2 
وحصيلة التؤارب الطويلة لأجبالنا ااتلاحقة ٠‏ لا تنقل مراحل الغرب يل 
تشخص مهام أجيااذا ٠‏ وتحدد مهمة جيلذا بتحليل مياش للواقع ودبوصف 
لكاسب الأجيال ومخاسرها ٠‏ ليست تصورا آليا للتطور لأنه يمكن القيام 


كُمة ب 


بهذه المهام كلها فى آن واحد مع تغلب مرحلة على مرحلة طبقا لروح العصر ٠‏ 
ولا خوف من هن العادات وااتقاليد فى النفوس , فالهدف هى رعاية مصالح 
الأمة , والأبنية الفوقية ذاتها انما هى تراكم طويل لخبرات السنين ٠‏ يؤولها 
كل جيل من أجل تحقيق هذه المصالح ٠‏ تلك مهمة جيلذنا التى يمكن من خلالها 
القضاء على الحيرة فى الحضر حتى يمكن كشفه والاعداد للمستقبل(ه) ٠‏ 


خامسا ‏ حساب المافى » وأزمة الحافى ؛ وهموم المستقبل فى الوعى 
الأوردى : 


وفى نفس الوقت الذى يحاول فيه جيلذا تحديد مهمته ومرحلته التاريخية 
المحددة وذلك لاستئناف النهضة الحديثة بالرغم مما اعتراها من عثرات فان 
الوعى الأوربى اليوم ومنذ جيل أو جيلين يحاول أيضا نفس الشىء أى تحديد 
مهمه الحالية 2» وعمل كشف حساب للماضى ولتشخيص أزمته الماضرة »2 
والتعبير عن هموم المستقبل ٠‏ وكما كان لديه احساس بالبداية الثاذية 
كما كان لديه هو ابان عصور الاحياء والاصلاح والنهضة لديه هى الآن 
احساس بالنهاية لهذه البداية كما كان لدى ابن خلدون بالذسية انهضتنا 
الاسلاءية الأولى ٠‏ والوعى الحضارى عندما يبدا يؤرخ لنفسه يكون ذلك 
مؤّشر! لبداية الذهاية كما كأن الحال عند أرسطى مؤّرخا وعند ادن خلدون 
مؤرخا وعند ذيتشة ٠‏ وشيلر » وهوسرل » وبرجسون ٠‏ واشبنجلر » وتوينبى. 
مؤرخين للوعى الأوربى ومعلنين ذهايته و « أفول الغرب » ٠‏ اذ يكاد يجمع 
فلاسفة الغرب فى هذا العصر على أن الوعى الأوربى قد شارف على نهايته 
بعد أن بدا فى عصر النهضة وتحدد مساره من البداية الى النهاية ٠‏ فان! 
كانت ذقطة البداية فى الكوجيتو عند ديكارت تكون نقطة النهاية فى الكوجيتى 
عند هوسرل أو الزمان عند برجسون أو الشخص عند شيلر ومونييه أو 
الوجود الانسانى عند الفلاسفة الوجوديين أو الحياة عند فلاسفة الحياة أو 
الفعل عند بلوندل أو الارادة عذد نيتشة أى العمل عند ديوى وجيمس ٠‏ 


(5؟) دء حسن حنفى : الضباط الأحرار ١م‏ المفكرون الأحرار ٠‏ قضايا عربية . 
سيثمير 8لا9١ ٠‏ 

د' محمد أحمد خلف الله : القرآن والثورة الثقافية . الانجلو المصرية , 
القاهرة , 4/ا9١ ٠.‏ 


ب 0688 سد 


بد الوعى اوربى فى لحظته الحاضرة يعمل حساب الماضى » ويشخص 
أزمته فى الحاضر » ويعبر عن هموم المستقبل ٠‏ فوجد أنه من هذه البداية. 
فى فجر النهضة الأوربية خرج تياران : الأول التيار العقلى الذى بدأ من 
ديكارت وسار فيه الديكارتيون , بسكالواسبينوزا وليبنتز ومالبرانش دم كانط 
من بعدهم ٠‏ ثم بدا الكانطيون فى تطوير العقل وضمم الواقع اليه أى نقده 
لدساب الوجدان حتى انقلب الى الخضد فى الحركة الرومانسية ولدى فلاسفة 
الحياة والوجود أذتهاء بهوسرل », نقطة النهاية 2» فى نقده لصورية العقل ٠‏ 
والثانى التيار الحسى الذى خسرج أيضا من ديكارت يمثله الدسيون 
والتجريبيون ٠‏ لوك وهوين وهيوم وبداية من بيكون ٠»‏ ابتداء من الحس 
والتجرية ٠‏ ناقدين الأفكار القبلية وجاعلين العقل مجموعة من الانطباعات 
الحسية ٠‏ تم رفع هذا التيار بنقد المعرفة الحسية ونقد الوضعية بفضل 
موسرل وتسيلر وبرجسون ومعظم الفلاسفة المعاصرين وعلى رأسهم 
الوجوديون ٠‏ فتلاقى التيار الثانى مع التوار الأول فى نقطة الذهاية 2 فى 
الكوجيتى عند هوسرل حيث تم نقد التجربة ونقد الصورية » وتحقيق وحدة 
الشعور بين العقل والتجربة ٠‏ الوعى الأوربى اذن له بداية وذهاية ومسار , 
وله بناء ثلاثى : الصورة والمادة والشعور ٠‏ الرقع والخفض والاستواء , 
الأعلى والأدنى والداخل(” ٠‏ 


بدا الوعى اوربى يراجع ذاته » ويقدم لنفسه كشف الحساب لكل من 
تياراته الثلاث ٠‏ ولبنائه وتطوره ٠‏ مبينا مكاسيه ومخاسره فلعله يراجع 
ماضيه 2 ويدول مخاسره الى مكاسب جديدة ان لم يكن الأوان قد فات ,2 
وانتهت الدورة الحضارية الأوربية الثانية ان كانت دورتها الأولى قد تمت 
لدى اليونان والرومان ٠»‏ لعله يراجع ماضيه ٠‏ يعرف عيويبه وسدب أزماته 
الداضرة . وغموض مستقبله الذى شارف على التقلصى والاحتضار ٠‏ فوجد 
هذا الحساب كالآتى : 


١‏ بالرغم من انتصارات العقل ونقده للموروث وصراههة سد 








(56") د٠‏ حسن حنفى : موقفئا من التراث الغربى فى قضايا معاصرة , ه ؟ 

فى الفكر الغربى المعاصر 2. ص ” . 75 دار الفكر الوربى , القاهرة لا1917 ٠‏ 
حل 1-11 عنة12 ,عأع5262010متقطم ه[ 46 عمنع6عء نآ : القضققط لمعمو 
.0 ,ع نون عا ,أطوطة. 


- 0658 


السلطتين الديذية والسياسية » واخضاعه النصوص الديذية لانقد » وتأسديسيه 
علما جديدا وهو الذقد التاريخى للكتب المقدسة . ورفضه للتقاليد »2 وذبذه 
للتقليد » وأخذ الوضوح والتميز مقياسين للصدق » وطلب الدايل البرهان , 
وصياغته للتفكير المنهجى ولخطوات المنهج العقلى الا أن العقل بعد جهاد 
دام خمسسية قرون قد انتهى الى الددورية والتجريد حتى أصبح فارغ ا 
بلا دضدمون بالرغم من محاولة هيجل التوحيد بينه وبين الواقع ٠‏ ويتضح 
ذلك حجيد! فى. صورية كانط وحساب ليبنتن مما جوعله ينقلب الى الضد فى 
الحركة الرومائسية وذثورة الوجود عليه فى الفلسفة الوجودية المعاصرة ,2 
واعتياره مضاد! للحياة لدى فلاسفة الحياة مثل أوناموذى ونيتشة وبرجسون ٠‏ 
أصدبح غير قادر على ادراك العنصى الحركى فى الحياة » ولا يتجاون ادراك 
الناصر الثابتة فيها ٠‏ فغابت الحركة هذه ,2 وأصصمبح أقرب الى الآلية 
مما سسديب رد فعل الرومانسية عليه ٠‏ كانت وظيفته أحيانا تبرير المعطيات 
المسيقة الدينية أو الفلسفية أى الواقعية ٠‏ دفهم كل شىء , ودجد أسيابه 
وهبرراته ٠‏ فالدين والعقل شىء واحد عنذد العقليين » والجابيعة والعقل شىء 
واحد عند الحسيين » والعقل والواقع شىء واحد عند الهيجليين ٠‏ مادامت 
وظيفة العقل هى الفهم ٠‏ والفهم هى ايجاد الاتساق الداخلى للموضوع 

وتظهر خطورة الأمر اذا ما انتقل العقل الى تبرير المعطيات القديمة الموروثة 
أى النظم السسياسية القائمة مما جعل ماركون يجعل من العقل مقدمة للثورة 
وداعدًا عليها ٠‏ اقتصىر العقل على السطحى والخارجى دون أن يكون قادرا 
على الدخول الى جواهر الأشياء وادراك مضامينها الداخلية والاتحساد 
بحقائقها حتى جعله برجسون أقرب الى جهان التصوير الخارجى الذى 
لا بعلم بواطن الأمور مما دفع بالفكر المعاصر الى الواقع فى رد الفعل المضاد 
أغنى الاشتباه والاقتباس والتأويل والظلام والايل والايحاء والتصوف 
أحيانا: ٠‏ كما انتهت الثالية الناتجة.عن الحقل الى مبادىء عامة شاملة 
أحدثت ثورات لكنها لم تستطع تجاون حدود القوميات ٠‏ فالشمول“للوعى 
الأوربى دون غيره ٠‏ بل والوقوع أحيانا فى نطاق القوميات الضيقة » الآلاذية 
أو الفرنسية أو الانجليزية مما دفع الوعى الأوربى الى الانقسام على ذاته 
والوقوع فى أسر العنصرية والشوفيذية ٠‏ كما أمكن استخدام العقل لخدمة 
مصالح الطبقات المتوسطة لقدراته على تنظيم العمل 2» وكشف قواذين 
السوق ٠‏ وتنظير العالم » فآصبحت العقلانية دعامة الرأسسمالية الناششئة 
مما أدى الى اتهامه بعد ذلك بأنه قادر على فهم العالم دون تغديره » وقدرته 


١ؤه‏ ب 


العليا دون الدفاع عن الطرقات الكادحة ٠‏ لذلك كان الحزب الدروايتارى 
عذد ماركس دو الوريث الوحيد للأيديولوجية الألماذية(/7؟) ٠‏ 


 '"‏ وبالرغم من انتصارات التيار التجريبى ٠‏ واعتبار التجرية مقياسما 
للصدق ٠‏ واعادة الثقة بالمعرفة الدحسية » ونشأة العلم » واحترام الطبيعة , 
واستقلال قوانينها واطرادها » وكشف أخطاء المعارف المسبقة التى تعتمد 
على السلطة والعقائد الموروثة والثقة بالعالم الخارجى والاءتراف بوجوده 
الا أنه انتهى أيضضا الى انكار كل المعارف المسبقة وكل المعطيات القبلية . 
ورفض الاتساق العقلى ٠‏ وبداهات العقل وقوانينه الثابتة حتى أصبحت 
التجرية ذوعا من التحيز المسيق والحكم المبتسس مما أضصس بالعلم ذاته ٠‏ 
كما أنه تصور كل معطى على أنه ظاهرة مادية مرئية تقاس فى المكان , 
وأغفل الظواهر الكيفية الخالصة واستحالة تحولها الى ظواهر كمية 
وقع فى التصور الكمى للهالم الذى يعتمد على القياس , وأغفل الكيفيات 
الخالصة , وام تنفعه الرياضيات البحتة فى الحصول على الكيف بل وقع 
فى حساب الكم . مما دقع بعض المعاصرين الى وضع العلم الكيفى فى 
«قايل العلم الكمى كما فعل برجسون وهوسرل ٠‏ وقد قام هذا التيار على 
ايمان لا حدود له بالتطور والتغير مما جعل الثيات يتوارى ٠‏ بل ان “العلم 
الحديث يقوم كله على الاحتمال وليس على الثبات » وعلى حساب الاحتمالات 
وليس على ثبات قوائين الطبيعة ٠‏ وبلغ الحد هن الايمان بقدرة العلم على 
اختراع كل شىء الى أن تحول الطبيعى الى صسنذاعى والغائب الى الشاهد ٠‏ 
لذلك تم استخدامه فى الصناعة الى أقصى حد ٠‏ وحول المجتمع كله الى 
مجتمع صناعى بكل عيوب هذا المجتمم التى تدخل .حاليا فى أزمة الحاضر 
وهموم المستقبل ٠‏ كما تم استخدامه فى الحروب وصناعة السلاح من أجل 
التدمير والفناء ٠‏ واصبح التقدم العلمى مرادقا للخراب. ٠‏ هذا بالاضافة 
الى ماسدبه العلم من تخزين للمعلومات واضرار بالعقل. البشرى الطبيعى 


إففة ل' ‏ حسدن حنقى : أزمة العقل أم انتصار العقل فى قضادا معاصرة ؟ 

ص 54؟  5١‏ ,2 وأيضا الدين والراسمالمية , حوان مع ماكس قيير , تقس المصدن , 
حى ”لاط 54؟ . الفلسفة والثورة ,. نفس المصدر , 0ه هلاه . 

15 وعدآ ,عتغسددو لاخ عتع1'106015 ,عاانسة7 عتستو85 ور[ : علة1ة 1 

.25215 ,علو[ء50 .800 ,مماع لع" 19 عاك ,1544 ع0 


0979 ده 


وبقدراته علئ الخلق والتخطيط والابداع بعد أن تنازل عن وظائفه هذه كلها 
الى الحاسبات الآلية ٠‏ ومن ثم تحول الذهن البشرى الى مسطح يخلى من 
العمق »2 وتحول العلم الى جهل ٠‏ وكثيرا ماكان التيار الحسى التجريبى 
أقرب الى النظم المحافظة الرجعية فى السياسة كما لاحظ ذلك ماركوز على 
الوضسغية التى تؤمن بالوضنع القائم دون تغييره والثورة عليه(8١)‏ 


“' ل وبالرغم من نجاخ الفلسفات المعاصرة: الانساذية والوجودية 
والبرجماتية والشخصاذية والظاهراتية فى اكتشاف الاذنسان من جديد 
والدقاع عن وجوده وحريته والكشف عن عيوب الاتجاهين الرئكيسين فى 
الوعى: الأوريى الصسسورى والمسادى ؛ العقلى والتجريبى ٠‏ وبدايات الذقد 
الاجتماعى لروح العصر , والتعبير عن هموم المستقبل الا أنها انتهت أيضا 
الى الوقوع فى العدث واللامعقول والتناقض وهى بديدد نقد صورية العقل, 
واعلان عجز العقل كلية عن ادراك أى اتساق فى الواقع ٠‏ والايمان بالعنصص 
اللاعقلى » واعطاء الأولوية المطلقة له على أى. عنص عقلى فى الدياة كما 
اتضح ذلك خاصية عند كيركجارد وكامو ٠‏ كما تم الرفض التام للعلم باعتبار 
أن الذاتية شىء مخالف للموضوعية ويان الانسان ليس ظاهرة علمية أو 
واقعا ماديا أى موضوعا يخضع للاحظة العلم وقواذينه ٠‏ الانسان ذاتية 
خالصة , امكانية وحركة 2 ومشروع يتدقق 2٠‏ وحرية كامنة لا يمكن التذيؤ 
بمسارها ٠‏ فوقعت فى النزعات غير العلمية وأاحيانا فى النزعات الصوفية 
الاشراقية ٠‏ كما انتهت معظم هذه الفلسفات الى نوع من العدمية النسبية 
أى المطلقة. بعد تحليل تجارب الموت والهم والحصير والغدّيان والرغى وحب 
الاستطلاع والذفى والتساوؤل ٠»‏ والدعوة الى الانتحار وتصور الانسان فى 
الحياة مثل سيزيف يعيش بلا أمل ومحكوم عليه بالشقاء ٠‏ وقعت فى 
التشاوج والياس ٠‏ وضاءعت روح الأمل والتفاؤل التى كانت سائدة فى بداية 
الوعى الأوربى والتى ظهرت فى فلسفة التاريخ .2 وانتفت الغائية » وسادت 
العشوائية والاحتمال. وعدم القدرة. على التنبق بأى شىء ٠.وأصصيح‏ المجهول 
أكثّر اغراء من المعلوم ٠‏ والليل أكثر دلالة من النهار » والغموض يرحى 
أكثر مما يوحى الوضوح ٠‏ اشتدت النزعة الفردية التى تغفل دور الجماعة 
بالرغم هن « ثورة الجماهير » عند أورتيجا و ١‏ نقد الدقل الجدلى » عند 


ا شت ا ا 012020 


ب "اوه ب 


سارتر » و « العقل والثورة » عند ماركون ٠»‏ وبالرغم من محاولات التوفيق 
دين الوجودية والماركسية خاصة عند لوكاتش واكتشاف الوعى الطبقى فى 
التاريخ ٠‏ اشتدت أزمة العلوم الانسائية بعد أن احتارت بين مناهج العلوم 
الرياضية أولا يعد نجاحها فى القرن السابع عشر وبين منناهج العلوم 
الطبيدية بعد نجاحها فى القرن التاسع عشى ؛ وعودتها الى الرياضة البحتة 
أى اغراقها فى تحليلات الششعور والتجارب الحية(9؟) ٠‏ 


وهكذا تحدد بناء الشعور الثلاثى الأوربى بين الصورية والمادية 
والشعور وظل يتارجح منهجيا بينها » يجرب كل منها مرة ثم يعاود التجربة 
من جديد حتى لم يعد يستقر له حال » وأصيب بداء التردد والحيرة » وتحول 
ذلك الى بحث دائب مستمر دون الوصول الى شئء مما أدى فى النهاية الى 
الوقوع فى النسبية والشك ٠‏ واتسم الوعى الأوربى بطابع التجريب المستمر , 
والحيرة والقلق والتردد وعدم الثبات والاستقرار مما جعل الجديد فيه 
باعثا دائما ضد القديم ومطلبا ملحا ضد الشائع ٠‏ يصيبه الملل باستمران , 
ويرنى الى الآخر والبديد ٠‏ ويتطلع الى المستقبل دائما ٠‏ غاب المركن الذى 
يبعث على الاستقرار والثيات » وضاع أى غطاء نظرى مسبق وأى تصور 
دائم يضدمن للانسان الحد الأدنى من الوقين النظرى ٠‏ وقد يمر على المركز 
مرات عدة ويوعتيره أحد زقاط المحيط ٠‏ 


ه ‏ إقد هر الغرب بمراحله كلها 2 ولم ددد له روية مستقباية محد له 
اللمرحلة المقيلة الى دو فى الطريق اليهأ ٠‏ لقد من يوصر الإحباء فى القرن 
الرايع عنس 2 أحياء الآداب القديمة عند دوك تشيدو ويدرارك فلعله جد فى 
أدب القدماء ماييحث عذةه من تأكدد للانسان وقدرته أمام الآلهة وفى ضراعة 
هم الطديمعة وفى الادبمان دحريده . ثم مسن الاصلاح الديفى فى الخاد.س عبتس 
حتى يمكنه البداية من جديد من الجذور الأولى للوعى فى الدين بعد الأدب ٠‏ 
دصر غ" ب 2,35١‏ أوثامونى والمسديحية المعاصرة . ذفس المصدر 2 ص ٠‏ 3 هه" ٠‏ 
خلعم 29 بوتطممهوم!1تتام عه قلقامه عط 320 لزع10متع مام صفعط2 : ممعوم 21 .نلا 
ج2021 بن آل 
211011682 ,8162668 للقطتتتا عط لقطة عزع2010متتمضقطط : عرمومود 8 
ْ 00 0171لا رععة2 1م1117 





( دراسأات فلسفية ) 


8ؤه هه 


وقد حصل على مايذبغى من تأكيد لحرية المسيحى فى الفعل والسلوك وفى 
التفسير والفهم 2 والصلة المباشرة بين الانسدان والله دون توسط , والايمان 
فى اللحظة دون ما حاجة الى التاريخ المقدس أو تاريخ الكنيسة . واثبات 
الكتاب المقدس وحده كمصدر للايمان دون التراث الكنسى , والتاكيد على 
القومية واللغة الوطنية » ودحض جميع مظاهر النفاق والاتجار بالدين ٠‏ 
ثم مر بعصر النهضة بعد أن نجح الاصلاحء وبداً يضع الانسان محور الكون . 
يتوجه بعقله نحو الموروث القديم ناقد!ا لنظرياته » ومحررا وجدانه من تقاليده 
وآثاره ٠‏ ويتوجه بارادته وحسه نحو الطبيعة يستلهم منها معارف جديدة 
يستطيع بها أن يسيطر على قواذينها . ويتنية بمسارها ٠‏ وظهر المذهب 
الانسانى عند اراسم ليؤكد الانسان كقيمة مستقلة مطلقة بدنا وعقلا ٠‏ ثم 
أتت العقلانية فى القرن السابع عشر لتعلن أن العقل له سلطان على كل شىء ,2 
وأنه منهج قادر على أن يصصل الى حقائق الأشياء وأن الطبيعة عاقلة , وال 
عقل » والعالم كله .يحكمه قانون عقلى ٠‏ والحياة كلها تنتظم طبقا لقوانين 
عقلية ٠‏ بعدها بدأ التذوير فى القرن الثامن عشر ٠‏ ليفجر العقل فى النظم 
الاجتماعية والسياسية » ويتحول هن حرية الفرد الى حرية المجتمع . ومن 
حرية السلوك الى الديموقراطية فى النظم السياسية » واقامة المجتمع الجديد 
على أساس من الحرية والاخاء والمساواة ٠‏ وكانت من انجازات التنوير 
الثورة الفرذسية والثورة الأمريكية ٠‏ ثم أتى التصنذيع ٠‏ والاذقلاب الصناعى 
فى القرن التاسع عشر ٠‏ وانتصارات العلم الطبيعى » وتحويل المجتمع المستنير 
الى مجتمع صناعى ٠‏ يسيطر فيه العقل على الطبيعة » ويستثمر فيه الانسان 
بارادته ثروتها ٠‏ وتحققت المكتشفات العلمية وتمتع الانسان بنتائج جهده 
الطويل منذ الاحياء حتى العلم ٠‏ بل أن الوعى الأوربى من وجهة ذظره 
استطاع الخروج خارج حدوده بحثا عن الأسواق , والأيدى العاملة والمواد 
الأولية » والنقاط الاستراتيجية للسيطرة على العالم ٠‏ وأخيرا وصل الوعى 
الأوربئ الى الثؤرة الصصناعية الثانية » ثورة التكنولوجيا فى القرن العشرين ٠‏ 
وأصبح قادرا على حساب الماضى والحاضر والمستقبل بالحاسبات الآلية , 
وغزو الفضاء واستثمار قاع المديطات , والاستشعار عن بعد لما فى باطن 
الأرض ٠»‏ ولم يعد يقف أمامه أى عائق أى مستحيل(٠5) ٠‏ 


0ك 


1 ,عاعده 7 بنه11 رع38 ناتاه 02 فتقتي عط : ستعامعه8 .قط 
عط 8ه بوع106010 عغطا جه تزققمعه رطقللا أنه افطع تطت0-ع02 ,عقنان 143 .5 
4 ,2مأ808 ,تإاعز06ة [1201151518 20181660 


ى 09560 ده 


1 وفى أوج انتصدار ثورة القرن العشرين بدأت أزمة الحاضر تتكشف 
سواء على المستوى المادى فى نقد المجتمع الصناعى أو على المستوى المعنوى 
فى نقد الحضسارة الحديثة ٠‏ وقامت الفاسفات الاجتماعية والسسياسية 
والأخلاقية المعاصرة على هذا النقد المزدوج مثل فلسفات هوسرل وبرجسون 
وشيلر ورسل وتوينبى ٠‏ ولم تخل العلوم الانسانية مثل الاجتسساع 
والانتروبولوجيا وعلم النفس الاجتماعى وعلؤوم الحضارة من تناول هذا 
الموضوع بالتدليل والوصف * فقد سادت الآلة على الحياة » وتحول الانسان 
الى آلة . وأصبح شيئًا يماثل الآلة » يتكرر , لا فردية له » يساوى قدر انتاجه 
من البضائع » لا حياة له ولا كيان ٠‏ ضعف العقل بعد اعتماده المستمر على 
الحاسبات الآلية حتى ضاعت منه قدراته على الخلق والابداع بعد أن تحول 
عمل العقل الى عمل الآلة ٠‏ بل وضاع أخذ زمام المدبادرة بعد أن تحولت 
ارادة القرار الى حاسبات القرار ٠‏ عم الاستغلال » استغلال الأقراد 
والجماعات والشعوب ٠»‏ وتراكم رأس المال لمدى الشركات المتعددة الأجناس 
التى حلت محل الاستعمار القديم ٠‏ كثرت الحروب الناتجة عن الصناعات 
العسكرية فى أيدى الشركات الصناعية الكبرى ٠‏ ضاءت الحقيقة يسبب 
توجيه آجهزة الاعلام للراى العام » وصياغة حقائق أخرى بديلة ذمطية حتى 
سلب الانسان حرية التفكير ٠‏ والقدرة. على الحكم ٠‏ والاختيار الحر بين 
البدائل حتى أصبح الانسان كما يقول ماركون « ذ! بعد واحد » موجه التفكير 
والسلوك ٠‏ زادت العنصرية » فالملونون غير مواطنين أو مواطنون من الدرجة 
الأولى فى البلدان الأوربية لا تنطبق عليهم حقوق الانسان ٠‏ عظم استغلال 
الشعوب غير الأوربية » واستغلال مواردها الأولية وأسواقها وعمالتها 2 
ونهب عقول البشر واستدراجها فى البلدان الصناعية , وتفريغ الشعوب غير 
الأوردية عن عقولها وابداعها » وسلب حضارتها وتاريخها ٠‏ تفاقمت مشاكل 
المجتمع الصناعى مثل تلوث البيئة والاعتداء المستمر: على الطبيعة » وتدمير 
المحاصيل الزراعية . والاسراف فى الاستهلاك ٠‏ زادت حوابث الانتحار , 
وعم الشقاء » ولم يعد الانسان سعيدا بالرغم من الوفرة ومجتمع الاستهلاك , 
وكثرت الأمراض النفسية . وأصبح لكل مواطن طبيب نفسى معالج لشقائه 
من أمراض العصر ٠‏ زادت الأمراض البدنذية » واستشرى السرطان فى كل 
أعضاء المجتمع الصذاعى نظرا للتدخل المفتعل فى تطور الخلايا فى المزروعات 
أى فى الحيوانات مما سبب عنه تطور مصطنع لخلايا الكائن الحى فى الاذنسان 
نتيجة للمواد الكيميائية التثى أصبحت خالقة لطبيعة ثانية بديلة عن الطبيعة 


5ه - 


الأولى ٠‏ ضاع الولاء للاوطان والقضايا العامة وتحول الانتماء الى المصلحة 
الشخصية والكسب الفردى ٠‏ سادت قيم مجتمع الرفاهية والوفرة والاستهلاك 
بحيث لم يعد الانسان قادرا على التفكير فى أى شىء أى الانتماء الى أى شىء 
أى التضحية فى سبيل أى شىء ٠‏ انقلبت القيم رأسا على عقب » ولم يعد للوفاء 
والاخلاص والشجاعة والصدق والصراحة أى معنى ٠‏ ظهرت قيم جديدة 
رافضة وثقافة مضادة لا تضع جديد! بل تثور ضد القديم 2 وتهدم ماهو 
قائم » وتجعل الضدياع واللانظام واللامالوف أسلوبا للدياة ٠‏ عمت الحيرة 
والتردد والشك بعد الوعى بعيوب المجتمع الرأسمالى الصناعى وبعيوب 
الجتمعات الاشتراكية الشمولية وبعيوب مجتمعات العالمم الثالث التى لم 
تمثل مميزات الموتمعات القائمة مثل الحرية والاشتراكية والوطنية بل التى 
تمثلت عيوبها يميعا , التسلط والاستغلال والخيانة والعمالة ٠‏ وانتشر فى 
الروح الموت ؛ وتأضل فى النفس الغثيان ٠‏ وكثر الحديث عن أزمة العصر , 
وكرب الزمن ٠‏ وزلزلة الأرض ؛ وتهتك السماء ٠‏ وانقراض البشر(١]) ٠‏ 





(11) لمعرفة آثار التكنولوجيا على الدياة الانسانية المادية والمعذوية تأثير! سعلييا 
يمكن الاطلاع على النماذج الآتية : 
1956 ,مع قعتطن ,وعمل1مصطعهةا 01 ععنطنةة عط : متعم مال .10 
04 ,ع!ططه0 لا بهع1]1 ,تزأعأ800 01081691 تطععا 116 : 1نالائلا عع ناوعول - 
20 702823 92 أعة صما 15 رععطقطه لجفتعه امصطءة : عصعطخوع]3 .1.6 ل 
90 بعاعوطلا بعع[1 ,بجام1أعم8 
01 قطهتتهاع 2م طعغاط1 ,قاع طدرمعم 181تأم تمصت اهمم م15 : عمطت .1/7 -- 
,011 ماع11 ,لإع71010طعه6] 
كما أنه الاطلاع على عيوب المجتمع الصناعى حاضره ومستقيله يمكن اعطاء 
النماذج الآتية : 
2021 11697 رطوصطط [18«أق نط غه عنناغية عط : «ععامم2 .17 رممعوم - 
1200 
-120115 01 3231020377 عطأا ,بزاع أاعمع العم عط : “اقعاعقاط ."1 رمام د 
ش 2 ,مم6 برع[ة ,ممه اقامة 
-50 :1201152181 صا جا 1[لطمط لقاعمة عط" : ع«تلصعظ .ك1 ,أعقماءط .8.11/1 ب 
| 9 ,0811113 ,تزاعله 
7 131 1ط صا أمتاكصمه ذقهأه 20 01355 : تام معقطه2آ .8 
ش .009 بقنطتته 0112 


وللاطلاع على آثار الآلية على المجتمع والحياة الانسانية يمكن الاطلاع على 
الاتى : - 
دى 


+[الاوه6 ب 


7 ثم بدة الوعى. الأوربى يعبر عن هموم المستقبل بعد أن استعصدت 
عليه أزمة الحاضر . وشارف على النهاية ٠‏ بدا يخشى سباق التسلح . وخطر 
الحرب الذرية » وتدمير البشرية ٠‏ تحدث الفلاسفة عن مستقيل البشرية ,2 
وضرورة نزع السلاح » ووضع المعاهدات ٠‏ وابرام الاتفاقيات لمنع انتشار 
السلاح النووى ٠‏ وظهرت الأعمال الآددية والفنية تصور العالم يعد أن حل 
عليه الدمار . يديد من جديد باكتشاف الذار ياحتكاك حجر الصوان » وبداية 
الانساذية مرحلة الصيد والقنص وجنى الثمار ! بدا الحديث عن أزمة الطاقة , 
واكتدشاف موارد جديدة ويديلة لانفط »2 والحرب من أجل ضمان تأمين الطاقة 
التى اكتشفت الوعى الأوربى أنها لدست لديه ,2 وأنه عاش أسطورة التفوق 
وعناصر التفوق كلها ليست ملكه 2 وفى غفلة من الزمن ٠‏ ويد البحث عن 
الموارد الأولية فى حالة ذفان المواد الحالية الموجودة فى معظمها خارج القارة 


2011 بتاع 1871‏ ,101022105ناة 05 فطتانوطط عط 1‏ : للقصعع5115 .لظ .طن ب 
16 

000 كاطعا بنتع]1 ,8 1ع هقط 2102 لطماتتة عط : طع ه11 ,4 د 

-208528 320 اعم 1207 «ملقمطمكيتة 017 عبرقطة عط : سمصاق .فاع ب 
65 بعاعملا ج181 ,اع مرعع 

,غعام70 ببتع!1 ,770115 01 (لامطأوطة 1226 : 1516052802 .0 ب 


ولعرفة نهاية المشروع الغربى الاقتصادى يمكن الاطلاع .على النماذج الاتية : 

ع1 بهه11 ,طقطط عتمتمطمعع 08 لله فط : عاوعل1000 “1 عمغاه2 ل 
.1969 

ج820 نتلع[8 ,رطقم طععلمم 02 صمل ص صفللة فط'1 : مسمتعطمعمموهط :1 هس 
.1209 

م,عاتاه 7 بنة[8 ,عع3 طع200 عطأ 2ه له عطنة : عتاععط177 .له 

-.68668 8 201 8#لتأططهام ,800163 0ع27ع7مطنا عط" : 1165861 .2.11 ب 
7 ,12011 بتاع[18 ,121411116 1210115 


وللاطلاع على نهاية التقدم وبداية غدوم المستقبل يمكن اعطاء النماذج الاتية : 

م206 08 قعنغع1216 عط ,لمنأمن 01511 قطة وعمعمعمع2 : اممف له هس 
.1968 7201 بتععل8 ,لإام 85061 

8 عط 8ه بلاع1/ .3 رع38 طه10مع عغطة 02 ع ستططمه فط" : خصماة .8ه لمر 
.169 ب84]آ ,قدءع50م 1ه 

.1969 ,2011 بلاع[18 ,قمع0106 11155610581[ه 1'6 : ماع51 .10 | 

705101 برققعطع10م 15 غ201 2000 انامز قط ع0 طوبه : 8611 .2 | 
.06ظ1 

.4 ,172011 بتتتآ]1 ,1111 عط 202 تزع ةزه لك : م1جقهرآ[ .10 - 


058 مس 


الأوربية * وبدأً يخشى من أثار التضخم ٠‏ ورفع الأسعار والأجور » وأزدياد 
الدطالة ٠‏ والتنافس فى الأسواق بين الدول الصناعية . وحماية المنتجات 
الصذاعية لكل دولة 2 وظهور التناقضات داخل المجتمعات الرأسمالية 
الصناعية الكبيرة ٠‏ وظهر التطرف الدينى والسياسى فى المجتمعحات 
الديموقراطية . وأصيح استعمال العنف هو الوسيلة لضمان مستقبل أافضل, 
كما أصبح العالم يسير فوق حافة الجنون ٠‏ حذنون القيادة وجذون الجماعات 
المغلقة ٠‏ لقد أحس الوعى الأوربى بنهاية المشروع الغربى وافلاسه القائم 
على أكبر قدر ممكن من الانتاج لأكبر قدر ممكن من الاستهلاك لأكير قسط 
ممكن من السعادة والرفاهية دون أن يجد مشروعا بديلا آخر لحصاضره 
ولستقبله 2» ومن ثم تكشف لديه: حسرة الماضى 2 ضياع الحاضر »2 وغيوم 
المستقيل(؟:) ٠‏ 


سادسا ب خساتمة : 


ان الدراسات المستقبلية ليست مجرد حسابات كمية لامكانيات المستقبل 
والتخطيط لحياة أفضل تقوم على تنبؤ أكبر بالقدرة على استغلال الموارد بل 
هى رؤية تقوم على تصور للزمان وعلى فلسفة فى التاريخ ٠‏ لم تنش فى 
فراغ ولكنها ارتبطت بالدضارة الغربية فى تاريخها الطويل خاصة فى دوزتها 
الثانية الحالية التى شارفت على الانتهاء والتى بدأت منذ أكثر من خمس 
قرون ٠‏ لا يمكن نقلها وتقليدها والتبشير بها والنسج على منوالها والدعاية 
لها والاعجاب بها فى كل حضارة » لدينا أو لدى غيرنا دون تأصيل لها » 
وقيامها على احتياجات فعلية , ومناهج محلية ٠‏ ان لا يمكن قيام دراسات 
مستقدلية دون احساس بالزمان والتاريخ والتقدم ٠‏ كما لا يمكن أن تكون 
تعويضا عن أزمات العصر ودواء مسكنا لاحتياجاته الملحة ٠‏ أن التحول 
من الماضى والاتجاه نحو المستقبل فى وعينا القومى » والوعى بتجارب الآخرين 
فى نشأة الدراسات المستقبلية من خلال فلسفة التاريخ أى التحول عن الماضى 
واكتشاف مفهوم التقدم , وكذلك الوعى بالمرحلة التاريفية التى يعيشها 
جيانا اليوم , والعلم بالحالة الراهنة للوعى الأوربى وأزمته » كل ذلك هى 


يحمي 
عي 


,2815 ,208[1ع0آ ,1771115361058 068 عناع01510 121 عنامظ ‏ : 00581103 .لكآ 
,00ظ1 


65955ب 


الشروط المؤهلة لنشاة الدراسات المستقبلية لديذا تأصيلا ووعيا وابداعا 

ان الوعى بالموقف الدضارى التاريخى الشامل للعالم وهو مايسنمى 
بالنظام العالم الجديد على مستوى العلوم السياسية لهى الشرط لتصور 
عالم الفد بين الأمس واليوم ٠‏ وهى الذى يمكن وصفه كالآتى : أزمة 
المجتمعات الحديثة فى الشرق والغرب على السواء ٠‏ وأزمة النظم السياسية 
والاقتصادية فى المجتمعات الرأسمالية الاشتراكية . ثم بزوغ تجارب العالم 
الثالث وأهمية المجتمعات التراثيةتاصيلا لذاتها وتحديثا لمجتمعاتها معاكتشاف 
أدوارها التاريخية بعد انتصارها فى معاركها الوطنية من أجل الاستقلال 
والسيادة ٠‏ تعطى مثلا جديد| لعالم جديد » منذ باندونج حتى عدم الانحيان »2 
فى عالم لاعنصرى » يقوم على المساواة » وعلى مساهمة جميع الشعوب فى 
صنع حضارة انسانية واحدة » دون أن يكون أحدها المركز والأخرى 
الأطراف ٠‏ تحتوى على امكانيات اقتصادية هائلة فى الموارد الطبيعية 
والاستثمارات المصرفية والقدرات العقلية الابداعية والتجارب النضالية 
الحية الذاجحة فى مصر والصين والجزائر وفيتنام وايران »2 واكتشاف 
دوراتها الدضارية الحالية ودوائرها التاريخية التى تضمها من جديد الى 
الشرق ٠‏ وبالتالى تكون أجيالنا بداية لتحول جذرى فى تاريخ العالم وفى 
مسار التاريخ(45) ٠‏ 





(”5) يرجع الفضل الى حسديقنا د١٠‏ أنور عبد الملك فى مداولاته .الوديدة للتعريف 
بهذا التيار والتركيز على أهميته فى وعينا القومى ٠‏ أنظر أيضا بحثنا « التراث 
والنهضة الحضارية » ندوة الابداع الفكرى الذاتى فى العالم العربى .2 جامعة الأمم 
المتحدة , الكريث , مارس ٠ ١98١‏ 


ب 6ه 
لنفس المؤلف 
أولا ‏ تحقيق وتقديم وتعليق 
0 6 أدبو الحسين البصرى : المعتمد فى أصول الفقه , جزء ان ٠‏ المعود 
الفرذسى ددمشق غ95أا _ مككخلا ٠.‏ 


؟ ب جهاد النفس أى الجهاد الأكبر للامام الخمينى . القاهرة ٠ ١98٠‏ 


ثائيا - اعداد واشراف ونس : 


: اليسار الاسلامى , كتابات فى النهضة الاسلامية . العدد الاول‎ ١ 
٠ ١98١ المركز العربى للأيحث والنشر , القاهرة‎ 


ثالذا ب ترحمة وتقديم وتعليق : 


١‏ نماذج من الفلسفة المسيحية ( المعلم لأوغسطين , الادمان باحثا 
عن العقل لانسليم 2 الوجود والماهية لدتوما الاكوينى ) ١»‏ الطبعة 
الأولى » دار الكتب الجامءية , الاسكندرية ١19348‏ ,» الطبعة 
الثانية . الانجلى المصرية , القاهرة » ١517/48‏ , الطبعة الذااثة ,2 

3 دار التنوير » ديروت ٠ ١98١‏ 


> ده اسدينوزا : رسسالة فى اللاهوت والسياسة 0 الطيدة الأولى ( 
المصزية 2 القاهرة ل" الطبعة الثالتة 2 دان الطليعة » ديروت 
الموذلذز ٠‏ 


- لسدئج : تربية الجذس الأبشرى وأعمال أشرى 3 الطبعة الأولى 2 
دار الثقافة الجديدة , القاهرة ل/ا/ا5١‏ , الطبعة الثاذية ,» دار 
الدنوير 3 دمروت ١ذ8/١]١ ٠‏ 

- جان بول سارتر : تعالى الأذا موجود 2 الطدعة الأولى 2 دار 


الثقافة الجديدة 0 القاهرة /ا/اةا , الطيعة الثاذية 2 دان الدذودر 
ديروت ؟لمؤذا 


رابعا ‏ مؤلفات بالمعربية : 


١‏ ب قضدايا معاصرة , الجرء الأول » فى فكرنا المعاصر , الطبيعة 
الأولى 2 دان الفكر العربى 8 القاهرة كلا55ل, الطدعة الثانية : 


ا 


دار التذوير » ديروت ١1518١‏ , الطبعة الثالثة » دار أأفكرالعربى. 
القاهرة ٠ ١9/1/‏ 

قضايا معاصرة » الجزء الثائى , فى الفكر الغربى المعاصر 2 
الطبعة الأولى ٠‏ دار الفكر العريبى . القاهرة , /ا/ا9١‏ »,2 الطبحة 
الثانية » دار التنوير » ديروت 1587 ء الطبعة الثالثة . دار الفكر 
العربى » القاهرة ٠ ١98/8‏ 

. التراث والتجديد 2 مؤقفنا من التراث القديم ٠‏ الطبعة الأولى 
المركز الحربى للبحث والنشر » القاهرة . ١98٠‏ ,ء الطبعة الثانية, 
دار التنوير » ديروت ١5148١‏ » الطبعة الثالثة » الانجلو المصرية ,2 
القاهرة ٠ ١941/‏ 


دراسات اسلامية , الطبعة الأولى , الانجلو المصرية , القاهرة 


) خمسة مجلدات ( الطبعة الأولى « مديولى : القاهرة ١١84‏ 
الدين والذورة فى مصسر 6551 - ١أاّذخلا‏ , الجزء الأول 2 فى 


الثقافة الوطنية . الجزء الثانى : فى اليسار الدينى » دار ثايت, 
القاهرة ٠ ١9848‏ 


حامييا ب موافات دالفر ذسددية و الاندجليزية. : 


5 0689 ع0طعلوة 15 ناى 68831 ,01/568656 116610068 وعنآ 
0005 عننة0 عآ ,21-11 115111 صنلا رطم 1ق طعطة«ممطدمت ه12 ع0 


650 18 06 اعتتاعة غ91أ1'8 ,عتعه1م0طغمممغطم 15 06 عمفونعء 1 
عتلاعتع 5611 6062م ناه ممع 11مرمة <مى أع عتاواع 10م طفمصامصفطم 
0 ,عنلة0 مآ .(1965 ,قتموط) 


11 006 أهدقهء ,عقغع 1:6 ع0 عتع010دغجدهسغطط هآ 
,(1966 ر,قتطو) ادع مطواوع"!1 1لمع77ناه]8 يدل للاموم 5 ملاع معام ره 
.(188م-80118) 1988 رعالةت) مآ 


-0715) ,له 1181ل دده 583375© ,5650111105 2ه عناع101310 قناملع1611 . 


رلثتلةن) ,ومطعع[2800 طقتامزع8-ماعدطم ,نماه1 لطهة تإاتطم 


0-1 اعقصط ‏ ,11 .101 م املق أه سبواع1ذاء8 عندعم1واط . 


(50115-26886) 1988 ,ع1له0) ع[ ,ممطم13001 


80015 طقتامتزع0-88اعصم ,أسمعصدماء1267 امه 7زوم1مه106 ,دمتوتاعط 
(أخصاصم طط) 1988 ر,معلد0 ,برمطة 


د 


الأو سو ع 


الاهلدسد اء 


مقدمة الطبعة الأولى 


سا حا سد 


موقذئا الحجضصارى 

التراث والنهوضة الحضارية 

الفاسفة والتراث 

التراث واالتغير الاجتماعى 

التراث والعمل السسياسى 

كبوة -الاصلاح , أوعة ابععة ب رع 

الفكر الاسلامى والتخطيطا لدوره الثقافى المستقبلى 

هل دمكن تحليل « الشخصمية العردية الاس_لامية 
والمصصير العربى » من منظور اقليمى وفى اطار نظرى 
غربى اسستشراقى ؟ ٠‏ 


القسم الثانى : فى الفكر الغربى المصاصصر 


2 >. هم 


متى تموت الفاسفة ومتى تحيا ؟ 

الصراع بين الكليات الجامعية عند كاذط ( دراسة فى 
حرية البحدث العلمى) . 

فلسفة التاريخ عند فيكو 

الاغتراب الدينى عذد فيورياخ 

ثورة الجماهير عند أورتيجا اى جاسيه 

مدرسة « تاريخ الأشكال الأدبية » 

قراءة النص . 

علم المستقبليات ( عالم الغد بين الأمس واليوم ) 


50 / 


5518 
ونا 
٠ع‏ 
ادن 
لامع 
رفرحك 


ه6هذ١‎ 





م0 | ]اه 
شا سورالاره؟ 
17 . 8001654 . /لالخا ا 


601543||.02 7/50 60».) 060 560ع1362]. ننانناننا/ / : 5 م اط 


رقم الايداع 88/5848٠6‏ 


الرقم الدولى 5 ١556‏ ب 6+ الالاو